اخر الاخبار

في 16 تشرين الأول الجاري، شهدت العاصمة الإيطالية روما مسيرة وتجمعا حاشدا لمناهضة الفاشية، شارك فيها وفق المنظمين 200 ألف. وجاءت المسيرة بدعوة من النقابات العمالية. وبعد أسبوع من اقتحام مجموعة من الفاشيين الجدد مقر أكبر اتحاد نقابي عمالي في إيطاليا “الكونفدرالية العامة” وتدميره جزئيا. لقد شارك في هذا الاعتداء قرابة 30 رجلاً وامرأة، بعضهم ملثمون، ومسلحون بالهراوات، وحطموا الأثاث وأجهزة الكمبيوتر، متذعرين بإجراءات الحكومة المرتبطة باستمرار الوباء. في مشهد مشابه لاقتحام أنصار ترامب في واشنطن مبنى الكابيتول، لكن الحجة هناك كانت اتهام الديمقراطيين بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

قَدم المشاركون من جميع انحاء البلاد، للرد على حالة الذعر التي سادت الجميع، وكما ذكر جميع المتحدثين، أن البلاد لم تشهد جريمة كهذه منذ قرابة 100 عام. وشارك العديد من التلاميذ والطلبة في المسيرة والتجمع الختامي في روما. وأعلنوا: “لقد جئنا إلى روما من جميع أنحاء إيطاليا لأننا نعتبر هذه المسيرة ضرورية: نحن نعتقد أنه يجب حظر جميع المنظمات الفاشية الجديدة تمامًا وإغلاق مقراتها”.  

يحتل السادس عشر من تشرين الأول 1943 موقعا في الذاكرة الجماعية للمدينة، في ذلك اليوم، داهمت قوات الاحتلال الألمانية مع الفاشيين الإيطاليين الحي اليهودي. ونقلت أكثر من ألف مواطن بالقطار إلى معسكر الاعتقال النازي أوشفيتس في المانيا. لقد عاد 16 منهم إلى روما، ومات الآخرون في الطريق، أو تمت ابادتهم في المعتقل. لقد ذَكر جميع المتحدثين في التجمع النهائي للمسيرة بهذه المجزرة، مع تعالي الصيحات “لن تتكرر ابدا”.

 وقال رئيس “الكونفدرالية العامة” ماوريتسيو لانديني إن “المسيرة المناهضة للفاشية ليست ضد أحد”. “إنها مسيرة للجميع، سواء كانوا يتفقون معنا أم لا. إنه تجمع من أجل الديمقراطية، من أجل دستورنا، والذي كان ممكنًا فقط لأننا قاتلنا الفاشية وهزمناها. “الآن حان الوقت لوضع حد لـ “العنف السياسي “. و”يجب حظر الجماعات الفاشية الجديدة فورا”. وقال لانديني: “لم يكن هذا هجومًا على نقابة بعينها. لقد كان هجومًا على جميع النقابات، على جميع العمال وليس فقط في إيطاليا”. وأشاد بالتضامن غير المحدود بعد ساعات من الهجوم في روما. وشدد لانديني على أنه يتعين على المرء بناء شبكة ديمقراطية ومعادية للفاشية في جميع أنحاء أوروبا: “لقد تعلمنا أن الديمقراطية لا يمكن تصديرها بالأسلحة، ولكن بالعمل والحقوق. لقد تعرضنا للهجوم بسبب هذا الدور الذي لعبه العمال دائمًا عبر التاريخ “. ومن جانبه أعرب لوكا فيسينتيني، الأمين العام لاتحاد نقابات العمال الأوروبي، الذي يضم أكثر من 45 مليون عضو، في المسيرة عن تضامنه مع الرفاق الإيطاليين”. 

ورد رئيس الوزراء الايطالي السابق ماسيمو داليما بشكل غير مباشر، على قوى اليمين التقليدي، التي شاركت في المسيرة، لكنها حاولت الخلط بين العنف الفاشي، وعنف من اسمتهم بـ „اليسار المتطرف: “إن العنف الفاشي ليس مجرد عنف، بل هو عنف يقوم على الشمولية التي حظرها دستورنا، الذي جاء نتيجة للانتصار على الشمولية الفاشية”.

لقد شهدت إيطاليا اضطرابات خلال الأيام والأسابيع الماضية القليلة الماضية، بسبب فرض الحكومة التطعيم أو إجراء الفحص الخاص بوباء كورونا على جميع العاملين. ولم يقابل هذا الفرض، برفض الذين يعارضون التطعيم فقط.  بل طالبت النقابات العمالية أيضًا بمجانية الفحص وعدم تحميل الشغيلة تكاليف إضافية.

وفي الوقت الذي نزل فيه المناهضون للفاشية إلى الشوارع في روما، اندلعت أعمال الشغب مرة أخرى في ميلانو، حيث خاضت مجموعات فاشية جديدة معارك شوارع حقيقية مع الشرطة. وكانت المجموعة الفاشية الجديدة التي هاجمت مقر النقابات قد تسللت من تظاهرة ضد التطعيم مماثلة لما جرى في ميلانوا، وينتمي أعضاؤها إلى حزب “فورتس نوفا” (القوة الجديدة) الفاشي الجديد، لهذا تتصاعد المطالبات بحظر نشاط هذا الحزب.

والمعروف ان هناك قانونا، منذ خمسينات القرن العشرين، نافذا في إيطاليا يقضي بحظر المنظمات الفاشية، لكن الحكومة الإيطالية بزعامة دراغي تترد في تطبيقه، مراهنة على عامل الزمن.

عرض مقالات: