اخر الاخبار

فينسينت بيفينز صحفي أمريكي، عمل مراسلا لصحيفة واشنطن بوست، في جنوب شرق آسيا، وكان قبل ذلك مراسلا لصحيفتي لوس أنجلوس تايمز وفاينانشال تايمز في البرازيل. وأصدر أخيرا كتابه الأول الموسوم «طريقة جاكرتا».

تناول الكتاب: كيف يشكل برنامج واشنطن القاتل عالمنا حتى يومنا هذا، نشرت الترجمة الألمانية للكتاب في كانون الثاني، هكذا يصف الصحفي الأمريكي فينسينت بيفينز هذه الحقبة. بدءًا من الإبادة الجماعية الإندونيسية في منتصف الستينات، عندما ذبح الجيش الإندونيسي المدعوم من الولايات المتحدة أكثر من مليون شيوعي وأغرق البلاد في دكتاتورية استمرت عقودًا، ويشرح كيف خلق الغرب موجة عالمية خلال عنف الحرب الباردة. وكيف تستمر عواقبها في تشكيل العالم الذي نعيش فيه اليوم. والكتاب أكثر من تدوين سلسلة من الفظائع، لأنه يمثل استكشافا حساسا لآمال جيل شهد هذه الأحداث. وفي حوار أجرته مع الكاتب مؤسسة روزا لوكسمبورغ الالمانية، أثناء زيارة عمل قام بها إلى المانيا، تحدث الكاتب عن أعمال العنف المعادية للشيوعية، وتواطؤ البلدان الغربية، والحلم بعالم آخر لخنق هذا العنف.

مقدمة

يمثل الغزو الروسي لأوكرانيا النهاية الأخيرة للنظام العالمي الذي ساد بعد نهاية الحرب الباردة، نتيجة لانهيار الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية في شرق أوربا. لقد أعاد الغزو إحياء حلف الناتو «الميت دماغيا»، والذي عاش وحدة لافتة عبر فرض عقوبات على روسيا وتزويد أوكرانيا بأسلحة دفاع عن النفس بمليارات الدولارات، وساعد الولايات المتحدة على جعل عار حربي العراق وأفغانستان وراءها. وعادت موسكو، لتصافح الصين والهند وحلفاء آخرين باسم عالم «متعدد الأقطاب» بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية، وتمكنت من جعل الغرب يبدو أكثر عزلة من أي وقت مضى.

وسط هذا الانقسام الجيوسياسي العميق، يثير عدد من المعلقين شبح «حرب باردة جديدة» سيدافع فيها الغرب، بقيادة واشنطن، بالطريقة نفسها، عن «الحرية والديمقراطية» ضد انتشار الاستبداد في جميع أنحاء العالم. في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي ليسا مثاليين. قد تبدو وجهة النظر هذه للتاريخ مطمئنة، إلا أن إحدى مشاكلها العديدة، فشلها في تحديد المعتدي الحقيقي خلال الحرب الباردة. بالنسبة لمعظم بلدان العالم، لم تكن العقود الأربعة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية تتميز بالصراع بين الاشتراكية والرأسمالية، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ولكن بحملة صليبية عالمية بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها، غالبًا بالتعاون مع نخب محلية، لخنق كل محاولات الدمقرطة والنضال من أجل الاستقلال الذي لا يناسبهم.

الحرب الباردة

الكتابة للصحافة عن بلدان جنوب شرق آسيا، تدفعك للاطلاع على تاريخ عظيم لايزال مخفيا، ولا يستطيع مراسل صحفي، عدم الخوض في المأساة والصدمة التي لم يتم حلها بعد الإبادة الجماعية عام 1965 في إندونيسيا. لقد تناول فينسينت بيفينز الحدث من منظور عالمي واستنتج في النهاية إلى أنه كان أحد أهم أحداث القرن العشرين.

عنوان الكتاب يشير إلى القتل الجماعي مع سبق الإصرار ضد اليساريين أو الأشخاص المتهمين بالانتماء إلى اليسار. يتم ذلك عادة بدعم من حكومات بلدان شمال الأطلسي الأخرى ويهدف في الغالب إلى بناء أنظمة رأسمالية استبدادية.

عبارة «طريقة جاكرتا» هي في الواقع ترجمة للعديد من المصطلحات البرتغالية والإسبانية -أوبرا جاكرتا أو بلان جاكارتا أو ببساطة جاكرتا، التي استخدمتها الحركات اليمينية المتطرفة المتحالفة مع واشنطن خلال الحرب الباردة. لقد نظروا إلى ما كان يحدث في إندونيسيا و «استلهموه». وتم تسهيل تنفيذ العملية من خلال شبكة عالمية قوية من المنظمات المناهضة للشيوعية. والكاتب يتحدث عن 23 دولة على الأقل، مورس فيها هذا النوع من القتل الجماعي في النصف الثاني من القرن العشرين. وفي حدث مماثل تختزن الذاكرة العراقية الكثير من بشاعات انقلاب شباط الأسود في عام 1963.

صندوق أسود

يصف الكتاب أحداث إندونيسيا، التي وقعت في منتصف الستينات بأنها «صندوق أسود كبير» في المعرفة الجماعية، حتى بالنسبة للمهتمين بأزمة الصواريخ الكوبية أو الحرب الكورية أو بول بوت.  ويعود ذلك إلى وجهة النظر السائدة، لا سيما في بلدان شمال الأطلسي، وقعت الحرب الباردة بين العالم الأول (البلدان الرأسمالية) والعالم الثاني (بلدان المعسكر الاشتراكي السابق). ولكن مع مراعاة جميع الناس على كوكبنا، والأبحاث الحديثة، مثل عمل المؤرخ النرويجي أود أرني ويستاد، الذي يتبنى بشكل متزايد الرأي المشار اليه. لقد حدثت الحرب الباردة أكثر بين العالمين الأول والثالث، وكان العالم الأول هو المعتدي. قُتل قرابة مليون انسان في إندونيسيا، التي تعد الآن رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان وأكبر دولة ذات أغلبية مسلمة. وتحولت الدولة الرائدة في حركة العالم الثالث التقدمية غير المنحازة من المعسكر اليساري المناهض للإمبريالية إلى المعسكر الصريح بعدائه للشيوعية والموالي للغرب، وتم عمليا، بين ليلة وضحاها، تدمير أكبر حزب اشتراكي غير مسلح في العالم.  لقد كانت صفقة كبيرة جدا للنسيان التاريخي لعدة أسباب. الأول هو أن ديكتاتورية سوهارتو كانت ناجحة للغاية في توطيد نظامها ونشر قراءتها الخاصة للتاريخ. بالإضافة إلى، هيمنة فيتنام على سياسات الحرب الباردة في آسيا، على الأقل في المخيلة الشعبية في الغرب، حيث يكون الاهتمام بالمناطق البعيدة غالبًا محدودًا، بالإضافة إلى أن حرب فيتنام تحولت إلى قضية محلية أمريكية، وعلى الرغم من ذلك، اتفق الجميع في مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية حينها، على أن إندونيسيا أهم من فيتنام. وأخيرا، فان ما حدث مخالف تمامًا لأفكار الغرب حول العولمة وتشكيل نظامنا المعاصر، لذلك كان المطلوب تجاهلها ونسيانها.

بين نهرو وكندي

مشهد رائع في الكتاب، يشرح فيه أول رئيس وزراء للهند، جواهر لال نهرو، للشاب جون كينيدي أن الشيوعية أعطت شعوب العالم الثالث «شيئًا يموتون من أجله». وهذا يعكس الجاذبية العالمية للشيوعية حينها، وخصوصا بين بلدان ما بعد الاستعمار.

يهتم الكتاب إلى حد كبير، بالحلم بعالم آخر، اعتقد الكثير من الناس، في الخمسينات والستينات من القرن العشرين أنه كان ممكنًا، ولكن ما الذي نعيشه اليوم؟ في إندونيسيا، على سبيل المثال، نعلم من ملفات المخابرات المركزية الامريكية والمخابرات البريطانية، التي رفعت عنها السرية أن الجهازين افترضتا أنه بعد عام 1958 سيفوز الحزب الشيوعي الإندونيسي، المعتدل وغير المسلح، في انتخابات حرة ونزيهة. مارست الشيوعية في بلدان الجنوب العالمي جاذبية كبيرة بعد إنهاء الاستعمار، وغالبًا ما لعبت دورًا حاسمًا في النضال من أجل الاستقلال. كان هذا هو الحال أيضًا في إندونيسيا ايضا، حيث ضمت حركة التحرر الوطني قوى شيوعية وإسلامية وقومية. لم يقدم نموذج التنظيم الشيوعي طريقة عملية للغاية لقيادة نضال التحرر الوطني فقط، بل قدم مثال الاتحاد السوفيتي أيضًا طريقة ممكنة للحاق فعليًا باقتصاديات العالم الأول. وهو أمر لم يحدث تقريبًا في أي بلد في العالم. بلدان جنوب العالم، التي ظلت في إطار ما يسمى بـ «العالم الحر»، مجموعة الدول الرأسمالية الموالية للغرب، سواء انضمت طوعا أو بالقوة. ولو لم يكن للشيوعية جاذبية كبيرة في العالم الثالث، لما كانت هناك «الصين الحمراء»، ولا فيتنام الاشتراكية، ولن تكون هناك حاجة لمحاربتها بلا هوادة.

الحزب الشيوعي الإندونيسي

في الغالب كانت الأحزاب الشيوعية خارج أوربا أحزابا صغيرة معتمدة على علاقتها بالاتحاد السوفيتي، بالمقابل كان في إندونيسيا حزب جماهيري ومستقل. تأسس الحزب الشيوعي الإندونيسي قبل الحزب الشيوعي الصيني، وقبل انتصار الثورة الروسية. (يعود تأسيس الحزب إلى تأسيس رابطة الهند الشرقية الديمقراطية الاجتماعية عام 1914 على يد الاشتراكي الهولندي هينك سنيفليت واشتراكي آخر من الهند الشرقية. وفي 23 وفي آيار عام 1920، اتخذت الرابطة اسم «الاتحاد الشيوعي للهند الشرقية». كان للحزب الشيوعي الإندونيسي جذور عميقة في حركة الاستقلال، وبعد صراع قصير على السلطة في الحرب الثورية، عندما حاول الهولنديون استعادة الأرخبيل بعد الحرب العالمية الثانية، تمامًا كما حاولت فرنسا استعادة فيتنام، انتقل الحزب الشيوعي الإندونيسي بقوة إلى العمل السياسي في إطار الديمقراطية القائمة. وتوجه إلى أوسع قطاعات المجتمع. لم يكن الحزب قويًا في الحركة العمالية المزدهرة، ويملك شعبية بين صغار المزارعين فقط، بل كان لديه أيضًا جمعيات ثقافية شعبية مذهلة، وانطلاقا من الموقع الذي تنشط فيه، كانت فعاليات وترفيه مثير للاهتمام للغاية، ومنظمة نسائية كبيرة، «غيرواني». ربما كانت واحدة من أكبر المنظمات النسوية في العالم في ذلك الوقت، لذلك استهدفت بشكل خاص من قبل الميلييشيات والقوى الأمنية في عام 1965. مرة أخرى، تكشف الوثائق الغربية التي رفعت عنها السرية. في الخمسينات من القرن العشرين، كانت المخابرات الغربية مهتمة على وجه التحديد لأنها كانت تعلم أن الحزب الشيوعي الإندونيسي لا يخدع الناس أو يجبرهم للوصول إلى السلطة. لقد كان يُنظر للحزب، على أنه الحزب الأقل فسادًا وكانت شعبيته في ازدياد مضطرد. من جانبها اعتقدت قيادة الحزب أن شعبيه الحزب كافية لحمايته.

فظاعات

الفظائع التي ارتكبتها الولايات المتحدة وعملائها في فيتنام وتشيلي معروفة، لكن الكتاب يعتبر العنف في جنوب شرق آسيا غير مسبوق وصادما.  شهدت جزيرة بالي أسوأ جريمة قتل جماعي، من حيث عدد الضحايا، حيث فقدت الجزيرة 5 في المائة من سكانها.

يتعامل السكان المحليون الآن مع السياح من جميع أنحاء العالم والعديد منهم يعتبرون أنفسهم متعلمين وعلى دراية، وزاروا في رحلات سابقة، ساحات القتال في كمبوديا. لكنهم في بالي يقيمون في منتجعات شاطئية مبنية حرفياً فوق قبور جماعية. وأفاد سكان الجزيرة، أن هذه الأنواع من السياح ليس لديهم عادة أي فكرة عما حدث في الجزيرة.

بحلول خمسينات القرن العشرين تبنت النخب الامريكية وحلفاؤها العالميون أجندة متماسكة لمناهضة للشيوعية، مع تصمم شديد على مواجهة القوى الاشتراكية والتقدمية الأخرى سياسياً، وإذا لزم الأمر جسديًا لتحييدها في جميع أنحاء العالم. ونتيجة لذلك أصبحت قوى اليسار ضعيفة، ومع ذلك لا تزال «معاداة الشيوعية» تحتفظ بتأثيرها، لأنها مفيدة. على سبيل المثال عادت « البولسونارية» (نسبة إلى الرئيس البرازيلي الفاشي السابق)، بعنف إلى البرازيل. التهديد الوهمي المتمثل في تمرد محتمل من الأسفل، يغذي داخل الجماهير المخاوف من عدو داخلي، وهذا الأمر لم يختف لأنه مؤثر. وتلجأ اليه حركات اليمين المتطرف من آسيا إلى أوروبا إلى أمريكا.

مفترق طرق

كانت الولايات المتحدة إلى حد بعيد أقوى دولة في العالم في عام 1945. نظر صناع السياسة الخارجية في واشنطن إلى النظام العالمي الذي شكلته قرون من الاستعمار الأوروبي. في هذه المرحلة، بدت الأمة الفتية نسبيًا (أمريكا) على مفترق طرق: هل يجب أن تظل وفية لمثلها الثورية والمناهضة للاستعمار، أم ينبغي أن تلجأ إلى ممارسات أكثر انسجامًا مع توسعها الإمبريالي في أمريكا الشمالية؟

إذا أردنا ان نفهم من أين جاء النظام العالمي الحالي، فعلينا أن تفهم كيف تسير هذه العمليات،

قد يبدو الأمر اليوم وكأن الخيار الثاني هو السائد، لكن قادة سياسيين مثل سوكارنو وحتى هوشي منه لم يعرفوا المسار الذي ستسلكه واشنطن حينها. لجأوا إلى واشنطن على أمل إقامة جسور للصداقة.  من الواضح أن « طريقة جاكرتا» هو مجرد أحد الأدوات والتكتيكات التي طورتها واشنطن في النصف الثاني من القرن العشرين للتأثير على الأحداث في جنوب العالم والحفاظ على العلاقات الاستعمارية بين الشمال والجنوب دون الحاجة إلى اللجوء إلى السيطرة الاستعمارية المباشرة.

البولسونارية

يتناول الكتاب أيضًا الانقلاب العسكري في البرازيل عام 1964، وهي حقبة أشاد بها جايير بولسونارو باعتبارها حقبة «جيدة جدًا» في تاريخ البلاد.  وجاءت أحداث هجوم أنصاره على المؤسسات الديمقراطية في 8 كانون الثاني 2023، ليمثل خطرا حقيقيا يهدد الديمقراطية البرازيلية اليوم. قبل أن يصبح جايير بولسونارو قوة انتخابية حقيقية في 2016-2018، قال ذات مرة إن الديكتاتورية لم تقتل ما يكفي من السكان، وأن البرازيل لا يمكنها المضي قدمًا كدولة إلا إذا قُتل عشرات الآلاف.  لقد فشل في تعزيز السيطرة الديكتاتورية. لكنه يمثل بالتأكيد عودة المشروع الأيديولوجي العنيف المناهض للشيوعية في الحرب الباردة. كان الثامن من كانون الثاني علامة واضحة، على ما كان قائما قبل هزيمته الانتخابية النهائية، لكن البولسونارية، كقوة سياسية ستستمر، حتى بدون وجوده في الرئاسة.

الدور الألماني

من المعروف ان بعض فرق الموت الإندونيسية كانت مستوحاة من التجربة النازية. وركز الكتاب بشكل أساسي على دور الولايات المتحدة. لقد فعل الجيش الإندونيسي ما فعله في جزء كبير منه بسبب النفوذ الأمريكي. قدمت واشنطن الدعم المادي والتشجيع. واعترف مسؤول بالسفارة في وقت لاحق بأن الحكومة الأمريكية أعطت الإندونيسيين قوائم بأسماء المواطنين المطلوب تصفيتهم. هذا يعيد للذاكرة العراقية أيضا تعاون المخابرات المركزية ودول الإقليم مع انقلابي شباط 1963 في تصفية الشيوعيين والديمقراطيين العراقيين.

تظهر وثائق ألمانيا الغربية أن الحكومة الألمانية كانت على علم بما كان يجري منذ البداية. وطلب جنرال إندونيسي من بون الدعم المالي لعمليات مناهضة للشيوعية أثناء المذبحة، وساعد ضابط سابق في قوات اس اس النازية كان في إندونيسيا منذ عام 1959 في تلميع صورة سوهارتو في الخارج. وعبر الكاتب عن سعادته، لأن سري تونروانغ من محكمة الشعب الدولية، قد دعم نشر الكتاب في ألمانيا وأن أوساطا واسعة من الناجين الإندونيسيين من المجزرة، ساهموا بذلك أيضا. وسيدلي الكاتب وسري تونروانغ بشهادته في البرلمان الألماني بدعوة من لجنة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية.  وسوف لا يركز الكاتب على إدانة المانيا، بل على حرمان الغالبية العظمى من الناجين في إندونيسيا وعائلاتهم من أي شكل من أشكال العدالة. على عكس أمريكا اللاتينية، لم تشكل في إندونيسيا لجنة للحقيقة والمصالحة. ولا يزال هناك «متحف الخيانة الشيوعية» قائما وسط جاكرتا. ان مجتمع الناجين في حاجة ماسة إلى الدعم، حيث يعيش معظمهم في فقر وعلى هامش المجتمع. ولا يزالون موصومين بالاتهامات التي وجهت إليهم في سنوات 1965-1966.  وخلال انتشار وباء كورونا، تم جمع ا أكثر من 100 ألف دولار لدفع ثمن الغذاء والرعاية الطبية الأساسية للأشخاص الذين قضوا معظم حياتهم في معسكرات الاعتقال. ركز الكتاب على دور الولايات المتحدة، ويسعى الكاتب لتعزيز الاعتراف بما حدث قدر الإمكان. وإذا تحدثت ألمانيا بمزيد من الانفتاح والصدق حول ما كان يحدث وراء الكواليس خلال ذلك الوقت الرهيب، فقد يزيد الضغط على الحكومات الأخرى في الولايات المتحدة وإندونيسيا والمملكة المتحدة للتحرك نحو بعض الشفافية، وهذا مهم جدا للضحايا.

أهمية الكتاب

يكشف الكتاب مدى ضآلة معرفة معظم الناس في الغرب بالعنف الممارس ضد شعوب بلدان جنوب الكرة الأرضية خلال القرن العشرين. وهذا يرتب مسؤولية أخلاقية على سكان هذه البلدان، التي «انتصرت بالحرب الباردة. لكن الكاتب يرى أن الشعور بالذنب أو الالتزام الأخلاقي ليست هي الدوافع الرئيسية للتعامل مع هذه الظواهر. هناك أسباب أهم، مثل فهم كيفية تشكل النظام العالمي الحالي، وتحليل كيفية تغييره.  بهذا المعنى، ليس من المثير للاهتمام التعرف على وجهة نظر تاريخية، بل كيف يمكننا تغيير العالم الذي نعيش فيه.

عرض مقالات: