اخر الاخبار

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الخرطوم  مطلع الاسبوع، في زيارة استغرقت يوماً واحداً، وقوبلت بعدم ارتياح في الشارع السوداني، عبرت عنه الهجمة اللافتة في وسائط التواصل الاجتماعي.

وترجع ردة الفعل الشعبية هذه الى عدة اسباب، يتصدرها الخوف على مصير ثورة السودان من ان تتخذ المسار المصري. كذلك لكون الدولة المصرية تحتل اراضي سودانية في مثلث حلايب وشلاتين. يضاف الى ذلك انفجار الوضع على الحدود الشرقية مع الجارة اثيوبيا.

فالتقارب بين جنرالات السودان وقصر عابدين في القاهرة يثير القلق من احتمال انفراد المكون العسكري في الخرطوم بالسلطة. او قد يكون ثمن الدعم العسكري والسياسي الذي تقدمه القاهرة للخرطوم، التخلي عن الارض السودانية التي تقيم عليها الجيوش المصرية.

وتعزز هذه المخاوف التصريحات التي أدلت بها وزيرة خارجية السودان في لقاء مع نظيرها المصري بالقاهرة الاسبوع الماضي، والتي قالت  فيها ما يفيد ان السودان لن يعرض علاقته بمصر للخطر بسبب قطعة ارض عجز السودانيون عن اعمارها بسبب قلة عددهم، وانه ليس هناك ما يمنع ان تستفيد منها مصر وتعمرها لمصلحة الطرفين.

هذا التصريح اعتبره البعض تراجعا عن سيادة السودان على اراضيه، فيما ارجعه  آخرون الى قلة الحنكة والدربة الدبلوماسية لدى السيدة الوزيرة.

لكن الهاجس الاكبر هو ان يُزج بالسودان في حرب اقليمية مع اثيوبيا، يكون هو الخاسر الاول فيها. فالزيارة الرئاسية المصرية جاءت في اعقاب توقيع الدولتين اتفاقية دفاع مشترك، تعهدت فيها مصر بدعم السودان للحفاظ على ارضيه، في  تلميح الى النزاع حول منطقة الفشقة الاثيوبية. في وقت يجري فيه الاعداد لاقامة قاعدة عسكرية في منطقة القضارف في الجبهة الشرقية، والتي سوف تنقل اليها مصر معداتها الحربية خاصة سلاح الطيران.

 وفي حال  انفجار  الصراع فانه سوف يمتد على طول الشريط الحدودي جنوباً حتى يصل منطقة الروصيرص.  وستكون الطائرات المصرية على مقربة من سد النهضة وفي وضع يمكنها من ضربه في اقل من خمس دقائق. وهذا وضع سيضع المفاوض الاثيوبي في موقف حرج على اقل تقدير في حال استئناف المفاوضات من جديد بوساطة الاتحاد الافريقي او تدخل الامم المتحدة.

ومعلوم ان الاخيرة تفضل حتى هذه اللحظة حل النزاع داخل الاطر الاقليمية  المتمثلة في الاتحاد الافريقي او ربما منظمة الايقاد التي كانت قد حققت نجاحات في سلام السودان عام 2005.

وفي  اقليم (تيغراي)، تمكن الجيش الفيدرالي الاثيوبي من انهاء سيطرة جبهة الثوار على الاقليم واجلائهم عنه، لكنه لم يقض عليهم. في حين سدت امامهم (اريتريا) منافذ الدخول الى اراضيها ، خوفاً من مواجهتها نفس المصير بالنظر لوجود امتدادات لقومية (التيغراي) داخلها تعرف باسم (التغرنجة).

لكن مقاتلي جبهة الثوار لم يتبخروا بالطبع، وانما دخلوا الى الاراضي السودانية، ومعظمهم مقاتلون في اواسط  العشرينات يمكن توجيههم للقيام بعمليات استنزاف طويلة الامد ضد اثيوبيا. خاصة وانهم سيجدون الملاذات الآمنة التي ينطلقون منها في حربهم ويتقهقرون اليها. كذلك الدعم اللوجستي الذي سوف توفره المحاور الاقليمية صاحبة المصلحة في استمرار النزاع، وانهاك الدولة الاثيوبية حتى ترضخ الى ما يطرحه عليها الاتحاد الافريقي، الذي تمتلك مصر تاثيراً كبيراً عليه. لهذا تتخوف اثيوبيا من احالة الملف اليه.

عرض مقالات: