اخر الاخبار

إن الاهتمام بموضوع الرقابة البرلمانية في العالم المعاصر من حقيقة مفادها أن الرقابة إحدى المهام الجوهرية للمجالس النيابية إلى جانب الوظيفة الرئيسية التشريع، وقد تختلف الرقابة البرلمانية من نظام سياسي إلى آخر، والعراق كغيره من الدول فأن الرقابة البرلمانية التي يجب أن يمارسها أعضاء مجلس النواب وفق ما نصت عليه الفقرة (ثانياً) من المادة (61) الدستور العراقي لعام (2005) تكاد ان تكون مُعدمة وهذا ما يُشير إليه الواقع وبمختلف الخدمات وأبسطها التي تُعتبر من مُقومات العيش الطبيعي لدى الكثير من البلدان في العالم منها:  الأمن، الصحة، التعليم، وغيرها من الخدمات والمُقومات التي تغاضَى عنها المجتمع العراقي بسبب عدم تشخيص من هي الأولى .نعم هناك بساطة كبيرة في المطالب بالنسبة للمجتمع العراقي الذي أضحى مفتقرًا لأبسط الامور التي تتمتع بها المجتمعات في دول المنطقة والعالم بأسره.

إن النظام السياسي الحاكم والذي شُكل بطريقة منظمة وفق معايير وأسس وضعتها طبيعة تركيبة التحاصص” المقيت والذي خُطط له وفق معطيات” ومتبنيات عرقية، طائفية، حزبية، كتلوية تخدم أعداء العراق بشكل مباشر، نعم لذلك قد يكون الجوهر الرقابي في السلطة التشريعية غائبا بسبب تلك الخارطة التي تنتج “سلطتين” في آن واحد يخرق الثاني العدالة والقانون ويقوم الطرف الأول بغض البصر عنه تلافيًا لخرق الاتفاقات السياسية التي بُنيت على أرضية خصبة نتيجة الثقافات الشائعة وسط المجتمع بشكل كبير منها ثقافة الدفاع عن السلطة التنفيذية من قبل الأفراد الذين نظموا أنفسهم مقابل منافع شخصية للدفاع عن تلك السلطة رغم عيشهم الذي لا يتناسب مع موقع البلاد وخيراتها!

في دول عديدة ومتنوعة قد تتبنى الشعوب دور الرقابة بأمانة واخلاص وهذا يُعد من الثقافات التي تنتج حكومات تنموية تهتم بشؤون المواطن وترعى خدمته وتُضافر جهودها لتحقيق العيش الكريم له ولمن حوله. نعم تلك الشعوب التي تنتهج ثقافة “الصراحة” والمُجابهة مع المُقصرين ولا تمتثل لأوامر تخرق العدالة الاجتماعية وتؤسس جماعات ترعى مصالح رؤوس سياسية، واجتماعية، ودينية لأنها وضعت مبادئ أساسية من أولوياتها أنها تُقدم ولائها لأوطانها على القبلية، المذهبية، القومية، وغيرها.

نصت المادة (61) الفقرة (ج) على الآتي (لعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضواً توجيه استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم ولا تجري المناقشة في الاستجواب الا بعد سبعة أيام في الاقل من تقديمه). هنا نبين الخرق القانوني والتغاضي الواضح عن ابسط واجبات السلطة التشريعية التي أضحت شبه المراقب(الصامت) أمام الحليف الطبيعي لها في النظام السياسي العراقي الذي يكاد يخلو من تطبيق بنود الدستور واولوياتهِ تجاه الحكومات المتعاقبة التي ألقي على عاتقها إدارة البلاد باتفاق مُتقن مع السلطة المراقبة لأعمالها بصمتٍ رهيب!

نؤكد ان ما يتمُ التطرقُ أليه الهدف الأول منه والمُبتغى الحقيقي وراءهُ هو التوعية السياسية للمطالبة في حقوق الشعب وفق الدستور والقوانين التي تُعد منهجًا أساسيًا لكافة الأفراد وخارطة مرسومة يجب العمل بها خدمة للبلاد وشعبها، كذلك نصت المادة 66 (تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، تمارس صلاحياتها وفقاً للدستور والقانون (.

 هنا يجب أن يعي المجتمع الدولي ان ما ينصُ عليهِ الدستور ويتبناه القانون أصبح في نسيانٍ مُطلق لدى السلطة التنفيذية فهي تعتمد على معايير اقصائية في المؤسسات التابعة لها، إذ أن النص الذي أجاز للسلطة التنفيذية ممارسة الصلاحيات وفق الدستور، انحصر في مجموعة كبيرة وأذرع للأحزاب في السلطة التنفيذية، بل أضحى الأمر خارجا عن النصوص القانونية بشكل كبير، حيث اعتمدت السلطة التنفيذية على الميول والتبعية للأحزاب التي أنتجت الحكومة التي تُمثل السلطة التنفيذية وتناست الدور المهم في تنمية الاقتصاد والصحة والتعليم، وما هي الأسس الحقيقية في اختيار شخوص تتمتع بالكفاءة و النزاهة و الشجاعة لإدارة تلك المؤسسات المهمة، نعم هذا الواقع المأساوي والمؤلم الذي ينتج الاختلال في التوازن المؤسساتي والفساد الاداري والمالي بحكم الاختيار الهزيل والاعوجاج القائم لدى السلطة التنفيذية .

يُعول الوطنيون على السلطة القضائية التي تُمثل العدالة وترعى تطبيق القانون بحذافيرهِ في أخذ زمام المبادرة والتصدي للخروقات الانسانية والقانونية كما عهدها الجميع وتشخيص الأخطاء الناتجة عن الخلل الكارثي في السلطة التنفيذية، ويأمل الأحرار في ربوع العراق العظيم أن تزداد فرص عمل المؤسسات الرقابية للحد من ظاهرة الفساد الاداري والمالي وتقنين الهدر بالمال العام خدمة للعراق وشعبهِ المظلوم.

عرض مقالات: