اخر الاخبار

مع تزايد حدة التوتر  بين السودان واثيوبيا، شجب الجيش السوداني الانتشار الكثيف للقوات الاثيوبية على اراضيه في عدة نقاط حدودية ، بعد تحرير منطقة الفشقة وعودة المزارعين السودانيين اليها. في حين اعتبرت رئيس وزراء اثيوبيا أبي احمد العمليات العسكرية السودانية الاخيرة غزوا لبلاده. رغم انه عاد وفضل الحلول الدبلوماسية، ووصف اعتماد بلاده  اياها  بانه موقف قوي ولا يعبر ضعف.

من جانبه ادان عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني ما قامت به عصابات الشفتة من قتل لعدد من النساء في المنطقة. وقال اننا لن نرد بالمثل، فننتقم من الاثيوبيين المدنيين الموجودين معنا. وهو تلميح اثار بعض القلق في الاوساط السياسية والشعبية. وعلى اثره نفت السفارة الاثيوبية في الخرطوم في بيان لها  الشائعات التي زعمت  تعرض مواطنيها لحملات ملاحقة.

كذلك اعلن رئيس الوزراء حمدوك ان الجيش السوداني موجود على اراضيه، وانه يقف الى جانب الخطوة التي قامت بها قوات بلاده.

وعلى صعيد اخر اشارت الحكومة السودانية وفق مصدر رفيع المستوى الى رفضها للمرحلة الثانية من ملء سد النهضة في اثيوبيا. واكدت انها لن تقبل بسياسة الامر الواقع، التي تريد اثيوبيا ان تفرضها على الاخرين. فضلا عن تمسكها بعرض القضية على خبراء الاتحاد الافريقي، بدلا عن الاستمرار في مفاوضات وصفتها بالدائرية، على عكس الموقفين الاثيوبي والمصري. وفي هذا الصدد يقول خبراء في مجال الري ان السودان يمتلك دراسات حول الاثار البيئية والاجتماعية للنهر العظيم، اكثر من الدوليتين الشريكتين بحكم انه دولة ممر، وان اصراره على تحكيم المراقبين الاقليميين يعود الى هذه الناحية.

ورغم عدم وجود معلومات كافية، مما يفتح الباب واسعاً امام التكهنات، الا ان الموقف السوداني ومن خلال شواهد محددة يبدو غير موحد تجاه المواجهة المفتوحة على عدة مستويات مع الجارة اثيوبيا. وذلك من خلال عدم مشاركة قوات الدعم السريع في العمليات ، فيما هي تحارب في دولة اخرى، الأمر الذي اثار دهشة الكثير من المراقبين. كما ان قيادة تلك القوات ممثلة في نائب رئيس مجلس السيادة، لم تعلق على الاحداث لامن قريب ولا من بعيد. وتتهامس مجالس الخرطوم بان هذا الصمت يرتبط بمصالح غير مرئية ومتعلقة بالصراع على الساحل السوداني الممتد بطول 800 كيلو متر، وقد اصبح مرتعاً لاطماع دولية واقليمية عديدة.

من ناحية اخرى يبدو ان الخطوة التي أقدم عليها الجيش لاتجد الدعم الشعبي الكافي، رغم حشد الفنانين والمطربين خلف الحملة العسكرية. ويعتبرها كثير من المغردين على وسائط التواصل الاجتماعي، محاولة من القيادة العسكرية لترميم شرعيتها المتآكلة بحكم ما حدث في عملية فض اعتصام القيادة العامة، الذي راح ضحيته اكثر من 2500 مواطن بين قتيل ومفقود، حسب اعلان صحيفة الديمقراطي المحلية الاسبوع الماضي.

ويحمّل المواطنون المكوّن العسكري مسؤلية الجريمة، رغم ان لجنة التحقيق فيها برئاسة المحامي الكبير نبيل اديب لم تصدر تقريرها الختامي بعد. لكن مهما تكن النتيجة فان البلاد كانت وقت ارتكاب الجريمة تحت حكم المجلس العسكري، الذي ضم القيادات الحالية في مجلس السيادة. وقد مثل معظمهم امام لجنة التحقيق في اوقات سابقة.

كما يعتبر البعض التحركات العسكرية شرقي البلاد، محاولة لاطالة امد الفترة الانتقالية التي ربما شكلت اخر ايام العسكر في الحكم، بعد صدور قرار التحول الديمقراطي في السودان من قبل  الكونغرس الامريكي، ووصول قيادة الديمقراطيين الى البيت الابيض، والتي اظهرت مناصرتها للمدنيين في السودان، متزامنة مع  قدوم بعثة الامم المتحدة، بطلب من رئيس مجلس الوزراء حمدوك. وهذا وضع يصعب فيه الوصول مرة اخرى الى السلطة عبر الانقلاب العسكري. بل ان الادارة الامريكية ذهبت اشواطاً  ابعد، حين ربطت دعمها للسودان باستقرار الحكم المدني وعدم وضع الجيش عرلقيل امام الحكومة المدنية.

لكل ذلك تتجه القيادة العسكرية الى دغدغة عواطف الجمهور في محاولة لاصلاح ما فسد من تلك العلاقة، بعد العمليات المؤسفة التي شهدتها البلاد ابان ثورة ديسمبر المجيدة. وهي جهود محكوم  عليها  بالفشل، امام الاصرار المتزايد على مدنية السلطة. خاصة من قبل لجان المقاومة وتجمع اسر الشهداء وتجمع المهنيين. ويبدو جليا ان قيادة الجيش سوف تواجه الضغوط الدولية وهي مكشوفة الظهر.

عرض مقالات: