تعد المسؤولية الجنائية من أهم الكوابح القانونية التي يضعها المشرع للحد من الجريمة بحق الإنسان وممتلكاته، وهي ما يعتمد على توافر أركانها الادعاء العام لتوجيه التهم في المحاكم الداخلية، أو ما يقرره المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية من مخالفات ترتكبها الدول بحق الإنسان ايام السلم وفي ظروف الحرب، واليوم يقف العالم مشدوها أمام ما ترتكبه إسرائيل من أفعال انتقامية بحق المدنيين الفلسطينيين تمثلت في القصف الجوي المباشر على الأحياء السكنية من دور وعمارات ومساجد ومستشفيات، أو كنائس ومحلات، ويصاحب كل ذلك القصف، قصف مدفعي كثيف يكمل ما بدأت به المقاتلات ويلحق الضرر بالبساتين والمزارع أو المحلات، وفق عملية انتقامية تقودها قوات مسلحة نظامية تجاه احياء مدنية، مما يدعو إلى تحريك المسؤولية الجنائية وحسب نص المادة، 5،  من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن اختصاص المحكمة يتعلق ب

أ....جريمة الإبادة الجماعية. ب...الجرائم ضد الإنسانية . ج....جرائم الحرب .  د.....جريمة العدوان.

إن ما تقوم به إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي حتى هذه اللحظة من عمليات عسكرية جوية وبرية وبحرية على شعب حوصر في غزة، منذ خمسة عشر عاما، تعداده 2،5 مليون نسمة على أرض لا تتجاوز  مساحتها 365 كم مربع، أو ما قامت به منذ 3 سنوات في الضفة الغربية، من تهجير للفلسطينيين وإقامة المستوطنات على أراضيهم، وقد بلغ عدد المستوطنين ما يقارب المليون مستوطن في الضفة الغربية،  وان ما تقوم به الأصولية التلموذية اليهودية من تجاوزات مستمرة على المسجد الأقصى أو الصلاة في الحرم الابراهيمي أو حائط المبكى له ردود أفعال فلسطينية تقوم على إثرها الدولة العبرية بقتل الشباب الفلسطيني المقاوم، كل هذه الأفعال تعد من جرائم الإبادة الجماعية، وفقا لنص المادة السادسة من نظام المحكمة والتي تفيد ب أ...قتل أفراد الجماعة ب...إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة ج....إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا، واليوم تفرض إسرائيل ومنذ أكثر من ثلاثة أسابيع حصارا على القطاع تمنع بموجبه دخول الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة أو تسمح للقليل منها بالدخول، في حين يقدر الصليب الأحمر الدولي حاجة القطاع يوميا إلى 100 شاحنة إغاثة، أليست هذه من أعمال اهلاك الجماعة عن طريق منع الغذاء . كما وان إسرائيل اضافة إلى قيامها بتقنين دخول الأدوية فإنها قصفت المستشفيات، منها مستشفى الشفاء، والمستشفى الاندونيسي والتركي، وقامت بالقصف على محيط مستشفى القدس التابع للهلال الأحمر بعد انذاره بضرورة إخلاء الجرحى والمرضى منه وأنها ماضية بقصف المشافي بحجة تواجد قيادات حماس تحت اراضي تلك المستشفيات، أليست هذه إبادة جماعية واهلاكا متعمدا لسكان غزة، وفقا لأحكام المادة 16 من اتفاقية جنيف الرابعة والتي نصت على أن يكون الجرحى والمرضى والعجزة والحوامل موضع حماية واحترام خاصين به، يسهل كل طرف من أطراف النزاع الإجراءات التي تتخذ لتحقيق ذلك. عليه ومما تقدم، وازاء تطرف نتنياهو، فإن تحريك المسؤولية الجنائية ضده باعتباره القائد العام لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي وضد القادة العسكريين أمام المحكمة الجنائية الدولية بموجب أحكام الفقرة اولا من المادة 28 من اتفاقية روما للمحكمة، ومفادها. يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعلا بأعمال القائد العسكري مسؤولا مسؤولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة.

أن إسرائيل ومنذ قيام دولتها العنصرية عام 1948 لا تعير اهتماما أو إذنا صاغية للدعوات الدولية التي تطالب بالرفق بالمدنيين أو الجرحى أو المرضى أو الأسرى، فإنها بتأييد مطلق امريكي او موافقة غربية على حربها المستمرة في غزة،  إنما ترتكب افظع اشكال الإبادة الجماعية، فهي إلى جانب كثافة القصف الجوي تقتل البشر بالمدفعية، وإلى جانب الحصار على الأدوية والمستلزمات الطبية تقصف المستشفيات، وإلى جانب العطش تمنع دخول الماء، وإلى جانب العتمة تمنع دخول الوقود لتشغيل مولدات الكهرباء، وإلى جانب الموت تعمل على منع إجراء العمليات الجراحية، وهي إلى جانب إعاقة عمليات الولادة تقتل الاطفال، أليست هذه عمليات إبادة جماعية، يتعين على جميع الدول العربية ممثلة بجامعتها رفع شكوى ضد بنيامين بن نتنياهو وقادة جيشه إلى المحكمة الجنائية الدولية، ليكونوا عبرة لمن يحاول خرق أحكام القانون الدولي الإنساني وقواعد اتفاقيات لاهاي وجنيف والعمل على عدم خرق حقوق الإنسان  في زمن السلم والحرب.