اخر الاخبار

في نهاية جلسة مضطربة عقدت مساء يوم الأحد 13 حزيران الجاري، صوّت الكنيست  الإسرائيلي على منح الثقة لحكومة “التغيير” المقبلة  في إسرائيل؛ فمن بين 119 نائباً حضروا الجلسة (من أصل 120) صوّت 60 لصالح هذه الحكومة، وعارضها 59 نائباً، معظمهم من حزب الليكود وحزب الصهيونية الدينية وحزبي الحريديم. وكانت جلسة الكنسيت قد انتخبت، قبل التصويت على منح الثقة بالحكومة الجديدة، رئيساً جديداً للكنيست هو ميكي ليفي من حزب “يوجد مستقبل”، وذلك بأغلبية 67 نائباً...

من أقصى نتنياهو ؟

يعود الفضل الأكبر في إقصاء بنيامين نتنياهو عن سدة الحكم إلى يائير لبيد زعيم حزب “يوجد مستقبل”، الذي نجح،  بعد أن كلفه رئيس الدولة بتشكيل حكومة جديدة، في إقامة ائتلاف حكومي ضم سبعة أحزاب صهيونية مختلفة المشارب والتوجهات تصنف، بحسب التصنيفات السائدة في إسرائيل، في مواقع “اليمين القومي”، “والوسط” و”اليسار”، فضلاً عن حزب عربي إسلامي التوجه تمثله القائمة العربية الموحدة (راعم)...

وبحسب ورقة تقدير موقف أعدها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار”، يشير الأساس الإيديولوجي لحزب “يوجد مستقبل “ إلى أنه ينطلق من داخل الإجماع الصهيوني- اليهودي حول هوية الدولة؛ فالدولة بالنسبة له “لا يجب أن تكون يهودية في هويتها وتوجهاتها الثقافية فحسب، بل عليها أيضاً أن تكون ذات أغلبية يهودية، ودولة الشعب اليهودي في كل مكان”. وفي المجال  السياسي، يحمّل الحزب الفلسطينيين مسؤولية فشل “عملية السلام”، وهو يتبنى حل الدولتين، ولكن “ليس بدافع الاعتراف بحقوق الفلسطينيين الوطنية، بل بدافع الحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية مع أغلبية يهودية”، من دون العودة إلى خطوط الخامس من حزيران 1967، وعبر الإبقاء على الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، والإبقاء على القدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، وحل مشكلة اللاجئين في الدولة الفلسطينية فقط”.

“الانتهازي” الذي أطاح بمعلمه السابق

سيتولى نفتالي بينيت رئاسة الوزارة الائتلافية الجديدة حتى سنة 2023 وهو لا يملك سوى  مقاعد سبعة وحيدة فاز بها حزبه “يمينا” في الانتخابات التي جرت في آذار الفائت، تمّ تقليصها إلى ستة، برحيل النائب عميحاي شيكلي، وبذلك يكون قد حقق، كما وصفه أحد المحللين، “سرقة القرن السياسية في إسرائيل”. وبحسب الصحافية نوا لاندو، فإن ضعف الأحزاب “اليسارية” في هذه الحكومة هو الذي يفسر نجاح مناورة القومي المتطرف بينيت في ترؤسها، متوقعة أن تكون هذه الحكومة أكثر يمينية من حكومة نتنياهو السابقة، وأن تواصل عمليات استعمار الضفة الغربية. وتدلل على ذلك بتوزيع الحقائب على أقطابها، حيث يتسلم  المصنفون في مواقع “اليمين” الحقائب الوزارية الرئيسية فيها، إذ سيشغل يائير لبيد منصب وزير الخارجية في العامين الأولين من الحكومة، قبل أن يتسلم رئاستها من بينيت، وسيظل زعيم حزب “أزرق أبيض” بيني غانتس، الذي نقل بندقيته بسرعة مذهلة من كتف إلى كتف، وزيراً للدفاع، بينما سيتولى منصب وزير المالية أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب “يسرائيل بيتنا”؛ وسيكون رئيس “أمل جديد”، جدعون ساعر، وزيراً للعدل، وتتولى أييليت شاكيد من حزب “يمينا” منصب وزيرة الداخلية،  كما يتولى زئيف ألكين من حزب “أمل جديد” وزارة البناء والإسكان وشؤون القدس.

مواقف نفتالي بينيت العنصرية ضد العرب

يتطرق الصحافي سيلفان سيبل إلى مواقف نفتالي بينيت العنصرية إزاء العرب، فيذكر أنه  في أيلول 2010، دارت مناظرة تلفزيونية بينه وبين النائب العربي الفلسطيني أحمد طيبي، الذي أطلق عليه  اسم “المستعمِر”، فما كان منه إلا أن ردّ على الطيبي بقوله: “سأقولها ببساطة ووضوح: أرض إسرائيل لنا، لقد كانت أرضنا قبل نشوء الإسلام بوقت طويل”. لكن الطيبي وصفه بـ “المغتصب”، فرد عليه  بينيت بقوله : “كنت لا تزال تتسلق الأشجار عندما كانت الدولة اليهودية موجودة بالفعل!!”. ويضيف الصحافي نفسه أن الفكرة التي أعرب عنها بينيت، “عن مساواة العرب بالقردة كما فعل المتعصبون البيض في وصفهم للسود في الجنوب الأمريكي، لم تكن غريبة عليه”، على الرغم من سعيه، خلافاً  “لعدد كبير من حاخامات المستوطنات اليهودية أو نشطاء اليمين المتطرف الاستعماري الإسرائيلي - وكثير منهم ينضحون بالعدوان العنصري اللامحدود”، سعيه إلى “إظهار وجه متحضر وحديث، وعقلاني تقريبًا”. وفي آب 2013، تفاخر بينيت بقوله: “لقد قتلت الكثير من العرب في حياتي ، ولا مشكلة لدي في ذلك”.  ويتابع سيبل أن أييليت شاكيد، رفيقته في الحزب، لا تتحرج من أن “تقدم نفسها على أنها “فاشية” في إعلان لحملة سياسية”، وهي أوضحت، في إحدى المناسبات، أن “الحفاظ على الطبيعة اليهودية للدولة يأتي أولاً ، حتى على حساب رفض منح حقوق متساوية للمواطنين غير اليهود”...

على ماذا راهن منصور عباس؟

نجح نفتالي بينيت في الوصول إلى رئاسة ما سمي بحكومة “التغيير” بفضل الدعم الذي تلقاه من منصور عباس زعيم  القائمة العربية الموحدة “راعم”، وهي الواجهة البرلمانية في الكنيست للجناح الجنوبي في الحركة الإسلامية داخل مناطق 1948، بحيث أصبح “راعم”  أول حزب عربي ينضم إلى حكومة إسرائيلية.

وبرر منصور عباس انضمامه إلى ائتلاف “التغيير” بقوله: “لقد توصلنا إلى جملة هامة من الاتفاقات في مختلف المجالات التي تخدم مصلحة المجتمع العربي وتقدم حلولاً للقضايا الساخنة في المجتمع العربي – التخطيط وأزمة الإسكان وبالطبع مكافحة العنف والجريمة المنظمة”. ووعد عباس بتدفق الكثير من المنافع على منطقة النقب في جنوب إسرائيل، حيث يقع الثقل الانتخابي للقائمة العربية  الموحدة وسط المجتمعات البدوية في صحراء النقب...

إلى متى ستعمر حكومة الأضداد هذه؟

أجمعت الصحافة على وصف ائتلاف “التغيير”، الذي يجمع بين أحزابه قاسم مشترك واحد هو “إرادة إسقاط نتنياهو” بأنه “تحالف غريب” ستنتج عنه حكومة هشة. إذ توقع العديد من المحللين أن فرص حكومة بينيت-لبيد في البقاء بحلول 27 أب 2023، عندما يحل يائير لبيد محل نفتالي بينيت كرئيس للوزراء وفقًا لاتفاقية التناوب، ستكون ضئيلة في أحسن الأحوال. وهم يرون أن هذه الحكومة ستحاول التركيز على خفض منسوب “العنف اللفظي” غير المسبوق داخل المجتمع الإسرائيلي، وإعادة الاعتبار إلى القضاء، وتمرير الميزانية. لكنها ستواجه تحديات كبيرة تبدأ اليوم -عند كتابة هذا المقال- في التعامل مع المسيرة المزمعة لليمين الإسرائيلي المتطرف في القدس الشرقية، خصوصاً بعد أن هددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالرد إذا نظمت المسيرة بالقرب من ساحة المسجد الأقصى. وسيختلف أقطابها في الغالب فيما بينهم حول مسائل الاقتصاد والحقوق الاجتماعية، وعلاقة الدين بالدولة، وقضية ضم أجزاء من الضفة الغربية.  وبحسب دينيس شاربيت، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المفتوحة في تل أبيب، فإن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمنع التحالف من الانهيار بسرعة كبيرة هو منع بنيامين نتنياهو “من العودة إذا كان هو زعيم المعارضة”. أما الصحافي شارل إندرلين المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ، فهو يرى أن إسرائيل دخلت مع حكومة بينيت “منطقة مجهولة سياسيًا”، وهو يقدّر أن فشلها “سيؤدي حتما إلى انتخابات جديدة قد تكون مكلفة للغاية بالنسبة لمختلف الأحزاب التي تشكل هذه الحكومة”، وأنه سيتعين على الائتلاف الحاكم، “المتسم بالهشاشة، الذي توحده رغبته الوحيدة في الإطاحة بنيامين نتنياهو من السلطة، إيجاد أرضية مشتركة بشأن القضايا الداخلية والقضايا الحساسة مثل القضية الفلسطينية”، ويضيف: “يجب أن يظل الملف الفلسطيني على نار هادئة للغاية للسماح لمناصري الضم ومعارضيه بالتعايش”.

(مقتطفات)

موقع حزب الشعب الفلسطيني - 16 حزيران 2021

عرض مقالات: