اخر الاخبار

اجرت “طريق الشعب” لقاءً مع الرفيق عزت أبو التمن، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ضمن إعدادها لفيلم وثائقي عن حياة الرفيق وضاح عبد الأمير (سعدون) واستشهاده، وذلك في مناسبة الذكرى العشرين لجريمة اغتياله الجبانة.

علاقته بالشهيد

وقال الرفيق أبو التمن: تعرفت على الشهيد سعدون لأول مرة عندما التقيته في مقر الحزب الشيوعي العراقي بشقلاوة، بعد المؤتمر الوطني السادس وانتخابي إلى عضوية اللجنة المركزية للحزب، وكنت حينها سكرتير هيئة تنظيم الخارج. وكان ذلك في أول اجتماع حزبي معه. كانت هناك علاقة مع الشهيد سعدون قبل لقائنا، من خلال عملنا المشترك في حملة لصندوق دعم عوائل الشهداء، حيث كنا نجمع التبرعات من رفاقنا واصدقائنا في منظمات حزبنا في الخارج، ونرسلها إلى الوطن، وكان الرفيق سعدون مسؤولاً عنها وأمينا على توزيع هذه المبالغ على من يستحقها من العوائل في الوطن.

وتابع، “العلاقة مع الشهيد سعدون تعزز الثقة بالنفس أكثر وتدفعك إلى النشاط والتضحية أكثر، لأنه كان انسانا سلسا ويعطي كل الثقة للمقابل، ما يدفعه للعمل المستمر، وأضاف “إن الحديث عن الرفيق الشهيد سعدون، يحمل في طياته الألم وكذلك الثقة بالمستقبل”.

ويتحدث أبو التمن عن عودته إلى بغداد بعد سقوط النظام الدكتاتوري، ولقائه مجدداً بالشهيد سعدون الذي كان مسؤولاً عن لجنة التنظيم المركزية في الحزب، في حين كان الرفيق عزت أبو التمن عضواً فيها.

وبيّن عزت أبو التمن أنه “استمر عملي مع الرفيق سعدون الذي كان حيوياً ونشيطاً في لجنة التنظيم المركزية، ويعرف كيف يحل المشاكل، والتوصل لحلول مقنعة من خلال التداول وسماع الرأي الآخر، وهذا ما ميّزه حيث كان بكل سلاسة وسهولة يحل أية مشكلة تنظيمية تواجهنا، وهذا ما لاحظته وتعلمته منه.

ويصف الشهيد سعدون بالمريح جداً، وهو لم يسيء إلى أحد ولم يكن سلبياً، وكان صبورا جداً ولا يتعصب، وهذا ما حبب الرفاق له.  ويؤكد الرفيق أبو التمن: لم أجد رفيقاً عمل مع الشهيد وانتقده بأمر تجاوز فيه او خلق مشكلة او خلق ظروفا لا تساعد على العمل. نعم كان الرفيق صارما بالقضايا المبدئية ومنضبطا ويطلب من الآخرين الانضباط. كان أمينا ليست فقط القضايا المادية، بل وايضاً أمين اللسان وهذه إحدى الصفات التي كان يتحلى بها.

وكذلك لفت الرفيق عضو المكتب السياسي للحزب، إلى أن “الرفيق سعدون، كان يمتلك ذاكرة حادة قلما نجدها عند غيره، وكان يحفظ كل الارقام والتواريخ والاسماء والحوادث على اختلافها بدون نقصان حين كان يتحدث عنها”.

العمل في المجلس الوطني العراقي المؤقت

ويشير إلى مشاركة ممثلي الحزب في المجلس الوطني عبر العديد من الشيوعيين. وبعد انعقاد المؤتمر في آب 2004 نتج عنه انتخاب المجلس الوطني العراقي المؤقت، وكان من بين أعضائه عدد من الرفاق الشيوعيين: حميد مجيد موسى، كمال شاكر، د. خيال الجواهري، حكمت حكيم، صبحي مبارك ووضاح حسن عبد الامير (سعدون).

ويتبع ذلك بالقول: في حينها  كنت مستشاراً سياسياً لرئيس المؤتمر الوطني الشعبي د. فؤاد معصوم، وخلال التهيئة والتحضير لعقد المؤتمر طلب مني د. معصوم ان اتولى مهمة رئيس ديوان المجلس الوطني المؤقت بعد انتخاب أعضائه. ويتابع: هنا علاقتي أصبحت اقوى بالرفيق سعدون من خلال العمل معه داخل الحزب والمجلس.

ويستمر الرفيق أبو سلمان بالحديث عن هذه المرحلة، ويشير إلى ان الرفيق حميد مجيد موسى (أبو داود) كان يترأس كتلة الحزب في المجلس في حين كان الشهيد سعدون اليد اليمنى للرفيق أبو داود في إدارة العلاقات مع الرفاق وتنظيم العمل. ومن جانب اخر كانت مداخلاته مميزة ومشهود لها في المجلس وتتناول قضايا أساسية ومهمة.  وأشار الرفيق أبو التمن إلى بعضها بالقول: في بداية عمليات الإرهاب وتوسعه في العراق بعد التغيير، تُطرح مواقف متشددة وبعيدة عن التفكير في كيفية إيجاد الحلول وكانوا يتحدثون عن المقاومة والخ، في حين كانت مداخلات الرفيق سعدون بالمجلس تشير إلى “نحن المقاومون لأننا نعمل من خلال مشروعنا الوطني الذي يسعى إلى الاستقلال وبناء دولة ديمقراطية، وهذا هو الطريق الوحيد لمواجهة الإرهاب، وهذا لا يمنع الكفاح العسكري، لكن القضية الاساسية هي بناء وضع داخلي متماسك”. وكان يدعو الشهيد في مداخلته “إلى التشاور والتحدث مع العناصر المشاركة في العملية السياسية وغير المشاركة فيها، من أجل دمجهم في العملية السياسية”. والشهيد يأخذ بنظر الاعتبار الافاق، وهذه إحدى نقاط الذكاء عنده، حيث كان يستشرف ما هو قادم.

وفي جانب اخر، تابع الشهيد سعدون موضوع المفصولين السياسيين الذين صدر قرار من مجلس الحكم باعادتهم لوظائفهم، وكان يُذكّر المجلس باستمرار في ذلك، وطلب حينها استدعاء وزير المالية عادل عبد المهدي للإسراع في حل هذه المشكلة. كما طالب بتنفيذ قرار مجلس الحكم بحل المليشيات.

ويشير الرفيق أبو التمن، إلى ان الشهيد سعدون نسج علاقات طيبة مع القوى السياسية المختلفة، كونه كان عضواً في لجنة العلاقات الوطنية التابعة للمجلس، ولهذا شارك في الكثير من المفاوضات مع القوى الأخرى في سبيل تقريب وجهات النظر.

عن استشهاد الرفيق سعدون

يقول الرفيق أبو سلمان، حين استشهد الرفيق سعدون، أصدر المجلس الوطني في وقتها بياناً نعى فيه الشهيد بعد يوم من استشهاده، وكان أول شهيد للمجلس الوطني العراقي المؤقت، ووضعت صورة الرفيق سعدون في مقعده الشاغر لعدة جلسات، ولاحقاً جرى استبدال عضويته بالرفيق محمد جاسم اللبان (أبو فلاح). يؤكد الرفيق أبو التمن، أنه لم يصدق خبر استشهاد الرفيق سعدون، ووجد صعوبة في ذلك، ويتابع: “كنت حينها في المقر، وكان الخبر صدمة كبيرة، حتى ذهب الرفاق وشاهدوا الجثمان، لان الصورة التي رسمناها له، هو عملاق بهيبته وأخلاقه وقوته، لذا من الصعوبة فجأة تصدق انه استشهد. هذا هو شعوري، وكان بالنسبة لي خسارة لا تعوض”.

ويشدد على ان الرفاق وجدوا صعوبة في التعامل مع رحيل الرفيق سعدون، لكن وجود الرفيق حميد مجيد موسى وخبرته ورزانته ووسع تفكيره، جعلنا جميعاً نثق أكثر بإمكانية الحزب في معالجة تداعيات هكذا حالات.  نعم كانت خسارة  كبيرة ولم تكن متوقعة. الطريقة التي تعامل فيها ابو داوود كانت متميزة وجعلت لدينا ثقة أكبر بتجاوز هذه المحنة، واعتقد ان الدور الذي لعبه الرفيق والرفاق الآخرون في قيادة الحزب معاً وتماسكهم ووقوفهم في صف واحد مكننا من تحاوز هذه الخسارةالكبيرة. وكذلك ما قام به الرفيق محمد جاسم اللبان الذي لعب دورا مشهودا باعتباره هو من تبوأ مسؤولية لجنة التنظيم المركزية بعد الشهيد سعدون.

ويقول الرفيق أبو سلمان في ختام مقابلته مع “طريق الشعب”:  استشهاد الشهيد سعدون كانت خسارة كبيرة، ونجد صعوبة في التعويض عنه وهذا لا يمكن القفز عليه.

أنا شخصياً كنت أقول إن هذه أكبر خسارة للحزب بعد استشهاد الرفيق سلام عادل، بحسب تقييمي، كوني وجدت فيه شيوعيا حقيقيا ورفيقا له هيبته وطلعته وشخصيته، وكان محبوبا من الجميع ومنضبطا وأمميا صادقا، ومبدأي في كل مواقفه، وحريصا كل الحرص على مساعدة كل من يحتاج المساعدة بدون اي تردد.

عاهدت نفسي أن أسير على ذات الطريق الذي سار فيه رفيقنا سعدون، وان أعمل في ساحات متعددة مثلما كان سعدون متميزا بجديته في مختلف الميادين، وهذا ما ألهمني للسير على طريق الرفيق الشهيد سعدون، الطريق الذي نسير فيه الآن لتحقيق عراق حر وشعب سعيد وبلد يتمتع بالأمان والاستقرار.