في الأول من أيار من كل عام، تتجدد الذكرى ويعلو صوت الكادحين في كل أصقاع الأرض. إنه عيد العمال العالمي، اليوم الذي لم يولد من فراغ، بل خرج من رحم النضال الطويل والتضحيات الجسام التي قدّمها الملايين من العمال في وجه الاستغلال، وفي سبيل العدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان. العمال ليسوا مجرد عجلة تدور في آلة الإنتاج، بل هم الجوهر الحي الذي يمنح العالم نبضه. كل خدمة نستهلكها، هناك يد عاملة أخلصت وأعطت من وقتها وعرقها لتستمر عجلة الحياة. لكن، على الرغم من هذه الأهمية الجوهرية، ما يزال العمال في بلدانٍ كثيرة، ومنها عراقنا الجريح، يرزحون تحت وطأة التهميش، والبطالة، وسوء ظروف العمل، وانعدام الضمانات الاجتماعية. فكم من عاملٍ يُطرد من عمله دون إنذار، وكم من عاملٍ لا يجد قوت يومه، وكم من يدٍ ماهرةٍ عاطلةٍ عن العمل لأن أرباب المال لا يرون في الإنسان إلا وسيلة للربح.
إن وجود طبقة عاملة واعية ومنظمة هو الضامن الحقيقي لأي مشروع تغييري يروم العدالة والمساواة. فالتاريخ علمنا أن التغيير لا يصنعه الأفراد بمعزل عن الجماهير، بل تقوده القوى العاملة حين تتحول من أداة إنتاج إلى قوة فعلٍ اجتماعي وسياسي. والحزب الشيوعي العراقي، الذي وُلِد من رحم الطبقة العاملة وناضل من أجل حقوقها، يرى في الأول من أيار مناسبة لتجديد العهد مع العمال، لتكثيف الجهود من أجل تشريعات عادلة، وحماية نقابية حقيقية، ووطنٍ يوفر العمل الكريم والعيش الكريم.
فلنرفع راية النضال من أجل حقوق العمال، ولنجعل من عيدهم مناسبة لا للاحتفال فقط، بل لمواصلة الكفاح ضد كل أشكال الظلم والاستغلال. فالعمال ليسوا فقط (طبقة)، بل هم المستقبل الذي نحلم به: عالمٌ لا يُستغَل فيه الإنسان، بل يُحترم ويُقدَّر ويُحتفى بعطائه.