اخر الاخبار

الصفحة الاولى

في حوار أجرته “طريق الشعب”

موسى فرج: إجراءات مكافحة الفساد لا تطال المتنفذين

بغداد ــــ سيف زهير

تواجه عمليات الضبط والاستقدام وأوامر الاعتقال التي تصدر من هيئة النزاهة والجهات القضائية المختصة، بحق موظفين ومسؤولين متهمين بالفساد، ملاحظات عدة تتعلق بجدية هذا العمل، وقدرته على مواجهة قوة المتنفذين، الذين يقفون خلف هذا الملف، ولا يطالهم الحساب.

ويقول الرئيس الأسبق لهيئة النزاهة، إن الجهود التي تبذل في طريق مكافحة الفاسد، لا تزال غير مؤثرة، ما لم تتوجه بوصلتها نحو كبار الفاسدين، فضلا عن تفعيل القرارات القضائية الصادرة مسبقا بحق ملفات كثيرة.

اقطاعية الفساد

ويقول موسى فرج، الرئيس الأسبق لهيئة النزاهة الاتحادية، في حوار اجرته معه “طريق الشعب”، يوم امس، إن “الفساد تحول الى اقطاعية كبيرة، تديرها جهات متنفذة، لا تزال تفلت من العقاب”.

ويضيف، ان تقييم مدى فاعلية الاجراءات التي يعلن عن اتخاذها، دوما، بحق متهمين “ليست المعيار الحقيقي لمعرفة تفاصيل هذا الملف والجدية بإنهائه، فلا بد من النظر الى الواقع وليس الاعلام، ومن هذا الواقع يتوضح تماما ان كبار الفاسدين المتنفذين، والذين يديرون مواقع مهمة بالبلد، في مأمن من المحاسبة والملاحقة”.

ويشير فرج الى أن “القوى المتنفذة بحاجة الى اموال طائلة لتسيير اعمال الفضائيات التي تروج لها، ولإدارة المليشيات التي تحميها، فضلا عن التسليح وغيرها من التفاصيل. وكل هذه الامور بحاجة الى تكاليف مالية باهظة يتم استقطاعها من عمليات النهب المستمرة في البلد”.

ولفت فرج الى أن الموظفين وبعض المسؤولين الذين تتم ملاحقتهم “هم الحلقة الاضعف في دوامة الفساد. ودائما تطال اجراءات النزاهة امثالهم، بينما تبقى رؤوس الفساد الكبيرة في مأمن”.

سياق عمل غير شفاف

ويتابع الرئيس الأسبق لهيئة النزاهة قوله: “في العراق، يبحث سياق مكافحة الفساد عن المرتكب المباشر. وهذا لوحده غير منطقي، فهل الذي يمارس الفساد في المنافذ الحدودية مسؤول نفسه؟ وكذلك الحال في موضوع تهريب النفط وبيع وشراء الدرجات الخاصة. كل هذه التفاصيل وغيرها تدار خيوطها بأصابع المتنفذين. وحتى مفوضية الانتخابات، يجري تقاسمها سرا أو علنا، ويحدد القضاة فيها أو الموظفون، ليتم التوافق عليهم بين رؤساء الكتل المتنفذة، وهذه واحدة من الاشكالات الكبيرة التي ما زالت مستمرة”.

ويشير المتحدث الى أن جريدة الوقائع في فترة السبعينات من القرن المنصرم “كانت تصدر اضافة الى موادها التقليدية، قرارات الحكم الصادرة بحق فاسدين مدانين، اضافة الى اسمائهم، وتكشف عن تفاصيل القضايا واموالهم المصادرة، في حين يجري حاليا التعتيم على المدانين بالفساد لغرض العمل لاحقا على ايجاد المخرج المناسب لهم”.

وأردف، “من الناحية الموضوعية، يكون صحيحا جدا أن يتم نشر الاحكام الصادرة بحق المدانين واسمائهم. وهذا لا يتم الان لأنه يضر بمصالح المتنفذين. كما ان ادّعاء الحكومات المتعاقبة بأن فلسفتها هي الوقاية من ارتكاب الجريمة يتناقض مع عدم الكشف عن الفاسدين والاعلان عنهم أمام الرأي العام”، مبينا انه “في دول عديدة، تنشر اسماء المتهمين بالفساد حتى قبل ان يدانوا من قبل القضاء، وهذا هو السياق الصحيح الذي يردع الكثير عن نواياهم، لكن في العراق اذا اردت الحديث عن جهة فاسدة او شخص متهم، سيلاحقك المتنفذون وتتم مقاضاتك والتضييق عليك”.

قرارات غير مفعلة

وبشأن الدور الحكومي لمتابعة ملفات الفساد، ينبه المتحدث الى “وجود قرارات قضائية صادرة ومكتسبة للدرجة القطعية، بإمكانها معالجة مشاكل عميقة، لكنها لا تفعّل وبقيت مهملة. فهناك قرار صادر عن المحكمة الاتحادية عام 2019 ينص على أن تثبيت المسؤولين ورؤساء الهيئات والدرجات العليا في مناصبهم بطريقة المحاصصة، غير شرعي، ويخالف القانون والدستور، فلماذا لا يتم تطبيقه ومواجهة الفساد الذي يعتاش على هذا السياق، ويضع الفاشلين في المناصب المهمة، وبالتالي يوفر مساحة كبيرة للسرقة والنهب والكومشنات؟”.

ويتابع بالقول: “هناك قرار قضائي آخر يمنع تجديد التراخيص لشركات الهاتف النقال ما لم تدفع الديون المترتبة بذمتها لصالح الحكومة، والتي تصل الى مليارات الدولارات، لكنه ايضا لم ينفذ والسبب يعود مجددا الى ارتباط هذا الملف بالقوى المتنفذة المستفيدة من هذا الأمر. كما تجدر الاشارة الى ان للعراق اموالا تبلغ قرابة 500 مليار دولار، جمدت بعد اجتياح النظام الدكتاتوري السابق للكويت، ولا بد من العمل على حل جذري لمصيرها، وتحريك الجهد الدبلوماسي نحوها، فضلا عن استمرار نزيف العملة الصعبة، وتبييض الأموال وتهريبها بواسطة العمليات التي تجري داخل مزاد بيع العملة الذي يستمر بهذا الاداء رغم جميع الملاحظات الجدية بشأنه، في حين تلعب المصارف الاهلية والتي هي عبارة عن دكاكين للفساد دورا في هذه العملية، وبرعاية متنفذين يديرونها، بضمنهم احد المسؤولين المدانين بقضية استيراد اجهزة كشف المتفجرات الفاشلة، والذي يدير من الخارج مصرفا اهليا يمارس عمله بحرية داخل العراق. وبمثل هذا السياق، يستمر الفساد على قدم وساق في الكثير من المفاصل المهمة، وسيبقى محميا ما لم تطل الاجراءات الرقابية المتنفذين الحقيقيين، وعدم الاكتفاء بالموظفين أو المسؤولين الصغار”.

**************

على طريق الشعب

الحذر.. الحذر!

الأوضاع الأمنية في بغداد وبعض المحافظات والمدن  تثير قلق المواطنين، خصوصا وانهم ظلوا بعيدين فترة من الزمن عن الاعمال الإرهابية لداعش وأمثاله من قوى الظلام.

فبعد الجريمة  النكراء في ساحة الطيران ببغداد، قامت عصابات داعش بالتعرض لمواقع عسكرية وامنية في صلاح الدين وديالى وغيرهما.

ومن المعلوم ان داعش تعرض الى ضربات شتت قواه واضعفت قدراته، وقلصت الى حدود كبيرة اعداد المتطوعين في صفوفه.

ولكن ورغم الانتصارات العسكرية المتحققة ضد هذا التنظيم المجرم، فانها لم تلحق به هزيمة كاملة. وكما اشرنا مرات عدة سابقا، فان تحقيق ذلك كان وما زال يحتاج الى حزمة متكاملة من الإجراءات: السياسة والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والثقافية والاعلامبة. وهو ما لم يتحقق حتى الان.

ان الاحداث الأخيرة، ورغم ما تبذله القوات العسكرية والأمنية على اختلاف صنوفها  من جهود، وما قدمته من شهداء وتضحيات، قد دقت ناقوس الخطر، وأشرت مجددا الثغرات والنواقص التي جرى التنبيه اليها مرارا، من دون اتخاذ خطوات جدية لمعالجتها.

اننا نشدد من جديد على أهمية وضرورة  إعادة  بناء المؤسسات العسكرية والأمنية، واسناد المسؤوليات فيها بعيدا عن التنافس السياسي والمحاصصة  والولاءات أيا كانت، واعتماد معايير الكفاءة والنزاهة  والتخلص من الفاسدين والمرتشين “والفضائيين”، وتربية المنتسبين بروح العقيدة الوطنية والإخلاص لقضايا الشعب والوطن، وأداء الواجبات وفقا لما هي مكلفة به دستوريا.

وقد اشرت التطورات كذلك الحاجة الماسة الى التنسيق والتآزر بين مختلف التشكيلات، وتحقيق وحدة القرار الأمني، كذلك الابتعاد عن تعدد المراكز فيه. فمن شأن هذا التعدد، الى جانب ضعف اليقظة وحالة الخدر وعدم التعامل الجدي مع المعلومات الأمنية والاستخبارية، والتمرد على الدولة ومؤسساتها، ان يتسبب في خروقات امنية فادحة، تلحق ضررا بالغا بأمن واستقرار البلد. ضررا يدفع المواطنون ثمنه شهداء وضحايا وخسائر مادية.

ويبقى  ملحا تنفيذ شعار حصر السلاح بيد الدولة، وتفكيك المليشيات المتمردة عليها  والخارجة عن القانون.

كذلك يتوجب ان لا تأتي التجاذبات السياسية، والتنافس والتدافع من اجل المواقع والمناصب والنفوذ، على  حساب أمن المواطن وحقه في الحياة وفي حفظ أمواله وممتلكاته.

ان أوضاع بلدنا لا تحتمل المزيد من الازمات والنكسات، ولا تدهورا جديدا في الملف الأمني وفي استقرار البلد.

وهذه مسؤولية الجميع من دون  استثناء.

**********

عملية أمنية تطيح بقيادات إرهابية في كركوك

بغداد ــــ طريق الشعب

أعلن جهاز مكافحة الإرهاب، أمس، عن قتل قيادات كبيرة في تنظيم داعش الارهابي بعملية نوعية جنوبي كركوك. وقال الجهاز في بيان طالعته “طريق الشعب”، “نُعلن لأبناء الشعب العراقي نجاح عملية نوعية لأبطال جهاز مُكافحة الإرهاب جرت فجر هذا اليوم (أمس) بمنطقة وادي الشاي جنوب مُحافظة كركوك حيثُ جرى اشتباكٌ مُباشر وحاسم داخل مضافات العدو، فجر فيها بعض الإرهابيين أنُفسهم على أبطالنا، والآخرون تم قتلهم ببنادق رجالنا الأشاوس”. واضاف أن “العملية النوعية أسفرت عن مقتل قيادات كبيرة في تنظيم داعـش الإرهابي وهُم كُلٌ من: مسؤول الطبابة العام، مسؤول الجُهد الهندسي العام، مسؤول الاتصالات والأجهزة الالكترونية في مُحافظة كركوك، وإرهابيين يعملان أمينين على مخازن التنظيم الإرهابي. كما وتم قتل عُنصرين إرهابيين، يعملان حارسين لهذه المضافات”.

*********

الاتحاد الأوروبي يخصص مبلغ لدعمها

العراق يدعو مجلس الامن لمراقبة الانتخابات

بغداد ـــ طريق الشعب

أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق، امس الأربعاء، إرسال بعثة خاصة للرقابة الانتخابية، نهاية الشهر الجاري. وقال سفير الاتحاد الأوروبي مارتن، ان “الاتحاد الأوروبي يدعم الانتخابات العراقيّة بمختلف مفاصلها، اذ خصص مبلغا معينا كدعم مالي للعملية الانتخابية في العراق”. وأضاف سفير الاتحاد الأوروبي، ان “بعثة الرقابة الانتخابية التي سيرسلها الاتحاد الأوربي المكونة من 6 اشخاص ستستمر مهمتها في العراق لمدة أسبوعين”. الى ذلك، أكد وزير الخارجية فؤاد حسين إرسال طلب إلى مجلس الأمن بشأن الرقابة الانتخابية. وقالت وزارة الخارجية في بيان طالعته “طريق الشعب” ان الوزير حسين “التقى رئيس بعثة الاتحاد الأوروبيّ مارتن هث، ونائبه جان بيرنارد، ورئيس البعثة الاستشارية التابعة للاتحاد الأوروبي في العراق”. وتابع البيان أن “الحكومة ماضية بإجراء الانتخابات التي تعد أحد أهم الأهداف الرئيسة في المنهاج الحكومي، مشدداً على “استعداد الحكومة لتوفير كل المتطلبات التي تقع على عاتقها، وتوفير الأجواء الآمنة لإجراء انتخابات نزيهة تلبي المعايير الدوليّة”.

**********

الشيوعي يستقبل حزب الحرية الايزيدي

بغداد ــــ طريق الشعب

استقبل الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، قبل ظهر الثلاثاء الماضي، وفدا من حزب الحرية والديمقراطية الايزيدي برئاسة رئيسه  السيد عمر صالح ابراهيم.

 وقدم الوفد الزائر في اللقاء عرضا للاوضاع في قضاء سنجار بمحافظة نينوى ولمسألة ادارته، والظروف الصعبة المحيطة بقضية الايزيديين ومعاناتهم.

وعبر الرفيق رائد فهمي عن تضامن الشيوعيين العراقيين مع الاخوة الايزيديين ودعمهم لمطالبهم المشروعة. 

وشدد الجانبان على أهمية اعادة اعمار قضاء سنجار وارساء قيم التعايش وتوفير الاجواء الآمنة لعودة النازحين وابعاد هذا الملف عن الصراعات السياسية.

وضم الوفد الزائر الى جانب رئيس حزب الحرية كلا من السادة فارس حربو مسؤول العلاقات وسعيد ملحم رئيس هيئة العشائر في قضاء سنجار وسليمان حي عضو المكتب السياسي، والسيدتين غزالة رشو الرئيسة المشتركة للادارة الذاتية في سنجار، وريهام حسن ممثلة حركة المرأة الايزيدية،.

وحضر اللقاء ايضا نائب سكرتير الحزب الرفيق مفيد الجزائري وعضوا لجنة العلاقات الوطنية فاضل الموسوي وعلي صبري.

********

راصد الطريق

متى يطل اللقاح على ديارنا ؟!

تتسابق دول العالم، ومنها دول منطقتنا، للحصول على لقاح كورونا عاجلا والمباشرة في استخدامه ، بل وبدأ العديد منها يعلن النسب المتحققة في عملية التلقيح.

وفي بلدنا الغارق في الازمات من كل نوع وشكل، لا نسمع سوى الوعود، في حين تواصل وزارة الصحة التحذير من المخاطر القادمة، والتنبيه الى اننا لسنا بمنأى عن طفرات الفيروس.

وقد اعلن ان العراق عضو في الكوفاكس، وان هذا سوف يسهل حصوله على اللقاح. واعلنت وزارة الصحة انها وقعت على عقد مع شركة فايزر، للحصول على مليون ونصف المليون جرعة على شكل وجبات، على ان تصل خلال الربع الأول من هذه السنة. وفِي تصريح سابق (كانون الأول ٢٠٢٠) قال وزير الصحة ان العراق حجز ١٦ مليون جرعة، ثم عاد الثلاثاء الماضي ليقول ان العراق وفر الأموال اللازمة؟!   فيما قال مدير الصحة العام “ان الشركات كانت تنتظر موافقة العراق لاقرار اللقاح”! 

فهلا قلتم للمواطنين ماذا فعلتم حقا ؟! .. من دون لف ودوران!

********

الصفحة الثانية

تحديد موعد وصول لقاح كورونا

بغداد ـ طريق الشعب

أعلن عضو لجنة الصحة والبيئة البرلمانية غايب العميري، امس الأربعاء، موعد وصول الشحنة الأولى من لقاح كورونا، مشيرا إلى أن كميتها تكفي لحوالي 20 في المائة من سكان العراق، أن “كميات أخرى سوف تصل تباعاً”.

وقال العميري في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، وتابعته “ طريق الشعب”، إن هذه الكمية “ستصل الى العراق خلال الربع الأول من العام 2021”، مشيرا الى  أن “وزارة الصحة اجرت الكثير من الاتصالات والمتابعة بشأن لقاح كورونا، حيث دخلت باتفاقية گابيس لضمان حصول العراق على اللقاح”، مبيناً أنه “بعد مباحثات مع الشركات المنتجة لهذا اللقاح كانت هناك بعض الاتفاقات مع شركة فايزر وشركات اخرى”.

واوضح العميري أن “الفئات المشمولة بجرعة اللقاح هي الكوادر الطبية وكبار السن وكذلك  أصحاب الأمراض المزمنة”.

************

كل خميس

مزيد من القروض

 مزيد من الارتهان

جاسم الحلفي

يجري وزير المالية السيد علي علاوي محادثات مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض مالي قيمته ٦ مليارات دولارات، حسبما ذكرت وكالة “بلومبيرغ”.

وذكرت وكالة “رويترز” من جانبها ان المبلغ عُرّف وفق طلب الحكومة العراقية، على انه “مساعدة طارئة بموجب أداة التمويل السريع بترتيب طويل الأمد، لدعم الإصلاحات الاقتصادية المخطط لها”.

والسؤال هنا هو: عن أية إصلاحات يتحدث الوزير؟ هل ما زال يعتقد ان “الورقة البيضاء” هي خريطة الطريق نحو الإصلاح وطريقه القويم؟ وينسى ان التفاؤل الذي اريد له ان يكون غطاء لتمرير مشروع الاقتراض الداخلي والخارجي، هو واقعا مخدر وقتي انتهى مفعوله؟

يبدو ان العمل يجري على قدم وساق لرهن العراق لدى صندوق النقد الدولي، الذي يفرض الالتزام بقيوده التي “ستجبر الحكومة العراقية في المستقبل على رفع الدعم وتوسيع القاعدة الضريبية للأجور، وزيادة تسعيرة الكهرباء، وفرض ضرائب على رواتب الموظفين، وزيادة أسعار الوقود، وغيرها من الإجراءات المجحفة والمؤلمة بالنسبة للعراقيين الذين يعانون الأزمات)، حسب تصريح مسؤول عراقي لجريدة “العربي الجديد”.

 معلوم ان صندوق النقد الدولي ليس جمعية خيرية، وانما هو مؤسسة مالية لخدمة الرأسمال المالي العابر للجنسيات، وسبق لشروطه ان دمرت البلدان التي أجبرت على الاقتراض منه، والتي نتج عنها من بين ما نتج، ازدياد الفجوة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء، وتفاقم الفقر الفاحش والمذل! فأي مستقبل ينتظر العراق واقتصاده وموارده في اطار منهج التوحش هذا الذي يحاول الوزير جرّ العراق اليه.

يبدو ان قانون الاقتراض واضعاف قيمة الدينار العراقي هو بداية طريق رهن العراق، وها قد جاء العجز البالغ ٧٢ ترليون دينار في موازنة 2021 بحجم ١٦٤ ترليون دينار، ليؤكد الإصرار على نهج الخراب هذا. وما المادة (47) من مشروع قانون الموازنة، التي تمنح الوزارات صلاحيات واسعة لبيع اصول الدولة العقارية والصناعية والزراعية وغيرها، الا الدليل على نهج الليبرالية المتوحشة، الذي اختطه وزير المالية وسارت عليه الحكومة، حيث  التفريط بتلك الأصول والممتلكات التي ستتلاقفها حيتان الفساد بابخس الاثمان. 

وطبيعي الا يكترث النهابون بقطاعات الصحة والتربية والتعليم. فهذه لم تتجاوز حصتها من الموازنة ٤,٥ في المائة، حيث بلغت ٨  تريليونات دينار عراقي فقط. وليست قطاعات الصناعة والزراعة وغيرها ورغم أهميتها ايضا، في حال احسن. فالمهم هو الحفاظ على تخصيصات الوقف الشيعي البالغة ٨٢٥  مليار دينار، والوقف السني ٣٦٠ مليارا، مع ان لدى الوقفين إيراداتهما الخاصة وما يمتلكان من عقارات، رغم كل ما قيل ويقال عن الفساد في إدارتهما.

وإذ لا يتسع المجال هنا لذكر امثلة كثيرة، فلا بد من الإشارة الى التخصيص المالي غير المبرر والبالغ ٢١ تريليون دينار، لمصروفات غير ضرورية، منها برامج خاصة لدوائر الدولة واحتفالات ومهرجانات وبرامج روتينية سنوية، فيما يعيش المهمشون والفقراء وذوو الدخل المحدود والقطاع غير المنظم في أوضاع مأساوية. وهو ما يبيّن ان وعود  محاربة الفقر والعوز ليست سوى كلام مجرد.

  وان ما يترشح من النقاشات البرلمانية لا يتجاوز التركيز على الابعاد الشكلية والمالية والقانونية، فيما تُغيّب عن قصد الأبعاد السياسية والآثار الاجتماعية، وضرورة مراعاة  العدالة في توزيع الموارد المالية.

ويبدو ان البعد المالي في الموازنة يتعلق بتحديد حجم الإنفاق وحجم الوارد وحساب العجز، ثم يتم توزيع الموارد بين الوزارات على اساس المحاصصة، وكأنها اقطاعات تابعة للكتل. في حين ان البعد الاجتماعي يتطلب ترتيب الأولويات العامة لمواجهة الفقر والامراض والامية، ولتأمين كل ما يحفظ كرامة الانسان وحقوقه.

************

تظاهرات الكهرباء تعود الى الشوارع

تظاهرات متواصلة تطالب بالخدمات وفرص العمل

بغداد ـ طريق الشعب

بدأت الاحتجاجات الجماهيرية المطلبية تتصاعد في موازاة تردي الواقع الخدمي، واستمرار التجاهل الحكومي لمطالب المتظاهرين.

ولجأ، أخيرا، عدد من المواطنين الى قطع الشوارع، احتجاجا على تردي خدمة تجهيز الكهرباء، فيما نظم عدد من العمال في الحقول النفطية وقفة احتجاجية على قرار عدم اعادتهم للعمل.

كشف مثيري الفتن

وفي محافظة واسط، طالب العشرات من المتظاهرين، خلال وقفة احتجاجية، نظموها امام مبنى محكمة الاستئناف في واسط، الجهات القضائية بالتحقيق لمعرفة المتسببين في حرق الخيمة المركزية في ساحة الاعتصام.

وقال المتظاهر عزيز نصار لـ”طريق الشعب”، ان “الجهات القضائية ملزمة بإجراء تحقيق شفاف لمعرفة مثيري الفتن المتسببين في هذا الفعل، ومحاسبتهم من اجل عدم عودة التوتر مرة اخرى الى المحافظة”، مطالبا “الحكومة المركزية والقوات الامنية والجهات القضائية بإيقاف الدعاوى الكيدية وحملات الاعتقال العشوائية ضد المتظاهرين”.

قطع للشوارع

من جانبهم، اقدم العشرات من المواطنين على حرق الاطارات في محافظة الديوانية، احتجاجا على تراجع تجهيز الكهرباء.

وذكر مراسل “طريق الشعب”، ميعاد القصير، ان “العشرات من المواطنين في الحي العسكري اقدموا على حرق الاطارات وقطع الشارع الرئيسي في المنطقة، احتجاجا على تراجع تجهيز ساعات الكهرباء بصورة كبيرة”.

في الاثناء، عاود العشرات من خريجي كليات الهندسة اعتصامهم أمام مستودع الديوانية النفطي، مطالبين بتوفير فرص العمل.

وقال القصير، ان “خريجي كليات الهندسة يطالبون الحكومة المركزية ووزارة النفط بتطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 174 لسنة 2019 القاضي بتعيينهم على ملاكات وزارة النفط وتوزيعهم على شركاتها”.

تظاهرة في بغداد

الى ذلك، تظاهر العشرات من منتسبي سجن البصرة المركزي أمام مبنى وزارة العدل في بغداد، احتجاجا على قرار نقلهم إلى مواقع في محافظات أخرى.

وطالب المحتجون بـ”انصافهم وإلغاء أوامر النقل والتكليف الصادرة بحقهم إلى محافظات أخرى غير البصرة”، مؤكدين أن “القرارات تسببت بإرهاقهم مادياً ومعنوياً وأثرت سلباً على عوائلهم”.

يُذكر ان قرارا صدر في وقت سابق من قبل وزارة العدل بنقل حوالي250 حارسا اصلاحيا من سجن البصرة المركزي إلى سجن الحلة المركزي الجديد، فضلا عن تنسيب 150 آخرين في وقت سابق إلى سجن الناصرية.

عمّال البصرة

في غضون ذلك، نظم عدد من العاملين في الشركات النفطية العاملة في حقول الزبير والرميلة النفطية في غرب البصرة وقفة احتجاجية، أمام مدخل احد المواقع النفطية في منطقة البرجسية، احتجاجا على قرار تسريحهم.

وقال المشارك في الوقفة علي ناصر في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “قرار الاستغناء عن خدماتنا صدر، العام الماضي عند توقف الشركات عن العمل بسبب إجراءات الوقاية من جائحة كورونا، وانخفاض اسعار النفط”، مبينا أن “الشركات عادت للعمل من جديد، وزالت اسباب الاستغناء عن خدماتنا، وعليه يجب اعادتنا للعمل اسوة بباقي الشركات”.

يُشار الى أن العشرات من موظفي الحراسات الأمنية في شركة الحديد والصلب، نظموا وقفة احتجاجية أمام موقع الشركة في خور الزبير، مطالبين بشمولهم في الحقوق الادارية للموظفين من علاوات مستحقة وترفيع سنوي.

سائقو المركبات

وفي السياق، قطع العشرات من اصحاب المركبات في كراج النقل الداخلي وسط مدينة الناصرية، جسر شارع النبي إبراهيم الخليل، احتجاجا على تبليغهم بإخلاء الكراج بعد منحه للاستثمار.

وطالب المتظاهرون الجهات الحكومية بتوفير بديل مناسب ومكان ملائم لعملهم قبل المضي بقرار اخلاء الكراج.

من جهتهم، جدّد العشرات من خريجي كليات الهندسة في محافظة المثنى تظاهراتهم أمام مبنى المحافظة، مطالبين بتوفير فرص العمل.

وقال المتظاهر مصطفى الحجيمي لـ”طريق الشعب”، ان “تظاهراتهم مستمرة منذ اكثر من عام، للمطالبة بإنصاف خريجي كليات الهندسة، وتوفير فرص عمل لهم في القطاع العام والخاص”، مبينا ان “الحكومة المحلية والمركزية صماء امام هذه المطالب المشروعة”.

***************

إضرابات طلابية احتجاجاً على آلية الامتحان

البصرة - حافظ الجاسم

لم تزل تداعيات قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بإجراء الامتحانات حضوريا، يلقي بظلاله على سير العملية التعليمية المتلكئة في الاساس، حيث نظم طلبة جامعة البصرة، اضرابا عن الدوام، احتجاجا على القرار، مطالبين بعودة الدوام كشرط اساسي للامتحان الحضوري.

وأعلن طلبة جامعات البصرة، الخميس الماضي، الاضراب عن الدوام، وعدم دخول المحاضرات بشقيها النظري والعملي، بعد تنظيمهم وقفات احتجاجية ومسيرات راجلة في كلية العلوم، لرفض القرار.

ووفقا بيان صدر من ممثلية الطلبة في كلية العلوم بالجامعة، تلقت “طريق الشعب”، نسخة منه، فان طلبتها اعلنوا “الاضراب عن الدخول للمحاضرات”، مشددين على ان “التعليم الالكتروني يقابله امتحان الكتروني، وغير ذلك مرفوض”.

ورهن البيان، “قبول الطلبة بالامتحانات الحضورية بعودة الدوام حضوريا في القاعات، واعادة شرح المواد النظرية في القاعات، وفتح الاقسام الداخلية لطلبة المحافظات”، مؤكدين “رفضهم اداء الامتحان دون تنفيذ هذه الشروط، فضلا عن توفير المستلزمات الضرورية للإجراءات الوقائية والصحية”.

معاقبة الطلبة

واتهم الطلبة جهات سياسية “متنفذة” بدفع وزارة التعليم العالي لاتخاذ قرارات تستهدف خفض مستوى التعليم وجودته.

وقال الطالب مرتجى عبد النبي لـ”طريق الشعب”، ان “الطلبة منذ بداية العام الدراسي، اقترحوا عودة الدوام حضوريا في الجامعات، اسوة بباقي المؤسسات والمرافق الحكومية، ولكن الوزارة اصرت على عدم عودة الدوام، ما يشير الى وجود جهات سياسية تعمد الى معاقبة الطلبة”، حسب قوله.

وأضاف أنهم مستمرون “في الاضراب لحين تحقيق مطالبهم”.

طلبة جامعة واسط

الى ذلك، تجمع عدد كبير من طلبة جامعة واسط، امام رئاسة الجامعة احتجاجا على قرار الوزارة.

وقال الطالب سجاد احمد لـ”طريق الشعب”، ان “القرار جاء بشكل ارتجالي، ودون اخبار مسبق، رغم كوننا طالبنا منذ البداية بعودة الدوام، لكن الوزارة عارضت الامر بحجة الخوف من انتشار وباء كورونا، لكنها عادت لتحدد آلية الامتحان بشكل حضوري”.

وأضاف ان “مطالبنا تتلخص بأن الامتحان الالكتروني يجب ان يعتمد في حال استمرار آلية الدوام بشكلها الحالي. اما في حال عودة الدوام بشكل حضوري، وهذا ما ندعو اليه، فنحن نرحب بالامتحان الحضوري أيضا، لما يحققه من عدالة، ويعطي لكل ذي حق حقه”.

**********

الصفحة الثالثة

الجرائم الانتخابية

في قانون انتخابات مجلس النواب الـعراقي

زهير ضياء الدين

تضمن قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بعددها (3603) الصادر بتاريخ 9/تشرين الثاني/2020 في الفصل  الثامن منه وضمن المواد ( 31/32/33/34/35/36/37) الأحكام الجزائية التي تتخذ بحق مرتكبي الجرائم الانتخابية و كالأتي:

  • تضمنت المادة (31) من القانون فرض عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ستة اشهر والغرامة بما لا يقل عن مائتين وخمسين الف دينار ولا تزيد عن مليون دينار في حالات التلاعب بعمليات التصويت كإدراج اسماء الناخبين بشكل غير صحيح مع علمه بذلك أو التصويت باسم غيره و استعمال حق الانتخاب لأكثر من مرة وتغيير إرادة الناخب الأمي.
  • اما المادة (32) من القانون فقضت بالحبس مدة لا تقل عن سنة بحق كل من استعمل التهديد أو القوة لتغيير ارادة الناخب أو طلبه لمنفعة نفسه أو لغيره لتغيير ارادة الناخب أو لنشره لأخبار غير صحيحة عن أحد المرشحين أو دخوله لأحد مقار الانتخابات حاملاً سلاحاً نارياً أو جارحاً أو اعتدى بالضرب على أحد العاملين في مراكز الاقتراع أو العبث بصناديق الاقتراع وسجلات الناخبين وكذلك لمن رشح نفسه لأكثر من دائرة أو قائمة انتخابية.
  • في حين قضت المادة (33) من القانون الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مليون دينار و لا تزيد عن خمسة ملايين دينار أو بكلا العقوبتين كل من استحوذ أو اخفى أو أعدم أو أتلف أو أفسد أو سرق أوراق الاقتراع أو سجلات الناخبين أو غير نتيجتها بأي من الطرق أو أخل بحرية الانتخاب أو نظامه باستعمال القوة.
  • وقضت المادة (34) من القانون بالحبس مدة لا تقل عن شهر أو بغرامة لا تزيد عن مليون دينار كل من علق البيانات أو الصور أو النشرات الانتخابية خارج الأماكن المخصصة لها.
  • بينما قضت المادة (35) من القانون بعقوبة الحبس لا تقل عن شهر و لا تزيد عن سنة بغرامة لا تقل عن مليون دينار و لا تزيد عن خمسة ملايين دينار أو بكلتا العقوبتين كل من تعمد الاعتداء على صور المرشحين أو برامجهم المنشورة لحساب أخر أو جهة معينة بقصد الاضرار بهذا المرشح أو أعلن عن انسحاب مرشح وهو يعلم أن ذلك غير صحيح بقصد التأثير على الناخبين وتحويل اصواتهم أو أعتدى على وسائل الدعاية المسموح بها قانوناً .
  • وقضت المادة (36) بفرض العقوبة على الشروع في جرائم الانتخاب المنصوص عليها في هذا القانون بعقوبة الجريمة التامة أي أن مجرد شروع الشخص بارتكاب إحدى الجرائم الانتخابية الواردة في القانون فيعاقب كما لو أتم ارتكاب الجريمة لمجرد الشروع بها.
  • كما قضت المادة (37) من القانون في حالة ثبوت مساهمة الكيان السياسي في ارتكاب أي من الجرائم الانتخابية المنصوص عليها في هذا القانون فيعاقب بغرامة مالية على أن لا يزيد مقدارها عن خمسة وعشرين مليون دينار.
  • ونرى أن العقوبات المقررة في القانون متدنية و لا تتناسب مع قد تسببه في تغيير نتائج الانتخابات لصالح قوائم و اشخاص من ذوي النفوذ مع علمنا بحجم التزوير والانتهاكات التي شابت العملية الانتخابية الأخيرة في عام 2018 و بالرغم من ذلك فهي في أعظم الحالات لم تطبق بحق مرتكبيها.
  • وأخيرا نود أن نبين أن قانون الاحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 الذي نشر بجريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم (4383) الصادر بتاريخ 12/10/2015 و أصبح نافذا والذي يشكل أحد اركان العملية الانتخابية قد نصت الفقرة (ثالثاً) من المادة (8) من القانون المتضمنة شرط تأسيس الاحزاب السياسية على ( ان لا يكون تأسيس الحزب وعمله متخذاً شكل التنظيمات العسكرية أو شبه العسكرية كما لا يجوز الارتباط بأية قوة مسلحة) لأن ذلك يؤثر سلباً على العملية الانتخابية مما يتطلب الأخذ بهذا الشرط عند إجازة الأحزاب السياسية .

****************************

د. احمد ابراهيم لـ”طريق الشعب”:

سنخوض الانتخابات القادمة في جبهة واسعة مع قوى مدنية وديمقراطية

بغداد - طريق الشعب

أكد المنسق العام للتيار الديمقراطي  العراقي الدكتور احمد ابراهيم، أمس، ان الاجتماع الاخير للتيار، بلور افكارا عدة، اهمها عقد المؤتمر الثالث للتيار.

وكشف ابراهيم عن ان التيار سيخوض الانتخابات القادمة في جبهة واسعة للقوى المدنية والديمقراطية.

وقال المنسق العام للتيار الديمقراطي العراقي، في حديث خصّ به “طريق الشعب”، إن “اجتماع اللجنة العليا للتيار الديمقراطي جاء بعد فترة من الانقطاع، وبعد سلسلة من الاحداث المهمة جداً، التي أخذت تتطور بشكل لافت للنظر، تمثلت في ملاحقة ناشطي تشرين، واغتيال البعض منهم، ومواصلة القوى السياسية لسلوكها المنفرد في السلطة”.

وأضاف انه “في ضوء هذا الاحداث، برزت فكرة ضرورة إعادة نشاط التيار الديمقراطي، واحياء دوره في المجتمع. كما أنه يتمتع بمزايا خاصة منها وحدة الرأي والهدف، وقوة التنظيم”، لافتاً الى ان “التيار سيخوض الانتخابات القادمة في جبهة واسعة للقوى المدنية الديمقراطية”.

وأوضح انه “تم الاتفاق على عقد الاجتماع للجنة العليا، ولدراسة كل ما يحدث في البلد، وما يخص الحركة المدنية الديمقراطية”، مبيناً ان حديثاً آخر جرى بخصوص “الانتخابات القادمة التي تسعى من خلالها القوى السياسية الى تأمين حظوظها، كون ان الانتخابات القادمة تعتبرها كل القوى السياسية بأنها حاسمة ومفصلية”. 

وأشار المنسق العام الى ان واحدة من اهم مخرجات الاجتماع، هي انه “تم الاتفاق من خلاله على عقد المؤتمر الثالث للتيار، وبدأنا التخطيط لعقد المؤتمر القادم، والذي من شأنه ان يعجّل من وتيرة انجاح المؤتمر”.

وأكد ان “المؤتمر يتطلب اعادة النظر في قراءة النظام الداخلي، بما يجعل التيار اكثر مرونة في استيعاب الفعاليات والنشاطات، في ضوء المستجدات القادمة مع احتمالية التوسعات التي ممكن ان تحدث في التيار”.

وذكر المنسق، ان الاجتماع تطرق الى “اهمية توسيع الاطر التنظيمية لاستيعاب القوى المدنية، سيما وان اطرافا عديدة تتمثل بقوى شبابية وسياسية لديها رغبة قوية في أن تكون جزءا من التيار الديمقراطي؛ فالتيار الديمقراطي في طريقه للتوجه نحو هذه القوى”.

وخلص ابراهيم الى أن المجتمعين “جددوا التأكيد على دعم حركة تشرين، بما تحمله من مضامين وطنية ورؤيا مستقبلية”، لافتاً الى “الاشتغال على ان يكون التيار الديمقراطي تيارا مجتمعيا واسعا يتبنى الديمقراطية على قاعدة العدالة الاجتماعية.

وهو المنهج الثابت للتيار، ومن اولويات العمل في المرحلة القادمة”.

********************

‏ «نهضة بغداد»

تواصل اكساء شوارع جانبي الكرخ ‏والرصافة ‏

بغداد - طريق الشعب

تواصلت أمانة بغداد، أمس، إكساء الشوارع في المناطق المختلفة من العاصمة، ضمن حملة “نهضة بغداد” التي اطلقتها مؤخراً، التي تستهدف صيانة  16 مليون ‏م2 على جانبي الكرخ والرصافي.  ‏

وكشف أمين بغداد علاء معن، عن آخر التطورات الحاصلة في مشروع ‏‏”نهضة بغداد”، فيما أشار الى أنه “يسير وفق خطة تنص على إكساء 400 ‏ألف متر مربع كل 10 أيام”.  ‏

وذكر بيان للأمانة، طالعته “طريق الشعب”، أن “امين بغداد اشرف على ‏اكساء واعمار شارع الصدرية معلناً أن حملة اكساء الشوارع في العاصمة ‏مستمرة وبوتيرة عالية ضمن حملة نهضة بغداد وبأشراف مباشر من رئيس ‏الوزراء”.    ‏

وقال أمين بغداد، بحسب البيان، إن “حملة اكساء وتطوير شارع الصدرية الذي ‏كان مغلقاً لمدة 14 عاماً هي استكمال لمشروع نهضة بغداد بحملاته ‏المتعددة، ونسعى لتطوير الواجهات والاعمدة والرواق بأكمله”.    ‏ وتابع حملة الاكساء مستمرة حتى اكساء مساحة (16) مليون م2 ‏في احياء جانبي الرصافة والكرخ من العاصمة، مشيرا الى الشروع “قريباً ‏في اكساء وتطوير شارع الجمهورية”. واكد، “سنباشر كذلك حملات اكساء ‏المحلات السكنية شرق القناة ومحلات اخرى غرب بغداد ومناطق اخرى ‏متعددة”.    ‏ونبه الى أن “هذه الحملة ليست الوحيدة بل هناك حملات انطلقت بشكل ‏متزامن، ومنها تطوير مدينة الصدر، اذ تم  انجاز اكساء عدد من شوارعها”.    ‏

وأشار الى أن “هذا المشروع جاء تحشيداً لكل موارد وجهود الدولة لتقليل ‏الانفاق والكلف المالية في ظل الظرف الاقتصادي للبلد عبر اشراك ‏ومساندة المؤسسات في هذه الحملات ومنها وزارات النفط، والاعمار ‏والاسكان، والصناعة، والحشد الشعبي”.    ‏

ودعا امين بغداد اصحاب المحال التجارية الى “عدم التجاوز على الارصفة ‏كونها حقا للمواطنين وضرورة التعاون مع ملاكات امانة بغداد عبر تنظيم ‏بضاعتهم ضمن حدود محالهم بغية خلق مدينة زاهية ومتطورة خالية من ‏التجاوزات”.   

***************

الصفحة الرابعة

لبرنامج «يحدث في العراق»:

الجميلي: الحزب الشيوعي يسعى لاستنهاض التيار الديمقراطي وهو منفتح على قوى تشرينية

البطاط: الارادة السياسية غير مكتملة لدى الكتل المتمثلة في البرلمان

طريق الشعب/ خاص

خصصت  حلقة السبت الموافق 23 كانون الثاني الجاري لبرنامج “ يحدث في العراق الذي يعده ويقدمه المركز الإعلامي للحزب الشيوعي العراقي، لمناقشة ملف “الانتخابات المبكرة.. بين مناورات القوى المتنفذة وتداعيات انتفاضة تشرين” باستضافة الرفيق د. صبحي الجميلي، عضو المكتب السياسي للحزب  والسيد  سعد البطاط،  رئيس شبكة عين لمراقبة الانتخابات. وعلى مدى ساعة حوارية قدمها عضو اللجنة المركزية للحزب علي صاحب، طرحت فيها  العديد من الاسئلة لمعالجة عدة قضايا وايضاح مواضيع سياسية وفنية متعلقة بإجراء الانتخابات المبكرة.

في أدناه تفاصيل الحلقة:

الجميلي: قوى سياسية  قلقة

من إجراء الانتخابات المبكرة

باعتقادكم ما هي الدوافع الحقيقية لتأجيل الانتخابات من شهر حزيران الى شهر تشرين؟

الجميلي: المعلن من المفوضية وحسب بيان رسمي،  بان هناك امرين  بالنسبة للمفوضية؛ الاول فني. ولربما الحديث هنا يذهب للبطاقة البايومترية، وايضا تسجيل المواليد الذين يحق لهم الانتخاب في هذه السنة.  طالما تأجلت الانتخابات، هناك ثلاثة مواليد سيحق لها الانتخاب. اما السبب الاخر ـ كما تقول المفوضية ـ فهو تشريعي، له علاقة بقانون المحكمة الاتحادية. ليس بالضرورة ان يخرج قانون جديد، لربما يتم تعديل المادة المتعلقة بالمحكمة الاتحادية، بحيث تستكمل قوامها. وكما تعرفون هي الجهة المخولة للتصديق على الانتخابات.

بالتأكيد هناك قوى لم تكن تريد منذ البداية ان تجرى الانتخابات في وقتها، لانها تخمّن مدى امكانية حصولها على مواقع أو احتفاظها بمواقعها السابقة. وفي مقابل ذلك هناك قوى اخرى لربما متحمسة لاجراء الانتخابات. ونستطيع القول ان المعلن هو دوافع فنية وتشريعية، لكن لا يخلو الامر من تجاذبات وصراعات سياسية وقلق جدي من بعض القوى، خصوصا وان الدعوة للانتخابات المبكرة قد تمت من قبل قوى الانتفاضة، وهي عبرت عن تطلعات غالبية العراقيين . والكثير منهم بدأ تنظيم نفسه، والاعلان عن كتل  وتنظيميات جديدة. وآخرون من تلك القوى اعلنوا التوجه الى الانتخابات. ولا بد ان نرى الدوافع والتجاذبات السياسية وراء هذا التأجيل. والقلق الاكبر هو ان لا يصمد هذا الموعد ايضا. الان نسمع احاديث كثيرة لربما لا تجري الانتخابات في 2021 وقد تُدفع الى 2022. والبعض يتحدث عن انه حتى في 2022 ربما تكون هناك صعوبة في اجرائها، لأن لا يجد من السهل أن يلجأ مجلس النواب الى حل نفسه. وهنا نسأل هل مجلس النواب قادر على حل نفسه قبل 45 يوما من الموعد الجديد المعلن؟ على البرلمان أن يعلن انه فعلا سيتمسك بالموعد الجديد. كما لا بدّ ان يصدر بيان رئاسي من رئيس الجمهورية، يتبنى الموعد الجديد، ليكون ملزما لمجلس النواب بأن يحل نفسه قبل 45 يوما من الانتخابات.

كيف تقيمون الاستعدادات للانتخابات المبكرة؟ هل باعتقادكم أن المفوضية قادرة على إدارة العملية الانتخابية في موعدها المحدد؟

البطاط: بالنسبة للمفوضية هناك اسباب فنية بحتة بما يخص التأجيل؛ فتحديد موعد الانتخابات من قبل الحكومة دون اخذ رأي المفوضية هو مخالفة قانونية اصلا، والقضية الاخرى تتعلق بالشركة الكورية التي جهزت العراق بأجهزة التحقق، والتي طلبت منذ  كانون الثاني منحها مدة خمسة اشهر لتكون قادرة على اكمال حوالي 58 الف جهاز تحقق. القضية الاخرى هي مشكلة موظفي العقود؛ فهناك حوالي 6 الاف شاب معتصم ومضرب عن العمل، وهذا تسبب بتعطيل عملية تحديث سجل الناخبين. نحن كمراقبين نشعر ان الارادة السياسية غير مكتملة لدى الكتل المتمثلة في البرلمان ، لانهم يعتقدون ان الانتخابات ستكون في الصيف، وهناك نقص في الخدمات والكهرباء . ويصادف ان شهر رمضان يسبق الانتخابات، وبالتالي فكلّ هذه الاسباب والمعطيات ستتسبب بالتأجيل. وهناك موعد شبه متفق عليه، وهو نيسان 2022، وبالتالي لا توجد انتخابات مبكرة، ولا ضغط جماهيري في هذا الموعد.

البطاط: المراقبة الدولية مهمة

والمحلية أكثر أهمية

بحسب مراقبين وعدد من المطلعين على الاستعدادات الانتخابية، فإن المفوضية غير متفاعلة مع شبكات المراقبة بالشكل الكافي الذي تعودت عليه المنظمات . بالمقابل يتم التفاعل مع المراقبين الدوليين، هل عانيتم من هذا الشيء؟

البطاط: نعم، في الحقيقة هم يعتقدون ان المراقبة الدولية هي ما تعطي الشرعية للانتخابات. المراقب الدولي يراقب معايير معينة. أي مجموعة من المعايير العامة. اما المراقبة المحلية فتدخل في دقائق الامور وتفاصيلها. اما ما يخص المفوضية (التشكيلة الجديدة)، فمع احترامي للسادة القضاة، لكن القاضي العراقي يعيش في برج ، والموظفون يجدون صعوبة شديدة في التواصل  مع مجلس المفوضية. على العكس من الدورات السابقة، التي كان من الممكن انجاز الامور من خلال الاتصال التلفوني . اما المجلس الحالي فهناك صعوبة في التعامل  معه. حتى مكتب رئيس الوزراء يجد صعوبة في التواصل مع المفوضية، لكن بالنتيجة علينا دعم المفوضية، لان هناك علاقة مشتركة، ونحن سلسلة، حلقة تكمل الاخرى، ولا يمكن توجيه الانتقاد الشديد، وعلينا ان نتقبل الوضع ونقدم المشورة والدعم لهم.

الجميلي: دوافع الحراك الاحتجاجي باقية

المفوضية قالت إنها جاهزة. والآن الاستاذ سعد يتحدث عن جملة من الاشكاليات الفنية التي تحتاج لوقت. السبب المعلن هو فني، لكن في داخله يمكن أن تكون هناك أسباب سياسية. وهذا يأخذنا الى سؤال: هل المفوضية تخضع  لضغوطات من قبل الكتل المتنفذة، من اجل اجراء الانتخابات في 2022؟

الجميلي: الان نحن نتحدث عن انتخابات مبكرة. وحقيقة الامر لم تعد الانتخابات مبكرة. لربما تمت الاشارة الى انها ستدفع الى نيسان او ما بعد نيسان. واي حديث عن الغائها  هو تجاوز على مطلب شعبي واسع باجراء الانتخابات المبكرة. علينا أن نتصور أنه لو جرت هذه الانتخابات في 2019، وفي زخم الحراك الجماهيري، فإن القوى المتنفذة تدرك ماذا سيحصل لها حينها، لذلك عملوا في عدة اتجاهات لتفتيت قوى الانتفاضة، وضربها، وتشتيت الاحاديث عن اهدافها: اتهامات واغتيالات واختطافات.. الخ، ولكن من المؤكد ان الاحداث الاخيرة، وخصوصا ما حصل في ساحة الحبوبي وغيرها من الساحات، يؤكد انهم على خطأ.

إن الحراك الجماهيري الذي بدأ في 2011 له اسبابه. والدوافع لم تنته بعد. إذ أنه يمكن ان يتجدد على نحو كبير. الاستاذ سعد اشار الى 6 الاف شاب يبحث عن عمل في المفوضية نفسها. أكثر الذين يعانون البطالة، هم خريجو الجامعات الذين يفترشون الشوارع، وبالتالي هذا الحراك ادى الى ان يتم طرح موضوع الانتخابات المبكرة على جدول العمل. مثل هذا الحراك قادر على إجبار المتنفذين على أن يقولوا نعم، سنجرب الانتخابات في هذا الموعد. ولا بد من الاشارة الى ان هناك قوى سياسية لا تريد ان تؤجل الانتخابات، وهي قوى ليست صغيرة، انما تمثل جماهير واسعة.

هل المفوضية مستقلة؟ مع جلّ الاحترام للسادة القضاة، لكن من الصعب ان نتحدث عن حيادية واستقلالية تامة. هناك صعوبة في ان نقول لا توجد ضغوط ودوافع سياسية وراء ما يحصل. دعنا  اقول ان المشكلة ليست فقط بالمفوضية، لدينا دوائر واقسام ولجان المفوضية، خصوصا في المحافظات، والتي حصلت فيها تغييرات واسعة.

البطاط: المفوضية قدمت تسهيلات للمواطنين

ألا تعتقد ان هناك ضعفا في الحملة الدعائية التي تحث المواطنين على تحديث السجل الانتخابي؛ فهناك 14 مليون مواطن فقط من حدّث سجله الانتخابي، مقابل 10 ملايين لم يحدثوا بطاقاتهم؟ هل تتفقون ان هناك تقييدات من المفوضية في عملية التحديث؟ ألا تعتقد ان هذه مقدمات لعملية عدم اعطاء الفرصة للمواطنين للادلاء باصواتهم؟

البطاط: اتفق بخصوص الحملة الاعلامية. لقد كانت حملة خجولة جدا. لم نر حملات مثل السنوات السابقة. اما بخصوص الجزء الاول من السؤال، فالمفوضية قدمت كل التسهيلات للتحديث. والان هناك 16 مليون مواطن، حدثوا بطاقاتهم الانتخابية، لذلك تم تمديد التحديث الى نهاية اذار. اما قضية الفقدان فهذه قضية قانونية، يمكن دفع غرامة ومن ثم التحديث. المفوضية قدمت التسهيلات بحكم المتوفر. والان تحاول أيضا تقديم تسهيلات. نريد أن نقول من خلالكم للمواطنين: حتى وإن اردت مقاطعة  الانتخابات لكن حدث بطاقتك. نحن كشبكة مراقبة نطالب الناس بالمشاركة، لان المشاركة الواسعة تساعد في القضاء على الفاسدين واحداث التغيير.

يعتقد بعض المرشحين المستقلين أن هناك قيودا كبيرة عليهم. باعتقادكم كمراقبين ألا ترون أن هذه القيود والشروط مجحفة بحق المستقلين، والتي من بينها الطلب منهم 500 توقيع بالإضافة الى مبلغ 5 ملايين دينار ؟

البطاط: في الحقيقة اذا لم أكن أملك 500 صوت في الدائرة التي سأرشح عنها، فما الفائدة من ترشيحي. اما قضية الـ5 ملايين فهي للمستقلين، و25 للقوائم. المشكلة هي قانون المحكمة الاتحادية؛ إذ لغاية الان نعرف سبب تعطيله، والان هناك نقص ثلاثة اعضاء في المحكمة الاتحادية. القضية الأخرى  تتعلق بمجلس النواب، الذي أعاد قانون الانتخابات بعد المصادقة عليه من رئيس الجمهورية، حتى يجرون عليه تعديلات اخرى. هم يدعون انها تعديلات بالصياغة، لكننا نعرف انها ليست بالصياغة. وسيحصل التعديل بما يتلاءم مع قضايا اخرى. بالتالي هذه القضايا المهمة التي يجب ان نتحدث عنها.

الجميلي: يجب أن يكون الملف الامني أولوية الحكومة لإنجاح الانتخابات

الحزب الشيوعي طرح أكثر من وثيقة، تخص شروطا محددة للعملية الانتخابية. وهذه الشروط واجبة حتى تساهم في زيادة زخم المشاركة في الانتخابات، هل بالامكان تذكير الجمهور بهذه الشروط؟

الجميلي: في الحقيقة نحن كنا نذكر بهذه المستلزمات من اول انتخابات للجمعية الوطنية، وحتى الان. وفي مجرى العملية الانتخابية ظهرت سلبيات وثغرات جدية، والان أضيفت قضايا اخرى وخصوصا بما يتعلق بالامن والاستقرار وضبط السلاح بيد الدولة، ومعالجة قضية  المليشيات المسلحة ومدى ضغطها على الشارع.  شاهدت من خلال إحدى الفضائيات، حديثا نقلته بالصوت والصورة عن أكاديميين من البصرة، قالوا فيه إنهم تعرضوا الى التهديد، لمجرد ابداء النية في الترشيح. سمعت ايضا ان قوى متنفذة تقول ان هذه الدائرة لنا، او إنها الى الشخص الفلاني. ولا يحق لأحد الترشيح فيها. اعتقد ان هذا الهاجس اساسي. وبالتالي كيف تستطيع الحكومة توفير الاجواء الملائمة للعملية الانتخابية؟ الجانب الاخر هو جانب الارهاب وما حصل يوم الخميس من جريمة بشعة في ساحة الطيران. نحن نقول دائما ان الملف الامني قائم ومفتوح ولم ينته بعد. وبالتالي لا بد من الحذر والجهوزية. وهذا لا يعالج أيضا  في ظل وجود الفجوة الحاصلة بين المواطنين ومؤسسات الدولة. الجانب الامني مهم، فلا بد ان يعطى الاولوية والاهتمام. الان الاجراءات الامنية يجب ان ترافق كل التحضيرات للعملية الانتخابية، لأنه يفترض أن يشعر الناخب بالأمان والاطمئنان على انه سيخوض الانتخابات بكل حرية. المفوضية عليها ان تقوم بدورها. والسادة القضاة يعرفون جيدا ان من يملك سلاحا لا يحق له الترشيح على وفق قانون الاحزاب، فهل هذا مطبق؟ في الحقيقة لا. لماذا لا يحدد المال السياسي   على الحملات الانتخابية؟ الرشاوى وتوزيع المواد والاموال، لا نريد أن تتكرر هذه الصورة الان، وخصوصا ان الحكومة تعلن بانها ستوفر الاجواء المناسبة. اذن هي على المحك، وانها امام تحدٍ في أن توفر فعلا الاجواء الآمنة لاجراء هذه الانتخابات، والانتهاء من كافة الاجراءات اللوجستية.

أضمّ صوتي الى ما قاله الاستاذ سعد. نحن ندعو المواطنين الى تحديث السجل الانتخابي والحصول على البطاقة البايومترية؛ فالتجديد يقطع الطريق على الفاسدين، لان بقاء الفراغ، يمكن ملؤه بأي شكل من الاشكال! البطاقة البايومترية هي احد الضمانات. ولا نستطيع ان نقول إن الضامن الوحيد هي البطاقة. هي واحدة من الضمانات، لذلك نحتاج الى مراقبين محليين ومراقبين دوليين فاعلين. وزارة الخارجية ناشدت الامم المتحدة، وناشدت مجلس الامن من اجل توفير الرقابة. وعلى ما اذكر بعد يوم واحد من هذه المناشدة، اعلن عن تأجيل الانتخابات، وايضا بعد يومين من بيان وتصريح للمفوضية بأنها جاهزة فنيا لاجراء الانتخابات، وهذا يعكس لنا الاجواء والضغط الذي حصل.

البطاط: من يبحث عن التغيير عليه المشاركة في اختيار الافضل

الكثير يتحدث عن انتخابات 2018 بأن نسبة المشاركة فيها كانت ضعيفة، على عكس النتائج التي تم اعلانها. الان وفي ظل هذه الظروف ـ وتشرين طالبت بانتخابات مبكرة ـ باعتقادكم كشبكة مراقبة كيف ترون نسبة المشاركة في الانتخابات القادمة؟

البطاط: نحن نعتقد ان المشاركة في الانتخابات القادمة ستكون جيدة، خصوصا وان هناك حملات توعية كبيرة ستنطلق. من يبحث عن التغيير عليه ان يشارك في اختيار الافضل. المقاطعة في الحقيقة لا تخدم احدا. ونحن نراهن على وعي الناس وهذا مهم جدا. الناس عليهم اختيار الاصلح ، بغض النظر عن الانتماءات الحزبية والعرقية والاثنية. نحن نعتقد أن الانتخابات القادمة سترفع نسبة المشاركة، وستكون مفاجأة من الشعب العراقي الذي سيقول كلمته، ويعاقب بها السيّئين عقوبة غير مسبوقة من خلال صندوق الاقتراع.

ما الاستعدادات التي تجريها شبكات المراقبة في الوقت الحالي من اجل الانتخابات؟

البطاط:  اصدرنا بيانا يوم امس؛ ففي ظل امكانياتنا الحالية وعدم وجود تمويل، قلنا نحن قادرون على تغطية 20 في المائة من محطات الاقتراع البالغة 56 الف محطة. وبالتالي هذه النسبة غير قليلة في حال توفر التمويل من اجل زيادتها ، التي نعتقد أنها ستكون مضاعفة للمراقبة. اما باقي الاجراءات فنحن كشبكات مراقبة متحالفة، نراقب عملية تحديث سجل الناخبين. راقبنا قبلها عملية اختيار المدراء العامين. كل المراحل التي ستمارسها المفوضية، سنكون موجودين، ونراقبها خطوة بخطوة.

الجميلي:  دعونا الى ان تنظم الحركة الاحتجاجية نفسها

اليوم عقد اجتماع للتيار الديمقراطي، وسبق ذلك مجموعة من اللقاءات والحراك السياسي. والشيوعيون كانوا جزءا من هذا الحراك. هل من الممكن أن يمهد ذلك في المستقبل الى توحيد هذه الجهود كمدنيين وديمقراطيين وقوى انتفاضة ضمن تحالف واسع كبير، يضم كل هذه القوى؟

الجميلي: نعم، حصل الاجتماع اليوم صباحا في بغداد. اجتماع اللجنة العليا للتيار الديمقراطي، وكان اجتماعا مثمرا وبنّاء، على طريق استنهاض التيار الديمقراطي واستنهاض هيئاته، وان تقوم بعملها سواء في بغداد ام المحافظات ام حتى في الخارج؛ حيث تنسيقيات الخارج لم تنقطع عن العمل. اجتماع اليوم  كان يراد منه ان يكون اوسع، لكن بسبب بعض القضايا الفنية بفعل فيروس كورونا وعدم استطاعة السفر، اقتصرت  المشاركة على الاخوة الذين استطاعوا الحضور. وكان مباشرا وليس الكترونيا. كان هناك نقاش حيوي وسعي جدي من الحضور الى الانتقال الى شيء اخر من العمل. وجرت مناقشة ورقة سياسية عن الاوضاع في البلد، والتي تضمنت تقييما لمسيرة التيار الديمقراطي. وهناك مقترحات لصيغة تعديلية على النظام الداخلي للتيار الديمقراطي، المزمع ان يتوجه الى عقد مؤتمره الثالث في اذار القادم. والتحضيرات جارية في هذه الفترة. وسيعمل المكتب التنفيذي للتيار على معاودة النشاط ومعاودة اجتماعاته واتصالاته مع تنسيقيات المحافظات وتنسيقيات الخارج وتتم التهيئة الى المؤتمر.

هناك ايضا مجموعة من اللقاءات المفتوحة نجريها. ونحن كحزب نخوض جزءا من هذه اللقاءات والتوجهات السياسية والانتخابية. اللقاءات لم تسفر عن اشكال نهائية، حتى الان، لكن هناك حديث جدي، ورغبة في العمل المشترك، وفي تشكيل تحالفات بديلة عمّا هو معتمد من نمط إدارة،  ومن تفكير باتجاه التخلص من النظام المحاصصي والفساد، والانتقال بالبلاد الى اجواء اخرى: اجواء الديمقراطية الحقة. هذا الحراك متواصل، وأستطيع القول إن اللقاءات يومية مع مختلف القوى، وهناك رغبة عند عدد غير قليل من القوى لتقديم البديل. وفي الجانب الاخر هناك انفتاح على القوى التشرينية.

وقد أعلن عن تشميل  عدد من الكتل  والتنظيمات منها . وسواء كان اجتماع التيار الديمقراطي ام حتى اللقاءات السياسية الاخرى، فهي منفتحة على هذه القوى التشرينية ، وعلى نشاط المدنيين، وحتى امكانية التنسيق على مواقف سياسية معينة او ما يتعلق بالحراك الجماهيري المطلبي، او حتى ما يتعلق بالانتخابات القادمة. نحن دعونا الى أن تنظم الحركة الاحتجاجية نفسها، وأن تكون لها برامج واضحة وخصوصا تدقيق بعض الشعارات. وبعض الشعارات التي رفعت، كمثال شعار “كلا كلا للاحزاب”، نلاحظ أن المنتفضين انفسهم تخلوا عنه الان. انما هناك توجه لدى اعداد كبيرة من المنتفضين الى تنظيم انفسهم للدخول في الانتخابات. للدقة  لم يعلن الجميع انه سيتوجه الى الانتخابات، لكن اعداد غير قليلة أكدت ذلك.

البطاط: وكلاء الاحزاب لمراقبة الانتخابات يجب تدريبهم جيدا

تحدثنا عن شركة كورية تجهز المفوضية بأجهزة التسريع. هل هذه الاجهزة تختلف عن الاجهزة السابقة؟ السؤال الثاني هل سيتم اعتماد نفس الآلية السابقة في عملية الوسط الناقل والجاهز لتسريع النتائج؟

البطاط: بالنسبة للعملية ستكون بحسب ما جرى في الانتخابات الماضية، لكن هناك بعض الاختلاف. سيتم التدقيق في كل منطقة انتخابية، فإذا كانت غير مطابقة، تتم اعادة الفرز اليدوي لجميع مراكز ومحطات الدائرة الواحدة. اما اذا تمت المطابقة، فتعتمد النتائج على هذه الأساس. لدينا حوالي ٥٦ الف محطة انتخابية. اعتقد هي نفس العملية، وبالتالي ستثار قضية وكلاء المرشحين. وجود الوكلاء سيحد من عملية التلاعب، لان الوكلاء مهتمون اكثر من المراقبين المحليين، لذلك نؤكد على الاحزاب والكيانات السياسية الاهتمام بتواجد وكلائهم في كل محطة وفي كل مركز، لان ذلك يقلل من عمليات التلاعب داخل المراكز. العملية تعتمد على الوكلاء والمراقب المحلي والمراقب الدولي، فهؤلاء سيكون وجودهم في الانتخابات مهما، لرصد الانتهاكات وحتى مقاضاة المفوضية. الاهتمام من قبل الاحزاب بالوكلاء يجب ان يوازي الاهتمام بالعملية الدعائية. بمعنى أنهم يجب أن يحظوا بتدريب عالٍ، لان زجهم من دون تدريب لا فائدة منه.

******************

الصفحة الخامسة

لا راحة في الصيف .. ولا في الشتاء!

استفحال أزمة الكهرباء والمعالجات حبر على ورق

بغداد - ماجد مصطفى عثمان

من المتعارف عليه في العراق، أن معاناة المواطنين مع أزمة الكهرباء الوطنية تكون في أوجها خلال فصل الصيف. إذ تطول فترات الانقطاع مقابل ساعات تجهيز قليلة، ما يضطر المواطن إلى الاعتماد بشكل كبير على المولدات الأهلية، وهذه لا تساعد في تشغيل أجهزة التبريد، ليتحول الصيف إلى جحيم!

ومع حلول فصل الشتاء، تستقر الكهرباء نوعا ما، نظرا لتخفيف الحمل عنها. وهنا ينعم المواطن بساعات تجهيز أطول. إلا أن الذي حصل هذا الشتاء، كان غير متوقع. فقد شهدت بغداد ومحافظات الوسط والفرات الأوسط، تدهورا كبيرا في تجهيز الكهرباء، حتى وصلت فترة القطع إلى 18 ساعة في اليوم، وذلك لأسباب عدة، أبرزها عدم توفر الوقود الكافي لتشغيل محطات التوليد – وفقا لتصريحات المسؤولين.

ويبدو أن الحكومة ووزارة الكهرباء، ليس لديهما معالجات قريبة لهذه الأزمة المستفحلة المزمنة. فالمواطن لم يتلق طيلة السنوات الماضية، سوى مبررات وتصريحات غير مقنعة باتت “حبرا على ورق” – بحسب ما يراه العديد من المواطنين.

وانخفضت كثيرا ساعات تجهيز الكهرباء في بغداد خلال الفترة الراهنة، حتى وصلت إلى 6 أو 7 ساعات في اليوم، بشكل متقطع وغير مستقر – وفق ما يذكره المواطن أبو جبار، الذي يشير في حديث لـ “طريق الشعب”، إلى أن التجهيز يكون في  الغالب ساعة واحدة مقابل أربع ساعات قطع.

ويلفت إلى أن “المواطنين باتوا يعتمدون على المولدات الأهلية، بالرغم من ارتفاع سعر الأمبير إلى 20 و25 ألف دينار، تماشيا مع زيادة فترات التشغيل، الأمر الذي أرهق ذوي الدخل المحدود”.

ورش صناعية تغلق أبوابها

وتسببت أزمة الكهرباء في إيقاف عمل العديد من الورش الصناعية، كالحدادة والنجارة، التي يعتمد عملها بشكل كلي على الكهرباء الوطنية.

وبهذا الصدد يقول ليث محمد علي، وهو صاحب ورشة نجارة، انه اضطر إلى إغلاق ورشته بسبب أزمة الكهرباء، مشيرا إلى انه من غير الممكن الاعتماد على المولدات الأهلية، كون تشغيل معامل النجارة يتطلب أمبيرات كثيرة من الكهرباء، ما يزيد من نفقات الانتاج ويؤدي إلى الخسارة في الغالب.

الفساد يعظّم البلاء!

من جانبه، يرى المواطن بهاء احمد، أن عشرات المليارات أنفقت منذ العام 2004 على قطاع  الكهرباء، ولا تزال الأزمة قائمة، معتقدا أن “هذه المبالغ الكبيرة لو كانت استغلت بالشكل الصحيح، كأن يتم تنصيب محطات توليد جديدة وشبكات توزيع حديثة، لاكتفى العراق من الطاقة الكهربائية، ولأصبح لديه فائض يمكن تصديره إلى دول الجوار!”.

ويستدرك “لكن المشكلة تكمن في المحاصصة الطائفية والفساد الإداري والمالي المستشري في مفاصل الدولة “.

وبسبب عدم استقرار “فولتية” الكهرباء، تتعرض الأجهزة  الكهربائية المنزلية باستمرار إلى العطب، ما يكبد المواطنين خسائر مالية كبيرة.

وعن ذلك، تقول المواطنة أم لمى لـ “طريق الشعب”، ان تذبذب “فولتية” الكهرباء، بين الانخفاض والارتفاع المفاجئين، تسبب في عطب العديد من مصابيح المنزل، بالإضافة إلى بعض الأجهزة الكهربائية. فيما نوهت إلى أن أزمة الكهرباء أثرت كثيرا على الطلبة، الذين يذاكرون ويؤدون امتحاناتهم اليوم، على الانترنيت، ما يتطلب توفر الكهرباء بشكل مستمر.

أمبير المولدة بـ 20 ألفا

وعلى إثر تدهور الكهرباء، زادت فترات تشغيل المولدات الأهلية، فرفع اصحابها سعر الأمبير الى 20 ألف دينار، وأكثر أحيانا.

وقال كاظم لعيبي، وهو صاحب مولدة، أن مولدته صارت تشتغل خلال اليوم بين 12 و18 ساعة، ما جعله يرفع سعر الأمبير لتغطية نفقات الوقود الاضافي. فحصة “الكاز” التي توزعها عليهم الدولة باتت لا تسد الحاجة كما يقول.

تهالك الشبكة أحد أسباب الأزمة

تذكر المهندسة إيمان عبد القادر، أن شبكات توزيع الكهرباء متهالكة في معظم مناطق جانب الكرخ من بغداد، موضحة أن المحولات والكابلات التي تزود الدور السكنية والمحال التجارية بالطاقة، مضت عليها سنوات طويلة، ولم يجر عليها أي تأهيل أو صيانة، بما يتناسب والتوسع السكاني، الأمر الذي يشكل أحد أسباب تردي الكهرباء.      

***************

أگـول

فوك الحمل تعلاوة!

سلام القريني

بعد جولة طبية بين المختبرات والسونار والايكو، شخّص الطبيب الاختصاص العلة، وخرج بقرار حكيم منطقي، تمثل في إجراء عملية قسطرة استكشافية لقلب شقيقتي الكبرى، التي تعاني تهدلا في “الصمام الإكليل”.

وعلى إثر قرار الطبيب، توجهنا لإجراء العملية. فوقع اختيارنا على الجناح الخاص في “مستشفى مرجان” التعليمي بكربلاء، الذي كان في يوم ما، من اجمل المستشفيات، نظرا لموقعه  الجغرافي المتميز الهادئ، حيث البساتين التي تحتضنه، والتي يشقها نهر الفرات.

وصلنا المستشفى، ووجدنا الكادر الطبي على أعلى درجة من الالتزام والمعاملة الحسنة. لكننا فوجئنا وفجعنا بحجم التلوث الموجود هناك. إذ تلف المبنى غيمة من غبار! فساحة المستشفى عبارة عن كراج سيارات كبير، ما يشكل خطورة على المرضى، خاصة ممن يجرون عمليات جراحية لأعضاء مهمة، كالقلب.

وأمام تلك الصورة القديمة المبهجة للمستشفى، حلت الزحمة التي طوقت المبنى بالأكشاك والباعة المتجولين وجعجعة المركبات.

وعلى العموم، فرحنا جدا بعد نجاح عملية القسطرة، لكننا فوجئنا بالغرفة المخصصة لمريضتنا في الجناح الخاص، والتي دفعنا لحجزها مبلغا جاوز النصف مليون دينار. فقد كانت الغرفة بائسة، أبوابها من الألمنيوم تصدر ضجيجا عند فتحها وغلقها، ناهيك عن دورة المياه غير المنظمة والفراش الذي لم يكن يتحلى بالنظافة الكافية.

أما الطامة الكبرى، فتتمثل في السرير الذي تلقى جسد المريضة الخارجة توا من العملية. إذ انكسر اثناء محاولة الممرضة قياس ضغط دم شقيقتي، فجرحت يدها، ما بث الفزع في قلوبنا!

أخيرا، لا يسعني سوى القول: يا إدارة المستشفى، حافظي على اسم الرجل الراحل “مرجان” الذي أعطى بمستشفاه هذا، أملا للمرضى بالشفاء من عللهم. أين الصيانة والمتابعة؟ أين النظافة، ولماذا كل هذه الفوضى!؟

****************

منطقة في الرميثة تغص بالنفايات والمياه الآسنة

الرميثة – وكالات

شكا سكان “منطقة الأسود” في قضاء الرميثة شمالي محافظة المثنى، تدهور الخدمات في منطقتهم بشكل كبير، خاصة من ناحية النظافة.

وقال لفيف من السكان في حديث صحفي، أن المنطقة التي تضم مئات الدور السكنية، تعاني تدهورا ملحوظا في الجانب الخدمي، مشيرين إلى أن النفايات تنتشر في الطرقات والساحات العامة، فيما مياه المجاري تطفح باستمرار، خاصة خلال موسم الأمطار.

ولفت السكان إلى أن الأمراض الجلدية والتنفسية متفشية في المنطقة بسبب التلوث، مؤكدين ان الكثير من المواطنين اضطروا إلى عرض منازلهم للبيع أو للإيجار، كي يسكنوا في مناطق أخرى أفضل من الناحية الخدمية.

**************

المدثرة” في العمارة لم تذق طعم الخدمات!

العمارة – وكالات

شكا سكان منطقة المدثرة في مدينة العمارة، غياب عامة الخدمات البلدية عن منطقتهم، التي تأسست منذ خمسينيات القرن الماضي، ويسكنها اليوم نحو 3 آلاف نسمة.

وأوضح عدد من أبناء المنطقة في حديث صحفي، ان “المدثرة” تفتقر لأبسط الخدمات “فلا شبكات للصرف الصحي ولا طرق معبدة” – بحسب قولهم، مشيرين إلى أن شبكة الكهرباء التي تغذي المنطقة، هي الأخرى متهالكة، كونها مؤسسة منذ سبعينيات القرن الماضي، ولم يطرأ عليها أي تطوير، بالرغم من زيادة أعداد المنازل السكنية.

 وطالب سكان المنطقة، الجهات الحكومية المعنية، بتوفير الخدمات كافة في وقت عاجل، أسوة ببقية المناطق المجاورة.

**************

أمام أنظار محافظ بغداد

أمبير المولدة  سيبلغ 25 ألفا في السيدية!

نحن لفيف من اهالي المحلات ٨٢١  و٨٢٣ و ٨٢٥ و٨٢٧ في منطقة السيدية، نشرت لنا “طريق الشعب” في وقت سابق، شكوى بخصوص عدم التزام أصحاب المولدات الأهلية في المنطقة، بالتسعيرة المحددة من قبل محافظة بغداد، والتي تبلغ 12 ألف دينار للأمبير الواحد في اشتراك “الخط الذهبي”، وبالرغم من ذلك، أصر أصحاب المولدات على استيفاء مبلغ 18 ألف دينار عن الأمبير. 

في شكوانا الأولى، كنا نتوقع أن يتدخل محافظ بغداد شخصيا، لحماية المواطنين من هذا الجشع، إلا اننا لم نلمس أي إجراء، الأمر الذي فسح المجال أكثر لاصحاب المولدات، حتى تمادوا ورفعوا سعر الأمبير إلى 20 ألف دينار، وهم يلوحون اليوم بزيادته إلى 25 ألفا في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون ظروفا معيشية صعبة للغاية، جراء ارتفاع اسعار المواد الغذائية والطبية على اثر رفع سعر صرف الدولار.

نكرر شكوانا هذه، ونضعها أمام أنظار محافظ بغداد، آملين منه اتخاذ إجراءات رادعة بحق الجشعين من أصحاب المولدات، الذين لا يلتزمون بالتسعيرة المحددة.

عن أهالي المحلات

المواطن مصطفى الخاقاني

**************

الأهالي طالبوا بـ “حلول جذرية”

زرباطية تشكو تكرار حوادث انفجار الالغام

الكوت – وكالات

اعلنت مديرية ناحية زرباطية الحدودية مع إيران في محافظة واسط، عن استمرار تعرض المواطنين الساكنين في الناحية، سيما من المزارعين ورعاة المواشي، إلى حوادث انفجار الألغام التي خلفتها الحرب العراقية - الإيرانية.

وقال مدير الناحية صالح مصطفى، في حديث صحفي، أن عددا كبيرا من سكان الناحية اضطر إلى النزوح من المنطقة، بعد أن تحولت خلال حرب الثمانينيات، إلى ثكنة عسكرية، لافتا إلى أن الناحية ألغيت ابان فترة النظام الدكتاتوري، كوحدة إدارية، ما حولها الى حاضنة لأكوام من مخلفات الحرب.  وتابع قائلا أنه، في العام 2000 أعيدت الناحية كوحدة إدارية، لكن من دون أن يتم تنظيف أراضيها من مخلفات الحرب.

وفي السياق، طالب مواطنون من سكان الناحية، الجهات الحكومية ذات العلاقة، بـ “ضرورة دعوة المنظمات الدولية المتخصصة في رفع الألغام، لإجراء مسح شامل للمنطقة وإزالة اكبر قدر من الألغام التي أصبحت مشكلة خطيرة تحتاج إلى حلول جذرية”.

**************

نينوى.. أهالي “الكبة” و”الشريخان” يحتجون على غياب الخدمات

الموصل – طريق الشعب

خرج أهالي قريتي “الكبة” و”الشريخان” التابعتين إلى قضاء تلكيف في محافظة نينوى، أخيرا، في وقفة جماهيرية احتجاجا على غياب الخدمات الأساسية.

وتتعرض القريتان المتجاورتان كل سنة إلى الغرق مع أول زخة مطر، نظرا لتدهور بناهما التحتية وعدم ربط شوارعهما بشبكات تصريف لمياه الأمطار. وبعد الأمطار الأخيرة طفحت المياه مجددا في شوارعهم، الأمر الذي دفعهم إلى الاحتجاج والمطالبة بالحقوق الخدمية.

وتعد “الكبة” و”الشريخان” من القرى الزراعية المنتجة في محافظة نينوى، وهما متاخمتان لنهر دجلة في شمالي الموصل، ولا تفصلهما عن المدينة سوى مئات الأمتار، لكنهما تابعتان إداريا إلى قضاء تلكيف، الذي يبعد عنهما حوالي 20 كيلومترا.

وتمتد بيوت القريتين التي يسكنها في الغالب مواطنون من القومية التركمانية، على الجانب الأيسر لنهر دجلة، مؤلفة شريطا طويلا. وقد اشتهرت القريتان بمحاصيلهما الزراعية، خاصة البطاطا.  وفي الوقفة طالب الأهالي بتبليط الشوارع الرئيسة والفرعية، وربطها بشبكة مياه الأمطار.

كما طالبوا بتأمين النظافة وإرسال سيارات جمع القمامة بصورة منتظمة، فضلا عن زيادة عدد ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية، كونها لا تأتيهم سوى ساعتين في النهار، ومثلهما في الليل، في الوقت الذي بلغ فيه سعر أمبير المولدات الأهلية ١٤ ألف دينار، ما أرهق السكان الذين هم في الغالب من ذوي الدخل المحدود.

ومن أهم المطالب التي دعا أهالي القريتين إلى تنفيذها، هو تحويل المنطقة بالكامل إلى ناحية.

************

الصفحة السادسة

بعد إعلان صندوق النقد الدولي تلقيه طلبا طارئا من العراق

نواب ومختصون: نحذر من تبعات الاقتراض الخارجي

بغداد - طريق الشعب

في الوقت الذي يجري البرلمان فيه نقاشات حثيثة، بشأن مضامين مشروع قانون الموازنة العامة للعام الجاري، عبر السعي الى ضغط النفقات، وإجراء المناقلات المالية، أعلن صندوق النقد الدولي، عن تلقيه طلب مساعدة طارئة من العراق، مؤكدا أن المحادثات جارية بين الطرفين في هذا الإطار.

وفي تلك الاثناء، كشف مستشار حكومي عن تفاصيل طلب الاقتراض وآلياته، وفيما حذر من تداعيات الاستمرار بهذا الطريق، شدد نواب في البرلمان، على أن هذا الأمر مستبعد، لما له من اضرار خطرة، كما انه يكبل الاجيال القادمة بالديون.

ويرى خبير اقتصادي، ان تجارب الاقتراض السابقة شهدت هدرا كبيرا، وخصوصا في عامي 2015 و 2016.

قرض جديد

وقال الصندوق في بيان تداولته وكالات الأنباء، إن السلطات العراقية “طلبت مساعدة طارئة بموجب أداة التمويل السريع بترتيب طويل الأمد، لدعم الإصلاحات الاقتصادية المخطط لها”.

وأوضح الصندوق وفقا لبيان طالعته “طريق الشعب”، ان “المناقشات جارية بشأن طلب السلطات للمساعدة الطارئة”. ويأتي هذا الحديث بعد أن أكد وزير المالية مؤخرا “اجراء العراق محادثات مع الصندوق للحصول على قرض بقيمة 6 مليارات دولار”.

آليات القروض

من جهته، كشف مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، يوم أمس، عن آلية استحصال القروض من صندوق النقد الدولي.

وقال صالح في تصريح صحفي اطلعت عليه “طريق الشعب”، إن “جزءاً من القرض الذي يحصل عليه العراق من صندوق النقد الدولي، يسمى بوسيلة التمويل المتسارع”، لافتاً إلى أن “الصندوق عندما يرى عجزا كبيرا في الحساب الجاري بميزان المدفوعات، لدى أي بلد، يقوم بتقديم قرض ميسر”.

وأضاف المستشار أن “القرض الذي سيحصل عليه، سيكون ملياري دولار، وتوجد أربعة مليارات أخرى. وهذه تأتي لإصلاح الاقتصاد العراقي”، مبينا أن “هذه الأموال تسمى تحوطية، أي ان العراق عندما يحتاج يسحب منها على قدر حاجته. علما أن العراق أجرى مع صندوق النقد الدولي حوالي خمس اتفاقيات بعد عام 2003، ثلاث منها تشمل استعدادات ائتمانية، وواحدة ما بعد الصراعات، وأخرى تسمى استاف مونيتر، وكانت اتفاقات ناجحة”.

وفي تصريح لصحيفة النهار الكويتية، حذر د. مظهر من “استمرار سياسة الاقتراض لسد النفقات التشغيلية للحكومة، بدلا من ذهابها إلى المشاريع الاستثمارية التي تدر إيرادات للدولة. خصوصا وأن الموازنة تواجه قيدين، وهما استمرار تدني عوائد النفط واستمرار الانفاق التشغيلي على وفق مستوياته العالية. وهذا يدفع لا محالة الى الاقتراض لسد فجوة العجز الفعلي في هذه الحالة”.

ونوه الى أنه “لكي تكون لدينا فسحة مالية، اي القدرة على الاقتراض والتسديد، ينبغي اعادة ضبط النفقات التشغيلية مجدداً، والتوجه بالاقتراض ليرتبط بالمشروعات المدرة للدخل وبخلاف ذلك سيحصل ما يسمى بإرهاق الديون والدخول في اخفاقات مالية قلقة جدا، وعليه ارى ان السياسة المالية في ضوء الورقة البيضاء ستأخذ المسار الاتي، اذ ما تم بناء موازنة عام 2021 على عجز فعلي وليس افتراضيا، يمول من فروقات اسعار النفط عند تحسن السوق النفطية لمصلحة المصدرين”.

تحذيرات نيابية

وفي الأثناء، استبعد عضو في اللجنة المالية النيابية اللجوء الى الاقتراض الخارجي، محذرا من خطورته وتبعاته المستقبلية.

وقال النائب ناجي السعيدي، في تصريح صحفي، إن “الاقتراض الخارجي خطر من حيث تبعاته المستقبلية والفوائد المترتبة عليه، والعراق منذ 1990 الى الان يعاني من ديون نادي باريس وغيرها”، موضحا ان “حجم دفعات تسديد اقساطها مع الفوائد في الموازنة المالية العامة، يقارب 15 تريليون دينار سنويا”.

وأضاف، أن لجنته غير مستعدة للتعامل مع أي مشروع للاقتراض الخارجي، مؤكدا “سبق أن اوقفنا الاقتراض الخارجي وقررنا اللجوء عند الحاجة الى الاقتراض الداخلي”.

استثمار واعمار

من جانبها، قالت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، ميادة النجار، إن “البلاد بحاجة إلى استثمار وإعمار. ولم نر في المدة السابقة مشاريع اقتصادية واستثمارية، مما يعني أن الحكومات المتعاقبة، لم تهتم بالاقتصاد وجعلته في خدمتها سياسيا”.

وأكدت النجار، إمكانية “فتح الابواب امام المستثمرين الاجانب بدلا من الاقتراض، من دون تحديد دولة تتدخل او تمنع، بل فتح الابواب امام المستثمرين الاقوياء، ضمن برنامج استراتيجي قوي، يتضمن تشجيع المستثمرين العراقيين الذين يستثمرون رؤوس اموالهم خارج البلاد”.

بوابة للهدر المالي

وفي المقابل، شدد الخبير الاقتصادي محمود داغر، على أن عامي 2015 و2016 شهدا هدرا ماليا كبيرا بقيمة 6،5 مليار دولار، اثناء اقتراض البلد من الخارج.

وقال داغر في حديث متلفز، تابعته “طريق الشعب”، إن “العراق حصل على قروض من صندوق النقد والبنك الدوليين بقيمة 6،5 مليار دولار خلال 2015 و2016، وكان من المفترض ان تذهب لسد عجز الموازنة واصلاح منظومة الكهرباء، لكن هذه القروض اهدرت بالكامل، ولم يتم استثمارها؛ اذ ما نزال نعاني من نقص كبير في تجهيز الطاقة الكهربائية”.

ولفت الخبير الى أن “المشكلة ليست في الجهات المانحة للقروض بل بإدارة هذه القروض وطريقة إنفاقها من قبل الحكومة العراقية”، مردفا “لو انفقت هذه القروض على دعم المصانع المحلية والفلاحين لما كنا بحاجة الى المزيد من القروض”.

*****************************

دعما للاقتصاد الوطني.. الزراعة تدعو 4 وزارات لشراء منتجاتها

بغداد - طريق الشعب

وجهت وزارة الزراعة، مؤخرا، طلبا الى اربع وزارات، يدعوها الى شراء المنتج المحلي، خصوصا الدجاج ومقطعاته، وبيض المائدة، دعما للاقتصاد الوطني، في ظل الجائحة والأزمة الاقتصادية.

فيما كشفت الوزارة عن مشروع لتمليك الأراضي الصحراوية المزروعة بالنخيل، لتشجيع زراعتها.

ونقلت وكالات الأنباء عن الوزير، محمد كريم الخفاجي قوله: «إن الوزارة تشدد على ضرورة قيام وزارات الدفاع والداخلية والعدل والصحة، بشراء المنتجات الزراعية، لتوفير احتياجاتها التغذوية من المنتج الزراعي المحلي المدعوم من قبلها، سيما الدجاج ومقطعات الدجاج وبيض المائدة».

وأضاف الوزير، أن «هذا الامر يعد واجبا لدعم الاقتصاد الوطني في ضوء الأزمة المالية وظروف الجائحة»، لافتا إلى أن «تنفيذ هذا التوجه في العمل المشترك سيؤدي إلى منافع كثيرة تعود بالفائدة على الفلاحين، فضلا عن توفير مبالغ كبيرة من ميزانية الدولة».

واوضح المتحدث، أن «المنتج المحلي شهد طفرات نوعية على مختلف الأصعدة، مثل تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحنطة وبذور الرتب العليا، ومحاصيل الخضر، وبرهنت الوزارة رغم الجائحة انها قادرة على تحمل المسؤولية وتوفير مختلف المنتجات بأسعار مناسبة للمستهلك»، فيما أشار الى أن «حماية المنتج المحلي واجب وطني، سيما في ضوء توجهات الدول الكبرى لحماية أسواقها ومنتجاتها، وذلك يحتم تظافر الجهود كافة لدعم الزراعة والمنتج المحلي كونه يتعلق بقوت المواطن اليومي ومن خلاله يتم دعم الاقتصاد الوطني». وفي الأثناء، كشف الوزير عن مشروع لتمليك الأراضي الصحراوية المزروعة بالنخيل لتشجيع زراعتها.

ووفقا لتصريح صحفي للخفاجي اطلعت عليه «طريق الشعب»، فإن «العراق يعدّ من الدول التي تمتلك أراضي صحراوية من الدرجة الأولى»، لافتاً إلى «وجود دراسة متكاملة لدى الوزارة بشأن الأراضي الصحراوية».

وأردف «لدى الوزارة مشروع لتمليك الأراضي الصحراوية المزروعة ب‍النخيل بواقع 50 شجرة في الدونم الواحد بعد خمس سنوات من زراعتها. كما إن الوزارة باشرت الخطة ووجهت كتباً الى جميع مديرياتها في المحافظات لتنفيذ المشروع».

*************************

منتصف الاسبوع المقبل موعد محتمل للتصويت

البرلمان يرشّق تخصيصات الوزارات في الموازنة.. ورواتب الموظفين أمام 3 خيارات

بغداد - طريق الشعب

تتوقع اللجنة المالية البرلمانية، ان يشهد منتصف الاسبوع المقبل، التصويت على مشروع موازنة العام 2021، مؤكدة تخفيضها العجز في الموازنة بنسبة كبيرة.

فيما أكد مستشار حكومي، ان العجز الكبير في الموازنة مخالف لقانون الادارة المالية الذي حدد نسبته بما لا يزيد على 3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي.

موعد مرتقب

وأعلنت اللجنة المالية البرلمانية ان التصويت على الموازنة سيكون منتصف الاسبوع المقبل بعجر مالي يقدر بـحوالي 30 - 35 ترليون دينار.

وقال عضو اللجنة جمال كوجر، ان “المناقشات ما زالت مستمرة بشأن بعض فقرات قانون الموازنة، ومنها استقطاعات رواتب الموظفين، حيث توجد ثلاثة مقترحات بهذا الشأن تتعلق بحذف هذه الفقرة، واستبدال الاستقطاعات بفرض ضريبة على الراتب، وتحديد المشمولين فيها مع عدم شمول الفئات التي تتسلم رواتب قليلة”.

وأكد كوجر، “قيام اللجنة المالية برفع سعر البرميل وحذف المبالغ غير المهمة من بعض فقرات الموازنة. وبالتالي أدى ذلك الى انخفاض العجز المالي في الموازنة الى حوالي 30 - 35 ترليون دينار”.

وعقدت اللجنة المالية اجتماعها 33 لمواصلة مناقشاتها بشأن مسودة مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية لعام ٢٠٢١، والذي استضافت خلاله رئيسي الهيئة العامة للضرائب وديوان الرقابة المالية.

وقال مقرر اللجنة احمد الصفار، “تمكنا مبدئيا من خفض الانفاق الكلي الى 127 تريليون دينار، وربما هناك تخفيضات اخرى؛ إذ أننا رفعنا سعر برميل النفط فيها من 42 الى 45 دولارا، وهذه ستضيف نحو 5 تريليون دينار، لتصبح الايرادات 98 تريليونا”.

واضاف ان  “57 في المائة من مبلغ العجز في الموازنة تم تخفيضها”، مشيرا الى ان “ضريبة الدخل ستفرض على الراتب الكلي بدلا من الاسمي وبنسب معقولة”.

واكد الصفار “خلال استضافتنا لعدد من المسؤولين، ومن خلال مناقشتهم وجدنا مبالغة في بعض التخصيصات، التي تمكنا من تحويلها الى ابواب اخرى”.

وذكر في حديثه ان “حصة اقليم كردستان هي احد الموضوعات العالقة في الموازنة وناقشنا بشفافية مع وفد حكومة كردستان وقدموا بيانات حقيقية عن موظفيهم”، مشيرا الى ان “الوفد الكردي نفى بيع نفط كردستان الى تركيا لمدة 50 سنة مقدما، وقالوا انه عقد تخزين ونقل فقط”.

الفتح: اتفاق جديد

وكشف النائب عن تحالف الفتح احمد الكناني، يوم امس، عن “اتفاق جديد بين الكتل السياسية واللجنة المالية لتخفيض الموازنة الى 100 ترليون دينار”.

وقال الكناني، ان “الاتفاق الاخير المبدئي الذي جرى بين الكتل السياسية واللجنة المالية هو تخفيضها من 161 الى 100 ترليون دينار، الى جانب ضغط النفقات الى ابعد الحدود، والغاء العديد من الفقرات، لمنع اي عجز فيها”.

وعدّ النائب ان حصة الاقليم “مشكلة حالية تواجه البرلمان خلال المفاوضات المستمرة قبل اقرار القانون”.

أرقام مرتفعة

من جانبه، قال النائب عمار طعمة، ان النفقات المقترحة في الموازنة مبالغ فيها كثيرا.

وذكر طعمة في بيان تلقت “طريق الشعب”، نسخة منه، ان “النفقات المقترحة في موازنة سنة ٢٠٢١ مبالغ فيها كثيراً، وتتضح هذه الحقيقة اكثر بمقارنتها مع موازنات السنوات القريبة اليها”.

واوضح ان “جداول النفقات الضرورية (التشغيلية والاستثمارية وتخصيصات تنمية المحافظات) والتي تتناسب مع الحاجة الواقعية لا يتجاوز مجموعها (٩٠) تريليون دينار”.

موازنات بلا طموح

وفي السياق، ذكر المستشار المالي للأمين العام لمجلس الوزراء، عبيد محل، خلال ندوة اقامتها نقابة الصحفيين لمناقشة الموازنة، ان “الموازنات منذ عام 2004 حتى اليوم لا تعد موازنات وفق اطارها القانوني العام، حيث لا ينطبق عليها وصف الموازنة”، مبينا ان “تلك الموازنات جاءت عبارة عن مواد تقتبس من قوانين اخرى، كمادة من هيئة التقاعد او من قانون الزراعة وغيرها وتضاف للموازنة”.

واضاف ان “البعض يعتقد ان الموازنة عبارة عن وعاء يضع فيه ما يشاء وهذا خطأ كبير، حيث ان اغلب موازنات العالم لا تتجاوز بنودها الـ 10 مواد في حين موازنة العراق تتجاوز الـ 60، واحيانا 70 مادة”، مؤكدا ان “الموازنة يجب ان لا تتجاوز 15 مادة قانونية، وتكون محددة بأهداف واطر قانونية معينة”.

ولفت الى ان موازنة 2021 جاءت بعجز 71 تريليون دينار، هذا العجز من اصل موازنة بقيمة 164 تريليون، وهذا يخالف قانون الادارة المالية الذي ينص على وجوب ألا يزيد على 3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي”.

**********************

الصفحة السابعة  

المنظمات غير الحكومية شددت على ضرورة مكافحة الفقر

منتدى دافوس يناقش سبل استقرار الرأسمالية

رشيد غويلب

 في 25 كانون الثاني الحالي بدأت أعمال منتدى دافوس الاقتصادي. وبسبب وباء كورونا، تجرى جلسات المنتدى افتراضيا، وليس في الجبال السويسرية. وسيجري حديث كثير عن المسؤولية والاستدامة والإنصاف. وفي النهاية سيكون الهدف رسم صورة للرأسمالية المعولمة، بحيث تبدو إنسانية، ويمكن للأرباح أن تتدفق بقوة أكبر من السابق ودون عوائق إن أمكن.

وضع الخبير الاقتصادي الألماني ومؤسس المنتدى كلاوس شفاب، في كلمة الافتتاح الإطار العام للدورة الحالية، مشيرا إلى أن عام 2021 عام استثنائي، حيث يجب التغلب على الوباء وإعادة بناء الاقتصاد. ويجب جعل المجتمع أكثر قدرة على المقاومة والاستدامة. واستعادة الثقة المفقودة. والمقصود هنا بوضوح، استعادة ثقة المجتمع بنظام الاقتصاد الرأسمالي والمستفيدين منه: في الأسبوع الفائت بين تقرير المخاطر الصادرة عن المنتدى أن “نخب” العولمة لا تخشى حاليًا أي شيء بقدر خشيتها من الاضطرابات الاجتماعية الناجمة عن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بانتشار كورونا. وأن الوباء يؤدي الى تقليص التقدم المحرز في الحد من الفقر وعدم المساواة لسنوات ويزيد من إضعاف التماسك الاجتماعي والتعاون العالمي.

إن منظمي منتدى دافوس قلقون أيضًا بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري وعواقبه، وإن لم يكن ذلك مباشرا جدا، وفقًا لتقرير المخاطر، من المرجح أن يصبح الاحتباس الحراري المشكلة الرئيسية في غضون الـ 5 – 10 سنوات المقبلة.

حدد شفاب 5 محاور سينشغل فيها المشاركون الرئيسيون في المنتدى، بهدف انقاذ العالم، على حد تعبيره. إن الصياغات الواردة في الكلمة تلاقفتها وسائل الأعلام الغربية لتسويق بضاعتهم القديمة بثوب جديد.

أولاً، “تحول مسؤول في الصناعة”. وتحقيقا لهذه الغاية، قبول الاقتصاد بـ” رأسمالية أصحاب المصلحة” (ولا يقتصر على “مالكي الأسهم”، ويقول اقتصاديون، إن المصطلح لا يحجب الهياكل الطبقية فحسب، بل يشمل المستفيدين المزعومين الذين لهم تأثير على توليد الربح العالمي أو الإقليمي). وهذا يعني وينشر وهما مفاده: لا ينبغي لإدارة الشركات أن تخدم المساهمين فيها فقط، بل أن تفكر أيضًا في بقية الإنسانية.

ثانيًا، يجب أن يكون هناك تقدم على طريق التخلص من الكربون. هنا أيضًا، وفقًا لشفاب، يجب على الاقتصاد “تقديم التزامات”. ثالثًا، من المهم خلق أنظمة اقتصادية واجتماعية عادلة ووظائف جديدة. رابعا، يجب تعزيز الرقمنة و “تحويل التقنيات الجديدة إلى الأفضل”.

وأخيرًا، يجب استعادة التعددية، في شكل نظام “يأخذ في الاعتبار احتياجات القرن الحادي والعشرين”. كان لانهيار أجزاء من الهياكل العالمية للتقسيم العالمي للعمل (“سلاسل انتاج القيمة”) بسبب كورونا تأثير سلبي على رأس المال في العام الفائت. والآن علينا، حسب شفاب، “تعزيز التعاون العالمي”.

وستشمل جلسات المنتدى التي تستمر حتى غدا الجمعة، مساهمات أبرز المشاركين التي بدأت الاثنين، ضمن آخرين، بكلمة رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جين بينغ، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وستنضم المستشارة الألمانية ميركل والرئيس الفرنسي ماكرون ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي فون دير لاين إلى المناقشات.

ومعروف ان منتدى دافوس مناسبة لحوارات ثنائية بين ممثلي الرأسمال وجماعات الضغط (اللوبي) مع ممثلي الدول والأحزاب المؤثرة حاليًا. وفي هذا السياق شهد عصر الإثنين، مناقشة بين الرئيس التنفيذي لشركة فولكس فاغن، هربرت ديس، ورئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، ووزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير، حول كيفية إعادة الاقتصاد العالمي “إلى مسار النمو”. ولكن ليس جميع “أصحاب المصلحة” تتاح لهم الفرصة في لقاء مباشر مع أصحاب القرار السياسي، لتقديم مساهماتهم ومقترحاتهم.

من جانبه اكدي توبياس هاوسشيلد، أحد العاملين في منظمة أوكسفام، أن “الفجوة العميقة بين الأغنياء والفقراء قاتلة مثل الفايروس”. ويتعين على الشركات والأثرياء أن “يقدموا الآن مساهمتهم العادلة للتغلب على الأزمة”. تقوم أوكسفام بحملة “ضريبة الوباء” على الأرباح الإضافية التي تحققها أكبر الشركات. وهناك حاجة إلى مزيد من الدعم للفقراء، ولا سيما تعزيز النظم الاجتماعية في البلدان الفقيرة والاقتصاد الموجه نحو الصالح العام، حيث يتم توزيع الأرباح بشكل عادل.

وهناك دراسات أجرتها العديد من المنظمات غير الحكومية مثل “الحركة المضادة للعولمة” و”منظمات أصدقاء الطبيعة” وغيرها، بشأن قطاع الصناعات المرتبطة بمشتقات الحليب، تدعو إلى ما ذهب اليه ممثل أوكسفام. وتشير هذه الدراسات إلى أن كورونا أدى الى ركود عمليات التصدير والاستيراد. وأكدت الدراسات على أن سياسة التجارة الحرة الحالية هي “أحد محركات التنمية المضللة التي لا تضع المزارعين، خاصة في بلدان جنوب العالم، تحت ضغط هائل فحسب، بل البيئة والمناخ أيضًا”. وتدافع هذه المنظمات عن الأنشطة الإقليمية القائمة على التضامن. وإن أهم مهمة للسياسة التجارية هي تعزيز الهياكل المستدامة، وترسيخ حقوق الإنسان وتوفير الحماية للأسواق في جنوب الكرة الأرضية.

هذا وسيعود المنتدى لعقد اجتماعه المباشر في أيار المقبل في سنغافورة، بدلا من دافوس التي ارتبط اسمه بها، وذلك بسبب الوضع الصحي الذي لايزال يخيم على العالم.

***********

الشيوعي العراقي يحيي المؤتمر الوطني الـ 13 للحزب الشيوعي الفيتنامي

بغداد - طريق الشعب

اُفتتح في هانوي يوم الثلاثاء (26 كانون الثاني الجاري) المؤتمر الوطني الثالث عشر للحزب الشيوعي الفيتنامي. ووجهت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رسالة تحية الى المؤتمر.

وفيما يلي نص الرسالة: 

الرفاق الأعزاء

نبعث بأحر تحيات الشيوعيين العراقيين إلى المؤتمر الوطني الثالث عشر للحزب الشيوعي الفيتنامي.

ونعبّر عن ثقتنا بأن هذا الحدث البالغ الأهمية في الحياة السياسية والعامة لفيتنام سيساهم في تعزيز حزبكم وتوطيد دوره القيادي في عملية التجديد والتنمية ذات التوجه الاشتراكي للبلاد. وقد تابعنا بإعجاب الاستعدادات لعقد المؤتمر الثالث عشر التي شارك فيها الآلاف من لجان وخلايا الحزب، فضلاً عن عقد المؤتمرات الحزبية على جميع المستويات المحلية، على الرغم من التحديات الكبيرة الناجمة عن جائحة كوفيد -19 وكوارث طبيعية. وهذا يدلّل، مرة أخرى، على إخلاص حزبكم الشقيق، على امتداد تاريخه المجيد، لقضية الشعب الفيتنامي وصون الاستقلال الوطني، ومواجهة التحديات الكبيرة وحروب الغزو التي شنتها القوى الإمبريالية، ومواصلة مسيرته لحماية السلام وبناء الاشتراكية.

وإذ نتمنى للمؤتمر الوطني الثالث عشر كل التوفيق والنجاح في أعماله، نتقدم بتحياتنا الصادقة إلى مندوبيه والى قيادة حزبكم الشقيق وجميع أعضائه. وفي هذه المناسبة، نتطلع إلى تعزيز العلاقات التاريخية بين الشيوعيين العراقيين والفيتناميين في النضال المشترك من أجل الحرية والسلام والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاشتراكية.

مع أطيب التمنيات الرفاقية

اللجنة المركزية

الحزب الشيوعي العراقي

21-1-2021

*************

الشيوعي السوداني”: وثيقة ويلسون تتوعد القوى الثورية

الخرطوم - طريق الشعب

رد الحزب الشيوعي السوداني، أمس الاول، على الوثيقة التي نشرها مركز ويلسون، التي ادعى أنها كانت للتنسيق لإحداث انقلابات في ‏المنطقة ومن ضمنها انقلاب يوليو 1971 وتداولته صحف ومواقع بغرض تشويه صورة وسمعة ‏الحزب امام الجماهير.

وقال الحزب في بيان حصلت “طريق الشعب “، على نسخة منه، انه “‎سبق نشر الوثيقة تصريحات من المكون العسكري تتوعد القوى الثورية وتهديدها ومحاولة ‏شيطنتها، بدأت بتهمة خطف واغتيال الشهيد بهاء الدين نوري والذي اغتالته الأيادي المجرمة في ‏الدعم السريع، والاتهام بمحاولة انقلابية مع حزب البعث”. ‏

‎وأضاف ان “هذه الحملات تهدف بالأساس في هجومها على الحزب والقوى الثورية؛ ضرب الديمقراطية ‏والتضييق على الحريات العامة وتصب في مصلحة اعداء الثورة والتحول الديمقراطي في السودان ‏وحلفائها الاقليميين والدوليين هذا ما علمتنا اياه دروس الماضي”. ‏

‎وأشار الحزب الى ان “زيف هذه الوثيقة تؤكده الحقائق الدامغة اذ انه لا يوجد ما يسمى بمكتب العلاقات الدولية للأحزاب ‏الشيوعية في السبعينات وبالتالي؛ ما جاء فيما يخص الاجتماع واجندته والمشاركين فيه محض ‏خيال وافتراء لكاتب التقرير، والاسماء الواردة بها خليط من مجوعة من السودانيين مدنيين ‏وعسكريين لا تجمعهم قضية ولا يمكن ان يتفقوا على حركة عسكرية أو سياسية”.‏

والجدير بالذكر ان مركز  ويسلون أنشأه الكونجرس ‏الأمريكي في عام  1968 .

**************

مواجهات عنيفة” بين المتظاهرين وقوى الامن في لبنان

بيروت ـ وكالات

حاول محتجون لبنانيون، الثلاثاء، اقتحام سرايا طرابلس شمالي لبنان بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية.

وبحسب وكالة “سبوتنيك”، فإن إصابات عديدة حدثت بين صفوف المتظاهرين وقوى الأمن، خلال محاولة محتجين اقتحام سرايا طرابلس شمالي لبنان بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية.

وشهد محيط سرايا طرابلس الحكومي شمالي لبنان، اشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن ما أسفر عن إصابات بين الطرفين، في ظل احتجاجات لليوم الثاني على التوالي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وسط فرض قيود قاسية لمواجهة جائحة كورونا.

فيما تؤكد الانباء، أن “المواجهات العنيفة اندلعت بين المتظاهرين وقوات الأمن في مدينة طرابلس شمالي لبنان، وأن هناك إصابات في صفوف الجانبين على إثر تصدي القوات الأمنية لمحاولة محتجين اقتحام السراي الحكومي بالمدينة”.

وأفادت صفحة القوات اللبنانية على “تويتر” بقيام عناصر الجيش اللبناني بتشكل درع بشري لمنع المتظاهرين من اقتحام سرايا طرابلس.

***************

الهند.. اشتباكات بين مزارعين وقوات الامن تسفر عن مقتل شخص

نيودلهي ـ وكالات

اندلعت اشتباكات، أمس، بين محتجين وقوات الأمن الهندية في نيودلهي، اسفرت عن مقتل احد المحتجين، خلال مظاهرات مناهِضة لقانون الإصلاح الزراعي الذي يرفضه المحتجون منذ بدء اعتصاماتهم قبل أكثر من شهرين.

واتهمت الشرطة الهندية مجموعات من المزارعين المحتجين الرافضين لقانون الإصلاح الزراعي بالمساس بالأمن العام في مسيرتهم بنيودلهي، مهددة بمواجهتهم بصرامة حفاظا على الاستقرار.

وقالت إن مئات المحتجين توجهوا إلى محيط “البرج الأحمر”، رمز استقلال الهند عن بريطانيا، في العاصمة الهندية، مما استدعى تدخل الشرطة لإبعادهم عن هذا الصرح التاريخي المغولي. ووقعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والمحتجين، حسب صحيفة “هندوستان تايمز”، في عدة جهات من العاصمة الهندية، عندما مُنعوا من التقدم إلى وسط نيودلهي.

وقالت “هندوستان تايمز” إن مناطق في العاصمة الهندية أصبحت مساء الثلاثاء أشبه بساحة معركة، بسبب أعمال العنف وارتفاع حدة التوتر ومحاولة الشرطة تفريق المتظاهرين بإطلاق القنابل المسيلة للدموع، فيما كان المتظاهرون يردون بالحجارة، شاهرين عصيهم وقضبانهم المعدنية. وتحدثت وسائل إعلام محلية عن حيازة بعض المحتجين السيوف.

**************

رافقته احتجاجات في عدة مدن

البرلمان التونسي يقر تعديلا وزاريا واسعا شمل 11 وزيراً 

متابعة ـ طريق الشعب

وافق البرلمان التونسي، أمس،  على تعديل حكومي واسع في حكومة هشام ‏المشيشي شمل 11 وزيرا، على الرغم من الجدل الذي أثاره ترشيح عدد ‏منهم، والانتقادات الحادة التي وجهها رئيس البلاد قيس سعيّد.

فيما اندلعت احتجاجات في مناطق مهمشة على التدابير المتخذة بالضد من فايروس كورونا، ما اودى بحياة احد المحتجين.

ابرز التعديلات

ومن أبرز ‏الوزارات المعنية بالتعديل الداخلية والعدل والصحة، خصوصا وسط أزمة ‏انتشار فيروس كورونا، والاحتجاجات التي تجتاح عدة مناطق بالبلاد ضد ‏الطبقة السياسية وأوضاع المناطق المهمشة وقمع الأمن للمحتجين، والمستمرة ‏منذ عدة أيام.

وقد تجددت المظاهرات الثلاثاء في تونس العاصمة وعدة مدن ‏ومناطق أخرى، وأطلق المشاركون فيها شعارات ضد الحكومة والبرلمان ‏وحزب النهضة.

وخرج مئات الأشخاص في مظاهرات بالعاصمة التونسية، أمس الثلاثاء،  ضد الطبقة السياسية والقمع الأمني للمحتجين قرب البرلمان ‏المحصن، والذي أقر نوابه تعديلا وزاريا واسعا يسلط الضوء على التوترات ‏السياسية بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد والبرلمان.

ومنح ‏مجلس النواب الثقة للوزراء الجدد وعددهم 11 وزيرا. وحصل الوزراء الجدد ‏على الثقة على الرغم من الجدل الذي أثير حول أسماء عدة والانتقادات ‏الحادّة التي وجهها رئيس الجمهورية.

وأكد رئيس الحكومة هشام المشيشي، أن حكومته ستستمع إلى الشباب المحتجين.

وكان مئات ‏المتظاهرين قد تجمعوا قرب البرلمان نهارا بدعوة من نحو ثلاثين منظمة ‏غير حكومية للاحتجاج على استراتيجية القمع البوليسية المعتمدة في مواجهة ‏الاحتجاجات الليلية التي اندلعت منتصف كانون الثاني، في المناطق ‏المهمشة في تونس.

واحتج عدد من النواب على هذا الانتشار الأمني الكثيف ‏ودعوا إلى مزيد من الحوار في بلد تأثر كثيرا بتفشي فيروس كورونا ‏وتداعياته الاجتماعية.

تظاهرات عديدة

ونظمت مظاهرات في مدن تونسية ‏عدة احتجاجا على سياسة القمع وللمطالبة بسياسة اجتماعية أكثر عدلا ‏وبإطلاق سراح مئات المحتجين الذين اعتقلتهم الشرطة بعد ‏الاشتباكات.

وعلى مدى ليال، هاجم شبان الشرطة المنتشرة لفرض حظر ‏التجول بعيد حلول الذكرى العاشرة للثورة التي أسقطت في 14 كانون ‏الثاني 2011 الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بعد 23 عاما في ‏السلطة. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع واعتقلت أكثر من ألف شاب ‏بينهم العديد من القاصرين وفقا للمدافعين عن حقوق الإنسان الذين أدانوا ‏التجاوزات.

ونظمت مظاهرات تطالب خصوصا بالإفراج عن مئات ‏المحتجين الشباب الذين ألقي القبض عليهم وبسياسة اجتماعية أكثر عدلا، ‏وبالقيود التي فرضت لمحاربة الوباء أثرت خصوصا على الفئات الأكثر ‏ضعفا، إذ تسببت بإلغاء عشرات الآلاف من الوظائف وعرقلت التعليم.‏

‏غيّروا أو ارحلوا‏

وقالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، يسرى فراوس، في تصريحات صحفية تابعتها “طريق الشعب”، ان ‏‏”المسؤولون السياسيون ينتهجون الاستراتيجيات نفسها التي لم تفض إلى الان ‏سوى لإخفاقات”.

وأضافت “فليغيروا نموذج الحوكمة أو ليرحلوا عن ‏السلطة!”. وأتت الجلسة البرلمانية عقب اضطرابات بين محتجين وشرطة في ‏سبيطلة في منطقة مهمشة وسط البلاد، بعد وفاة شاب متأثرا بإصابته بقنبلة ‏مسيلة للدموع.

ووقعت صدامات جديدة بين الشرطيين والمتظاهرين ‏على هامش مراسم تشييع الشاب كما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.‏

ورفع عدد من نواب المعارضة صورته في البرلمان.‏

وكان المشيشي قد قال إن الهدف من التعديل الوزاري الحصول على فريق ‏‏”أكثر كفاءة” من أجل تحقيق الإصلاحات في البلاد التي تشهد أزمة صحية ‏واقتصادية وسياسية واجتماعية.‏

لكن الرئيس سعيّد انتقد بشدة هذا التعديل مساء الاثنين معربا عن أسفه لعدم ‏استشارته.‏

وأشار إلى أن “بعض المقترحين في التحوير الوزاري تتعلق بهم قضايا أو ‏لهم ملفات تضارب مصالح”.‏

وفي السياق نفسه، أعرب عن استيائه “من غياب المرأة عن قائمة الوزراء ‏المقترحين”.‏

***********

الصفحة الثامنة

وثبة كانون وجدلية الصراع مع كل قوى الظلام في العراق

خليل ابراهيم العبيدي

كان الاستعمار القديم يعول على الجيوش المحتلة في إدامة وجوده على أراضي الغير، وكانت بريطانيا التي احتلت العراق عام 1917 تمتلك جيشا جرارا حاولت تكييف أوضاعه بموجب معاهدة 1930 التي مهدت قيودها آنذاك لقبول دخول العراق عصبة الأمم، وهذه المعاهدة جاءت في إثر إلغاء معاهدة 1922. وقد نصت في بعض ملاحقها المتعددة، على الآتي:

ملحق المعاهدة العسكري

1-إقامة قوات بريطانيا في الهنيدي (معسكر الرشيد حاليا) ولمدة خمس سنوات. تبدأ من تنفيذ المعاهدة.

2-حصول القوات البريطانية على امتيازات في شؤون القضاء والعائدات الأميرية، بما في ذلك الإعفاء من الضرائب.

3- التشديد على التسهيلات الممكنة لنقل القوات البريطانية وتدريبها.

4- إقامة حرس يقدمه العراق لحماية القواعد الجوية البريطانية.

5- توحيد الجيشين العراقي والبريطاني في السلاح والعتاد والتدريب واللباس.

6- شراء الأسلحة من بريطانيا.

7- حق القوات البريطانية في استعمال طرق العراق وسككه الحديدية وطرقه المائية وموانئه ومطاراته والسماح للسفن البريطانية في زيارة شط العرب. (بشرط إعلام الحكومة العراقية بذلك)

الملحق المالي

1- تلتزم الحكومة العراقية بشراء مخلفات الجيش البريطاني الذي سيترك معسكر الهنيدي خلال خمسة أعوام بثلث كلفتها.

2- إن بريطانيا لا تدفع ايجارا عن المطارات التي ستستخدمها في العراق متى كانت أراضيها أميرية.

 3- أن تعفى تلك الأراضي من الضرائب والرسوم.

الملحق القضائي

ألزمت المعاهدة العراق باستقدام عدد من الخبراء القانونيين البريطانيين لمدة عشر سنوات يخولون سلطات قضائية وفقا لقوانين العراق وذلك لغرض تسهيل تأسيس النظم القضائية الحديثة وتطبيقها وإعطاء هؤلاء الخبراء صلاحية رئاسة المحكمة التي يكون فيها أحد الطرفين المتخاصمين من الرعايا البريطانيين أو دولة أجنبية أخرى غربية.

إن هذه المعاهدة كان لها ان تنتهي عام 1955، وقد مهدت الحكومة البريطانية الطريق لإعادة تقييد العراق بمعادة جديدة ، تلكم هي معاهدة جبر نسبة إلى رئيس الوزراء آنذاك صالح جبر والسير أرنست بيفن، وسميت بمعاهدة (جبر- بيفن) أو معاهدة بورت سموث نسبة الى الميناء البريطاني المشهور  (بورت سموث )، وقد تم توقيع المعاهدة على ظهر البارجة البريطانية فكتوريا  في 15 كانون ثاني 1948، وقد نوه عنها فاضل الجمالي قبل التوقيع مما أثار فيه الرأي العام الذي مهد وكما سنرى لوثبة كانون الشهيرة، او ما تسمى عند البغداديين (دكة الجسر)  وقد جاء من ضمن ما جاء في معاهدة بورت سموث الآتي:

السماح للجيوش البريطانية الدخول إلى العراق كلما اشتبكت في حرب مع الشرق الاوسط (إيران) كذلك حتمت المعاهدة أن يمد العراق هذه الجيوش بكل التسهيلات والمساعدات في أراضيه ومياهه وأجوائه.

بعد الإعلان عن نوايا حكومة صالح جبر في توقيع المعاهدة تحركت لجنة التعاون الطلابي للتنسيق مع الشباب الرافض لبنود هذه المعاهدة بالإعداد للتظاهرات العامة، وقد تم التنسيق بين كل من الحزب الشيوعي العراقي ، لكون قاعدته الطلابية والعمالية العريضة قد تقدمت الشارع في الدعوة لرفض هذه المعاهدة وللتظاهرات العامة، نعم للتنسيق مع قادة حزب الاستقلال بزعامة محمد مهدي كبة والحزب الوطني الديمقراطي بزعامة كامل الجادرجي وأحزاب وطنية اخرى ، وكانت نتيجة هذا التنسيق أن اندلعت المظاهرات الرافضة في جميع كليات جامعة بغداد وامتلأت الشوارع بالمتظاهرين اعتبارا من الأول من كانون الثاني من العام 1948 حتى السابع والعشرين من الشهر الذي استقال فيه رئيس الوزراء صالح جبر ، وتم الإعلان عن الغاء المعاهدة .

إن وثبة كانون كانت نقطة تحول في تاريخ العلاقات العراقية البريطانية وكانت قد أسست لأقوى ردود الفعل الشعبية، لأنها كانت تمثل التوجه الوطني ضد أي معاهدة تحاول الحفاظ على الوجود الكولينيالي القديم، ولما كانت هذه المعاهدة ستمدد لمعاهدة 1930، فإنها دخلت في باب حتمية الثورة على بنودها لأنها تتعارض مع مبدأ السيادة والاستقلال الوطني، وتتعارض مع أفكار قوى اليسار التي حملت هموم الشعب العراقي وخاصة طبقاته المحرومة من خيرات بلدها من الفلاحين والعمال، مشكلة بذلك أرضية جديدة لأشكال الصراع مع حكومات الإقطاع والرأسمال الاقطاعي الذي تسرب إلى المدن والحواضر ليشكل جبهة مع الاحتلال المباشر في حكم طبقة برجوازية كانت متسللة عن مدرسة الاستانة العسكرية والتي تحالفت مع المحتل إبان الثورة التي قادها الشريف حسين ضد الهيمنة العثمانية، لتتحول بقوة النفوذ البريطاني الى مادة للحكم الجديد وفق معاهدات متوالية كان آخرها معاهدة بورت سموث، ولقد كان لتلك الوثبة الأثر المباشر لإدامة الصراع مع كل الحكومات الملكية المتعاقبة بدءا من الإضرابات العمالية ضد شركات النفط الاجنبية أو تمرد الكثير من الفلاحين على واقع الظلم الاقطاعي مرورا بانتفاضة تشرين عام 1952، وانتفاضة عام 1956 ضد العدوان الثلاثي على مصر، وصولا للتمهيد لقيام ثورة 14 تموز عام 1958.

إن صراع الشعب العراقي المستمر مع حكامه، هو بطبيعته صراع بين حاكم جائر يستغل الثروات ويسخرها لإدامة حكمة، وهو صراع صار صراعا أزليا انسحب اليوم بين قوى الشعب الشابة المتمثلة في ثورة تشرين عام 2019 وببن حكام جاءوا أيضا مع المحتل ليقوموا بذات الأدوار التي قام بها الحكم الملكي، وبذات النغمات التي تغنى بها ذلك النظام، ألا وهي الديمقراطية وحرية التعبير، متناسين (اي الحكام الجدد) أنهم جاءوا من حواضر الغرب الرأسمالي يحملون أفكاره أو من أحضان دول الجوار وهم يحملون حقدا دفينا على العراق، بسبب تصرفات النظام السابق، وهكذا عملوا على افقار شعبه وجعل تبعية أسواقه لها مما ترك توقفا واضحا للقطاع العام وتخلف فيه الانتاج بكل فروعه وارتفعت مناسيب الفقر لتصل الى 40 بالمئة، أو بزيادة البطالة لتصل نسبتها الى 34 بالمئة، أو الأمية التي وصلت نسبتها الى 22 بالمئة،  ولقد كانت هذه البطالة وراء انتفاضة تشرين لتؤكد للطغمة الحاكمة أن شباب اليوم هم امتداد لشباب وثبة كانون لعام 1948، وأن جدلية هذا الصراع ستظل على أوجها ما دام هناك تفاوت طبقي وما دامت هناك أيادي اجنبية تتحكم بالعراق.

****************************

وثبة كانون الثاني 1948

حامد الحمداني

واصلت وزارة أرشد العمري نهجها القمعي ضد الحركة الوطنية، مما أثار سخطا واسعا بين صفوف الشعب، الأمر الذي اضطر الفئة الحاكمة الى التظاهر بالتراجع، فجئ بنوري السعيد ليؤلف الوزارة في خريف 1946 في اعقاب استقالة أرشد العمري، قاطعا وعودا كثيرة بإطلاق الحريات واجراء انتخابات نيابية حرة، واستدرج للمشاركة في وزارته حزبي الوطني الديمقراطي والأحرار بناء على وعوده التي سرعان ما ظهر كذبها، اذ واصل سياسة التضييق على الحريات العامة والحياة الحزبية وزور الإنتخابات بهدف المجئ بمجلس نيابي يستطيع من خلاله تمرير معاهدة جديدة مع بريطانيا تخلف معاهدة 1930الإسترقاقية، التي طالب الحزب الشيوعي العراقي وحزب التحرر الوطني وعصبة مكافحة الصهيونية بإلغائها.

وفي عهد هذه الوزارة جرى إلقاء القبض على الرفاق فهد وصارم وحازم وجمهرة من كوادر الحزب القيادية، وسيقوا الى المحكمة. وكانت محاكمتهم مدرسة نضالية فضحت النظام الملكي وتبعيته للإمبريالية، وعرفت جماهير واسعة بالحزب الشيوعي  وأهدافه ونضاله البطولي في طليعة الحركة الوطنية الديمقراطية العراقية.

وبعد اكمال مهمته في تمهيد الجو للشروع في عقد المعاهدة الجديدة مع بريطانيا، استقال نوري السعيد وجئ بصالح جبر لتأليف الوزارة في ربيع 1947، التي استكملت الإجراءات التي افترضت الفئة الحاكمة انها كافية لتمرير مشاريعها المعادية للشعب. فقد الغت اجازة عمل الحزبين اليساريين: الشعب والإتحاد الوطني، واغلقت صحيفتيهما: “ الوطن” و” السياسة” . وانزلت احكاما قاسية بالقادة الشيوعيين، وكان من بينها حكم الإعدام على الرفيق فهد وآخر على ابراهيم ناجي احد كوادر الحزب، تم فيما بعد تخفيضه الى الأشغال الشاقة المؤبدة بعد الحملة العالمية ضده، خصوصا في بريطانيا وفرنسا.

وشرعت وزارة صالح جبر في اجراء مفاوضات سرية مع بريطانيا منذ آيار 1947. ومن سوء حظ صالح جبر ان العراق شهد في هذه الفترة أزمة اقتصادية طاحنة وصلت حد صعوبة الحصول على الخبز الردئ. لذا سميت الوزارة بوزارة الخبز الأسود.

وفي خريف 1947 شارك الوصي عبدالإله في مفاوضات سرية في لندن لإعداد صيغة المعاهدة الجديدة، استكملها وزير الخارجية محمد فاضل الجمالي بعيدا عن رقابة الرأي العام والأحزاب الوطنية. وكان الحزب الشيوعي منذ تشرين الثاني 1947 قد فضح أهداف وزارة صالح جبر ودعا الى اسقاطها.

وفي 3 كانون الثاني 1948 أطلق الجمالي في لندن تصريحا استفزازيا امتدح فيه معاهدة 1930، كاشفا الوجهة التي تعتزم الوزارة انتهاجها في عقد المعاهدة الجديدة. قوبل التصريح بالشجب والإستنكار، مما اضطر رئيس الوزراء صالح جبر لتكذيبه. وتظاهر الطلبة في كلية الحقوق يوم 5 كانون الثاني 1948 احتجاجا على محاولات الوزارة لربط العراق بمعاهدة جديدة لا تختلف عن معاهدة 1930 ان لم تكن أشد منها ثقلا على شعبنا.

وقمعت المظاهرة الطلابية بالعنف، واصدرت الوزارة قرارا عطلت فيه الدراسة في كلية الحقوق، واعتقل العشرات من الطلبة، واغلقت الأقسام الداخلية. فأضربت الكليات والمدارس الثانوية. ونظم الطلبة يوم 7 كانون الثاني 1948 مظاهرة اتجهت الى المجلس النيابي، واستثارت تضامن بعض النواب والأعيان مع مطلبها بإطلاق سراح الطلبة المعتقلين واعادة الدراسة في كلية الحقوق، واضطرت الوزارة للإستجابة لهذه المطالب يوم 8 كانون الثاني رغم ان نائب رئيس الوزراء كان اصدر بيانا قبله بيوم هدد فيه بأن “ الحكومة ستضرب بشدة كل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن والسكينة” .

وكان صالح جبر قد وصل لندن على رأس الوفد المفاوض وانتهت المفاوضات يوم 10 كانون الثاني، لأن كل شئ كان مهيئا، ووقع بالأحرف الأولى مع وزير خارجية بريطانيا بيفن على نص المعاهدة.

وفي 15 كانون الثاني وقعت المعاهدة في ميناء بورتسموث حيث كان الوفد بضيافة البحرية البريطانية. واوصى صالح جبر بعدم نشر نصوص المعاهدة الا بعد اطلاعه على نص الترجمة العربية. ولكن جمال بابان وكيل رئيس الوزراء لم يلتزم بما طلبه صالح جبر ونشر نص المعاهدة يوم 16 من الشهر نفسه. فكان نشر النص بداية للتحرك الجماهيري بعد ان توالت احتجاجات الأحزاب على عقدها.

ـــ  لجنة التعاون الطلابي، التي لعب فيها الشيوعيون دورا فعالا، قررت اعلان الإضراب والقيام بمظاهرات سلمية مدة ثلاثة ايام اعتبارا من 17 كانون الثاني 1948.

ـــ في اليوم الثالث 19، توجهت مظاهرة طلابية الى المجلس النيابي، كخاتمة للفعاليات السلمية: الإضرابات والمظاهرات التي استمرت ثلاثة أيام.

ـــ  جمال بابان أصدر بيانا استفزازيا يدعو فيه الطلبة الى الإخلاد لدراستهم وترك الأمور العامة الى “ ممثلي الأمة وقادة الرأي والساسة.. وأن لا يلجئوا الحكومة الى أن تستعمل صلاحياتها .. حفظا للأمن وسلامة المجتمع “ !

ــــ  البيان استفز الطلبة وحملهم على تحدي السلطة واعلان الإضراب مجددا والقيام بمظاهرات يوم 20 كانون الثاني 1948.

ــــ الشرطة تطلق النار على المتظاهرين فيسقط في اليوم نفسه اربعة شهداء والعديد من الجرحى.

ـــ  في 21 كانون الثاني الشرطة تطارد الطلاب داخل المستشفى وتفتح النار فتقتل اثنين، احدهما طالب في كلية الصيدلة تناثر دماغه بفعل الرصاص الغادر.

ـــ عميد كلية الصيدلة ومعه اساتذة كليتي الصيدلة والطب ومديرو الأقسام في المستشفى الملكي وعددهم 110 أطباء يستقيلون احتجاجا على وحشية الشرطة.

ـــ الوصي يضطر لقبول اقتراح وكيل رئيس الوزراء بعقد اجتماع في البلاط لبحث الأوضاع، يضم أعضاء الوزارة ووزراء ورؤساء وزراء سابقين وقادة الأحزاب: الوطني الديمقراطي، والأحرار والإستقلال ونقيب المحامين نجيب الراوي.

ـــ كل الحاضرين تحدثوا ضد المعاهدة الا واحدا هو عبدالمهدي المنتفكي، الذي أسند المظاهرات الى الحزب الشيوعي العراقي.

ـــ الوصي يطلب من بابان الإتصال بصالح جبر وعودته فورا الى بغداد.

ـــ صالح جبر يسخر مما جرى في بغداد ويستنكر دعوة السياسيين لمثل هذا الإجتماع، ويتوعد سحق المعارضة لدى عودته الى العراق.

ـــ بعد الإجتماع صدر بيان يقول ان الوصي لا يوافق على عقد معاهدة لا يرتضيها الشعب ولا تحقق أمانيه الوطنية.

ــ واصل صالح جبر استفزاز مشاعر الشعب، وهو في لندن، وعزا اعمال الإحتجاج الواسع ضد المعاهدة الى “ بعض العناصر الهدامة من الشيوعيين والنازيين الذين اعتقلهم عام 1941” وأعلن أنه “ سيعود الى العراق وسيسحق رؤوس هذه العناصر الفوضوية حتما” ! . هاج الرأي العام وعادت المظاهرات تملأ شوارع بغداد.

ــ أحد وزراء صالح جبر ، وهو ضياء جعفر، أعد منشورا خاليا من التوقيع وزعته سيارات الشرطة يستهدف بث الفرقة بين القوى الوطنية المعارضة للمعاهدة ويزعم “ ان القائمين بالمظاهرات هم من الهدامين والصهيونيين والطائفيين ومن اذناب موسكو” !.

ــ يوم 26 كانون الثاني 1948 وصل صالح جبر بصورة سرية الى بغداد. وعلى ظهر مدرعات توجه الى قصر الرحاب، معنفا وكيله جمال بابان لأنه لم يكن شديدا في مقاومة معارضي المعاهدة. وأيده نوري السعيد بضرورة سحق المقاومة الشعبية.

ـــ وأعد صالح جبر بيانا للإذاعة في اليوم نفسه. وعقد اجتماعا في وزارة الداخلية تقرر فيه استخدام القوة لتفريق أية مظاهرة في بغداد وخارجها، أي اطلاق النار. ونامت بغداد وهي على فوهة بركان.

ــ وفي صباح يوم 27 أعلن العمال الإضراب السياسي وقرر الجميع بقيادة لجنة التعاون الوطني ( التي ضمت الشيوعيين وأنصار حزب الشعب والجناح التقدمي للحزب الوطني الديمقراطي بقيادة كامل قزانجي والحزب الديمقراطي الكردي) ولجنة طلبة الكليات واللجنة العمالية في الحزب الشيوعي ، قرروا التظاهر في اليوم نفسه. وأصبحت بغداد في ذلك اليوم وكأنها ساحة حرب. إذ توزعت الشرطة لتحتل الشوارع ومداخل الطرق الفرعية ووضعت الرشاشات فوق البنايات العالية وعلى مآذن الجوامع على طرفي جسر “ مود” ( الشهداء) وراحت سياراتها المصفحة تجوب الشوارع.

ورغم ذلك خرج العمال والطلاب وانضمت اليهم جموع غفيرة من أبناء الشعب في مظاهرات صاخبة تطالب بإسقاط الوزارة والغاء المعاهدة. وجابهت الجموع رصاص الشرطة بعزيمة لا تفل. واصدر صالح جبر بيانا آخر يؤكد فيه اصراره على استعمال العنف لمواجهة غضب الشعب. وأصدر وزير الداخلية توفيق النائب أوامره الى متصرفية بغداد والى قوات الأمن بأن يصوبوا النار الى الصدور وان يحصدوا الأرواح حصدا. ويطلب من وزارة الدفاع اسعاف وزارة الداخلية بوحدات من الجيش لمساعدة الشرطة في مواجهة المتظاهرين. الا ان رئيس اركان الجيش صالح صائب الجبوري عارض ذلك.

ـــ مظاهرات صاخبة في الموصل والنجف وكربلاء والبصرة والناصرية والعمارة والحلة والكاظمية وبعقوبة وكركوك والسليمانية .

ـــ الجسر “ جسر الشهداء “ يشهد بطولة نادرة، فقد أراد المتظاهرون في الكرخ الإلتحام بإخوانهم في جانب الرصافة ، غير أن الشرطة، التي أحتلت مآذن الجوامع على جانبي الجسر، أصلت المتظاهرين بنار حامية اضطرتهم على التراجع. وفي هذه اللحظة المثيرة انطلقت فتاة شجاعة مقتحمة الجسر وتبعها المتظاهرون الذين أرعبوا بعزمهم الشرطة التي ولت هاربة.

ـــ نوري السعيد طالب بإعلان الأحكام العرفية ومنع التجول.

ـــ عشرون نائبا في المجلس النيابي استقالوا بمن فيهم رئيس المجلس احتجاجا.

ــ محمد الصدر طالب بإستقالة الوزارة “ لأن ثلاثة من اعضائها استقالوا .. وزمام الأمور يفلت من يد الحكومة” .

ــ الوصي اقتنع برأي الصدر بعد أن كان منحازا الى رأي السعيد.

ــ صالح جبر حاول التمسك بالسلطة وزعم أنه “ يريد انقاذ البلد من الفوضى قبل كل شئ” ولكنه اضطر تحت ضغط الإحتجاج الشعبي الواسع وخوف غالبية الفئة الحاكمة وعلى رأسها الوصي من تطور الأحداث الى تقديم استقالته وفر هاربا تحت جنح الظلام، الى منطقة الفرات الأوسط ومنها الى لندن.

ـــ الوصي أعلن استقالة الوزارة وطلب الخلود للهدوء والسكينة.

ـــ وكانت حصيلة المعارك النضالية، التي خاضها الشعب لإسقاط المعاهدة والوزارة التي أرادت فرضها على الشعب بالقوة، عشرات الشهداء ومئات الجرحى.

ــ وكانت الوثبة أروع انتفاضة شعبية عرفها تاريخ العهد الملكي.

ــ وقد مجد الشعب شهداءها أعظم تمجيد. وسمي الجسر الذي شهد أروع معاركها بجسر الشهداء قبل أن يحمل هذا الإسم رسميا بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة.

 

**********************

الصفحة التاسعة

بشرى برتو نجمة في سماء الحركة النسوية العراقية

اعداد د. خيال الجواهري

في الثالث عشر من تشرين الثاني الفائت، مرت الذكرى السنوية الثالثة لرحيل المناضلة المعروفة بشرى برتو، التي برزت وتميزت في سماء الحركة النسوية والسياسية العراقية، وأصبحت مثالا وقدوة للكثير من النساء اللواتي عملن في سوح النضال ونذرن أنفسهن من اجل ان يظل العراق شامخاً، بهياً مزهراً.

ولدت الراحلة مساء التاسع والعشرين من كانون الأول عام 1933، وسط عائلة ميسورة الحال في مدينة البصرة. وعاشت طفولتها في دار استأجرها والدها المحامي الناجح، في منطقة تسمى “نص طريق العشار”. وقد كانت عائلتها صغيرة، تضم الأب والأم والأشقاء فاروق واميل وعماد.

في الخامسة من عمرها دخلت “روضة مدرسة الراهبات” في البصرة، ثم واصلت دراستها الابتدائية، وعندما وصلت إلى الصف الرابع الابتدائي، انتقل والدها الى بغداد فأخذها معه، لتعود معه مجددا إلى البصرة، وتكمل مرحلة السادس الابتدائي في “مدرسة السعدون النموذجية”، وتسكن في دار مجاورة لدار زوج عمتها صبري أفندي المعروف بـ “صندوق امين البصرة”، والذي ذكر اسمه في أغنية الفنانة الراحلة صديقة الملاية “الافندي.. الافندي.. عيوني الافندي”.

في صغرها، كان والدها يصطحبها معه لاستقبال الضيوف والاصدقاء من الاحزاب السياسية آنذاك، مثل مصطفى علي، القانوني المعروف الذي أصبح وزيرا للعدل بعد ثورة 14 تموز 1958، وخدوري خدوري وعزيز شريف.

في الفترة بين عامي 1945 و1956 بدأ وعيها السياسي ملحوظاً، لا سيما عندما سكنت العائلة في الكرادة قرب الباب الشرقي. إذ راحت تتعامل مع الموضوعات السياسية، وتستوقفها سلبيات نظام الحكم آنذاك، خاصة بعد أن لمست لدى أخيها فاروق، نشاطات سياسية.

ثمة عائلة كانت تسكن بقربهم، هي عائلة رؤوف البحراني، الذي هو وزير سابق ومن جماعة رشيد الكيلاني. وقد أصبحت ابنته سلوى صديقة لها، واستمرت تلك العلاقة حتى خمسينيات القرن الماضي.

في الفترة بين عامي 1946 و1947، التحقت بـ “ثانوية الاعظمية للبنات”. إلا أن والدها، ومع بداية السنة الدراسية، عيّن متصرفا للواء كركوك، فاضطرت إلى الانتقال معه هي وعائلتها الى هناك.

في كركوك، وتحديدا في صيف 1946، وقعت “مجزرة كاورباغي”. حيث أطلق الرصاص على عمال شركة نفط العراق – البريطانية اثناء تواجدهم في حديقة عامة للمطالبة بحقوقهم، ما أدى الى استشهاد العديد منهم وجرح أكثر من ثلاثين آخرين.

هذه الواقعة بقيت محفورة في ذاكرة بشرى. فحينما انتقلت مجددا إلى بغداد لإكمال دراستها الجامعية، لفتت انتباهها تظاهرات الطلبة عند مدخل كلية الطب، وكيف ان الطالب الثوري خلوق امين زكي، يخطب ويلهب حماسة الطلبة للانخراط في النضال الوطني. ولم تنس في حياتها ذلك المشهد، حين رأت شابا يحمل دماغ أحد الضحايا ويدخل على عميد كلية الطب هاشم الوتري الذي أثر فيه هذا الموقف، فقدم استقالته احتجاجاً على الجرائم البشعة التي ارتكبت من قبل الشرطة بانتهاك حرمة الجامعة. كان ذلك اثناء وثبة كانون الثاني عام 1948.

وحظيت بشرى بلقاء الجواهري، حينما كان يقرأ قصيدة رائعة في منطقة الباب المعظم، عنوانها” يوم الشهيد”، ومطلعها:

يوم الشهيد تحية وسلام    

بك والنضال تؤرخ الاعوامُ

ولعبت الراحلة دورا منشودا وهي تقوم بمهامها الحزبية بنشاط ملحوظ في منطقة الاعظمية. إذ كانت تسكن في منطقة الوزيرية مع زميلاتها ممن تخرجن في ثانوية الاعظمية، وكانت تواصل نضالها لكسب أكبر عدد من زميلاتها وصديقاتها، ما شكل قاعدة واسعة للعمل، سواء في رابطة المرأة او الحزب الشيوعي.

وكانت تبادر مع مجموعة من النساء الرابطيات، مثل انعام وناهدة العبايجي وسعاد سميسم واخواتها ونعمة بهجت وابنة عمها بتول وناهدة ونزيهة رشيد واميرة واختها عميدة الرفيعي ولميس العماري، لإيصال صوت المرأة العراقية الى المجتمع العراقي.

وحينما بادرت د. نزيهة الدليمي لتشكيل الهيئة المؤسسة لجمعية نسائية (جمعية تحرير المرأة)، أصبحت المناضلة بشرى عضوا في الجمعية، وإلى جانبها د. خالدة القيسي وعفيفة رؤوف ونجية الساعدي (ام بشرى) وسلوى صفوت وابتهاج الأوقاتي بالإضافة الى المناضلة خانم زهدي. ووقتها تم تقديم طلب الى وزارة الداخلية لإجازة الجمعية، لكن الجهات الرسمية رفضت.

هذا الحاجز لم يقف حائلا دون استمرار الحراك النسائي، الذي تواصل من خلال إقامة مناسبات تحت مسميات عديدة منها: حفلات اعراس واعياد ميلاد وغيرها، لإجراء لقاءات مع النساء وتوعيتهن بما يواجهن من صعوبات، للسير بعزيمة أكبر من أجل تحقيق ما يحلمن به من مطالب مشروعة، حتى لو تطلب ذلك الشروع بالعمل السري.

في المرحلة الثانية من دراستها في كلية الصيدلة، وقبل وثبة كانون بشهور، انتظمت بشرى لأول مرة في خلية شيوعية مع مسؤولتها إنعام الدليمي. وبعد فترة قصيرة أصبحت نورية عبد الله، وهي موظفة في مكتبة المدرسة، مسؤولتها الحزبية. وقد لعبت هذه، بحكم عملها في المكتبة، دوراً ايجابياً في تشجيع الطالبات على القراءة وتزويدهن بالكراريس السياسية الماركسية المبسطة.

في عام 1952 واثناء العطلة الصيفية، اتصلت د. نزيهة الدليمي ببشرى، ودعتها إلى العمل في خلية نسائية صغيرة. وقد تحمست للعمل في صفوف الرابطة والمشاركة في مؤتمرها الأول، وفي إنضاج قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959.

عام 1960 اقترنت الراحلة برفيق دربها د. رحيم عجينة، وشاركته في النضال السياسي والاجتماعي في سكرتارية اتحاد الشبيبة الديمقراطي العالمي في الخارج، فضلا عن اللقاء مع منظمات دولية في بودابست، وذلك لكونها تتقن اللغتين الانكليزية والفرنسية. وبعد 5 سنوات من الغربة القسرية في الخارج، عادت مع زوجها الى بغداد لتواصل مسيرتها النضالية.

ولن ننسى مساهمتها في مجلس السلم والتضامن عام 1968، وهي التي عرفت بصراحتها وجرأتها في ابداء الملاحظات والآراء التي من شأنها النهوض بالعمل الديمقراطي، ما أثار حفيظة بعض زملائها في المجلس، فتمت مضايقتها، سيما بعد تدهور العلاقات ما بين الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث.

في عام 1968 غادرت بغداد الى باريس، ونزلت ضيفة مع زوجها على الحزب الشيوعي الفرنسي. كان ذلك بتوجيه من الحزب الشيوعي العراقي. ولم تدخر هي وزوجها جهدا في تعرية النظام وسياسته الشوفينية والعدوانية ضد كل ما هو تقدمي.

تفرغت لاحقاً لإصدار كتابها المعنون “لكيلا ننسى”، الذي قدمته الى اللجنة الفرنسية ضد الارهاب في العراق، وفضحت فيه الجرائم التي ارتكبت عقب انقلاب 8 شباط عام 1963. وفي العام 1981 أصدرت كتابا بعنوان “نحن ندين”، باللغتين العربية والفرنسية، وفيه تسلط الضوء على الانتهاكات والجرائم الوحشية التي ارتكبها حزب البعث ما بين عامي 1979 و1981.

عام 1982 سافرت هي وزوجها الى اليمن الديمقراطية لتمثيل الحزب امام الحزب الاشتراكي اليمني. ومن اليمن قررا الالتحاق بصفوف الانصار في كردستان العراق، فوصلت إلى هناك ولعبت دورا في توعية النساء في المناطق الريفية.

كذلك لعبت دورا في تطوير إعلام الأنصار، فضلا عن المهام الاخرى التي كانت تؤديها. وكنصيرة جاءت تقارع النظام الدكتاتوري، نشرت بعضاً من مقالاتها في مجلة “الثقافة الجديدة”، وترجمت عددا من الكتابات.

كما نشرت في كانون الاول عام 1970، موضوعاً عن دور المنظمات النسائية في رفع مساهمتها في البناء الاجتماعي. وقد اكدت في هذا الموضوع، أن المرأة العراقية خطت خلال 40 عاما خطوات كبيرة، هي: اقبالها على التعليم وتنظيم عملها الاجتماعي ضمن منظمات وجمعيات نسائية، ومساهمتها الفعلية في نضال شعبها من أجل التحرر من الاستعمار، واقبالها على العمل.

 في عام 1976، تم انتخابها كمرشحة لعضوية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في المؤتمر الثالث، وقد التقيتها عام 2016 في المؤتمر العاشر للحزب.

برحيلها فقد الحزب الشيوعي العراقي ورابطة المرأة العراقية والحركة النسوية عنصراً ورمزاً للكفاح والتضحية من اجل التحرر والتقدم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر

1- “طريق الشعب” العدد 141/ 8 آذار 2012

2- ملحق جريدة “المدى” 21/ 2/ 2018

3- عماد برتو، مذكرات شخصية

4- مجلة “الثقافة الجديدة” العدد 104 كانون الثاني 1970

***************************

في ذكرى استشهاد البطل المغوار

 لازار ميخو «ابو نصير»

ابراهيم المشهداني

في قراءة متمعنة للمقالة الممتعة التي كتبها الرفيق النصير مناف الأعسم (أبو حاتم) المعنونة (معركة سينا شيخ خدر) المنشورة في جريدة طريق الشعب انجذبت اليها مشدودا بأحداثها البطولية على سفح جبل دهوك ونهاياتها التراجيدية التي انتهت باستشهاد عدد من المقاتلين الأنصار الشيوعيين من أجل عالم جديد مبعث الهامهم وعنوان تضحياتهم في بناء عالم بلا قيود.

  وليس من شدني إلى البطولات التي اجترحها اولئك المقاتلون الشيوعيون الذين يستحقون أعلى معاني المجد  فحسب بل أن شيئا آخر أثار في نفسي كتلة من أحزان كانت راقدة في الوجدان ولم يطوها النسيان رغم مرور السنين العجاف ومرارة أحزانها مذ تركت قائد هذه المعركة الجسور أبو نصير فقد كانت بدايات تعرفي على هذا الكادر القيادي الشيوعي في منتصف ستينات القرن الماضي في مدينة الموصل الحدباء اذ كنت في حينها موظفا في دائرة الأحوال المدنية عينت  بأمر إداري صادر عن مجلس الخدمة العامة وهو النظام السائد في التعيين في الوظيفة العامة في ذلك المقطع الزمني. في ذلك المنعطف من تاريخ العراق فإن هذه المدينة التي تتربع على عرش دجلة الخير ومع أنها تكنى بأم الربيعين إلا أنها محكومة سياسيا بقوى مهيمنة على مقدراتها السياسية والاقتصادية والإدارية تتكون من تركيبة تجتمع فيها المتناقضات تتوزع بين الرجعية الاقطاعية والحركات القومية الناصرية وبقايا البعث المتبقي من عهد انقلاب الثامن من شباط عام 1963.                                                                                  

لقد لعب الرفيق ابو نصير دورا كبيرا في قيادة عمل هذه الهيئة الحزبية في تغذيتها بخبرته الغنية في مجال السياسة والتنظيم عبر برنامج تدريبي نظري مكثف وخاصة على استخدام السلاح الفردي بكل انواعه، وعرفنا منه ان هذا برنامجا شاملا لكل التنظيمات الحزبية في كردستان وأطراف الموصل التي تحتفظ فيها تنظيمات الحزب بإمكانيات جيدة حيث حافظت على قواها التنظيمية من هجمات الحكم الرجعي.

لقد شهدت  المدينة حادثتين هزتا مدينة الموصل الاولى اغتيال المناضل جاسم الحلة وهو من عائلة معروفة بعد خروجه من السجن مباشرة والثانية اغتيال صالح ملا صديق الملقب صالح رشاش الذي كان مرافقا لمهدي حميد ( استشهد بعد انقلاب شباط الاسود ) اما من قام بجريمة الاغتيال في الحالتين هو المجرم زغلول كشمولة وعصابته المتكونة من خلف العربية وآخرين،  وقد اثارت هاتان الحادثتان ردود فعل غاضبة بين أخيار الموصل والعوائل الديمقراطية التي أبت ان تترك مدينة الآباء والأجداد، وتيقنها من أن  أساليب القمع ستنتهي ذات يوم  وكان علينا اتخاذ موقف ما للرد على هاتين الجريمتين، فطرح خيار الرد بالعنف ضد مرتكبي الجريمتين ودار نقاش حام، إلا أن خبرة الرفيق أبو نصير وحنكته التنظيمية ونضجه السياسي قد نجح في إدارة النقاش نحو وجهة أخرى فقد أسماها انتحارا غير مبرر والرد العنفي ليس هو الخيار النضالي الوحيد واقترح بديلا آخر كخطوة تمهيدية لتحشيد القوى وهو إصدار بيان إدانة لهذه الجريمة، وبالفعل أصدرت المحلية من القوش بيانا شديد اللهجة قمنا بتوزيعه في المناطق العامة والأسواق في الموصل .

 لقد كان لصدور البيان وبهذا النطاق الواسع صدى واسع بين أهالي الموصل أما القتلة والمجرمون فلم يغادروا بيوتهم إلا بعد أسبوع من توزيع البيان معتقدين أن الحزب الشيوعي قد عاد بقوته أو أنه نزل من الجبال للقيام بعمليات انتقامية.

 إنني إذ اتذكر علاقتي بالشهيد أبو نصير في هذا الوقت فلان سجاياه النضالية ما تزال ماثلة في الذاكرة عصية على النسيان فلم يكن شجاعا فحسب والشجاعة سجيته الأولى، ولكننا عرفناه بنضج أفكاره وحسن تدبيره في التعاطي مع الظروف الصعبة وكان سياسيا ماهرا في صناعة التكتيك ومنظما بارعا فضلا عن بساطته في الحديث صلبا على المبادئ، كنت اسأله احيانا عن قلة ملابسه في الشتاء القارص فيكون الجواب الا تعرف يا رفيق إنني في الشتاء أستحم بالماء البرد.

وكم كان حزني شديدا حين علمت انه تعرض لعملية اغتيال غادرة من قبل أحد الاحزاب الكردية الكبيرة. المجد والخلود للرفيق لازار ميخو (أبو نصير) ولترقد روحك بسلام ايها البطل المغوار.

*********************

نقرة السلمان

جمهورية مضيئة في ليل العراق

ثامر الحاج أمين

في فترة متأخرة من حياتهم، يعكف عدد من السياسيين والمفكرين والأدباء والفنانين والعلماء على تدوين  جانب من مذكراتهم تتضمن حقائق واسرارا عن حياتهم  الشخصية والمهنية ، ومن الطبيعي أن تتفاوت المذكرات في أهميتها وقيمتها بحسب ما تكون عليه من شفافية وجرأة وثراء التجربة ، فالبعض يجد  في تدوينها فرصة لتجميل صورته والنفخ في تاريخه وعطائه وعلاقاته الشخصية ، في حين يتخذ آخرون منها إطلالة على حوادث تاريخية مهمة كاشفين عن تفاصيلها و أبرز رجالاتها يضاف إلى ما تقدمه من دروس وعبر لا غنى  للأجيال عنها ، وهذا ما تكشفَ لي في كتاب ( نقرة السلمان ) إصدار 2010 لمؤلفه الكاتب والصحفي المناضل “ جاسم المطير” أحد نزلاء ذلك السجن الرهيب الذي اتخذ منه المؤلف عنوانا لكتابه واعتمد فيه على التدوين اليومي عندما كان نزيل ذلك السجن لسنوات مهمة من تاريخ العراق تلك التي اعقبت انقلاب شباط 1963، متجاوزا التجربة الخاصة إلى الأمور العامة المتعلقة بحياة السجناء ونشاطاتهم ومعاناتهم والصراعات التي كانوا يعيشونها  نتيجة الضغوط النفسية والسياسية .                                                                                        

 ففي سرد تغلب عليه الموضوعية إلى حد كبير ولغة أدبية صافية يأخذك الكاتب في رحلة تبدو شيقة لك فلا تشعر فيها بالملل رغم منعطفاتها ودهاليزها الكثيرة ، لكنها مرّة وقاسية لمن عاشها واكتوى بحرارة جمرها ، حيث يضعك المؤلف في صورة السنوات الدامية وما تخللها من انتهاكات انسانية رافقت ذلك الانقلاب المشؤوم،  كذلك الصراعات السياسية التي سبقت وتلت الحدث المذكور ، كما يكشف عن صفحات رائعة من البذل والتضحيات التي قدمها مناضلو تلك الفترة والأسماء الفاعلة التي تحدت  وحشة السجن وقيوده بالألفة والصبر، وتحدت أيضا عن القسوة بالإيثار والعطاء الثقافي، حيث يستعرض النشاطات الثقافية والمواقف الانسانية التي كانت تدور في ذلك المكان الذي اراد له الحكام أن يكون مقبرة للمناضلين، لكنهم  بصبرهم ومهاراتهم ووعيهم وايمانهم بعدالة قضيتهم استطاعوا أن يحيلوا تلك الصحراء القاحلة النائية إلى أرض مزهرة بالعطاء ويجعلون منها جمهورية مضيئة في ليل العراق الدامي، ومن المواقف التي تفيض شهامة وانسانية عالية تلك التي تحلى بهما نزلاء النقرة يذكر المطير في مذكراته التي استحقت ان تكون مرجعا للدراسين وللبحوث التاريخية يذكر هذا الموقف :                                               

 (يوجد مستوصف صغير لا يداوم فيه طبيب ولا مضمد ولا يزود بالأدوية، فقط توجد لافتة على الباب مكتوب عليها “ مستوصف قضاء السلمان “، أغلب الحالات المرضية الصعبة لدى سكان القرية يعالجها الأطباء السجناء، أغلب الأدوية من صيدلية السجناء.

 في مرة من المرات، في الثامنة ليلا حضر أحد السجانة الى باب السجن داعيا السجناء الى انقاذ زوجته التي تواجه الموت المحقق هي ومولودها بسبب عسر في الطلق بعد ان عجزت القابلة الوحيدة في القرية من توليد المرأة.. لم يكن مسموحا للبدو بأي حال ان يقوم رجل بتوليد امرأة، تموت الحامل ولا يسمح لأي رجل غريب، طبيب أو غير طبيب بملامستها، لكن السجان استنجد بقسم الأطباء السجناء، خرج السجين جبار الموصلي مع جنطته بموافقة وكيل مدير السجن، حيث المدير غير موجود بسبب ذهابه قبل يومين الى بغداد في إجازة، مرسلا من أطباء السجن لاستجلاء وضع المرأة الوشيكة الولادة واذا صارت هناك حاجة يذهب أحد الأطباء السجناء ، جبار الموصلي ليس طبيبا، معاون طبيب نشيط جدا يمتلك خبرة طبية واسعة صقلتها تجربة العلاقات السجنية وصار الجميع يثقون به كثيرا، عاد جبار في تمام الساعة الثانية عشر ليلا في غاية الانشراح والسرور فقد ولدت المرأة ذكرا، وفي صباح اليوم التالي أحضر السجان كمية من حليب الماعز هدية الى جبار قال وهو في غاية السرور والانشراح : سمّوني ابو جبار، اطلقت اسم جبار على ولدي ، سأله احد السجناء بماذا كنت تسميها لو جاءك المولود انثى ؟ أجاب : جبارة ) .

**************************

الصفحة العاشرة

ايتها الموازنة

من سيدفع ثمن الإجحاف بحق الموظف في سنواته العجاف؟

د. حيدر عبد الامير الغريباوي

هذا العنوان ضروري لنفهم ما يحدث للموظفين في العراق. ليس من حقنا بالطبع أن نعمم أو نطلق أحكاما جزافية، كما إننا لا نقصد أي سوء لجهة بعينها، لكننا نتحدث عن آلاف المظالم الموثقة التي حاقت بالموظفين على مدى عقود. أولى وكبرى هذه المظالم نظام سلم الرواتب، «الذي تعتبره الأغلبية من الموظفين نوعاً من العبودية»، فأنت تعمل بوظيفة مثلا لكن شخصا آخر يحصل على جزء من راتبك أو يفوقه -دون أن يعمل -مكافأة له على أنه فضائي أو صاحب حظوة عند مرؤوسيه، بل إن هذا الكائن يمتلك حقوقا عليك ربما لا يمتلك مثلها على زوجته وأولاده. فأنت لا تستطيع أن تطالب بجزء من حقوقك دون موافقته، وشكوى بسيطة منه قد تؤدى إلى طردك من عملك، وربما إلى إلقائك في السجن. ويكفي أن تبحث في تقارير هيئات النزاهة أو أية جهة رقابية أو في أضابير بعض المؤسسات الحكومية فتفزعك آلاف الحالات التي تم فيها نهب مستحقات الموظفين من علاوات مستحقة أو ترفيع أو مكافأة مالية كانت أو تقديرية ككتاب شكر مثلاً، هذا الظلم البين لكثير من الموظفين في العراق استمر لعقود للأسباب الآتية:

أولاً: الفقر والبطالة في العراق، فالموظفون هم مستعدون غالبا لتحمل كل شىء حتى يوفروا قوت أولادهم، في حين أن الفضائي يشترى جهد الآخرين، ولأنه يملك المال فهو يستطيع أن يغير بضاعته ببضاعة أخرى كيفما يشاء. موظفون كثيرون يتعلقون بعملهم تعلق الغريق بالقشة، ويتحملون ظروفاً ظالمة لأنهم ليس لديهم اختيار آخر.

ثانياً: كان النظام السابق نفسه يجحف حقوق الموظفين ويعتدي على حقوقهم، مما يجعل موقفهم غير منطقي ولا مقبولا إذا تظاهروا بالحفاظ على حقوقهم الوظيفية في دوائرهم، ولأن التغيير بعد 2003 كان المطلوب منه أن يكون تغييراً في الفكر والفعل، فهل يحق للموازنة الحالية أن تهين الموظف العراقي وهل يمكن للموازنة أن تصون كرامة الموظف.

ثالثاً: القانون في الموازنة غير مطابق لمعايير العدالة الوظيفية، فالموظفون وبقية المواطنين أمام قانون الموازنة ليسوا سواسية وإنما درجات، كلٌ وفقا لتصنيفه ونفوذه وفي مدى قدرته الاعتبارية وثقله في الدولة وجهة انتسابه سواء كانت لإقليم أو هيئة مستقلة في مؤسسات الدولة المختلفة، هذا المفهوم لقانون الموازنة الذي ينتمي إلى العصور الوسطى لا يجعل الموظف يحصل على أبسط حقوقه القانونية.

رابعاً: بعد تراجع ازمة جائحة كورونا مطلع عام 2021 وتزايد أسعار النفط كان من المفترض أن يصنع من العراق قوة اقتصادية، ولكون الازدهار النفطي جاء بفضل الله، لكن مال النفط الوفير تدفق الى أشكال أخرى لسنا بصدد تناولها في مقالنا.

إن لكل درجة وظيفية استحقاقها الخاص والمخصصات المرصودة لهذه الدرجة، باعتبار انه استحقاق طبيعي وشعور الموظف بان الدولة لا تنكر جهد أحد وأنها كفيله بإعطاء حقه كاملا على أساس ما قضاه من فترة زمنية بموجبها استحق الترفيع والتعديل وتحسين درجته الوظيفية واستحق تدرجاته حسب السياق المتبع.

إن هناك العديد من الموظفين ممن مضى عليهم سنين طوال وهم مغبونون فيما يتقاضوه من راتب شهري بل ويستحقون ترفيع درجات مرت عليهم أزمان طوال وهم ما يزالون في استحقاق بعيد كل البعد عن الدرجة الصحيحة.

المالية النيابية أوضحت أن موازنة 2021 تجحف حقوق الموظفين باستنزاف نصف رواتبهم، حيث أصبح الموظف يواجه أربعة ضغوط في الوقت ذاته، وهي زيادة سعر صرف الدولار، وارتفاع أسعار البضائع، والاستقطاعات على الرواتب، وفرض الضرائب، فقد قامت الحكومة ولأول مرة بتخفيض المخصصات الحكومية للموظفين والتي هي حق مكتسب للموظف والتي تمثل العمود الفقري للراتب، فالراتب الاسمي لا يمثل شيئا أمام الغلاء المعيشي فقد قلصت مخصصات الشهادة الى ٥٠% مثلا ومخصصات الخطورة والخدمة الجامعية وغيرها مما سيولد أزمات يعجز الموظف عن مواجهتها وتفاقم أعباء الموظف تنعكس على مقدرته الشرائية وعلى ركود الأسواق بشكل عام .

إن تضرر الموظف من القرارات الحكومية الأخيرة وصلت إلى 50% من راتبه، فضلاً عن فرض ضرائب دخل، وهو أمر غير معمول به لأن الموظفين هم من ينتجون الدخل في دولة ريعية فكيف تفرض على من ينتج الدخل ضريبة عن إنتاجه للدخل؟؟ فضلاً عن أوامر إيقاف العلاوة السنوية رغم ضآلتها، فالعلاوة السنوية للموظف التي يحصل عليها سنوياً  تبلغ 3000 دينار شهريا للموظفين في الدرجات العاشرة والتاسعة والثامنة و6000 دينار شهريا للموظفين في الدرجات السابعة والسادسة والخامسة و8000 دينار للموظف في الدرجة الرابعة و10000 دينار للموظف في الدرجة الثالثة و17000 دينار للموظف في الدرجة الثانية و20000 دينار للموظف في الدرجة الأولى، فضلاً عن انه يتقاطع مع قانون سلم رواتب الموظفين رقم 22 لسنة 2008 الذي حدد أسس استحقاق وصرف العلاوات والترفيعات للموظفين وقانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل  الذي حدد حقوق وواجبات الموظف ومنها حقه في العلاوة والترفيعات عند استيفائه لشروط منحها واستحقاقها وصرفها، وهكذا تتضح لنا الأهمية والخطورة الكبيرتان لهذا الإجحاف لكونه يتعلق بضياع حقوق مالية وإدارية وغيرها، في الوقت الذي تجاهلت وزارة المالية إعطاء حقوق الموظفين الذين حصلوا على الترفيع بأثر رجعي كحق مشروع وحالة طبيعية، وهذا سوف يلقي بأثره المباشر على الوضع الاقتصادي بشكل عام.

علما أن الجميع يعلم أن الغلاء المعيشي هو الذي يفرض نفسه على الواقع الاجتماعي وتقلبات أسعار السوق المحلية على الرغم إننا نقدر ونتفهم الوضع العام للدولة والتزاماتها مديونياتها.

بمعنى أن الدولة ستكون غير بعيدة عن الوضع العام الوظيفي والاقتصادي والمعيشي للمواطن مما سيجعل الموظف يخلص ويحرص أكثر مما هو معتاد من اجل خدمة العراق.

يذكر أن موازنة 2019 والتي أقرت واعتمدت كواحدة من أكبر ميزانيات الإنفاق في العراق على الإطلاق حيث بلغت 133 تريليون دينار عراقي، لكن العام 2021 تجاوزها، مع 150 تريليون دينار عراقي في الإنفاق المتوقع، والتي بموجبها سيتم تقليص رواتب موظفي القطاع العام من الدرجات الأولى والثانية والثالثة من خلال شمولهم بضريبة الدخل التصاعدية بنسبة 15 في المائة للموظفين من الدرجة المتوسطة والعليا، بما يعادل 15% من مجموع مداخيلهم، ويعد هذا إجحافا كبيرا. كان من المفترض أن تكون تلك الإجراءات موجهة حصراً لأصحاب للدرجات الخاصة الذين يتقاضون رواتب وامتيازات تفوق بشكل كبير ما تتقاضاه تلك الدرجات، ولماذا يتم استهداف هذه الشريحة بشمولهم بضريبة الدخل رغم أنهم مشمولون بهذه الضريبة بالأساس  واعتبارا من 1/1 / 2014 بموجب كتاب الهيئة العامة للضرائب بالعدد 8 / 1158 في 14 / 4 / 2015  بشكل يجعل رواتبهم أقل من شاغلي الدرجة الرابعة، وهم بالأصل اكتسبوا تلك الدرجات من خلال التشريعات المعمول بها قانوناً والتي طبقت ولم يتوارثوها بدون استحقاق، وكأنهم ارتكبوا جنحة مخلة بالشرف أو بالوطن!! لكونهم حصلوا على درجاتهم وفق التدرج الوظيفي والحصول على الشهادات العليا، علماً أن هناك أبواب الصرف التي يمكن تخفيضها أو إلغاؤها بدلا من استهدافهم بهذه الطريقة المهينة التي لا تخلو من الإجحاف، وإن تلك النسب من الاستقطاعات لم تعلن عنها الدولة ضمن حزمة الاصلاحات وانما جاء استقطاعها من دون الاعلان عنها، وقد يسبب ذلك حرجا ويؤثر على المستوى المعيشي للموظف خاصة ان هناك ارتفاعاً مستمراً في أسعار البضائع والمحروقات وبدل الايجار والخدمات التي تقدمها الدولة وشركات الهاتف النقال التي رفعت أسعار كارتات الشحن بحجة فرض ضرائب جديدة عليها. فضلاً عن تخفيض قيمة العملة الرسمية من 1190 دينارا عراقيا في مقابل الدولار الأميركي إلى 1450 دينار، وهي أول إجراء من هذا النوع منذ نصف عقد، مع تلميح مسؤولين حكوميين إلى احتمال حدوث تخفيض كبير آخر في قيمة العملة العام المقبل ليصل سعر الصرف إلى 1600 دينار عراقي لكل دولار، بعد ضغوط من صندوق النقد الدولي.

من كل ما ذكر يكون لسان حال كافة الموظفين في القطاع العام الحكومي أن أعيدوا النظر في استقطاعاتكم المزعومة وضرائبكم الموعودة تجاه الرواتب في مسودة موازنتها التي سلقت سلقا لتخرج نظاما غير ناضج أضر بالموظف والمتقاعد ومتناقضا حتى في مواده التشريعية،  بدليل أنها تتنافى مع أبسط قواعد القوانين التي تطرقنا اليها، فاذا كانت الحكومة جادة في وضع ميزانية منطقية وجيدة فعليها أولا تخفيض مخصصات الرئاسات الثلاث والمنافع الاجتماعية وتقليص كافة الهياكل الزائدة في الدولة العراقية والتي تمثل ٢٥ % من قيمة الموازنة العراقية .

 وترتيباً على ما تقدم، كلنا نعلم أن المسؤولية الواقعة على أغلب الموظفين تشكل حملا ثقيلا عليهم لأسباب كثيرة منها أن تطلعات ومطالب عوائلهم تفوق اضعاف الإمكانات، ونعلم أن المسؤولية العامة مجلبة للهم والتوتر العصبي والنقد سيما في زمن صعب وعدم استقرار القوانين والانظمة والتعليمات، لذا أصبحت الدعوة الى تعزيز دور الرقابة البرلمانية على أداء الحكومة المالي أحد الثوابت في خطاب البرلمان والبرلمانيين وحتى الإعلام كون أن النار لا تكوي إلا أيادي الموظفين الذين تأثروا بطرح الموازنة وأحسوا بطعم الظلم فانتفضوا مطالبين بالتريث بتطبيقها وإعادة النظر بالمواد الصادرة فيها، خصوصاً بعد صدور إحصاءات  رسمية تشير إلى ارتفاع معدل الفقر إلى 40 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 40 مليون نسمة، فضلاً عن ما  سينعكس عن سياسة التقشف في موازنة 2021 والتي ظهرت بشكل واضح ومباشر على الإنماء والتنمية المتوازنة في مختلف مناطق البلاد وهذا هو أخطر مؤشر في الموازنة .

وأخيراً إن من بين أهم واجبات الدولة الارتقاء بمستوى الرواتب والحوافز والمكافآت والعلاوات السنوية للموظفين وفق أسس وضوابط محددة، بحيث يكون الراتب كافيا للوفاء بالحاجات الضرورية المعيشية والذي هو ليس ضرورة فقط، بل هو مطلب إنساني لتوفير الطمأنينة والاستقرار للموظف بحيث يستطيع تحقيق العيش الكريم والمحافظة على هيبته وهيبة الوظيفة التي يشغلها للقيام بواجباته الوظيفية بدقة وإتقان، فضلاً عن فاعليته وتأثيره على الإصلاح الإداري والاجتماعي والاقتصادي، بالقضاء على اجحاف مستحقات الموظفين وتطبيق قاعدة الثواب والعقاب.

***********

«ليلة البلور» في الكابيتول

قاسم حنون

في التاسع والعاشر من تشرين الثاني 1938 هاجم مئات من أنصار هتلر في برلين محلات ومعابد اليهود ومنازلهم مدعومين من قوات الشرطة والأمن الألمانية بتحريض النازيين على القيام بأعمال ضد اليهود ردا على اعتداء مراهق يهودي بولندي على السفير الألماني. سميت تلك الحادثة ليلة الكرستال لكثرة الزجاج التي تكسر فيها، لتبدأ بعدها موجة عارمة من التصفيات العرقية والسياسية ضد اليهود والشيوعيين واليسار في ظل الرايخ الثالث.

قد لا يتشابه المشهد إذ ذاك مع ما جرى في ليلة السادس من كانون الثاني 2021 في واشنطن حين هاجمت فرق من شباب اليمين المتطرف من أنصار دونالد ترامب مبنى الكابيتول حيث اجتماع الكونغرس للمصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية التي تكللت بفوز جو بايدن من الحزب الديمقراطي، ولكنها إشارة بليغة على تغلغل ثقافة التعصب والعنصرية لصالح شعبوية يمينية متطرفة لن تتورع عن نسف تقاليد الديمقراطية والمؤسسات التمثيلية ...

تشير التطورات وخبرة القرن العشرين إلى أن الفاشية شكل عنيف من الميول القومية أو الوطنية اذ تهدف الى تعبئة قوى الأمة، وهي تعبير عن هشاشة الروح الوطنية في بيئة دولية تنافسية وفشل النخب السياسية في تعزيز قاعدة السلطة وهي تقوم على العداء لقيم الديمقراطية الليبرالية والحريات الفردية وعلى ايدلوجيا جمعية واقتصاد تعاوني ومعاداة التعددية الثقافية، اليمين المتطرف بأحزابه وتنظيماته السياسية في أوربا والولايات المتحدة يمثل شعبوية جديدة مفعمة بالحماس الوطني والهياج الشعبي ما يذكر بحشود النازيين والفاشيين في الميادين العامة ثلاثينات القرن الماضي في مواجهة خصومهم السياسيين في الداخل والتلويح باكتساح العالم ،إلا أنه  ينخرط في إطار ديمقراطية برجوازية مقترنة باقتصاد السوق الحر ، لقد تراجعت الفاشية التقليدية في البلدان الصناعية الرأسمالية لتخلي مكانها لحركات واحزاب الفاشية الجديدة في ما يطلق عليها اليوم اليمين المتطرف بعد أن ظلت محظورة لعقود بعد أن وضعت الحرب الكونية الثانية أوزارها في 1945، وتقدم نفسها ممثلا لثقافة ومصالح الشعوب الأوربية والأمريكية، وهي اذ تدعي الدفاع عن التعددية الأثنية والثقافية في بلدانها فإنما لتؤسس سياقا يقوم على أفضلية جنس على باقي الأجناس البشرية وتجنب الاختلاط والتمازج بينها وهذا يختلف عن التعددية الثقافية التي يدافع عنها اليسار والليبراليون، كما أن دفاع اليمين عن الرأسمالية واقتصاد السوق يمثل واحدة من نقاط ضعفه الأساسية اذ أنه يفتقر الى برنامج اقتصادي بديل لبرامج الأحزاب السياسية، وقد استبدل عداء الفاشية التقليدية للبرجوازية والرأسمالية بالعداء للمهاجرين إذا كانوا من غير البيض أو الغربيين ... تميزت فاشية الثلاثينات بتجذر النزعة القومية والعنصرية البيولوجية وهيمنة رأس المال المالي والصناعي والنزعة العسكرية والطموحات العدوانية المناهضة للديمقراطية، بينما اتسمت الفاشية الجديدة بالتكيف مع التعددية العرقية في إطار شمولي وبالليبرالية الجديدة والشعبوية الديمقراطية، وهي تضم أعدادا من الطبقة العاملة يفوق أعدادها في الأحزاب الشيوعية وقوى اليسار يدلّ على ذلك تصويت نسبة من العمال لصالح اليمين المتطرف في صناديق الاقتراع ...قبل الثمانينات كان اليمين المتطرف مهمشا سياسيا لأنه حافظ على فاشية ما بين الحربين، وفي نهاية التسعينات تعززت مكانته وحصل على مقاعد في البرلمانات والبلديات ساعده في ذلك انكاره الصلة بالفاشية التقليدية وتمسكه بالدولة الديمقراطية ورفض البنى التعاونية الاستبدادية ونبذ العنف السياسي مع الاحتفاظ بمبدأ اللامساواة ونبذ التعددية والمبادىء المنصوص عليها في لائحة حقوق الانسان ... لقد خضعت الأحزاب الفاشية التقليدية خلال  الثمانينات لعمليات تحول وانقسام وتخلت عما يميز فاشية ما بين الحربين ،وباتت الفاشية الجديدة (اليمين المتطرف ) تقدم نفسها مدافعة عن قيم الحرية والقانون والنظام إزاء الغرباء المختلفين ثقافيا ،ولا تستند كراهية الأجانب التي تستعر في أوربا وأمريكا منذ سنوات على الدم والعرق بل على الدين والثقافة كما هي الكراهية للمسلمين  (اسلاموفوبيا ) بوصفهم مغايرين عقائديا وأخلاقيا، ويحشد اليمين أنصاره  كما يزعم لحماية الهوية الأوربية من تهديد الأصولية الاسلامية منطلقا من رؤية أصولية نقيض تقوم على كراهية عميقة للمهاجرين، وفي محاولة من أحزاب اليمين المتطرف لتأكيد قربها من الجماهير تسعى لبناء شبكة علائق وروابط سياسية وثقافية عابرة للحدود الوطنية في أوربا والولايات المتحدة واستراليا، وهي تذهب أبعد مما تذهب اليه أحزاب المحافظين في تلك البلدان، وما يميزه عنها اتخاذه موقفا صريحا ضد المهاجرين والمقيمين استنادا إلى فكرة أن الأعراق والثقافات غير قابلة للتداخل والامتزاج، وهو ما يؤدي الى مواطنة مقيدة فالديمقراطية الحقيقية تتطلب مجتمعا متجانسا وهوية ثقافية محددة، ويستفيد اليمين من تجانس أنصاره ومجتمعاته المحلية ومن ازدرائه للانقسامات الاجتماعية والتعددية السياسية والثقافية، جمهوره يعاني من التبرم والضيق من أداء النظام القائم والاغتراب عن المؤسسات متطلعا إلى فضاء خاص ينعم به بعيدا عما تعد به منظومة الحقوق والحريات في النظام الديمقراطي، إنها عنصرية البيض التي تضرب بجذورها في التاريخ والتقاليد الأمريكية وفي المرتكز الفلسفي والسياسي للفاشية التقليدية.

*******************

الصفحة الحادية عشر

الوحدة في التنوع

التعددية وتعزيز المواطنة الحاضنة للتنوع الثقافي في العراق

شميران مروكل

لخلق عالم جديد وانموذج (دولة مواطنة حاضنة للتنوع) تقوم على هوية تعددية ثرية وتنوع خلاق، قدم الكاتب سعد سلوم هذه الدراسة الساعية إلى تأسيس الوحدة في التنوع وقلب العلاقة بين المجتمع والدولة بحيث لا تهيمن الدولة على المجتمع منتجة دكتاتورية جديدة، ولا يعصف المجتمع بالدولة، منتجا فوضى شاملة في دراسة بسبعة فصول وثلاثة ملاحق، في 344 صفحة من القطع المتوسط عام 2015 عن مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والاعلامية.

في المقدمة يوضح الكاتب أن حماية التنوع الإثني والديني واللغوي تقدم ضمانة للتعددية التي تشكل رأسمالا حضاريا لمجتمعاتنا الوطنية وعلى نحو تستطيع فيه شتى الجماعات أن تتعايش بثقة مع بعضها البعض معترفة بما هو موجود من قيمة في اختلافاتها وثراء في التنوع الثقافي لمجتمعاتها. وبعد انهيار أنموذج الدولة الوطنية في العالم العربي، وزيادة المخاوف بشكل واضح بسبب تلازم التحولات الجديدة بعد الربيع العربي وتسونامي داعش مع خطورة المنازعات ذات الطابع الديني والإثني والطائفي أكثر من اي وقت مضى، أعيد ترتيب العلاقة بين الأغلبية والأقليات والعلاقة بين الدولة والدين ومكانة المرأة ودور الشريعة وحقوق الأقليات على نحو قد يؤدي إلى انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان في أعقاب انهيار الأنموذج القديم لإدارة الدولة.

يتناول الكاتب مفهوم الأقليات وتميزه عما عداه من مفاهيم وهو ما يعكس جدلا دوليا في هذا السياق فضلا عن توضيح استعمال المفهوم الثقافي العربي، ولمزيد من الفائدة يقدم تصنيف الأقليات بناء على محددات وخصائص معينة ويقدم في عدد من المباحث والمطالب تعريفات الأقليات في السياق الثقافي العربي والجدل بشأن التعريف الانموذجي للأقليات والشعوب الأصلية والأجانب واللاجئين والمهاجرين ويقدم تصنيفا للأقليات بناء على محددات وخصائص (الأقلية الدينية. الأقلية اللغوية، الأقلية السلالية) ويشير إلى الأقلية المهيمنة التي غالبا تكون استثنائية عن أقليات تكون في وضع الهيمنة على الأغلبية لأسباب تاريخية أو بسبب امتلاكها القوة أو الثروة أو المعرفة فتتربع على قمة الهرم الاجتماعي، والأقلية غير المهيمنة وهو الوضع التقليدي للأقليات التي تجد ذاتها دوما في وضع غير مسيطر أو مهيمن وتتجمع لدى افرادها أشكال التهميش والإقصاء من جميع النواحي.

ويشرح الإطار القانوني الدولي لتعزيز التعددية وحماية التنوع من خلال المواثيق والمعاهدات الدولية التي تعترف بأشكال من حقوق الأقليات كحق تقرير المصير في ميثاق الأمم المتحدة ولا تتضمن هذه الحقوق تفضيلا وتميزا لأفراد الأقليات على بقية أفراد المجتمع وهي ذات طبيعة ملزمة لكونها تستمد قوتها من المصادر القانونية الدولية المختلفة ولا تعارض بين حقوق الإنسان الفردية وحقوقه الجماعية إنما هي تشكل ارتقاءً من السياق الفردي إلى السياق الجماعي. ويتناول أيضا الحق في الوجود والهوية وعدم التمييز والحق في المشاركة في الحياة العامة وهذه جميعها تمثل الإطار القانوني لحقوق تسهم في تعزيز التعددية والتنوع.

وفي فصل لاحق وتحت عنوان حماية التنوع في الإطار الدولي للامم المتحدة يشير الكاتب إلى التلازم الواضح بين التحديات التي تواجه التنوع وتنامي دور الأمم المتحدة في حمايته لما لذلك من صلة بتحقيق الأمن والسلم الدوليين ونتيجة لذلك برز في السنوات الاخيرة اهتمام بالغ بالتصدي لمعالجة انتهاكات حقوق الأقليات في التنوع والاختلاف ويوضح أن هذه التطورات وصلت في مقاربة حقوق الأقليات نقطة نوعية عام 1992 عندما اعتمدت الجمعية العامة ( الإعلان الخاص بحقوق الاشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وأقليات دينية ولغوية ) وهو الإعلان الاول للامم المتحدة الذي يتصدى بشكل خاص لحقوق الأقليات في وثيقة أممية مستقلة . بعد ذلك شهدت الأمم المتحدة تطورات متسارعة باتجاه تعزيز حقوق الأقليات تمثلت في تأسيس الفريق العامل للأمم المتحدة المعني بالأقليات في 1995 وتعيين خبير مستقل يعني بشؤون الأقليات في العام 2005.

ولتوضيح حماية التنوع في ظل النظام الإقليمي لحقوق الإنسان يفسر الكاتب كيف قدمت بعض صكوك حقوق الإنسان الإقليمية الحماية للتنوع في ظل الأنظمة الإقليمية لحقوق الإنسان مثل النظام الأوربي والأمريكي والإفريقي لحماية حقوق الإنسان وقد خولت هذه الصكوك والاتفاقيات أجهزة الرقابة، مراقبة احترام حقوق الإنسان في الدول التي شملت بتنفيذها أو الالتزام بها. وبذلك اتسعت حقوق الأقليات وحماية حقها في التنوع والاختلاف لتشمل فضلا عن الأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها، المنظمات الاقليمية ايضا. 

ويتطرق الكاتب إلى طبيعة التنوع في ظل (دولة المكونات) في العراق موضحا تنوع سكان العراق دينيا وعرقيا ولغويا في حين يختصر التنوع الرافديني في صورة بلد تتقاسمه الجماعات الثلاث الكبرى: الشيعة، والسنة والاكراد ويجري التركيز عليها وتتمتع بتمثيل سياسي واضح وتتصارع على السلطة عبر نخبها السياسية المختلفة وأن التعددية التي تنطوي عليها العراق لا تحظى بمعرفة كافية. كما تتعرض التعددية الثرة في البلاد إلى مخاطر الاضمحلال بسبب الهجرة المتواصلة التي تستنزف الوزن الديموغرافي للأقليات ومن ثم يؤثر ذلك في تمثيلها ووجودها في بلاد عاشت فيها لقرون. ناهيك عن تعرضها إلى مخاطر يومية من تمييز اجتماعي وتهميش سياسي واقتصادي وسائر مظاهر انتهاكات حقوق الإنسان لذلك فإن تقويم الاعتراف الرسمي في الدستور بحقوق الأقليات وتمثيلها على مستوى الحكومة الاتحادية والبرلمان الاتحادي وحكومة اقليم كردستان ينبغي أن يخضع لتقويم وجودها في الواقع وتأثير هذا الاعتراف والحقوق في هذا الوجود أولا.

وفي مواجهة الاستهداف المستمر للتنوع في العراق منذ العام 2003 سادت ’ مقاربة امنية ’ ضيقة لمعالجة التحديات التي تواجه الأقليات وغالبا ما كانت هذه المقاربة مسؤولة عن إرجاء المطالبة بالحقوق الثقافية أو حرية الدين أو المعتقد أو المطالبات الخاصة بالاعتراف وتغيير المناهج الدراسية بدعوى أن الوقت غير مناسب وإننا إزاء تحد الحفاظ على الوجود الفيزيائي أولا. كانت من مخرجات المقاربة الأمنية تبني سياسات للحفاظ على حياة أفراد الأقليات وحماية أماكن العبادة بالحواجز الكونكريتية من هجمات السيارات المفخخة من دون التفكير أن هناك ضرورة للعمل من أجل إزالة الحواجز الثقافية بالقدر ذاته من الحماس لنصب الحواجز لحماية دور عبادة تخلو من المصلين. كما أن فلسفة النظام السياسي القائم على أنموذج دولة المكونات قائم على المحاصصة الطائفية يقسم ويتبنى سلما تراتبيا للجماعات التي يتكون منها المجتمع، وفي هذا النظام يختفي (الفرد ـ المواطن) ليبرز (المكون) وهو تعبير غامض عن هوية جماعية تؤسس لصراع على السلطة على أساس عددي ومقياس كمي أعمى فيصبح المكون صاحب العدد الأقل في وضع مستضعف، يشعر بالمهانة والاهمال والتهميش ومثل هذه المشاعر السلبية تفسر لنا رفض كثير من الأقليات الدينية في العراق الإشارة اليها مقرونة بكلمة (أقلية) فهي شعوب أصلية ومكون اساسي.

وبما إننا لا يمكن أن نفصل فقدان إحساس أفراد الأقليات بالمواطنة عن السياق الشامل لأزمة فقدان الثقة بالنظام السياسي القائم على أنموذج (دولة المكونات) لجميع المواطنين على اختلاف خلفياتهم الدينية والقومية والمذهبية، لذا تعد مهمة بناء الثقة مسؤولية ملقاة على عاتق من يسهمون في إنتاج أنموذج  بديل يراعي هدف تحقيق (الوحدة في التنوع) والتوازن بين الحقوق الفردية والحقوق الجماعية وهو ما يمكن أن يقدم أنموذج (المواطنة الحاضنة للتنوع) وهذا يتطلب أدوات وآليات في العمل بشأن استحداث مناهج دراسية وسياسية وتعليمية تعزز التعددية والمواطنة الحاضنة للتنوع والعمل على صياغة تشريعات تضمن الهدف نفسه واستعمال آلية حوار الأديان بوصفها دبلوماسية مسار ثان، على نحو يعكس امكانيات الاتصال غير الرسمي والشعبي بين اطراف الصراع بما يمهد لبناء مشتركات بشأن مقاربة (المواطنة الحاضنة للتنوع) التي تضم الجميع.

*******************

هل أنصفنا التاريخ؟

د. عبد الحسين الطائي*

أبدعت الدكتورة فائزة عباس المهداوي شقيقة الشهيد فاضل عباس المهداوي رئيس محكمة الشعب في تأليف كتاب بعنوان: هل أنصفنا التاريخ؟ صادر عن دار ومكتبة كلكامش في بغداد آواخر 2020، لتوثيق سيرة الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، الذي حكم العراق للفترة 14 تموز 1958 ولغاية الإنقلاب الفاشي في 08 شباط 1963. تضمن المؤلف عشرة فصول موزعة على (786) صفحة، إفتتح الكتاب الأكاديمي الدكتور صباح حسن صالح الطائي بتقديمٍ راقٍ، أثنى فيه على الجهد الكبير الذي قامت به الباحثة في توثيق الكثير من الحقائق والأحداث في السيرة النضالية الكاملة للزعيم عبد الكريم، ومنجزاته الوطنية، فهي أول من كتب عنه من عائلته، ولهذا جاءت الوقائع صادقة وموثقة بشكلٍ حقيقي، بإعتبارها شاهد عيان معاصر على كل ما جرى.

وقد ضم الكتاب مجموعة من الصور التي جسدت مراحل مسيرة عائلة الزعيم عبد الكريم وأقاربه والقوى الوطنية التي رافقته خلال عمر الثورة. خُصص الفصل الأول لتاريخ العراق قديماً وحديثاً، وغطى الفصل الثاني والثالث حقبة العهد الملكي، والإنقلاب العسكري الأول في تاريخ العراق الذي قام به الفريق الركن بكر صدقي سنة 1936، وحركة رشيد عالي الكيلاني سنة 1941، وقد وُفقت الباحثة في تغطية الفصل الرابع الخاص بالسيرة الشخصية للزعيم عبد الكريم، وتناول الفصل الخامس دور الشهيد فاضل المهداوي، وتطرقت في الفصل السابع إلى شخصية الزعيم عبد الكريم في نظر الآخرين، وتم توضيح دور القوى المعادية للزعيم عبد الكريم في الفصل الثامن، ونجد في الفصل التاسع رؤية موضوعية لبعض الأحداث، كتاريخ نضال الشعب الكردي، والعوامل التي ساعدت على إنقلاب 8 شباط 1963، وختمت الباحثة الفصل الأخير بأحداث إنقلاب 8 شباط الدموي.

الباحثة من أقارب الزعيم (ابنة خالته)، والشيء الطبيعي أن تركز على خصاله الإيجابية فقط، ولكنها إلتزمت الجانب الموضوعي الحيادي في تناول الأحداث بكل أمانة وصدق، حللت الوقائع وفقاً للمنهج التاريخي للبحث العلمي، تناولت سيرة الزعيم بعناية، وكشفت بعض الخفايا والأسرار التي لم يتطرق لها أي باحث من قبل، حرصت على مراعاة التسلسل التاريخي للأحداث، قبل وبعد ثورة تموز، وما تمخض عنها من متغيرات جوهرية. حقيقة أن ملحمة 14 تموز، موضوعاً جدلياً، هناك من يرى بإنه بداية عهد جديد للإنقلابات العسكرية، وهناك من يرى بإنه جاء نتيجة تفاقم سلبيات النظام الملكي وتماديه في قمع الحريات العامة.

إطلعت الباحثة على الكثير من الكتب التي تناولت ثورة 14 تموز، وخاصة ما صدر بعد 2003، فتكونت لديها رؤية واضحة المعالم لكثير من الأحداث، فتعاملت بواقعية مع الآراء التي تناولت موضوع الثورة، سلباً وإيجاباً، وبادرت بمهمة فرز هذه الآراء ومحاولة الرد العلمي المستوحى من الواقع، مؤكدة بإن ما جرى ليس فقط إسقاط الملكية، بل قامت بتحولات عميقة في المجتمع، وإنجازات ثورية غيرت موازين القوى في المنطقة، وألغت المعاهدات الجائرة والأحلاف الإستعمارية وحررت الإقتصاد العراقي، وأنصفت شرائح إجتماعية فقيرة من المجتمع العراقي. 

أجمعت غالبية الدراسات بإن شخصية الزعيم عبد الكريم مثيرة للجدل، فرغم كون النزعة الفردية إحدى نواقصه، إلا أنه تميز بخصال راقيةٍ نال من خلالها أوسع شعبية بين الجماهير والجيش، كالتواضع والوفاء والرحمة والتسامح وحبه للشعب وخاصة الطبقات الفقيرة. وبإخلاصه لوطنه وصدقه مع شعبه وتعففه وتجرده من الشبهات، وتمسكه بمفاهيم الإنسانية والعدل زادته شعبية وسمواً في عالم المجد. فهو على رأي شاعرنا الكبير الجواهري: كان الزعيم عبد الكريم يملك ضميراً حياً ونزاهة نادرة، وبساطة في اللباس والحياة والمأكل مما جعله يُضاف إلى قائمة المترفعين عن المظاهر والمكاسب وجاه الثورة.

وأشاد الدكتور علي الوردي، بشخصية الزعيم عبد الكريم، وهي بمثابة شهادة للتاريخ من عالم إجتماع معروف على الصعيد الداخلي والخارجي، بأن الزعيم كان صادقاً في قوله بأنه فوق الميول والإتجاهات، وهو ليس قائد حزب إنما هو قائد بلد تتصارع فيه الأحزاب، ومهما يكن الحال فإننا يجب أن نحني رؤوسنا إعترافاً بما وُهِب الرجل من مهارةٍ في قيادة سفينة البلد بين الأمواج المتلاطمة.

كانت الحركة الوطنية التي قام بها الجيش العراقي في 1958، بمؤازرة الشعب وتأييده تهدف إلى تحقيق السيادة وضمان حقوق المواطنين، وبهذا سعت الحكومة إلى إتباع سياسة تخدم مصالح العراق، وتحرير الثروة النفطية من إحتكار الشركات الأجنبية، وتحفيز الأوضاع الإجتماعية نحو الأفضل وتحسين الخدمات وحل مشكلة السكن لكثير من مواطني الطبقة الوسطى، كانت السلطة بقيادة الزعيم عبد الكريم، الذي حاول أن يمسك عصا السلطة من الوسط ويوازن بين مصالح الطبقات الإجتماعية المختلفة عبر قرارات ومواقف بعضها فردية، كان مضطراً لأخذها، مع الإنحياز  لصالح الفقراء من الفلاحين والعمال والكسبة كقانون الإصلاح الزراعي، وقانون رقم 80 في تأمين جزئي لحقول النفط، بالإضافة إلى قانون الأحوال الشخصية، لإنصاف المرأة وإعطاء فسحة كبيرة للعمل النقابي والمهني والسياسي والديمقراطي للقوى العراقية، ما أثار حفيظة بعض القوى من أتباع التيار القومي.

لقد أفرزت مرحلة العهد الجمهوري الأول من 1958 ـ 1963، فئات سياسية متعددة لها تطلعات ذات أبعاد وهمية متباينة، لاسيما القوميون العرب والوحدويون الذين أرادوا تغيير توجهات ثورة 14 تموز، بالمطالبة بالإندماج مع الجمهورية العربية المتحدة، كانت هذه القوى تتنافس لتسويق مفاهيمها وأفكارها بالضد من الزعيم عبد الكريم، ومما زاد الوضع تعقيداً، نشوب صراع على السلطة تبناه عبد السلام عارف، انعكس بدوره على بعض قادة الجيش والشارع العراقي، حيث بدأ إستقطاب لبعض مراكز القوى، هذه القوى سارعت إلى تفعيل كل طاقاتها وخبراتها المغلفة بالأوهام الأيدلوجية القومية الشوفينية والتعصب العرقي والطائفي، فدفعت أفراد حزب البعث ومؤازريه إلى إستلام السلطة بإنقلاب فاشي بمساعدة القوى الخارجية في 8 شباط 1963، فاغرقوا البلاد من كل الطوائف والقوميات والأجناس بفوضى عارمة، أدت إلى إراقة الدماء وتصفية لكثير من الخصوم في الحركة الوطنية العراقية، مما أدى إلى إيقاف عجلة الإنفتاح والتطور الذي حصل في المجتمع العراقي. 

وفي ظل الحالة المزرية بعد 1963، والضياع الذي عاشه العراق، هيمن عبد السلام عارف على السلطة السياسية بما يحمل من أوهام ذات طابع قومي، دفعته إلى ممارسة الطائفية المقية، خلال فترة تحكمه بالسلطة، في أكثر من موقف، وظلت الطبقة المتسلطة تعيش أزمتها المزمنة والمتجددة، فانتهى الحكم بنهايته المفجعة، وإنتهى حكم شقيقه على يد البعث وبدعم مخابراتي مكشوف ومستتر من دول الرأسمال العالمي، ليؤسسوا عهداً مطرزاً بالعنف والجرائم والإرهاب، فتمكن حزب البعث بطريقة الخداع من الإمساك بالسلطة من عام 1968 ـ 2003، بواجهة جديدة وبشعارات مخادعة، وبمخيلة وأحلام جديدة.

وأخيراً يمكننا القول بإن هذا الكتاب يُعد من المصادر الرصينة التي يمكن الإحتكام لها، لأن الباحثة إعتمدت المصادر الموثوقة، وإستقت الكثير من المعطيات من الشخصيات التي عاصرت الزعيم ولها إطلاع كبير بخفايا الأمور وبمراحل تطور أحداث الثورة. ونعتقد بعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003، ظهرت بعض الحقائق التي جرى الكشف عنها من بعض القيادات القومية، أنصفت الزعيم الوطني في الكثير من المواقف، والزمن كفيل بكشف المزيد من الوقائع التي تنصفه وتبرئه من التهم الكثيرة التي جرى تلفيقها ضده شخصياً، وضد مسيرته الوطنية الحافلة بحبهِ الخالص للوطن وللشعب العراقي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أكاديمي عراقي مقيم في بريطانيا

********

الصفحة الثانية عشر

المنظور الماركسي في البرنامج البيئي للحزب الشيوعي العراقي

د. مزاحم مبارك مال الله

في مقالٍ سابق تناولنا “المنظور الماركسي في البرنامج الصحي للحزب الشيوعي العراقي”. اليوم، وإتماماً للفائدة نتناول برنامج الحزب الذي يعالج قضايا البيئة، فمجرد قراءة أولية للبدائل والمعالجات العلمية العملية التي طرحها الحزب في مؤتمره الوطني العاشر(1-3 كانون أول 2016) يتمكن المطلع أو القارئ أن يتصور تقييماً عمومياً للأوضاع البيئية المتردية التي يعيشها العراقيون والتي جاءت نتيجة تراكمات ضارة للسياسات البيئية التي أتبعتها الأنظمة المتعاقبة، تلك التراكمات تحتاج الى البديل المنطقي والعلمي لانتشال الواقع المرير الذي راح يعكس ظلاله الضارة على حياة الناس في كل أنشطتهم التعليمية والزراعية والصناعية والتجارية، ومادام الحزب الشيوعي العراقي يسعى ويناضل من أجل تحقيق مجتمع ديمقراطي تسوده قيم العدالة الاجتماعية وبالتالي تأسيس مجتمع تحفيزي وحاضن للأبداع والتطور فهو لابد أن يبني برامجه المختلفة وفق النظرية الاشتراكية العلمية التي يهتدي ويسترشد بها.

لقد أولت الماركسية ومن خلال الحركات والأحزاب المسترشدة بها، اهتماما خاصاً بالبيئة وفضحت دور النظام الرأسمالي وكذلك ما تقوم به العولمة المتوحشة المخرّب للأنماط البيئية، وهي تتعايش مع كل أضرار اقتصاد السوق الحر الاستغلالي، وبالتالي فأن النظرية الماركسية متطورة ومتجددة من خلال نضالات الأحزاب الشيوعية والعمالية التي تسترشد بها ووفق ظروفها المحلية، ومنها حزبنا الشيوعي العراقي.

الشيوعيون في برنامجهم دعوا الى “تأسيس وتطوير الهيئات الحكومية الخاصة بالبيئة” والى “دعم البحوث والدراسات البيئية” ناهيك عن الاهتمام “بالتعليم والثقافة البيئيتين”.

إنها رؤية مترابطة في التركيز على المسؤولية الرسمية التي تقع على الجهات المختصة (الحكومية) فيما يخص شؤون البيئة داعياً الى “تأسيس” تلك الهيئات مع “تطويرها” كون البيئة مجموعة الظواهر والمعطيات التي تتفاعل مع بعضها ومع الكائنات الحية المختلفة بما فيها الأنسان والتي تتطلب تطوير المعارف حولها بما فيها البحوث والدراسات التي ستمنح المختصين فرصا واسعة لتطوير الواقع البيئي الذي يتطلب الكثير من الجهد. وليس هذا فحسب فالبرنامج لا يغفل الفعل المؤثر للجماهير في البيئة ولذلك يدعو الى التعليم والثقافة البيئيتين كون المسؤولية هي مشتركة وأن ما تشهده البيئة انما هو انعكاس لواقع الفعل الحيوي لكل مكونات الحياة والتي باتت أقرب إلى سيطرة الإنسان.

يؤكد الحزب على ضرورة سن قوانين جديدة لـ “منع التجاوز على الثروات الحيوانية الطبيعية والبرية والمائية” هذا التأكيد يأتي انطلاقا من أيمانه المطلق بالملكية العامة للثروة التي تشكل عصباً جوهرياً في حياة العراقيين بسن قوانين تؤكد على صفة الملكية العامة ووضع حد للمتجاوزين والعابثين بممتلكات الشعب، كما أن الحزب لم يغفل أعادة تعمير ما خربه النظام المقبور من تجريف البساتين وخصوصاً أشجار النخيل إضافة الى تجفيف الأهوار وهي نتاج حروبه العبثية وكذلك معالجة التغييرات البنيوية في الطبيعة ومواردها التي أحدثتها السياسات البرجوازية والرأسمالية المتعاقبة والتي لم يحاول النظام الذي جاء به الاحتلال الأميركي 2003 أن يصلحها. ويطرح برنامج الحزب البيئي، حلولاً إضافية كأنشاء محطات تصفية وتدوير النفايات لحماية المياه والأجواء من الملوثات الكيمياوية والمياه الثقيلة وغيرها، إضافة الى التنفيذ العلمي - التكنولوجي المتطور الخاص بالطمر الصحي.

يشير البرنامج الى “وضع خارطة التوزيع الإقليمي للمؤسسات الصناعية والزراعية” بما يضمن (توسع سكاني وإبعاد الصناعات الملوثة للبيئة والمضرة بصحة الأنسان وتلوث الأنهار).. وهذا برهان مؤكد على المبادئ الإنسانية التي جاءت بها الماركسية وعكسها الحزب الشيوعي العراقي في برنامجه البيئي فهو يدعو الى حماية القوة الإنتاجية الأكبر(الأنسان) من الملوثات لضمان صحة ممتازة للطاقات الفكرية واليدوية لتطبيق برامجه التنموية من أجل جعل العراق في مصاف الدول المتقدمة. بمعنى الحفاظ على الخزين الاستراتيجي من الموارد البشرية المنتجة.

لم يكتفِ حب الشيوعيين لأبناء الوطن وقلقهم عليهم عند هذه الحدود، وإنما عبروا عن الأيمان المطلق بالشعب والوطن بالنضال من أجل “وضع وتنفيذ برامج وطنية عاجلة للتخلص من نفايات الحروب السامة ومن الألغام المزروعة في مختلف مناطق البلاد ومن أثار الأسلحة الكيمياوية والجرثومية والمشعة”، دون أغفال الالتزام الدولي ضمن المعاهدات التي تحفظ السلم العالمي.

ان البرنامج النضالي الذي يقره المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي العراقي يعد الراية التي يسير خلفها وبهديها الشيوعيون العراقيون وأصدقاؤهم ومحبوهم، مؤمنين أيماناً تاماً والتزاما أخلاقياً ووطنياً بأنه برنامج مفتوح على القوى الخيّرة متشبثين بالأهمية البالغة لمشاركة تلك القوى بهذه الرؤى وهذا هو دافعهم المبدئي في التوجه نحو الائتلافات الانتخابية وهم بذلك يطبقون المفهوم الماركسي في معنى الثورة الشعبية نحو بناء المجتمع المدني الديمقراطي التعددي الموحد.

********

الأطباء

والظروف القاسية

منعم جابر

بالأمس كان الأطباء صورة زاهية للإنسانية والقيم العالية وقد تحدثت عوائلنا عن حكاياتهم وتعاملهم الإنساني والأخلاقي مع مرضاهم ومراجعيهم، فالبعض منهم كان يصرف الدواء لمرضاه منه وقسم آخر يعفي مراجعيه من أجرة الفحص، وذاك يجري عملية جراحية لمريضه لأنه غير قادر على دفع تكاليفها، وهكذا يتذكر اهالينا تلك الصور الزاهية والرائعة لأطباء لم تغب صورهم عن الذاكرة، وكان منهم أطباء رحلوا عن دنيانا لكنهم ظلوا في الذاكرة ومنهم الدكتور رافد صبحي اديب والدكتور مهدي مرتضى والدكتور فليح حسن الزبيدي والعشرات غيرهم من طيبي الذكر الذين تركوا بصمات في ذاكرة العراقيين أيام زمان.

الذي ذكرني بهؤلاء الأطباء الواقع القاسي الذي نعيشه اليوم وانتشار ظاهرة الجشع الذي يمارسه بعض الأطباء، حيث تعاون هذا البعض والزمن القاسي والظروف الصعبة على الانسان العراقي الكادح المتعب والمغلوب على امره، حيث نجد هذا البعض يعتبرون ممارستهم لمهنة الطب الإنسانية هي لغرض الكسب والربح فقط متناسين القسم الذي تعهدوا به يوم تخرجوا من كليات الطب.

واليوم يعيش وطننا ظروفا اقتصادية صعبة وايام قاسية ولا بد للمواطن ان يفصح عن وطنيته واخلاقه العالية وأن يتحمل مسؤوليته تجاه وطنه وشعبه وان يقدم صورة زاهية وحقيقية لتجاوز هذه المحنة، ولعل الأطباء هم الأكثر مسؤولية وحرصا على تحمل دورهم الإنساني خاصة وانهم يتعاملون مع الانسان وصحته وكما يقال (الانسان اثمن رأسمال)، وعهدنا بهم أن لا يكونوا الأكثر جشعا وقساوة في هذه الظروف، فالبعض منهم رفع أجور الفحص والكشف بشكل باهض مما اثقل كاهل مرضاه ومراجعيه، علما أن لا خيار للمرضى الا مراجعة الطبيب، إضافة الى ملحقات الطبيب في مراجعة المختبر والسونار والاشعة ولهذه الملحقات تكاليف إضافية، فالبعض من الأطباء الجشعين اتفق مع الصيدلية والمختبر والسونار والأشعة على حساب عمولة عن كل مريض يرسل اليهم. وقد سمعت الكثير من حكايات مندوبي شركات الادوية عن مطالبة الدكتور الفلاني بتحديد عمولتهم ولا يهم نوعية الدواء وجودته ولا اريد ان اتحدث عن هذه الحكايات لأنها تشوه سمعة هذه المهنة الإنسانية.  فعلا البعض منهم قاسي القلب وفاقد الآدمية لهذا نجده يسعى لتحقيق الأرباح والكسب فيأخذ عمولته من الصيدليات والمختبرات وكل ملحقات العلاج ويتم تحمليها على كاهل المريض فيشكل ذلك ثقلا كبيرا على كاهل المرضى والفقراء منهم بالذات. عليه نناشد الأطباء بأن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه عراقهم وشعبهم وأن يقدموا نماذج خيرة يتذكرها التاريخ بالخير وكذلك نناشد الصيدليات وأصحابها بأن يراعو الأسعار ولا يتلاعبوا بها لان للمواطنين حقا عليهم، وكذلك ندعو أهلنا أصحاب السونار والاشعة وغيرهم أن يعملوا على خدمة أبناء شعبهم ولا يرفعوا أسعار خدماتهم فسيذكر التاريخ من قدم أيام المحنة خدمات جليلة وصدق في المشاعر ومن تلاعب بالأسعار والأجور.

**********

الفساد.. هل من صداقته بد؟

عبد جعفر

 كثر الحديث عن الفساد وتنوع، ولا نجد من لا يتحدث عنه، يشكو منه صانعوه قبل ضحاياه، فهو ممتد أفقيا وعموديا في المجتمع، وبسببه أصحبت الدولة العراقية كثيرة الثقوب مثل الجبنة السويسرية، وقد دخل في أحلام الناس وآمالهم وتصوراتهم عن المستقبل وفي الخطب ومجالات الفن والأدب، وساح في الشوارع وتنقل عبر الكراجات الى الأماكن القصية والبعيدة وعلى الجبال، وافترش كالبساط على السهول ونام كالقوارض في الصحراء والبساتين وحتى المقابر، ودخل في دوائر الدولة، وتغول في مهاجمة  وابتزاز الأحياء والأموات وله مع ضحايا وباء كورونا ( أسوة قذرة)، و يا ويل من (لا يورق)!

فهل هذا (البعبع) واقع؟ قد يسخر البعض ويقول بعد كل هذه المقدمة ترى في هذ النكد أو العدو (لابد من صداقته بد)، وهو يزحف من كل الجهات ويأكل الأخضر واليابس!!

 واحدة من مسلمات الحكومات غير الشرعية والمعادية لشعوبها هو تكريس الفساد ليس في النهب فقط بل أيضا احدى وسائل القمع والابتزاز وبث روح اليأس في نفوس المواطن وجعله شريكا في فسادها، ومعروف أن إفساد الشخص النظيف والجيد هو الأخطر، لتحكم الطوق على الآخرين.

ولا عجب ان تأخذ القوى المتنفذة في توزيع الرشى وبكل الأساليب الملتوية على المواطنين المغلوبين في كل المناسبات وخصوصا الانتخابات.

وحتى في زمن الدكتاتورية البغيض، فرغم تشددها، أصبحت الأموال والمجوهرات وسيلة لإنقاذ البعض من أحكام الإعدام والسجن، وإرسال ضحايا آخرين بدلا منهم.

 وبما أن الدستور قد وضع اليوم على الرف، أصبحت حتى المراكز الحساسة في الدولة عسكرية أو مدنية تباع وتشترى في سوق النخاسة.

 والشهادات تعطى من (جامعة مريدي) ومن جامعات إقليمية أو عربية لم يسمع أحد بها، وفي اختصاصات مثيرة للقرف قبل الضحك.

وبهذا عم الفساد وضاع (أبتر بين البتران) وأصبح النظيف والشريف عملة نادرة كما عبر عنه شاعرنا عريان سيد خلف (ذاك من ذاك اللكه النجمة العزيزة ودكلها عينه)!

الفساد حقيقة وهو (أسوأ من الدعارة، فهذا قد يعرض أخلاق الفرد للخطر ولكن الفساد يهدد أخلاق البلد بأكمله) ويجري تكريسه كواقع، وهو مرتبط بنهج القوى المتنفذة التي تريد ان تجعله سمة عامة، بصمة للشعب، بحكم أنها لا تعتمد الشفافية وتطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية والقانون.

ولكن كيف يحدث هذا؟ ولماذا أصبح الفساد كما يقول محمود درويش، الهوية (فساد المرآة التي يجب أن نكسرها كلما أعجبتنا الصور)؟

من أين نبدأ؟  بالتأكيد من الأعلى، كما في تنظيف السلم.  فمن دون إزاحة الطغمة المتحكمة وما يسندها من مافيات وميليشيات وأعوان، لا يمكن   إزاحة هذا الكابوس ويعيد الأشياء الى نصابها. ولكن هذا في المنظور البعيد، ولكي يتحقق هذا الهدف على قوى المجتمع المدني الديمقراطية أن تعمل بنشاط في مكافحة الفساد وكشف أزلامه وأشكال تجليه في كل المرافق، وأن يصبح ديدنها اليومي من خلال الاعتصامات والنشر في وسائل الاعلام والتواصل المختلفة والعمل لجمع المعلومات وكشفها للناس وحث الجهات الرقابية والقضائية للتدخل.

 وتقع على المبدعين في المجالات المختلفة الاسهام في إيجاد جبهة ثقافية تتصدى لهذا الداء الذي يحط من إنسانية الانسان ومن حريته وإبداعه، وينتشل المبدع من أشكال الإرهاب المختلفة المعلنة والمستترة التي يتعرض لها على يد قوى الفساد، ويسهم في كسر أسنان طواحينه القاتلة.

***********

دكتاتورية الحكم وديمقراطية القتل

وسام المالكي

تلك المصطلحات المهولة سياسياً تصدع رؤوس الشعب جراء سماعها لكونها كلمات رنانة دون جدوى بسبب الواقع والمشهد والذي جسد تشبث الاحزاب المتنفذة بالحكم وتفردها بالسلطة، وقتل وترهيب كل من يعارضها أو يطالب بعيش أفضل، حيث أمست الديمقراطية أداة قتل الشعب لا لحكمه لنفسه وذلك عن طريق سيطرة القوى السياسية المتنفذة على كل أركان السلطات والتي مكنت تلك القوى من إعادة انتاج نفسها مع الزمن ومع كل منعطف انتخابي.

إن الديمقراطية الزائفة التي انتجتها القوى السياسية جسدت مشهد الدكتاتورية التشاركية فيما بينها، وولدت نظاما سياسيا أعرج وأعمى وأصم وأبكم وضعيف، لا يتوافق مع الحداثة في أدارة البلد والذي ظهر لنا بصورة لا تلبي مطالب الشعب وبعيد كل البعد ما هو مطلوب منه أن ينظمه، حيث ان هذا الشكل من الديمقراطية فشل في الحكم بسبب المحاصصة والفساد الاداري والمالي وتوزيع مفاصل الحكم طائفياً ومناطقياً دون النظر الى عامل الكفاءة والنزاهة.

إن المحاصصة الطائفية لطغمة الفساد هي إرث احتلالي تمت مأسستها وأصبحت تشكل تهديـداً للهويــة الوطنية، حيث قدمت مصلحة الهويات الفرعية والطائفيــة والقومية على المصلحة العامة، وكذلك مكنت بدورها سيطرة العصبيات التي تحالفت مع السلطات والنخب الحاكمة، وولدت مافيات اقتصادية وتجارية نتجت عنها هي الأخرى أوضاع اقتصادية واجتماعية عسيرة على التنمية والإصلاح والتغيير، ومن المؤكد أن التوافق على هذا الأساس لا يؤسس لتنمية أو ازدهار في العراق، بالإضافة الى أن النظام السياسي الذي يبني على أساس توافقي ووفق نظام المحاصصة ينتج وضعاً سياسياً ضعيفاً غير قادر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية لأنه يفتقر الى التماسك في ما بين مكوناته.

إن الذي يعوق عملية الإصلاح السياسي هو انعدام وجود تنمية سياسية حقيقية فاعلة تتيح التفاعل للجميع وتشجع على إحياء المبادرة ليشعر المواطن بجدوى عملية المراجعة وفاعلية الإصلاح السياسي، كذلك أن النخب السياسية الحاكمة تعلن عن وجود خطط للإصلاح السياسي لكنه إصلاح في أروقة الحكومة وداخل مكاتبها البيروقراطية وهو إصلاح جزئي لا يقصد به سوى تلميع وجه الحكومة والسلطة، وهذا أفقد الإصلاح جدواه ومضمونه لأنه لإنجاح أي آلية للتنمية والإصلاح السياسي يجب أن تجري الآلية في جو من الجدية والشفافية وبواسطة جهاز يتمتع بالنزاهة والنظرة الوطنية، وهذا بدوره خلف ازمة ثقة بين المواطن والسلطات وكون هاجس خوف من المستقبل السياسي للبلد بسبب عدم وجود تقدم واضح وملموس للبلد والذي انتج كبتا سياسيا داخل المجتمع لعدم وجود المصداقية والنية الحقيقية من السلطات لأجل تقديم ما هو مطلوب منها.

لو عدنا الى المعطيات نستنتج أن الإصلاح السياسي مثلما يتطلب وجود حياة ديمقراطية وبرلمانية وتيارات سياسية لها برامج وأهداف، يتطلب هذا الإصلاح أيضاً وجود نقابات واتحادات تشرف على تطبيق نتائج البرامج والخطط التي أقرت آليات عمل للسير في عملية الإصلاح والتنمية مع متغيرات العصر وبالإضافة الى انه يحتاج إلى أن ترافقه رقابة شعبية وحراك جماهيري يطالب بالأفضل خطوة بخطوة لأجل تفويت الفرصة على من يحاول التلاعب بمقدرات الشعب من اجل ارجاع الديمقراطية الى مسارها الطبيعي ليتسنى للشعب حكم نفسه بنفسه.

********

الصفحة الثالثة عشر

10 سنوات على ثورة 25 يناير والتحديات والتناقضات قائمة بعد

رأى حزب التجمع المصري أن المجتمع مازال محملاً بصراع مفتوح حول مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بين القوى الاجتماعية والسياسية الشعبية والمنتجة، والقوى السياسية والاجتماعية المنتمية للنظام القديم أو القوى البيروقراطية والتقنية المنحازة لسياساته، وهي صراعات مصالح اقتصادية واجتماعية وانحيازات سياسية وعلاقات قوى ونفوذ سياسي وجماهيري.

جاء ذلك في بيان أصدره الحزب بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير، وفيه حلل تجربة الثورة وطبيعة الصراع الاجتماعي القائم والمهمات الراهنة ووجهة وآفاق التطور. وفي ما يلي نص البيان:

مرت 10 سنوات على ثورة 25 يناير 2011، 10 سنوات على اندلاع غضب شعبي وسياسي كبير، شهدت فيه البلاد انتفاضات شعبية كبرى، وتحولات كبرى، تجسدت بشكل أساسي في خروج الشعب المصري في موجتين ثوريتين شعبيتين بارزتين، في 25 يناير 2011 وفي 30 يونيو 2013. وقد أحدثت هذه التحركات الشعبية وموجاتها الثورية وضعا سياسياً جديداً، وأنتجت العديد من التحولات والتغيرات والتناقضات في مجالات عديدة.

ولم يكن هذا الحراك الشعبي وموجاته الثورية في مصر معزولاً عن ظهور ما تم تسميته بحراك (وثورات الربيع العربي) في تونس وسوريا وليبيا واليمن، بما أحدثه وأنتجه هذا (الربيع) من تحويل هذه البلدان إلى ساحات مفتوحة للحروب والصراعات الإقليمية والدولية، وساحات لصراعات جماعات العنف المسلح والتطرف والإرهاب باسم الدين، تلك التي ظهرت وتحالفت معاً وكأنها لا هدف لها سوى هدم الدول الوطنية لهذه البلدان من أجل السيطرة عليها، وتنفيذ مخططات تفتيتها وتقسيمها، وتأجيج صراعاتها على أسس عرقية ودينية ومذهبية، ورسم خرائط جديدة لهذه المنطقة بما يخدم مصالح القوى الاستعمارية والرجعية.

إن مزيجاً من الغضب الشعبي ضد نظام مبارك، وما أنتجه من انتفاضات وتحركات وثورات شعبية عفوية غير منظمة في مصر، استثمرته جماعات التأسلم السياسي المنظمة وعلى رأسها جماعة الإخوان للسيطرة على السلطة في مصر، واستمرت هذه السيطرة لمدة عام، حتى تمت الإطاحة الشعبية والوطنية بسلطتها في 30 يونيو 2013، وهدفت التدخلات الإقليمية والدولية، بدعمها لجماعات العنف والتطرف والإرهاب، إلى تحويل مصر والعالم العربي إلى ساحات للصراع الطائفي والمذهبي والحروب الإرهابية باسم الدين، وساحات للحروب والصراعات الإقليمية والدولية.

وقد أنتجت هذه التحركات والانتفاضات الشعبية، بسماتها العفوية غير المنظمة، وضعاً سياسياً جديداً في مصر والعالم العربي، ومعضلات جديدة وتحديات جديدة، اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية، لا يمكن تجاهلها.

فعلى الرغم من التقدم للأمام في مصر – عبر التحالف بين الشعب والجيش – بعيدا عن سيناريو سوريا وليبيا واليمن – خاصة بعد ثورة 30 يونيو وخارطة المستقبل في 3 يوليو 2013 – إلا أن خطر جماعات العنف والتطرف والإرهاب الطائفي الإخواني والداعشي ظل خطراً قائماً، ومخططات هدم الدولة الوطنية وتمزيق المجتمع المصري – والمجتمعات العربية – وتحويلها إلى دويلات طائفية وعرقية متصارعة مازالت قائمة، ومشروع الشرق الأوسط الكبير ظل حاضراً وخرائطه جاهزة للتنفيذ.

وعلى الرغم من القضاء على الرؤوس القديمة والرموز التي كانت بارزة ونافذة في السلطة السياسية للنظام القديم بفضل 25 يناير، والقضاء على نظام الإخوان بفضل 30 يونيو، وكتابة دستور جديد لنظام جديد والاستفتاء الشعبي عليه في 2014؛ إلا أن قوى النظام القديم بوجهيه: جماعات الفساد والطفيلية ورأسمالية المحاسيب الذين كانوا مهيمنين على السلطة، وجماعات الإرهاب والتأسلم وجماعات الإخوان والطائفية والاستبداد المتستر بالدين، مازالوا يخططون ويعملون من أجل استمرار سياسات النظام القديم.

ولذلك فإن حزب التجمع يرى أن المجتمع المصري مازال محملاً بصراع مفتوح حول مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بين القوى الاجتماعية والسياسية الشعبية والمنتجة، والقوى السياسية والاجتماعية المنتمية للنظام القديم أو القوى البيروقراطية والتقنية المنحازة لسياساته، وهي صراعات مصالح اقتصادية واجتماعية وانحيازات سياسية وعلاقات قوى ونفوذ سياسي وجماهيري.

إن مصر، بعد 10 سنوات على ثورة يناير، مازالت مفتوحة على تناقض لم يحسم بعد، بين حلفين اجتماعيين وتوجهين اقتصاديين، حلف يمثل قوى الرأسمالية الطفيلية والتبعية والطائفية والفساد، وحلف يمثل قوى الرأسمالية المنتجة والاستقلال الوطني والمواطنة والعدالة الاجتماعية، وهذا الصراع تتجسد صورة المتنوعة في المجتمع والنخبة السياسية والحكومة، وتظهر في التوجهات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

كذلك فإن حزب التجمع يرى أن المجتمع المصري مازال محملاً بصراع ثقافي معقد بين الحداثة والتخلف، بين التقدم نحو المستقبل والعودة نحو الماضي البعيد، بين قوى وتيارات الحداثة والعلم والعقلانية، والقوى والتيارات السياسية والاجتماعية المحملة بثقافات القرون الوسطى وثقافات وقيم مجتمعات ما قبل الرأسمالية، وهذا الصراع الثقافي يظهر في مجالات الفكر والإعلام والثقافة والبنية الفوقية للمجتمع، بين أنصار الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وأنصار الدولة الدينية والطائفية، وبين المنادين بحرية الفكر والاعتقاد والمنادين بتجديد الفكر السياسي والثقافي والديني، والرافضين والمعوقين لهذه الدعوات، وهو صراع يتغلغل أيضاً بعمق في المجتمع بين فئاته وطبقاته ومستوياته المختلفة في الريف والمدينة، ويظهر في القضايا الكبرى – مثل قضايا التنمية الاقتصادية والسياسية والديمقراطية وحرية الفكر والاعتقاد – وقضايا وسلوكيات الحياة اليومية.

وعلى الرغم من التقدم في العديد من المجالات، فإن مصر (والعالم العربي) بعد 10 سنوات من ثورة 25 يناير، مازالت تواجه العديد من التحديات والتناقضات، في مجالات الحفاظ على وحدة وسلامة الدولة الوطنية، ونموذج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الملائمة في الريف والمدينة، وبناء الصناعة الوطنية، والعدالة في توزيع الأعباء، والعدالة الاجتماعية، ونموذج الديمقراطية والمشاركة الشعبية، والحداثة والعقلانية، في مواجهة ثقافات القرون الوسطى، وفي مواجهة الطفيلية وشبكات الفساد.

إن هذه التحديات والتناقضات، بعد 10 سنوات من ثورة 25 يناير، تحتاج لمواجهتها، إلى ضرورة بناء حلف وطني واسع، من التيارات السياسية والفئات الاجتماعية والقوى الوطنية.

***********

انتفاضة اليمن المنسية

من الحلم بالتغيير إلى الحرب والمجاعة

وصلت رياح الربيع العربي إلى اليمن بسرعة في العام 2011، لكن بعد عشر سنوات على هتاف اليمنيين مطالبين بإسقاط سلطة حكمتهم لعقود بيد من حديد، يغرق البلد الفقير في مستنقع حرب دامية دفعته إلى حافة المجاعة.

وتردّد شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” على لسان الجميع في 27 يناير من ذلك العام في جامعة صنعاء، مهد الحركة الاحتجاجية، قبل أن تعمّ التظاهرات والتحركات المضادة البلاد.

وبعد تونس ومصر، وصلت العدوى إلى اليمن، أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية والتي عاشت رغم الاضطرابات المختلفة، فترة طويلة من الاستقرار النسبي في ظل رئاسة علي عبد الله صالح الذي حكم لأكثر من 30 سنة.

وكان صالح قاد السياسة اليمنية منذ وصوله إلى سدة الحكم العام 1978 رغم قوله إن حكم هذا البلد الذي عرف باسم “اليمن السعيد” أصعب “من الرقص على رؤوس الأفاعي”.

مع ذلك، كانت مؤشرات المطالبة بالتغيير في اليمن حاضرة بشكل واضح، حسب ما يرى مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي الذي عايش الحركة الاحتجاجية.

وقال لوكالة فرانس برس إنّ جذور المطالبة بالتغيير مرتبطة بـ”تصدعات” منذ ما قبل 2011، و”تحديدا منذ خمسين عاما، وهي متصلة بغياب فرص التمثيل واللامساواة الاجتماعية والسياسية والفقر والفساد وصراع الهويات”.

وفي بدايتها، كانت الثورة اليمنية مشبعة بالعفوية والتحركات السلمية في بلد ينتشر فيه السلاح على نطاق واسع، كما يتذكر أحد قادتها ياسر الريني الذي كان رئيسا لهيئة “تنسيق انتفاضة الشباب”.

وأوضح “الثورة جمعت في ساحاتها كل فئات المجتمع ومكوناته لمناهضة الظلم والاستبداد وبناء يمن جديد في إطار الشراكة التي لا تستثني أحدا”. لكن هذه الأهداف “لم تتحقق بعد”، بحسب الريني.

أزمة انسانية

يشهد اليمن، اليوم، أكبر أزمة انسانية في العالم، بحسب الامم المتحدة، ويواجه ملايين من سكانه خطر المجاعة، وقد دمّر اقتصاده وقطاعاته التربوية والصحية وغيرها، فيما يواصل المتمردون محاولتهم التقدم نحو مناطق جديدة.

ونزح أكثر من 3 ملايين يمني عن ديارهم وباتوا يعيشون في مخيمات، فيما يعتمد نحو ثلثي السكان وعددهم أقل من 30 مليونا على المساعدات.

وبينما كانت أهداف الحركة الاحتجاجية توحيد اليمنيين، يبدو البلد المطل على ساحل البحر الأحمر أكثر انقساما من أي وقت مضى...

وقال المذحجي “هذه الثورة كانت رغبة من الناس في رؤية شكل آخر للنظام الذي كانوا يعيشونه. لكن الاعتداء على السياق الثوري الذي حدث في حينه والاستيلاء عليه من قبل أطراف سياسية (...) أدى إلى حرف هذا المسار الثوري ومن ثم تقاسم المرحلة الانتقالية وفسادها”. وتابع “كل هذا مهد إلى الاقتتال اللاحق”.

وفي السنوات الأخيرة، انتشرت صور الأطفال اليمنيين الذين يعانون من سوء التغذية، ومن بينهم أحمدية عبده (عشرة أعوام) التي يبلغ وزنها عشرة كيلوغرامات وتقيم مع عائلتها في مخيم للنازحين في حجة (شمال).

وقال أحد أقربائها لوكالة فرانس برس “الطفلة يتيمة حيث توفي والدها منذ سنوات وتعيش مع أمها وأخيها في منزل مبني من القش” في منطقة عبس.

وتابع “أحمدية مصابة بسوء التغذية الحاد ولم تتلق العلاج، حيث أن قسم سوء التغذية بمستشفى عبس لا يستقبل الاطفال فوق سن خمس سنوات. ليس هناك من مكان آخر تذهب إليه”.

ــــــــــــــــــ

أ ف ب – 25 كانون الثاني 2021

**********

عقد على «ثورة الياسمين»: التونسيون ينتظرون قائمة الضحايا

عشر سنوات بالتمام والكمال وهيئات تعمل وتدقق لإصدار القائمة النهائية لضحايا وجرحى ثورة الياسمين في تونس التي أطاحت نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي من دون نتيجة، ما دفع عدداً منهم إلى تنظيم اعتصام في مقر هيئة المقاومين وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية التابعة لرئاسة الحكومة، وسط تونس العاصمة، مطالبين بنشر القائمة النهائية، التي أصبحت جاهزة منذ عام 2018، بحسب توفيق بودربالة، رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.

التأخير المجهول

الملف الذي شهد تجاذبات طويلة عطلت إصدار القائمة النهائية في “الجريدة الرسمية”، على امتداد عدة حكومات متعاقبة، تسبب في غضب عائلات ضحايا وجرحى الثورة الذين يريدون ذلك من باب رد الاعتبار والوفاء لمن قدموا حياتهم لحرية تونس من الاستبداد.

الجريح وائل القرافي الذي بترت ساقه جراء إصابته برصاصة خلال تشييع جثمان أول ضحية في ولاية القصرين يوم الثامن من كانون الثاني 2011، يقول إن “الاعتصام جاء بعد صبر، ومعاناة طويلة لجرحى الثورة وعائلات الضحايا ورفض الحكومة إصدار القائمة النهائية، التي تم اعتمادها منذ عام 2018، من دون مبرر، سوى رفض الاعتراف بها، وتضم أسماء 129 ضحية، ومعهم 634 جريحاً، واكتفت بإصدارها مرتين، واحدة على الصفحة الرسمية للهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية على موقع فيسبوك قبل سنتين، والثانية يوم 14 يناير الماضي على الصفحة الرسمية للهيئة، لكن هذا النشر لا قيمة قانونية له”. ويعد ذلك، بحسب القرافي “تسويفاً ومماطلة ومحاولة للهروب من تحمل المسؤولية”.

تبرير لا يستقيم

“فيسبوك”، الذي تحول فحسب في قضية قوائم ضحايا وجرحى الثورة إلى مصدر رسمي للدولة، في مخالفة واضحة لكل الأعراف والقوانين التي تنظم عمل الدولة، اعتبره عبد السلام حمدي، الناشط في المجتمع المدني المساند لعائلات الجرحى “بمثابة الضحك على العقول، وعدم التعاطي بجدية مع ملف حارق سيبقى يتصاعد فيه الغضب لحين نشره بشكل رسمي، وليس على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحولت لبديل عن مؤسسات الدولة الرسمية”. ولمح حمدي إلى أن هناك أطرافاً سياسية تريد تسويف هذا التعطيل وإطالته لأهداف يراد منها إضافة أسماء لضحايا تعذيب وتهجير لمعارضين لنظام بن علي قبل الثورة”، معتبراً ذلك “اعتداءً على هذا الملف، ومحاولة للركوب على تضحيات وعذابات الضحايا والجرحى”.

اضاعة وقت

المطالبة باعتماد قائمة موحدة تعني، بحسب الإعلامية وفاء الهمامي، إضاعة مزيد من الوقت من دون مبرر، وعدم الاعتراف بالقائمة النهائية ونشرها، وترك الباب مفتوحاً للتظلم في حال لم يجد أحد المتضررين اسمه فيها، لكن الانتظار إلى ما لا نهاية على أمل أن تجتمع الهيئات وتقرر مرة أخرى وتعيد فتح كل الملفات، التي تزيد على ثلاثة آلاف ملف، سيحتاج لسنوات وسنوات، وهذا لم يعد مقبولاً، خصوصاً أن بعض الجرحى توفي جراء إصابته، ولم ينل حقوقه، والاعتراف بما قدمه لحرية تونس.

مأساة طارق دزيري

يوم 18 يناير 2020 توفي المصاب طارق دزيري بعد معاناة 9 سنوات من إصابته بالرصاص عام 2011، ما خلف له شللاً نصفياً، وأصبح مقعداً، وتحول إثر وفاته الى رمز من رموز حراك عائلات ضحايا وجرحى الثورة للمطالبة بنشر القائمة والاعتراف بتضحياتهم.

وبحسب بعض المقربين من طارق دزيري، فإن وضعيته الصحية تدهورت بشكل كبير بعد أن رفضت المؤسسات الصحية العمومية استقباله للعلاج جراء عدم منح الجرحى بطاقات علاج دائمة، ووقف تقديم المساعدة الصحية والنفسية لهم، وخاصة المعاقين، ومن بترت أطرافهم، والذين تسببت لهم إصابتهم بأمراض نفسية مختلفة يحتاجون فها للمتابعة الطبية المباشرة والدقيقة.

في الانتظار كم سيموت منا؟

داخل مقر الاعتصام قال أحد الجرحى، رفض ذكر اسمه، بحزن وألم “بعد عشر سنوات زادت معاناتنا النفسية، وتردت الأحوال الصحية للكثير من الجرحى فكم سيموت منا قبل أن تنشر القائمة النهائية، وننال اعتراف الدولة بنا، سواء عائلات الضحايا أم الجرحى، خصوصاً من بترت أعضاؤهم ودمرت حياتهم”.

وأضاف “بعد عشر سنوات نعيش على المساعدات من الأصدقاء، ولم ينل أحد منا حتى تركيب أطراف اصطناعية تساعده في حياته، ومثل كل الشباب كان الحلم بالزواج والأولاد والعائلة الصغيرة، لكن كل ذلك ذهب في مهب الريح. يريدون كسر كرامتنا ومعاقبتنا على مشاركتنا في نجاح الثورة التي أكلت أبناءها”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“اندبندنت” – 25 كانون الثاني 2021

**********

الصفحة الرابعة عشر

فضاء شعبي

بدر الرميض والاحتلالات

علوان السلمان

للشاعر عكاب الجراح:

بدر ما ضمته الغيمة بدر صاح

غراب البين باكرها بدر صاح

من فرعت لون حاضر بدر صاح

صيحة اوفوكهم كال الشفيه

..من بيئة الهور وقصبه المنتصب..المزهو باخضراره افتخارا كانت صرخة الشيخ بدر الرميض عبر اهازيجه الشعرية ورصاصاته الثائرة..المحتشدة ضد قوى الاحتلال العثماني والانكليزي شاهدا للعصر ..فكان رمزا يشار له بالبنان في الموروث الشعبي والوطني لانه الاستثناء المقاوم.. اذ كانت بصماته المتوهجة في سجلات ثورة العشرين ومقاومة المحتل قولا وفعلا مثيرا للدهشة ومستفزا للذاكرة.. ومحركا للهمة..

ـ بدر الرميض..الصوت الرافض للمساومات مع المحتل..لان طينته نقية تعي انتماءها الوطني بنكران ذات ونقاء سريرة.. جعلت منه وجودا فاعلا ومتفاعلا مجتمعيا..مما ادى الى تعرضه للملاحقة والتشريد..فضلا عن توجيه التهم ونشر الاشاعات عنه من قبل الادارة البريطانية منها (ايواء الجواسيس وتعاونه والحكومة العثمانية...)..

ـ بدر الرميض لم يكن يوما ما رقما سهلا في الذاكرة العراقية وانما كان مثالا للشموخ ورمزا للكرم والشجاعة والحكمة والدهاء الفكري..فكان صورة مثلى في اكرام الضيف والحكمة العقلانية في حل النزاعات والضيافة حتى قيل انه اذا ودع ضيوفه يحزن لفراقهم بعد ان استقبلهم بنداء الترحيب وهو يخاطب ابنه (حسن)..

حسن يبني تلكه الضيف حي بيه

عسى زاد البخيل اسموم حي بيه

ياهو الجمع ماله وراح حي بيه

سعيد الحفظ عرضه من الرديه

ـ بدر الرميض في الذاكرة العراقية مثل للشموخ ورمز للرجولة انجبته الاهوار فكان ثوريا منتفضا ضد الاحتلال الانكليزي حين نزوله (الشعيبة).. فحشد الحشود وسار مقاتلا  ملبيا نداء الوطن ومنشدا حماسيا باهازيجه التي اذهلت من يحيط به..

ـ بدرالرميض له مساجلات شعرية مع الشعراء الذين يفدون مضيفه..وكان فيها  يمازج بين الغرض المقصود و الشجاعة والكرم.. كما في قوله:

عبد لام كذلة التنكط وردها

عطاشه تفاكنه والدم وردها

 بسيفي انحر سريتهم وردها

اليوصل دارنه نوسده المنية

اما في كرمه الباذخ فقد قال فيه الآخر قوله:

بحر يلمنك النهران يارن

صفاري من جثير الطبخ يارن

الك هاون بتالي الليل يارن

تدك هباشته وناره سريه

وله في مدح ذاته وعشيرته:

بنينه بيوت وعمدهن بلا ياي

وتخاف الناس من شري وبلاياي

عمامي ما تسلكونش بلا ياي

جديكم واليتيه ايمر عليه

**************

الثورة النوابية

في الأدب المكتوب بالعامية العراقية

د. حسين سرمك حسن

(آنه يعجبني أدوّر عالگمر بالغيم ..ما أحب الگمر كلّش گمر )

مظفر النوّاب من قصيدة (زفّة اشناشيل)

إن ما حققه المبدع المعلم (مظفر النواب) هو ثورة في الأدب المكتوب باللغة العامية، بكل مقاييس الثورة الإبداعية. يقابل ذلك، والمقارنة من مميزات العقل البشري والمعرفة البشرية ومشكلاتهما في الوقت نفسه، توصيف للتغيير الهائل الذي حققه المبدع الكبير (بدر شاكر السياب) بالحركة الشعرية الثورية. وهناك بون واسع بين الثورة والحركة الثورية. في مجال الثورة النوابية كنا أشبه بأناس اعتادوا أن يروا كل يوم بستانا كبيرة من الأدب العامي ثم نمنا ذات ليلة واستيقظنا فإذا بنا نجد غابة جديدة ساحرة قائمة بجوار البستان السابق لم نألف مظهرها من قبل.. لا في شكل شجرها ولا في ثمره ولا في تنظيم صفوفه، غابة آسرة وجدنا لغة طيورها فقط هي اللغة العامّية .. لكنها عامّية ليست كتلك العامية التي كنا نسمعها في البستان السابقة. كانت هذه الغابة مستقلة وقائمة بذاتها .. ظهرت هكذا .. وشاهدناها هكذا .. غابة اسمها (مظفر النواب) .

أما بالنسبة لحركة التجديد الثورية التي قادها السياب فهي، وفي تشبيه مواز، أشجار باهرة نشأت عبر زمن من أحشاء بستان الأدب المكتوب باللغة الفصحى سابقا. قبل أن ننام كنا نشاهد يوميا الكيفية التي تتشكل فيها هذه الاشجار بيأس وصلابة وكيف تتنامى وتزدهر من خلال محاولات مستميتة. كنّا نلاحق محاولاتها من أجل التفرّد والتميّز. وفي كل صباح نستيقظ فيه كنا نلاحظ تغيّرا مضافا حييّا ومترددا في أغلب الأحوال ليتراكم ويتحول إلى تحوّل نوعي. كانت تلك الأشجار مماثلة للأشجار السابقة شكلا ولغة طير وثمرا. ثم بدأت عملية (استحالة) عضوية تدريجية بحيث تحولت إلى بستان تدخلها فتجد شجرا جديدا باسقا وثمرا جديدا يانعا وطيورا تغني بموسيقا ساحرة جديدة، لكنك حين تسير بين صفوف أشجار البستان الجديدة ستقودك نهاياتها إلى أحشاء البستان القديمة متعشقة معها ومتواشجة ومحتواة في إطارها العام. وهذه البستان الجديدة كان فيها أشجار باسقة .. فيها نازك .. وفيها السياب .. وفيها البياتي ..ثم تلتها أشجار أخرى لاتقل عنها قيمة فنيا مثل بلند الحيدري ومحمود البريكان وسعدي يوسف وغيرهم .. لكن غابة العامية الجديدة كان فيها مظفر لوحده .. مظفر فقط .. كان غابة كاملة. ولو أمعنا النظر في الكيفية التي تشكّلت فيها الإثنتان – غابة العامية وبستان التفعيلة - من ناحية العوامل المؤثرة ، فسنجد عوامل مشتركة كثيرة ، لكننا سوف نلاحظ فروقات هائلة ، لعل في مقدّمتها الجهة المرجعية التي أنضجت التمرّد في روح أبناء الحركة السيابية الثورية الجديدة ، ونعني بها الأب ( العمودي ) الذي ثاروا عليه ، ألا وهو شاعر العرب الأكبر ( محمد مهدي الجواهري ).

إنّ جبروت الجواهري الشعري وسيطرته المحكمة على الساحة الشعريّة في القرن العشرين كسيّد لا ينازع لقصيدة العمود كان واحداً من أهم العوامل التي هيأت لظهور حركة الشعر الحديث في العراق. يقول (جبرا إبراهيم جبرا):

(من المهم أن نلاحظ إن قمة الجواهري الشعرية في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات، تعاصرها بداية الحركة الشعرية الجديدة في العراق. لم يترك الجواهري للشعراء الشباب متسعاً للمنافسة، وعندما تبلغ الأشكال الشعرية حدّها الأقصى من النضج والقوّة. فلابد من ثورة عليها استبقاءً للطاقة الشعرية وقدرتها للتعبير عن رؤية الإنسان، واستمرارها في البحث عن ما هو ربما أعمق وأوثق صلة بالنفس، بالتاريخ، بالمجتمع المتغيّر. ومن هنا فإن تجربة بدر شاكر السيّاب مثلاً تنطلق من تمرّد الجواهري إلى ما يشكّل تمرّداً من نوع آخر، أبعد مدى. تجربة الجواهري تبقى تجربة المتمرّد الذي لا بُدّ له مما يتمرّد عليه باستمرار. إنّه تمرّد يتوخى ما ينسجم مع إنسانيته، ولكنه يضع لنفسه أهدافاً قريبة تتصل بالحدث السياسي المباشر. أمّا تجربة السيّاب فإنها تتخطى هذا كله إلى تجربة ذاتية، تنفذ من خلال الحدث السياسي، بل تنفلت منه، الى

التجربة الإنسانية الشاملة، تجربة المسيح في صلبه وبعد الصلب) . (لقد استطاع الجواهري أن يجمع إلى وعيه التاريخي وعياً فنياً عالياً جعله من أعظم الشعراء السياسيين في العالم العربي إن لم يكن أعظمهم، فقصائده تفعل بالمتلقين فعل السحر الخالص.. ولقد شكل قاموسه الشعري المتميز خلفيّة قويّة لشعراء الرفض والثورة في الخمسينيات وعلى رأسهم السيّاب) و.. (نحن إنّما نؤكد دور الجواهري، هنا دون سواه لأسباب من أهمها إنه ارتبط -وهو في قمة نضجه الفني -بالمدرسة الواقعية، مما جعل الشعراء الشباب في العراق ظلاله، فهم يكتبون شعرهم السياسي والاجتماعي -كما يقول السيّاب -على طريقة الجواهري وكأنهم يحسون -بدرجات متفاوتة -إن هذا اللون من الشعر يكاد يكون مكتملاً إن لم يكتمل فعلاً على يد الجواهري. ولمّا كان الشاعر الحديث يحب أن يثبت فرديته باختطاط سبيل شعري معاصر يصب فيه شخصيته الحديثة، ولمّا كان هذا الجيل من الشعراء أيضاً قد فاجأته الحرب العالمية الثانية، وهو غارق في عوالم الرومانتيكية الحالمة فأطلعته على الهوة التي تفصله عن مجتمعه، ونبهته الى وجوب نبذ الرومانتيكية والاتجاه الى الواقع ، فقد كان عليه أن يبحث عما يضمن هذا الاتجاه من طريق غير الطريق التي سدّها الجواهري) وتتحدث الدكتورة (سلمى الخضراء الجيوسي) في كتابها : (الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث) ، عن تأثيرات الجواهري في حركة الشعر الحديث في العراق ، فتقول : (هذه هي القوة السحرية التي نشأ تحت تأثيرها السيّاب وجيله. فعند السيّاب تطورت إلى انتحاب طويل مفعم بالاحتجاج والعذاب، لكن التعابير المحمومة المختنقة عند الجواهري تتميز بعنف خاص بها، كما يتميز أسلوبه بفحولة لا مثيل لها في الشعر العربي الحديث، فهو قد استوعب تجارب شعبه العاطفية والروحية كذلك، وشعره يدور حول منبع الأزمة القومية بالذات) (وفي محاولة لتحديد إنجازات الجواهري الشعرية تضع الدكتورة (الجيوسي) خمسة إنجازات سأحاول اختصارها فيما يأتي مركزاً على تأثيرات الجواهري في حركة الشعر العراقي الحديث:

1- (الجدّية الشديدة في الموقف حيث لا أثر البتة للتزويقات والتفاهات التي ابتلى بها القسم الأكبر من شعر القرن التاسع عشر. وكان موقفه الجاد، الغاضب حتى التطرف أحيانا، قد قام أساساً متينا لشعر الرفض والغضب في فترة لاحقة).

2- (إن الانسياب العاطفي القوي في شعره أعطى دفقة التحرير الأخيرة في شعرٍ طالما عانى الزيف العاطفي. وكان كذلك قوة تحرير لروحية الجيل يقوم بدور التطهير ضد التيارات الداخلية الخانقة في الحياة العربية. وقد يكون شعر الجواهري قد قام بدور مهم في تهيئة الشعب العراقي عاطفيا لمقدم الثورة واندلاعها).

3- (إن الدفقات العاطفية في شعر الجواهري تعطيه قوة ايقاعية ذات توتر يناسب نوع الاندفاعات الغاضبة التي تميز شعر هذا الشاعر. وقد كان لهذه التقنية الايقاعية تأثير فيما بعد، فقد استغلها الجيل اللاحق استغلالا كاملا. وقد قُدّر للسياب أن يكون أعظم وريث لهذه القوة الكلاسيكية المتمثلة في إيقاعات الجواهري فاستغلها في الشكل الجديد من الشعر الحر، وأعطى ذلك الشكل منذ البداية أساسا متينا لتبنى عليه تنوعات إيقاعية عديدة مبدعة)

4- (إنّ اللغة الشعرية عند الجواهري غنية ، يختارها بعناية. فهو يرى أن الكلمة الشعرية هي التي تقرّر إن كان الواحد منّا فنانا أو غير فنان...... والواقع أن الجواهري قد أدخل الى الشعر العربي مصطلحا شعريا جديدا بإدخال كلمات عديدة تشير إلى العنف عنصرا في الحياة العربية، كلمات مثل الدم، الموت، العاصفة، النار، الضحايا، الشهداء، السم، الجوع، الغمام، الضباب، الثورة ..إلخ. وقد استُغل هذا المصطلح إلى أقصى حدوده في شعر المنابر الذي وافق الثورات العربية المختلفة في حقبة الخمسينيات، لكنه تسلل كذلك بشكل أكثر رهافة إلى شعر كثير من شعراء الطليعة، وبخاصة السياب)

5- (إن الجيشان العاطفي والإيقاعات الحيوية المتطافرة يسندها نوع من النبرة التي، على الرغم من وجودها بدرجة اقل في بعض شعر الرصافي ، تخلق جواً له خصوصيته. وهي نبرة تتراوح بين الغضب المُرعب في قصائده الوطنية وبين انشغال جاد في قصائده الغزلية، جادٍّ إلى حدّ أن صورة الموت كثيرا ما تتسلل إليها.... وأخيراً فان عبقرية الجواهري الفائقة تكشف عن نفسها في صوره الشعريّة، فهو يقتصد في استعمال التشبيه القديم بما فيه أحيانا من مضامين مباشرة مسطّحة. وقد حلّ محله في شعره ذلك التطوّر الحديث نحو الصورة الحسية، صورة ملموسة، حيوية، مدهشة، تدعمها كثافة عاطفية)

(ولعلّ شعر الجواهري ساعد أيضا في إنقاذ الشعر العراقي في حقبة الثلاثينيات والأربعينيات من الوقوع فريسة لبعض التجارب الجديدة غير الموفّقة التي كانت تجري في مصر، والواقع أنه لم يستطع سوى أفضل الشعراء المصريين في ذلك الوقت أن يكون لهم أي أثرّ في نازك والسيّاب والبياتي.. ولكن (هؤلاء الشعراء الثلاثة وسواهم من شعراء الجيل بعد الجواهري يدينون بقوتهم جزئيا إلى الانجازات المتنوعة التي قدّمها جيلان من شعراء العراق قبلهم، وبخاصة للقوة الكلاسيكية في شعر الجواهري التي لم تكتف بالوقوف شامخة إزاء المحاولات الساذجة التي قام بها الزهاوي والرصافي، بل إنها قطعت الطريق على أيّ محاولات في التجديد قبل أوانها وزودت الجيل الجديد من شعراء العراق في الخمسينيات بأساس متين يبنون عليه....) (هكذا يكون هناك أب روحي، عرّابٌ، للحركة الشعرية الثورية الجديدة التي قادها السياب.. لكن من هو الأب الروحي للثورة النوابية؟ الجواب: لا أحد.

فبمن تأثر النواب من شعراء العامية؟ هل كان لحضور (الحاج زاير الدويج) بموالاته الحكمية التقليدية واشعاره الاخوانية، رغم فرادتها وأهميتها، مثلا أثراً في تشكيل رؤيا النواب وحفز مهاراته الإبداعية نحو الخلق والتمرّد؟ وهل هناك تأثيرات بارزة لـ (الملا عبود الكرخي) بسخريات مجرشته المشهورة ونقدياته الاجتماعية الفجّة مثلا، تأثيرات نجدها في شعر النواب؟ هل هناك مجال لأي مقارنة منطقية بين نص للنواب وأي قصيدة عامية كُتبت قبله نحتكم إليها بحيث نثبت أن النواب كان وريثا شرعيا لكن متمردا ثائرا على السلطة الشعرية الأبوية الحاكمة في الادب العامي؟

***********

الـــدنـيا اخـتيـار..

عبد الكريم صالح العامري

بختيارك..

ماشي والدرب اختيار.ْ

لا تِحَمْل الناس

بالصار و جرالك

انـتَ قـررت اللي صار.ْ

تدري بيّْه جروحي كِثْره

وانتَ تقره بإختصارْ.

انتَ لعبه الدنيه عندك

لعبه ما بيها انكسارْ.

وآنه مكسور بحياتـي

وهم شفت مكسور

يـحـسن لختيارْ.

باختيارك ماشي انتَ ...

ماشي و الدنيه اختبارْ.

إنْتَ عارف كلشي بيه

وغامض كثير اللي فيك

حاولت فـي روحك أَبْحر

قافل ابوابك عليك

مني خايف، لاتخاف

انه غيمه وموسمك

ينبي بعجاف

حضر اورودك حبيبي

خَلْ اعلكها بشغاف

هذا گلبي اختارك انت

ياقدر واخر خَيارْ

باختيارك

ماشي والدنيه اختبار

**************

يابساتين

حمود حسين كعيد

شكثر رادو يبعدونك علينه

وما دروك انته كلب لكلوبنه وتطي السواجينه

وشكثر عادونه على فكرك       

 وظل فكرك ربيع عقولنه صارن بساتينه

ويابساتين الوطن تدرين.. تلاشت خيول الظلام الحلمت من سنين تنهينه

تلاشو وانتهو همه

 وشتلهم كام يرضع موت من طينه

واحنه مورده الاغصان خضره  اشجارنه وتزهي بشواطينه

الفخر للقايد المالان

سكه ورد الفهود بدم شرايينه

الفخر للغايب الحاضر البعده مرافك الخطوه ويدلينه

دلانه على نبع الطيب

صار النه نهر ثالث باراضينه

دلانه.. الشيوعيه خلاص الناس

ومن عدهه العدل ماخذ قوانينه

هلي حزبكم شامخ البنيان

تلوي الريح كل ذره بحياطينه

هلي حزبكم يجس اليابس

البالعود ويرده النياسينه

ربانه على حب الغير وخله

وجوهنا صارت عناوينه

صرناله سمه مرايات

تشوف وجوهه الوادم تضل بينه

شيوعيين وللنزاهه احنه نزاهه الناس تدرينه

شيوعيين بيض جفوف

يعرفنه شعبنه بكل ملايينه

************

حليب ..

ريسان الخزعلي

وكنت أسمع وقع قطراته في تخاطراتِ الروح مع أُمِّ الشهيد.

يُمّه ..

أوّل ضوه فكّيتَه إعله طولك وانطفَه

تعرض اعيونك واجيلك كَبل شبّاچ الصبح

ماني فلّيت الحزن بأول كَصيبه الشوفِتَك ..

يُمّه درب الشوكَ بعيوني جزيره

وانت َ المعدّي عله الغيمه ابضفيرة ماي زركَه ../

ماتعدّيت إعله روحي ! الليله ضكّاني السهر والنوم طيرَه

يُمّه نكَّاط الندَه ابلعب التراچي ايكَّطر اسمك ..،

وانت َ بس تسيورة ايدك من تجسني ، كَلبي يصفَه ، إو دفّي الملوَّن يجيني

بُكشة اهدومي اتّطشر من خيالك ،

طويَّة الثوب المكشكش تنفتح بصبِع عرس شبعان حنَه

واْستحي من ثوبي كلّش من يسميني يحلوَه

إو ياحلاتك ع الشريعه ،

 الماي فَر ابطولك إو دار النهر ، ياصوب اعاتب لوضعت ..؟

يُمّه

حتّه امرايتي امن اتمرَّه بيهه ..،

ايلوح وجهك والحكَ ارموشك وافيي ابسدهن ..اشّاه يابرد

وادري كسرات الخواطر..،

 تنجبر بالشبكَه والحبَّه تِنشف الريج وانت َ ابخاطري اتكاسر حليب ..،

چَن سنَه ابكل كَطرَه تكبر

والعُمر يمّك وصَل بعيوني تركض ، ياقلَم دشداشتك لوَّن وجنتي

يُمّه درب المدرسه ابروحي ايتلوَّه إو ما لكَيت ابدفترك شطبَة غلط .

.....،

من ترست الشوف ، ماشفتَك تجي

ما وِسَع عيني ولا شبّاچ وارموشي عله الجامات نبتن

مادريت اتمولح العين التغط بالنوم لو مامش حلم ..؟!

وأنه كَبل النوم، ملح العين ع السجّادَه يكَطر .

يا عُمر ..

عدّيت چنّك ..ما عَرَفْت أُم الوَلد  ع الريحه تنطِر ..؟!

يُمّه حته ابموتتي واسمع حليبك بالصدر شهكَة عطر ../

يمّه چَن عطرك ابخيطَه اعيون وامن ابعيد اهيسَك جاي تندلني

ما بعد لذّة حرارة دمع فوكَ الخد يَمن بصبع الموت اتريد تندهني ..!

************

الصفحة الخامسة عشر

الى شهداء ساحة الطيران

وطن التوابيت

فوزي السعد

وطني المسكين

جعلوك كطعم

في مصيدة القدر المشؤوم

تحيا لا لتعيش

تحيا لتموت

وكأنك كبشُ أضاحٍ

ومصيرك قد صار مصير الكبش

أمام السكين

حتى ملكُ الموت

تعجّب من كثرة موتاك

رأى أن يستأجر

أيدي النجّارين

لصنع توابيتٍ

من أجل بنيك الشهداء

ولحفر قبورٍ

يسرق معول دفّان

ويساهم بالحفر

مع

الحفّارين !

***********

جواد سليم .. يشارك في الحراك الشعبي

تحت (نصب الحرية) في الباب الشرقي،حيث ينبض قلب بغداد ؛ التقت اوجاع وهموم العراقين جميعاً، في حراك شعبي  فاعل ومؤثر، ولم تتمكن القوى الغنيمة والاستئثار من ايقاف نبضاته الحية.

كانت التظاهرات الشعبية،تعد (مصب الحرية) شعارها الازلي وخيتمها الخالدة،لذلك انضوى الجميع تحت ظلالها..

ومن هناك تنادت الاصوات تطالب بحقوقها المشروعة في الامن والسلام والعيش الرغيد، الذي يكفل للانسان تعليمه وعمله ومعالجة امراضه والحفاظ على ثروات بلاده.

كان هناك في الاعلى، يطل وجه جواد سليم شامخا في جدارياته الاثيرة (نصب الحرية) التي خبرت المستقبل، بعد ان خبرت الماضي والحاضر، انطلاقا من ثورة 14 تموز 1958 المجيدة.

صحيح ان سليم..الجواد الاصيل الامضى الذي جاءت مخيلته وعمق ذهنيته في ملحمة الثورة الى جانب ملحمة كلكامش العراقية،  تعني جذرا وطنيا اصيل...

الا ان جواد سليم لم يشهد منجزه بعينيه فقد توفي قبل اربعة ايام من اكمال (نصب الحرية) الذي اعطاه كل مايملكه من انفاسه وعبقريته،الا ان النصب بقي شامخاً بعد رحيله.

من هنا ندون للخالد جواد سليم هذا الاحتفاء به وبعطائه وفاءً منا له وللاجيال التي باتت تعرف جيدا من هو جواد سليم وماذا يعني منجزه (نصب الحرية) للعراقيين الذين اتخذوه شعارهم الحي في مواجهة الظلم والتعسف، وصولاً الى حياة حرة كريمة تكفل للجميع حقهم في الحياة الرغيدة.

المحرر الثقافي

************

جواد سليم.. نحات الحرية

قاسم محسن*

يُعد الفن وسيلة للأرتقاء بالعالم, والتعبير عن رغبة في التمّرس بالتجارب التي يمر بها الفنان وهو بديل الحياة, بل أيضاً وسيلة لأيجاد التوازن بين الانسان وعالمهُ الذي يعيش فيه. كما ان الفن ضرورة في المستقبل, كما كان ضرورة في الماضي. والفن يمكن ان يختفي وان الواقع سوف يحل بالتدريج محل الفن, اذ  لم يكن الفن في جوهره إلا تعويضاً عن انعدام التوازن في الواقع الراهن, ولذلك قال موندر يال جملته الشهيرة: ( ان الفن سيختفي عندما تصل الحياة الى درجة أعلى من التوازن, فالفن بديل الحياة, بل وايضاً وسيلة لأيجاد التوازن بين الانسان والعالم الذي يعيش فيه. ولكن الحقيقة تشهد ان التوازن الدائم بين الانسان وعالمه امر مستبعد حتى في ارقى الاشكال الاجتماعية)، من وجهة نظر موندر يال. كما أن الفن بالمعنى العام، جملة من القواعد المتبعة لتحصيل غاية معينة، جمالاً كانت او خيراً أو منفعة، فاذا كانت هذه الغاية تحقق الجمال، سمي الفن بالفن الجميل، واذا كانت تحقق الخير، سمي الفن بفن الاخلاق، واذا كانت تحقق المنفعة، سمي الفن بالصنعة. والفن هو القدرة على اقتطاع جزئية دلالية من ممتد موسوعي، وهو ما يعني الفصل والعزل من اجل بناء عالم (اصطناعي) لا تحكمهُ نمطية الواقع وتشعباته، بل يندرج ضمن امكانات التدخل بين عوالم التخييل ومتطلبات الواقع. ويُعد الفن تعبير عميق عما هو مخزون داخل القلوب البشرية من انفعالات واحاسيس ذات رسالة موجهه من قبل الفنان الى الجماهير عبر العصور والازمنة، والفن هو الطريق الوحيد لمقاومة الموت.. كما قال (اندريه مالرو). وتُعد رسالة الفنان جواد سليم استمراراً لما سبقه من رسالات يؤكدها او يجددها كونه يعيش مع رُوحها. لكن ببصمته واسلوبه الفني، بعيداً عن تكرار تجارب الاخرين، فمن يتبع أثر الاخرين لا يمكن ان يكون مبدعاً. فقد امتازت رسوماته بواقعية سحرية ( (Magical realismوتعبيرية عالية وفي جميع التحولات التي مر بها في حياته ما بين ولاده في انقرة وتنقله الى الموصل  وبعدها الى بغداد ومن ثم الى بلدان متعددة من اوربا، كانت جميعها محطات مهمة في مساره الفني. وكذلك في التوجه نحو الحداثة، فكان دائم البحث والتجريب عن أداء فني يميزهُ عن اقرانه الفنانيين.. ومثلما صنع الألم العبقري آلبرت أنشتاين، كذلك جواد سليم.. لم يكُن مجّرد حالم، فكلاهما كانا ينظران الى النجوم.  ويجب الاشارة الى (رينيه ويـج)، وذلك فيما يتـَّصل بضرورة الفن، وعلاقته بالإنسان، تلك التي يذكر فيها أن: (الفن ليس لهواً أو مجرد ترف، مهما يكن هذا الترف رفيعاً، بل الفن ضرورة ملحة من ضرورات النفس الإنسانية في حوارها الشاق المستمر مع الكون المحيط بها. فإذا صح القول ألا فن بلا إنسان، فينبغي القول ألاّ إنسان بلا فن)..  أذن الفـــن ضرورة، ومن الجدير التأكيد أولاً أن أي إنسان في الوجود لا يمكنه التحرر ممّا من ميوله وغرائزه ووحاجاته، فهي جزء أصيل في تكوينه الفطري. فالإنسان بحاجة للتعبير عن ذاته، وبحاجة إلى الجمال ايضا. وحينما نتناول الفن بوصفه منتجاً انسانياً وهو في الحقيقة مرآة تعكس صورة المجتمع الذي ولد فيه. وكما قال اوسكار وايلد: (من خلال الفن والفن وحدهُ، نحمي ذواتنا من أخطار الحياة الموحشة الحقيقية). فحين ننقب في الحفريات للبدايات الاولى لظهور بوادر الفن في العراق لابد من استعراض اهم العوامل التي دعت لظهوره على وفق الحيثيات التي عصفت بالبلاد والقت بظلالها وأنعكاساتها على مراحل متنوعة من الفن التشكيلي.. وتسجيل وتوثيق هذا التأريخ، سياسياً أم أجتماعياً. فقد تبلورت حركة الفن التشكيلي العراقي عبر مراحل زمنية طويلة وأفرزت العديد من التجارب والاتجاهات الفنية للمدارس الفنية العالمية، ويعود الفضل فيها.. الى المغامرات الشخصية الاولى التي أتسمت بالارادة الفكرية، فالنحت على العكس من فن الرسم الحديث في العراق فقد نجد لها اسلافاً يتصلون بأوائل القرن الماضي أو بنهاية القرن الذي يسبقه، ذلك أننا لا نستطيع ان نكشف اسلافاً لحركة النحت المعاصر والتي يفترض ان تكون مرافقة لحركة الرسم أو تشكيل امتداداً طبيعياً لها، بل تواجهنا حقيقة تفيد بأن تاريخ النحت العراقي المعاصر لا يعود الى ابعد من سنوات الثلاثينيات وبالتحديد ان هذا التأريخ يبدأ مع انجاز جواد سليم لجدارية (نصب الحرية) في نهاية الخمسينيات وبتأثيرات النحت الجداري البارز الاشوري. وهو تعبير كاف عن فحوى النص الذي يعبر بقوة عن مدى الانتماء الحقيقي لتاريخ بلاد ما بين النهرين واللقى الاثرية وتركة فنية عظيمة قاومت جميع المتغيرات لتؤثر بأصدائها وتردداتها في المشهد الفني الحديث والمعاصر.. وفق منظومة البحث عن الذات وتجسيد الهوية الفنية الوطنية.. وتأثير الحروب والثورات على المنجز الفني والاستدلال على محركات الادراك المعرفي وانعكاسها في معرفة الخطاب البصري الجمالي.

فالحروب ملازمة لكل تفاصيل حياتنا، منذ أنتهاء الحرب العالمية الثانية والتي آثرت بشكل مباشر على مسيرة الفنانين العراقيين الدارسين في اوربا، مما اجبرتهم على العودة الى العراق، ومنهم جواد سليم وفائق حسن.. وانقلابات سياسية حصلت.. منها انتهاء هيمنة الاستعمار البريطاني ومن ثم الحكم الملكي وقيام الجمهورية.. ذلك ان العراق كان يعيش في دوامة الحرب، وفي نهاية كل حرب دائما تُعلن عن بداية لحرب جديدة. وفي كل مرة يُعلن الانتصار ويفقد السَلام. وتكاد المصادر التي تتحدث عن تاريخ الحركة التشكيلية تخلو من اي اشارة الى شخصية مهمة في دورها الريادي على صعيد (النحت)، مثلما نستطيع ان نتحدث عن تجربة عبدالقادر الرسام، ودوره في حركة (الرسم)، مع اننا قد نختلف بشأن اهمية هذا الدور او طبيعته، ولكننا لن نختلف على الاسبقية التأريخية له. فالنحت المعاصر بدأ في العراق مع انجاز بعض النحاتين الذين ذكروا في كتابات نقدية مختلفة ولم يتم توثيق اعمالهم النحتية ومنهم من درسّوا الفنان الرائد (فائق حسن)، وهو الاستاذ (محمد خضير) وثمة نحات اخر هو (فتحي صفوة)، اذ يقول المهندس المعماري (رفعة الجادرجي). ويعتبر (فتحي صفوت) اول نحات في العراق في تاريخ فن التشكيل العراقي المعاصر، وقد قام باعمال نحتية عديدة. فلم يتبق من اعمالهم ما هو جدير بذكره او وصفه بسبب غياب الثقافة التوثيقية وثقافة الاحصاء والارشفة وقاعدة البيانات، في تلك الفترة التي كانت فيها منحوتات هؤلاء النحاتين الأوائل، وكذلك منهم النحات (احمد الصفار) والعديد من التجارب النحتية. لقد انجذب جواد سليم في رسومه ومنحوتاته التي امتازت بالحداثة والمعاصرة عن طريق رمزية تلك الاشكال الحيوانية. كون الخيول العربية امتلكت صفة الاصالة والشرقية في الرسوم العراقية، مثلما كان جواد سليم قد نحت (الجواد) في مستهل حكايته النحتية وهي توثق الثورة..(نصب الحرية)،  في بداية حكاية هذا النصب الخالد والذي يعد اليوم الذاكرة الفنية والوطنية لمدينة بغداد. وكذلك ظهرت الحمامة في نصب الحرية، في منحوتة (المرأة -الخصوبة)، على كتفها حمامة.  وفي فترة الخمسينيات أو بما يعرف بمرحلة (البغداديات) التي مثلت ذروة اسلوبه المميز في الرسم مشكلا حالة من التواصل مع اعمال (الواسطي) في منمنماته عن المقامات. لكن جواد رسم منمنماته بطريقته البغدادية المميزة وكما في لوحته (فتاة وحمامة) فقد انقسمت الذات ما بين الفتاة والحمامة وحوار صامت بينهما قد دار عن الحرية وظهرت نافذة مغلقة في اللوحة. كما ظهرت الحمامة في لوحة اخرى رسمها عام (1954)، وحملت عنوان (ثلاثة نساء). كما ظهر الديك في لوحته الشهيرة، الخياطة وهي عبارة عن امرأة تحمل ماكنة للخياطة على رأسها، فقد جسد الفنان المرأة ملتفة بسوادها وهي تحمل فوق راسها ماكنة للخياطة ومحتضنة على صدرها ديكاً يبدو هادئاً، حملت اللوحة عدة دلالات تعبيرية منها نظرة المرأة وفيها من العوز والفاقه الشيء الكثير وربما كانت تروم بيع الديك، لتصليح ماكنة الخياطة، لكن احتضانها للديك على صدرها اعطى قيمة اعتبارية له كرمز للفحولة واعتزازها به. فقد بانت الحاجة والفاقة، من خلال ثقل الماكنة على راسها وهي تبحث عن الرزق، وهنا يسقط جواد سليم شيء من ذاته في التعاطف مع مشهد المرأة. وهذه المشاهد كانت متوفرة في الحياة الاجتماعية اليومية، وهذا هو دليل التفريق ما بين الرسام والفنان. فمن يرسم بمحاكات ما يراه امامه، هو رسام ينقل ويحاكي الاشكال والاشياء بمهارة حرفية، والثاني يعتمد الخيال والخزين المعرفي للذاكرة اليومية من مشاهدات للواقع والتعبير عنه باسلوبيته الفنية الخاصة. تلك الاعمال الفنية التي تكونت بثبات، مغمورة بالخبرة الذاتية المُدربّة على اكتشاف ما هو حيوي على وفق الأصالة في فن التشكيل العراقي. ومثلما كان “نصب الحرية”، مأثرة حياة جواد سليم، فقد كان في الوقت نفسه مأثرة موته. وكان أيضاً سباقاً في كل شيء.. حتى في رحيله المبكر.. فالدنيا شجرة، ثمارها للطيّب وورقها للجمال. جواد سليم رغم غيابه؛ ترك بصمة فنية حاضرة في جميع العصور واثراً خالداً. فمن الطبيعي أن تُشاهد تزاحم الفراشاة على ضوء الشموع .. وتزاحم النحل على الورود.. وتزاحم الحَمامات على جدارية “نصب الحرية”، الذي حقق فيها جواد سليم، الذات والهوية الفنية العراقية وكما في مجمل أعماله المعاصرة الحداثوية.. فأحداث الماضي أصبحت تأريخاً ورحلت، وما يحفل به الحاضر.. مُهم. لكن المستقبل من كل ما مر بنا هو.. الأهم.  إذ يوجد في النهر ما لا تَجده في البحر.. وليل الشتاء طويل وبارد لمن لا يملك ذكريات... دافئة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*باحث وفنان تشكيلي عراقي

*******

جواد سليم.. تعدد المرجعيات وتفوق الخطاب

د. جواد الزيدي*

الحديث عن جواد سليم يعني الحديث عن مشهدية التشكيل العراقي المعاصر بوصفه عرابا لحركة التحديث وقائدا لأهم الجماعات الفنية (جماعة بغداد للفن الحديث 1951) التي اتسمت بالمنطق المجموعي في فلسفة رؤيتها لعلاقة الفن  بالحياة، فضلا عن الخصائص الذاتية التي تميز بها جواد المرتبطة بالموهبة والوثوب الى امام من اجل الفعل الجمالي المفارق. بيد أن الظروف الموضوعية في تشكل تجربته لا يمكن اهمالها، اذ ان الهجرة من اسطنبول الى بغداد ومشاهداته المبكرة شكلت أساسا لما نتج عنه فيما بعد وعائلته الفنية ووالده الحاج سليم الرسام وجماعته من الضباط كان لهم الأثر الكبير في نمو ورسوخ التجربة الجمالية لديه.

وانطلاقا من كل هذا حاول جواد التعرف على التراث العراقي القديم لوجوده في المتحف العراقي وتمعن طويلا في المسلات السومرية والآشورية ومن ثم قلب أوراق الواسطي ومجمل منجز مدرسة بغداد للتصوير، ولذلك كانت رؤيته التحديثية في النحت تسير بالتوازي مع رؤاه في الرسم وأضحى عرابا لاتجاهين مختلفين في الآليات والتقنيات الانشائية وابدع فيهما معا وهو ما يميز ذلك المنجز. ولكن هذا لم يكن اذا لم يتعرف على آفاق الحداثة التي تعملها في مدن العالم المنتجة والراعية لخطاب الحداثة مثل (باريس ولندن) واقام جسورا عالية ومتينة بين تلك الاصول العراقية وبين افق الحداثة لينتج خطاباته النحتية والرسموية على السواء على وفق هذا المنظور، بدءا من تزعمه جماعة بغداد للفن الحديث والتزاماتها المحلية التي أسست للنواة الأولى في البحث عن هوية للفن العراقي أو ظلال للهوية على اقل تقدير، وقد تحقق هذا بمجهودات اخرين فردانية أو من خلال ظهور الجماعات الفنية اللاحقة. وكانت جدوى البحث المخلصة والجادة لدى جواد ورؤيته الاستشرافية تحقق عنها (نصب الحرية) وسط بغداد يتماهى مع طبيعة الحدث اليومي في ضوء المقاطع الصورية في أجزاء من النصب وتماثلها مع صور من واقعة حدثية آنية ومعاصرة، فضلا عن السياق التأريخي الذي يتضمنه النصب في قراءة عيانية توثق عن طريق مدونة بصرية لنضال الشعب العراقي المستمر من اجل الحرية ونزوعه للخلاص من التسلط. وأن نصب الحرية هو خلاصة لكل ما أنجزه جواد على صعيد النحت من أعمال نصبية تنتمي الى النحت المدور، اذ كانت موضوعاتها تقترن بمضامين افاريز نصب الحرية مثل (السجين السياسي، الامومة، البناء) وغيرها، وصولا الى مضامين الرسموية الذي تم التركيز فيها على الموضوع العراقي المحلي سواء كان سياسيا أو انعكاسا لمنظومة التفكير الاجتماعي كما في أعماله البغداديات أو (الشجرة القتيلة) التي كرست نضالات الانسان العراقي ونزوعه الترميزي الكبير الحامل لدلالة التعبير عن مساواة الفرد بالبناء الاجتماعي وتماهي تلك الذات المفردة في الذات الجمعية لتشكل كلا الآمال أو النظر لفاعلية تلك الذات.

ولم يعد النظر الى طبيعة الفن ودوره وآليات تشكلاته تعتمد فقط على ما هو عراقي واسلامي، بل كانت مرجعيات متعددة تتحكم بتحولاته الاسلوبية وتعديل المسار أو تصحيحه ان كان يتجه بخلاف ما يريد، ليضحو هذا التصحيح منعرجا جديدا واضافة نوعية في تجربته الفنية وفي واحدة من تلك المرجعيات تأثره بالفنانين البولونيين الوافدين للتدريس في معهد الفنون الجميلة ببغداد بعد الحرب العالمية الثانية واعترافه بهذا التأثير واستيعابة اثر اللون وطاقته التعبيرية العالية التي حاول الأخذ بها ومزجها بمشاهداته لأوراق الواسطي عندما تم تقليبها من قبل، وحاول تكريس اسلوبه من خلال التفاعل مع كل الموارد المتأتية من جهات متعددة لينتج عن تجربته اسلوبا متفردا في الاشتغال وخطابا جماليا سار على خطاه آخرون حتى اسماهم البعض (جواديون في الرسم العراقي) بفعل التأثير الكبير لتجربة جواد فيهم وتلقف أثره بالمعنى العام على الرغم من الاسلوبية المختلفة لكل منهم. 

ولعل أطر البحث المستديم لدى جواد، فضلا عن الظروف الموضوعية المحيطة أدت الى توغله في مضمار التصميم، اذ أنجز مع زملاءه (فائق حسن، وحافظ الدروبي) العديد من تصاميم شعارات المؤسسات العراقية والملصقات الفنية وطوابع البريد وغيرها، وتميز فيها مثلما تميز في النحت والرسم عندما صمم شعارات (الجمهورية العراقية، مصلحة نقل الركاب) وواجهة المصرف الزراعي من النحت البارز وغيرها. بيد أن التجربة التي لم تلاحق بشكل جدي هي المحاولات النقدية التشكيلية لدى جواد بموازاة اضاءات ما حققه في حقلي (النحت والرسم) وظلت هذه المحاولات خافية عن البعض، اذ أوجزها في فصل مطول (جبرا ابراهيم جبرا) في كتابه (الرحلة الثامنة) وتتمثل في شقيها التنظيري التأملي في المشهد التشكيلي العراقي ومنجزه الفرداني، أو على شكل تقديم ممارسة نقدية على بعض الأعمال الفنية والظواهر التشكيلية العراقية، وهذا ما يؤسس بشكل حقيقي لنقد تشكيلي حقيقي تضامنا مع ما أنجزه (جبرا ابراهيم جبرا) في هذا الخصوص أو جماعة بغداد للفن الحديث من شعراء وروائيين وممعماريين تم انضواؤهم تحت خيمة الجماعة وقدموا قراءاتهم النقدية لأعمالها  ومن ثم اتسعت لتشمل الجهد الجمالي في التشكيل العراقي وصولا الى خطاب متزن ومتماسك اسهم في صياغته نقاد تمرسوا الكتابة النقدية وتعرفوا جيدا على مناهج النقد. ومن هنا تظل تجربة جواد سليم القصيرة في الحساب الزمني الفعلي وعقودها الأربعة كبيرة في تحقيقها الكثير من الظلال التي يمكن أن يتفيأ بها هذا المشهد على صعيد الرسم والنحت والأثر الجمالي الكبير. وعند مراجعتنا الدائمة لمنجزه سنكتشف الجديد المسكوت عنه والقابل لاضاءات ممكنة في الحاضر أو في المستقبل القريب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

*ناقد وفنان تشكيلي واكاديمي عراقي

*********************************

الصفحة السادسة عشر

إصدار

النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت

عن “دار الفارابي للطباعة والنشر” في بيروت، صدر أخيرا كتاب بعنوان “النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت”، من تأليف زكي عبد المجيد زكي.  يبين الكتاب أن مؤسسي المدرسة سعوا إلى “معرفة الحياة الاجتماعية وفهمها، وكشف التناقض بين وفرة الموارد والحجم الهائل للبؤس والشقاء، وبين الإمكانات التكنولوجية والانتشار الواسع للاستغلال والدمار، وبين الحرية المفترضة للإنسان والنزعة السلطوية السائدة، وبين التبادل الحرّ والظلم الاجتماعي، وبين الاقتصاد الحرّ والاحتكار، وبين عالم الإنسان وعالم رأس المال”.

**************

يحدث في العراق

في سلسلة لقاءات “يحدث في العراق” المباشرة التي ينظمها المركز الاعلامي للحزب الشيوعي العراقي، يتناول لقاء السبت المقبل (30 كانون الثاني) موضوع

“الامن.. اولوية المواطن، وضحية التراخي والصراع السياسي”

ضيفا الحلقة الخبير الامني احمد الشريفي، ونائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي مفيد الجزائري.

والبداية في التاسعة مساء على صفحة الحزب في فيسبوك عبر الرابط  @iraqicp

************

نقطة ضوء

متى تنتهي “لبننة” العراق؟

طه رشيد

لا اريد المقارنة بين دستوري لبنان والعراق، لكني اشير الى ان دستور الاستقلال اللبناني، الذي اقر قبل اكثر من نصف قرن، يعترف بان النظام اللبناني جمهوري ديمقراطي توافقي طائفي! توزع المناصب الأساسية فيه بنسب محددة بين أعلام الطوائف المختلفة. ومن هنا صار تقسيم السلطات بين اللبنانيين على اساس الانتماء الديني والطائفي.

تجربة العراق تختلف تماما عن التجربة اللبنانية، خاصة بعد سقوط نظام صدام، حيث تم تشكيل مجلس الحكم التداولي في 12 تموز 2003 بقرار من سلطة الائتلاف الموحدة بقيادة بريمر، وبقي قائما حتى اول حزيران 2004. ثم تم حل المجلس المكون من ممثلين لأحزاب وتكتلات مختلفة، كانت في السابق معارضة لنظام صدام. وجرى بعد ذلك اقرار دستور جديد للعراق، قائم على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث - التشريعية والتنفيذية والقضائية، بعد ااستفتاء شعبي، لحقته انتخابات شابها الكثير من الخلل!

واذا كان الدستوران اللبناني والعراقي يكفلان للشعبين، اذا ما طبقا بأمانة، المساواة وحرية التعبير والحرية الدينية في ظل حياة حرة كريمة، وصيانة الممتلكات الخاصة، ويوفران الفرصة لتغيير الحكم عبر صناديق الاقتراع الحر، فان واقع الحال يقول شيئا آخر في ظل المحاصصة والفساد المالي والاداري!

ميزة الدستور العراقي تكمن في كونه لا يحدد الانتماءات الفرعية لتسنم المناصب الرئاسية الثلاث: الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان. لكن ما جرى فعلا خلال الخمس عشرة سنةً الماضية ثبت الانتماء القومي (الكردي) لرئاسة الجمهورية، بينما رئاسة الوزارء للعرب الشيعة، ورئاسة البرلمان للعرب السنة! ناهيكم عن تقسيم الوزارات وغيرها من المؤسسات الكبرى وتوزيعها على من يدعون تمثيل هذا الطيف او ذاك! وتم تجاهل البعد الوطني في توزيع المسؤوليات، حتى غدت التقسيمات الفرعية “ عرفا “ اغمضت عنه العيون!

ان من غير الممكن ان نبني وطنا ملونا وعريقا وحضاريا، على قاعدة مشوهة كهذه!

لذا، والعراق مقبل هذا العام على انتخابات مبكرة، يتوجب فتح الابواب امام الجميع لتسنم مختلف المناصب على اساس النزاهة والكفاءة والوطنية. 

والا بقينا ندور، والوطن معنا، في حلقة مفرغة!

**************

البصرة تؤبن الأديب الراحل مجيد العلي

البصرة – طريق الشعب

احتضنت “قاعة الشهيد هندال” في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، أخيرا، جلسة تأبين للأديب الراحل مجيد جاسم العلي.

شهدت الجلسة التي عقدتها اللجنة الثقافية التابعة للجنة المحلية بمعية “ملتقى جيكور” الثقافي، حضور طيف من الأدباء والمثقفين وجمع من محبي الراحل.

وخلال الجلسة التي قدمها القاص عبد الحسين العامر، تم تسليط الضوء على أهم الأعمال الإبداعية التي تركها العلي، فضلا عن حياته الشخصية ومواقفه مع الادباء والمثقفين.

وساهم في الحديث كل من القاص والروائي محمد خضير،الناقد مقداد مسعود،الشاعر والاعلامي عبد السادة البصري، الشاعر كاظم اللامي وغيرهم. وقد عبر المتحدثون عن حزنهم الكبير لفقدان العلي، كرمز من رموز الثقافة على مستوى العراق بعامة، والبصرة بشكل خاص.

وفي سياق الجلسة، عرض الكاتب والإعلامي باسم محمد حسين، مجموعة من الصور التذكارية التي يظهر فيها الفقيد الراحل.

*************

رائد فهمي يلتقي شبيبة بابل وديالى

بغداد ـ طريق الشعب

التقى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق رائد فهمي،  ظهر الجمعة (٢٢ كانون الثاني) مجموعة شبابية من تنظيمات الحزب في بابل وديالى، للحديث عن الأوضاع الراهنة في البلاد، والحراك الاحتجاجي الشبابي.

وتخلل اللقاء الذي التأم في مقر الحزب ببغداد، طرح أسئلة ومقترحات ووجهات نظر متنوعة، تتعلق بتعزيز وتطوير الحراك الشبابي، والتفاعل مع افكارهم، من خلال التواصل مع مختلف المجموعات الشبابية، التي تشكلت  في كل محافظة، وساهمت بدور ريادي في الانتفاضة الباسلة.

وركز اللقاء على الموضوعات التي تحظى باهتمام الشباب وطبيعة الخطاب، الذي يلقى استقبالا وتقبلا جيدين من قبلهم. كما شغلت النقاشات ذات الصلة بالانتخابات جانبا مهما، حيث اكد المشاركون، اهمية تحديث البطاقات الانتخابية والحصول على البطاقة البايوميترية، بغض النظر عن الموقف من المشاركة في الانتخابات.

وتناول المجتمعون أيضا موضوعة التغيير والطرق والاساليب المتنوعة الواجب اعتمادها بمرونة في سبيل تحقيقه، مشددين على ضرورة تكثيف الجهود المكرسة لتعزيز تنظيمات الحزب وصلاتها بالجماهير  والارتقاء بأساليب عملها، باعتبار ذلك اهم المستلزمات لتنفيذ الخطط والبرامج ومشاريع العمل التي يتم اعتمادها.

*************

رسائل القراء

يسرنا ان نخصص في الفترة المقبلة زاوية في احدى صفحات جريدتنا، للرسائل التي يرغب قراؤنا الكرام في توجيهها الينا، وتضمينها ما يرغبون في ايصاله الينا من آراءوأفكار ومشاعر وتساؤلات وغير ذلك مما يدور في اذهانهم.

وستحرص الجريدة على نشر تلك الرسائل او مقتطفات منها إن هم رغبوا وما أمكنها ذلك.

ويمكن لمن يرغب من قرائنا ان يكتب الى “رسائل القراء” اعتبارا من اليوم.

“طريق الشعب”

**************

ظافر الجزائري:

الرسم يمنحنا مساحة مهمة للتعبير 

بغداد ـ طريق الشعب

ظافر محمد فريد الجزائري، فنان تشكيلي من مواليد 2000، نشأته الأولى كانت في محافظة بابل.

لم يكتشف ظافر موهبته الفنية إلا متأخرا، وذلك لكون “التعليم في العراق لا يعطي أهمية للدروس الفنية التي تساعد على اكتشاف المواهب” – بحسب ما يرى.

وفي سياق لقاءاتها السريعة مع الموهوبين، التقت “طريق الشعب” بالفنان ظافر الجزائري كي تسلط  الضوء على تجربته في الرسم. فكان هذا الحوار:

* من ساندك في بداياتك؟

- لم يساندني أحد في البداية. إذ ان الواقع الصعب الذي يعيشه اغلب الناس، يجعلهم يفكرون في قضايا هي اهم بالنسبة لهم من الرسم وغيره من الفنون. لذلك اعتمدت على نفسي، وبدأت أتدرب، ثم انضممت إلى دورات فنية عديدة كي أطور من قدراتي في هذا المجال.

* ماذا يعني لك الرسم؟

الغوص في اللوحات الفنية، خاصة السريالية، أمر في غاية المتعة. وعلى المستوى الأول، فإن  الرسم يساعدني في الخروج من ضغوط الحياة، ويضعني في موقع الاسترخاء. فرسم اللوحة  يمنحنا الفرصة للتعبير عما نود الوصول إليه في الحياة، وهذا كله يحقق راحة نفسية كبيرة.

* من هو رسامك المفضل؟

- العديد من الرسامين، مثل اندريه بريتون، أنتونين أرتود، جوان ميرو، سلفادور دالي، بابلو بيكاسو، ماكس ارنست، مارسيل دوشامب وجورجيو دي شيريكو. وهؤلاء جميعهم ينتمون إلى المدارس الحديثة.

* ما الذي يلهمك في الرسم؟

- القصص الحزينة أو السعيدة داخل اللوحة. فأنا اشعر بفرح كبير عندما اتمكن من تجسيد واختزال قصة معينة في لوحتي. فالرسم يعطينا مساحة مهمة للتعبير. لذلك أرى أن  الرسم في بعض الأحيان، له القدرة على التعبير عن قضايا لا تنجح الاجناس الفنية والادبية الاخرى في التعبير عنها.

* أي أسلوب فني تفضل في الرسم؟

- أبرز لوحاتي تنتمي إلى الأسلوبين الواقعي والكلاسيكي، ولدي محاولات في الرسم بالأسلوب السريالي.

* أهم المعارض التي شاركت فيها؟

- المعرض السنوي للفنون التجريدية والسريالية الذي أقيم على منصة الكترونية، بسبب جائحة كورونا. وقد كانت مشاركتي مهمة نوعا ما، لكوني أصغر المشاركين عمرا.

* هل تعتقد أن الناس اليوم يهتمون بالرسم كالسابق؟

- على مستوى العراق، ثمة أناس كثيرون يحبون الرسم، لكن الذوق العام في المجتمع العراقي، لا يستوعب في الغالب سوى الأعمال الواقعية، أما السريالية فقليلون هم الذين يستوعبونها ويفهمونها. 

* أكثر شيء تسعى إليه؟

- إيصال فن الرسم إلى الجميع، من خلال اللوحات التي أعمل عليها اليوم، واللوحات التي آمل أن أنجزها لاحقا.

*************

العمال الشيوعيون

يحيون ذكرى وثبة كانون

بغداد - عامر عبود الشيخ علي

في الذكرى الـ73 لوثبة كانون الثاني 1948، علّق رفاق اللجنة المحلية العمالية في الحزب الشيوعي العراقي، عصر الاثنين الماضي، لافتات في مناطق متعددة من بغداد، تحمل شعارات تحيي الوثبة وانجازاتها.

ودعا بعض الشعارات إلى تكثيف الجهد الاستخباراتي والأمني لمواجهة التحديات الأمنية ومنع تكرار الخروقات التي حصلت أخيرا في “ساحة الطيران” ببغداد وفي محافظة صلاح الدين، وراح ضحيتها عشرات الأبرياء.

ورحب العديد من المواطنين بهذا النشاط، الذي استذكر الوثبة وبطولاتها وشهداءها، وكل القوى  الوطنية التي ساهمت فيها حتى أسقطت حكومة صالح جبر و”معاهدة بورتسموث” الاستعمارية مع بريطانيا.

*************

اليوم في “بيتنا الثقافي”

تكريم الفنان كريم الرسام

بغداد – طريق الشعب

تقيم اللجنة الثقافية في منتدى “بيتنا الثقافي” في بغداد، هذا اليوم الخميس، حفل تكريم للفنان كريم الرسام، وذلك في مناسبة نيله شهادة الدكتوراه.

الحفل الذي من المقرر أن يديره الموسيقي جمال السماوي، يبدأ في الساعة الثالثة عصرا، على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.

والدعوة عامة.

**************

ورود من الشيوعيين

للمرضى والكادر الطبي

بغداد- غالي العطواني

زار وفد من خلية الشهيد علي اللامي/لجنة المثقفين المحلية في الحزب الشيوعي العراقي، صباح الأحد الماضي، «مستشفى الشيخ زايد» وسط بغداد، لتفقد المرضى الراقدين فيه.

واستقبلت الكوادر الطبية، الوفد بحفاوة، وشكرته على الزيارة التي لم تكن الأولى من نوعها.

ووزع الوفد الورود على الكوادر الطبية، مقدرا جهودها في السهر على سلامة المرضى، وعلى المرضى الراقدين متمنيا لهم الشفاء العاجل.

وضم  الوفد الرفاق طارق العزاوي، عبد الله غالب، علي احمد وفاروق بابان.