عرف الشباب بدورهم الريادي في العمل السياسي، حيث كان الشباب نوى تشكيل الأحزاب السياسية، وخاصة الطلبة منهم وكانوا في مقدمة هبات وانتفاضات شعبنا ضد الحكومات الدكتاتورية والعميلة، وقدموا خيرة إخوانهم شهداء ومعتقلين ومشردين بسبب مواقفهم الوطنية ودفاعهم عن حرية البلاد وحقوق المجتمع، وانتفاضة تشرين 2019 خير مثال على ذلك، قدم فيها الشباب أكثر من 800 شهيدا و25000 جريحا عدا المغيبين منهم!

ولم يكن هذا الموقف الوطني البطولي بمعزل عن الوعي السياسي للشباب، رغم أن الكثير منهم، مع الأسف، لم يدرك أهمية العمل السياسي المنظم نتيجة إساءة البعث والقوى السياسية التي حكمت البلاد بعد 2003 للعمل السياسي والحزبي حتى رفع بعض الشباب شعار (لا للأحزاب) دون أن يميزوا بين الأحزاب الوطنية المشاركة معهم في ساحات التظاهر والاعتصام، والأحزاب الأخرى المعروفة بفسادها وقتلها للمتظاهرين.

اليوم مطلوب من الشباب المدني الديمقراطي تبصير الشباب بحقوقهم أولا والتمييز بين العمل السياسي الوطني والعمل السياسي المشوب بالفساد والمحاصصة والعمالة، وتوضيح حقيقة؛ لا شئ بدون موقف سياسي، وهذا الموقف أما أن يكون منحازا لمصالح الشعب والوطن أو بالضد من تلك المصالح. وكذلك ضرورة معرفة حقيقة أخرى هي ليس كل سياسي هو حزبي لأن الحزبي هو من ينتظم في صفوف أحد التنظيمات السياسية. ويمكن القول ليس بالضرورة أن يكون كل الناس حزبيين ولكن المطلوب منهم وبحد أدنى ان يكون لهم وعي سياسي منحاز لمصالحهم .

ان ما يعيق الشباب عن العمل السياسي هو تدني مستوى الوعي إضافة إلى المصاعب الحياتية المختلفة، وغياب التشريعات الضامنة لحرية مشاركتهم في العمل السياسي.

تتحمل الشخصيات والتنظيمات السياسية المسؤولية لعدم فسح المجال بشكل كاف أمام انخراط الشباب في نشاطات تلك التنظيمات وفقا لاهتماماتهم وهواياتهم، فضلا عن غياب البرامج التأهيلية.

الآن على القوى السياسية الديمقراطية العمل على الارتقاء بدور ونشاط الشباب ودعم حقوقهم وتطلعاتهم الديمقراطية في التنظيم الحر والمستقل، وتحرير المنظمات الشبابية من الوصاية والهيمنة، ومساعدتها على تشكيل النوادي ومراكز الشباب والفرق الثقافية والفنية والرياضية. والنضال من أجل تحسين مستوى حياة الشباب وضمان التعليم المجاني لهم، وتوفير وتحسين متطلبات العيش الكريم في أجواء آمنة، بعيدا عن الضغوط والتهديدات، وضمان فرص العمل للخريجين، وتشجيع المتميزين منهم ورعايتهم. وتحرير الشباب من آثار ومفاهيم العنف وضيق الأفق القومي والطائفية، ونشر الوعي الوطني وروح المواطنة والقيم الإنسانية والتقاليد الديمقراطية والتآخي بين القوميات، والوحدة الوطنية في صفوفهم. ووضع خطط تفصيلية خاصة بالشباب تستهدف مكافحة الأمية بينهم والبطالة في أوساطهم، وخلق الفرص والمشاريع الاستثمارية لاستيعابهم على ان يحرم تشغيل الاحداث.

عرض مقالات: