اخر الاخبار

من الضروري في هذه المرحلة الحساسة َمن تاريخ العراق أن يكون للمثقف الدور البارز في رفع الوعي الفكري والثقافي والمجتمعي واستنهاض الروح الوطنية لدى المواطن المحبط  نتيجة  لسياسات أحزاب وتيارات تصدرت المشهد السياسي بعد عام ٢٠٠٣ لا تمت بصلة للوطن والمواطن بل لأجندات اقليمية ودولية عملت ولا زالت تعمل على طمس الهوية الوطنية واذابتها في هويات فرعية دينية كانت أو مذهبية أو إثنية تستغلها جماعات تتحرك ضمن  إطار هوياتي ضيق  تسعى  لكسب مصالح ذاتية بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية وتحاول الاستحواذ على ما يمكن استحواذه من سلطة ومال بطرق شرعية كانت ام غير شرعية.

من هنا تظهر الحاجة الملحة لكي يأخذ المثقف دوره في رفع الوعي الفكري والسياسي والثقافي ضمن مساحته المتاحة. 

وبناءً على ذلك علينا أن نسلط الضوء على نوعية المثقف المطلوب في هذه المرحلة. 

 فأرى من الضروري أن يكون المفكر الماركسي المعروف أنطونيو غرامشي 1891-1937 حاضراً بمنظوره حول المثقف التقليدي والمثقف العضوي موضوع البحث، فالفيزيائي والكيمياوي والطبيب والمهندس والفلاح والعامل والحرفي.... الخ من المهن والأعمال هو مثقف في مجال عمله وهذا ما يقصد به (بالمثقف التقليدي)، أما (المثقف العضوي) فهو الذي يعمل على رفع الوعي الثقافي والفكري لمجتمع أو لفئة او لشريحة أو لطبقة ما، وينتصر لها ويتألم لآلامها، ويتميز بمهارته التي تنم عن ثقافة ومعرفة ومقدرة تجعله مؤثراً في محيطه على أن يولد من رحم بيئته وليس من بيئة أخرى بحسب غرامشي.

 وفي معرض حديثنا يجب الإشارة إلى أن هناك من يعتقد بأن المثقف العضوي هو المثقف المستقل غير المؤدلج وهو تصور خاطىء بل العكس هو الصحيح.

عندما نمعن النظر في الوضع العراقي الراهن من كافة جوانبه سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية نجد ان هناك انسدادا تاماً وعدم استطاعة حلحلة ومعالجة الأوضاع العامة لعدم وجود إرادة سياسية لمعالجة هذه الاستقصاءات والانسدادات كونها تتعارض ومصالح الطبقات المهيمنة على المجتمع.

من هنا تبرز على سطح الواقع الحاجة الملحّة بأن يأخذ المثقف العضوي دوره في عملية التنوير ورفع الوعي الفكري والثقافي والسياسي لمجتمعه، وقد يكون دوره محددا بمجموعة معينة ينتمي لها أصلاً كما ذكرنا سابقاً كأن تكون على شكل تنظيم سياسي أو فكري أو اجتماعي أو لأي مجموعة مؤطرة بشكل أو بآخر، من المهم أن تتسلح هذه المجاميع بوعي متقدم يساهم بالمجمل العام في رفد المجتمع بثقافات وأفكار ورؤى مختلفة تخوض فيما بينها صراعاً فكرياً  بمتبنيات وأفكار متعددة قد تفتح آفاقاً جديدة لتطور المجتمع برؤية أو بعدة رؤى تتكامل فيما بينها لتكوين رؤية جديدة لآفاق مستقبلية رحبة، وبمعنى آخر أن جميع الافكار والثقافات الفرعية  ستدخل في خضم صراع  فكري وثقافي ومعرفي  وتراكمات كمية تفضي بالنتيجة إلى مخرجات نوعية عند بلوغها المعيار، حسب قانون التراكم الكمي والنوعي.

  وهذا ما يدفعنا للاعتقاد أن المثقف العضوي هو الفاعل الرئيسي القادر على أحداث التغيير والتطور في البنية الثقافية والفكرية والسياسية وتدوير عجلة تطور المجتمع.

عرض مقالات: