اخر الاخبار

كان الوضع الاقتصادي في أفغانستان كارثيًا حتى قبل أن تسيطر طالبان على السلطة بسرعة خاطفة. بعد قرابة 20 عامًا من الاحتلال الغربي. وفقًا لحسابات البنك الدولي، لا تزال المساعدات الإنسانية وصناديق التنمية الغربية والإنفاق الغربي على الجيش تشكل حوالي 43 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان؛ وتم تمويل ثلاثة أرباع الإنفاق الحكومي من برامج الدعم. لقد أدى التدفق الكبير للأموال إلى إبقاء الاقتصاد الأفغاني تابعا، وأدى إلى تضخم القطاعات التي يمولها الغرب، ولخدمة العاملين في مرافقه العسكرية والمدنية، وإهمال قطاعات مهمة، وخاصة القطاعات الصناعية. وفي الوقت نفسه، المبالغة في تقييم العملة الأفغانية بسبب تدفق الأموال المستمر، مما جعل الصادرات أكثر تكلفة وبالتالي أكثر صعوبة، وجعل الواردات أسهل، وأضعف هذا أيضًا الإنتاج الأفغاني.  لقد وفرت طبيعة الاقتصاد الريعية أرضية صالحة للفساد، في حين لم تتدخل القوى الغربية بجدية لتحجيمه. فالحكومة في كابول وأمراء الحرب الذين يحكمون الأقاليم كانوا دائمًا قادرين على اقتطاع مبالغ ضخمة من أموال المساعدات الخارجية، وتحويها لحساباتهم الخاصة خارج البلاد.

فساد صارخ وفقر مدقع

وبحسب تقديرات البنك الدولي فان الأموال المهربة بلغت المليارات. وافادت تقارير إعلامية اخيرا بأن الرئيس السابق أشرف غني حمل معه أكثر من 100 مليون دولار، اثناء هروبه إلى الإمارات العربية المتحدة؛ وعلى الرغم من نفيه لهذه التقارير، فإن حقيقة هذه الحالات أصبحت معروفة، حيث جلب مسؤولون حكوميون أفغان سابقون ملايين الدولارات إلى دبي. ووفقًا لدراسة نشرت في تموز 2020 من قبل مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومقرها واشنطن تسربت، في سياق الفساد، خلال العقدين الماضيين، مليارات الدولارات الأمريكية من أفغانستان إلى دبي. وفي الوقت نفسه، ارتفعت معدلات الفقر في البلاد. وارتفعت نسبة الأفغان الذين يعيشون تحت خط الفقر من 33,7 في المائة في عام 2007 إلى 54,5 في المائة في عام 2016. وفي تموز، ناشدت الأمم المتحدة الدول الغنية لتوفير أموال إضافية لأفغانستان ان نصف مجموع سكان البلاد البالغ قرابة 18 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات الإنسانية. ويعاني ثلث السكان من سوء التغذية ونصف الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حادة.

يؤثر انسحاب الغرب على الاقتصاد الأفغاني، الذي يعاني أصلا بشدة من واحدة من أسوأ كوارث الجفاف، وكذلك وباء كورونا. لقد كان الجنود الغربيون والعاملون في منظمات المساعدة والتنمية يشكلون عاملاً اقتصاديًا مهمًا، حيث استأجروا أماكن إقامة، واستخدموا الخدمات، والكثير غيرهما. وفجأة سقطت كذلك الأموال التي خصصها الغرب لرعاية قرابة 300 ألف جندي أفغاني. حتى لو كانت نسبة كبيرة من هذه القوات الفضائيين، وتمت سرقة هذه المبالغ.  وهناك ملايين الأفغان يعيشون بلا دخل، ووفق تحليل شامل نشرته شبكة المحللين الأفغان، لا تستطيع طالبان دفع رواتب موظفي الدولة البالغ عددهم قرابة 420 ألف، بدون مساعدات خارجية. وتشير تقارير للبنك الدولي ان قطاع الخدمات والبناء كان يستوعب 2,5 مليون مواطن، تمثل 77 في المائة من العاملين في المدن.

عقوبات أمريكية

بالإضافة إلى ذلك، فرضت الولايات المتحدة، في آب الفائت، إجراءات وعقوبات ضد طالبان، جمدت بموجبها، قدر المستطاع، احتياطيات العملة الصعبة الأفغانية. من إجمالي 9 مليارات دولار، حجبت الولايات 7 مليار دولار، تقع تحت السلطة المباشرة للبنك المركزي الفيدرالي. وينطبق هذا أيضًا على الأموال الأخرى المودعة في الخارج. ويقال إن طالبان ستكون في أحسن الأحوال قادرة على الاستفادة من 0,2 في المائة من احتياطي النقد الأجنبي. وبسبب العقوبات، فإن جميع الشحنات إلى أفغانستان، بما في ذلك المساعدات الإنسانية، مهددة أيضا، حتى إذا أعلنت حكومة بايدن أن المساعدات الإنسانية مستثناة من العقوبات، فهناك تقارير عن حالة عدم يقين خطيرة، لأن أفغانستان تعتمد بشكل كبير على الواردات بسبب طابع اقتصادها في ظل الاحتلال الغربي. وحسب شبكة المحللين الأفغان، فأن أ كثر من ربع احتياجات الرز، وما يصل إلى 40 في المائة من مكونات الخبز وأكثر من ثلاثة أرباع الطاقة الكهربائية يجب تغطيتها عن طريق الاستيراد.

جوع وإرهاب ونزوح

الوضع الانساني في البلاد، يمثل برميل بارود جاهز للانفجار، وإذا استمر فرض العقوبات، فإن كارثة إنسانية ستحل، ولم تستبعد الأمم المتحدة احتمال انزلاق 97 في المائة من السكان الأفغان إلى ما دون خط الفقر في منتصف عام 2022. وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة وبريطانيا تدرس حاليا «شروط» الاعتراف بحكومة طالبان، إلا أن استمرار الكارثة الاقتصادية ستدفع بموجة نزوح مليوني، ضمن بلدان أخرى، إلى أوربا. وربما ستعمل طالبان على توظيف ورقة الإرهاب، وغض النظر عن نشاطات داعش خراسان.

وعلى هذا الأساس، تلقت الأمم المتحدة تعهدات بتقديم مساعدات تزيد عن مليار دولار. وفي حال تنفيذ هذه التعهدات، فسيكون ذلك كافيا، وفق تقديرات الأمم المتحدة، ً للحد الأدنى لفترة محدودة فقط.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • عن موقعgerman-foreign-policy.com
عرض مقالات: