اخر الاخبار

بـكتابه الجديد (ماركس .. هل كان على حق ؟)، الصادر، مؤخرا، عن دار (الرواد)، يضيف الكاتب رضا الظاهر مساهمة جديدة متميزة الى انجازاته الابداعية متمثلة بكتبه وأبحاثه الهامة.

ويضم الكتاب، الذي صمم غلافه الجميل د. فلاح حسن الخطاط، وأخرجه فنيا حسين مهدي، 14 فصلا تتناول القضايا الأساسية في الماركسية التي يتصدى الباحث الى اعادة قراءتها، اذ يكشف عن حقائق ساطعة وذات دلالات عميقة عن العودة الى الماركسية وعن راهنيتها، ويضيء موضوعات نقد الرأسمالية، والاغتراب، ومنهجية تحليل الواقع، وموقف الماركسية من اضطهاد وتحرير النساء، وجماليات الأدب والفن. ويناقش في الفصل الثالث عشر كتاب الباحث الماركسي البريطاني الهام الموسوم (لماذا كان ماركس على حق)، بينما يختتم الظاهر كتابه، الذي استند في تأليفه على مصادر كثيرة هامة باللغتين العربية والانجليزية، بفصل يتحدث عن سيرة حياة ماركس الملهمة، وينهيه بالقول: “يطيب لنا أن نختتم هذا الفصل بقول ماركس الشهير”لا أحسب أن أحدا قط كتب عن النقود، وجيوبه خاوية الى هذا الحد !” 

في الفصل الأول، وهو بمثابة مقدمة للكتاب، يقول المؤلف إنه “على الرغم من التباينات في تقييم الماركسية والتجارب التي اعتمدتها، ومآل هذه التجارب، فان الباحثين الماركسيين يتفقون على أنها ظلت التحليل الأشمل للتاريخ والواقع ومصائر الرأسمالية ونتائج الصراع الطبقي. 

وفي التحليل علينا أن نتمسك بمنهج ماركس نفسه، أي النظر الى الظواهر في حركتها لا في سكونها. ويتعين أن نتذكر هنا حديث انجلز، عميق الدلالة، عن الأشياء التي تشيخ في الحياة، وضرورة التجديد ومواكبة التطور. 

اذا أردنا لماركس، الذي اعترف خصومه، في الذكرى الـ 200 لميلاده، بأنه “المفكر الأعظم المقبل”، أن يبقى حياً، أي أن نعيده من الصقيع الجامد الى دفء الحياة، فعلينا أن نفعل، كما فعل هو مع ديالكتيك هيغل، أي أن نوقف ماركس على قدميه بعد أن أوقفناه طويلاً على رأسه.

ينبغي أن نعود الى جوهر المنهجية الماركسية، الى الينابيع بعد أن اكتشفنا أننا ابتعدنا عن المياه الصافية ..علينا أن نقرأ ماركس، ونعيد قراءته .. أن نتأمل في راهنية الماركسية، وأن نجيب على سؤال: لماذا كان ماركس على حق !”. وهو ما سعى رضا الظاهر اليه في كتابه هذا عن “معاصرنا ماركس” !

ومن بين الاضاءات المهمة في الكتاب اشارة المؤلف الى ان “الماركسية، في الجوهر، نظرية لنقد الرأسمالية، ومنهجية ضد تأبيد الواقع والثقافة السائدة، وهو التأبيد الذي يستخدمه الخصوم للحفاظ على امتيازاتهم، ومن هنا الأهمية الفائقة لموضوعة ماركس حول أن الفلاسفة فسروا العالم بينما المهمة تكمن في تغييره. 

والماركسية، النظرية العلمية التي توفر أداة لتحليل الواقع الاجتماعي والصراع الطبقي وترسم آفاق التغيير، هي سلاح نظري بيد الطبقة العاملة وسائر المستغَلّين، ودليل عمل يدعو الى الكفاح الثوري من أجل الاطاحة بعالم رأس المال، عالم الظلم والاضطهاد.”

ويقول الكاتب إنه “اذا ما نظرنا الى راهنية ماركس ارتباطا بالتناقضات البنيوية المتأصلة في الرأسمالية، بوسعنا أن نرى، في ضوء هذه الحقائق، الاضطرابات واسعة الانتشار في سائر أنحاء عالمنا. ويتعين علينا أن نعتبر أن الواقع الاقتصادي، اليوم، في ظل الرأسمالية تفسره النظرية الماركسية على نحو جلي.

ولعل من بين أفكار ماركس التي يؤكدها واقع اليوم أن رأس المال هو أساس تيار اغتراب البشر. وتتجلى صحة هذه المسألة، في الوقت الحاضر، اذا ما أخذنا بالحسبان طائفة المشكلات التي نواجهها وعجز المجتمع البرجوازي عن معالجتها، في ضوء حقيقة أن التكنولوجيا المعاصرة هي مفاتيح مجتمع ما بعد الرأسمالية الذي تخيله ماركس.

ويضيف: “كتب ماركس وانجلز قبل حوالي 170 عاماً في (البيان الشيوعي): “ان ما تخلقه البرجوازية، قبل كل شيء، هم حفارو قبرها. ان سقوطها وانتصار البروليتاريا أمران حتميان”. غير أن ما هو معروف اليوم: أن الرأسمالية سائدة. وبصيغة المفارقة التاريخية التي سماها الفيلسوف هيغل مكر العقل، فان الرأسمالية عوّمت حفاري قبرها لكي تبقى حية.

فهل انتهى ماركس ؟ كلا، على الاطلاق. ان ما يجعل ماركس جديراً بالقراءة في أيامنا هو ليس تنبؤاته “المتفائلة”، وانما تشخيصاته التي تتردد أصداؤها في عالم اليوم”. 

ويشير الكاتب قائلا: “لقد أعادت أزمات الرأسمالية العميقة ماركس، المفكر العبقري والقائد الثوري اللامع، الى الواجهة، وجعلت استفتاء (بي بي سي) يمنحه لقب (فيلسوف الألفية الثانية).

أما أولئك “المعاصرون” الذين يتحدثون عن “موت” ماركس، فنعلم أن لديهم الكثير من الأسلاف، وسيكون لديهم الكثير من الأحفاد. ويكفينا أن نحيلهم الى ما يعترف به خصوم ماركس الذين يتحدثون عن “عودته” .. الى (النيويوركر) التي وصفت ماركس في تشرين الأول 1997 بأنه “المفكر الأعظم المقبل”، و(الفايننشيال تايمز) التي ذكّرت بتحليل ماركس العميق للرأسمالية ورسمه طريق الخروج من أزماتها، مشيرة الى أنه وصف الاقتصاد العالمي في (البيان الشيوعي) على نحو أكثر شبهاً باقتصاد عصرنا منه باقتصاد عام 1848”.

وللكاتب رضا الظاهر، المعروف بعموده النقدي الأسبوعي (تأملات) الذي ظل ينشر كل ثلاثاء على مدى تسع سنوات في صحيفة (طريق الشعب) وصدر في كتب عدة، العديد من الأبحاث والدراسات والمقالات في الثقافة الجمالية ونقد الرواية، فضلاً عن أربعة كتب مترجمة في هذا الميدان هي: “الدون الهادىء ليس هادئاً”، “جماليات الصورة الفنية”، “الوعي والابداع – دراسات جمالية ماركسية”، و”الثقافة الروحية والتفكير الجديد”.

وفي إطار مشروعه النقدي درس العلاقة بين المرأة والأدب، ككاتبة وكشخصية في الرواية، وله في هذا المجال ثلاثة كتب: (غرفة فرجينيا وولف .. دراسة في كتابة النساء) و(الأمير المطرود .. شخصية المرأة في روايات أميركية) و(أمير آخر مطرود .. شخصية المرأة في روايات بريطانية).

وفي إطار بحثه في الماركسية والثقافة لديه كتابه الصادر عام 2005 والموسوم (موضوعات نقدية في الماركسية والثقافة). 

وأصدر كتابا عن روزا لوكسمبورغ هو (النسر المحلق .. تأملات في مثال روزا لوكسمبورغ)، كما أسهم في إضاءة الحراك الاحتجاجي من خلال كتابه الموسوم (اقتحام السماء .. تأملات في الحراك الشعبي).

عرض مقالات: