اخر الاخبار

يبدو ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته الألمانية أنالينا باربوك متفقان بشكل مفاجئ: لا يوجد بديل عن العلاقات الجيدة (لافروف)، أو على الأقل المستقرة (باربوك)، بين موسكو وبرلين. هذا ما قاله كلاهما، الثلاثاء الفائت، بعد اجتماعهما الأول في العاصمة الروسية موسكو. ولذلك يجب تجنب المزيد من التصعيد في الصراع بين الغرب وروسيا.

بالنسبة للحكومة الألمانية، كان الاجتماع محاولة لاستعادة مكانة ثابتة لها في المفاوضات مع موسكو. منذ أن تولى الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن رسميا قيادة المحادثات بين الغرب وروسيا خلال اجتماعه الالكتروني مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 7 كانون الأول،  وألغت الحكومة الروسية، اشكال الاجتماعات الأخرى، مثل اجتماع نورماندي بمشاركة اوربية غربية، اصبح دور المانيا وفرنسا ثانويا فقط. ان حصر المفاوضات بشأن النزاع الأوكراني بحلف الناتو وروسيا يعد نكسة كبيرة لبرلين، التي تعتبر نفسها تاريخيا القوة المهيمنة في أوروبا الشرقية. ووفقًا لما تمخض عن الاجتماع، نجحت باربوك في مناقشة خطوات مع لافروف حول كيفية استئناف المحادثات في صيغة اجتماع نورماندي على جميع المستويات.

بالإضافة إلى ذلك، أعلنت  وزيرة الخارجية الألمانية أن برلين “مستعدة لحوار جاد حول الاتفاقات والخطوات المتبادلة التي من شأنها تحقيق المزيد من الأمن للجميع في أوروبا”. وهذا يعني إجراء مزيد من المحادثات حول مطالبة روسيا بضمانات أمنية. وكانت المفاوضات في إطار مجلس الناتو وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا “خطوة أولى” في هذا الاتجاه. وكان لافروف قد صرح قبل الاجتماع أن موسكو تريد “علاقات بناءة أكثر مع ألمانيا” في المستقبل، “على قدم المساواة مع مراعاة مصالح كل منهما”. واشتكى وزير الخارجية من “الخطوط المعادية لروسيا” في بروكسل التي نسفت مرارا العلاقات الطيبة بين الجانبين. كما أصر على أن استئناف المحادثات على شكل نورماندي الذي طالبت به برلين يفترض مسبقا تنفيذ كييف للقرارات التي تم اتخاذها بالفعل.

وقبل الاجتماع، أكد المستشار الألماني أولاف شولتز، وسياسيون المان معنيون بالعلاقات الخارجية في برلين، مرة أخرى على التهديد الألماني المحتمل لموسكو. وخلال زيارة إلى مدريد يوم الاثنين الفائت، أعلن شولز أنه إذا اتخذت روسيا “خطوات عسكرية” في الأزمة الحالية، “فسيكون لذلك عواقب سياسية واقتصادية خطيرة”. وأشارته الأخيرة تعني عقوبات صارمة قد تؤثر على القطاع المالي الروسي.

وقال وزير الخارجية الألماني الاسبق سيغمار غابرييل في مقابلة مع جريدة تاكسشبيغل، الإثنين، إنه إذا هاجمت روسيا أوكرانيا فعليا، فإنها ستدمر “المتطلبات الأساسية لموافقة ألمانيا بشأن خط غاز نورد ستريم 2”. لقد كان واضحا خلال المفاوضات بشأن خط أنابيب الغاز الطبيعي، أن “استخدام خط الأنابيب عبر أوكرانيا” لن يكون موضع تساؤل “من الجانب الروسي”.

وأدلى المتحدث عن شؤون السياسة الخارجية في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المعارض، نوربرت روتغن، بتصريح مماثل يوم الإثنين، نبه فيه الى انه يجب تجنب أي انطباع بوجود اختلافات بين المانيا والولايات المتحدة.

وقال روتغن: “يجب على ألمانيا أن ترى نفسها جزءا من قوة أوروبية جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة الأمريكية”.

وبشان خلفيات الصراع، قال ستيفان مايستر من الجمعية الألمانية للعلاقات الخارجية الأسبوع الماضي، والذي غالبا ما أدلى بتصريحات مناهضة لروسيا، في ما يتعلق بالتصعيد الأخير للنزاع حول أوكرانيا: ان “هيمنة التصعيد” تتحمل مسؤوليتها روسيا، التي نجحت “بنشرها المكثف لقواتها” في فرض محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة. ومن خلال “الخطاب القاسي باستمرار” ومع مسودة الاتفاقيات الأمنية مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، “وضعت القيادة الأمريكية أخيرا تحت الضغط”. وأوضح مايستر أنه كخطوة أولى، يجب على المرء الآن العمل على “أخذ هيمنة موسكو التصعيدية بجدية، والانتقال من دور رد الفعل إلى دور نشط”.  وفي هذا السياق، يجب على المرء “وضع جميع الخيارات على الطاولة”، بما في ذلك “إيقاف خط الغاز نورد ستريم2 “.

ولكن، لم يعد كافياً “الإصرار على الوثائق المتفق عليها من أوائل التسعينيات”، مثل ميثاق باريس، في النزاعات مع روسيا، اعترف مايستر: من غير المرجح أن تحدث المفاوضات بشأن الضمانات الأمنية التي تطالب بها موسكو، ولا يمكن التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن على المدى القصير. لذلك يبدو من المناسب “تحويل قضايا الأمن الأوروبي إلى إطار تفاوضي متعدد الأطراف”، إلى “تنسيق فاعل متعدد الأطراف تتفاوض فيه الولايات المتحدة الأمريكية، جنبا إلى جنب مع الحلفاء الأوروبيين، على أفكارهم بشأن الأمن الأوروبي مع القيادة الروسية”.