سطرت انتفاضة تشرين الخالدة اروع الملاحم البطولية والإنسانية وهي تستنهض الهمم في مواجهة الفساد والفاسدين، فقدمت أداءً رائعا ينطوي على صورة فريدة من الصمود والتكافل والانضباط والمبادرات التي تعيد إلى الذاكرة ملاحم وانتفاضات شعبنا ضد الحكومات الجائرة، كما عزز الصمود الاسطوري والتنظيم الذاتي للمنتفضين الثقة بقدرة الإنسان العراقي على مواجهة الظلم بالطرق السلمية والحضارية، والشجاعة التي فاقت التصور.

تميزت هذه الانتفاضة بعدد من المبادرات الاجتماعية والإنسانية، والمشاركة الواسعة للشرائح الاجتماعية المختلفة، وإصرار المنتفضين على تحقيق مطالبهم المشروعة، والاستجابة الجماهيرية الواسعة لدعواتهم لكسر حظر التجوال، وتفويت الفرصة على المتربصين بهم شرا، وكسر حاجز الخوف من ارهاب وتهديد الأحزاب المتنفذة.

لا زال الشباب يجترحون المآثر والبطولات وهم سائرون على خطى شهداء الشعب الذين قدموا أرواحهم فداء لانتصار قيم الحرية والعدالة، ويرددون أن لا استقرار ولا حقوق ولا تنمية ببقاء هذا النظام الذي ينتهج المحاصصة الطائفية وعدم المبالاة بمصالح وحاجات الجماهير الأساسية، والتفريط بالقرار الوطني العراقي المستقل، وهذا ما عبر عنه شعار الشباب (نريد وطن).

اليوم وفي الذكرى الثالثة للانتفاضة البطلة، الشباب عازمون على انتزاع حقوقهم، ولن يرهبهم العنف والخطف والاعتقال، ولن ينفع المتنفذين، التسويف والمماطلة واغداق الوعود، كذلك الافتراء وتزوير الوقائع ورشوة هذه الجهة أو تلك! فهذه الاساليب وغيرها غدت مكشوفة المرامي ولن تفت من عضد المنتفضين الابطال.

نعم، لا مخرج بالاستجابة لمطالب الجماهير بما يضمن تدشين مرحلة جديدة مختلفة تماما، حيث السعي نحو القصاص من قتلة المتظاهرين والكشف عن مصير المغيبين، وتحصيل حقوق الجرحى الابطال، وتعويض عوائل الشهداء، ومحاسبة الفاسدين، وحصر السلاح بيد الدولة، وضمان استقلالية القضاء، وتطبيق قانون الأحزاب، وإصلاح المنظومة الانتخابية لتكون حرة ونزيهة تعكس إرادة الشعب، وهذا يتطلب تشكيل حكومة تأخذ على عاتقها العمل من أجل ضمان تحقيق مستلزمات إجراء انتخابات مبكرة عادلة ونزيهة بإشراف أممي. وكذلك حل البرلمان الحالي.

عرض مقالات: