اخر الاخبار

لنسلم جميعا أن بلادنا أخذت تحتل مركز الصدارة في موسوعة گينس للأرقام القياسية في مسألة الإخفاقات، وذلك بفعل تراجع الأداء الحكومي جراء فساد القدوة والانغماس الشعبي الواسع فيه ، وهذا التداخل، هو ما أشار إليه الدكتور علي الوردي في كتابه دراسة في طبيعة المجتمع العراقي (ص ٣٨٩) وهو يقول، إن الحكومة العراقية مصابة بعيوب وأدواء شتى، فهي قد انبثقت من المجتمع الذي تعيش فيه واستمدت طبيعتها منه، فإذا كان المجتمع مصابا بالعيوب والأدواء فهي لابد أن تكون مثله مصابة بها، وجريمة الفساد أصبحت لا تنفك عن ملاحقة أجهزة الدولة ومنها جهاز توفير الطاقة الكهربائية، وقبل البدء بعرض لب الأزمة، نقول إن المتداول إعلاميا ومنذ مدة طويلة ( ولم تنف وزارة الكهرباء ذلك) أن المصروف على قطاع الكهرباء خلال العقدين الأخيرين يناهز ال ١٠٠ مليار دولار، وبلغة الاقتصاد الصناعي، كان هذا الانفاق سيؤدي إلى طاقة إنتاجية تصل إلى مئة ألف ميجاوات، لأن كلفة انتاج آلاف ميجاوات هي مليار دولار، انتاج زائدا ملحقات. وبحسب تقديرنا المتواضع أن ظروف العراق المناخية والحاجة الصناعية المرتقبة، والتوسعة السكانية والتي تصل نسبتها الحقيقية ٣ بالمئة، فإن العراق بحاجة اليوم إلى ألف ميجاوات للمليون الواحد، أي أن الحاجة التي يجب أن تعتمدها وزارة الكهرباء الآن وللسنوات الخمس القادمة هي ٤٣ ألف ميجاوات. مع ملاحظة الآتي.

أولاً: ....أن هدر الطاقة وسرعة الفقدان يتأتى اليوم من أسلوب التوزيع المرتكز على وسائل معتمدة منذ أواخر القرن التاسع عشر، ألا وهي الأسلاك المعلقة فوق الرؤوس والحاملة للأخطار والرعب في النفوس،  والتي باتت عرضة للتلاعب أو جني المنافع والفلوس، والغريب أن وزارة الكهرباء لا تلتفت إلى العمود الصدئ أو السلك المتدلي فوق رؤوس المشاة أو أسفل الشرفات في المناطق الشعبية، واليوم جراء تهالك أسلاك الطاقة وتعليق أسلاك المولدات قام المواطن بتغليف العواميد الصدئة بعوازل من البلاستك خوفا من صعق الاطفال ، خاصة أيام الحر لاستمرار تقطع الأسلاك أو أيام الأمطار لارتفاع الرطوبة واحتمال انتقال التيار ، والأغرب أن وزارة الكهرباء ودوائرها في المناطق والأحياء لا تعير اهتماما لحياة المواطن أو بقية المخلوقات .

ثانياً.... لم تعد المحولات بقادرة على مجابهة الحاجة للتوسع الحاصل في الدور السكنية للشارع الواحد جراء تحول الدار الواحدة إلى دور متعددة، وصارت المحولات والأسلاك عبئا على المواطن ودوائر الكهرباء، وأن الجهد والصرف على المواد المستبدلة والعطلات المتنقلة يكلف الدولة أكثر بكثير لو أن العقل الإداري في الوزارة بات يفكر بدفن الأسلاك تحت الارض تجنبا للمخاطر وإنقاذ للقابلوات من التجاوز ولهيب الشمس الحارق.

ثالثاً ..... المحطات الثانوية ..... باتت تلك المحطات هي الأخرى إضافة إلى المغذيات عوامل هدر للطاقة والأموال، لتقادمها أولا ولأنها صارت متواجدة داخل الأحياء، والمواطن لا يفهم أن الأسلاك الناقلة للتيار الفائق هو خطر محدق. ولسنا بحاجة للتعليق على نقل الطاقة أو التوليد، فهما شغل الوزارة الأولى بالرعاية، ولكن لم تعد فيهما المسرة او الكفاية.

أردنا بهذه المقدمة أن نقول إننا لا نقترح الحلول، ولا نود أن ندق الطبول ولكن أردنا أن نقول، متى تخطط وزارة الكهرباء لمستقبل الطاقة، سيما وأن تعاقب الوزراء هو الطامة الكبرى كل منهم ينتقد الأسلاف وكل منهم لا يفكر بعقلية المخطط، إنما بعقلية المنفذ لمتطلبات تمشية الأمور ورغبات الأحزاب التي في فلك السياسة تدور كل منهم يعمل وفق أسلوب الهبة، والمواطن يرى في ذلك سبة والوزير يغادر ولا يعرف المواطن منجزاته، والوزارة تتراجع منذ الوزير الأول، ولكن ليعلم الجميع أن تناسي الأولويات والبقاء في مربع الفساد سوف يعمل كل منها على توطين الأزمة، كما هي منذ عقدين، والصحيح هو ابعاد وزارات الطاقة عن المناكفات والمحاصصات، والتوجه جديا نحو حل الأزمات، فالتوطين لم يعد عملا صالحا لكل الجهات.