اخر الاخبار

تمر في الحادي والثلاثين من تموز هذا العام الذكرى الثامنة والثمانون لصدور أول صحيفة سرية للحزب الشيوعي العراقي، وهي صحيفة (كفاح الشعب)، ومنذ ذلك التأريخ واصل الحزب الشيوعي العراقي، رغم تنظيمه السري، إصدار صحافته ووسائل إعلامه الأخرى في ظروف غاية في الصعوبة أمنياً ومادياً، فصدرت صحف (الشرارة) و (القاعدة) و(إتحاد الشعب) و(العمل) و (وحدة النضال) و(النجمة) و(الإتحاد) و(شورش)، وكانت كلها صحفا سرية، ونجح الحزب في تلك الفترة في إصدار صحيفتين علنيتين هما (الأساس) و(العصبة) وكذلك أصدر الحزب من السجن أيضاً عام 1953 صحيفة (كفاح السجين) وكان للحزب أيضاً صحافته الكردية الخاصة كصحيفتي (شورش) و(أزادي) كما صدرت عن الحزب صحيفة (همك) وتعني القاعدة باللغة الأرمنية، وبالرغم من الحجم الصغير، والطبع والإخراج اللذين لم يكونا مثاليين بكل المقاييس لمعظم هذه الصحف السرية، إلا أن مضامينها كانت متقدمة من حيث الصدق والواقعية، لأن كتابها لم يكونوا يعيشون في أبراج عاجية، بل ملتصقين بالجماهير ومعبرين عن همومهم وطموحاتهم، وكانوا من قادة الحزب وكوادره، ومن المثقفين الثوريين الذين يعيشون بين الناس، لذلك يعبرون بصدق عن تطلعاتهم الوطنية والطبقية، لقد وقفت صحافة الحزب الشيوعي العراقي طوال تأريخها إلى جانب الحقوق القومية العادلة للشعب الكردي ولسائر الأقليات القومية والدينية التي تشكل نسيج الشعب العراقي، كما ساندت صحافة الحزب قضية المرأة العراقية ووقفت إلى جانب حقوقها المشروعة في المساواة والعمل.  وخلال معظم الثمانية والثمانين عاماً من عمر صحافة الحزب الشيوعي العراقي، كانت هذه الصحافة تصدر سراً، وفي ظروف بالغة الصعوبة، بسبب مطاردة السلطات العراقية المتعاقبة لها، وزج محرريها والمشرفين على طباعتها وتوزيعها في السجون والمعتقلات، بل وإعدام الكثير منهم أيضا، أما في الفترات التي تسنى للحزب أن يصدر صحافته علناً، وهي فترات قليلة إذا قيست بعمرها الممتد طوال هذه العقود، كصدور صحيفة (إتحاد الشعب) بعد ستة أشهر من نجاح ثورة 14 تموز عام 1958، فقد إستقبلت الجماهير العراقية صحيفة الحزب العلنية بترحيب نادر، إذ تجاوز توزيعها اليومي (26) ألف نسخة، وفي أحد الأيام وزعت صحيفة (إتحاد الشعب) (46) ألف نسخة، في حين كانت أشهر الصحف العراقية الأخرى لا يتجاوز توزيعها اليومي ألفين نسخة فقط ! في وقت كان فيه عدد نفوس الشعب العراقي لا يتجاوز البضعة ملايين فقط ! ولأن صحيفة (إتحاد الشعب) كانت بهذه الشعبية وتنطق بلسان جماهير الشعب العراقي وتعبر عن مصالحهم وتطلعاتهم، فقد تم إيقاف صدورها بقرار السلطة في شهر آب عام 1961 ، فإضطر الحزب في شهر تشرين الثاني عام 1961 لإصدار صحيفة سرية هي (طريق الشعب)، والتي إستمرت حتى شهر أيلول 1971 لتتوقف لمدة سنتين، ثم تصدر علناً في شهر أيلول 1973، بعد قيام الجبهة الوطنية، وخلال صدورها العلني الجديد، كانت (طريق الشعب) مدرسة للمهنية والنضال، بالرغم من كل إجراءات السلطة وضغوطها وإستفزازاتها للمناضلين الشيوعيين العاملين فيها، وبالرغم من العدد القليل من الصحفيين الذين بدأت بهم (طريق الشعب) العلنية وقت صدورها، إلا أن الحماس الشيوعي والروح الفدائية العالية والجدية دربت جيلاً جديداً من الصحفيين الشباب، كما تم تشكيل المكاتب الصحفية في جميع المحافظات وعلى مستوى المناطق أيضاً كالجنوبية والفرات الأوسط وكردستان، كما نظمت هيئة التحرير أربع دورات صحفية مركزية إشترك فيها عشرات الرفاق من جميع المحافظات العراقية وتلقوا خلال شهر من عمر كل دورة تدريباً نظرياً وعملياً ساهم في تخريج كوادر صحفية هامة، كما كان محتوى صحيفة (طريق الشعب) متنوعا بأخبارها وتحقيقاتها الميدانية وأعمدة كتابها البارزين وإفتتاحياتها ورسومها الكاريكترية وفنونها الثقافية المنوعة من قصائد وقصص قصيرة وأدب أطفال وصفحات المرأة والطلبة والشبيبة.. إلخ، والاعداد الخاصة كالعدد الألف الذي أرعب سلطة البعث لشكله ومحتواه وإستقبال الجماهير العراقية له، حتى يقال إن صدام حسين إجتمع وقت صدور العدد الألف من (طريق الشعب) بالعاملين بصحيفة (الثورة) السلطوية وأنبهم وهددهم وسخر من العدد الهائل من العاملين في صحيفة (الثورة)، والذين لا يستطيعون مجارات العدد القليل من العاملين في صحيفة الشيوعيين!! وبعد انهيار الجبهة الوطنية وانتقال الحزب الشيوعي مجدداً للمعارضة، وتشكيل حركة الأنصار الشيوعيين في كردستان، بدأت حركة أخرى لصحافة الحزب، حيث تنوعت ولم تقتصر على إصدار صحيفة الحزب المركزية (طريق الشعب) بل بدأ البث الإذاعي لإذاعة الحزب (صوت الشعب العراقي) وباللغتين العربية والكردية، كما صدرت صحافة المنظمات الديمقراطية كالطلبة والشبيبة والمرأة، وصدرت صحف خاصة بالانصار كصحيفة (النصير) في بهدينان وصحيفة (طريق النصر) بالعربية و (ريكاي سركفتني) بالكردية، وهي تمثل الجبهة الكردستانية في قاطع بهدينان. كما صدرت في كردستان عشرات المجلات الدفترية وصحيفة مركزية خاصة بالأنصار هي صحيفة (نهج الأنصار)، كما تم طبع آلاف البوسترات التحريضية وتوزيعها في القرى والمدن التي يصلها الانصار، ومع تراجع الحركة الانصارية وهجوم قوات السلطة وطيرانها على مقرات الحزب الشيوعي والأحزاب الكردستانية، بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية، واصلت صحافة الحزب إصداراتها من الخارج، من خلال الصحيفة المركزية (طريق الشعب) ومجلة رسالة العراق ومجلة الثقافة الجديدة، والمساهمة عبر إذاعات المعارضة من دمشق، ومن الأراضي المحررة في كردستان، وبعد سقوط نظام صدام الدكتاتوري في 2003، واصل الحزب الشيوعي العراقي، بالرغم من إمكانياته المادية الصعبة والأوضاع السياسية الصعبة والمعقدة، بوجود الإحتلال الأمريكي وتشظي المجتمع العراقي قومياً ودينياً وطائفياً وشيوع الفساد في أجهزة الدولة المختلفة، و لا زال الحزب الشيوعي يواصل إصدار صحيفته المركزية وموقعه الالكتروني الخاص، معبراً عن تطلعات الجماهير العراقية، قريباً من همومها وتطلعاتها .