اخر الاخبار

أصدرت وزارة التعليم العالي كتابها بتاريخ 21/٦، وبتوقيع وكيل الوزارة لشؤون البحث العلمي، يحضر نشاط اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق في جميع الجامعات، بحجة قيامها بعقد ندوات مجتمعات ومهرجانات واحتجاجات …الخ، والتي تؤثر على سير العملية التعليمية….! يبدو أن الكثير من مسؤولي الدولة الحاليين، ومن ضمنهم مسؤولون في وزارة التعليم العالي يجهلون اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق (في الجمهورية العراقية سابقا)، وربما ينكرون معرفتهم بنضاله ودوره القيادي لعموم طلبة العراق، عن قصد أو بدون قصد، وقد لا يلامون لأن معلوماتهم بتاريخ العراق السياسي المعاصر لا يتجاوز سنوات وجودهم في السلطة حاليا. لقد تأسس هذا الاتحاد قبل 75 عاما في الرابع عشر من نيسان ١٩٤٨، وعقد مؤتمره التأسيسي في الهواء الطلق في ساحة السباع وسط بغداد، محميا من عشرات العمال البواسل ومتحديا السلطة القمعية آنذاك، وحضره 52 طالبا يمثلون معظم المعاهد الدراسية في العراق، واستمر المؤتمر ليوم واحد وأقر في ختامه الوثيقة البرنامجية والنظام الداخلي، وانتخب أول هيئة قيادية له، وحضره شاعر العرب الأكبر الجواهري والقى قصيدة رائعة حيّا المؤتمر وطلبة العراق البواسل. استمر الاتحاد منذ تأسيسه وعبر جميع المراحل السياسية يتصدر نضال الطلبة للدفاع عن حرياتهم الديمقراطية وحقوقهم المهنية، رافعا شعاراته التي لا تزال تحتفظ بحيويتها الراهنة ومنها من أجل: حياة طلابية حرة ومستقبل أفضل، ديمقراطية التعليم، استقلالية الجامعات، والتفوق العلمي في خدمة الوطن.

انخرط الاتحاد في النضال الوطني والجماهيري كونه يمثل شريحة اجتماعية كبيرة وإيمانا منه بأن حقوقه وأهدافه الأكاديمية والثقافية لن تتحقق إلا بوجود نظام ديمقراطي يؤمن الحريات العامة وحقه في التعبير عن مطالبه بالطرق السلمية وبحرية تامة. وحظي الاتحاد، سيما كونه أول اتحاد طلابي في البلدان العربية باحترام ودعم كبيرين من لدن المنظمات الطلابية العربية. كما انتخب الاتحاد في منصب السكرتير العام لاتحاد الطلاب العالمي في مؤتمره السادس، والذي عقد في بغداد عام ١٩٦٠ والذي عقد باستضافة اتحاد الطلبة العام، ثم انتخب في المؤتمرات اللاحقة بمنصب نائب رئيس الاتحاد، تقديرا لدوره النضالي داخل الوطن، وعلى المستويين العربي والعالمي.

إن قرار حظر النشاط الطلابي في الجامعات العراقية قرار تعسفي ومستهجن. وهو محاولة فاشلة لكبت الصوت الطلابي الحر، وهو مخالف للدستور العراقي وفق المادة 45 أولا، والتي تلزم الدولة بتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني واستقلالها لتحقيق أهدافها المشروعة … وهذه الإجراءات هي غير مبررة لاعتمادها على معلومات جهاز الأمن الوطني بدون الإشارة إلى حيثيات وطبيعة هذه المعلومات، ثم هل من المعقول أن تتصرف الوزارة وفق معلومات أمنية لتتخذ قرارا يخص منتسبيها من الطلبة وتحرمهم من النشاط المكفول لهم دستوريا؟ والأخطر في الأمر أن تحيل تطبيق القرار إلى مكاتب الأجهزة الأمنية في الجامعة. والسؤال هنا يطرح نفسه: ماذا تفعل الأجهزة الأمنية داخل حرم الجامعة؟ هل هو لخدمة سير العملية التعليمية ام للتجسس على الطلبة وتهديدهم وقمع نشاطهم؟ يذكّرنا هذا بأساليب نظام البعث الدكتاتوري؛ إذ كان يزرع عملاء الامن في الجامعات. والآن تعيد وزارة التعليم العالي، مع الأسف، هذه الأساليب المستهجنة والمنبوذة لتمارسها في ظل النظام “الديمقراطي” الجديد. ثم أن هذا القرار يخالف بشكل صريح المنهاج الحكومي الذي يؤكد على احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان بضمنها حقه في التعبير الحر عن آرائه وبكل الوسائل السلمية والقانونية. 

اني أرى حفاظا على سمعة الوزارة، والدولة العراقية ومؤسساتها وخاصة التعليمية، ان تعيد الوزارة النظر في قرارها السيئ هذا وتلغيه. وتنتهج أسلوب الحوار مع الطلبة في كافة الشؤون التي تخص العملية التعليمية وحرية الجامعات واستقلالها، وحل أي مشكلة عبر الوسائل التربوية واحترام رأي الطلبة وليس قمعه. وادعو دولة رئيس الوزراء الى التدخل ووقف انتهاكات أي وزارة للمنهاج الحكومي، وكذلك نصوص الدستور الدائم وعدم السماح لمؤسسات الدولة بالإساءة إلى منتسبيها عبر إصدار قرارات كيفية وتهديدهم بالأجهزة الأمنية.

لتبقى راية اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق خفاقة في سماء العراق.

كل الدعم والتضامن مع طلبتنا الأشاوس أبناء اليوم وبناة المستقبل الواعد والأفضل.

ــــــــــــــــــــ

* نائب رئيس اتحاد الطلاب العالمي سابقا  

وكيل وزارة الخارجية العراقية السابق

عرض مقالات: