اخر الاخبار

أنتم ستعدمونني وسأموت لكن التاريخ سينصفني ويخلدني وسأعبّد الطريق إلى الأجيال القادمة نحو الحرية والكرامة.

وقفت شامخة بروحها الطاهرة أمام جلاديها بعد سنتين من التعذيب في أقبية سجون الفاشية والطغمة البعثية

 المقبورة.

حضر المحققون.. الحرس....

الجلاوزة مدججون بالسلاح..عمالقة..ضخام.. أمام مخلوقة جسمها هزيل وزنها لا يتعدى الخمسين كيلو...كان الشكل الظاهري هم الكفة الأقوى ولكن قوة إيمانها بما تؤمن كانت هي الأقوى بعشرات المرات.

وقفت أمامهم، وهي مبتسمة مفعمة بالأمل، محتقرة هذه الأشكال من الدمى المرتزقة.

سألها..اسمك..لا جواب.

المهنة..لا..جواب.

الصفة الحزبية.. لا جواب اعترفي على زملائك.. لا جواب.

بالنسبة لها لم يكن هذا المنظر جديدا؛ بل كان شيئا روتينيا حيث تكرر عليها أكثر من خمسين مرة ولكن هذه المرة كان معهم حاكم ومحام شكليّان.

نصحها الجلادون بأن تعترف أو تؤيد اعترافا، وستبرأ من كل شيء لكنها رفضت كما في المرات السابقة.

ولكن هذه المرة قال لها المحقق بعد أن تعاطف معها لما أبهرته من الإصرار والصمود...لدينا كل المعلومات العائلية والحزبية لأن كثيرا من رفاقك اعترفوا عليك وخرجوا من هنا وأعطونا كل المعلومات المتعلقة بك، والمطلوب منك فقط تأييد اعتراف وإلا ستواجهين حكم الإعدام..

ظلت تنظر لهم بسخرية وازدراء.

حيّرتهم.. مخلوق صغير يتحدى ترسانة من السلاح والقوة وسلطة المخابرات.

سألها الحاكم وهو متحير بأمرها.. ماذا تجنين من كل هذا الإصرار وماهي الفائدة من ذلك؟

نطقت وقالت: أنتم ستعدمونني وسأموت لكن التاريخ سينصفني ويخلدني وسأعبد الطريق إلى الأجيال القادمة نحو الحرية والكرامة...أما أنتم فستذهبون إلى مزبلة التاريخ، وسيلعنكم الشعب لاحقا لما اقترفتموه من جرائم بحق الناس.

نطق الحكم وأعدمت.  كان هذا سنة 1986.

استلمنا الجثة 2003 بعد سقوط الصنم. وكانت الجثة سليمة، وكأن الأرض حافظت على الأمانة ماعدا آثار التعذيب في جسدها.

وقد أجريت لها مراسيم تشييع ضخمة وعزاء مهيب في أحد الجوامع الكبيرة، ساهم فيها أهالي كربلاء الشرفاء مشكورين.

إنها الأخت الفاضلة القدوة والمربية (رسمية جبر علي) أم لينا.

رحمها الله وأسكنها جناته هي وكل شهداء العراق

عرض مقالات: