سبق لي وكتبت مقدمة عما جرى في انتخابات مجالس المحافظات، وأكتب هنا الان وجهة نظري كاملة بعد النتائج السلبية لتحالف “قيم” المدني عامة وللحزب الشيوعي العراقي خاصة.
اولاَ. احدد الناخبين بثلاثة اقسام:
- الملتزمون الحزبيون الذين لم يذهبوا للانتخابات، و منهم من لم يجدد بطاقته ومن جلس في البيت، وكان سيقول بأنه ادى الواجب، لو كنا قد ربحنا.
- من غير الملتزمين تنظيمياً، والذين يعتقدون بأنهم يعرفون النتائج مسبقاً، ويدعون الى القنوط كالقائلين (خلي يبطلون .. أكعدوا واسكتوا.. هيّه مبينة). وهؤلاء الفاشلون، ليسوا اقلية ويبثون بين الأخرين اليأس من امكانية حدوث تغيير.
- هناك من غير الملتزمين تنظيمياً، من لازال يؤمن بأمكانية حدوث تغيير عبر قوى التغيير الديمقراطية الحقيقية. هؤلاء ذهبوا للانتخابات ووضعوا بصمتهم للحزب الشيوعي تحديداً، رغم علمهم بقانون الانتخابات، الذي فصّل حسب مقاسات القوى المتنفذة في الدولة منذ 2003. هؤلاء لم ييأسوا من التغيير وان تطلب الامر وقتاً.
ما العمل؟
بدأ الحزب بعد الانتخابات، بسلسلة من الاجتماعات والموسعات، لسماع رأي الجميع، بشأن ما حدث، وعن سبل الوصول الى حلول للتلكؤات والى الطرق الجديدة التي يجب اتباعها في التحضير لانتخابات البرلمان القادمة، وتفادي الأخطاء غير المتعمدة مستقبلاً. وعليه، فأنا على يقين، بأن قيادة الحزب ستأخذ بما تتوصل اليه الموسعات، وهو ما اشارت اليه “طريق الشعب” حين كتبت تقول (ستخضع هذه التجربة الى الدراسة والبحث والتحليل وتقديم تقييم شامل ذي ابعاد فكرية وسياسية وتنظيمية، مراجعة نقدية شاملة).
في انتخابات مجالس المحافظات 2009، حصل التيار الديمقراطي على 11 مقعدا للمدنيين والشيوعيين، في البصرة والمثنى وبغداد على سبيل المثال وليس الحصر. فأين يكمن الخلل في الانتخابات الأخيرة؟ اما ما حصل عليه تحالف “قيم” المدني في الانتخابات الأخيرة فكان ستة مقاعد متفرقة، وهو رقم لا يتناسب والعمل الحثيث من اجل اقامة هذا التحالف وقواه الديمقراطية. لا يمكن ان نُعلق خسارتنا على شماعة قانون الانتخابات لان لو ذهب الجميع للإدلاء بأصواتهم لتغيرت المعادلة وهو امر حتمي. هل قصّر الرفاق في حملاتهم الانتخابية؟ أقول، وبكل تأكيد انهم عملوا ليل نهار من اجل أن يفوز مرشحونا بعضوية مجالس المحافظات، رغم ما جرى من تضييق على حملاتنا من قبل قوى أخرى، ربما معارضة للانتخابات او قوى متنفذة.
اجزم ان التحالفات الانتخابية الأفضل لنا، كحزب او كقوى مدنية ديمقراطية هي التالية:
-
ان يقدم كل حزب مرشحيه مع الاحتفاظ بالتحالف. كل حزب يركن الى اعضائه واصدقائه، فإن حصل على عتبة انتخابية يدخل البرلمان او مجالس المحافظات. الاحزاب الرابحة بالتحالف ستأخذ استحقاقها في المجلس. أما ان ننزل بمرشحينا مع باقي مرشحي التحالف، بقائمة واحدة فسوف نُضُيّع اصواتنا المتشتتة.
-
التعرف عن قرب على أسباب امتناع بعض أعضاء الحزب عن تحديث بطاقاتهم الانتخابية والبعض الاخر الذي لم يذهب للانتخابات. نرى ان الأحزاب الأخرى والمسيطرة على السلطة تُرغم أعضاءها وربما بالاغراء او الاكراه للذهاب للانتخابات، يعني هناك التزام لا مفر منه.
-
ضرورة الالتزام بتوجيهات الحزب بغض النظر عن وجهة النظر الشخصية، إن كانت مخالفة ام لا.
-
ان لا نعتمد على ما يسمى بالكوتا في ترشيح بعض الرفاق لاسيما من هو غير معروف منهم. وان يبذل جميع الرفاق في كافة المحليات كل ما يمكنهم من فعاليات لانجاح مرشحينا.
-
ان يكون حق للناخب ان يُدلي بصوته اينما كان في محافظته او حتى في عموم العراق، حتى لا تبقى قوى معينة فعالة تفرض ارادتها على الناخب سواء منعه من الانتخابات او فرض أسماء معينة عليه.
-
امر آخر هو ان البعض مهما وصل في ترتيبه الحزبي لاسيما الكوادر الوسطية، يجب ان يتمتع بالمرونة والمبدأية مع الرفاق. فالموقع الحزبي يتطلب ان يكون صاحب كاريزما في كيفية قيادة المنظمة المعنية بشكل كفوء وبعيدأ عن الشخصنة، لان قيادة منظمة ما لا تعني ان الرفيق المعني قادر على استيعاب كل المهام.
-
أما ما صدر من (مقالات) صفراء ضد الحزب وما تم ترويجه تشفياً، فإنه يدل على نقص في الالتزام على الأقل، وهو ليس اكثر من قصر نظر. أن ما يريد البعض الوصول اليه، هو النيل من الحزب وعبثا يحاولون سواء باسطرهم المشبوهة ان ينالوا من الحزب، لان الحزب ليس ملكا عقارياً لاحد يمكن التنازل عنه، وانما مؤسسة عمرها المديد 90 عاماً، وسوف يستمر بنفس الاسم مع وصول القيادات الشابة لمواقع قيادية لتأخذ من الاخرين التجربة السياسية والفكرية وتسير بالحزب الى الامام مع الاخذ بنظر الاعتبار التغيرات في المجتمع العراقي.
لم ننتهي بعد، ولم تنتهي العملية السياسية، ولذلك كلنا أمل بالتغيير القادم على ايدي القوى المدنية الديمقراطية التي تؤمن بوحدة العراق ارضا وجوا والحفاظ على سيادته. النصر قادم لا محال وان طال الوقت .