لطالما كانت مسيرة الحزب الشيوعي العراقي مرادفًا للنضال والتضحية، حيث كتب شهداؤه بدمائهم الطاهرة تاريخًا مجيدًا من البطولة، فكانوا شعلة مضيئة في دروب التحرر والعدالة الاجتماعية. ومنذ تأسيس الحزب في عام 1934، وضع الشيوعيون العراقيون أنفسهم في خط المواجهة الأمامي ضد الاستعمار، الاستبداد، والفساد. ووسط هذا النضال، قدم الحزب قوافل من الشهداء الذين اختاروا طريق المقاومة رغم قساوته، ليصبحوا رموزًا للنضال الوطني والتضحية في سبيل عراق حر وديمقراطي.
أبرز شهداء الحزب كان: يوسف سلمان يوسف (فهد)، المعروف باسم (فهد)، أحد أبرز القادة المؤسسين للحزب وأيقونة التضحية الأولى. قاد الحزب في سنواته الأولى رغم التحديات الأمنية والسياسية الكبيرة.
اعتقل عام 1947 وحكم عليه بالإعدام مع رفاقه حسين محمد الشبيبي وزكي بسيم، ليصبح استشهادهم في عام 1949 رمزًا للثبات على المبادئ. وترك فهد كلمات خالدة قبيل إعدامه: (الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق).
شهدت العقود اللاحقة انتفاضات شعبية كان للشيوعيين دور بارز فيها، مثل انتفاضة 1952 وانتفاضة 1956 تضامنًا مع القضية الفلسطينية. وفي كل محطة، كانت أرواح الشيوعيين هي الوقود الذي يشعل جذوة الاحتجاجات.
في عهد النظام البعثي، تعرض الحزب الشيوعي لأبشع حملات القمع، حيث امتلأت السجون بشيوعيين رفضوا الخضوع أو المساومة على مبادئهم. المئات من الشهداء، بينهم مفكرون، عمال، وطلبة، أُعدموا أو اختفوا قسرًا، ليتركوا بصمة نضالية لا تُمحى. كذلك لعبت النساء الشيوعيات دورًا رياديًا في الكفاح ضد الظلم، أولئك النسوة المجيدات اللواتي قدمن أرواحهن فداءً لوطنهن ومبادئهن.
اليوم، تعيش ذكرى هؤلاء الشهداء في وجدان العراقيين، وخصوصًا في صفوف الشيوعيين الذين يستلهمون من تضحياتهم دروسًا في الصمود والتحدي. فقد أثبتوا أن النضال من أجل وطن حر يتطلب شجاعة استثنائية وإيمانًا راسخًا بقضية الشعب. وسيبقى شهداء الحزب الشيوعي العراقي أيقونات خالدة في سفر الوطن. دماؤهم ليست مجرد ذكرى، بل منارة للأجيال القادمة التي تسير على درب الحرية والمساواة.
فهم الشعلة التي لن تنطفئ أبدًا.