اخر الاخبار

نعرض هنا العلاقة بين السكن وحقوق الإنسان، حيث هناك ضرورة إنسانية قصوى لتلبية احتياجات الإنسان الأساسية من خلال السكن، نشير هنا إلى أن مفهوم السكن «واطئ الكلفة» يتعارض مع حقوق الإنسان بسبب عدم تلبية المتطلبات القياسية للسكن وانما مجرد مأوى كمأوى الحيوانات.  بينما يمكن ان يتم البناء (بكلفـة اوطأ) دون المساس بتلبية الحاجة الإنسانية ، من خلال استخدام المواد المحلية والتقنيات البسيطة لضمان السكن اللائق والكريم الذي يوفر الأمان والحماية من المؤثرات البيئية، كذلك الاحتياجات النفسية من خلال تأمين الخصوصية والمساحة الشخصية. إن حق الإنسان في السكن الآمن يمثل مركزًا لأنشطة الحياة وهو حق مكفول في وثيقة حقوق الإنسان التي أصدرتها الأمم المتحدة عام 1948.

 أزعم أن الحضارات القديمة في بلاد الرافدين والعالم الإسلامي قدمت نماذج مثلى في شروط السكن وأسس الاستيطان. وقد قام الفلاسفة مثل فتروفيس وافلاطون وأرسطو وكذلك باقي المفكرين قديمًا وحديثًا بدراسة السكن وأثره في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وفي أديباتهم كان واضحا الربط بين الحقوق المدنية والسياسية وحقوق السكن في تحقيق التنمية المستدامة والرفاهية للإنسانية. 

كان العراق سباقا في معرفه العلاقة بين حقوق الإنسان والسكن في العراق الحديث، حيث كانت الحكومات تعتمد على توزيع الأراضي والبناء المعضد لتلبية احتياجات المجتمع. وخير مثال على ذلك حكومة ثورة 14تموز عام 1958 حيث ربطت حق العراقيين في السكن بالرفاهية، وقد بُنيت مجمعات سكنية وتم تطوير تقنيات البناء. ومع ذلك، مع الهجرة إلى المناطق الحضرية وزيادة النمو السكاني، أصبحت الفرص للحصول على أراض مناسبة تحديا كبيرا، مما أدى إلى الاحتكار وتركيز السلطة والموارد في أيدي قليلة.

هنالك أزمة الإسكان العالمية، حيث يوجد أكثر من مليار شخص في بيوت غير صالحة للسكن، وأكثر من 100 مليون مشرد في العالم. لابد من التصدي لهذه المشكلة وتأمين المأوى الضروري وهذا يتطلب التعامل مع الحاجات الاجتماعية والنفسية والبيئية، ويجب أن يكون ذلك بشكل قياسي ويستجيب لاحتياجات الأفراد وبصورة خاصة للفئة المهمشة التي تعاني من البطالة المنتشرة والتي أجبرت الكثيرين على العيش في ظروف صعبة.

تبرز هنا أهمية توجيه الموارد الأساسية للإسكان للفئات الاجتماعية المحتاجة، ونشير إلى أن العراق لديه خبرة واسعة في مجال البناء والجهد الذاتي، ويجب استثمار هذه الخبرة في حل أزمة الإسكان في البلاد.

ان السبب في أزمة السكن في العراق الحروب والمجاعات والتمايز الاجتماعي والاقتصادي، مما أدى إلى زيادة البحث عن مأوى اضطراري وهذا يستدعي حلولا آنية. وكذلك هناك ضرورة لتوفير السكن القياسي وحماية حقوق المستأجرين والمؤجرين من خلال قوانين الإيجار الواضحة. كما نرى ضرورة إعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالملكية والإيجار وربطها بدخل المستأجرين. يحث يجب توجه الحكومة للخطط العمرانية واستعادة الأراضي المغتصبة وتحديد المناطق السكنية وفقًا لاحتياجات السكان وتنفيذ هذه الخطط بما يخدم الشعب ويحسن الوضع الاقتصادي. يُؤكد على أهمية التنمية المستدامة والتركيز على تقنيات تحتاج إلى العمالة المحلية لمواجهة تحديات البطالة الحالية.

هناك ضرورة موضوعية لتوفير سكن مناسب وميسر لشرائح المجتمع المتنوعة في العراق، وحل تعقيدات قوانين الأراضي وتسويتها وتوحيد تصنيف الملكية، مما يسهل تسوية الأراضي وجعلها جاهزة للبناء. ولابد لنا هنا ان نشير إلى ضرورة استخدام تقنيات البناء المتقدمة في العراق، إن سبب عدم انتشار هذه التقنيات بشكل واسع هو العوامل الاقتصادية والاجتماعية والمصالح الخاصة.

لنا هنا ان نؤكد على أهمية إيجاد حل لتلك التحديات، بما في ذلك توحيد قوانين الملكية وتبسيط الإجراءات، وتشجيع الاستثمار في تقنيات البناء المتقدمة. ونشير إلى ضرورة تشجيع الجمعيات المهنية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات المحلية على المشاركة في تنفيذ مشاريع الإسكان وتوجيه الأموال بشكل مناسب لتحقيق أقصى استفادة. ونشدد على أهمية تدريب المحترفين في مجال الإسكان ومتابعتهم لضمان الجودة والكفاءة في تنفيذ مشاريع الإسكان وتصاميمها البيئة.

نؤكد هنا على الحاجة إلى تكامل الأماكن السكنية مع البيئة المحيطة واحترام احتياجات الإنسان والعادات الاجتماعية.

وليس كما نجد أحيانا عدم مراعاة بعض المصممين لتلك الاحتياجات والعادات في تصاميمهم، وهناك اهميه قصوى لتغيير العادات التصميمية القديمة وتبني نهج جديد يأخذ بعين الاعتبار حقوق الإنسان وحاجاته الإنسانية الأساسية.

لذلك نطالب الدولة بتبني سياسات وقوانين تعزز من حقوق الإنسان في السكن وتضمن توفير الإسكان الملائم للجميع. كما يجب على الدولة أن تكون المثال الذي يحتذى به في احترام حقوق الإنسان وضمان الإسكان الملائم والميسر للمواطنين، بالإضافة إلى ضرورة مساهمة المجتمع المدني ووسائل الإعلام وضمان التزام الدولة السياسات والقوانين التي تؤمن السكن اللائق. كما ان هناك أهمية التعاون مع المنظمات الدولية لحل مشاكل الإسكان وتحقيق التنمية المستدامة. ونقترح أيضاً إنشاء جمعيات تعاونية للإسكان تسهم في تحسين الأماكن السكنية وضمان حقوق الإنسان في السكن الملائم.

عرض مقالات: