بعد أشهر قليلة سوف تدخل الاحزاب المتنفذة إلى ساحة انتخابات البرلمان العراقي بقوة مع علمها وقناعتها بأن حظوظها على مستوى الشارع لا يرتقي إلى مستوى الرضا والقبول بكل مكوناتها وطوائفها السنية منها والشيعية سوى من أنصارهم ومريديهم والمستفيدين منهم، جراء ما اقترفوه من فساد وخراب للوطن وتحطيم مرتكزات الدولة وتجويع الشعب وإشاعة الفساد بكل مؤسسات البلد.
تشرع هذه الاحزاب والكتل بلملمة أطرافها الآن تحت مظلة وعنوان الطائفة والمذهب وباصطفافات مشبوهة. وليس بمقدورها الخروج من عباءة الطائفة والمذهب إلى الفضاء الوطني لأنها تتعكز وتتشبث بهذا العنوان ولم تكن المنافسة بين جميع الكتل حول البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتضمن البناء والتنمية والإعمار والديمقراطية إنما تمر عبر تحشيد الأصوات من خلال التشبث بالطائفة والقومية والمذهب والدفاع عنهما والوطن ومآسيه وويلاته واعماره والشعب وما يعانيه من فقر وعوز وضعف الخدمات غائبة في مشاريعهم وبرامجهم، وما يطرح من مشاريع واعمار من خلال أحاديثهم مجرد إعلام وكسب للأصوات، وصراع تنافسي فيما بينهم وهذا طبيعي جداّ ولكن المفروض عدم الابتعاد عن الهوية الوطنية والتشبث بخطاب الكراهية الذي جلب لنا الحقد والخراب والتفرقة.
تحاول هذه الأحزاب بالتمويه بتدوير نفسها من خلال تغيير الوجوه وتحت عنوان مستقلين ومدنيين ودعمهم لهم، إلا أن النهج والهدف لا يتغير، وهو التشدق بالهوية الطائفية على حساب الهوية الوطنية في تقاسم المراكز والنفوذ والمصالح.
وفي سياق هذا المجرى يأتي دور المستقلين والمدنيين الحقيقين وحملة المشروع الوطني إذا استطاعوا توحيد فصائلهم وقواهم وجهودهم وأحزابهم ويخرجون بمشروع وبرنامج وطني يستجيب لظروف ومعطيات المرحلة ويلبي مطالب الشعب الملحة والضرورية ويبتعدون عن التشرذم والتعنت والغلو والركض وراء المغانم. وينشدون دولة الاغلبية الوطنية، بإمكانهم ان يغيروا موازين القوى والنتائج ويسحبوا البساط من تحت اقدام الاحزاب المتنفذة ويأسسوا لدولة مدنية ديمقراطية تؤمن بالعدالة الاجتماعية والمساوات بين أبناء الشعب بكل مكوناته وطوائفه.
وخلاف ذلك بالتأكيد سيكون الفشل والإخفاق والهزيمة حليفهم وأمامهم تجارب سابقة. بهذا الخصوص، وتتأبد هيمنة أحزاب الطوائف والمحاصصة والفساد والفشل على السلطة، ويستمر بقاؤهم جاثمين على صدور العراقيين ويبقى شعبنا يعاني من الفساد والبطالة بين الشباب والخريجين وانتشار السلاح المنفلت.