اخر الاخبار

أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى اضطرابات شديدة في سوق المنتجات الزراعية العالمي. روسيا وأوكرانيا هما مصدر قرابة ثلث الصادرات العالمية من القمح والشعير وأكثر من 70 في المائة من زيت عباد الشمس، فضلا عن ان روسيا هي المصدر الرئيسي للأسمدة على الصعيد العالمي.

هناك تهديد وشيك بحدوث أزمة إمدادات غذائية في بلدان غرب آسيا، التي تعتمد بشكل خاص على واردات الحبوب الأوكرانية والروسية. ويعود ذلك إلى تعطل سلاسل التوريد والارتفاع الهائل في أسعار الطاقة والغذاء. شهدت جميع بلدان المنطقة ارتفاعا هائلا في أسعار المواد الغذائية الأساسية. وكان اعلاها في لبنان (75-100في المائة)، تليها إيران واليمن (50-75 في المائة). في البلدان الأخرى، ارتفعت الأسعار بنسبة 25-50 في المائة. وبشكل عام، من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه حتى نهاية عام 2022.

سوريا

وفق برنامج الغذاء العالمي، فان 12,4 مليون مواطن في سوريا، اي 60 في المائة من السكان، قد تضرروا بالفعل من انعدام الأمن الغذائي قبل الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى ان تغطية العدس والزيت والسكر، والوضع في شمال غرب سوريا مأساوي جدا.  وفي الجيب الذي تسيطر عليه قوات “المعارضة”، يعيش جزء كبير من السكان في مخيمات مكتظة بالنازحين، ويعتمد أكثر من 4,1 مليون مواطن، منذ شباط 2022 على المساعدات الإنسانية التي تصل سوريا من تركيا عبر معبر باب الهوى الحدودي. ويتم استيراد الحبوب والطحين والأطعمة الأخرى مباشرة من تركيا، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات هيئة تحرير الشام الارهابية. وتركيا تعتمد أيضا على واردات الغذاء من أوكرانيا وروسيا. يأتي 69,7 في المائة من واردات تركيا من زيت عباد الشمس و78 في المائة من واردات القمح من البلدين. ويتفاقم الوضع بسبب انخفاض قيمة الليرة التركية التي تم فرض تداولها بعد احتلال تركيا لهذه المناطق في حزيران 2022.

 اليمن

في اليمن أيضا، أدت الحرب إلى تفاقم أزمة الإمداد القائمة أصلا. والقمح هو ثاني أهم مادة تستورد (بعد الوقود)، وتأتي نصف واردات القمح من أوكرانيا وروسيا. بالإضافة إلى انخفاض كبير في قيمة الريال اليمني، مما جعل الواردات أكثر تكلفة، بموازاة انخفاض القدرة الشرائية.

لبنان

يحصل لبنان على 60 بالمئة من واردات القمح من أوكرانيا. إضافة إلى ذلك، دمرت أكبر مخازن الحبوب في البلاد خلال انفجار مرفأ بيروت قبل عامين. وفرص التخزين تكاد تكون مفقودة، والاحتياطيات كافية لمدة شهر واحد فقط. في آذار الفائت أرجأ البنك المركزي اللبناني فتح حساب ضمان لواردات القمح، على الرغم من وجود قرار من مجلس الوزراء بهذا الشأن. ويعود ذلك إلى عدم إصدار الحكومة مرسوما يقضي بتوفير المبلغ بالدولار الأمريكي، مما اضطر لبنان إلى الحصول على قرض بقيمة 150 مليون دولار أمريكي من البنك الدولي لتغطية تكاليف القمح لمدة ستة أشهر.

مشاكل هيكلية

إن التطورات الحالية المتعلقة بارتفاع أسعار القمح وانعدام الأمن الغذائي تؤشر أيضًا مشاكل هيكلية في المنطقة. منذ الثمانينات، تخل العديد من البلدان في غرب آسيا عن سياسة الاكتفاء الذاتي في المنتجات الزراعية، والدعم الحكومي للقطاع الزراعي لصالح التركيز المتزايد على السوق العالمية. ان سياسة الليبرالية الجديدة، التي تُنفذ تحت غطاء الانفتاح، أدت إلى تدهور كبير في الظروف المعيشية لسكان الريف. لم يتمكن العديد من صغار المزارعين من منافسة البضائع المستوردة واضطروا للتخلي عن أراضيهم. لقد أدت الهجرة الجماعية من الريف إلى نمو قطاع عمل غير رسمي وإلى توسع سريع وغير منضبط لمناطق سكنية وعشوائيات في ضواحي المدن الكبرى. ولاحقا أثر ارتفاع الأسعار العالمية بسرعة على الأسواق المحلية، بسبب الاعتماد المتزايد على الأسواق العالمية. وعلى الرغم من استمرار الدعم الحكومي لبعض المواد الغذائية الأساسية، فإن ما يسمى “بثورات الخبز” تكررت منذ الثمانينيات.

احتجاجات جديدة

في بداية شهر آذار، تظاهر سكان الناصرية مجددا، احتجاجًا على الارتفاع الهائل في أسعار الدقيق وزيت الطعام. وكانت المدينة من أهم مراكز انتفاضة تشرين 2019 ضد المحاصصة والفساد.  وكان الرد الحكومي خليطا من القسوة وتقديم التنازلات: تم إلقاء القبض على عدد من المتظاهرين، ووعود بتقديم منح وتخفيض الرسوم الكمركية على المواد الغذائية الأساسية.

وفي في منتصف أيار الفائت، اندلعت الاحتجاجات في إيران بعد أن خفضت الحكومة دعم استيراد القمح، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وبالمقابل أعلنت الحكومة عن تقديم إعانات الطوارئ، ومن غير الواضح كيف سيتم التمويل لوجود عجز هائل في ميزانية البلاد.