أشتهر العراق بزراعة النخيل منذ القدم، وقد اظهرت المخطوطات التاريخية انه تم زراعته قبل ٤٠٠٠ سنة قبل الميلاد في مدينة أريدو، وكانت شجرة النخيل والمحراث والثور المجنح والشجرة المقدسة من المقدسات لدى السومريين، وأولى القوانين التي تخص زراعة النخيل وإنتاج التمور ظهرت في مسلة حمورابي في العام ١٧٥٤ قبل الميلاد، والتي كانت تنص على فرض غرامة على كل من يقطع نخلة، وكذلك فرض غرامة أخرى على الفلاح الذي لا يقوم برعاية النخلة او يهملها وشروط تلقيحها، وحددت العلاقة بين الفلاح ومالك البستان.

وهكذا تطورت زراعة النخيل في العراق إلى أن تتجاوز عدد النخيل في العام ١٩٥٢ ، ٣٢ مليون نخلة، وفي العهد الجمهوري الأول شكلت أكثر من جمعية تعاونية لإنتاج التمور في مناطق الجنوب والفرات، ولغرض تطوير بساتين لنخيل وإنتاج التمور في العراق شكلت المؤسسة العامة للنخيل وانتاج التمور العراقية عام ١٩٧٠ والتي حلت عام ١٩٧٩، وأسست بدلها الهيأة العامة للتمور العراقية والتي هي أيضا ألغيت العام ١٩٨٨ وأسست بدلاً عنها الشركة العراقية لتصنيع وتسويق التمور بالأمر الديواني ٣١ في ١٩٨٨/٢/١ وباشرت في عملها في الشهر التاسع العام ١٩٨٩ وهي قائمة ليومنا هذا ولها ستة فروع في البصرة وديالى وبغداد والشامية وبابل .

لقد عانت بساتين النخيل في العقود الماضية الأمرين لأسباب عديدة أهمها:-

اولاً: الحروب التي شنها الطاغية المقبور والتي ادت إلى تجريف آلاف الدونمات من بساتين النخيل.

ثانياً: النمو السكاني وعدم وجود تخطيط عمراني وحضري، وإن وجد، يتم التجاوز عليه وبالتالي أدى إلى تجريف كافة البساتين في محيط المدن والمحافظات العراقية كافة.

ثالثاً: عدم وجود دعم حكومي ذي جدوى اقتصادية لبساتين النخيل، وان وجد يواجه بالروتين والبيروقراطية والفساد في مؤسسات الدولة.

رابعاً عدم أدخال المكننة الحديثة في إدارة بساتين النخيل.

خامساً: شحة المياه والتلكؤ في ادخال تقنيات الري الحديثة في زراعة بساتين النخيل.

سادساً: الجفاف والتغيرات المناخية وعمليات التصحر ادت إلى موت الاف الدونمات من بساتين النخيل.

سابعاً:: السياسة السعرية غير المجزية لأنواع التمور العراقية.

ثامناً:: توقف معامل كبس وتصنيع التمور العراقية والبالغة ١٥٠ معملا قبل العام ٢٠٠٣ إلى ٦ معامل في العام ٢٠٠٩، مع رفض وزارة الصناعة مناشدات ودعوات وزارة الزراعة بشأن إعادة فتح المصانع التحويلية لأنها تحتاج إجازة حسب قانون التنمية الصناعية حسب تصريح السيد هادي هاشم الناطق باسم وزارة الزراعة في ١٨ آذار ٢٠٢٢.

كل هذه العوامل والأسباب أدت إلى تخلف انتاج التمور في العراق فقد انخفضت أعداد النخيل من ٣٢ مليون نخلة عام ١٩٥٢ إلى ١٢ مليون نخلة عام ٢٠١٢ وانتاجية النخلة العراقية من التمور انخفضت إلى ٦٥ كغم مقارنة بالدول المنتجة الأخرى مثل الإمارات ومصر والسعودية والبالغة ١٥٠ كغم.

أعتمد وزارة الزراعة منح فرصا استثمارية لإنشاء بساتين النخيل في المناطق الصحراوية والبوادي العراقية وكذلك قامت بالحصول على فرصة استثمارية لإنشاء مختبرين للزراعة النسيجية عائدة لدائرة البستنة ساهم هذا كثيراً في زيادة بساتين النخيل وأعدادها حيث تجاوزت العشرين مليون نخلة بلغ المسوق من إنتاجها إلى خارج العراق ٦٥٠ ألف طن عام ٢٠٢٢ يمثل ٥ بالمائة من الناتج العالمي مع العلم أنه يوجد لدينا حوالي ٦٢٨ نوعا من التمور من أجود الأنواع.

ولمعالجة مشكلة بساتين النخيل وانتاج التمور وتصنيعها نقترح حزمة من الإجراءات وهي:

  • فصل ادارة بساتين النخيل عن دائرة البستنة لكثرة تخصصاتها وجعلها هيئة مستقلة متخصصة كما في السابق.
  • إعادة العمل بمشروع تزويد الفلاحين والمزارعين بالأنواع الجيدة من الفسائل مجاناً على أن يعيد الفلاح والمزارع بدلها أربع فسائل بعد مرور ست سنوات والذي كان معمولاً به سابقاً.
  • العمل بالقانون الذي صدر عام ١٩٧٩ والذي ينص على تمليك الارض لكل فلاح او مزارع يقوم بزراعة ٥٠ نخلة في الدونم الواحد.
  • العمل بالبرنامج الوطني لتأهيل وتنمية قطاع النخيل والذي أقر بموجب الأمر الديواني المرقم ١٤ لسنة ٢٠٢٠ والمتضمن ١٦ توصية يتطلب متابعتها وتنفيذها وعدم ركنها جانباً.
  • تحديد سعر مخفض مجز لشتلات النخيل النسيجية المنتجة من المختبرات الحكومية لأصحاب الأراضي من الفلاحين والمزارعين الذين يرومون أنشاء بساتين حديثة.
  • تسليف الفلاحين والمزارعين ممن يرومون انشاء بساتين حديثة او اعادة تأهيل بساتينهم وبأرباح مخفضة ومدد تسديد تتناسب مع فترة انشاء بساتين النخيل وإنتاجها.
  • توفير ما يحتاجه فلاحو ومزارعو بساتين النخيل من مكائن حديثة وأجهزة تقنيات الري بما يتناسب واعمل في بساتين النخيل مع توفير مستلزمات الوقاية من مبيدات وطائرات الدرون.
  • إعادة فتح معامل تحويل وصناعة التمور القديمة والبالغة ١٥٠ معمل جميعاً إلى العمل ومنح فرص استثمارية جديد وتسهيل شروطها فمن غير المعقول أن تصنع التمور العراقية في دولة الامارات ونستورد من جمهورية أيران ٩،٣ مليون دولار تمور وتمورنا من أجود انواع التمور العالمية.
  • إعادة تأهيل كافة المخازن المبردة وغير المبردة التابعة إلى الشركة العامة لصناعة وتسويق التمور واستحداث مخازن مبردة جديدة في كافة المحافظات المنتجة للتمور.
  • تحديد سياسة سعرية مجزية للتمور تغطي كلف الانتاج مع هامش ربح يتناسب مع ظروف الحياة السائدة.
  • إصدار قانون يجرم من يقطع نخلة او يجرف بساتين النخيل أو عدم رعايتها وإهمالها والعمل على تنفيذه بكل جدية بالذات على المتنفذين والمتلاعبين بقوت الشعب.

ــــــــــــــــــــــــــ

* مهندس زراعي استشاري