اخر الاخبار

قامت السلطة القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية بإجراءات وممارسات معادية لحرية التفكير والتعبيير عن الرأي ومعادية للفن كذلك، وتضييق هامش الحريات تحت مسميات مثل مخالفة العادات والتقاليد أو الآداب العامة.

إن سبب هذه الإجراءات المعادية للديمقراطية يكمن في أن الأدب والفن يرتبط بالحرية ويزدهر في أجوائها، وأن الإبداع يقترن بالانطلاق في عوالم لا تحدها قيود أو محرمات، عوالم من الجمال والألق تتجاوز الواقع المزري ومظاهر الخراب الذي حل بالوطن، وترسم فسحة للأمل والحلم بحياة أفضل وأجمل، وتدعو إلى الانفتاح والحوار وقبول الآخر، وإلى عالم من القيم النبيلة بالضد مما تريده السلطة من فرض نمطها الثقافي وإيديولوجيتها، ومن التضييق على الحريات، وما تريد إشاعته من قيم الحلال والحرام حسب ما تراه الطغمة الحاكمة أو الطائفة المعنية، أو المخالفة للآداب العامة كما يرونها هم. أما القوى المدنية والديمقراطية فإنها تدعو إلى التعددية والقبول بالآخر، وقد جاء في مقدمة برنامج الحزب الشيوعي العراقي المقر في مؤتمره الحادي عشر، تشرين الثاني 2021 «ويعمل حزبنا من أجل ضمان حرية الثقافة والإبداع، واحترام التعددية الفكرية والسياسية في ثقافتنا الوطنية والعمل على ازدهارها ورعاية الثقافة والمثقفين».

إن السلطة القائمة ولتعزيز نهجها ومحاولة فرضه تلجأ إلى أساليب التخويف والقمع والبطش. «والدولة وإن تكن تعبر عن طبقة بعينها، أو تحالف طبقي بعينه وعن مصالح هذه الطبقة أو التحالف الطبقي الحاكم، فإنها تسعى إلى ممارسة سلطتها بوسيلتين أساسيتين: الأولى هي: القمع، والثانية هي الإيديولوجيا. وبالقمع والإيديولوجيا تتكامل للدولة قدرتها على استقرار سلطتها وتوفير مشروعيتها. إن الدولة تدرك أن لا سلطة سياسية ولا مشروعية ولا إخضاع للمجتمع المدني بغير امتلاكها للسلطة الثقافية، أي المعرفة-الأيديولوجيا. (1)

إن قدرة الفن والأدب على إثارة التساؤل والدهشة وإيقاظ الوعي وإلى التأمل فيما يجري على أرض الواقع، والحكم على الأشياء والظواهر بتفكير نسبي خاضع للظرف المعين هو ما يدفع السلطة إلى معاداته. «وعندما تقوم السلطة بتهميش المثقف فإنها بعملها هذا تهمش المجتمع ككل عن طريق قطع تيار المعرفة التي ينتجها المثقف المبدع» «ويرجع خوف السلطة من المثقف إلى إدراكها أن كل إنتاج إبداعي في حقل الثقافة له بعد سياسي تغييري». (2)

 ولا شك أن جهود المبدعين في بلادنا في الفن التشكيلي والمسرح والأدب والموسيقى، وعودة «الكتاب» إلى مكانه في حياة الناس تساهم في صنع مستقبل أفضل للبلاد رغم التضييقات والدعم الشحيح وانعدام أو قلة المراكز الثقافية، ورغم تعرض بعض المبدعين إلى التصفية الجسدية، (كامل شياع وهاشم الهاشمي وغيرهم). وهو نشاط بالغ الأهمية يتطوع بإقامته عدد من المبدعين إضافة إلى بعض التنظيمات والفعاليات المدنية. وقد طرح الحزب الشيوعي في مؤتمره الحادي عشر، المشار إليه آنفا جملة سياسات وإجراءات لإعادة بناء المشهد الثقافي في بلادنا، بالدعوة إلى مشروع ثقافي وطني إنساني وديمقراطي المحتوى يكون حاضنة للتيارات الداعية إلى بلورة هوية وطنية منفتحة متجددة تحترم التعددية الثقافية والفكرية.

 

المصادر

1- محمود أمين العالم، الأعمال الكاملة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2015، القاهرة المجلد2 ص45-47

2- رضا الظاهر، موضوعات نقدية في الماركسية والثقافة، دار الرواد، بغداد ط2 2007، ص47

عرض مقالات: