اخر الاخبار

  من الواضح آن آخر الابتكارات الحكومية للتخلص من المأزق الاقتصادي المتأتي من تراكم السياسات الاقتصادية الفاشلة هو اللجوء إلى تخفيض سعر الصرف للدينار العراقي من قبل البنك المركزي بناء على طلب وزير المالية سعيا لتحقيق وفرة مالية قدرت ب 6 مليارات دولار أي ما يعاد 8 تريليونات تمهيدا لسد العجز في الموازنة السنوية لعام 2021.

لقد كان لتخفيض سعر الصرف بنسبة 23 في المائة أثره على نسب انخفاض قيمة الرواتب بنسب 25 في المائة. وكان الأجدر بالحكومة قبل اللجوء إلى اجراءات تخفيض قيمة العملة الوطنية القيام بإصلاحات هيكلية تهدف إلى زيادة ايرادات الدولة والسيطرة على النفقات غير المنتجة والعديد من أوجه الخلل في السياسات الاقتصادية العامة التجارية والمالية والاستثمارية فضلا عن توافر جملة من العوامل منها حالة ميزان المدفوعات وتخفيض أسعار المستهلك وزيادة النمو الاقتصادي والتجارة وآثاره على الدين العام والثقة بالعملة الوطنية، والأهم من ذلك قدرة السياستين المالية والنقدية على مواجهة آثار التضخم. والحقيقة أن المزاعم الحكومية بأن خيار هذه السياسات المالية والنقدية انما جاء انطلاقا من الورقة البيضاء ولم تكن إلا لترميم الادارة المالية الفاشلة وليس اصلاح الاقتصاد المأزوم اصلا. 

  بيد أن هذه الاجراءات تتحول إلى كارثة حقيقية عندما يقتصر على مصدر واحد في تمويل الانفاق العام كما يجري حينما تلجا إلى الاقتراض الخارجي والداخلي في موازناتها السنوية لتمويل العجز الناجم في الاساس في المبالغة الصادمة في هذا الانفاق  الذي تحول إلى حديقة خلفية يقطف ثمارها الفاسدون من سياسي الصدفة ومواليهم،  فعلى سبيل المثال أن قانون الموازنة السنوية لهذا العام اتاح الفرصة لوزارة الكهرباء الاقتراض من 16 دولة وشركة وبنفس الوقت فان هذا الاجراء يؤدي في ظروف معينة إلى نقل الطلب على السلع والخدمات من الخارج بما له من انعكاسات على الناتج المحلي الإجمالي، وبذات الوقت تزداد الأزمة ويتحقق الانكماش ويقلل من قيمة المداخيل ويزيد من مؤشرات التضخم حيث تشير معطيات وزارة التخطيط إلى ان نسب التضخم وصلت إلى 4 في المائة خلال العام فضلا عن تقليل الطلب الكلي وزيادة نسبة الفقر التي وصلت حسب احصاءات وزارة التخطيط إلى 32 في المائة بسبب تداعيات كورونا وآثارها على اقتصاد متهالك، كما ان عدد الفقراء قد وصل إلى 13 مليون، وهذا العدد في تزايد في ظل الركود الاقتصادي وتزايد معدلات البطالة وانخفاض القوة الشرائية للمداخيل وارتفاع اسعار السلع الضرورية والادوية بنسب تزيد على 23 في المائة التي تمثل انخفاض قيمة الدينار، يضاف إلى ما تقدم أن مبلغ التخصيصات لوزارة الزراعة بلغت 300 مليار دينار مما يعرض هذا القطاع إلى أزمة حقيقية تنعكس أثارها على تعريض الأمن الغذائي إلى مخاطر حقيقية ومثل ذلك في قطاع الصناعة وكلا القطاعين يمثلان  فقط 9،0 في المائة من اجمالي النفقات العامة مع انخفاض تخصيصات البطاقة التموينية بنسبة  في المائة 0،5 في المائة من اجمالي النفقات العامة وبانخفاض 48 في المائة عن تخصيصات عام .2019  وقصارى القول فإن تخفيض قيمة الدينار العراقي قاد إلى  دخول البلاد في مرحلة الانهيار الاقتصادي وإلى تعمق الازمة الاجتماعية التي يعيشها العراقيون ما لم تتخذ الحكومة العراقية التدابير الضرورية للاستفادة من الزيادة في أسعار النفط التي وصلت إلى 68 دولار وترشيد توظيف هذه الزيادات  باتجاه تنمية الاقتصاد الحقيقي والعدالة في توزيع الثروة من اجل تحقيق الاستقرار الاجتماعي .

ان الحكومة مطالبة بمراجعة جدية لسياساتها الاخيرة بعيدا عن التصريحات الاعلامية المضللة التي لا تسمن من جوع، بل الجدية المقنعة بمحاربة حقيقية علنية للفساد والسيطرة التامة على المنافذ الحدودية وتصاعدية النظام الضريبي والحد من استيراد السلع غير الضرورية مع دعم المشاريع الصناعية القائمة في القطاع الحكومي واعادتها إلى وضعها الربحي واسترداد الأموال المسروقة والمهربة إلى الخارج أو التي تم غسلها في مولات ومشاريع تجارية ضخمة يمتلكها عمالقة حيتان الفساد.

عرض مقالات: