كتابات عن تجربتي للنصير الدكتور علي ابراهيم، كتاب صدر في 2021 عن دار الرواد المزدهرة في 280 صفحة من القطع المتوسط، عصارة زمن عاشه الكاتب بحلوه ومره، تجربة عسيرة بين عهدين كلاهما مر ولكنه كان يبحث في ملفات عديدة عما يسعد شعبه وبلده اللذين لا يستحقان الا الحياة الحرة الكريمة بما يمتلكه هذا البلد العريق من خيرات طبيعية وشعب طيب دؤوب في عمله واخلاصه ولكن لم يسلط عليه سوى جبابرة وطغاة اكلوا الاخضر واليابس دون ان يندي لهم جبين أو يرف لهم جفن وهم يرون بأم اعينهم يموت برصاص جلاوزتهم وتنهب خيراته بأيدي طغاة لا يمتون للانسانية بصلة تحت شعارات الوطنية والقومية والاديان. الكتاب ليس سيرة ذاتية، بل هي صورة من جهود الكاتب والخيرين والطموحين لبناء وطن يساوي البلدان والشعوب التي استقرت بسلام وامان وتقدم ومستقبل واضح للاجيال وكان قدره ان يكافح بجسده وعقله في هذه اللجة وعلى مدى سنوات وحتى يوم استقر الحال نسبيا، شاع الضياع والفساد والنهب والموت العلني.. في هذا الكتاب حاول ان يجمع بعض ما كتبه من بحوث وكتابات ومقالات وحوارات لأن الكثير منها ضاع في مجلات وصحف يصعب العثور عليها.. مضت عليها سنوات طويلة وما كتبه لا يسقط بتقادم الزمن لانه تخصص بدراسة حقب زمنية تشكل مراحل من تاريخ شعبنا وقضاياه وكل عمل مهما كان صغيرا يشكل رمزية معرفية تاريخية لا يمكن ان تبلى لانها تعد تراكما تاريخيا يرتبط بالحاضر والمستقبل، وخوفا عليها من الضياع تم توثيقها في هذا الكتاب الموزع على مقدمة وثلاثة فصول، وقسمت المقالات إلى سياسية، اجتماعية ومقالات رصدت الفساد بأشكاله العديدة ومقالات تمت ترجمتها عن البلغارية والهولندية.. كتابات ستكون شاهدة على عصرين متناقضين واحباطات من جانب ومن جانب آخر هناك الكثير منها تؤكد الوعي وتصور الواقع بجوانب عديدة تتجسد بايجابيات كثيرة ..

الفصل الأول يتضمن بحوثاً وكتابات في الفكر والسياسة، مواضيع الديمقراطية وصفة جاهزة و قبول الآخر في الفكر والممارسة الشهيد الخالد سلمان يوسف ( فهد ) انموذجا، وكانت للرفيق فهد ثوابت فكرية وطنية تنظيمية وأمنية يستند عليها في تحديد موقفه وهي ضوابط تنطبق على الشيوعيين وبعضها على الآخرين وتفصيلاتها تتمحور حول الموقف من اسقاط البرجوازية واقامة دكتاتورية البروليتاريا والالتزام بالمركزية الديمقراطية وبالنظام الداخلي بشكل عام وان يكون الحزب أو الفرد أو الرفيق نزيها لا يتعامل مع سلطة أو بلد اجنبي كجاسوس والا يكون متذبذبا في آرائه أو خاملا أو ثرثارا ومكافحة التحريف اليساري واليميني وعدم قبول التكتلات والفرق داخل الحزب والالتزام بالثوابت الوطنية ومنها محاربة الاستعمار والتبعية والموقف من الأقلية الصحيحة والاكثرية الخاطئة.. الاشتراكية بين الوهم والواقع تناول هل المهمة اليوم ما زالت كما قال الرفيق الخالد فهد قبل ما يقارب الثمانين عاما هي ليست تحقيق الاشتراكية بل تحقيق نظام برجوازي - ديمقراطي ، وعنوان العراق ؛ البيرية المسلحة حركة حسن سريع وقطار الموت 1963 وهو عنوان الكتاب الذي صدر في بيروت للكاتب علي كريم سعيد تناول فيه دور العسكر في تاريخ العراق الحديث والمتمثل بالانقلابات العسكرية وما لحق بها من صراعات سياسية ثم سحق المعارضين بهمجية قل مثيلها في التاريخ ابتداء من الانقلاب الدموي عام 1963 وحتى يومنا هذا، وكرد فعل سريع على هذا القهر الوحشي المتخلف انتفض الجنود وضباط الصف يوم 3 تموز 1963 لتخليص البلاد من دوامة القتل والتعذيب والتخريب والدمار في كافة المجالات وهذه الانتفاضة عرفت فيما بعد بحركة ( حسن سريع ) نسبة لقائدها العسكري وسميت ايضا ( انتفاضة الرشيد ) نسبة إلى معسكر الرشيد على الرغم من انها شملت مواقع أخرى، وتناول ايضا تفصيلات قصة قطار الموت المعروفة . وقراءة في (التوظيف السياسي للفكر الديني) كراس للباحث هادي محمود (كاوة محمود) يتطرق الكاتب إلى المشتركات اللاتي تربط جميع الموضوعات من الناحية المنهجية والفكرية مشيرا إلى مشروع الاسلام السياسي الذي يسعى إلى اسلمة الدولة والمجتمع، وهو من جهة اخرى يرفض (النظرة العدمية للتراث) ومن ضمنه الظاهرة الدينية. وقراءة في كتاب ثورة كردستان وتطور العصر ويعد من الكتب القليلة والنادرة التي درست الانتكاسة التي اصابت الحركة التحررية الكردستانية في العراق بكل فصائلها وبكل تلاوينها الفكرية والسياسية ليس بسبب ان كاتبه حكمت محمد كريم وهو أحد قادة هذه الحركة وعاش التجربة من الفها إلى يائها بكل تفاصيلها، انتصاراتها وهزائمها، تعرجاتها واستوائياتها بل ايضا لأنه أحد العناصر المثقفة والمتابعة ويعد البحث العلمي همه اليومي رغم مشاغله النضالية الكبيرة. وأهم شيء فيه له رأيه المستقل وأحيانا لا يتطابق مع حزبه ولذلك هو الوحيد من الاتحاد الوطني الكردستاني استنكر قتل الشيوعيين في بشتاشان الأولى والثانية. وعنوان طبيعة العملية السياسية في العراق وقراءة في كتاب (كاظم الجاسم ودوره في الحركة الوطنية تناول الدور النضالي للشهيد في منطقة الفرات الأوسط حيث يعد أحد أعلامها بما يتسم به من روح جهادية عالية يفتقر اليها الكثيرون. وموضوع الانتخابات الرئاسية في بلغاريا ازمة البلاد والحزب الاشتراكي ومصير الفكر الاشتراكي (للدكتور ديميتر فليبوب) ومشروع الحوار بين الغرب والاسلام، حيث يبدأ الشيخ ضياء الشكرجي مشروعه بالاجابة عن سؤال مهم هو: هل تصلح الديمقراطية كأرضية للمصالحة بين الاسلام والغرب؟ ويعني بالغرب العلمانية العالمية، الدولية منها والمحلية ويهدف من هذا الحوار المصالحة أو كما يقول ( عقلنة الخصومة ) حضرنة الصراع أو ( أنسنة الصراع ) ، وقراءة في كتاب ( الدولة العقيمة ) ( الولادة المشوهة للديمقراطية في العراق تجربتي في حكومة حيدر العبادي ) للدكتور حسن الجنابي، يطرح الكاتب استنتاجا غاية في الاهمية والاستغراب في معرض حديثه عن الاحتجاجات التي تعاظمت في 2011 ايام حكومة السيد نوري المالكي وصولا إلى الاحتجاجات في 2019 وما بعدها فيقول “ ان القامعين أو على الاقل بعضهم كانوا بالامس القريب من معارضي نظام صدام المعروف بقمعه الوحشي لأي شكل من اشكال الاحتجاج ..” ويبدي استغرابه من معارضة الامس وهم ينفذون الافعال الشنيعة والقتل العلني بالشباب المنتفضين .

الفصل الثاني تضمن مقالات في السياسة والفكر، قوانين حكومية قاصرة وسلوكيات خاطئة منها التدخل في معادلة الشهادات ومنح الألقاب العلمية الاكاديمية واللقب العلمي حصريا للتدريسيين في الجامعات وتناقض في القانون يحتاج إلى اعادة نظر، ثغرات في القانون بعيدة عن العلم والموضوعية ومراعاة لحالاة قليلة ربما عدد من الشخصيات حصلوا على شهادات من جهات غير رصينة والمرفوضة من التعادل لعدم مطابقتها للمواصفات، وعلى العموم ان هذا القانون لا يصلح للوضع في العراق المتردي اصلا.. وتطرق المقال إلى طلب اعادة الحياة لشارع الرشيد بدلا من قتلها في المتنبي والدعوة لحكومة الاغلبية تعميق للأزمة وقانون هوندت وبوادر الحراك الشعبي والتساؤل لماذا الاصرار على استنساخ اساليب العهد المباد وعناوين لماذا هذا الخوف من الواحد وما وجهة الصراع وتشكيل الحكومة.. الكتاب يعرف من عنوانه وازمة العراق لا تحل بتشكيل حكومة . ومقال عن ظواهر سياسية ومجتمعية منها انتفاضة اكتوبر انتفاضة الشعب العراقي الظافرة التي امتازت بسلميتها وبشعاراتها بعيدا عن المحاصصة والحزبية الضيقة، بدأت بمطاليب العاطلين عن العمل من خريجي الكليات وغيرهم وتصاعدت تدريجيا إلى مطاليب سياسية فطالبت باسقاط الحكومة واستبداليها بحكومة مؤقتة تكنوقراط تمهيدا لاجراء الانتخابات المبكرة على اساس قانون انتخابي عادل واستبدال المفوضية بأخرى مهنية ونزيهة، ولأول مرة بعد تغيير 2003 تسقط الحكومة وتجيء حكومة اخرى وقد أسهم فيها كل الطيف العراقي الجميل. تبلور شعارهم المركزي (نريد وطن) يسود فيه القانون وطن للعراقيين بغض النظر عن قوميتهم أو دينهم أو مذهبهم وطن العدالة الاجتماعية وطن خال من الفساد مزدهر اقتصاديا وعلميا، وطن السلام، والامان، والعمل. وموضوعة الحوار موقف وطني، لا يستثني طرفا والعراق لا يحكمه ذو هوية رئيسية أو فرعية ويشير إلى مشروع الشيوعيين الوطني الديمقراطي والذي يهدف من خلاله تصحيح المسيرة وحل المشكلات المستعصية في البلاد ومعالجة جوهرية للاخطاء والسلبيات التي انتجتها تجربة البلاد بعد الاحتلال الامريكي لوطننا العزيز ما فعله المحتل من تحطيم البنى التحتية وصولا إلى المحاصصة الطائفية التي اغرقت البلاد في دوامة الاحتراب الطائفي. ومن شهداء الوطن، الشهيد المناضل البطل احمد يحيى بربن (ابو سلمى) أعدمه النظام الدكتاتوري يوم 27/1/ 1985 والشهيد كامل عبد الله شياع المفكر المثقف النزيه المهني جدا والمحب للناس وللتطور والتقدم، نسأل لماذا أقدم المجرمون على ارتكاب الجريمة البشعة؟ اسودت وجوههم وسطع نجم الشهيد كامل شياع ويبقى خالد الذكر. واغتيال هادي المهدي (ابا فرات)، جريمة مع سبق الاصرار والترصد، نجم آخر تسامى إلى قمم الشهداء الخالدين ووضاح عبد الامير حسن (سعدون) وفاضل الصراف وقيس المعموري وكل شهداء الرأي والموقف الذين سطعوا ويسطعون في سوح التضحية، اقمارا تضيء دروب المناضلين التواقين لبناء عراق حر ديمقراطي يرفل شعبه بالخير والسعادة. وقوانين وقرارات اضرت بالعملية السياسية منها قانون محاربة الشيوعية بين الامس واليوم والاتفاقية العراقية ـ الامريكية وصلح بريست التعيس . ومقالة عن مؤشرات انتفاضة 25 اكتوبر الشعبية 2019 وملايين البطاقات التموينية المزورة والتي تعتبر فضيحة اخلاقية وسياسية ومالية وازمة البطالة والحلول الترقيعية، وتم الاشارة إلى تظاهرات ساحة التحرير والحرية الممنوعة وقانون الانتخابات عودة لسرقة الاصوات والاخفاق في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. في مقال ثورات نستقي منها التجربة يشير إلى الدروس من انتفاضة مصر العظيمة وعنوان تونس لن تكون العراق واشارة إلى ثورة 14 تموز وسر الموقف الوطني الثابت..

الفصل الثالث تضمن مقابلات مع سياسيين مناضلين، دردشة مع عضو المكتب السياسي كريم أحمد وحوار مع الدكتورة نزيهة الدليمي ولقاء مع النقابي الرفيق (كريم فارس) المعاصر للرفيق فهد. ولقاء مع الرفيق فتاح توفيق (ملا حسن) وحديثه عن انتفاضة سهل اربيل عام 1953 التي تعد أكبر انتفاضة فلاحية. ولقاء مع السجين الشيوعي رزكار عزيز، 14 سنة من الاعتقال وتصميم على المواصلة، استجوبه الحاكم عواد البندر لمدة دقيقة ونصف ثم حكم عليه بالإعدام. ولقاء مع فرانس موري سياسي نمساوي بارز ويختم بلقاء مع الكاتب الدكتور علي ابراهيم ( المؤلف )  ما بعد رحيل الطاغية اجرته اذاعة المستقبل في مدينة السليمانية بعد عودته من الخارج واثناء عمله في جامعة السليمانية في نهاية 2002 ومؤكدا ان الخطورة تكمن في منهجية كتابة التاريخ سيما ونحن نعاني من التشويه الذي ابتلى به تاريخنا على مر العصور وتاريخ احزابنا الوطنية بسبب النظرة الاحادية أو في كثير من الاحيان المنهج المتحزب أو السلطوي سواء أكان سلطة دولة ام سلطة حزب وهذا ما جعل اغلب تاريخنا المدون هو تاريخ حكام وقيادات ولذلك نجد فيه كثيرا من الزيف والمغالطات وطغى عليه الجانب الدعائي اكثر من توخي الدقة والموضوعية . 

عرض مقالات: