اخر الاخبار

نشرت وكالة “بلومبرغ”، يوم أمس، مقالاً كشفت فيه عن المهلة الأخيرة أمام أوروبا للخروج من أزمة نقص الغاز وارتفاع أسعاره في الشتاء المقبل، فيما وضحت السياسة الألمانية حيال ذلك.

حرج كبير

وجاء في المقال أنّ “السياسات غير الحاسمة من جانب المستشار الألماني، أولاف شولتس، وبطأه في تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية هي ما أدّى إلى مثل هذا الوضع المؤسف”.

وتابعت بلومبرغ: “تضطر المدن الآن إلى فرض القيود على المواطنين، فلم يعد القصر الرئاسي في برلين مضاءً في الليل، وأوقفت مدينة هانوفر المياه الساخنة في حمامات السباحة والصالات الرياضية، وتقوم البلديات في جميع أنحاء البلاد بإعداد الملاجئ مع المدافئ لحماية الناس من البرد، وتلك فقط مجرد بداية الأزمة التي سوف تجتاح أوروبا”.  وأشارت بلومبرغ إلى أنّ “ألمانيا لم يَعُد لديها كثير من الوقت لتضيّعه لتجنّب نقص الطاقة، غير المسبوق بالنسبة لدولة متقدمة، هذا الشتاء. وعلى الرغم من أن جزءاً كبيراً من أوروبا يشعر بالضغط الناجم عن خفض روسيا لإمدادات الغاز الطبيعي، إلا أنّه لا توجد دولة أخرى معرّضة للخطر مثل أكبر اقتصاد في المنطقة، إذ يعتمد ما يقرب من نصف المنازل على الوقود للتدفئة”. 

تحديات هائلة أمام الألمانيين

وأضاف المقال: صرّح نائب المستشار الألماني ووزير الاقتصاد، روبرت هابيك، بأنّ “التحديات التي تواجهها البلاد هائلة، وتؤثر على مجالات مهمّة من الاقتصاد والمجتمع”، لافتاً إلى أنّ “ألمانيا دولة عتيدة وديمقراطية وقوية، وتلك عناصر جيدة للتغلب على هذه الأزمة”.

وذكرت بلومبرغ أنّ “آفاق تقنين استخدام الغاز والركود تلوح بالنسبة لألمانيا، إذ أعربت السلطات عن قلقها بشأن الاضطرابات الاجتماعية، إذا خرج نقص الطاقة عن السيطرة، مشيرةً إلى أنّ ألمانيا لا يمكنها حتى الاعتماد على فرنسا، التي تؤدي فيها المفاعلات النووية المتهالكة إلى تفاقم الأزمة، وقد ارتفعت أسعار الكهرباء في أكبر اقتصادين في أوروبا إلى مستويات قياسية الأسبوع الماضي. ولتخيّلِ مدى سوء أزمة الطاقة في أوروبا، يتعين علينا فقط أن ندرك أنّ أسعار الطاقة الألمانية الآن أصبحت ما يعادل 600 دولار لبرميل النفط.

ووفق بلومبرغ جاءت الخطوة الأحدث لروسيا، الأسبوع الماضي، “لتزيد الطين بلّة، عندما قامت شركة (غازبروم) الروسية ونتيجة مشكلة التوربينات في خفض تدفق الغاز عبر (السيل الشمالي-1) إلى حوالى 20 في المائة من طاقته. ليتسبب ذلك في ارتفاع أسعار الغاز أكثر من 30 في المائة الأسبوع الماضي، ولتحطم أسعار الكهرباء الرقم القياسي تلو الآخر”. ووفقاً لمعهد كولونيا للأبحاث الاقتصادية، فقد تسبب الزيادة في التكلفة، والتي سترتفع بجدية هذا الخريف، إلى الضغط على الفقراء، وإلى انزلاق حوالى واحد من كل أربعة ألمان بالفعل إلى مستوى فقر الطاقة، ما يعني أن تكاليف التدفئة والإضاءة قد أصبحت تؤثر على تغطية النفقات الأخرى. وتعمل الحكومة على برامج مساعدة للأسر ذات الدخل المنخفض. كذلك فإنّ موجات البرد في جميع أنحاء أوروبا وآسيا ستجبر شركات الطاقة على القتال من أجل الإمدادات المحدودة بالفعل من الغاز الطبيعي المسال، ما قد يدفع إلى ارتفاع الأسعار كذلك بالنسبة لهذا السيناريو، وسيدفع نحو تدمير حوالى 17 في المائة من الطلب الصناعي على الوقود. 

تأثر الناتج الاقتصادي

وأضافت بلومبرغ أنّ “صندوق النقد الدولي يقدّر أنّ ألمانيا معرّضة لخطر فقدان 4.8 في المائة من الناتج الاقتصادي إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز، وقد قدر البنك المركزي الألماني الضرر المحتمل عند 220 مليار يورو. في حين أنه من المؤكد أنها سوف تكون ضربة مؤلمة، فإن الخوف في ألمانيا هو أن ذلك سيسبب خسارة هيكلية في القدرة التنافسية للبلاد”.

وتابع المقال “من المرجّح أيضا أن تنجذب الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة إلى مناطق ذات موارد طاقة متجددة موثوقة مثل الساحل الألماني، أو المناطق الغنية بالطاقة الشمسية على البحر الأبيض المتوسط، ما قد يؤدي إلى تفريغ مناطق صناعية على طول نهر الراين وجنوب ألمانيا. ووفقاً لمسؤول تنفيذي كبير في إحدى الشركات الألمانية الكبرى، فإنّ بعض المسؤولين التنفيذيين يرجحون أن ينتقل الإنتاج إلى تركيا، حيث يمكن الوصول إلى خطوط الأنابيب الأذربيجانية. ومن جانبه صرّح رئيس وزراء ولاية ساكسونيا، مايكل كريتشمر، وهو من المحافظين المعارضين بأنّ النظام الاقتصادي الألماني يواجه خطر الانهيار”.