اخر الاخبار

أثارت الأحداث المتسارعة التي أعقبت انهيار بنك سيليكون فالي الأمريكي، سؤالين أساسيين في أذهان المتابعين: كيف وصل بنك سيليكون فالي (SVB) إلى هذا الموقف؟ وهل ستتضخم هذه الأزمة وتتحول إلى نذير هلاك للمؤسسات المالية العالمية؟

وعقب أكبر فشل لمؤسسة مالية منذ ذروة الأزمة المالية في عام 2008، سارع المنظمون الأمريكيون إلى الاستيلاء على أصول بنك (SVB) يوم الجمعة، بعد أن سارع المودعون، ومعظمهم من العاملين في مجال التكنولوجيا والشركات المدعومة من رأس المال الاستثماري، إلى سحب أموالهم هذا الأسبوع، مع انتشار القلق بشأن وضع البنك.

وطلبَ الرئيس جو بايدن في كلمة، أمس الاثنين، من الأميركيين أن “يثقوا” في النظام المصرفي “الآمن”، مؤكداً أنهُ سيفعل “كل ما هو ضروري” للحفاظِ عليه.

في الوقت الذي واصلت البورصات الأوروبية تراجعها، أمس الاثنين، مسجلةً أسوأ جلسة في السنة، على وقع المخاوف من انتشار عدوى إفلاس ثلاثة بنوك أميركية إلى القطاع المصرفي الأوروبي.

انهيار بنك التكنولوجيا

قبل انتشار الأخبار التي زفت نبأ انهياره، لم يكن بنك سيليكون فالي معروفاً لعامّة الناس، فقد تخصص في تمويل شركات التكنولوجيا الناشئة، وأصبح أحد أكبر البنوك في الولايات المتحدة من حيث حجم الأصول. في نهاية عام 2022، كان لديه أصول بمقدار 209 مليارات دولار، ووصلت ودائعهُ إلى حوالي 175.4 مليار دولار. ما جعلهُ يحل في المرتبة الـ16 كأكبر بنك في الولايات المتحدة.

ويرجع السبب الرئيسي وراء انهيار البنك إلى تعرضهِ لأزمةِ سيولة وعجز عن سداد فوائد الودائع، التي كان يستثمر أموالها في السندات الأمريكية طويلة الأجل، ما دفعهُ إلى بيع محفظة استثمارية، وطرح أسهمٍ في محاولةٍ لتوفير الأموال.

لكن إصدار وكالة موديز للتصنيف الائتمانى، تقريراً خفّضت فيهِ التصنيف الائتماني للبنك، نتجَ عنهُ ما يُسمى مصرفياً بـBank Run، أي هرَعَ المودّعون إلى سحب أموالهم. فيما دفع انهيار سعر سهم البنك بنسبة 60 في المائة، يوم الجمعة، الجهات المنظمة إلى إغلاق المصرف، وتحويل وصايتهِ إلى المؤسسة الاتحادية؛ لتأمين الودائع التي ستتصرف في أصوله.

تأثير الدومينو

مباشرةً بعد أن أعلن بنك سيليكون فالي أنهُ يسعى إلى زيادة رأس المال بسرعةٍ لمواكبة السحوبات الهائلة لعملائها، حيث اضطر إلى بيع محفظة سندات بقيمة 21 مليار دولار، خسرَ فيها قرابة 1.8 مليار دولار، كما طرح أسهماً بقيمة 2.25 مليار دولار، بدأت موجة من الذعر تخيّم على الأسواق منذ يوم الخميس.

وفاجأ الإعلان المستثمرين، وأثار مخاوف بشأن سلامة القطاع المصرفي بأكمله، خاصةً مع الارتفاع السريع في أسعار الفائدة، وهو ما يُخفّض قيمة السندات في محافظهم، ويزيد من تكلفة الائتمان، وسط تباطؤ الإقراض المصرفي، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً. ما قد يتسبب في أزمة سيولة تتمثل بعدم قدرتهِ على الاستمرار بدفع فوائد على الودائع المتبقية.

وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، فإنّ استمرار الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة منذ آذار 2022 حتى اليوم، تسبب في هجرة الودائع من البنك. ليستثمرها أصحابها في سندات قصيرة الأجل، والتي تجاوزت عائداتها 5 في المائة، أي أنها مربحة أكثر من بقائها في بنك مثل (SVB) والحصول على عائد لا يتعدى 3.5 في المائة.

ومع نهاية رحلة بنك (SVB) في عالم التمويل والاستثمار، خسرت أكبر أربعة بنوك أمريكية 52 مليار دولار في سوق الأسهم، يوم الخميس. وفي أعقاب ذلك، تعثرت البنوك الآسيوية ثم الأوروبية. من ناحية أخرى، واجهت البنوك متوسطة الحجم أو أكثر، التي تركّز على نوع واحد من العملاء، اضطراباتٍ أكبر.

عدوى الافلاس

بدأ المنظمون الماليون الأمريكيون، إجراءاتٍ طارئة، ليلة الأحد، لوقف العدوى المحتملة من انهيار بنك سيليكون فالي. وتشمل الإجراءات ضمان حصول المودعين لدى البنك المنهار على أموالهم بحدٍ أقصى 250 ألف دولار، أمس الاثنين، والمبالغ المتبقية يحصلون مقابلها على سندات تصرف لهم، عند تسييل أصول البنك.

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية، قولَ بول أشوورث المحلل في كابيتال إيكونوميكس، والذي جاء فيه: “منطقياً، يجب أن يكون هذا كافياً لمنع أي عدوى من الانتشار وإغلاق المزيد من البنوك، وهو ما يمكن أن يحدث في غمضة عين في العصر الرقمي”.

وبعد المخاوف حيال حدوث أزمة، والتي أثارتها تصريحات وزير الخزانة الأمريكية، بأنهُ لن تكون هناك خطة إنقاذ لبنك وادي السيليكون، جاءت التدخلات سريعاً من خلال الإعلان عن أنهُ سيجري السماح للبنوك الآن باقتراض مبالغ غير محدودة بشكلٍ أساسيٍّ من الاحتياطي الفيدرالي للعام المقبل، طالما أن القروض تقابلها أوراق مالية حكومية آمنة. وهذا يعني أن البنوك ستكون قادرة على الوصول بسهولة إلى نقود المودعين، دون الاضطرار إلى بيع السندات الحكومية التي انخفضت قيمتها خلال العام الماضي، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.