اخر الاخبار

نظم منتدى “بيتنا الثقافي” في بغداد بالتعاون مع رابطة الأنصار الشيوعيين، السبت الماضي، جلسة في مناسبة الذكرى الـ 37 للهجوم الكيمياوي على الأنصار الشيوعيين، تحدث فيها ثلاثة أنصار من ضحايا الهجوم:  د. عزت أبو التمن ومحمد جاسم اللبان وراهي مهاجر.

الرفيق النصير مفيد الجزائري أدار الجلسة، وافتتحها مستذكرا الاعتداء الغادر بالسلاح الكيمياوي الذي ارتكبه النظام الصدامي المقبور في 5 حزيران 1987 ضد أنصار الحزب الشيوعي العراقي ومقرات قيادة قاطع بهدينان لقواتهم،في وادي زيوه على ضفة نهر الزاب شمالي دهوك.

أوضح أن الهجوم نُفذ حوالي الساعة 7 مساء، وكان الأنصار يتهيأون لتناول وجبة العشاء عندما عصف بالسماء هجوم مباغت لـ 4 طائرات حربية، كررتها بلمح البصر 4 طائرات اخرى، ورافق عبورها دوي انفجارات شديدة لصواريخ اطلقتها الطائرات المغيرة على الانصار ومقراتهم.

وبيّن أن الحدث كان مفاجئا تماما، وانه لم يمر وقت طويل حتى أخذت العيون تلتهب وتتقرح، وبدأ البعض يعاني صعوبة التنفس، بينما كان آخرون يعجزون عن مقاومة الرغبة بالتقيؤ. ومر وقت اضافي قبل ان يتضح للجميع انه هجوم بالسلاح الكيماوي، وان ما تم استخدامه بالضربة هو غاز الخردل السام. مضيفا أنه اثناء الهجوم توفي النصير جوقي سعدون حكيم (أبو فؤاد) إثر تعرضه إلى إصابة مباشرة بشظية من أحد الصواريخ، وبعده بيومين توفي النصير ريبير محمود عجيل (أبو رزكار)، متأثرا بإصابته الشديدة بالغاز المسموم.

ولفت الجزائري إلى ان الهجوم لم يكن الأول من نوعه الذي شنته قوات النظام الدموي ضد البيشمركة وسكان القرى الكردستانية، بل سبقته هجمات مماثلة حتى قبل أن يُعين صدام أواخر آذار 1987 ابن عمه المجرم المتمرس علي كيماوي حاكما مطلقا للاقليم، مضيفا ان هجوم 5 حزيران كان الاول الموجه ضد الانصار الشيوعيين حصرا.

وبيّن الجزائري ان السبب المباشر الذي دفع النظام المقبور إلى ارتكاب تلك الجريمة، هو التنامي الملحوظ والتطور الواسع لكفاح الأنصار الشيوعيين منفردين، وبالتعاون مع أخوتهم بيشمركة الأحزاب الأخرى المتحالفة مع حزبهم في جبهة “جود”، ضد النظام وقواته ومرتزقته.

بعد ذلك، تحدث النصير محمد جاسم اللبان عن الهجوم وقسوته، واوضح أن النظام الدكتاتوري حاول طيلة الفترات السابقة للهجوم ان يحد من نشاط حركة الأنصار والبيشمركه، التي كانت تتوسع وتنمو باستمرار من خلال احتضان الجماهير الكردية لها.

ولفت إلى ان صدام كان يركز على التصدي لقوات البيشمركة بشكل عام، وعلى الأنصار بشكل خاص، نظرا لثباتهم وقوتهم، ولأنهم تابعون إلى حزب له تاريخ عريق وتضحيات كبيرة.

واستذكر اللبان لحظة القصف الكيمياوي. وقال انه استهدف بشكل مباشر مقر المكتب السياسي للحزب الشيوعي، رغم وجود مقرات لأحزاب أخرى، مبينا انه من حسن الحظ، خلال فترة القصف كانت تجرى مباراة كرة قدم بين بعض فصائل الأنصار، فكان أكثر من 300 رفيقة ورفيق خارج موقع الهجوم. 

وأشار إلى ان “السلاح الكيماوي رهيب ومرعب. وقد اصبنا بسببه بالعمى لمدة اسبوعين او ثلاثة. وكنا نشعر وكأن زجاجا مطحونا يتحرك داخل عيوننا. كما كانت هناك آلام في المعدة والأمعاء. وحتى هذه اللحظة يعاني من أصيبوا بالضربة الكيمياوية من مشكلات صحية”.

أما النصير عزت أبو التمن، فقد استهل حديثه بالقول أنه “على الرغم من ان الحادثة تذكرنا بأوقات مأساوية، لكن فيها من الدروس ما جعلنا نستمر في الكفاح والنضال طيلة هذه السنوات”.

وأشار إلى ان السلاح الكيماوي محرّم، وهناك معاهدة لحظر استخدامه وقعتها 192 دولة، وبضمنها نظام صدام “لكن صدام ونظامه باشرا باستخدام الكيماوي بعد 6 شهور من بدء الحرب العراقية - الايرانية”.

ونوّه إلى ان صدام نفسه كان يشرف على استخدام السلاح الكيمياوي ضد الشيوعيين وقوات البيشمركة الاخرى. وهناك وثائق اعلنت بعد 2003 اظهرت ان الأوامر بالقصف جاءت منه شخصيا.

وختم أبو التمن حديثه قائلا ان “الشيوعيين في ذلك الوقت، وبالرغم من الصعوبات التي واجهوها، كانوا متماسكين ومتعاونين في التخفيف من اصابات بقية رفاقهم، وحتى عملياتهم العسكرية ازدادت ضد النظام”.

وتحدث أخيرا النصير راهي مهاجر عن تلك الهجمة الإجرامية، مبينا انها جاءت “كرد فعل على تطورات حصلت في المنطقة، بضمنها انتفاضة شقلاوة ضد النظام والتحرك الجماهيري المماثل في قضاء رانيا. وكان لرفاقنا في شقلاوة وعلى رأسهم الشهيد سعدون دورهم في قيادة تلك التحركات الباسلة”.

وتابع قائلا أنه “إثر تلك الاحداث عقدت اللجنة المركزية للحزب اجتماعا طارئا للنظر في تطويرها وتوسيعها، ما أثار مخاوف السلطة من إقدام الأنصار على اجتياح واحتلال مزيد من المدن والمعسكرات. فكانت ردة الفعل عنيفة باستخدام الكيمياوي”.

وبيّن أن “الضربة ركزت على مقراتنا دون مقرات بقية الأحزاب، وتحديدا على مقر الفصيل المستقل الذي كان معنياً بمتابعة العمل الحزبي في الداخل، والذي كان يضم عضوي المكتب السياسي عمر علي الشيخ وحميد مجيد موسى”.

ولفت الرفيق مهاجر إلى ان “السلطة شنت بعد الضربة حملة واسعة في البلاد عموما، للنيل من معنوياتنا ومعنويات الناس، وقام ازلامها بابلاغ عائلاتنا بأنها قضت على الشيوعيين.

الا انه لم تمر فترة طويلة حتى عاودت مفارز انصارنا النزول إلى القرى والتحرك في عموم الاقليم، وبددت كل تلك المخاوف”.