اخر الاخبار

بقلوب مكلومة، وعيون دامعة، وحزن يخترق الخلايا والمسامات، نودع مناضلاً باسلاً، من مناضلي حزبنا الرائعين، هو الرفيق الغالي صبحي المشهداني (ابو علي) الذي اختطفته الجائحة اللعينة، من احضان حزبه ورفاقه صبيحة يوم الثلاثاء 20/ 4/ 2021، مسببة خسارة جسيمة على الصعيد الحزبي والجماهيري، وصدمة لكل من عرفه عن قرب، او سمع به عن بعد، حتى لو كان خارج العراق.

ان الرفيق العزيز ابو علي ينتمي الى شجرة وارفة الظلال، على المستوى الشعبي، فقد عاش في المناطق الأكثر شعبية وفقداً ومعاناة، وتسللت الى وعيه الطفولي صور العوز والظلم وغياب العدالة والمساواة، وتجذر احساسه بها في مرحلة الشباب، وفي كنف عائلة مناضلة، كان سداها ولحمتها الميل الفطري لمحبة الناس ومساعدتهم، رغم ضيق ذات اليد في الكثير من الاحيان، وتشبثهم بالحق والدفاع عنه، ورفض كل مظاهر العسف ومصادرة حقوق الآخرين، سواء كانت رسمية من قبل السلطات الحاكمة آنذاك، او بين الافراد والجماعات.

وقد انغمر في ميدان العمل الفعلي وهو في مقتبل العمر، عاملاً في السكك الحديدية، حيث برز خلال فترة قصيرة، كقائد نقابي يشار له بالبنان، ويحظى بثقة زملائه العمال والموظفين.

بيد ان ذلك لم يرض طموحه وتطلعه لخدمة العمال والكادحين عموماً، الأمر الذي اوصله سريعاً الى الحزب الشيوعي العراقي، فكرس كل طاقاته وامكانياته من اجل تعزيز دور الحزب ونفوذه في صفوف الطبقة العاملة ومنظماتها النقابية، مستقطباً الكثير من العمال وساعياً بجهود استثنائية لرفع مستوى وعيهم الطبقي والسياسي، وتحويل العمل النقابي الى رافعة حقيقية لضمان حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الجذرية.

وكغيره من مناضلي حزبنا وشعبنا الشجعان، دفع ضريبة النضال فصلاً من الوظيفة وسجناً وتعذيباً، وحرمانات لا تعد ولا تحصى، فقضى سنوات طويلة في سجون نگرة السلمان والحلة وبغداد، ليخرج مرفوع الرأس، مطرزاً تاريخه النضالي بوسام الشرف والصمود والبطولة، ومواصلاً النضال مع رفاقه، دون ان يمنح نفسه فرصة لاسترداد الأنفاس.

وبعد سقوط الطاغية، كان من أوائل المساهمين في اعادة بناء منظمات الحزب في شتى مناطق العاصمة، موظفاً كل خبراته السياسية والتنظيمية والنقابية لتحقيق هذا الهدف النبيل، وكان من أبرز المساهمين في اعادة تشكيل اتحاد نقابات العمال وقيادته، وخاض صراعاً طويلاً مع الطارئين على الطبقة العاملة والساعين الى جعل اتحاداتها والعمل النقابي برمته، تابعاً للقوى والكتل المتنفذة والفاسدة.

لهذه الاسباب مجتمعة ولغيرها، انتخب عضواً في مجلس محافظة بغداد، فكان نعم الابن الوفي لسكانها، والحريص على تقديم الخدمات لهم، دون ان تأخذه في الحق لومة لائم. ورغم مشاغله الكثيرة والمتشعبة، كان يواصل عمله الحزبي ونشاطه المتميز بلا كل او ملل، فقاد العديد من منظماتنا الحزبية، وساهم مساهمة جدية في تحسين مستوى ادائها، ورفع مستوى رفاقها فكرياً وسياسياً وتنظيمياً، وكان نموذجاً الالتزام الحزبي، مما انعكس ايجاباً على العديد من الرفاق الذين كان يعمل معهم.

ان الصفات الرائعة التي تحلى بها فقيدنا الغالي ابو علي، تجعله في مصاف القدوة للرفاق والاصدقاء، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الصدق في التعامل ونكران الذات والحماس المنقطع النظير في اداء المهمات التي يكلف بها، او يتطوع بأدائها، رغم تقدمه في العمر، والامراض المزمنة والعديدة، التي شكلت تحالفاً ضده في السنوات الاخيرة.

كان يضع مصلحة الحزب دائماً وأبداً، في اعلى السلم من اولوياته، ويستاء كثيراً، بل يتشربه الحزن، عندما يرى رفيقاً او صديقاً لا يقوم بواجبه، او يتكاسل في ادائه، وكانت الصراحة ملازمة له، فلم يتردد يوماً في نقد أية ظاهرة او شخص بشجاعة ومبدأية عالية، دون ان يفقد حميميته مع من ينتقده. كما ان الجرأة في طرح آرائه ووجهات نظره، كانت لصيقة هي الاخرى به وبسلوكه الرصين حزبياً واجتماعياً.

لا يسعنا في هذه النبذة، الا القول بأن الرفيق صبحي المشهداني، خُلق ليكون شيوعياً، ولهذا خسارتنا كبيرة جداً كحزب ورفاق، وليس من السهل تعويضها.

المجد كل المجد لك ايها الرفيق المقدام ابو علي.

عرض مقالات: