اخر الاخبار

وإنما المرء حديث بعده     فكن حديثا حسنا لمن روى

لخص أديب قضاء الهندية-طويريج الراحل محمد حسن الكتبي حكمته الحياتية عبر أبيات شعرية أفصحت، عن طيب الخلق وحسن السيرة، وأضاف: عليك بالنفس فاستكمل فضائلها   فأنت بالنفس لابالجسم إنسانا ويستعرض كتاب « فارس الحلبيات « أعده نجله الدكتور علاء لمناسبة مرور 25 عاما على رحيله مآثره الأدبية والاجتماعية والسياسية إذ يعد واحد من الأدباء المعدودين المبرزين فضلا ونبلا وصلاحا وزهدا.

ومعلوم أن للهندية (طويريج) تاريخ حافر بالمآثر العلمية والأدبية وأنجبت الكثير من الإعلام أمثال الشاعر عبد الأمير الفتلاوي ومحمد رضا الخطيب وجواد القزويني وجمال مهدي الهنداوي، وغيرهم.

وكان الكتبي من طليعة المثقفين الوطنيين، درس الابتدائية والمتوسطة بمدارس الحلة واجتاز الدراسة الثانوية في ثانوية شماس في بغداد عام 1934، ثم التحق بكلية الحقوق وفصل منها لأسباب سياسية ولدوره في نشاطات جماعة جعفر أبو التمن، ثم التحق بأنصار السلام بتشجيع من القاضي النجفي سيد هادي العظمى المعروف بدوره الوطني ومساهمته في تظاهرات عام 1959 على الرغم من ارتدائه العمامة السوداء، فضلا عن تشجيعه لأبنائه الشيوعيين في أداء أدوارهم الوطنية.

ويسترجع الدكتور علاء دور والده في دعم حركة أنصار السلام في قضاء الهندية ذاكرا» ارتبط والدي بعلاقة صداقة وثيقة بالشخصية الوطنية الحلية الحاج سعيد الطاهر، وسرعان ما لبى دعوة الطاهر له بدعم حركة أنصار السلام في قضاء طويريج، فخصص مكان « علوة» تابعة له وجعلها مقرا للحركة، أثثها وجهزها بمكتبة ودوريات».

سعى الكتبي لنشر الأدب والعلم في مدينته فأسس مكتبة أسماها « مكتبة الفخار» سرعان ما تحولت لمنتدى أدبي جمع الشعراء والأدباء أمثال محمد رضا الخطيب والشاعر إبراهيم الشيخ حسون وعلي الخاقاني وعبد الوهاب الصافي وغيرهم.

ودرس في النجف ومنحه الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء شهادة تجيز له تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، إلى جانب انشغاله بعالم التجارة.

وفي العام 1968 أنشأ جامعا كبيرا في الجانب الصغير من مدينته وأضاف له جناحا خاصا أسس فيه مكتبة عامة عامرة عرفت باسمه (مكتبة الكتبي العامة) ضمت نفائس كتب التراث والعلوم الإنسانية المختلفة، كما ساهم في دعم وتعضيد جمع من المؤلفين لطبع مؤلفاتهم.

مربد الكتبي

وكان له مجلسا في داره بمثابة ندوة أسبوعية يتداول فيها شؤون الأدب والتاريخ والشعر، يشارك فيها جمع من الأدباء وخطباء بغداد والحلة وكربلاء والنجف حتى وصف ذلك المجلس بـ « مربد الكتبي» وتلقى صدى إعلاميا بارزا في الصحف والمجلات المحلية والعربية.

تميز الكتبي بحفظه قرابة العشرة آلاف بيت أغلبه من الشعر المنسي أو المخطوط، وحفظ ديوان السيد محمد رضا الخطيب عندما أودعه الشاعر نفسه لتجليده يوم كان صاحب مكتبة.

من آثاره كتاب «الشيب والشباب في الأدب العربي» بثلاثة أجزاء تناول في قسمه الأول الشيب والخضاب، وفي الثاني الشباب والعذار، متطرقا لقدسية الشيب في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وأحاديث الأدباء شعرا ونثرا، وحقق ديوان السيد محمد رضا الخطيب، وله « مختارات الكتبي من الأدب العربي»، وكتاب «من حكم وأحكام آل البيت».

تناول حياة الكتبي وآثاره عدد من الكتاب والمؤرخين إذ ذكر عبد الوهاب العاني في كتاب دليل المدن العراقية (الحاج محمد حسن الكتبي، وجيه من قضاء الهندية وتاجر من الصف الأول ذو أخلاق راقية وأدب جم وقد نال قسطا وافرا من الدراسة الحديثة فلم تلهه أعماله التجارية عن المطالعة والدراية والتتبع، حلو الحديث حبك النكتة ..).

ويحفل كتاب الدكتور علاء بمطاردات شعرية كان يتبادلها الكتبي مع معاصريه فأرسل السيد محمد علي النجار من الحلة أبياتا تؤرخ تشييد مكتبة الكتبي العامة في الهندية بذكر فيها:

مكتبة الكتبي قد أسست فهي له بادرة طيبة

تكافح الجهل وآثاره ما أقبح الجهل وما أكذبه

وتنشر الوعي وتروي الظمأ ولم تعد أفكارنا مجذبة

قلت لمن أسسها معلنا تاريخها « تمت لك المكتبة».

وذكرها الشاعر الشعبي هادي القصاب عام 1969 بأبيات يذكر فيها:

يقلام الشرف والمجد كتبي

المكارم عنده كالسيل كتبي

شاهدنا بقضا طويرج كتبي

المكاتب كلها تاخذ له تحية.

توفى الكتبي في 22-2-1978 وكتبت في رحيله عشرات القصائد من المراثي تليت في احتفال تأبين مهيب حضره الأدباء والشعراء من أغلب المحافظات العراقية نشرت في كتاب خاص إحياء لذكراه.

عرض مقالات: