اخر الاخبار

في منطقة سانت مارتي ببرشلونة، ثمّة قطعة من “ماكوندو” لم يتوقف الهاتف فيها عن الرنين.

كلّ خمس دقائق، تأخذ ماريامي بونس، أو أحد زملائها، سماعة الهاتف وتعيد الحوار... “تهانينا”، تصل هذه العبارة من الطرف الآخر من الهاتف، فتردّ: “شكراً. نحن سعداء ومتحمسون جداً”. المكتبة التي يعملون بها، “مكتبة غابرييل غارسيا ماركيز العامة”، جرى تصنيفها مؤخراً كأفضل مكتبة في العالم.

لقد قامت نيوس كاستيانو، مديرة المكتبة، إلى جانب فيران بورغيوس، مدير المكتبات العامة في برشلونة، بإعلام الفريق بهذا الخبر من روتردام؛ حيث اجتمع “الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسّسات المكتبات” في روتردام واختار هذا المعلم الثقافي كأفضل مكتبة في العالم يوم الاثنين الفائت، متفوقة بذلك على “مكتبة جانيز فاجكارد فالفاسور كرشكوف العامة” في سلوفينيا، و”مكتبة مدينة باراماتا العامّة” في أستراليا، و”مكتبة شنغهاي الشرقية” في الصين.

افتتحت “مكتبة غابرييل غارسيا ماركيز” في الثامن والعشرين من أيار 2022، وهي عبارة عن مبنى ضخم مكون من ستة طوابق مع هيكل خشبي مكشوف تبلغ مساحته حوالي 4000 متر مربع. أشرف على تصميمها المهندسان المعماريان الإسبانيان إيلينا أورتي وغييرمو سفييانو؛ حيث أرادا تصميم مبنى معقد باستخدام أكوام من الكتب المفتوحة، وقد جرى تصميم الهيكل الخشبي للمبنى كي يقلل البصمة الكربونية وانبعاثات الغازات في مدينة صناعية مثل برشلونة.

وعلى واجهة المكتبة وُضعت مجسمات ملتوية من أوراق الأوريغامي للتذكير بأعمدة الكتب المكدسة. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي هذه المجسمات دوراً آخر، حيث تتحكم في نظام الرؤية الكهربائي والشمسي، كما هو الحال في الطابق الخامس مثلاً، حيث تنطوي هذه المجسمات مع حلول الظهيرة، كمثل صفحة انتهينا من قراءتها، وهو ما يؤدي إلى توليد سقف للتحكم الحراري والتهوية الطبيعية.

“لم نكن نتوقع قدرتنا على الفوز. لم يحدث من قبل أن ترشحت مكتبة إسبانية عامة. علاوة على ذلك، عندما رأينا المكتبات الأخرى المرشحة، سواء في هذه الدورة أو في الدورات السابقة، لاحظنا أن المكتبات الفائزة كانت دائماً مباني ذات أبعاد هائلة. لا يعني ذلك أن ‘مكتبة غابرييل غارسيا مركيز’ صغيرة الحجم. ولكن إحدى المكتبات المرشحة، وهي الموجودة في شنغهاي، مساحتها 110.000 متر مربع، تفوق مساحتنا بـ38 مرة. من وجهة نظرنا، كنا نظن أن الخيار سيقع عليها، مع أن المكتبة السلوفينية كانت المفضلة بالنسبة إلينا”، تقول نيوس كاستيانو، مديرة المكتبة، عقب إعلان النتيجة.

حملت المكتبة البرشلونية المتخصصة في أدب أميركا اللاتينية اسم الكاتب الكولومبي تكريماً له، لأنه عاش في المدينة بين عامَي 1967 و1975. وسرعان ما يلفت انتباه من يدخلها مدى راحة مساحاتها: الكراسي المعلقة، والأراجيح الخاصة بالقراءة، والوسائد، وأنظمة الضوء المناسبة للقراءة، عدا عن ذلك المساحات المخصصة للأطفال.

وقد أخذ “الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات” في عين الاعتبار، عند منحه الجائزة، قضايا تفاعل المنشأة مع بيئتها وثقافتها المحلية، والجودة المعمارية للمبنى، ومرونة المساحات والخدمات، والاستدامة، والالتزام بالتعلم والتواصل الاجتماعي، ورقمنة الخدمات وتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وعدد زوار المكتبة اليومي، والذي يصل في حالة المكتبة البرشلونية إلى ما يقرب الألف ومئتي زائر يومياً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

“العربي الجديد” – 15 أيلول 2023

عرض مقالات: