اخر الاخبار

 يعرف الاقتصاد في دول العالم المختلفة على انه الشكل الحقيقي للنظام السياسي في أي بلد. وعلى مر الزمن كانت الانظمة الاقتصادية العالمية بعدة اشكال منها الرأسمالي حيث تتركز عناصر ووسائل الانتاج بيد شركات القطاع الخاص، كما هو الحال في دول الاتحاد الاوربي والنوع الاخر هو الاقتصاد الإشتراكي الذي تكون فيه عناصر ووسائل الإنتاج مملوكة للدولة كما هو الحال في دول المنظومة الاشتراكية السابقة قبل انهيار هذا النموذج فيها، وهناك نمط اخر يمزج بين النظامين في دول العالم الثالث يعرف باقتصاد السوق.

ما يهمنا هو ما يجري في بلادنا اليوم؛ حيث ان ما يسود فيها هو الاقتصاد الريعي وما يعرف بالاقتصاد احادي الجانب، اي يعتمد على ما يستلمه من ايرادات مبيعات النفط الخام مع بقاء الانشطة الاقتصادية المنتجة معطلة تماما، كما في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والإسكان، ما فتح باب الاستيراد على مصراعيه لدخول المنتجات الغذائية والصناعية والانشائية والطبية من الخارج، ما اثر الى حد كبير في تراجع الناتج المحلي.

ماذا اثر ذلك على الاقتصاد الوطني عموما حيث بقي الاعتماد على النفط فقط، وهو سلاح ذو حدين؛ فعند ارتفاع اسعاره تبقى الامور المعيشية شبه مستقرة، اما في حالة انخفاض اسعاره فقد تبرز الازمات الاقتصادية بشكل واضح وهذا ما لمسناه سابقا عند انخفاض اسعاره وقد اضطرت الدولة الى استخدام اسلوب الاقتراض الخارجي والداخلي معا واثر ذلك حتى على توقف صرف رواتب الموظفين.

لذلك اتخذت الدولة اجراءات اقتصادية أثرت بشكل مباشر على حياة الناس ومن هذه الإجراءات الذهاب الى الاستقطاعات وفرض ضريبة الدخل ورفع سعر الدولار وتخفيض سعر الدينار العراقي، كلها اثرت بشكل مباشر على المواطنين العراقيين، وساهمت في تدني قدراتهم الشرائية بنسبة ٢٢%.

لقد تكررت هذه الازمة الاقتصادية اعوام ٢٠٠٩ و٢٠١٤ و٢٠٢٠ ولم تتخذ الحكومات اي معالجات جذرية من شأنها اعادة بناء اقتصاد وطني منتج، يكون مستعدا لمواجهة اي ازمة عالمية.

كيف نرتقي بالاقتصاد العراقي ونجعله اقتصادا متينا كما هو الحال في الدول المتطورة الاخرى؟

إن ذلك يستوجب اعادة هيكلة القطاعات الاتية:

١ . القطاع الصناعي: تتطلب اعادة اصلاح البنى التحتية لكافة المعامل والمصانع العراقية في (القطاعات العام والخاص والمختلط والتعاوني) من خلال توفير التخصيصات المطلوبة ضمن الموازنة الاستثمارية السنوية ومراقبة التنفيذ من قبل جهات رقابية:

 - إيقاف استيراد كافة السلع التي تنتج محليا في العراق من اجل حماية المنتج الوطني

- حماية العملة الصعبة من الخروج الى اي دولة في العالم بصيغ مختلفة

 - دعم المنتج الوطني بالمواد الاولية اللازمة للانتاج واحتساب كلفها على اساس اسعار القيمة الدفترية، اي بدون تحميلها اي مبالغ اخرى

ـ فرض رسوم او تعريفات جمركية على السلع المستوردة من اجل حماية المستهلك والمنتج الوطني معا.

- تفعيل عمل جهاز التقييس والسيطرة النوعية لفحص سلامة ومواصفات السلع المستوردة.

- الزام كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية بالتعاقد مع القطاع الصناعي العراقي حصرا في شراء احتياجاتها باستثناء المواد الاولية والاحتياجات غير المتوفرة بالبلد، فيجري الاشراف على استيرادها من قبل الدولة.

- هناك معامل لا تحتاج الى كلف مالية كبيرة في اعادة الانتاج مثل معامل اعادة تدوير النفايات حيث تجري الاستفادة من ٧٥% من هذه النفايات في تصنيع المواد التالفة وباسعار زهيدة جدا قياسا في ما لو تم استيراها، اضافة الى ذلك تقليل كمية النفايات التي تذهب الى الطمر من ١٠٠% الى ٢٥% من الكمية فقط.

 - الأمر يستوجب التفكير بالعمل على توسيع رقعة انتشار هذه المعامل في البلد واعادة هيكلتها ودعمها للاسباب التي ورد ذكرها.

٢. القطاع الزراعي: لغرض تطوير هذا القطاع المهم انطلاقا من مقولة (الزراعة نفط دائم) يتطلب ما يأتي:

- دعم هذا القطاع بالاسمدة والبذور والمبيدات والاعلاف ورسم الخطط الزراعية وتحديد اسعار المحاصيل بشكل يشجع المزارع على الانتاج كما يفترض ان يجري دعم المنتجات الحيوانية كحقول الدواجن والمفاقس وبيض المائدة ومحطات الابقار والاغنام وغيرها، لانتاج اللحم والحليب وبالتالي ضمان تصنيع منتجات الألبان والأغذية محليا.

٣ . القطاع السياحي: ان بلدنا مشهور بالسياحة الدينية حيث توجد الاماكن المقدسة والمناطق الاثرية والتاريخية والترفيهية وجميعها تدر عليه ايرادات كبيرة جدا، يمكن ان تنمي وضع البلد الاقتصادي وتزيد من فرص العمل لاستيعاب البطالة بشكل كامل، وبالتالي توفير الأمن الغذائي والمجتمعي.

٤. القطاع المصرفي:

ـ رسم سياسة مصرفية سليمة ومراقبتها على الدوام في القروض والائتمانات والتسهيلات المصرفية، مع الاشراف الرقابي المباشر من قبل الرقابة المركزية لضمان تطابق المبالغ الممنوحة للاستيراد مع القوائم الداخلة للبلد فعلا.  

- اعادة النظر في عمل وارتباط مزاد بيع العملة لمنع حصول اي فساد فيه.

- هذه الاجراءات بمجموعها لو طبقت بشكل حقيقي وفعال، فإنها ستساهم في تحقيق امور كثيرة ومن اهمها:

١ . تشغيل جميع المعامل والمصانع الحكومية والاهلية والمختلطة.

٢ . استيعاب العاطلين عن العمل.

٣ . توفير المنتجات الصناعية والغذائية والدوائية عراقيا.

٤ . توفير جميع مفردات البطاقة التموينية والى حد ما الدوائية بشكل مدعوم وسلس لا يرهق كاهل المستهلك العراقي كما يحصل الآن.

٥ . خلق سياسة سعرية مستقرة يجري وضع الخطط التنموية قصيرة ومتوسطة المدى من شأنها الارتقاء بالبلد تنمويا وامنيا واجتماعيا وثقافيا وخدماتيا وتعليميا وصحيا.

عرض مقالات: