اخر الاخبار

الصفحة الأولى

في الذكرى الثانية لـ «تشرين».. ناشطون: الانتفاضة رسمت خارطة سياسية جديدة

بغداد ـ عبدالله لطيف

في الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين، جدد ناشطون تأكيداتهم انها أعلت من شأن الهوية الوطنية، التي اضعفها نهج المحاصصة والفساد، ورأوا ان الانتفاضة أفرزت أمورا كثيرة على رأسها العقاب السياسي الذي وجه الى أحزاب الفساد والمحاصصة، فضلاً عن انها رسمت خارطة سياسية جديدة لم تكن موجودة مسبقاً.

عقاب شعبي

وقال الناشط في الاحتجاجات، مشرق الفريجي، لـ”طريق الشعب”، أن “احتجاجات تشرين اثبتت ان الشعب يملك وعيا وإرادة كبيرين، كما ان الانتفاضة عبرت عن رفض واسع لسلطة التحاصص”، مضيفاً أن الانتفاضة “أفرزت شخصيات كثيرة على المستوى الاجتماعي والاحتجاجي، قادرة على خلق راي عام ضد الحالات السلبية”.

وأضاف أن “الانتفاضة اثرت بشكل كبير على نتائج الانتخابات، خصوصاً انها أظهرت شخصيات وحركات سياسية بوجوه احتجاجية وصلت للبرلمان او كانت مؤثرة انتخابياً”.

وتابع الفريجي، ان “تشرين عاقبت الفاسدين من خلال الامتناع عن التصويت لهم”.

ولفت إلى أن “الآمال الأخيرة للقوى الفاسدة هي ان تعقد مصالحة مع جماهيرها وان تقدم أداء جديدا ومغايرا عن السابق، وإلا سيكون للشارع رأي آخر”.

.. وسخط جماهيري

وفي السياق، قال الناشط في احتجاجات بابل، كاظم مهدي لـ”طريق الشعب”، “كنا وما زلنا على خطى شهداء تشرين”، مبينا “صحيح ان الإنجازات التي تحققت لا ترتقي لحجم التضحيات، لكن تشرين حققت تقدما نوعيا بوعي الشارع ورفضه لمن خذل الوطن”.

وأضاف أن “تشرين اثرت في نتائج الانتخابات، والدليل ان نتائج الانتخابات وضعت احزابا عدة على وشك الانهيار، وهذا نتيجة لسخط جماهير تشرين وسائر أبناء الشعب”.

اعلاء شأن الهوية الوطنية

من جهته، قال الناشط في الاحتجاجات، علي حمودي، لـ”طريق الشعب”، أن “الاحتجاجات فتحت واقع الصراع الطبقي الحقيقي بين أغلبية من الكادحين والمضطهدين والمهمشين مع طغمة الحكم الناهبة للريع النفطي”، مبيناً أن “الاحتجاجات التي رفعت شعار نريد وطن، اعلت شان الهوية الوطنية الجامعة على حساب الهويات الفرعية التي في الأصل هي محترمة ما دامت بحدودها”.

وأوضح أن “الاحتجاجات قدمت انموذجا من الشباب القادر على أن يكون فاعلا سياسيا في عملية التغيير”.

وتابع حمودي بقوله: “عقاب تشرين تمثل في تعرية منظومة المحاصصة والفساد الطائفي أمام الجميع، فما عادت هذه القوى تعيش في أريحية الماضي سوى أنها تملك المال السياسي والسلاح والدعم الإقليمي”، مؤكداً أن “إرادة الشعب هي الحاسم للخلاص من طغمة الفساد والقتل”.

تشرين.. اللحظة الفاصلة

بدوره، وصف الناشط النجفي أزهر الزبيدي، الذكرى السنوية الثانية لانطلاقة الجولة الثانية من انتفاضة تشرين بقوله: إن “هذا اليوم ليس مناسبة عادية. انها كانت اللحظة الفاصلة بين السكوت على الظلم والفساد والقتل وبين من صرخ في وجه النظام الفاسد”.

وقال لـ”طريق الشعب”، إن “الاحتجاجات قدمت الكثير من الدروس والعبر، وكانت وما زالت منهجا حقيقيا لرفض كل أنواع الفساد والظلم”.

عرف سياسي مغاير

إلى ذلك، قال الناشط من كربلاء ابو ذر السيد، أن “الاحتجاجات قدمت نموذجاً مجتمعياً وسياسياً مختلفا جذريا عن السابق، فالنموذج المجتمعي الذي قدمته هو نموذج يؤمن بالهوية الوطنية، وايضاً اسهمت بإنتاج عرف سياسي مغاير، وهذا العرف السياسي يؤمن بالمساءلة المجتمعية والمراقبة المشددة للمسؤولين”.

وبيّن السيد انه “رغم ان نسبة المشاركة في الانتخابات محدودة، فقد تمكنت من ابعاد العديد من القوى التقليدية وبينها أحزاب فساد وسلاح، مبينا ان تشرين طورت وعيا انتخابيا جديدا.

وذكر ان انتفاضة تشرين غيرت من نمط تفكير العديد من الناس.

********

على طريق الشعب.. نمجد بطولات التشرينيين.. ونطالب بحكومة تغيير لا محاصصة

قبل عامين، في الخامس والعشرين من تشرين الأول، ارتفعت في سماء العراق رايات جديدة خفاقة، انضمت الى الموكب الذي دشنه الأول من الشهر نفسه، يوم اندلع الاحتجاج وأضحت الأصوات صادحة والسيل هادرا .. فتحول المشهد الى انتفاضة باسلة هزت العروش، ورسمت لوحات جديدة في المشهد السياسي، حيث الكفاح المتعاظم الذي عمّدته دماء المئات من شهداء الحرية، ممن قدموا أمثولة ستظل ملهمة على مدى الأجيال.

اليوم نجدد، مرة أخرى، عهد الوفاء للشهداء الأماجد، الذين أناروا دروب النضال من اجل التغيير، ونرى أن دماءهم الزكية ومطالب الملايين العادلة، لابد أن تبقى ماثلة أمام أنظار القوى التي تسعى الى تشكيل الحكومة الجديدة.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه المباحثات والمداولات بين القوى الفائزة في الانتخابات، لاقامة ائتلافات وتحالفات على طريق تشكيل الحكومة، وفي ضوء الاستعصاءات الناجمة عن الصراعات بين الكتل، وبروز لوحة سياسية جديدة أفرزتها الانتخابات، في هذا الوقت يزداد الحديث عن تشكيل حكومة “جامعة”، “شاملة”، “توافقية”، وهو ما يعني عمليا حكومة محاصصة.

كأننا بهذا نعود الى المربع الأول .. المربع الذي انطلقت ضده انتفاضة تشرين. ذلك أن الحكومة التوافقية هي التي كانت مسؤولة عن احتضان الفساد ورعايته، والفشل في الأداء الحكومي، وغياب الخدمات الأساسية، ومعاناة الملايين من المآسي في سائر ميادين الحياة، وعدم استكمال السيادة الوطنية، وسوى ذلك من تجليات الأزمة العميقة في بلادنا.

إن شعبنا يريد حكومة تغيير لا حكومة توافق ومحاصصة .. حكومة تكشف عن قتلة المتظاهرين ومن يقف وراءهم، وتعاقبهم، وتحفظ حقوق الشهداء والضحايا وحقوق عائلاتهم وأهاليهم.. حكومة وطنية تحقق المطالب والأهداف العادلة لمنتفضي تشرين، وتترجم على الارض تطلع الملايين من بنات وأبناء شعبنا، الى ارساء أسس العدالة الاجتماعية في دولة مدنية ديمقراطية.

********

قوى تشرينية: الانتخابات أظهرت التأثير القوي للانتفاضة

بغداد ـ طريق الشعب

في مناسبة الذكرى الثانية لمأثرة 25 تشرين الاول، أصدر المجلس التشاوري لقوى تشرين بيانا استهله باستذكار شهداء الانتفاضة الباسلة ضد نظام الطائفية السياسية والمحاصصة والفساد.

ولأجل أن لا تذهب سدى دماء الشهداء وتضحياتهم الكبرى، دعت قوى التغيير في بيانها الى أن «تنسق نشاطاتها، وتوحد جهودها، وتستخلص الدروس مما جرى». ولفت البيان الى أن «قوى المحاصصة والفساد أقدمت على محاولات كثيرة لإفراغ انتفاضة تشرين من مضامينها الجوهرية، واستخدمت في ذلك حتى اساليب العنف والاساءة والتشويه والاختراق، الا ان مساعيها انتهت بالفشل».

وأشر البيان أن «التأثير القوي للانتفاضة ولتجربتها المتحدية الفريدة انعكس في ما شهدته الانتخابات الاخيرة، سواء على صعيد المقاطعة والعزوف عن التصويت اللذين شملا جماهير مليونية عابرة للحدود الطائفية والاثنية، او على مستوى المشاركة في التصويت التي عاقبت جزءا من القوى المتنفذة، وفي الوقت نفسه ضمنت حصول بعض التشرينيين والمستقلين على مقاعد في مجلس النواب»، مشددا على ضرورة «استثمار» هذا الانجاز و»تقديم الدعم الى النواب المذكورين وترسيخ مواقفهم ضد المحاصصة والفساد وتوحيد جهودهم للحيلولة دون اعادة انتاج النهج المحاصصي السابق في الحكم».

*******

راصد الطريق.. مستحقات وليست مكرمة  !

اعلن وزير التجارة السبت وصول حوالي 150 مليار دينار كدفعة جديدة من مستحقات الفلاحين والمزارعين ضمن الموسم التسويقي لمحصول الحنطة  لعام 2021 .

ويعني هذا ان وزارة المالية اطلقت مستحقات الفلاحين لقاء تسويق محاصيل الحنطة والشلب على دفعات (بلغت الآن اربع) وتقوم الشركة العامة لتجارة الحبوب التابعة للوزارة بتوزيعها على مستحقيها في المحافظات، علما ان هذه المستحقات ادرجت في الموازنة ضمن النفقات الحاكمة شأن رواتب الموظفين، لكن هناك باستمرار مماطلة وتأخيرا في اطلاقها .

لماذا تطلقها وزارة المالية على دفعات وليس مرة واحدة؟ ولماذا أصلا يحصل هذا التاخير؟ وهل الامر ناجم حقا عن عدم توفر السيولة ؟!

علما انها في الغالب لا تطلق الا بعد ضغط ومطالبات  وتظاهرات.

الفلاحون والمزارعون ينتظرونها بفارغ الصبر ليتمكنوا  من توفير مستلزمات حياتهم  ودفع تكاليف زراعة محاصيلهم ، والاستعداد للموسم القادم.

ان التأخير في دفع هذه المستحقات والطوابير  الطويلة عند مراكز الاستلام، تكبد الفلاحين والمزارعين خسائر كبيرة. فمتى يتحسس المسؤولون معاناة منتجي الخيرات في الريف، ويقدمون على انصافهم؟

*-**********

الصفحة الثانية

حكمان قضائيان بحق مسؤول سابق في الدفاع

بغداد ــ طريق الشعب

أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، أمس، عن صدور قراري حكم بحق نائب الأمين العام لوزارة الدفاع الأسبق، لاقترافه مخالفاتٍ في عقدين مع شركتين أهليَّـتين، لتجهيز الوزارة بآليَّات وأجهزة. وقالت الهيئة في بيان تلقته “طريق الشعب”، أنَّ “محكمة جنح الكرخ المُختصَّة بالنظر في قضايا النزاهة أصدرت قرار حكم حضوري بحقِّ المُدان، نائب الأمين العام لوزارة الدفاع الأسبق المُدان (زياد القطان)؛ بوجود مُخالفاتٍ في العقد المُبرم بين وزارة الدفاع وإحدى الشركات؛ لتجهيز الوزارة بمنظومة استطلاعٍ”.  وتابعت الهيئة، أنَّ “المحكمة ذاتها أصدرت حكماً حضورياً آخر بحقِّ المدان؛ نتيجة الخروقات المُرتكبة في العقد المُبرم بين وزارة الدفاع والشركة المُكلَّفة بتجهيز الوزارة بـ(90) آلـيَّة مُدرَّعة”.  وأضافت، أنَّ “المحكمة، ونتيجة المُتوفِّر من أدلةٍ وإثباتاتٍ؛ وصلت إلى القناعة التامَّة بمقصريَّة المُدان؛ فقرَّرت الحكم عليه، استناداً إلى مُقتضيات المادَّة الحكميَّة، فيما أعطت الحقَّ للجهة المُتضرِّرة بطلب التعويض حال اكتساب القرار الدرجة القطعيَّة”.

**********

اضاءة.. جدل متواصل حول انتخابات تشرين ( ٤ )

محمد عبد الرحمن

قد تكون هذه الانتخابات هي الأكثر اثارة للجدل. فالاختلاف بشان تقييم مخرجاتها واسع، فيما  غالبية المواطنين الذين قاطعوها بشكل منظم اوعزفوا عنها ولم يكترثوا لها،  يعدونها   مثل ساعة بك بن “لا تقدم ولا تؤخر” ونتائجها معروفة مسبقا . 

ويكاد يكون المشاركون فيها جميعا وحتى قبل  اعلان النتائج الأولية من قبل المفوضية، قد اشادوا بها واعتبروها احدى الانتخابات التي قلّ فيها التزوير وكاد لا يذكر، وتكررت الاشادات بدور  المفوضية والقوات الأمنية، الذين  يسروا  عملية الاقتراع وحفظوا صناديق الانتخابات .

لكن هذا كله تبخر وتغير وانقسم المشاركون في التصويت الى مجموعتين، احداهما مجموعة من قبلوا بما حصلوا عليه ، والثانية مجموعة من رقصوا فرحا بحصادهم، وهم عموما يدافعون عن هذه الانتخابات ويواصلون الإشادة بها. مع ان البعض جامل في تصريحات او بيانات مشتركة ، مذكرا المفوضية بان عليها التدقيق  وفقا للدستور والقانون بالطعون المقدمة، وتنصف الجميع !

مجموعة أخرى يبدوان حصادها جاء صادما لها: اقل بكثير مما توقعت واعلنت، ولذا راح العديد منها يصب جام غضبه على المفوضية التي سرقت او سهلت سرقة الأصوات، ووجهت اتهامات الى الكاظمي وحكومته وصلت حد المطالبة باقالته واحالته  الى القضاء.   ولم يفت اطراف هذه المجموعة أيضا توجيه الاتهام الى دول أخرى، منددة بتلاعبها بنتائج الانتخابات لصالح كتل وافراد بعينهم دون غيرهم . 

ولم يتم الاكتفاء، كما حصل في انتخابات سابقة، بالبيانات والتصريحات الرافضة للتزوير، بل ذهب التصعيد الى حد تجميع الأنصار والمؤيدين،  للتظاهر والاعتصام والتلويح بان السلاح جاهز أيضا  .

المحتجون على هذه الانتخابات لا ينحصرون بفئة  او مجموعة معينة، بل امتد الاحتجاج  الى “مكونات” عدة ، بما في ذلك مرشحون متنافسون على “ الكوتا المسيحية “ حيث اظهرت النتائج هيمنة لون واحد على مقاعدها .  

لأول مرة يحصل الاحتجاج بهذه الطريقة التصعيدية ، فالى اين ستسير الأمور اذا ما ردت المفوضية الطعون المقدمة، او أن النتائج بقيت على حالها تقريبا ؟! القلق  هو سيد الموقف، خصوصا وان لا احد حتى الان يريد التراجع والتسليم بالنتائج والقبول بها بروح رياضية،   وان يقوم بمراجعة جادة لمجمل عمله وادائه، وان يفكر مليا بالاجابة على السؤال الآتي :  هل ان ما حصل هو مؤامرة حقا، ام ان تغييرات كبيرة جرت وتجري وهي عموما ليست بعيدة عن الانعكاسات الارتدادية، التي أحدثها  الحراك الاحتجاجي وانتفاضة تشرين وما زالت تداعياتها متواصلة ؟! وهناك حالة رفض عامة لما كان موجودا من نهج وإدارة وحتى شخوص .  

المواطنون قلقون بالطبع ويحبسون الانفاس ويترقبون المشهد بحذر ولسان حالهم يقول:  اردنا هذه الانتخابات لتقدم لنا حلولا، فاذا بها “تزيد الطين بله”.

من جانب آخر تشهد  الأسواق حالة من الاضطراب وارتفاع أسعار بعض المواد، فيما راحت عوائل تتحوط تحسبا للطواري، وهي تتذكر أيام الحروب والحصار الجائر. 

فهل سيتواصل التصعيد؟ وما هي الحدود المسموح بها؟ وهل  سيحترق الأخضر واليابس؟   ام في نهاية المطاف، وكما  جرت العادة بعد كل انتخابات، ستهدا العاصفة وتحصل  توافقات ومساومات خلف الكواليس اثر ضغوط  وتدخلات، داخلية وخارجية ؟!

من المؤكد ان المواطن رافض لكل هذا، فلا ناقة له بهذا الصراع والتدافع، لا من بعيد ولا من قريب، فهو في نهاية المطاف صراع على مصالح خاصة، وليس على برامج ومشاريع لخدمة الناس وانتشال البلد مما هو فيه من أزمات كثيرة.

************

احتجاجات الخريجين تطالب بفرص العمل محاضرو السليمانية يعرضون مكتب البرلمان للإيجار

بغداد ـ طريق الشعب

تواصلت الاحتجاجات الشعبية المطالبة بتوفير فرص العمل في عدد من المحافظات، فيما لجأ المحاضرون المجانيون في محافظة السليمانية، إلى وسيلة ضغط غير مسبوقة لتحقيق مطالبهم التي يتظاهرون من أجلها منذ أكثر من أسبوعين، حيث عرضوا مكتب برلمان إقليم كردستان في محافظتهم للإيجار، في إشارة إلى يأسهم من استجابة نوابهم لمطلبهم بصرف رواتبهم المتأخرة.

غضب في السليمانية

وقال مراسل “طريق الشعب”، ان “المحافظة تشهد منذ 15 يوما تظاهرات ووقفات احتجاجية للمحاضرين المجانيين أمام تربية السليمانية وإدارة المحافظة، وأخيرا أمام مبنى مكتب برلمان الاقليم من دون أي استجابة لمطالبهم أو اللقاء بهم من قبل المسؤولين المحليين أو نواب المحافظة في برلمان كردستان”.

وأضاف ان هذا الامر دفع المتظاهرين الى وضع لافتة على مبنى مكتب برلمان الاقليم كتب عليها “هذه البناية للإيجار” كتعبير عن عدم فاعلية نواب السليمانية في أداء دورهم.

وبيّن كاوان احمد، وهو محاضر مجاني وأحد المحتجين أمام مكتب برلمان كردستان، أن “عدم مبالاة نواب محافظة السليمانية دفعنا الى كتابة هذه اللافتة على بناية المكتب لنوصل رسالة مفادها انه لا يوجد احد في هذه البناية، التي يجب أن تكون مقراً لتمثيل أهالي المحافظة في برلمان كردستان”.

وأضاف “كنا ننتظر أن يتم إنصافنا من خلال التعيين على ملاك وزارة التربية، وصرف رواتبنا لكن هذا لم يتحقق حتى الآن”.

وطالب متظاهرون آخرون بأن يكون للسلطات في السليمانية موقف محدد وواضح وان يلتزموا بالوعود التي قطعوها قبل الانتخابات البرلمانية.

تظاهرات في ديالى

من جانبهم، نظم العشرات من الخريجين في قضاء خانقين بمحافظة ديالى، وقفة احتجاجية للمطالبة بتوفير فرص العمل.

وقال احمد الدلوي، خريج جامعي منذ 7 سنوات في حديث صحفي، ان “العشرات من خريجي الجامعات والمعاهد نظموا وقفة احتجاجية امام مديرية تربية قضاء خانقين للمطالبة بالتعيين في مؤسسات الدولة التربوية اسوة بأقرانهم من المحاضرين”. واضاف الدلوي، ان “الوقفة هي الثالثة خلال تشرين الاول الجاري”، مؤكدا ان مطالبهم “مشروعة ونأمل ان تجري الاستجابة لها”.

احتجاجات في الناصرية

وتظاهر العشرات من خريجي كليات الاعلام في محافظة ذي قار، مطالبين بتوفير فرص العمل.

وذكر مراسل “طريق الشعب”، ان “العشرات من خريجي كليات الإعلام في ذي قار، تظاهروا للمطالبة بتوفير فرص العمل في المؤسسات الحكومية”.

وأضاف ان “المتظاهرين رفعوا لافتات اكدوا فيها ان الحكومات المتعاقبة لم تنصف خريجي الاعلام، من خلال عدم إدراج هذا التخصص ضمن الدرجات الوظيفية في المؤسسات الحكومية”.

تظاهرات طلابية

وفي العاصمة بغداد، تظاهر العشرات من الطلبة، امام مبنى وزارة التعليم العالي، مطالبين بإعادة العمل بالدور التكميلي “الدور الثالث” لطلبة الدراسات الأولية والعليا.

وقال المتظاهرون في بيان مشترك طالعته “طريق الشعب”، إنهم “معتصمون مقابل وزارة التعليم العالي من كافة محافظات وجامعات العراق للمطالبة بإعادة العمل بالدور التكميلي (الدور الثالث) للدراسات الأولية والعليا”.

************

بيان المجلس التشاوري لقوى تشرين في مناسبة الذكرى الثانية لمأثرة 25 تشرين.. التضحيات العظيمة للمنتفضين تنير درب النضال المتواصل من اجل التغيير

بغداد ـ طريق الشعب

نحتفل هذه الايام بالذكرى الثانية لمأثرة 25 تشرين التي استشهدت في خضمها كوكبة من ابطال الانتفاضة الباسلة، ضد نظام الطائفية السياسية والمحاصصة والفساد، المسؤول عن كل الخراب الذي حلّ بوطننا وشعبنا.

ونحن اذ نستذكر اولئك الخالدين، نؤكد ان دماءهم وتضحياتهم الكبرى من اجل التغيير لن تذهب سدى. وان على قوى التغيير كافة ان تنسق نشاطاتها وتوحد جهودها، وتستخلص الدروس مما جرى، وتكشف الثغرات وتعالجها،  كما ان عليها تنظيم وتعزيز صفوفها في مواجهة القوى المتنفذة، وما تمتلك من امكانيات لا يستهان بها.

لقد أقدمت قوى المحاصصة والفساد على محاولات كثيرة لإفراغ انتفاضة تشرين من مضامينها الجوهرية، واستخدمت في ذلك حتى اساليب العنف والاساءة والتشويه والاختراق، الا ان مساعيها انتهت بالفشل، كما بقيت العوامل التي ادت الى اندلاع الانتفاضة قائمة ماثلة، بل وتراكم المزيد فوقها.

وانعكس التأثير القوي للانتفاضة ولتجربتها المتحدية الفريدة في ما شهدته الانتخابات الاخيرة، سواء على صعيد المقاطعة والعزوف عن التصويت اللذين شملا جماهير مليونية عابرة للحدود الطائفية والاثنية، او على مستوى المشاركة في التصويت التي عاقبت جزءا من القوى المتنفذة، وفي الوقت نفسه ضمنت حصول بعض التشرينيين والمستقلين على مقاعد في مجلس النواب. وهذا ما ينبغي استثماره وتقديم الدعم الى النواب المذكورين وترسيخ مواقفهم ضد المحاصصة والفساد وتوحيد جهودهم للحيلولة دون اعادة انتاج النهج المحاصصي السابق في الحكم، وتحصينهم في وجه مناورات المتحاصصين الخبيثة، وتنسيق نشاطهم البرلماني مستقبلا مع حراك الجماهير المطالبة بحقوقها والساعية مثلهم الى التغيير.

وفي ظل الظروف الحالية المعقدة التي يمر بها البلد، وسعي القوى المتنفذة الى تشتيت قوى التغيير وإضعافها، لا بد ان نكون وجميع القوى المدنية الديمقراطية والتشرينية في مستوى المسؤولية، ونقطع الطريق على من يحاولون افتعال خلافات بين المشاركين والمقاطعين، وإشغال الطرفين بها، بعيدا عن القضية المشتركة، قضية التغيير التي جمعتهم وتجمعهم، والتي ضحى من اجلها المئات والآلاف من بنات وابناء شعبنا بأرواحهم ودمائهم الزكية.

وتبقى تلك التضحيات منارا لنا، وتبقى دماء الشهداء والجرحى دينا في اعناقنا، وتحملنا مسؤولية اكمال ما بدأوه وتحقيق ما ضحوا من اجله، والكشف عن قتلتهم لتقديمهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.

الحركات والأحزاب الموقعة على البيان: (جبهة تشرين، حركة تشرين الديمقراطي، منبر ساحة التحرير، شباب من اجل التغيير/ الصويرة، حراك نهضة وطن، حراك انتفضي النسوي العراقي، حراك نساء تشرين، حراك شباب انتفاضة تشرين، الحزب الشيوعي العراقي، التيار الاجتماعي، حزب الامة العراقية، الحركة المدنية الديمقراطية، البيت الوطني، مستقبل وطن، اتحاد نقابات عمال العراق، اتحاد الكتاب والادباء العراقيين، اتحاد نقابة ذوو المهن الهندسية، اتحاد الشبيبة الديمقراطي، اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق، اتحاد طلبة بغداد، رابطة المرأة العراقية، جمعية  الامل العراقية، جمعية المواطنة/ لحقوق الانسان).

**********

الشيوعي العراقي يستقبل وفدا من حركة وعي الوطنية

بغداد ـ طريق الشعب

استقبل الرفيق علي مهدي، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي صباح أمس الأحد، وفدا من حركة وعي الوطنية.

وبحث الجانبان موضوعة مخرجات الانتخابات العراقية ونتائجها وابعادها وردود الافعال تجاهها.

واكد الرفيق مهدي ان الحزب لا يؤيد تأسيس حكومة توافقية لانها ستكون حكومة محاصصة. كذلك ناقش الطرفان العلاقات بين القوى المدنية والتشرينية ورؤية المجلس التشاوري للحكومة القادمة.

وكان في استقبال الضيوف الى جانب الرفيق علي مهدي، الرفيق فاروق فياض، عضو اللجنة المركزية للحزب والرفيق فاضل الموسوي عضو لجنة العلاقات الوطنية.

وتمثل الوفد الزائر بالسيد حامد السيد الناطق الرسمي باسم حركة وعي الوطنية والسادة رامي الشمري ومصطفى المحمداوي عضوا المكتب السياسي والسيدة صفا الجبوري نائب رئيس مجلس قيادة المرأة في الحركة والسيد ميسر الشمري عضو المكتب التنفيذي للحركة.

*********

وفد حزب الامة العراقية يزور مقر الشيوعي العراقي في النجف

النجف ـ احمد عباس

زار وفد من حزب الامة العراقية برئاسة الأستاذ هيثم الفتلاوي، عضو المكتب السياسي، والدكتور علاء كامل الفتلاوي عضو المكتب السياسي وعدد من أعضاء منظمة حزب الامة في النجف، مقر الحزب لشيوعي العراقي في المحافظة.

وناقش الجانبان الاوضاع السياسية في عموم العراق والنجف بشكل خاص، وتم التأكيد على دعم المرشحين الفائزين من المستقلين في سعيهم لتشكيل نواة لتكتل جديد يحارب المحاصصة والفساد، كذلك دعوة الكتل الخاسرة الى ضرورة الاحتكام الى القانون والقضاء، فهو الفيصل لمعالجة الامور، وضرورة تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت، بسبب تدهور الاوضاع المتسارع.

واكد الطرفان، ضرورة العمل على تطوير التيار الديمقراطي والدعوة لعقد اجتماع لتنسيقيته في النجف. كما تمت مناقشة دور النقابات والمنظمات المهنية وبالأخص نقابات العمال في انتخاباتها المقبلة، وضرورة دعمها لتطوير عملها.

وكان في استقبال الوفد، الرفاق كريم بلال واحمد عباس وحسنين العميدي ومصطفى البركي.

من جانب اخر، زار وفد من محلية النجف النائب المنتخب هادي السلامي في مكتبه للتهنئة والتمنيات له بالنجاح في توجهه المعارض للمحاصصة والفساد.

وفي وقت سابق، جرت زيارة للنائبين المستشار الحقوقي محمد عنوز والاستاذ نقيب المعلمين في النجف حيدر طارق الشمخي.

وزار وفد من المحلية، الشخصية الوطنية المناضل محمد الملالي (ابو نزار) للاطمئنان على صحته، متمنين له دوام الصحة والعافية.

************

الصفحة الثالثة

غضب شعبي من نتائج المنتخب:المحاصصة والمحسوبية أبرز الأسباب

بغداد ــ طريق الشعب

يواجه الاتحاد العراقي لكرة القدم، والمنتخب الوطني وجهازه الإداري والفني، استياءً واسعا من أوساط رياضية ومختصين، على أثر النتائج المحبطة، التي جعلت الفريق العراقي في ذيل القائمة الدولية التي تتنافس فرقها على التأهل إلى بطولة كأس العالم في قطر.

وحمّلت أطراف واسعة نظام المحاصصة والمحسوبية مسؤولية ما تتعرض له الرياضة حاليا من فشل، مُنّيت به على مختلف الأصعدة. وفي مقدمتها المنتخب الوطني لكرة القدم.

هل للمحاصصة دور؟

وشنّت الجماهير الرياضية عبر منصات التواصل الاجتماعي، هجوما غاضبا على الجهاز الإداري والفني ولاعبي المنتخب الوطني بعد العثرات الكثيرة التي رافقت أسوأ أداء للمنتخبات العراقية منذ سنوات، فيما لامت الاتحاد العراقي على ما يجري من تخبط.

وتراجع العراق في ترتيب مجموعته التي تضم كلا من كوريا الجنوبية، إيران، الإمارات، سوريا ولبنان، إلى المركز ما قبل الأخير، بعدما تعادل ثلاث مرات وخسر بنتيجة ثقيلة أمام الإيرانيين. فيما ينتظر مباراته المرتقبة مع سوريا.

وشهدت جميع المباريات أسوأ نسخة كروية للعراق منذ سنوات، فلم يتمكن المنتخب من التسجيل سوى بشباك الإمارات، ولم يحافظ على الفوز في آخر دقيقتين.

ووجهت الأوساط الرياضية أصابع اللوم إلى المستوى المتردي للاعبين، كما أكدت أن ما يجري للمنتخب هو انعكاس واضح لنظام المحاصصة الطائفية الذي أصبح يلقي بظلاله على الرياضة. وأظهرت تصفيات كأس العالم ومقارعة المنتخبات الأخرى أزمة العراق والكارثة التي تحيط برياضته.

ومنذ المباراة الثانية التي شهدت خسارة ثقيلة بثلاثة أهداف أمام إيران، انطلقت حملة جماهيرية تحت عنوان “المنتخب لا يمثلني” تداولها الكثير من الشباب والمتابعين على نطاق واسع، ما دعا أطراف رياضية محايدة لأن تدعو للتهدئة وعدم التخلي عن المنتخب، أثناء هذه الظروف العصيبة.

وتحدث المدون عثمان أسامة، مدير إحدى المجاميع الرياضية المعروفة على موقع فيسبوك، عن أسباب هذه الحملة ورؤية الجمهور الرياضي لأداء المنتخب، قائلا: إن الجماهير “سئمت من النتائج المخيبة والاستهتار الذي ظهر عليه لاعبو المنتخب في كل المباريات. إنّ المنتخب الوطني لا يضم لاعبين يتنافسون على المراكز، وجعل الموجودين غير آبهين بما يجري، فعلى سبيل المثال لدينا اللاعب علي عدنان يلعب مدافعا على الجانب الأيسر، ولا يوجد بديل له، وهو بلا نادي منذ شهور. وفي الدفاع أيضا على جهة اليمين، يتمتع اللاعب علاء مهاوي بأفضلية عدم وجود بديل مكانه، ولأن المدرب أدفوكات لم يكن مقتنعا بأدائه في أول مباراة، جعل اللاعب شيركو كريم يأخذ مكانه بطريقة غريبة؛ إذ حوّله من مهاجم صريح إلى مدافع يمين ليعود للاعتماد على مهاوي مجددا”.

وأضاف أسامة “لا يملك المنتخب مهاجما، فبعد إصابة المهاجم مهند علي، وعدم استدعاء علاء عباس، لا يملك الفريق سوى أيمن حسين الذي سيحرم من المباراة القادمة لأنه نال بطاقة صفراء أمام منتخب الإمارات بعد نزع قميصه فرحا بالتسجيل، بطريقة غير مسؤولة ومستفزة جدا”، لافتا إلى أن “الجماهير لم تعد تحتمل ما يجري، وترى أن المجاملات والمساومات والعلاقات هي ما تتحكم بالمشهد”.

مدرب لا يأتي الى العراق؟

وبعد الاستغناء عن خدمات المدرب السلوفيني كاتانيتش، لم يختلف الحال عن خلفه الهولندي ديك ادفوكات. كما تسربت أخبار كارثية تفيد بأن الأخير اتفق مع الاتحاد على عدم الحضور إلى العراق والتحاقه بالمنتخب فقط عند موعد المباريات.

ولم يصدر الاتحاد العراقي أي توضيح حول ذلك، فيما بينت المجريات بأن هذا الاتفاق صحيح، لأن المدرب غائب رغم أن عقده السنوي يتجاوز المليون دولار.

وفي تصريح صحافي للاعب الدولي السابق، جبار هاشم، استغرب من غياب المدرب الذي تحتم عليه واجباته أن يكون حاضرا في العراق، ويتابع اللاعبين ومسابقة الدوري، ويقدم النصائح والمشورة حول تطوير اللعبة وتوجيه فوائدها نحو بوابة المنتخبات الوطنية.

وبحسب ما يتداول حاليا بين الأوساط الرياضية ومدربين محليين، فإن المدرب الهولندي يعتمد على المراسلات لمتابعة اللاعبين، وشكّل لجنة لرصد المواهب في فرق الدوري، لكن الغالبية لم يحملوا المدرب مسؤولية ما يجري، ورهنوا المشكلة في طبيعة العقد الذي أبرمه الاتحاد معه.

تشكيلة مضطربة

وتحولت خيارات المدرب للاعبين في كل مباراة إلى قضية جدلية، لأنها لا تضم أبرز الأسماء الاحترافية التي عرفها المنتخب؛ ففي الكثير من المباريات، غاب اللاعبون المغتربون الذين يلعبون في أندية أوروبا عن تشكيلة المنتخب الأساسية، فأمير العماري الذي يعتبر أفضل لاعب خط وسط حاليا لم يأخذ فرصته. في حين وصل الحال باللاعب جستن ميرام المحترف في الدوري الأمريكي لأن يعلن بأن هناك مجموعة تحارب المغتربين داخل المنتخب وتعهد بكشف كل التفاصيل عبر بث مباشر. وبالفعل ظهر ميرام في لقاء تلفزيوني وقال أن الذين أشرفوا على تدريبي في المنتخب أفضل من أدفوكات بعشر مرات. وأكد أنه يعاني من التمييز بالتعامل من قبل إدارات المنتخب الفنية والإدارية السابقة، وكان يتمنى أن يتغير الحال. وحمل اللاعب مسؤولية هبوط المستوى الفني للمنتخب إلى المدرب الحالي، وأكد أنه لا يوجه اللاعبين بمهامهم ولا يتحدث معهم حتى خلال التمرينات، معلنا عن اعتزاله اللعب للمنتخب لأنه غير قادر على تحمل ما يجري.

 أما جيلوان حمد، محترف غوريكا الكرواتي، فعلق على ما يجري في المنتخب بقوله: “أتطلع للعب مع المنتخب العراقي، لكن مبادئي لا تسمح لي بقبول الوضع الحالي فيه، ويؤلمني أن أرى المنتخب وهو يفشل لأن جماهير العراق تستحقّ الأفضل. أريد أن يضمّ المنتخب لاعبين يُختارون بناءً على قدراتهم ومساهماتهم في المنتخب، وتمت دعوتي لمباراتي كوريا الجنوبيّة وإيران، إلّا أنّ الدعوة أُلغِيت في اللحظة الأخيرة”. وتواصلت الأسئلة أيضا عن اللاعب المحترف أحمد ياسين، والمدافع ربيبنسولاقا المحترف في نادي بوريرام يونايتد التايلندي الذي أدعى الإصابة، ولم يلتحق بالمنتخب لكنه ظهر في مباراة ناديه بعد يومين، ما استدعى المدرب الهولندي بالإدلاء بتصريحات قوية ضده.

ظاهرة تزوير الأعمار

وتحدث مدرب محلي عن تفشي ظاهرة تزوير أعمار اللاعبين بسبب الانفلات الذي يشهده العراق والتخبط والمحسوبية التي أنتجتها المحاصصة الطائفية.

وذكر المدرب الذي فضل عدم الكشف عن أسمه، أن “ظاهرة تزوير أعمار اللاعبين ما زالت تفرض نفسها على الكرة العراقية حتى الآن من خلال وجود لاعبين يلعبون في غير أعمارهم، وهو الأمر اللافت للنظر في معظم مسابقات الناشئين. حتى هذه اللحظة لم ينجح المسؤولون عن الكرة في القضاء على هذه الظاهرة وإيجاد حلول لاكتشافها مبكرا، خاصة أن الأمر أصبح أحد أركان الفساد في الرياضة”.

وتابع المدرب في حديث لـ”طريق الشعب”، قائلا: “لا بد لاتحاد الكرة من إيجاد حلول جذرية وسريعة لتلك الأزمة المستفحلة والتي ستؤدي الى انهيار اللعبة. إن التزوير هو السبب لما وصلنا إليه، ومثلما يجري الحديث عن ملف تزوير الشهادات وغيره، لا بد من الالتفات إلى استفحاله في القطاعات الرياضية”، مردفا أن “الكثير من لاعبي المنتخب أعمارهم غير صحيحة، لذلك نرى تراجع مستوياتهم، فضلا عن عدم استقدام أسماء جديدة تنافسهم والأسباب كثيرة، من بينها فقر الدوري العراقي والفساد. يجب أن تكون لجنة الانضباط حاسمة بقراراتها، لأنها في الموسم الماضي تجاوزت الكثير من العقوبات بعد ثبوت تزوير بعض المدربين في دوري الشباب والناشئين”.

وقدّم المدرب مجموعة من المقترحات العلاجية لوضع الكرة العراقية، داعيا اتحاد الكرة الى النظر فيها مثل “الإسراع في إجراء الإصلاحات الموعودة للمنتخبات الوطنية، توسيع دائرة البحث عن اللاعبين المغتربين والمواهب الصغيرة وعدم اقتصارها على قارة واحدة، تحديد واجبات مشرفي المنتخبات (أعضاء الاتحاد) بشرط أن لا تتعارض مع مهام المدراء الإداريين، ويجب أن يكون المشرف هو نفسه رئيس الوفد دون الحاجة إلى إرسال عضو آخر، حفاظاً على المال العام، الإسراع في إعادة تقييم وهيكلة اللجان، فضلا عن ترسيخ مبدأ عدم تضارب المصالح وازدواجية المناصب والتفرغ الكامل في جميع دوائر الاتحاد (موظفين ومكتب تنفيذي)”.

تغيير كوركيس وقرارات إدارية

وفي وقت لاحق، قرر المكتب التنفيذي لإتحاد الكرة تسمية غيث مهنا مديرا إداريا للمنتخب خلفا لباسل كوركيس. وقرر أيضا الابقاء على رحيم حميد مساعدا للمدرب وحل جميع اللجان في الاتحاد العراقي، فضلا عن قراره بحل المكتب الاعلامي ومنسقي المنتخبات الوطنية، وإلغاء منصب المشرف على المنتخبات.

ومن الجدير بالذكر، إن قائمة المنتخب لمباراتي سوريا وكوريا الجنوبية القادمتين، ضمت اللاعب إقبال زيدان المحترف في صفوف رديف نادي مانشتر يونايتد الانكليزي، ما جعل الكثير يعتقدون بأن الكادر التدريبي أدرك أن الاعتماد على المحترفين هو الحل الوحيد لمعالجة الموقف الحالي وانتشال المنتخب من ترتيبه المخجل بين فرق ليست بالقوية.

 **********************************

الحكومة تكافئ القضاة ومراتب الوزراء بقطع أرض في قلب العاصمة.. قرار حكومي يثير غضبا شعبيا.. وتساؤلات: أين «داري»؟

بغداد ـ طريق الشعب

اثارت وثيقة صادرة عن مجلس الوزراء، غضبا شعبيا على خلفية قرار بتخصيص قطع أراض للمسؤولين والقضاة مع استثنائهم من الضوابط، ما دفع عدد من المرشحين الفائزين في انتخابات مجلس النواب الى الدعوة لرفض القرار، لكونه صادرا عن حكومة تصريف الاعمال.

قرار حكومي

وتفيد الوثيقة الصادرة عن مجلس الوزراء في (17 تشرين الأول الحالي) بموافقته على تخصيص قطع أراض بمساحة لا تزيد على 600 متر مربع لرئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، ورئيس ونائب رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية، ولمن هم بدرجة وزير مع الاستثناء من شرط مسقط الرأس والتعهد الشخصي، مع إلزام وزارة الاعمار والإسكان وامانة بغداد بتوفيرها.

تحرك استباقي

وسرعان ما علّق المرشح الفائز بعضوية مجلس النواب بدورته الجديدة باسم خشان على الموضوع بالقول: ان «قرار توزيع قطع أراضي لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مخالف للدستور».

وأضاف ان «الحكومة الحالية اصبحت حكومة تصريف أعمال بعد حل مجلس النواب في 2021 /10/7، وليس من صلاحياتها تخصيص متر واحد».

فيما دعا المرشح الفائز عن محافظة البصرة مصطفى جبار، الى «التصويت على رفض القرار في حال انعقاد جلسات مجلس النواب الجديد».

تساؤلات مشروعة

وطرح أستاذ العلوم السياسية اياد العنبر، في تدوينة له، تساؤلا على لسان مواطن يشعر بالحقد الطبقي على حد وصفه.

وكتب العنبر، «السادة الوزراء الذين تم تكريمهم بهذه المكرمة، لا تربطهم أي رابطة بالعراق سواء المنصب والامتيازات، ولذلك لماذا يتم تكريمهم بقطعة أرض مساحتها ٦٠٠ متر في بغداد؟!».

وأضاف ان «بعضهم الآن وزراء وعوائلهم تسكن خارج العراق، ولا تربطهم أي رابطة بالعراق، وبعد انتهاء مهامهم الوزارية سيعودون إلى عوائلهم ولن يبقوا في هذا البلد»، متسائلا «أين حقوق المعلم والجندي ورجل الأمن وبقية الموظفين الذين تجاوزت خدمتهم ٢٠ عاماً، ولم يتم تخصيص شبر واحد في هذا البلد المنهوب لهم!».

غياب العدالة الاجتماعية

اما الموظف علي نعيم، فيقول ان «الموظف في الدولة العراقية يخدم من 20 الى 35 سنة ولا يحصل على متر واحد. فيما تقرر الحكومة مكافأة أعضائها الذين لم تتجاوز خدمتهم 15 شهرا، وكبار القضاء بقطع أراض شاسعة»، متجاهلة ازمة السكن الخانقة التي يعاني منها الشعب.

وأضاف ان «الوزير أو القاضي عبارة عن مكلف او موظف يؤدي خدمته براتب كبير وبامتيازات عديدة، وليس هناك مبرر لهذا الاجراء المجحف»، منوها الى ان «الحكومة كان عليها الانتهاء من العمل بمبادرة داري التي طرحتها قبل فترة من الزمن، لا ان تدير ظهرها للمواطنين».

وانتقد نعيم «غياب العدالة الاجتماعية في توزيع ثروات البلاد وموارده بين أبناء الشعب»، مشيرا الى ان «الأموال والثروات والمناصب والامتيازات أصبحت حكرا على فئة معينة».

مهام حكومة تصريف الاعمال

من جانبه، بيّن الخبير القانوني علي التميمي، معنى حكومة تصريف الأعمال اليومية، وصلاحيتها والمدة الدستورية لعملها. 

وقال التميمي في تصريح تابعته «طريق الشعب»، إن « حكومة تصريف الأعمال اليومية هي حكومة ناقصة الصلاحيات لغرض تمشية بعض الأعمال الضرورية وهي تكون عادة في المراحل الانتقالية أو مرحلة الانتخابات أو مرحلة طارئة ولا يحق لها البت في الأمور المهمة والمصيرية وفق نظرية (استمرار المرافق العامة)، لأن قضايا الناس لا يمكن أن تتعطل فالدولة لا يمكن أن تتوقف، وهذه الأعمال لا تعرض الحكومة إلى نتائج سياسية لعدم وجود البرلمان». 

وأضاف، أن «المقصود بهذه الأعمال هي العادية التي هي غير المصيرية والتي بها لا تتوقف الحياة، والدستور حدد هذه المدة بـ ٣٠ يوما في المواد ٦١ و٦٤»، مشيرا الى ان «الرقابة على حكومة تصريف الأعمال اليومية تكون من القضاء الإداري حيث يمكن الطعن بقراراتها أمامه، ويسمى الطعن الضيق». 

وأوضح «لا يحق لحكومة تصريف الأعمال اليومية أن تقترح تعديل الدستور أو تشريع القوانين ولا عقد الاتفاقيات أو الدخول فيها ولا حتى العقود مع الدول أو التعيين للدرجات الخاصة، أو باختصار كل عمل يحتاج لرقابة البرلمان... فهي حكومة منتهية اصلا بانتهاء البرلمان الذي جاءت منه»، مبينا ان «ما يحق لها من اعمال مثلا هو توقيع العقود بين الوزارات، وسحب مبلغ لصرف الرواتب، لهذا مداها شهر واحد فقط». 

ولفت إلى أنه «قد تساءل حكومة تصريف الأعمال إذا تجاوزت حدود عملها من القضاء أو البرلمان القادم وفق المواد ٣٢٩ و٢٤٠ من قانون العقوبات». 

 ****************************************

الصفحة الرابعة

الحلقة الثالثة

أسلوب التفاوض مع دول المنبع يعتمد سياسة الغالب والمغلوب العجز المائي يتفاقم بسبب غياب الخطط الاستراتيجية

تنشر “طريق الشعب” سلسة حلقات حول شح المياه والتغييرات البيئية والمشاكل التي يواجهها العراق جراء ذلك

تستهدف السياسة الخارجية، العمل على تطبيق الاتفاقيات الدولية مع الدول المتشاطئة. بينما تسعى السياسة الداخلية الى استخدام طرق ري حديثة وعدم التفريط في استخدام المياه.

ورغم تطمينات المسؤولين الحكوميين، الا  أن خبراء بيئيون أطلقوا تحذيرات مسندة الى مؤشرات وأرقام تشير الى ان الرافدين ـ دجلة والفرات ـ فقدا نصف وارداتهما المائية، بينما أنهار أخرى ماتت عطشا.

ويتهم النائب السابق في لجنة الزراعة والمياه والأهوار البرلمانية، عبد الأمير الدبي، وزارة الخارجية بعدم اتخاذ أي إجراء مناسب تجاه التجاوزات التركية على حصة العراق من المياه.

وقال ان “من حق البلد مطالبة المجتمع الدولي بشأن الحصة التي تصل الى تلك المناطق”.

وأضاف الدبي أن لجنته “طالبت الحكومة في مخاطبات رسمية، وفي أكثر من مناسبة بضرورة التحرك بشأن المياه، لكنها لم تهتم لهذا الملف، بل هي منشغلة بالمشهد السياسي”.

ودعا الى “أهمية تنسيق المواقف بين وزارتي الخارجية والموارد المائية في هذا الملف الذي يعد من المواضيع الامنية والاقتصادية”.

وفود لا تملك مهارة التفاوض

من جانبه، يرى عبد الرحمن المشهداني، أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية، ان “مشكلة استحواذ دول المنبع على حصة العراق المائية، ناجمة عن ضعف الوفود العراقية، فهي وإن كانت على أعلى المستويات، لكنها لا تمتلك مهارة التفاوض مثلما يمتلكها الآخرون من دول المنبع”.

ومرارا ما يؤكد وزير الموارد المائية، مهدي رشيد الحمداني، خوض نقاشات مع إيران وتركيا للاتفاق على بروتوكول تقاسم المياه، مردفا “لم نحصل على إجابة حتى الآن”.

ويقول ان “الجانب الإيراني لم يبدِ أي تجاوب معنا، وما زال يقطع المياه عن الأنهر والجداول في ديالى”.

ويشير رشيد الى أن “المبعوث التركي الخاص أكد أن هناك اتفاقيات في الأفق ومذكرات تفاهم ستكون في القريب العاجل، بعدما وافق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم التي تلزم الحكومة التركية بإطلاق الحصة المائية العادلة والمنصفة للعراق”.

 تلويح باللجوء للمحافل الدولية

ومنتصف تموز الفائت، لوّح الحمداني في مؤتمر صحفي باللجوء للمحافل الدولية من اجل الحصول على الحقوق المائية وحسب المواثيق الدولية؛ اذ قال “سنلجأ للمحافل الدولية لاستحصال حقوقنا المائية من إيران في حال أصرت الأخيرة على قطع جميع الموارد المائية عن ديالى، ورفضها الانصياع لاتفاقيات تقاسم أضرار شح المياه الإقليمية”.

جاء التهديد ليسلط الضوء على قضية مهمة وهي ازمة المياه مع دول المنبع (تركيا وايران)، التي استمرت منذ سنوات عديدة دون التوصل لحل مشترك بين الطرفين؛ فالحكومات العراقية دعت لأكثر من مرة إيران وتركيا للجلوس على طاولة التفاوض لأجل ايجاد حلول في موضوع تقاسم المياه بين الأطراف الثلاثة، سواء بما يتعلق بنهري الفرات ودجلة، أو إرجاع مسار نهر كارون إلى وضعه الطبيعي ليغذي شط العرب، إلا أنها لم تفلح في التوصل الى اتفاق موقع، وتحت اطر الاتفاق الدولي الخاص بالدول المتشاطئة، وذلك لان ايران مازالت تتعمد قطع الانهر والروافد التي تعد المصدر الاساسي لمناطق شاسعة في العراق.

ممارسات تتعارض مع الاتفاقات الدولية

اما ممارسات تركيا بشأن مياه نهري دجلة والفرات، فهي تتعارض مع القوانين الدولية، خاصة الاتفاقيتين الدوليتين لعام 66 و97 من القرن الماضي، وأيضا مع الاتفاقيات الثنائية التي وقعتها مع سوريا والعراق، حيث يجرى حاليا إنشاء سدين جديدين قرب الحدود التركية السورية، هما سد “بيره جك” وسد “قرقاميش”، على نهر الفرات يضافان إلى سدود أخرى، مقامة على مجرى النهر بينها “أتاتورك” و”كيبان، والأنكى من ذلك ان تركيا ليومنا هذا لا تعترف بأن الفرات ودجلة نهران دوليان، وإنما تعتبرهما نهرين عابرين للحدود، إذ تستخدم تركيا في خطابها مصطلح “المياه العابرة للحدود”، بدلاً من “الأنهُر الدولية”، وتعتبرهما يخضعان للسيادة المطلقة للدولة التركية، ما يبيح لها حقّ التصرف في كمية المياه التي تمنحها للدول المتشاطئة الأخرى، في حين تستخدم هي ما تشاء لسد حاجتها من مياه النهرين، وهو ما اعتبره بعض الخبراء بمثابة “تتريك المياه”.

سياسة الغالب والمغلوب

ويتطرق الباحث والمحلل السياسي الدكتور يحيى الكبيسي، في مقال سابق إلى الوثائق المتعلقة بالنزاع الحدودي والمائي، بين العراق وإيران إبان الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث كشف عن وجود مراسلات بين وزارة الخارجية العراقية ووزارة الخارجية الإيرانية حول تسوية مسألة المياه وصولا لتوقيع اتفاقية خاصة بالحدود وتسوية النزاع المائي عام 1975، وسميت باتفاقية الجزائر نسبة الى مكان الاجتماع.

وقال الكبيسي،  إن “بنودها كانت تخص تعيين الحدود النهرية وحسب ما يعرف بخط التالوك، وهو أعمق النقاط وسط شط العرب، والاتفاق على تقسيم مياه أنهار، ولم تدم الاتفاقية طويلا التي ألغيت في العام 1980 لحدوث الحرب بين الطرفين العراق وإيران، والتي استمرت ثماني سنوات وبقي النزاع قائما حتى العام 2014، حيث توصل الجانبان العراقي والإيراني إلى اتفاق جديد، لكن التطبيق على الأرض لم يجر وفقا لما تم الاتفاق عليه، بسبب قطع إيران وتحويل ما يقارب 40 نهرا دائما وموسميا”، حسب خبراء المياه

أزمة متواصلة لأكثر من قرن

وترجع ازمة المياه بين العراق وتركيا، بحسب الخبراء، الى عشرينيات القرن الماضي، حيث شهد عام 1920 توقيع اتفاقيات “ثلاثية وثنائية” بين العراق وتركيا وسوريا لتقسيم المياه وفق المعايير الدولية المتبعة آنذاك، تضمنت هذه الاتفاقية نصا خاصا يتعلق بمياه نهري دجلة والفرات، جاء في المادة 109 منها “لا يحق لأية دولة من هذه الدول الثلاث إقامة سد أو خزان أو تحويل مجرى نهر من دون أن تعقد جلسة مشتركة مع الدول الأخرى وتستشيرها لضمان عدم إلحاق الأذى بأي طرف”.

وفي عام 1946 وقع الطرفان البروتوكول رقم (1) الخاص بتنظيم مياه النهرين الملحق بمعاهدة الصداقة وحُسن الجوار، ثم جرت أولى المفاوضات بين دول الحوض عام 1962 لتقاسم المياه، حيث رفض الجانب التركي اعتبار نهري دجلة والفرات نهرين دوليين، وبذلك خالفت تركيا “المادة د” من مبادئ هلسنكي لعام 1966، الخاصة بالدول المتشاطئة.

ولم تنقطع اللقاءات والتفاهمات بين البلدين؛ ففي أنقرة عام 1978 تم توقيع بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني الثنائي على أثر إنجاز تركيا السدود، مما خلفت ازمة مياه في العراق.

واخيرها المذكرة الموقعة بين العراق وتركيا في عام 2017 حيث اتفق الطرفان على تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بينهما عام 2014 التي تضمنت 12 مادة أبرزها التعاون في إدارة الموارد المائية لنهري دجلة والفرات وتحديد حصة كل دولة في مياه النهرين.

*******************************************************

تطمينات الوزارة وشكوك الخبراء

ولا تزال مشكلة واردات العراق المائية من تركيا وإيران قائمة ولم تحل لغاية اليوم.

ويوضح المستشار في وزارة الموارد المائية عون ذياب عبد الله، أن “الحل يكمن في توقيع اتفاقية مشتركة مع تركيا”.

في حين يعتقد استاذ الاقتصاد عبد الرحمن المشهداني، أن ملف المياه ورقة في يد أنقرة تضغط بها على بغداد، “رغم أن الأتراك يبدون حسن النية دائما لكن المشكلة على أرض الواقع والأفعال لا تدل على حسن النية”.

نقابات فلاحية ومختصون تخوفوا من انخفاض مناسيب المياه في الانهار، لما يترتب عليه من خسائر في قطاع الزراعة والتربية الحيوانية والسمكية وحاجات الانسان.

وطالبت النقابات، الحكومة باستخدام وسائل الضغط لاجبار تركيا وإيران على تغيير سياساتهما بما يخص ازمة المياه، الا ان وزارة الموارد المائية اكدت تأمين حصة المياه للموسم الشتوي من الخزين المائي.

وطبقا للمتحدث باسم وزارة الموارد المائية علي راضي فإن “شح المياه، سواء في نهر دجلة او الفرات وسد دوكان ودربندخان وديالى، خفضت إيرادات المياه إلى 50‎%”، مضيفا “ماضون في تأمين الحصص المائية، نتيجة لما يتوفر من خزان مائي جيد، بالتالي حافظنا على الموسم الصيفي هذا العام”.

محصول إستراتيجي يتراجع

وفي تلك الأثناء، حذرت وزارة الزراعة، من تراجع كبير لانتاج الحنطة ـ المحصول الستراتيجي ـ بسبب الشحة المائية.

وقال المتحدث باسم الوزارة حميد النايف: “قد لا نصل الى مليوني طن من انتاج الحنطة في الموسم المقبل وهذه مشكلة كبيرة ستواجهنا بسبب انخفاض المساحة المزروعة والايرادات المائية”، مشيراً الى “إبعاد الشعير عن الخطة الزراعية بسبب رفع الدعم الحكومي عنه وتقليله، كوننا نركز على الحنطة والخضر باعتبارها سلة غذائية استراتيجية ويومية”.

ولفت الى “إعداد خطة بمليونين و800 الف دونم في الآبار الإرتوازية”، مشيراً الى ان “الخطة الزراعية في ديالى هي صفر بسبب انقطاع الواردات المائية من ايران”.

ويأمل النايف “هطول الامطار في الشهر المقبل، فاذا تزايدت نسبتها سنرفع المساحة المزروعة حيث وضعنا خطة لزراعة 9 ملايين دونم عبر المياه الديمية من الأمطار”، لكنه يدعو الى “التفاوض مع تركيا وايران واستخدام الميزان التجاري كورقة تفاوضية من أجل الحصول على المستحقات المائية”.

استغراب من التصريحات الحكومية

وأبدى المهندس الاستشاري والخبير البيئي، جاسم الأسدي، استغرابا من تصريحات المسؤولين الحكوميين بشأن السيطرة على الوضع المائي للعراق. وفي الوقت ذاته حذر من شح مائي محتمل مع انخفاض كبير في منسوب نهري دجلة والفرات.

وبثّ الأسدي ـ الذي كان أحد مرشحي الكاظمي لوزارة الموارد المائية ـ تحذيراتٍ بالأرقام والمؤشرات قائلا: ان “الرافدين دجلة والفرات يفقدان نصف واردهما المائي. فسد دربندخان لا تصلهُ قطرة ماء من الجانب الإيراني، وبحيرة دوكان تفقد 70 في المائة من خزينها. كذلك لم يبق في سد حمرين سوى 450 مليون متر مكعب من المياه، بعد أن تجاوز عام 2019 طاقته القصوى المقدرة بمليارين وثمانمائة مليون متر مكعب، وأن نهر ديالى يكاد أن يموت عطشاً”.

وختم بالقول: “نحنُ على أبواب شحة مياه وهذا ليس اتهاماً لأحد، ومن يرى عكس ذلك عليه أن يكشف امام الناس دليلهُ بالأرقام”.

وأخيرا، قال الحمداني إن وزارته “وضعت دراسة استراتيجية بالاشتراك مع جميع مؤسسات الدولة ولغاية 2035”، مبينا أن “هذه الدراسة تحتاج الى أموال كثيرة، والوضع المالي للدولة لا يتحمل ذلك”.

 ******************************************

الصفحة الخامسة

أسعارها ارتفعت إلى الضعف القرطاسية تستنزف جيوب أولياء الأمور

بغداد – وكالات

مع اقتراب حلول العام الدراسي الجديد، انتابت الكثيرين من المواطنين حيرة وارتباك وهم يدخلون الأسواق والمتاجر المتخصصة ببيع القرطاسية في بغداد. إذ وجدوا أن الأسعار ارتفعت إلى ضعف ما كانت عليه قبل عامين.. قبل أن يزاول التلاميذ بسبب وباء كورونا دراستهم في منازلهم الكترونيا، من دون الحاجة إلى القرطاسية.

ويعد “سوق السراي”، أحد الأسواق البغدادية الرئيسة المتخصصة ببيع القرطاسية بالجملة. إذ تنتشر فيه محال وبسطات تبيع مختلف أنواع الدفاتر والأقلام واللوازم المدرسية، فضلا عن الكتب الدراسية.

أردأ وأقل

المواطن سليمان حكمت، وأثناء تسوقه من أحد المتاجر في “سوق السراي”، تفاجأ بارتفاع أسعار القرطاسية بشكل كبير.

يقول حكمت، وهو أب لثلاثة أولاد في مراحل دراسية مختلفة، أن “تكلفة شراء القرطاسية والحقائب لأولادي، سوف لن تقل عن 150 ألف دينار، في حين كانت في السابق لن تكلفني أكثر من 100 ألف دينار”.

وبسبب الغلاء اضطر هذا المواطن إلى شراء القرطاسية الأقل جودة وثمنا. وهو يشير في حديث صحفي، إلى أنه سيشتري أقل من المقرر، بعد أن كان سابقا يجهز أبنائه بقرطاسية ولوازم مدرسية تكفيهم عاما كاملا.

ضغط معيشي

“كل شيء غالٍ” .. هذا ما تردده المواطنة أم أحمد بعد دخولها إلى السوق لشراء ما يحتاجه أطفالها من لوازم مدرسية.

وتشير أم أحمد في حديث صحفي، إلى أن “ارتفاع اسعار القرطاسية بات يستنزف الجيوب، ويشكل ضغطاً مادياً ومعيشيا آخر على الأسر”، مؤكدة ان “القرطاسية ليست نهاية المطاف، فهناك الزي الرسمي والملابس الأخرى التي يتطلب من أولياء الأمور شراؤها لأبنائهم”.

الدولار والاحتكار

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي ضرغام محمد، أن ارتفاع أسعار القرطاسية يأتي لكونها تستورد بالدولار، وهذه العملة في صعود مستمر، الأمر الذي يتسبب في ارتفاع أسعار جميع المواد المستوردة بشكل تلقائي.

ويضيف في حديث صحفي، أن “بداية العام الدراسي تتسبب في موجة تسوق يزيد فيها الطلب على العرض، فتقل فرص المنافسة وتزداد الاحتكارية ومعها الغلاء، ما يشابه الارتفاع الذي يطرأ على أسعار المواد الغذائية قبل رمضان، والملابس قبل العيد”.

ويتوقع محمد أن “تعود هذه الأسعار إلى الانخفاض بعد شهر أو شهرين من العام الدراسي، إلى مستوياتها قبل بداية الموسم، وذلك بعد أن يقل الطلب عليها”.

التاجر بريء!

إلى ذلك، يذكر أحد أصحاب محال بيع اللوازم المدرسية بالجملة في “سوق السراي”، أن “هذا العام شهد ارتفاعا ملحوظا في أسعار القرطاسية، والأمر ليس له علاقة بالتاجر إطلاقا”.

ويضيف في حديث صحفي، أن “السبب الرئيس في هذا الغلاء، هو ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل والتخليص الكمركي بشكل كبير”، مبيناً أن “عمليتي النقل والتخليص الكمركي كانتا تكلفان ما بين خمسة إلى ستة آلاف دولار للحاوية الواحدة، في حين ازدادت هذه التكلفة اليوم لتصل إلى أكثر من 15 ألف دولار”.

ويلفت صاحب المحل إلى أن “القرطاسية من الدفاتر والمستلزمات الاخرى كالأقلام والاصباغ، تختلف أسعارها باختلاف أنواعها ومناشئها”، مبينا ان “الدفاتر الإندونيسية على سبيل المثال، أعلى سعراً من غيرها”.

ويتابع أن “الدفاتر العراقية هي الأخرى غالية الثمن، لأنها لا تصنع في العراق، إنما تأتي من الخارج وتكتب عليها عبارة (صنع في العراق)!”، موضحا أن “سعر الجملة للدفاتر فئة 100 ورقة اندونيسي، صار يبلغ 8 آلاف دينار للدرزن الواحد، بعد أن كان سعره قبل عامين 5 آلاف دينار. أما درزن الدفاتر الصينية من الفئة المماثلة، فيباع اليوم بـ  7 آلاف دينار”.

************

بعد أزمة المياه .. خطر آخر يهدد زراعة العراق

بغداد – وكالات

أفاد رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق، حسن التميمي، بوجود مشكلة كبيرة تواجه القطاع الزراعي في البلد، تكمن في عدم صرف المستحقات المالية للفلاحين.

وقال التميمي في حديث صحفي، ان “عدم صرف المستحقات سوف يؤثر سلباً على القطاع الزراعي، سيما ان الدعم الحكومي لمادة السماد الزراعي، بات اليوم شبه غائب”، مضيفا أن “الفترة الحالية تعد بداية انطلاق موسم زراعة القمح في عموم البلاد. لذا فإن عدم صرف المستحقات أثر بشكل سلبي على الفلاح الذي أصبح غير قادر على تأمين نفقات عملية الزراعة، فضلا عن ذلك أن الخطة الزراعية لهذا العام تشمل ما نسبته 50 في المائة من مجمل الأراضي الزراعية في البلد”.

ودعا رئيس، الحكومة المركزية إلى “دفع مستحقات الفلاحين بشكل عاجل”، مطلباً في الوقت نفسه، وزارة الزراعة بـ “توفير السماد للمزارعين”.

وأوضح أن “سماد اليوريا مفقود في مخازن التجهيزات الزراعية، ما أدى إلى ارتفاع سعره بشكل عام”، معرباً عن أمله في أن يتم “الاهتمام في القطاع الزراعي”.

*************

أهالي المحاويل يشكرون ..

المحاويل – طريق الشعب

أعرب أهالي قضاء المحاويل في محافظة بابل، عن شكرهم وتقديرهم إلى مديرية مرور القضاء، على استجابتها لمناشدتهم التي كانت قد نشرتها لهم "طريق الشعب"، بخصوص زحام المركبات في "شارع الأحزاب" وسط القضاء. ونشرت "طريق الشعب" في أحد أعدادها السابقة، شكوى باسم سكان الشارع المذكور، في شأن الزحام المروري في الشارع. إذ يقوم أصحاب المركبات، من مراجعي دائرة التسجيل العقاري الموجودة في الشارع، بركن مركباتهم أمام المنازل السكنية طيلة فترة الدوام الرسمي. وبعد أن اطلعت مديرية المرور على شكوى المواطنين ومناشدتهم، بذلت قصارى جهودها لإخلاء الشارع من المركبات، واجبار السائقين على ركن مركباتهم في الساحات المخصصة لوقوف السيارات.  وخص المواطنون بالشكر، مدير المرور العقيد احسان علي.

**************

مواساة

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة، الرفيق شاكر خضير بوفاة شقيقه صديق الحزب (ابو كمال).

 للفقيد الذكر الطيب ولأولاده وأسرته ومحبيه الصبر والسلوان.

  • تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف، الرفيق اسماعيل جلاب النعماني، الذي توفي إثر حادث مروري.

للفقيد الذكر الطيب ولأهله الصبر والسلوان.

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الكرخ الثانية ومعها لجنة شاكر محمود الأساسية في المحمودية، الرفيق رحمن داود الحمداني بوفاة شقيقه صالح.

الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لذويه.

  • تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في بابل، ومعها منظمة الحزب في المدحتية، الرفيق محمد عبود العلي الكلابي (ابو جاسم)، الذي توفي بعد معاناة مع المرض.

للفقيد الذكر الطيب ولعائلته ورفاقه ومحبيه الصبر والسلوان.

**************

الصفحة السادسة

قوى إعلان الحرية والتغيير تحذر من «انقلاب زاحف».. الخطيب: مليونية 21 أكتوبر وحدت الشعب السوداني

متابعة ـ طريق الشعب

يزداد التوتر في السودان يوماً بعد يوم، في ظل استمرار محاولات العسكريين في الانقلاب على سلطة المجلس السيادي الانتقالي، وهذه المحاولات قد تدفع الاوضاع نحو عدم الاستقرار على الرغم من الاتفاق بين العسكريين والمدنيين على تقاسم السلطة، بعد إسقاط نظام عمر البشير.

ويأتي ذلك وسط دعوات من قبل الحزب الشيوعي السوداني إلى تنظيم الصفوف والالتزام بشعارات الثورة، الحرية، السلام والعدالة، فيما شددت قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان على دعمها رئيس الوزراء، محذرة من “انقلاب زاحف”.

دعوات لتنظيم الصفوف

وفي اعقاب التظاهرات التي دعمت السلطة المدنية، دعا الحزب الشيوعي السوداني الجماهير إلى “مواصلة تنظيم صفوفها والمزيد من اليقظة، فلن تتوقف المؤامرات الداخلية والخارجية للالتفاف على شعارات الثورة والإبقاء على ذات القوى الاجتماعية التي تسنمت السلطة، وتخدم مصالحها المدنية والعسكرية”، وقال “لا بديل إلا مواصلة الثورة والإتيان بحكومة انتقالية معبرة عن إرادة الثورة”.

وأضاف الرفيق السكرتير السياسي للحزب الشيوعي، محمد مختار الخطيب في تصريح لجريدة “الميدان”، أن “ثورة ديسمبر المجيدة والمليونيات التي تبعتها دفاعا عن شعاراتها، أكدت أنها امتداد لثورة أكتوبر المجيدة 1964 التي استدعتها الجماهير رفضا للهوان والسير على طريق سياسات الرأسمالية الطفيلية والارتهان للخارج ومصالحه”.

وأكد أن “مليونية 21 أكتوبر الخميس الماضي وحدت وجدان شعب السودان، فقد عمت كل مناطق السودان، الحضر والريف، بشعارات وحدت الهدف، لتحقيق شعارات ثورة ديسمبر العظيمة، وتحقيق التحول الديمقراطي واستدامة السلام والتوزيع العادل للثروة والسلطة والتنمية والخدمات، وترسيخ التداول السلمي الديمقراطي للسلطة والتعامل بجدية مع الدول والشعوب”.

وقال الخطيب “لقد ولى عهد هيمنة النخب والطغم العسكرية على القرار، ومضى هناك رفض تام بلا رجعة للانقلابات العسكرية وحكم المغامرين من جنرالات الجيش من أجل استعادة دور القوات النظامية لمهنيتها في خدمة الشعب والوطن، كما قدم الشعب درسا بليغا للنخبة المدنية الحاكمة في الفترة الانتقالية”.

وقال، إن “معيار الشعب في النجاح هو الالتزام بشعارات الثورة الحرية والسلام والعدالة، وبخيار ثوري نحو التغيير الجذري وتفكيك ركائز الرأسمالية الطفيلية السياسية والقانونية والاقتصادية والثقافية ومكافحة الفساد، ورد المظالم ومفارقة السياسات الاقتصادية التي برهنت استمرار الإضرار والوطن”.

“انقلاب زاحف”

من جهتها، شددت قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان أمس الاول، على دعمها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وحذرت من “انقلاب زاحف” في مؤتمر صحفي، حاول متظاهرون داعمون للجيش تعطيله.

وأعلن ياسر عرمان، عضو المجلس القيادي لقوى إعلان الحرية والتغيير التي أطلقت الاحتجاجات ضد الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، تجديد “الثقة بالحكومة ورئيسها”.

ورأى أن “الأزمة الحالية مصنوعة على شكل انقلاب زاحف” في وقت يغلق محتجون منذ نحو شهر مرفأ بورتسودان الرئيسي في شرق البلاد وينفذ مئات المحتجين الآخرين اعتصاما منذ أسبوع قرب القصر الرئاسي للمطالبة بتشكيل “حكومة عسكرية”.

وردا على أنصار الجيش، احتشد عشرات الآلاف من الداعين الخميس لنقل كامل السلطات إلى المدنيين، في استعراض للقوة يستبعد خبراء أن يسرع الانتقال السياسي المتعثر بعد ثلاثة عقود من الحكم الدكتاتوري. وفي مؤشر على تواصل التوتر، أحرق مئات المتظاهرين السبت إطارات مطاطية أمام مبنى وكالة الأنباء الرسمية الذي استضاف مؤتمرا صحفيا لقوى إعلان الحرية والتغيير، ما دفع لإرجاء المؤتمر نحو ساعتين.

وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قد نفى موافقته على إجراء تعديل وزاري، أو إجراء تغيير في السلطات الانتقالية، في وقت تتزايد شائعات حول ذلك منذ أيام.

تحركات دبلوماسية

وتشهد الخرطوم تحركات دبلوماسية حثيثة، فبعد زيارة للمكلف بالشؤون الإفريقية في الخارجية البريطانية، التقى المبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الإفريقي جيفري فيلتمان أمس الاول المسؤولين السودانيين.

وأمام حمدوك ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو شدد فيلتمان على “دعم الولايات المتحدة الأمريكية لانتقال ديمقراطي مدني وفقا للرغبات المعلنة للشعب السوداني”، وفق السفارة الأمريكية في الخرطوم.

وحث فيلمتان “جميع الأطراف على تجديد الالتزام بالعمل معا لتنفيذ الإعلان الدستوري واتفاقية جوبا للسلام”.

 *******************************************

في الذكرى الـ97 لتأسيسه.. الشيوعي اللبناني يحمّل المنظومة الحاكمة مسؤولية الاحداث الاخيرة

بيروت ـ طريق الشعب

أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، بياناً، أمس الاول، لمناسبة الذكرى الـ 97 لتأسيس الحزب، حمّل فيه المنظومة الحاكمة التي تنتهج من المحاصصة الطائفية مسؤولية ما يحدث في البلاد، مؤكداً أن اسلوب الاقتتال الطائفي الذي تتبعه المنظومة الحاكمة جاء للتغطية على نهب المال العام. 

وقال الحزب في بيان تحصلت “طريق الشعب”، على نسخة منه، أن “المنظومة الحاكمة لم تتغير وان نظام المحاصصة الطائفية هو من أفقر الشعب اللبناني وهجّره وأهدر مدخراته وماله العام والخاص وهرّب المليارات إلى الخارج، وأمعن في تقسيم اللبنانيين طائفياً ومذهبياً وزجّ بهم في مواجهة بعضهم بعضاً، وهدر السيادة الوطنية إلى حد التطبيع مع العدو الصهيوني إرضاء وتوسّلاً للأميركيين”.

واستذكر الحزب في بيانه، ان “الذكرى الثانية لانتفاضة  17 تشرين، التي جاءت في حقبة لم يشهد لبنان مثيلا لها من قبل في دلالاتها السياسية والوطنية ضد النظام الطائفي ومنظومته الفاسدة، التي كانت عنواناً لأسوأ انهيار اقتصادي – مالي في التاريخ المعاصر لشعوب العالم، والذي عكس  انهياراً اجتماعياً جثم بثقله فوق صدور اللبنانيين”.

وفي هذه المناسبة دعا الحزب في بيانه، الحكومة أن “تلتزم بخط الهدنة في ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة وتبادر الى تعديل المرسوم 6433 وارساله الى الامم المتحدة حفاظا على حقوق لبنان النفطية وفق الخط 29”، فإنها لا تزال “تعتمد اتفاق الأطار الذي سبق ورفضناه بكل مندرجاته محذرين من نتائجه التي بدأت تتوالى”.

وأوضح الحزب، أن “المنظومة الحاكمة وجدت في استخدام العنف والاقتتال الداخلي وسيلة للتغطية على جرائمها في نهب المال العام وفي تفجير المرفأ. فاليوم، وبعد كل هذه الجرائم التي لم يحاسب عليها أحد من المسؤولين، وفي ظل عجز المنظومة الحاكمة عن إيجاد الحلول لأزمات نظامها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تدخل البلاد مرحلة جديدة من العنف في الخطاب السياسي والصدام والاقتتال الأهلي بطابعه المذهبي والطائفي، لفرض فدرالية الأمر الواقع وهو ما استحق ويستحق من جانبنا الرفض والادانة لإعادة أجواء الحرب الأهلية”.

وأكد الحزب أن “مسار تعطيل التحقيق بجريمة انفجار المرفأ وما رافقه من تجييش طائفي وزجّ للناس في مواجهة بعضها البعض، يشكّل قمّة التعبير عن وقاحة أولئك المتمسكين بهذا النظام الطائفي والطبقي البغيض ورموزه وقياداته السياسية والأمنية على حساب دماء اللبنانيين”، مبيناً أن “عمليات القنص على المدنيين في منطقة الطيونة شكّلت قمّة التعبير عن الإجرام الذي يتوسّل استعادة أجواء الحرب الأهليّة والتقسيم”.

 **************************************

دول أوربية تعلق على طرد تركيا سفراءها

أنقرة ـ وكالات

في اعقاب القرار الذي اتخذه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، القاضية بطرد سفراء عشر دول، بينها فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، ردت دول أوروبية عدة على تصريحات أردوغان، حيث قالت السويد والنرويج وهولندا إنها لم تتلق أي إخطار رسمي من تركيا. وقالت الخارجية الألمانية إنها تجري مشاورات مكثفة مع الدول الأخرى المعنية.

جاء ذلك، بعد دعوات دول اوربية عدة إلى الإفراج عن الناشط المعارض المسجون عثمان كافالا.

وقال أردوغان خلال زيارة لوسط تركيا “أمرت وزير خارجيتنا بالتعامل في أسرع وقت مع إعلان هؤلاء السفراء العشرة عبر اعتبارهم أشخاصا غير مرغوب فيهم”، مستخدما مصطلحا دبلوماسيا يمثل إجراء يسبق الطرد. وأكد أن على هؤلاء السفراء أن “يعرفوا تركيا ويفهموها”، معتبرا أنهم “يفتقرون إلى اللياقة”، مضيفا “عليهم مغادرة البلاد إذا ما عادوا يعرفونها”.

ردود أوروبية 

وسارعت دول أوروبية عدة إلى الرد على تصريحات الرئيس التركي. وقالت السويد والنرويج وهولندا التي وقع سفراؤها على البيان المشترك، ليل السبت، إنها لم تتلق أي إخطار رسمي من تركيا.

بدوره، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، السبت “نحن على علم بهذه المعلومات ونسعى إلى معرفة المزيد من وزارة الخارجية التركية”.

من جهتها، صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية النرويجية ترود ماسايد لوسائل إعلام في بلدها “سفيرنا لم يفعل أي شيء يبرر الطرد”، متعهدة مواصلة الضغط على تركيا بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية.

وقالت وزارة الخارجية الألمانية “نجري حاليا مشاورات مكثفة مع الدول التسع الأخرى المعنية”.

وفي بيان صدر الاسبوع الماضي، دعت فيه كل من كندا وفرنسا وفنلندا والدانمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا والنروج والسويد والولايات المتحدة إلى “تسوية عادلة وسريعة لقضية” عثمان كافالا، رجل الأعمال والناشط التركي المسجون رهن المحاكمة منذ أربع سنوات. واعتبر السفراء بشكل خاص أن “التأخر المستمر في محاكمته يلقي ظلالا على احترام الديمقراطية ودولة القانون وشفافية النظام القضائي التركي”.

وكان أردوغان قد هدد سابقا بطردهم، بينهم سفراء دول فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة ردا على دعوة للإفراج عن كافالا.

وقال أردوغان بحسب تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية “أبلغت وزير خارجيتنا أننا لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا باستقبالهم في بلادنا”.

كما قام وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو باستدعاء سفراء الدول العشر، معتبرا أنه من “غير المقبول” مطالبة تركيا بالإفراج عن المعارض المسجون.

 **************************************

في رسالته الى المؤتمر الرابع للحركات الشعبية.. البابا يواصل نقد ذهنية الربح الرأسمالية

رشيد غويلب

جاءت كلمة البابا المتلفزة الموجة للمشتركين في المؤتمر الرابع للحركات الشعبية في أمريكا اللاتينية، في 16 تشرين الأول الجاري، امتدادا لنقده للنظام الرأسمالي، وعواقبه الكارثية. والاجتماع العالمي للحركات الشعبية هو تجمع للمنظمات الشعبية والحركات الاجتماعية التي تناضل ضدعدم المساواة في العمل وملكية الأراضي والرعاية الصحية والقضايا الاجتماعية الأخرى.  وشارك في أعمال هذه الدورة حركات اجتماعية، أبرزها حركة المعدمين البرازيلية، واتحادات اجتماعية أخرى، والنقابات العمالية، والعمال الزراعيون، وممثلو سكان الأحياء الفقيرة، والهنود الحمر، وممثلو شبكات دولية، يمثلون خمس قارات.  وعقد المؤتمر مثل المؤتمرات التي سبقته تحت شعار “الأرض، السكن، العمل”. وتشكل قيم العدل والتنمية المستدامة والتضامن قاسما مشتركا بين البابا الأمريكي اللاتيني والحركات الشعبية التي تناضل من أجل حقوق المحرومين اجتماعيا. وعلى خلفية أزمة كورونا المستمرة، عقد المؤتمر الحالي في الفضاء الافتراضي.

عدالة في التوزيع

وخاطب البابا الحركات الشعبية: حان وقت العمل. يجب ألا نعود إلى الأنماط القديمة في الطريق، إلى مزيد من العدالة، ودعا إلى توفير دخل أساسي غير مشروط وساعات عمل أقصر. داعيًا إلى الحلم والعمل معًا للخروج من أزمة ما بعد كورونا أقوى. وشدد البابا على ضرورة مشاركة الجميع بلدانا ومنظمات وافراد، “لأننا إذا عدنا إلى الأنماط القديمة، فسيكون ذلك بمثابة انتحار”. و” ان هذا النظام، بمنطق الربح الذي لا يلين، يتحدى سيطرة الإنسان. لقد حان الوقت لكبح القاطرة التي تندفع نحو الهاوية”.  لقد خرج السعي المستمر للربح عن السيطرة. ولابد من تطوير بدائل للعولمة الرأسمالية، تتجاوز “ثقافة الإقصاء”. ويرى البابا في الحضور: “ جيش التضامن والأمل والمشاركة “ وكذلك “الشعراء الاجتماعيون الحقيقيون، الذين يستخدمون القوة الإبداعية لابتكار وتنفيذ حلول إنسانية لأكثر مشاكل المستبعدين والمجتمعات المنسية الحاحا”.

تواصل تاريخي لتحقيق العدالة

فاجأ البابا المؤتمرين بمقارنة السامري الصالح، المستوحاة من الانجيل بحركات مثل “حياة السود ضرورية” و”انا أيضا” المناضلة ضد العنصرية. وأطلق البابا تسمية “سامريون جماعيون” على الحركات التي تصدرت الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد لأسباب عنصرية.

قال البابا فرانسيس: “لقد استمرت هذه الحركات، لأنها رأت مدى انتهاك كرامة الإنسان من خلال إساءة استخدام السلطة”. وبهذا المعنى، فإن الحركات الشعبية هي أيضًا “سامريون جماعيون”.

وفي كلمته، دعا البابا شركات الأدوية العملاقة إلى إطلاق براءات اختراع اللقاحات الخاصة بالوباء وجعلها في متناول الفقراء، وخصوصا في البلدان التي لم يتم فيها تلقيح أكثر من 4 في المائة من السكان.

ودعا المجموعات المالية والمنظمات الدولية إلى منح قروض للدول الفقيرة. وقال البابا إن شركات التعدين والنفط والعقارات والزراعة يجب أن توقف عمليات تجريف الغابات وتدهور البيئة، ويتعين على مصنعي وتجار الأسلحة وقف أنشطتهم تمامًا.  ويجب على عمالقة التكنولوجيا، ومالكي وسائل التواصل الاجتماعي التوقف عن “استغلال هشاشة الإنسان من أجل الربح دون التفكير في زيادة خطاب الكراهية، واستمالة الناس، والأخبار المزيفة، ونظريات المؤامرة والتلاعب السياسي.” وسأل البابا ا المؤسسات الإعلامية “باسم الله “يوقف” منطق التضليل والافتراء.

وبلا ذكر لأسماء البلدان التي تتعرض لسياسات الحصار والعقوبات مثل كوبا وفنزويلا وغيرهما، طالب البابا   الدول المتسلطة بأنهاء العقوبات المفروضة، “ضد أي دولة ومنطقة في العالم”، و “يجب حل النزاعات في الهيئات المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة”، لأن “التضامن ليس فضيلة أخلاقية فحسب، بل مبدأ اجتماعي أيضًا، يهدف إلى معارضة الأنظمة غير العادلة”.

البابا والاتهام بالشيوعية

وعبر البابا عن دهشته من مواجهة مقاومة، حتى من كنيسته الكاثوليكية، لمجرد تناوله المشاكل الاجتماعية واقتراحه الحلول. وأطلق على البابا “عدد من الألقاب” التي لا تؤدي إلى النيل من منزلته، وفي إشارة غير مباشرة لاتهامه بالشيوعية، أوضح فرانسيس: “ ان هذا لا يغضبني، إنه يحزنني”. إن هذا كله جزء من “مؤامرة ما بعد الحقيقة” التي تنتمي إلى الثقافة المنبوذة والنموذج التكنوقراطي وتريد إيقاف أي بحث عن بدائل للعولمة الرأسمالية.

وكان الصحفي ومؤسس جريدة “الجمهورية” الايطالية بوجينا سكالفاريز، قد التقى البابا بعد أيام قلائل من اختتام اللقاء العالمي الثالث للحركات الشعبية 3 - 5 تشرين الثاني 2016:

سكالفاري: أي ان حضرتك تتمنى مجتمعاً تهمين عليه المساواة.

وكما تعلم ان هذا هو البرنامج الاشتراكي لكارل ماركس وبعده الشيوعية. هل تفكر بطراز مجتمع ماركسي؟

البابا: هكذا يقال لي في الغالب، وجوابي كان دوما، إن الشيوعيين هم من يفكر مثل المسيحيين. السيد المسيح تحدث عن مجتمع يكون فيه الفقراء والضعفاء والمهمشون اصحاب القرار. وليس الدوغمائيون، ولا البرابرة، بل الشعب.، الفقراء، سواء كانوا يؤمنون بان الله متسام ام لا، وهؤلاء هم الذين علينا مساعدتهم، للوصول إلى المساواة والحرية”.

*************************************************

الصفحة السابعة

“طريق الشعب” تستطلع رأي مشاركين في الانتفاضة .. «نريد وطن».. شعار اختزل قصة معاناة العراقيين مع منظومة المحاصصة والفساد

بغداد ـ طريق الشعب

لم تكن تشرين لحظة عابرة في حياة العراقيين، بل اعادت ترتيب موازين القوى من جديد داخل البلاد، وفرضت بقوتها احداثيات لم تكن موجودة على أرض الواقع السياسي العراقي. وكل ذلك جرى بأيادي شبان متمسكين بسلمتيهم، رافضين لنهج المحاصصة وطامحين لإنهاء وجود السلاح المنفلت، عبر سطوع مبهر للضمير الوطني أعاد الاعتبار لكلمة الوطن.  وأجرت “طريق الشعب”، في مناسبة الذكرى الثانية للانتفاضة استطلاع رأي مع مجموعة كبيرة من المشاركين في الانتفاضة. ووجهت لهم اسئلة عن دوافع مشاركتهم فيها، واهم اللحظات التي عاشوها، وعن مخرجات وآفاق الانتفاضة.

انتفاضة شعب

يقول المتظاهر التشريني من ذي قار، حسين وادي، أنها “كانت انتفاضة شعب لاستعادة ما تبقى له من كرامة”.

وأكد ان مشاركته فيها جاءت لاعتقاده بأن “افضل طرق التغيير يكون من خلال الشعب نفسه، لا من خارج الحدود”، مبيناً أن “الطرق السلمية هي خيارنا في الاحتجاج، رغم انه خيار يستغرق وقتاً طويلاً. ربما لا نكون على قيد الحياة لنلمس ثمار ذلك التغيير الذي نصبو إليه، لكن واجبنا الأخلاقي يحتم علينا تمهيد الطريق إلى الأجيال القادمة بقدر ما نستطيع”.

وأضاف أن “مجزرة جسر الزيتون ستبقى علاقة في الاذهان دائماً، واتذكر كيف كانت الناس تذبح بالشوارع ولا مغيث لهم، ولم ننس حرق خيم الحبوبي وقتل الشهيد اعبادي أمامنا. هذان الموقفان لن يغيبا عن بالي ما دمت حيا”.

وأوضح أن “أهمية هذا الحدث تكمن بأنها انتفاضة شعب كامل، فحتى الذي لم يشارك فيها، كان متعاطفا معها”.

واختتم بقوله: ان “ثمار تشرين كثيرة لا مجال لعدها، لكن أهمها التغيير الاجتماعي والإيمان الحقيقي لدى الشباب بالتغيير”.

رسالة للسياسيين الفاسدين

أما الدكتورة طاهرة داخل من بغداد، فقد وصفت المنتفضين بأنهم يملكون “شجاعة التغيير السلمي ضد السلطات الفاسدة”، مبينةً أن مشاركتها جاءت لـ”ايمانها بالتغيير السلمي”، وثقتها بأن “الديمقراطية يجب ان تكون  منهجا سياسيا مدنيا للدولة”. 

وتابعت بقولها: ان الذكرى الثانية تستعيد في مخيلتي المحبة والتضامن والروح الوطنية العالية، ولحظات البكاء والفرح، وتستعيد ايضاً الخوف ورائحة الدخان والقمع والصراخ واصوات الرصاص وحركة “التكتك” وهو يمضي كسيارة اسعاف يحمل الجرحى والدماء تسيل منه.

وترى الدكتورة أن الانتفاضة اسست فكريا لـ”منهج سياسي احتجاجي حرك عقول الشباب العراقي وسيصبح الاحتجاج وسيلة للتغيير مستقبلا لان عامل الخوف قد انتهى رغم القمع والاذى”.

الشرارة الاولى للانتفاضة

من جهته، علّق احمد ستار، على الذكرى السنوية الثانية لانتفاضة تشرين، قائلاً انها تعني الكثير بالنسبة ليّ، وسجلت اروع الملاحم البطولية للشباب وكافة المشاركين فيها.

وأضاف “أنني شاركت فيها بسبب الازمة المستفحلة للنظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية، الذي عجز عن توفير ابسط مقومات الحياة إلى شعبنا، وخصوصاً الشباب منهم الذين عانوا من بؤس شديد”، مشيراً إلى أن “قمع السلطة للشباب المتظاهرين من أصحاب الشهادات العليا كان شرارة انطلاقة انتفاضة تشرين”.

ويستحضر ستار في ذهنه الكثير من المواقف، لكنه يؤكد على ضرورة “زيادة التكاتف والتنسيق وايجاد القيادة للاحتجاج التي من شأنها ان تعيد الدور المهم للاحتجاجات من أجل الوصول للتغيير الشامل”.

وتابع بقوله ان “ذاكرتي مليئة بكافة الشواهد منها اتذكر في يوم ٢٥ ـ ١٠ ـ ٢٠١٩ حيث خرجنا في البصرة امام مبنى المحافظة والتجمهر كان في ساحة البحرية. اتذكر ذلك المشهد الذي لا يغيب عن ذاكرتي وهو اربعة متظاهرين شباب قامت سيارة حكومية مكلفة بحماية مبنى المحافظة بدهس هؤلاء الشبان الاربعة، احدهم استشهد اسمه عباس الصيمري، وكان مصابا بمرض السرطان”.

وأكد ان أهمية الانتفاضة بكونها “تمكنت من تصديع جدار المحاصصة الطائفية، وايضا زادت من وعي الناس، ونجد هذا الشيء متمثلا في شعار (نريد وطن)، الذي اختزل الكثير من المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.

واشار ستار الى ان “ثمار تشرين كثيرة، منها خلق رأي عام كان يحسب له في اجهزة الدولة ومؤسساتها”، لافتاً إلى أن “اسباب قيامها لا تزال موجودة، لا سيما ان التذمر والسخط موجودان، بأية لحظة ربما تتجدد، لكن تحتاج الى ايجاد قيادة موحدة لها”.

 “المشاركة كانت واجبا وطنيا”

فيما اعتبرت الناشطة في الاحتجاجات، منال جبار، انتفاضة تشرين ابرز حدث احتجاجي بعد 2003، مبينةً أن “من لم يشارك في الانتفاضة كان داعما معنويا وماديا بهدف الحفاظ على ديمومتها، وتحقيق مطالبها المشروعة”.

وقالت جبار “شاركت في اغلب الحركات الاحتجاجية، وانتفاضة تشرين هي واحدة من اهم التحركات الشعبية، كونها انطلقت بإرادة جماهيرية رافضة للمعاناة التي يعيشها المواطن، ومُطالبة بالتغيير وتحسين الوضع الامني والمعيشي لكل فئات الشعب، لذلك وجدت ان من واجبي المشاركة فيها، خاصة وان مشاركة المرأة في مثل هذا الحدث التاريخي مهم جدا، كونها ليست بمعزل عن المعاناة”.

وأكدت ان “أول ما تستعيده ذاكرتي هو شهداء وجرحى الانتفاضة، واتذكر الحوارات التي نفتحها بشكل عفوي مع المتظاهرين المصابين اثناء تقديمنا الاسعافات الاولية لهم، حيث كانوا يتحدثون بروح وطنية وبإصرار على الاستمرار حتى لو كلف ذلك خسارة حياتهم”.

تحول نوعي في مستوى الوعي

ومن النجف، عدّ أحمد الموسوي، أن “انتفاضة تشرين، لم تكن لحظة عابرة في حياة العراقيين، أو حدثاً هامشياً جرى خارج النسق العام للتجربة السياسية ما بعد 2003، بل كانت لحظة تاريخية توّجت سنوات طويلة من النضال المدني الوطني والحراك الاحتجاجي السلمي ضد نهج المحاصصة والفساد والطائفية”.

وأضاف أنها “لحظة تحول نوعي بالوعي الاحتجاجي، ودفقة حيوية سرت في الحس الوطني الرافض لكل أشكال التجزئة والاقطاعيات الطائفية السياسية الفاسدة”، واصفاً تشرين بـ”لحظة سطوع مبهر للضمير الوطني الشعبي أعادت الاعتبار لكلمة الوطن، حينما هتف الجمهور بأصوات حرة (فوگ صوتك يا وطن ما يعله صوت)، وترجمتها بشعارها العظيم (نريد وطن) الذي اختزل كل المطالب واستحق أن يكون شعار الانتفاضة الأول ومعرّفها الأوضح”.

وأوضح إن “كل من يتقاطع مع نظام المحاصصة والفساد ويحفظ في صدره ضميراً وطنياً حراً، لا بد له أن يكون بين المنتفضين في تشرين. فلا يوجد للحياد موضعٌ في معركة الوطن ضد ناهبيه، فهي واحدةٌ من اثنتين، إما أن تكون في صف العراق أو ضده. لهذا لم يكن صعباً أن أكون بين الجماهير في غرة تشرين، نهتف معاً ويسند بعضنا البعض، ولن أنسى تلك الحماسة الأسطورية التي كان الشباب من المتظاهرين يواجهون بها رصاص السلطة القمعية، فيجمعون شتاتهم متراصين متناخين، ضاغطين على جراحهم، تحفزهم دماء رفاقهم الضحايا من الجرحى والشهداء الذين يسقطون بين أيديهم، ليعاودوا الكرًّ مراتٍ ومرات باتجاه مصدر النيران الغاشمة التي تحول بينهم وبين دخول ساحة ثورة العشرين، حيث اعتادوا التظاهر فيها سلمياً لسنوات مضت”.

وأشار الموسوي إلى أن “عراق ما قبل انتفاضة تشرين ليس هو ما بعدها بالتأكيد. هكذا يرى معي الكثيرون، لأن الانتفاضة فرضت على الخارطة السياسية احداثيات جديدة لا يمكن اغفالها، وغرست في الوعي الاجتماعي معادلات سياسية مختلفة تماماً عن تلك التي دأبت على اشاعتها الأحزاب الطائفية وسلطات الاحتلال التي أتت بها”، مبيناً انها “فتحت الأفق بأكمله أمام الحركة الاحتجاجية لتراكم عوامل ومسببات التغيير الشامل في الواقع الاجتماعي والسياسي”.

احمد تاج من بغداد، محتج فاعل في حراك تشرين، قال وهو يستعد لاحياء الذكرى الثانية للانتفاضة: “كنا ننتظر حدث تشرين التاريخي، منذ سنين طوال حيث انه البوابة التي كنا نرى من خلالها عراقا مدنيا ديمقراطيا خاليا من هيمنة الطائفيين والفاسدين على السلطة، وشعرت أن هذا التاريخ هو يوم التعبير عن الإرادة الوطنية”.

 وأضاف “أننا قبل تشرين كنا نلتقي كمجاميع، ونتكلم لماذا وصل البلد إلى هذا الحال، وماذا نحتاج، وماذا قدمت السلطة لنا حتى نطلب منها ما نحتاج. ووصلنا إلى قناعة اننا جميعا متضررون: ان هذه المنظومة يجب أن تنتهي. واجمع الكل على هدف التغيير”.

وتابع تاج بقوله: “احمل في جعبتي الكثير من المواقف حيث تعرضت لمحاولتي اغتيال، أما ثالث موقف معي، فهو الاختطاف الذي تعرضت له لمدة 5 ايام وخرجت بأعجوبة، فضلاً عن فقداني للكثير من الأصدقاء، منهم من قتل واخر مغيب، واخرون معاقون، فضلاً عن المهاجرين الى خارج البلاد”.

صراع مع الماسكين بالسلطة

زيد شبيب، الناشط في اتحاد الطلبة العام، قال إن “مشاركتي بالانتفاضة لم تكن ترفاً او من أجل خوض مغامرة ممتعة، بل هي نتيجة فشل أحزاب المحاصصة والفساد، أحزاب السلطة في بناء دولة مدنية ديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وصراعنا مع الماسكين بالسلطة هو صراع بين شعب أغلبيته من الكادحين والمعدمين، وبين أحزاب فاسدة تسيطر على مقدرات البلد”.

واستحضر شبيب “الوحدة التي خرج فيها العراقيون وهم يقولون لا، بوجه السلطة ومرتزقتها، والدور الكبير لاتحاد الطلبة العام ورابطة المرأة واتحاد الشبيبة الديمقراطي، في الساحات الاحتجاجية”.

ولفت الى أن “شعار نريد وطن، عبّر عن الغربة التي يشعر بها العراقيون وهم في وطنهم”، معتبراً أن “تشرين كانت وما زالت ناقوس خطر يؤشر على فشل الطبقة السياسية الفاسدة الحاكمة في ادارة البلد، وتعمق الانسدادات في أن يحدث اصلاح من داخل هذه المنظومة الفاسدة، والدليل التفافها على مطالب الانتفاضة الحقة”.

واستدرك قائلاً إن “الانتفاضة مستمرة وهي تمتد أفقيا وعموديا، لتصيب مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية، بسبب أن طبيعة بنية نظام المحاصصة لن تحدث أي تغيير تطمح إليه الجماهير، بل مشاكل هذا النظام وانعكاسات صراعات أحزاب السلطة في ما بينها تنعكس سلبا على حياة الناس المعيشية، حتى زادت الازمات واضحت أكثر تعمقا. وبالتالي لا سبيل غير التغيير الشامل”.

تشرين.. صوت عراقي وطني

ومن بغداد قالت ايناس جبار، إن “انتفاضة تشرين حدث كبير ومهم ومختلف أيضا في تاريخ العراقيين في الالفية الثالثة، وأنها علمتنا الدروس والمعنى الحقيقي لحرية التعبير الرافضة لنهج الفساد والمحاصصة والسلاح المنفلت”، مؤكدةً ان “الانتفاضة كانت وما زالت الصوت العراقي الذي عبر عن إرادة شعب يحب وطنه، ويسعى الى ان يعود منعما بالحرية وخاليا من الفساد، ولغة العنف والسلاح والارهاب”.

وعن مشاركتها قالت إنها “جاءت من ايماني الحقيقي بأن اكون جزءاً من كل العراقيات والعراقيين الذين هبوا للمشاركة من اجل التغيير الكامل لكل السياسة الخاطئة التي تقود البلد والشعب الى الويلات والازمات”، موضحةً أنها شاركت لتعبر عن موقفها تجاه “فشل الاحزاب الحاكمة التي حطمت امالنا وسرقت احلام الملايين بسبب الفساد والتدهور المستمر الذي جعل بنات وابناء بلدي يعانون من الفقر والحرمان والعنف”.

وبيّنت أن “لانتفاضة تشرين لقطات لا تنسى وصورا ملهمة لتستمر. اتذكر تلك التضحية التي جسدها اصحاب التكتك الذين شاركوا بعفوية فقط لأنهم يريدون مساعدة وانقاذ من كانوا يتعرضون للقمع الوحشي بالرصاص الحي، وكانوا يسابقون الرصاص للوصول وانقاذ الجرحى برغم حتمية موتهم في أي لحظة. هذه اللقطة العظيمة خالدة في الذاكرة”. 

لحظة انطلاق عفوية

ظافر مردان من بابل، وصف تشرين بـ”أنها المحطة المهمة في تاريخ العراق، حيث كانت لحظة الانطلاق العفوية وتجمع العراقيين تحت يافطة رافضة لنظام المحاصصة والفساد، في غاية الدهشة”.

وأكد أن “أول ما يتبادر لذهني هو خروج الطلبة من المدارس، وبما سمي في حينها المد الابيض الذي كان بشارة للنصر والتواصل للوصول الى ضفة النجاح”.

ووصف مردان صمود الشباب في الاحتجاجات بوجه الرصاص والقتل والخطف بـ”الأسطوري”، مبيناً أن “هناك قدرة هائلة على تعرية النظام القاتل والفاسد وبصدور سلمية عارية”.

وتابع أن “الانتفاضة اعطت بصلابتها ودعمها اللوجستي الجماهيري صفعة لوجه نظام المحاصصة ما زالت آثارها باقية حتى الان، حيث كان الوضع بعد تشرين مختلفا جدا لما كان قبلها، فسبل وتوسع وتنوع أساليب الحراك لم تتوقف، وعملية انطلاقها مرة ثانية ما زالت قائمة، فتحاول الان قوى الفساد ان تجهض على هذا الحراك الجماهيري بأساليب عدة حيث تمت الاستعانة بدول مجاورة واخرى اقليمية لإجهاض هذا المد الشعبي”.

خلق جيل واع ومثقف

أما المتظاهر حسن المياحي من محافظة الديوانية، فقد قال إن “انتفاضة تشرين هي شعلة الضوء الى المستقبل، بعد كل هذا الخراب والدمار الذي خلفته قوى الطائفية والفساد منذ العام 2003”.

وأضاف أن مشاركته فيها جاءت “بهدف القضاء على منظومة المحاصصة في العراق، وانهاء توزيع المناصب المهمة في البلد على اسس طائفية، بالإضافة الى ان مشاركتنا كانت محاولة لاستعادة هيبة الدولة وانهاء وجود السلاح المنفلت، وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة التي غيبتها الهويات الفرعية”.

واستحضر المياحي في ذهنه مجموعة مبادئ كانت حاضرة في تشرين منها “ثبات موقف المنتفضين على ان الشعب مصدر السلطات، ولا تستطيع اية سلطة فاسدة ان تقف في وجهه، مهما استخدمت من قمع وتهديد ووعيد”.

وأشار الى أن “ثمار الانتفاضة كانت اسقاط كل الخطوط الحمر، وخلق جيل من الشباب الواعي والمثقف، لا يخشى الخوف والسكوت عن الظلم والمطالبة بحقوقه المشروعة”، داعياً الى ضرورة ان “تتبلور هذه التضحيات في تنظيم سياسي قوي، يكون ندا لأحزاب الاسلام السياسي الفاسد الذي جثم على صدور العراقيين، اكثر من 18 عاما”.

************

الصفحة الثامنة

غدروا بهم وقتلوهم لأنهم طالبوا بوطن وعيش كريم.. أمهات الشهداء يتحدثن عن بطولات أبنائهن الخالدين

بغداد ــ طريق الشعب

عامان مرّا من عمر الانتفاضة الشعبية، بينما أصوات الأمهات الثكلى تتعالى في كل مناسبة وحين، للمطالبة بالاقتصاص من قتلة أولادهن وبناتهن الذين أزهقت أرواحهم بدم بارد خلال الاحتجاجات. ورغم مرور هذه الفترة الطويلة المليئة بالوعود الحكومية والنيابية، إلا أن أي تحقيق جاد لم يجر للكشف عن القتلة. وفي الحالات القليلة التي كشف فيها عن بعضهم، لم تتمكن الجهات المعنية من الإعلان عن النوايا الفعلية والأطراف التي تقف خلف هؤلاء السفاحين المحميين والمحصنين عن الحساب والعقاب والقصاص العادل. وفي خضم الأحداث، برزت قضية أمهات الشهداء المفجعات، لتتحول إلى ظاهرة اجتماعية تضامن الملايين معها، من أجل إنصافهن وكشف الحقيقة التي يحاول البعض تزييفها.

حقد وإجرام بحق الشباب

يتذكر العراقيون جيدا كيف تعاملت الحكومة والقوى التي تحركها مع انتفاضة تشرين في لحظاتها الأولى. كانت هناك مجاميع شبابية تتوافد على ساحة التحرير وسط العاصمة، ولا تفعل شيئا سوى المطالبة بالحقوق والتنديد بالفساد. وفي المقابل، تم إطفاء الكهرباء في الساحة ومناطقها المحيطة، وقطع الانترنت عن البلد بأكمله، وراح الرصاص الحي يلاحق الرؤوس في مشهد مفجع يبين بوضوح مدى استهتار السلطة والذين يتمسكون بها لأجل مصالحهم. واستمر القمع ليصل في يوم 25 شباط إلى أعلى مستوياته باستخدام القناصة والقنابل والغاز والرصاص المباشر وغيرها من الأساليب الإجرامية.

لم تنطفئ جذوة التظاهرات في الكثير من المحافظات، وانتقلت شرارتها من بغداد إلى الجنوب والفرات الأوسط. وعلى اختلاف محطاتها، مرت أحداث دامية تمثلت بقتل صفاء السرّاي وعلي اللامي ومرتضى المحمداوي ومهند القيسي وعمر سعدون وثائر الطيب وغيرهم المئات من خيرة شباب البلد.

وبرزت قضية أمهات الشهداء المطالبات بالكشف عن القتلة وتصدرت الرأي العام، فيما لم يفرغ الحراك الشعبي من تنويع أساليبه الاحتجاجية المساندة لهذا الأمر. ولعل وقفة أخ الشهيد إيهاب الوزني كانت مميزة جدا عندما وقف أمام جنين بلاسخارت، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، قائلا لها: “منذ عام ونصف وأنتم تتفرجون على قتل المتظاهرين بدم بارد، لا يوجد تحرك جدي من قبلكم والعالم. الشباب يقتلون بكل أنواع الأسلحة، بينما بعض تقاريركم لا تنقل الحقيقة كاملة إلى مجلس الأمن الدولي لتضعه أمام مجريات الأحداث بصورة شاملة”.

والدة أول شهيد تتحدث

وتابعت “طريق الشعب” التصريحات التي أدلت بها أمهات الشهداء المنتفضين، التي لم تخل بقدر ما كانت مؤلمة، من مشاعر الاعتداد بالنفس والفخر بما قدمه أبناؤهن المغدورون.

والدة الشهيد مرتضى عادل المحمداوي، أول من سقط في ساحة التحرير، تستذكر ولدها بوجه حزين ودموع حارة، وهي تستعيد ذكرى ابنها الذي غدرت السلطة به في أول أيام تشرين.

تقول الوالدة الحزينة: “بعد أن انتفض الشعب، كانت حياة ابني كلها في ساحة التحرير، كان يسهر الليل ليتابع الأخبار، ومن ثم التحق بالشباب رغم محاولاتنا لثنيه عن ذلك خوفا من غدر الفاسدين. فهذا الشاب الذي درس في كلية العلوم السياسية، فهم جيدا ما معنى الوطن، وأين منبع الخلل فيما يجري. كان يحب بلده بشكل لا يصدق، وقبل أن يخرج في آخر ليلة له كتب في صفحته على موقع الفيس بوك (أننا على نهج الإمام الحسين.. العراق ينتصر.. العراق يتقدم)”.

وتضيف والدة مرتضى: “قتل ابني بدم بارد وفارق الحياة. أوجه رسالتي إلى كل الأمهات العراقيات بأن يربن أولادهن وبناتهم على حب الوطن، نحن خسرنا مرتضى لكننا مستمرون على هذا النهج، وأتمنى أن يكون الجميع كذلك لخلق جيل شجاع ينصر المظلومين ويدافع عن الوطن”.

مهند القيسي.. رحيل مبكر

وما تزال الأم العراقية تقدم المزيد من التضحيات وجراحها لم تندمل. ورغم فقدان الكثيرات لفلذة أكبادهن خلال الاحتجاجات، لكن المسؤولين وأعضاء البرلمان غضّوا بصرهم وتمسكوا بالمناصب والامتيازات وحموا القتلة بوقاحة قل نظيرها.

تتحدث أم الشهيد مهند القيسي، الشاب الذي تحول إلى ظاهرة احتجاجية وعاطفية في قلوب الكثيرين، وتكشف عن تفاصيل الغدر بابنها ذي الأربعة وعشرين ربيعا.

تقول الأم التي جعلت من قضية ابنها في صدارة الرأي العام أن “مهند الشاب الطموح خرج مع الآخرين في محافظة النجف للحفاظ على كرامة الشعب، فلا أحد يستطيع العيش بدونها. لم يكن محتاجا وكانت ظروفه جيدة لأنه ابني الوحيد، لكنه خرج باندفاع كبير لوعيه العالي بأهمية هذا الحدث الثوري. قتله الفاسدون والمجرمون في ساحة الصدرين بهجمة شرسة أودت بحياة العشرات في ليلتها، وسأواصل كشفهم في كل الساحات الاحتجاجية، ولن أتوقف حتى محاسبتهم. الحكومة تعلم من هم القتلة ولا تقدر على محاسبتهم”.

وتضيف قائلة: “في كل جريمة كانت تقع يقولون ان هناك طرفا ثالثا، لكنهم انكشفوا، فبخطابهم وتحريضهم وأفعالهم أصبحوا معروفين ولن نبقيهم مهما طال الزمن وارتفع الثمن”.

أية قسوة هذه؟

أما والدة الشهيد أحمد العبيدي، فتتحدث عن تفاصيل تلك الليلة المشؤومة وتمسح دموعها الحارة.

تقول وهي تمسك بصورة ابنها أن “أحمد هيثم العبيدي ابن لأب تم قتله عام 2007 خلال الاقتتال الطائفي الذي أشرفت عليه نفس الجهات المتورطة بقتل المتظاهرين. لقد ربيته بصعوبة كطفل يتيم فقد أباه، لكنه استشهد بتاريخ 21/11/2019 في ساحة التحرير خلال التظاهرات وفارق الحياة بعد عمر قصير لم يتجاوز 24 عاما. كان صغيرا ويطمح إلى تغيير الواقع البائس”.

وتضيف وهي تستذكر تلك اللحظات “حاولت ردعه عن الالتحاق في التظاهرات، وقال لي أنني لن أتخلى عن أخواتي وإخوتي في ساحة التحرير والسنك والخلاني، كان غيورا على وطنه وشعبه وأراد أن يقدم أي خدمة ليثبت نفسه وصدق اندفاعه. فشلت كل محاولاتي ولم أكن أعلم كيف ينام أبني في ساحة التحرير، وهل كان يأكل أم لا، لكنه دائما يطمئنني ويمازحني. وفي آخر يوم زار بيته، دخل ليستحم وتناول الطعام ورأيت أدوية كثيرة في حقيبته أعلمني بأنها لمعالجة وإسعاف المتظاهرين الجرحى. راوغ أخاه الكبير وتسلل خارج المنزل. لحقته في اليوم التالي ورغم إلحاح أصدقائه على مرافقتي للمنزل لأني كنت مريضة، رفض ذلك واستشهد في اليوم التالي مع طبيبة شابة كانت تعمل معه بنفس الفريق وفارقت الحياة بقنبلة دخانية استقرت في رأسها الصغير”.

وتوضح الوالدة أنها “سمعت مع العائلة بخبر استشهاده رغم أنه كان يكلمهم قبل دقائق عبر الهاتف. فلقد ذهب الشهيد أحمد إلى مكان خطير من أجل إنقاذ حياة المصابين، ولم يعلم بأن حياته كانت في لحظاتها الأخيرة. وأثناء معالجته لمصاب، رفع رأسه من خلف القطعة الكونكريتية ليرى الجانب الآخر، وسرعان ما استقرت رصاصة في بلعومه وأردته قتيلا”.

وتؤكد قائلة “لن أتنازل عن دم ابني وروحه البريئة. سأبقى إلى آخر يوم في عمري أفضح أساليب المجرمين حتى أرى المتورطين خلف القضبان”.

ثائر الطيب يبكي الملايين

من عرف الشهيد الشاب ثائر الطيب، فانه بالتأكيد عرف الأعمال الخيرية التي كان يقدمها والمساعدة التي لا يبخل بها على المحتاجين والمرضى والفقراء. لكن ذلك لم يكف ثائر ولم يحمه من قنبلة لاصقة فجرت سيارته وكبّدت محافظة الديوانية والوطن خسارة مفجعة.

الشاب الودود الذي كان مقبلا على الارتباط الزوجي وفرحا بذلك، أصبح زفافه تشييعا مهيبا حضره آلاف المواطنين الذين أذرفوا الدموع وأكدوا له قبل أن يوارى الثرى استمرارهم بالانتفاضة وعدم التراجع.

وتقول أم ثائر “فارق أبني الحياة بتاريخ 25/12/2019 في محافظة الديوانية. لقد كان طيبا ولديه علاقات اجتماعية واسعة، موته شكّل صدمة مهولة للمواطنين بعد جريمة اغتياله الغادرة. كان ثائر منشغلا من بداية النهار وحتى الليل بمساعدة الناس، وتكفل بإغاثة المحتاجين والمرضى، طيبا حنونا ومعروفا بين أبناء محافظته”، مضيفة “في أحد الأيام أراد الخروج وكنت قلقة جدا بسبب توتر الأوضاع وقمع التظاهرات، تناول مع صديقه وجبة طعام وغير ملابسه ومازحني قبل أن يخرج. وبعد دقائق من خروجهم في السيارة سمعنا صوت انفجار مدوي اعتقدنا بالبداية انه أحد الاعتداءات على ساحة التظاهرات، ولم نكن ندري بأنه صوت القنبلة التي تفجرت تحت مقعد ثائر وهو يقود سيارته”.

ووفقا للمشاهد التي تصورها الوالدة المفجعة “بقي ثائر لأيام في المستشفى، وعندما تمكنت من زيارته حرك رأسه قليلا وأصابعه تجاهي. كنت أعلم بان أبني سيفارق الحياة وبالفعل حصل ذلك في اليوم الثاني. رحل أبني وتركني مكسورة ومحطمة”. وتابعت “كان ثائر الطيب طيبا كاسمه، شخصية لا توصف، نذر حياته للمحتاجين، لماذا قتلوا أبني وما الذنب الذي اقترفه؟”.

وبين المشاهد المؤلمة التي تصورها أمهات الشهداء، لا يمكن نسيان مشهد الفتى الذي قتل في إحدى ساحات التظاهر ونقل إلى المستشفى دون علم أهله.

وانتشر في حينها فيديو جسد هذه اللحظة الكارثية، فكان الشباب يبكون حول جثة صديقهم الشاب، ليرن هاتف الشهيد في تلك اللحظة وإذ بوالدته تتصل عليه للاطمئنان، فتعالت أصوات الصراخ لأن المتواجدين لا يستطيعون الإجابة وإبلاغ الأم بوفاة صغيرها الذي يرتدي فانيلة نادي القوة الجوية، بطريقة غادرة. وانتشرت صور وفيديوهات على نطاق واسع خلال الاحتجاجات رغم قطع الانترنت لأيام؛ ودونت الجرائم البشعة التي نفذتها بعض القوات الحكومية وميلشيات مسلحة كانت منتشرة وتستهدف المتظاهرين العزل.

وفي مقابل ذلك، أتهم رئيس الحكومة، حينها، المتظاهرين بالتخريب ونصحهم بالعودة إلى بيوتهم و(إعادة الحياة الطبيعية إلى الشوارع) بينما راحت قنوات كثيرة تصف المتظاهرين والشهداء بالعملاء والخونة والمنقلبين على العملية الديمقراطية. وحرضت هذه القوات والجهات التي تقف خلفها علنا وبكل وضوح على قتلهم، وبررت اغتيال آخرين مثل الشهيدة الناشطة ريهام يعقوب في محافظة البصرة، والتي برر قلتها أحد نواب البرلمان في لقاء متلفز أثار غضب الرأي العام بعدما لوّح بأنها “عملية للسفارة الأمريكية”.

شهيد ميسان الفتي

أم الشهيد إبراهيم كاظم المحمداوي في ميسان، تجسد لحظة قتل أبنها بتاريخ 26/10/2019 وهو أبن منطقة حي الشهداء الفقيرة.

تقول الأم “ربيت أبني في أيام عصيبة، رافقتها ظروف العوز والخوف من المصير المجهول، ورغم كل ذلك قتل وهو في ريعان صباه بطريقة باردة وقاسية أثناء نزوله إلى الاحتجاجات مع شباب محافظة ميسان. كان أبني في الصف الثالث المتوسط، حرقوه وأعادوه إلينا جثة متفحمة. أخوته الكبار يعانون البطالة وهو محروم من أبسط حقوقه كصبي. أطالب الحكومة بإنصافي وإعدام قاتله الذي انكشف والقي القبض عليه”.

وتتساءل عن “الغاية من إبقاء القاتل في السجن دون تحقيق حكم الإعدام بحقه، بينما الشباب الوطنيون غادروا الحياة بطريقة مؤلمة. يجب أن تنفذ الأحكام مباشرة بحق المجرمين ليكونوا عبرة لا تنسى”، مضيفة “قدم أبني نفسه فداءً للوطن بدون أي تردد أو خوف. هو وغيره سئموا الظلم والتهميش والعوز الذي يعيشون به بينما أبناء المسؤولين يتنعمون بخيرات البلد وحدهم”.

عمر سعدون.. جرح العراق النازف

وتحول الشهيد عمر سعدون إلى أيقونة احتجاجية، وملأت صوره الساحات في مختلف محافظات العراق.

والدة الشهيد عمر ابن ذي قار الذي ولد سنة 1998 واستشهد بتاريخ 28/11/2019 تقول إن الجرائم التي ارتكبت بحق المنتفضين “يجب تدوينها لتعرف الأجيال القادمة أي وحوش ضارية حكمت العراق”.

وتؤكد أن “التاريخ كتب بدماء شباب العراق الذين استشهدوا. كان عمر طالبا في المرحلة الثانية/ قسم الإعلام. ويحلم بأن يكون اسما لامعا في تقديم البرامج الرياضية، يشجع فريق الزوراء الرياضي الذي رفع لاعبي وجماهير النادي صورته في الملاعب”، مضيفة “ابني الشهيد من المتذوقين للآداب ومحب للشعر الشعبي ومتأثر بالشاعر الراحل عريان السيد خلف. كما حضر الكثير من الأمسيات الشعرية والأدبية داخل المحافظة، ويتوجه دائما إلى شارع المتنبي وسط بغداد ليلتقي بالأصدقاء ويقتني الكتب. كان يمتلك مزايا الشاب الطامح المسالم وينتمي لعائلة تحب وطنها، قمت بتربيته بصعوبة بالغة، وقتله المجرمون بدم بارد وبدون أي سبب وفجعوني برحيله كما فجعت كل الأمهات المكتويات بحرقة الفراق. يجب أن يكشف عن القتلة وهذا ما سنبقى نطالب به مهما طال الزمن”. وكتب الناشطون آراء عديدة حول الشهيد عمر. حيث اعتبروه الجرح النازف لذي قار والعراق، وقتل مرتين؛ مرة بالرصاص الحي ومرة أخرى عندما احتفل الأوباش المجرمون بموته، كما فعلوا وحرضوا على الآخرين المغدورين.

وواصلت الأمهات في مختلف المحافظات مطالباتهن للكشف عن قتلة أولادهن، كوالدة الشهيد محمد الموسوي، والشهيد نور الكناني، والشهيد فهد العلياوي، والشهيد حيدر القبطان، وغيرهم المئات. في حين كان هناك جانب آخر من القصة، فالشهداء أيضا آباء وأزواج وأخوة، فمثل الشهيد الشاعر علي اللامي، أبن واسط الذي قتل ببغداد بعد ثباته بساحة التحرير، ترك خلفه عائلة وأولاد وبنات ومجاميع شعرية تستحق أن ترى كاتبها ينعم بالحياة وينشر الجمال، مثله مثل الشهيد سلام العامود الذي قتل أثناء توجهه للتبرع بالدم للجرحى المنتفضين، وصفاء السرّاي الشاب المتمرد على الواقع البائس، وإياد عباس الذي يحمل شهادة الماجستير في الإعلام، وعاطل عن العمل رغم مسؤوليته عن إعالة خمس بنات، علي وآخرين في قوائم الموت المجاني.

*********

الصفحة التاسعة

«نون» تشرين يستذكرن حراكهن على طريق «نريد وطن»

التحرير.. بيتي الأول

طال بي العمر لأخوض تجربة جديدة، لأشارك شباب العراق المنتفض من اجل حياة افضل ومستقبل آمن، يوفر له فرص لتحقيق أهدافه.. كانت التحرير والخيمة بيتي الاول وليس الثاني وكان الشباب عائلتي ومحط اهتمامي. اتفقدهم وافرح يوم أجدهم سالمين لم تنل منهم الدخانيات، ولا رصاص القناص. وألف وألف وأدور معهم في البحث عن الدعم للملتحقين الجدد في مد الانتفاضة بالنفوس الطيبة شيبا وشبابا. وسعيت كثيرا لتوفير الدواء والماء واحيانا الكتاب، فالتحرير غدا مدرسة لنا جميعا.. تعرفت الى العشرات لا بل المئات من الشابات والشباب ومن اعمار متفاوتة، والى عراقيين من قوميات وانتماءات متفرقة، ولكن موحدة بحب العراق الجميل، ليكون خيمة تجمعنا ويمنحنا الامان.

شميران مروكل

********

يا لفرحة قلبي الحزين

صباح اليوم الخامس والعشرين من شهر تشرين الاول عام 2019، خرجنا متوجهين الى ساحة التحرير.

كان يوما غائما ممطرا قليلا.. عند وصولنا سمعنا اصوات اطلاقات نارية كثيفة، ممزوجة مع صوت الرعد ورائحة الغازات الكريهة.

الاف الشباب والشابات يهتفون (نريد وطن). يا الله... ما الذي يحدث هنا؟ وماذا هناك؟

نزلت دموعي مع ابتسامة عريضة.. اقتربنا اكثر/ وصلنا الساحة/ شيء عجيب..

الخيم منتشرة في كل مكان.. نساء يعدن الطعام واخريات يقمن بصنع الخبز وغسل الصحون والملابس ووو.. الخ.

يا لفرحة قلبي الحزين. لم أصدق ما اراه.

انها الثورة.. ثورة شباب بامتياز.

سيتغير كل شيء.. سيعود الوطن.. سيعود العراق الذي نحب.. نعم سيعود وطني ووطن اهلي واجدادي ...

نريد وطن ... نريد وطن

عفيفة ثابت (ام دريد)

**********

ثورة تشرين

كان للاندلاع الاول للاحتجاج السلمي في تشرين عام ٢٠١٩ اثر كبير في صفوف الشعب العراقي، حيث خرج الالاف منهم مطالبين بأبسط حقوقهم بالعيش الكريم، ثم تطورت المطالب بعد حالات الاغتيال والقتل الى ان يصبح المطلب الرئيسي هو الكشف عن قتلة ابناء تشرين ومحتجيها، لذلك كان من الواجب علينا كعراقيين وطنيين ان نشارك في هذه الانتفاضة مُقدمين كل ما نستطيع تقديمه منذ اليوم الاول لاندلاعها، وكان دوري الاكبر هو في ساحة احتجاج محافظة واسط بتقديم الدعم المعنوي واللوجستي للشباب المحتجين.

ومن الذكريات التي لا تفارق ذاكرتي هي التعاون والاخاء والمودة بين صفوف الشباب من دون معرفة خلفيات بعضهم البعض او حتى الاسماء من دون تمييز او طائفية دينية او عرقية.

سناء تركي مرموص/ أم جور

*********

تحت جسر الجمهورية

اثناء تقديم الدعم للمنتفضين (بالخوذات واقنعة الحماية من الغاز) قريبا من الساتر، يتهافت الجميع لحمايتنا نحن النساء والفتيات اللواتي شاركنا في الانتفاضة، وهم يتفاخرون بنا. وعند ضفاف دجلة تحت الجسر اللوحة تبدو غريبة: شباب يملئون المكان، فرق طبية وفرق الدعم اللوجستي واخرى لبناء خيم الاعتصام وغيرهم يبعثون في المكان حياة اجمل لتغيير مشاهد الموت رغم القمع الوحشي بالرصاص الحي الموجه لضرب المتظاهرين. واصحاب التكتك بأعمارهم الصغيرة تحولوا لإسعاف فوري لنقل الجرحى والشهداء. مشهد يمتزج فيه الحزن والفرح معا، وجيل يصعبُ وصفه.. إلا بأنه (جيل واعٍ وعنيد لوطن جديد).

انتصار الميالي

******

تشرين يأكل العشق

هكذا اقول دوماً. ايام لن تتكرر. كان كل شيء في الساحات حقيقيا جداً. خرجنا الى الساحات بهتافات صادقة من اجل حياة تليق بنا. كل شيء صار جميلا. وكان هناك الكثير من الحب والفن والثقافة من خلال الرسم على الجدران القديمة ونشر البهجة والجمال او اللوحات و الكتب الموجودة على ارصفتها، او من خلال الندوات والحوارات الهادفة. في الساحات عرفنا ما معنى «الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق». في تشرين تحققت العدالة بين الرجل والمرأة. والاهم من كل ذلك لم تُسجل اي حالة تحرش كما حدث في الثورات العربية الاخرى. تشرين لم تنته بل هي نارٌ تحت الرماد، وها هي تؤتي ثمارها شيئاً فشيئاً.

سرى الازيرجاوي/ النجف

*********

حتى نهاية فض الاعتصام

لقد بدأت بالخروج في التظاهرات من يوم ٣/١٠/٢٠١٩ كل يوم، وقبل ذلك قمت بزيارة ومساعدة الجرحى في ١/١٠ في بيوتهم، وتقديم الدعم المعنوي واللوجستي لهم ومساعدة عوائلهم. وفي يوم ٢٥/١٠ بدأت الخروج في التظاهرة مع باقي الرفاق والاعتصام في الساحة، وعملنا خيمة وحصلت على مساعدات (تبرعات) لشراء الصوتيات والاحتياجات الاخرى (احتياجات الخيمة) وكانت هذه التبرعات اكثرها من رفاقنا المتواجدين في ساحة الاعتصام، وبعض التجار والاهالي والجالية العراقية في الخارج. ولمناسبة يوم المرأة العالمي حصلت على درع المرأة الاولى في ساحة الاعتصام، ومع عدة نساء (وهو تثمينا لجهودي ومشاركتي في العمل في ساحة الاعتصام).

واستمريت في الساحة ودعمهم الى نهاية فض الاعتصام.

مائدة جميل نصيف/ بابل

********

حواري مع سائق التكتك

هي اعمق من مجرد ذكرى لحدث تاريخي. هي قضية وطن. فلم يرفع شعار (نريد وطن) بشكل عشوائي، لكن رفع نتيجة ضرورة خلقتها ازمات ساهمت بصنعها حكومة المحاصصة. ومن اهم المواقف التي لا يمكن ان انساها تكاتف المحتجين بينهم في بداية الانتفاضة، حيث جرى حوار بيني وبين (احد سائقي التكتك):

ليش جاي للمظاهرات؟

جاوب: اني طالع علمودكم!

شلون علمودنا ؟

اني عندي تكتك اشتغل بي واطلع علاكة بيتي يجيني باليوم ٥٠٠٠ او ١٠٠٠٠ نعمة

بس انتم اخذتو الشهادة وتعبتو بس ما تلكون شغل تشتغلوه وتعيشون.

هذا الحوار البسيط عكس عمق التضامن بين المحتجين وهذا التضامن هو السبب الاساسي في صمود الانتفاضة في وجه القمع الذي مارسته القوات الحكومية واللاحكومية.

رؤى خلف

*********

بضع كلمات لا تفي!

ما الذي يمكن أن اقوله عن ثورة تشرين في بضع كلمات وصورة؟ منذ الأول من ٢٠١٩ والتوقف الاضطراري بسبب الأربعينية حتى الخامس والعشرين ثم الديمومة… ديمومة في الأرواح التي كانت هناك، والتي ارتحلت حمامات سلام نحو السماء.

المستحيل الذي صار ممكناً وبوقت قياسي ما قدرت اي حكومة لا في زمن الطاغية ولا بعد ذهابه ان تفعله:

مع شباب لا اعرفهم غسلنا الأرض وفتحنا المجاري واوصلنا الإضاءة وبكيتُ بكيتُ كثيراً.

مدينة تجارية كاملة ممكن ان تكون مزدهرةً في سرداب التحرير، ولن تضيق الأمكنة بمواقف السيارات.

أسبوع واحد فقط، واشتعلت الساحة بأنوار السلام

هذا المستحيل الذي بلا اية مليارات تتصاعد وتنزل كالشهب والنيازك وتقتل وتسرق خبزة الفقراء… كانتَ صورة ستخلد في ذاكرة اجيال واجيال حتى لو لم يصنع التغيير.

فالنور ممكن والسلام ممكن، لو توفرت الإرادة

الدكتورة شذى جمعة

********

‎عندما يكون اللون سلاحا

‎آمنا بالوطن.. وبذلنا في سبيل إرجاعه كل ما أُوتينا من قوة. استجمعنا نصفها من قوة ما زرع آباؤنا في نفوسنا من الحب والحرية، ونصفها الآخر رد لطغيان السياسة وانحدار الحياة المدنية لأدنى مستوياتها؛ لأننا شعب سيكون كما يريد.

‎إنّ القوة التعبيرية لرسوم تشرين هي لمسات القلوب لكل فئات الشعب الذي قاري، حيث شارك الأطفال والنساء والرجال بكل أعمارهم، ومستوياتهم الثقافية حتى من غير الموهوبين، فكانت سلاحا قويا ضد قوى الظلام، ووفرت جوا من الإبداع يجعل العالم يحب ويبتهج ويتأمل بطريقة افضل... لتكون ثورة الرسامين مدونة لكل شخصيات وأحداث تشرين العظيمة.

‎المهندسة الفنانة التشكيلية:

سؤدد الرماحي / الناصرية

/*************

ذكرياتي عنها.. القتل والعنف

لا يمكن أن تتجاوز ذكرياتي القمع والعنف وصولا لقتل المنتفضات والمنتفضين في انتفاضة تشرين الباسلة، ودعنا بقلوب دامية اخوات واخوة ذبنهم الوحيد خرجوا سلميين للمطالبة بحقوق شعبنا للعيش للكريم والعدالة. في يوم ٣٠ تشرين الاول ٢٠١٩ كنت ممن اختنقوا بغاز الدخانيات بعد أن ضربت ساحة التحرير بعدد كبير من الدخانيات، حتى غطتها غيمة من الدخان، ونقلني ابطال التكتك حينها الى مشفى الكندي، بعد ان فقدت الوعي، وعندما عاد لي الوعي وجت شبابا بعمر الورد يحيطون بي، ليطمئنوا على وضعي، وغادروني مسرعين عائدين الى الساحة لإسعاف اخرين. وهنا لا يفوتني ان اتذكر جيش التكتك الشبابي، الذي شكل ظاهرة اجتماعية في الانتفاضة.

بشرى ابو العيس

**********

النساء في الطليعة

الحماس الذي كان في داخلنا، اول انطلاق الدعوات للتظاهر يوم 25 تشرين، كان يدفعنا للخروج والتظاهر والعمل على زيادة الزخم في ذلك اليوم العظيم، لكن بعد وصولي الى الساحة ورؤية حماس الشباب واستقبالهم للرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع ((ببطانيات بسيطة منقعة بالماء)) بطريقة بسيطة تعرضهم لخطر كبير، وبذات الحماس تحول التفكير الى كيفية توفير كل الامكانيات من اجل استمرار التظاهر وبعدها الاعتصام، وكانت النساء في الطليعة جنباً الى جنب مع الرجل من اجل نيل حقوقهم ومطالبهم التي رفعوها ((نريد وطن)) وترجموا الواقع الذي كانوا يبتغوه في الساحة: وطن يسوده السلام والامان، ورسموا احلامهم في جدرانها، وطن يمتلكون فيه السكن والخبز والعمل، وطن ينتمون اليه ويدافعون عنه حتى لو كلف ذلك حياتهم.

منال جبار مجيد

*********

فخورة بلقب التشرينية

ذكرى مضحكة منذ اول يوم شاركت في التظاهرة، وانا اخرج من البيت تصدى لي اخي وقال: «رجاء ما ترحين التحرير. نخاف عليچ فكذبت عليه، وقلت اني ذاهبة للقاء عمل فني لتصميم الازياء. ونادتني امي قالت: اخلاص فدوه يمه لا ترحين للتحرير. كتلها حجيه مو اتكولين شوكت تفرج!! رايحين نريد نغير ونطالب بحقوق الناس الفقراء ونريد نصير مثل دول العالم. ولما رجعت للبيت كالوا وين جنتي كتلهم مو تدرون عندي عمل. كالوا لعد هاي منو تهتف بالتحرير بشاشات التلفزيون؟!!». ويوما بعد يوم صار اخي يتصل بي ليخبرني عن دعم جديد تلقاه لصالح المتظاهرين. بينما أخذت أمي تعد لنا الطعام، وتبعث به الى لأبطال المرابطين في ميدان التحرير.

فخورة عندما ينادوني تشرينية.

اخلاص صدام

مصممة أزياء

*******

الصفحة العاشرة

بقيت شامخة دعماً لحراك المنتفضين.. حتى رفعت بالقوة.. «الخيمة العراقية».. أول سرادق تحت نصب الحرية

بغداد ـ طريق الشعب

لعبت خيام الاعتصام دورا كبيرا في ادامة زخم الانتفاضة من خلال تقديمها الدعم اللوجستي للمنتفضين من طعام وشراب وعلاج، ووفرت مناما للشباب المطالب بحقوقه المشروعة. نحاول، هنا، أن نسلط بقعة ضوءٍ على الخيمة العراقية التي تم نصبها في اللحظات الأولى من الانتفاضة.

نصب الخيمة ودورها

يقول بلال رضا، احد المحتجين الفاعلين في حراك تشرين بساحة التحرير، لـ”طريق الشعب”، “قمنا بنصب الخيمة العراقية تحت نصب التحرير، يوم 27 من تشرين الأول في العام 2019، وكانت هي اول خيمة يتم نصبها في هذا المكان ( تحت نصب الحرية) نتيجة لخطورة الوضع الأمني وتساقط الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع في هذا الموقع”.

ويضيف رضا، ان “الخيمة العراقية ملاذ آمن للمنتفضين الهاربين من الدخان والرصاص؛ إذ آوت داخلها الجرحى والمختنقين وقدمت لهم كل الوسائل العلاجية وأسعفت عددا لا يحصى من المتظاهرين في ظل القمع الشرس الذي مارسته الحكومة والجماعات المسلحة”.

وحول توزيع الأدوار وإدارة الخيمة، يوضح رضا ان “الأدوار توزّع بشكل متساو وبطريقة عملية، وكان هناك من هو مسؤول عن التنسيق مع المتبرعين للحصول على الأدوية، حيث يتم جلبها وخزنها داخل الخيمة، ومن ثم يبدأ التصرف بها حسب الحاجة”، مشيرا الى ان خيمتهم “زودت خطوط الصد بالعلاج والمعدات حيث يجلس هناك عدد كبير من الاطباء والممرضين الماهرين وشباب المجموعة الطبية المعنيين بمعالجة الحالات الخطيرة والمعقدة والذين فتحوا خطا مباشرا للتواصل مع شباب الخيمة”.

توفير الطعام

من جانبه، يبيّن الناشط عبدالله محمد، في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “عملية توفير الطعام كانت تشكل تحديا كبيرا لشباب الخيمة العراقية، الذين اخذوا على عاتقهم توفير وجبات الطعام من خلال إيصال مئات الوجبات يوميا للمتظاهرين المرابطين على جسري الجمهورية والسنك وفي ساحة الخلاني، ومن ثم يتم التوزيع بشكل عكسي نحو ساحة التحرير ومقترباتها”.

ويضيف محمد ان “الكثير من المتبرعين يثقون بالشباب المتواجدين في الخيمة، لهذا كانت تصلنا تبرعات من قبل العوائل العراقية على شكل وجبات طعام او مواد غذائية وماء”، مبينا ان تجربته في الخيمة العراقية اضافت له الكثير، بعد ان ساهمت بشكل كبير في زيادة الوعي السياسي والاجتماعي من خلال اختلاطه بعدد من الشخصيات الوطنية التي كانت تتواجد في الخيمة.

الدور السياسي والثقافي

ويتحدث حسن عباس عن الدور الثقافي الذي لعبته الخيمة العراقية من خلال تنظيمها عددا من الندوات الثقافية والسياسية والاجتماعية وبحضور مميز من النساء والرجال، الفتيات والشباب، الشيوخ والأطفال، مشيرا الى ان “الخيمة كانت رمزا من رموز الساحة ومعلما احتجاجيا رائعا تجسد على ارض الواقع بافعال لا حصر لها”.

ويشير عباس الى ان “الخيمة قدمت شهداء من ابرزهم الشاعر علي اللامي واخرين قرر القتلة معاقبتهم بجريرة وقوفهم بوجه نظام المحاصصة والفساد”، مبينا ان “الخيمة تحولت الى ورشة سياسية وثقافية واجتماعية ستبقى في اذهان من اشرفوا على ادارتها وحموها وخدموها، لان تكون بيتا للعراقيين”.

وتابع ان الخيمة العراقية كانت مركزا لاستقطاب الشباب وكبار السن على حد سواء، واشرف عليها عدد من الناشطين من اصحاب الخبرة والممارسين للعمل السياسي والنقابي والمهني، معتمدين على قوة الشباب واندفاعهم لتخليص الوطن من براثن الجهل والطائفية والفساد.

وتقع هذه الخيمة تحت نصب الحرية في ساحة التحرير. وكانت عبارة عن مخزن كبير للأدوية ومياه الشرب ووجبات الطعام، توزع المواد بشكل مركزي على الشباب المحتجين.

*******

أصحابها يتحدثون عن مساهماتهم وكيف أغنت أرشيفهم المعرفي.. «ثوار التحرير».. خيمة صمدت بقوة في وجه عنف السلطات

بغداد ـ طريق الشعب

واصلت “طريق الشعب” تغطيتها الاستثنائية للذكرى السنوية الثانية لانطلاق انتفاضة تشرين، من خلال تسليطها الضوء على عدد من القضايا المهمة.  نتحدث في هذا التقرير عن الدور الكبير لخيمة ثوار التحرير في العاصمة بغداد، وما قدمته من دعم للمنتفضين، فضلا عن الفعاليات المتنوعة.

دعم كبير

وحول دور خيمة ثوار التحرير، تحدثت الناشطة كوريا رياح لـ”طريق الشعب”، ان “الخيمة نصبت بتاريخ 26 تشرين الأول، وكانت من اوائل الخيم التي نصبت في ساحة التحرير. وكانت قبلة للشباب والشابات والمنتفضين وطلبة المدارس والجامعات أيضا”.

وتضيف رياح، أن “الخيمة قدمت دعما كبيرا للطلبة والمتظاهرين وحتى الموجودين في الخيم الاخرى، وكانت توزع ما يقارب 400 صندوق مياه يوميا على جميع مخيمات ساحة التحرير والطيران والسنك الساحة، إضافة إلى البطانيات والافرشة والملابس وكانت تأتينا من خلال تبرعات مواطنين وتجار مؤمنين بضرورة تحقيق التغيير”.

فعاليات متنوعة

وتشيد رياح بدور الشباب في الخيمة رغم ان أعمارهم لا تتجاوز العشرين من شابات وشباب وطلبة أيضاً، موجهة الشكر الى “الأطباء المتطوعين للعمل في الخيمة ودورهم الكبير في معالجة الحالات الخطرة، تمهيدا لنقل الجرحى الى المستشفيات”.

وحول فعاليات الخيمة، تؤكد المتحدثة انها “كانت متميزة ومتنوعة، مثل الندوات الثقافية وحوارات تثقيفية بمطالب الانتفاضة وتحث على استمرار التظاهر، إضافة إلى ندوات تعرف بالحقوق والواجبات، فضلا عن إقامة امسيات شعرية، وعروض عرض فنية وموسيقى، وإقامة احتفالات بمناسبات عدة مثل يوم المرأة العالمي، ولعبت الخيمة دورا مهما في هذه المناسبة”.

وتشير رياح الى ان “إدارة الخيمة كان العمل فيها منظما، وان جو التآخي المحبة هو السائد، وهدفها هو التغيير، وكانت خليطا متجانسا من الاطياف الدينية والفكرية داخل الخيمة، جمعنا العراق ومطلب التغيير والحرية”.

وتخلص كوريا الى ان “تفاعل الجمهور مع الخيمة كان متميزا، والاقبال كان كبيرا، كون موقعنا هو بداية الساحة بجوار النصب وكل الحشود تمر من خلالنا نحو الساحة. كنا نستقبل الوافدين الى الساحة، نقدم لهم الماء والعون والمشورة والوعي ونعرفهم بما هو دورهم في الانتفاضة، وحتى الخيم المقابلة كانت تستمع الى ندواتنا وأغانينا الثورية والوطنية”.

تفاعل متميز

الى ذلك، يقول الشاب احمد سعد وهو احد شباب الخيمة، كانت الأدوار مقسمة في ما بيننا بالتساوي ولكل منا دور يلعبه، وكانت مهمتي هي حراسة الخيمة ليلا اثناء نوم زملائي.

ويتحدث سعد لـ”طريق الشعب”، ان “الخيمة ساهمت في رفع مستوى وعيي الثقافي والسياسي، وكان لها دور كبير في تمديد فترة الاعتصام، ولها دور كبير في اقامة الفعاليات والانشطة والندوات الثقافية والشعرية والقانونية والسياسية”.

ويبيّن سعد، ان “الأجواء داخل الخيمة كانت ودية وعائلية وعملنا من اجل هدف واحد وهو الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد”، مشيرا الى ان “الدافع الأول لتواجدنا في الخيمة هو الإيمان بقضيتنا”.

ويفتخر سعد بان “خيمته كانت من اخر الخيام التي انسحبت من ساحة التحرير”.

*********

أحمد الموسوي: انتفاضة تشرين تتويج لنضال مجتمعي امتد لسنوات

النجف ـ طريق الشعب

احتفاءً في الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين، وسعيا من “طريق الشعب”، لتسليط الضوء على مبدعي وناشطي الانتفاضة، حاورت الكاتب النجفي احمد الموسوي، عن دوره في الانتفاضة، فبادرته بعدد من الأسئلة:

  • ماذا تعني لك انتفاضة تشرين؟

ـ الموسوي: كانت التظاهرات بالنسبة لي عبارة عن حياة كاملة. لم تكن مجرد مناسبة تستلزَم الحضور في وقت ما، والانصراف في وقت آخر، إنما هي عمل متواصل يبدأ ولا ينتهي، من التنسيق والتشاور مع أصدقاء الاحتجاج في مختلف التنسيقيات، وتهيئة اللوجستيات ومتابعتها، إضافة إلى متابعة آخر الأخبار عن طريق الفضائيات والسوشيال ميديا، والكتابة على الصفحة الشخصية، والظهور الاعلامي في البرامج الاخبارية على الفضائيات والبرامج الحوارية، للحديث عن الاحتجاج والمطالب، وما يتعرض له المتظاهرون من قمع ومنع واعتداءات، وغيرها.

  • كيف كنتم تهيئون الشعارات؟

ـ الموسوي: ان تهيئة الشعارات المناسبة وكتابة الهتافات والأهازيج والردات التي يؤديها المتظاهرون المنتظمون على شكل كراديس في الساحة، كل كردوس يهتف بمقطع من الردات، نكتبه على لافتة ترفع أمامهم بسارية، عادة ما ينتهي المقطع بلازمة يشترك فيها مع المقطع أو المقاطع الأخرى. وكان للردات أثر طيب من ناحية تفاعل الجمهور من المتظاهرين أو من عامة الناس، لما تحمله هذه القصائد من قدرة على التأثير تتبع قوة حضورها في ذاكرة المجتمع وفي الضمير الشعبي، كونها ترتبط بطقوس عاشوراء. وكانت باعتقادي فاتحة وتمهيداً لظاهرة المنابر الحسينية المحتجة على الفساد، والتي شهدناها في السنوات القليلة الماضية.

  • هل تكتب الردات لمناسبات معينة؟

ـ الموسوي: كثير من الردات كتبت لمناسبات معينة منها مناسبات دينية ومنها أحداث سياسية، بل وحتى أحداث ثقافية، فهناك واحدة من الردات على سبيل المثال ضمنتها ذكراً للأهوار بمناسبة دخولها على لائحة التراث العالمي، وهناك ردات كانت تشيد بالقوات المسلحة أيام عمليات التحرير ضد داعش الإرهابي، وهناك ردات تندب الأئمة من أهل البيت في المناسبات الدينية وتستلهم منهم قيم الثورة والاحتجاج ضد الفساد، والذي بقي - أي الاحتجاج ضد الفساد - هو القاسم المشترك بين كل هذه الردات وفي مناسباتها جميعاً... وكانت بعض هذه الردات والهتافات يتناقلها المتظاهرون في محافظات أخرى ويرددونها في ساحات الاحتجاج عندهم، منتقلة عبر التواصل الاجتماعي، حتى أصبحت ظاهرة احتجاجية بعد ذلك شهدتها معظم الساحات.

  • كيف تنظر الى انتفاضة تشرين؟

ـ الموسوي: ان لحظة انتفاضة تشرين هي تتويج لنضال مجتمعي شعبي عصيب امتد لسنوات وبفعاليات احتجاجية مختلفة... وكانت تلك اللحظة بحق تحولاً نوعياً في الحركة الاحتجاجية طالما تحدثنا عنه في لقاءاتنا وفي مضامين الردات، وهي موثقة لدينا، انها لحظة الشعب التي ذكرتها مرة في احدى الردات (حان وقت الشعب مرفوع الأذان... مصدر السلطات، احنه البرلمان).

  • هل اختلفت طقوس الانتفاضة عن التظاهرات السابقة؟

ـ الموسوي: كانت طقوس الانتفاضة تختلف نوعاً ما عما اعتدنا عليه طيلة التظاهرات الاحتجاجية في السنوات التي سبقتها، فظهرت لدينا مهمات جديدة تتعلق بنصب الخيام وادامتها لوجستياً والتواجد فيها بالتناوب وبأوقات معينة، إضافة إلى اعداد الفعاليات الاحتجاجية المختلفة، وهي بالتأكيد ما جعل الاحتجاج حياة بكاملها وليس مجرد حضور شكلي أو صوت يعلو بالمطالب، فكانت ساحة الاعتصام مدرسة كبيرة تتلقى فيها الدروس مرة وتلقي الدروس فيها مرة أخرى.

**********

الصفحة الحادية عشر

القمصان البيض تحيي ذكرى حراكها المطالب بالتغيير

بغداد ــ طريق الشعب

تحدث عدد من الطلبة الذين انخرطوا في الحراك الطلابي خلال انتفاضة تشرين وبرزوا في قيادته، عن التجارب الثرية التي مرّوا بها، والمكاسب التي حققوها على أثر حراكهم، الذي اعتبرته أوساط عديدة هو قلب الانتفاضة النابض، وروحها الفتية.

ونوّه الطلبة بتجربتهم في الإضراب الشامل عن الدوام، والمسيرات الضخمة التي جالت شوارع المدن وهي ترتدي اللون الأبيض.

أسباب التظاهر كثيرة

ويتحدث طالب الدراسات العليا في جامعة بغداد، قصي الزهيري لـ”طريق الشعب”، عن أهمية هذا الحراك على الصعيد الاجتماعي والسياسي، والدور المشرف الذي لعبه في مواجهة القمع الدموي الذي لم يستثن أي أحد كان يتواجد في ساحات الاحتجاج.

ويقول الزهيري “رأي الطلبة في الوضع السياسي ليس جديدا على المشهد. أن تداعيات نظام المحاصصة السيئ والكوارث التي تسبب بها كان الطلبة يدفعون ضريبتها لسنوات طويلة. ان التعليم في وضع مزرٍ، والجامعات بعيدة جدا في ترتيب الرصانة العلمية، وتحولت الكثير من المرافق الدراسية إلى مراكز حزبية وطائفية لسنوات مضت. ولهذا، فأن دخولنا لهذا الميدان ليس عن طريق الصدفة، لأننا في قلب الحدث ومتضررون جدا، كما لا بد من القول بأن العراق لديه تأريخ عريق في مواجهة الطلبة للأساليب القمعية والمشاركة في الانتفاضات الشعبية”.

ويتابع الزهيري “كان الحراك الطلابي منشغلا بالعمل حتى قبل انتفاضة تشرين، ويمكن أن يلمس ذلك من خلال انطلاق شرارة القمصان البيض قبل أكثر من خمس سنوات، وما تلا ذلك من أحداث مدوية في جامعات واسط والمثنى والقادسية. كانت هذه الأحداث بداية للحراك الأبيض وإشارة واضحة إلى أن الوضع الجامعي ليس ببعيد عن الواقع السياسي أبدا”، مضيفا “أن الأحزاب المتنفذة جعلت من المؤسسات التعليمية ميادين لتقاسم المغانم والنفوذ، ما جعل جامعاتنا تدار من قبل أشخاص لا يملكون أي كفاءة، وتسببوا نتيجة ذلك في تدهور نظام التعليم وغياب الرصانة العلمية، وسط نفوذ الجهات المسلحة في الأوساط الجامعية وسيطرتها على مفاصل مهمة كالأمن الجامعي الذي يتبع أغلب عناصره لها، وتمارس الدور البوليسي والقمعي ضد الطلبة”.

تجربة طلابية فريدة

وفي سياق متصل، يرى الطالب في الجامعة العراقية، مهند رافد، أن انتفاضة تشرين فتحت الأبواب على مصراعيها لتجارب شبابية ونسائية فريدة، ومثل ذلك وأكثر كان بالنسبة إلى الطلبة المنتفضين.

ويقول رافد لـ”طريق الشعب”، أن “أسباب التظاهر كثيرة جدا، لكن أبرزها هو المصير المجهول الذي ينتظر الطلبة، والبطالة التي تغرقهم في بحرها سنويا، دون أي تخطيط أو اهتمام. بل راح المسؤولون ينفون وجود أي بطالة أو فقر وهذا الأمر كان مستفزا جدا ومدمرا لمشاعر شريحة كبيرة مظلومة”، مضيفا “دفع المتنفذون من حيث لا يدرون بالطلبة إلى المعترك السياسي، وبسبب فشل النظام السياسي الحالي في توفير فرص عمل او وظائف واعتمادهم على منهج المحاصصة الطائفي في طريقة إدارة الدولة وسيطرة المحسوبية والواسطة على اغلب مفاصل مؤسسات الدولة، اندلعت شرارة الحراك الطلابي الذي دعا بوعي عال إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ووضع المواطنين من أصحاب الخبرة والنزاهة في الأماكن الصحيحة لإنصاف العاطلين والطلبة الذين يتطلعون لحياة نظيفة من خراب الفاسدين”.

ويتابع قائلا أن “الظروف الاجتماعية والسياسية التي يمر بها العراق، عجّلت من دخول الطلبة بشكل فاعل في الانتفاضة رغم التهديدات والتضييق الذي تعرضوا إليه من قبل إدارات الجامعات والأمن الجامعي والقوات الأمنية، بل وحتى المليشيات المسلحة”.

من جانبها، تؤكد الطالبة في جامعة بغداد هبة أثير لـ”طريق الشعب “، أن “الوضع المأساوي الذي نعيشه، ورغبتنا في وجود وطن يحترم فيه الإنسان ويوفر الحقوق الأساسية للموطن، دفعنا إلى المشاركة في الانتفاضة”.

وتكمل أثير قائلة “كان للطلبة دور بارز في الانتفاضة رغم التهديدات بالفصل من قبل الجهات المعنية، والمغريات التي تم تقديمها للطلبة من قبل أحزاب او شخصيات سياسية وصولاً الى الاعتداء الذي تعرضنا اليه في ساحة التحرير”، لافتة إلى أن “المطالب الرئيسة للطلبة تنص على تحقيق التغيير الشامل، وتخليص البلد من المحاصصة والتفرقة والعنصرية والتوظيف الطائفي للحصول على المكاسب والنفوذ”.

شيء جديد في المجتمع

الطالب في كلية الفنون الجميلة/ جامعة بغداد، قتيبة خلدون، يرى أن “المطالب التي دعا الطلبة إلى تحقيقها، عالجت بوضوح قضايا وطنية حساسة، كالنظام السياسي والاقتصاد والتبعية إلى دول الخارج. أما مشاركتهم فقد جددت الحيوية للساحات التي كانت تستنجد بهم بين فترة وأخرى، حتى تحول الموج الطلابي إلى شيء مرعب للفاسدين، وامتاز بروح مدنية سلمية وحضور مميز للطالبات والكثير من الأساتذة”.

ويتابع خلدون أن “الإضراب الطلابي كان هو السند الحقيقي للانتفاضة رغم أساليب القمع التي انتهجتها الحكومة المستقيلة الفاسدة ضد الطلبة. وأن المسيرات الطلابية أعطتها حجمها الطبيعي، وأنهت هالة القداسة التي كانت تحيط بها عبر الشعارات الكاذبة كحماية الدين او المذهب والعقيدة، لأنها سرعان ما تورطت بقتل الكثيرين، ولم يسلم منها حتى الذي كان يتعاطف معها وخرج إلى التظاهر. مثبتة بذلك أنها لا تفرق بين أي عراقي أو آخر، وتقمع الجميع ما داموا يطالبون بانقاذ الوطن وهز عرش الفاسدين”.

وعلى صعيد متصل، توضح الطالبة في كلية التراث، نور علي لـ”طريق الشعب”، أن “الوضع العام للبلاد سيئ فالأحزاب المتنفذة تتقاسم كل شيء، وسط انتشار السلاح السائب وشرعنة عمل المليشيات والفساد المستشري في مؤسسات الدولة، حتى حانت لحظة انطلاق الانتفاضة التي ساندتها في البداية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي”.

وتبين علي، أنه “خلال هذه التجربة اكتشفت وجود الكثير من المواطنين المتذمرين من الوضع ويطمحون في إقامة دولة مدنية ديمقراطية، بعيدا عن الاحزاب الطائفية، وهنا بدأنا تشكيل مجاميع (كروبات) على مواقع التواصل الاجتماعي من اجل توحيد المطالب والاتفاق حول موعد التظاهرات”، مضيفة أنه في “الوقت الذي بدأت القوى المتنفذة باستهداف الناشطين من عمليات قتل واختطاف واعتقال وتغييب، اصبحت أمارس دورا اكثر مسؤولية من خلال نقل اخبار الانتفاضة بشكل عاجل، قبل ان أنتقل الى العمل الميداني في ساحة التحرير من خلال تقديم الاسعافات الاولية للمتظاهرين”.

وتروي الطالبة تجربتها في المسيرات الطلابية، وهي تؤكد “اكتشفت حجم المسؤولية التي تحملها زملاؤنا الطلبة تجاهنا من خلال توفير الحماية لنا اثناء الاعتداءات التي تعرضنا اليها او حتى في عملية تأمين وصولنا ومغادرتنا الساحة”، مبينةً ان “الانتفاضة وفرت بيئة اجتماعية جديدة غيرت من واقع العلاقات الاجتماعية، وعززت من الثقة داخل العوائل”.

فشل السلطة

من جهته، يعلق الطالب في كلية القانون بجامعة ذي قار، سجاد مهدي على محاولات الجهات الفاسدة، إبعاد الجامعات عن المجتمع وعزله، والفشل الذي منيت به، لأن الأمر كان مستحيلا، وحدث في المقابل ما يخالف توقعاتها.

ويبين مهدي انه “من الناحية الأكاديمية والتجارب العلمية فإن أغلب الجامعات العالمية الرصينة هي ما تساهم في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية والعلمية التي تعاني منها بلدانها، علما أن نظام المحاصصة اعتبر التعليم شيئا ثانويا وخفّض الإنفاق الحكومي في الموازنات السنوية للتربية وللتعليم”، لافتا إلى أن “ابرز المطالب المهنية التي يجب على الدولة الالتفات اليها، هو فسح المجال امام التنظيمات الطلابية المهنية داخل الجامعات، وتحديث المناهج الدراسية، وتطوير المختبرات، وتغيير طرق التدريس، فضلا عن تخفيض الاجور الدراسية في التعليم المسائي والاهلي والموازي”.

ولفت مهدي إلى أن “ثورة القمصان البيض، فتحت ملفات التربية والتعليم وسلطت الضوء عليهما لتتكشف الحقائق التي أحرجت بفداحتها الوزارة والمسؤولين والجهات التي تقف خلفهم”.

**************

“صوت الطلبة”.. حين تنتصر الورقة السمراء لانتفاضة تشرين

بغداد ـ طريق الشعب

ساهمت انتفاضة تشرين بإنعاش مجالات عديدة تخص حياة العراقيين. انما أثبتت الطاقات الشبابية علو كعبها في كافة المجالات، ومن هذا المنطلق نسلط الضوء على جريدة “صوت الطلبة”، التي أصدرها طلبة جامعة الكوفة بشكل اسبوعي خلال انتفاضة تشرين، لتكون المعبر الحقيقي عن إرادتهم ورؤيتهم للأوضاع في البلاد.

انتشار واسع

ولاقت الجريدة انتشارا واسعا حيث وزعت اعدادها المطبوعة في اغلب ساحات الاعتصام حينذاك، وسط ترحيب كبير من قبل المنتفضين والطلبة الذين اعتبروها نقلة نوعية في وعي الطالب العراقي، الذي راهنت القوى المتنفذة على عزله عن هموم مجتمعه لمعرفتهم بأهمية دور الطلبة في دفع عجلة التغيير.

الانطلاق والانتشار

ويقول سكرتير تحريرها الزميل حسين ناصرية: ان “الجريدة انطلقت من جامعة الكوفة صوب ساحة الاعتصام في النجف، قبل ان تأخذ طريقها للانتشار في بقية الجامعات وساحات التظاهر في مختلف مدن البلاد”، مبينا ان “الانطلاقة كانت في عدد الكتروني، ساهم فيه عدد من الطلبة والتدريسيين وبرعاية من مدرسة النضال الطلابي/ اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق، الذي اخذ على عاتقه عملية طباعتها وتوزيعها في مختلف مدن البلاد من اجل توزيعها بشكل مجاني”.

ويضيف، ان “المساهمات في الجريدة لم تقتصر على طلبة وأساتذة جامعة الكوفة، بل امتد ليشمل عموم المحافظات والجامعات”، مشيرا الى ان “الجريدة أصدرت 17 عددا ووزعت بشكل واسع، ما دفع بعض المتنفذين الى محاولة ثني الطلبة عن إصدارها حيث تلقينا تهديدات عديدة، بسبب ما مثلته جريدتنا من صوت صادح ومدافع عن الوطن والطلبة بشكل خاص”. ووجه السكرتير “الشكر الى العاملين على اصدار الجريدة من الزملاء أعضاء اتحاد الطلبة العام في النجف”، منوها بان “الجريدة ركزت على نقل اخبار الانتفاضة وكشف محاولات الأحزاب المتنفذة على حرف مسارها من خلال نقل الاحداث بشكل مهني، مركزة على فضح القمع الذي واجهته الانتفاضة والاغتيالات لنشطاء الحركة الاحتجاجية”.

نشر الوعي الطلابي

بدورها، تشير المساهمة في اصدار الجريدة زهراء الغزي الى ان “الجريدة كان لها دور بارز في نشر الوعي الطلابي وتشجيع الطلبة على الكتابة والتعبير عن آرائهم بشكل حر من دون تأثير من احد”، منوهة الى ان “محاولات التخويف والتهديد التي تلقاها الطلبة المساهمون في الجريدة لم تثنِهم عن نشر ارائهم بل كانت دافعا للطلبة في توسيع نشاطهم ليشمل اغلب مدن العراق”.

وتضيف ان “القلم الحر كان له دور مؤثر في الانتفاضة من خلال بث الوعي ورد ادعاءات المغرضين والمشككين بالموقف الوطني للعراقيين والطلبة على وجه التحديد”، متفاخرة بـ”مساهمتها بإصدار الجريدة التي كانت صوتا ينطلق لعنان السماء” على حد وصفها.

الأدوات السلمية

من جانبها، تقول الطالبة انفال علي ان “الحركة الاحتجاجية في العراق استخدمت الأدوات السلمية في مواجهة سلاح السلطة الغاشم الذي كان يوجه لصدور المنتفضين”، مبينة انها ساهمت في الكتابة في اكثر من عدد حيث اتاحت لها الجريدة التعبير عن ارائها بشكل كبير.

وتؤكد علي ان “الانتفاضة ساهمت في اتاحة الفرصة لكثير من المواهب بالبروز والاعلان عن نفسها وتطوير مهاراتها”، مشددة على “ضرورة الاستفادة من التجربة وإصدار صحف ورقية او نشرات الكترونية تكون منصة للتعبير عن مشاكل وهموم الطلبة دون الرضوخ الى الضغوط”.

******************

الصفحة الثانية عشر

“طريق الشعب”..  تسلط الضوء مجدداً على حياة جرحى الانتفاضة

بغداد ــ طريق الشعب

يقاسي العديد من المتظاهرين الذين تعرضوا إلى إصابات بليغة في الانتفاضة، من الظروف الصحية الجسيمة نتيجة تعرضهم لإصابات بالغة. ويكشف الكثير منهم بين الحين والآخر عن الإهمال الذي لاقوه من قبل الجهات المختصة. فيما بقي آخرون يقاسون أضرارا مستديمة في أجسادهم.

ويشكو الجرحى من المنتفضين باستمرار من التعامل غير الإنساني معهم، وكثرة الوعود الحكومية والبرلمانية، والتي عادة ما تهمل فور الإعلان عنها في وسائل الاعلام.

مزايدات سياسية

وحتى وقت قريب، تبادلت الحكومة ومجلس النواب الاتهامات بشأن قضية معالجة المصابين خلال الاحتجاجات، فيما بقي الضحايا دون أي حلول.

ولعل أبرز ما يوضح هذا الأمر، هو المناشدات التي تطلق من مجاميع الإغاثة والناشطين لإنقاذ المتظاهرين بين الحين والأخر، وكانت اخر الفعاليات التضامنية مع الجريح كميل قاسم في محافظة النجف، والذي يعاني من شلل رباعي، اذ جمع المتطوعون مبلغ 280 مليون دينار لغرض علاجه، لكن لم تتم الاستجابة من أي جهة رسمية في الدولة. ونقلت على أثرها “طريق الشعب” هذه المناشدة واتصلت بالمقربين من كميل على أمل إنقاذه لكن النتيجة جاءت مخالفة للواقع.

وتحدث لـ”طريق الشعب” الناشط حسنين العميدي المقرب من المتظاهر الجريح كميل قاسم، قائلا أنه “أصيب في ساحة الصدرين في النجف بإطلاقة نارية استقرت في ظهره، وحطمت الفقرة الثامنة من العمود الفقري، ما سببت له شللا رباعيا”.

وبعد فترة وجيزة، تابعت “طريق الشعب” الحملة التي نظمها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي. ونددت بما تقوم به الحكومة ومجلس النواب وترك الجرحى مهملين. وتمكنت هذه الحملة وبجهود خيرة من جمع 280 مليون دينار، كما جرى التنسيق مع عراقيين مساندين في ألمانيا لاستقبال المصاب لغرض إكمال عملية علاجه.

وكذلك الحال مع المتظاهر الشاب وعد نجم العزاوي، الذي أصيب في مجزرة السنك برصاصة نارية، استقرت في ظهره وحطمت الفقرة الثامنة فيه.

ويشكو العزاوي لـ”طريق الشعب”، سوء المعاملة في المستشفيات والإهمال الذي تعرض له من قبل وزارة الصحة والحكومة، قبل اضطراره إلى “إنفاق مبلغ قدره 25 مليون دينار لإجراء العملية الجراحية، بعد أن أصيب أيضا بالسحايا بسبب تلوث جرح الرصاص، الذي لم تقم المستشفيات بالتعامل معها بطريقة صحيحة، فضلا عن حراجة الوضع المادي في توفير هذا القدر من المال لعائلة لا تمتلك الكثير”.

تكاليف باهظة للعلاج

ويقول المتظاهر المصاب، علي وسام لـ”طريق الشعب”: “تعرضت للإصابة في عيني بواسطة سلاح الصيد الذي استخدمته القوات الأمنية ضد المتظاهرين، أثناء مشاركتي في الاحتجاجات عام 2019، حيث كان هذا الحادث تحديدا قرب ساحة التحرير. ونقلت على أثرها الى مستشفى ابن الهيثم للعيون، وأجريت لي عملية عاجلة لاستخراج الشظية، وطلب من أهلي جلب عدسة لغرض زرعها نتيجة تضرر عيني بصورة بالغة”.

ويضيف وسام، أن “العدسة لم تتم زراعتها، ولا أعرف لماذا. انما تم تبليغي بالخروج من المستشفى. وبعد اجرائي عددا من الفحوصات في العيادات الخاصة تبين أن هناك ضررا في شبكية العين يتطلب اجراء عملية جراحية كبرى خارج العراق، او في محافظة اربيل لغرض اعادة بصري من جديد، ولكني لم اتمكن من اجرائها، نتيجة تكلفتها المادية الكبيرة”.

انتقادات للحكومة

ورغم إعلان مجلس الوزراء في آب الماضي تشكيل لجان في داخل وزارة الصحة لمتابعة الوضع الصحي لجرحى الانتفاضة، وإحالة الذين يتعذر علاجهم داخل البلاد إلى الخارج، إلا أن مصابين كثر أوضحوا ان الاهمال ما زال مستمرا نحوهم.

ويوضح المتظاهر، احمد خلف، المصاب في منطقة الرقبة، أن “إصابتي خطيرة جداً وتعذر استخراج (الصجم) من رقبتي نتيجة خوف الاطباء من فقداني للنطق، كونها قريبة من الاوتار الصوتية، وبقيت على هذه الحالة منذ اصابتي في ساحة التحرير في كانون الاول من العام الماضي”.

ويشير خلف في حديث لـ”طريق الشعب”، الى أن “بعثة حقوق الانسان في الامم المتحدة تواصلت معي، وزودتهم بالمعلومات والتقارير الكاملة للإصابة ووعدوني بنقلها للحكومة بالسرعة الممكنة، لكن الاخيرة لغاية الآن لم تتواصل معي، رغم اعادة اتصالي ببعثة الامم المتحدة التي اخبرتني بأنها زودت الحكومة بالمعلومات الكاملة عن اصابتي”، مبيناً أن “الحكومة لم تقدم يد العون لي رغم المناشدات العديدة لوزارة الصحة والمنظمات الانسانية في النظر لحالتي الصحية”.

وفي السياق، يقول مصدر مطلع في بعثة الامم المتحدة لـ”طريق الشعب”، رافضا الكشف عن هويته، إن “البعثة قامت من خلال فرقها برصد وتوثيق اغلب حالات الاصابات في صفوف المتظاهرين، وجمعت المعلومات الكاملة عنهم وزودت الحكومة بمعلومات تفصيلية عن اعداد الجرحى وحالاتهم الصحية، فيما وعدت الحكومة بالتكفل بعلاجهم على شكل وجبات”.

مطالبات برعاية وتعويض المصابين

من جهته، يطالب المتظاهر المصاب، مهدي حسن، عبر “طريق الشعب”، الحكومة بـ”الالتزام بواجبها الاخلاقي في رعاية جرحى التظاهرات وتقديم الرعاية التامة لهم، وتقديم التعويضات لهم نتيجة الضرر الذي لحق بهم جراء الممارسات التعسفية التي تعرضوا لها في ساحات الاحتجاج، او في المستشفيات من قبل عناصر الاجهزة الامنية التي كانت تلاحقهم وهم يرقدون في داخل المستشفيات”.

ويشدد حسن، على “ضرورة عدم افلات الجناة والمتسببين في معاناتهم من العقاب، وكشفهم للرأي العام ومعاقبتهم وفقا للقانون. فهذا جزء من رد الاعتبار لضحايا الاحتجاجات”.

*****************

الانتفاضة في عيون ناشطيها: سلبيات يجب تجاوزها.. وقوة علينا تعزيزها

بغداد ـ طريق الشعب

تحدث ناشطون في الاحتجاجات، يوم أمس، عن المنجزات التي حققتها انتفاضة تشرين والتأثير العميق الذي تركته عند أعداد كبيرة من المواطنين. وفيما قيّموا هذه التجربة المليئة بالأحداث والتحديات الجسيمة، كشفوا أيضا عن نقاط اشكالية رافقت عمل المنتفضين تتعلق بمحاور عديدة، داعين إلى التوسع بدراسة نقاط القوة والضعف للحراك الجماهيري بروح بناءة لأن أسباب التظاهر ما زالت قائمة، وتتطلب العمل والتنظيم والاستفادة من العثرات السابقة.

إرباك كبير

يقول الناشط المدني، مازن محبوبة لـ”طريق الشعب”، ان “انتفاضة تشرين تمكنت من إحداث إرباك كبير في المشهد السياسي العراقي، وولدت ضغطا هائلا أرعب الأحزاب المتنفذة. ومع هذا لا بد من تشخيص الأخطاء التي وقع فيها المنتفضون، خاصة ان أسباب اندلاع احتجاجات ما زالت موجودة”، مشيرا الى ان “شعار انتفاضة تشرين (نريد وطن) هو فكرة عظيمة، لا بد من استمرارها وترسيخها في عقول المواطنين، لكونها احدثت فرقا كبيرا في طريقة تفكير المجتمع، بعيدا عن الشعارات الفئوية والمذهبية التي جرت عليها العادة”.

ويضيف محبوبة ان “الأحزاب المتنفذة الحاكمة مرعوبة من شعارات تشرين لكونها ذهبت لأبعد من الشعارات السياسية، وبدأت تذهب نحو مطالب اجتماعية واقتصادية اكثر عمقا دقت أسس النظام الطائفي الهشّ”، منوها  بـ”ضرورة تصفير المرحلة الحالية، وطرح مفاهيم جديدة وتقييم الخروقات من اجل إعادة البريق للانتفاضة، وابعاد بعض الناشطين الانتهازيين والاعلاميين الذين لعبوا دورا سلبيا من خلال تدخلهم في قضايا خارج اختصاصهم”.

الحذر من صناعة المقدس

يؤكد الناشط، ان “تشرين بحاجة الى ثورة على نفسها من اجل عدم السماح بصناعة مقدس اخر، كانت هي اول من رفضته”، معللا عدم توحد القوى الاحتجاجية بفقدانها النشاط الثوري الذي بإمكانه قيادة الجماهير دون الانجرار نحو شعارات فضفاضة”.

ويشدد على “ضرورة استمرار الضغط الجماهيري من اجل تولي الرقابة على أداء الأحزاب التشرينية وغيرها من الأحزاب وتقويم العمل وتشخيص الأخطاء”، مبينا ان “استمرار الفعل الاحتجاجي يشعر الأحزاب الفاسدة بخطر، ويوجه رسالة للدول التي تتدخل في شؤون العراق بان هناك رفضا شعبيا لهذه الأفعال”.

عدم وضوح الرؤية

بدوره، يستشهد الناشط المدني زين العابدين محمد في احداث ثورة الياسمين التي أطاحت بالرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، بالقول: ان “السبب الذي افقد المنتفضين المبادرة في ادارة شؤون الحكم والمحافظة على صدارتهم في المشهد السياسي، هو عدم وضوح الرؤية لديهم، وعدم ابراز قيادة منظمة تستطيع أن تكون مفاوضا حقيقيا لتلك الجموع التي خرجت، وأربكت المشهد السياسي، لذلك كان النصيب القوي بعد الثورة هو للقوى السياسية المنظمة مثل حركة النهضة الاسلامية، وحزب المؤتمر”، مشيرا الى ان “انتفاضة تشرين وجّهت ضربات الى عمق المنظومة السياسية، وأربكت المشهد العراقي على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكنها كانت كالشعلة التي التهبت، وسرعان ما تدارك اقطاب النظام الفاسد الملطخ بدماء الابرياء لهيب الشعلة هذه، واستطاعوا من ان يبقوا لهيبها محدودا”.

ويقول محمد لـ”طريق الشعب”، ان “الجموع التي خرجت في تشرين الاول من العام 2019 لم تكن واضحة الرؤية، في بداية الأمر تجمعها العموميات التي يتفق عليها ربما حتى الفاسدين ومراكز القوى التي تدير السلطة في العراق”.

اختراق الاحتجاجات

ويضيف محمد، ان “القوى المتنفذة استطاعت اختراق الحركة الاحتجاجية وزج عناصرها التي كانت تقف بالضد من اي بادرة تنظيم من داخل مخيمات الاعتصام، مراهنين على عامل الوقت والملل من خلال التسويف والمماطلة في حلحلة الازمة المعقدة التي وضعوا بها”، مؤكدا ان “هناك جموعا تقودها اهواء غير واعية سياسيًا وتسيطر عليهم النرجسية الثورية التي كانت احد معوقات التقدم، وبنفس الوقت كانت السلطة واحزابها وميليشياتها الاعلامية والمسلحة تعمل على فتح ساحات صراع جانبية بعيدة عن المعركة الاساسية التي خرجت من اجلها الجماهير المطالبة بالتغيير والاصلاح ومنها قضية تشكيل الحكومة الجديدة واختيار خليفة لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي”.

وينوه الناشط الى “ضرورة تفعيل دور النخب الثقافية والسياسية التي لم يكن لها دور واضح، لا في فترة الاحتجاجات ولا بعدها ما تسبب بترك الساحة للمفاهيم الشعبوية المتداولة في الجدالات السياسية التي تكاد تصبح مفاهيم راسخة تكتسب مرحلة المسلمات”، مشددا على “ضرورة تفكيكها وإنتاج طروحات تستطيع ايقافها وتقديم البديل المفاهيمي للرأي العام، والتخلي عن التسطيح الفكري في التعامل السياسي”.

مشكلة بنيوية

ويعتقد محمد ان “مشكلة النظام السياسي في العراق هي مشكلة بنيوية مركبة تحاول تصدير نموذج مشوّه لطريقة إدارة الدولة وللديمقراطية”، ويضيف ان “القائمين على النظام السياسي لا يؤمنون بالديمقراطية. ومن غير المعقول لاي نظام ديمقراطي ان يقبل بحماية السلاح المتمرد على القانون والدولة”.

ويبيّن ان “قوى تشرين لا بد لها ان تعي أن المشكلة اليوم ليست في اصلاح اعوجاج معين في مسيرة النظام هذا لأنه وببساطة نظام بني على اساس هش وغير متماسك وتحت ضغط الاحتلال والجهات ذات الهويات الفرعية التي كانت تريد أن تضمن اكبر قدر من النفوذ على حساب الوطن والوطنية، وهذا ما لفظته تشرين التي كانت قد خرجت بمفهوم عابر للهويات الفرعية، وطالبت بترسيخ الهوية الوطنية، وإعلاء شأنها على الهويات الفرعية”.

ويختم محمد حديثه بالقول: ان “طريق النضال طويل، وعلى العراقيين جميعا الانخراط فيه ليكونوا قادرين على انتزاع العراق من تلك الايادي التي لا ترى فيه سوى غنيمة يجب سرقتها”.

اختراق الحركة الاحتجاجية

من جانبها، تعتقد الناشطة المدنية ايناس جبار في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “غياب القيادة الموحدة، ورفع شعارات فضفاضة، عطلت كثيرا من عملية تحقيق مطالب المحتجين”، مشيرة الى ان “كون اغلب المشاركين من الشباب تنقصهم الخبرة السياسية، وتملك بعضهم الأنا ما منع توحيد جهود المحتجين في وجه قوى السلطة الغاشمة”.

وتضيف جبار، ان “بعض المحتجين الذين تعاونوا مع الحكومة من اجل تفكيك الاحتجاجات ورفع الخيم وتغيير مسار الانتفاضة، اسهم بشكل مباشر في إضعاف الحركة الاحتجاجية وتفتيتها في ما بعد؛ حيث سعى هؤلاء الى تشويه سمعة الاحتجاجات”، مشيرا الى ان “التهديدات والاعتقالات والاغتيالات كانت سببا رئيسا في فتور وابتعاد عدد ليس قليلا، عن الحركة الاحتجاجية”.

وحول وضع النساء، تجد جبار أن “اغلب النساء المشتركات في الأحزاب الناشئة لا يستطعن التواجد في محافظاتهن ومهجرات في محافظات أخرى”، مؤكدة ان “هذه العملية أثرت بشكل كبير على النشطاء، وستكون له عواقب كبيرة في المستقبل”.

**************

الصفحة الثالثة عشر

من دروس الانتفاضة.. تلاشي ظاهرة التحرش وحضور لملف المرأة

بغداد ــ طريق الشعب

أنتجت لحظة تشرين الاحتجاجية ظواهر اجتماعية ايجابية عديدة، وصنعت قوالب جديدة بعيدة عن النمطية التقليدية في قضايا المرأة والشباب والمطالبة في الحقوق. وكانت قضية احترام المرأة وتلاشي ظاهرة التحرش خلال الاحتجاجات، هي الأبرز رغم أنها لم تأخذ النصيب الكافي لتسليط الضوء عليها.

بنات الانتفاضة والحضور الكبير

كانت مجاميع النساء والفتيات تدخل بأفواجها الكبيرة ضمن الموج الطلابي الذي يتشح بالبياض والأعلام العراقية العملاقة ويغزو مركز الاعتصام والاحتجاج المركزي في العاصمة (ساحة التحرير). وكانت تحتشد الطالبات يوميا مع بقية الشبان في نفق ساحة الطيران المؤدي إلى قلب التظاهرات، بمسيرة كبيرة تتحرك من أمام بناية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. أما من الشوارع الأخرى، فكانت هنالك نساء أخريات يزحفن لمركز الاعتصام من دروب الأزقة، كالبتاوين والنهضة وابو نؤاس. تمر المئات من الفتيات بمفردهن، وجماعات، مع زملائهن في الدراسة، والعمل، عبر هذه الطرق ولم يكن بحساباتهن يوماً أنهن سيمرن بهذه الطرق دون تحرش لفظي أو جنسي، حتى وقت سابق قبل انطلاق التظاهرات الشعبية في العراق.

ويتحدث سائق التكتك، عماد المطيري (22 سنة) وهو من مدينة الثورة – الصدر، ذات الطابع الشعبي عن نقله الكثير من الفتيات اللاتي تعرضن للاختناق والإصابة خلال الاحتجاجات الغاضبة. حيث كانت الفتيات يركضن مع الشبان لصد الدخانيات ومعالجة المصابين والهتاف ضد عمليات القمع، فيما لم يكن هناك أي تفكير بالتحرش بهن رغم وجودهن في قلب الحدث.

تغيير ملموس

وبحسب تقرير روسي لوكالة «سبوتنيك»، فان الفتيات يقطعن خلال أيام الانتفاضة منطقة فضوة عرب الشعبية، المليئة بأصحاب الدراجات النارية ومحلات تصليحها، ويسرن على الأقدام في سوق شعبي لبيع مختلف أنواع السلع بأسعار رخيصة أغلبها «حاجة» قطعة بألف دينار عراقي، مثل الجوارب، والملابس الأجنبية المستعملة، التي تستقطب الفقراء، ومن ثم يتوجهن نحو ساحة التحرير، حيث يتجمع الآلاف بمشهد رائع لم يسجل أي حالة اعتداء أو تحرش بالفتيات من قبل المتواجدين.

وعلى الرغم من جمالية المشهد، لكن قنوات فضائية كثيرة تابعة للأحزاب المتنفذة كانت تتحدث عن فساد أخلاقي في ساحات الاحتجاج، وحفلات جنسية واختلاط سيء يحدث بين الجنسين، لكنها كانت تتناسى صمود هؤلاء وتحملهم للقتل والخطف والاختناق والرصاص الحي، بحسب ما تقوله المتظاهرة الشابة سارة عبد الواحد.

وتقول عبد الواحد: انها كانت مع زميلاتها يتوجهن يوميا إلى ساحة التحرير، دون أي خوف من أية مضايقات أو تحرش بسبب الملابس أو الشكل. وعندما كان يشتد القمع، يركض الشباب نحو الفتيات لحمايتهن مع أي امرأة تتواجد في الحدث، والفيديوهات التي صورت كثيرة وأصبحت شهادة تاريخية لوعي هذا الجيل الشبابي ونقاء سريرته.

وتشير إلى أنه ورغم القمع والتشويه اللاأخلاقي إلا أن هؤلاء الشبان والفتيات أطاحوا بحكومة عادل عبد المهدي، وفضحوا زيف أحزاب السلطة والجهات المسلحة، والحقوهم بهزيمة لا مثيل لها أمام الرأي العام والمجتمع.

وتضيف المتحدثة «لو نسأل أنفسنا قبل أيام قليلة من الانتفاضة، أي فتاة كانت بمقدورها أن تذهب إلى مكان رجالي مثل الباب الشرقي ولا تكون خائفة أو قلقة، نفس هذا المكان تحول بفضل الانتفاضة إلى بيت كبير ينعم بالأخلاق وتغيرت النظرة تماما عن السابق وحتى الان لا توجد مظاهر للتحرش رغم أن الانتفاضة تشهد الان ركودا وقتيا».

واجبات ومشاركة

ويعزو الناشطون مساندة المجتمع وساحات التظاهر للفتيات إلى الوعي الكبير الذي تولد في الانتفاضة. فقد أصبحت قضية المرأة من البديهيات، بالإضافة إلى الحرية الكبيرة التي تعاملت معها بنات الانتفاضة بسلوكيات مشرفة تدلل على ثراء هذا البلد من الناحية البشرية.

وشاركت النساء والفتيات بكل الأدوار الملحة في التظاهرات، فساعدن الرجال بتضميد المصابين وطبخ الأكل وتنظيف الأفرشة والأغطية وخيم الاعتصامات وغيرها، وأصبحن سندا للمحتجين في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها بعد مضايقات السلطات الأمنية.

وقالت عذراء صلاح (25 عاما) – التي كانت تقوم مع مجموعة طلابية بتنظيم التظاهرات وتغطيتها بالصور والفيديوهات ـ ان المحتجين من كلا الجنسين كانوا يعملون ضمن فريق واحد لتحقيق مطالب الانتفاضة، والسعي نحو بلد يضمن لهم الحياة الكريمة والمستقبل الذي ينعم به الشباب بالامان. لم أشهد خلال فترة وجودي أي سلوك للتحرش بالفتيات، كنا أخوة وأصدقاء وتبادلنا المهام وتعرضنا لأبشع أنواع القمع ولم نتراجع.

وتدعو صلاح الشعب العراقي إلى عدم نسيان الطعن والتشويه والأساليب الرخيصة التي مارستها الجهات المتنفذة من أجل حماية مصالحها، لأنها مهما بقيت في الحكم سيأتي اليوم الذي تحاسب فيه على كل ما اقترفته، مبينة أن المرأة في ساحة الاحتجاج عانت ما عاناه الشباب من خلال الاختطاف والاغتيال ومضايقات رجال الأمن والمليشيات.

أما الشاب المتظاهر لهيب محمد، فاوضح من جانبه أن أبناء الانتفاضة أدركوا وقدروا جيدا دور النساء، وحموا الفتيات من كل شائبة لأنهن شاركن بإسعاف المصابين وحمين بكماماتهن وقناني المشروبات الغازية صدروهم من الاختناق.

ويضيف محمد: كيف ننسى أدوارهن بالطبخ وتوزيع الطعام، ومن كان يتحدث عن التحرش أو غيره من الأساليب، خاب أمله وتحولت نساء الانتفاضة إلى تاريخ مشرف للمرأة العراقية التي تعاني ما تعاني بسبب الفاسدين، مؤكدا أن ظاهرة التحرش تلاشت في الانتفاضة ولا نراها الآن حتى بعد مرور عامين على هذا الحدث المفصلي، «لأنني أجزم بأن الحضور المليوني في ساحة التحرير كان أهم وأعظم مدرسة للشباب، وعلمتهم بفترة قصيرة كل ما يخالف البذاءة والتطرف التي أرادت السلطة ترسيخها في عقولهم. والجدير بالذكر أيضا أن نقول بأن عددا غير قليل من النساء استشهدن وأخريات تعرضن للإصابة، فضلا عن المختطفات والمهددات».

مجريات غير متوقعة

نظرة الشباب للبنت المشاركة في المظاهرات، يتحدث عنها الشاب الباحث في الشأن الاجتماعي، رياض محسن، الذي وصفها بأنها «لا تختلف عن نظرة الأخ إلى أخته في مواجهة مصير مجهول».

محسن يؤكد أن خلو التظاهرات من هذه الحالة «ليس متأتيا من طابع ملائكي أو نظرة عليا مثالية، لكن الحدث الثوري الذي حصل في تشرين، وفداحة الكارثة التي أصابت الشبان الصغار الذين فارقوا الحياة بمشاهد دامية، جعلت هذا الجيل الواعد والمتطلع يعيد النظر في حساباته، ويؤمن بأن مصير البلد أصبح بين أيديهم. هكذا كان الأمر وهكذا زاد زخم الاحتجاجات».

وتابع الباحث، أن «العراق قد يكون من ناحية عدد حالات التحرش بالنساء أقل من بقية البلدان العربية، لكن ظاهرة تقديس المرأة إلى هذه الدرجة وإجلالها وتقديمها الصفوف لم تكن بهذا الشكل سابقا، خصوصا مع انتشار الأعراف والتقاليد التي تدعو في غالبيتها إلى خلاف ذلك».

وأضاف، أن «تركيز الشباب في إنقاذ مصيرهم كان هو المحرك الرئيسي لهم. الحدث جعلهم يمتزجون ويذوبون في إطار الوطن ويتعاونون سوية لكسر الفجوة بين الجنسين، لينتج عن ذلك جيل يمكن أن نعتبره مثقفا من ناحية السلوكيات الاجتماعية».

وبيّن أن «بعض الجهات أطلقت حملة في بداية الانتفاضة حملت وسم (نزولك للمظاهرات يكسر ظهرنا) وحثت أطراف عديدة النساء على عدم المشاركة، لكن باءت هذه المحاولات بالفشل، وكان للنساء في عملية استئناف تظاهرات يوم 25 شباط 2019 دور كبير جدا، ويعتبر من أهم أسباب نجاح الانتفاضة».

 *******************************************

في الذكرى الثانية للانتفاضة.. احتجاجات تشرين.. صفعة مدويّة للفساد والمحاصصة

بغداد ــ طريق الشعب

أنتجت انتفاضة تشرين التي يحتفل المنتفضون هذه الأيام بالذكرى الثانية لولادتها، متغيرات عديدة في المشهدين السياسي والاجتماعي؛ فرموز قوى المحاصصة والطائفية التي كانت تدفع بالبلد نحو الهاوية، تلاشت مكانتها، وخسرت الكثير أمام لحظة الوعي الوطني الماثلة إلى الآن. وتحول الحدث التشريني إلى موقف شعبي مؤثر، له جمهوره الواسع الرافض لما يجري، فيما أصبح الحديث عن الفاسدين والمتورطين في خراب البلد صريحا، دون أي خوف أو تردد من قبل المتظاهرين والشباب الذين كانوا المحرك الرئيسي لهذا الحدث الكبير.

عار الفاسدين سيلاحقهم

18 عاما، والقوى المتنفذة التي مسكت زمام السلطة كانت تردد الخطاب المستهلك الذي سئم العراقيون منه. فلم يكن الوطن وفق سلوكها السلطوي سوى مجاميع مقسمة طائفيا وقوميا، لا بد من توجيهها حسب الحاجة. أما شعارات العدالة والدفاع عن حق المواطنين، وتخليصهم من ضيم الدكتاتورية الزائلة، فسرعان ما سقطت وتلاشت في اختبار مواجهة المغريات والإثراء السريع، بل راحت هذه القوى تمارس القمع بمنهجية مقيتة للدفاع عن مصالحها غير آبهة بمصير البلد والحال البائس، الذي وصل إليه، وهو يسجل أعلى مستويات الفقر والبطالة والتخلف الذي أطاح بالاقتصاد وبقية المجالات. هكذا يمكن تلخيص رؤية المجاميع المليونية التي خرجت منتفضة في تشرين الأول من عام 2019 وهي ما زالت تقول ذلك حاليا، خلال إحيائها الذكرى السنوية الثانية للانتفاضة.

المتظاهر الشاب أمير علي، يرى أن خطاب المظلومية والدفاع عن الوطن والاعتزاز بالدور السابق للمعارضة للدكتاتورية الذي تتعكز عليه الأحزاب والقوى التي تورطت بالفساد، أصبح محط سخرية لدى المواطنين، لأن العقلية السياسية التي أظهرتها بعد التغيير أوضحت خلاف ذلك تماما من خلال فسادها وقمعها لأي شكل من أشكال الاحتجاج أو الاعتراض السلمي على ما تقوم به. ويبيّن الشاب الذي تعرّض إلى الضرب المبرح خلال مشاركته في تظاهرات تشرين 2019، أن موقف القوى المتنفذة المخزي والمشين من الانتفاضة، أسقطها بشكل مدوي، وأجبرها على الانهزام أمام المجتمع وخسارة الرأي العام والكثير ممن كانوا يتعاطفون معها، فضلا عن إسقاط الحكومة التي دافعت عنها رغم القتل والإبادة التي مورست بحق المنتفضين.

ويتابع علي قائلا لـ”طريق الشعب”: “حاولت أحزاب السلطة والميلشيات المسلحة أن تربك العقل الاحتجاجي، واستخدمت أبشع أنواع القمع، لكنها لم تكن تعلم بأن هذه الأساليب ستنتج وعيا عاليا ومسؤولية وطنية لرفض الواقع البائس ونظام المحاصصة والخطاب الطائفي. لقد كانت هذه القوى مرعوبة أمام لحظة وعي وطنية لم يشهدها العراق طيلة تأريخه، لذلك كانت ردت فعلها ساذجة وكبدتها خسارة فادحة لم تقلل ضررها كل المغريات والتشويه الإعلامي الذي مارسته محطاتها الفضائية ومنصاتها الالكترونية الصفراء”.

تفكير جديد للعقل الجمعي

وفيما يخص المتغير الكبير الذي طرأ على المجتمع وطريقة تعاطيه مع الشعارات السابقة للقوى المتنفذة، يشدد أحمد حمزة (خريج قسم علم النفس في الجامعة المستنصرية) على أن الوعي الجمعي تعرض إلى صدمة كبيرة في لحظة تشرين الحاسمة، وأصبح الآن وكأنه يترجم المسيرة الطويلة للاحتجاجات في العراق منذ عام 2011؛ فالشباب لم يكن يهمهم المصير الذي ينتظرهم في ساحات الاحتجاج لأنهم يموتون أكثر من مرة يوميا بسبب التهميش والظلم والبطالة.

ويركز حمزة خلال حديثه مع “طريق الشعب”، على ضرورة “تجاوز المواقف المشينة للقوى المتنفذة، فهذا الأمر أصبح واضحا وجليا. المهم الآن أن هذا التحول المجتمعي في طريقة التفكير يجب تنظيمه وقولبته في إطار وطني يكون مساهما أساسيا في إحداث التغيير، لأن الأزمة لم تحل وهناك جولات جديدة سيشهدها العراقيون في مواجهة من يريد التمسك بموقعه ومنافعه بأي طريقة كانت”، مضيفا “رغم كثرة الآراء والتوجهات والتناقضات داخل الاحتجاجات، إلا أنها تتفق جميعا على أن هذا النظام فاسد وقواه المتنفذة مدانة ولا مكان لها في مستقبل البلد، وأبرز ما يمكن ملاحظته هو المقاطعة الواسعة للانتخابات والتراجع الكبير في أصوات القوى الفائزة والخاسرة على حدٍ سواء. هذا هو المهم وهذا ما يجب أن يكون في حسبان المنتفضين وتحويله إلى بطاقة رابحة لأن العمل على قلع الفساد، يتطلب ترك المشاعر جانبا، وخوض النزال بطريقة عقلانية وعبر الحوار الشامل”.

وتتحدث الأرقام الرسمية عن “استشهاد قرابة 560 مواطنا خلال الاحتجاجات، فيما يقول ناشطون في مجال حقوق الإنسان أن العدد يصل إلى اكثر من 800، فضلا عن عمليات الخطف والتغييب والتهديد والإصابات التي قدرت بأكثر من عشرين ألف حالة”.

وبالعودة إلى حمزة، فأنه يرى أن النظام الحالي عاجز عن حل مشاكله، وهي ستتفاقم أكثر فأكثر، لأن الذي غرق بالفساد وتطارده ملفات القتل والجرائم لا يمكن له سوى أن يتمادى لأطول فترة ممكنة لحماية نفسه وموقعه. هذا ما يجعلهم يعتقدون بأن السياق الرمزي للانتفاضة هو أمر خطير عليهم.

مواجهة في لحظة عسيرة

وما يميز انتفاضة تشرين الباسلة أنها جاءت في لحظة كانت القوى المتنفذة وأذرعها المسلحة تتمتع بأقصى درجات النفوذ والقوة، لكن المنتفضين حطموا هذه النمطية وكسروا حاجز الخوف، بل حولوا الأسماء المخيفة للمتنفذين إلى مصدر للسخرية والانتقاد العلني، حتى باتت عمليات التهديد لا تجدي نفعا معهم. بهذه الطريقة يوصف الناشط محمد القريشي لحظات الانطلاقة للانتفاضة.

أما القضية الثانية بحسب القريشي الذي نشط في احتجاجات كربلاء، فأنها تتعلق برفض المنتفضين العمالة التي أصبح عدد هائل من المتنفذين يجاهرون بها دون أي تردد. وجعلوا بتظاهراتهم السلمية القضية الوطنية قبل كل شيء ونددوا بالأجندات الخارجية التي عاثت في البلد. بل وطالبوا بقضايا جوهرية مثل إصلاح النظام التعليمي وإعادة النظر بملف الاقتصاد وفتح ملفات الفساد كافة. يمكنني القول بأن الجيل الذي خلقته الانتفاضة من الطلبة والشباب، هو بذرة طيبة سيحصد العراق ثمرتها في قادم الأيام.

ويؤكد القريشي لـ”طريق الشعب”، أن الغضب الاجتماعي لم يكن بسبب هذا الخراب وحده، بل بسبب خذلان هذه القوى للمواطنين الذين منّوا النفس بأن يكون لهم وطن آمن يحترم حقوقهم بعد فترة عذاب عاشوها تحت حكم النظام البعثي المجرم. أن ما قامت به الحكومة ومن يقف خلفها لحظة انطلاق الانتفاضة، هو بمثابة ما يسمى (كسر عظم) أو قطيعة تامة لا رجعة فيها بين القوى المتنفذة والمواطنين، لأن القتل الذي حصل برأيي كان عمليات إعدام ميداني علنية. الحكومة أشرفت على الإعدامات الجماعية بالقنابل والرصاص الحي والقناصات.

وعلى الرغم من أن المنتفضين أحيوا الذكرى الثانية للانتفاضة في مطلع شهر تشرين الحالي، إلا أنهم قرروا الاحتفال اليوم  أيضا (25 تشرين الأول) لأنه يمثل الحدث الثاني الكبير الذي حول الانتفاضة إلى حدث وطني شمل الكثير من المحافظات.

 ***********************************************

في الديوانية.. الشيوعيون  يستذكرون انتفاضة تشرين

الديوانية - داخل العبادي

في مناسبة الذكرى الثانية لانطلاق انتفاضة تشرين، أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية، حفلا فنيا – شعريا، حضره جمهور من الشيوعيين والناشطين والمواطنين الآخرين.

استهل الحفل الذي أقيم على إحدى الحدائق في مركز المدينة، بالوقوف دقيقة صمت في ذكرى شهداء الانتفاضة، ثم الاستماع إلى النشيد الوطني.

بعدها ألقى الرفيق حسين الوحاش، كلمة منظمة الحزب في المناسبة، وتحدث فيها عن دور الحزب في الانتفاضة ومشاركة الشيوعيين فيها، فضلا عن نضالهم المتواصل في سبيل تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

وشهد الحفل قراءات شعرية ساهم فيها العديد من الشعراء الشباب، الذين عبروا في قصائدهم عن أمجاد الانتفاضة واستذكروا تضحيات شهدائها. كما تخللت الحفل مقطوعات موسيقية.

وعلى هامش الحفل، رسمت الشاعرة والرسامة بنين البدري، بورتريه لأحد شهداء الانتفاضة من أبناء الديوانية، والذي اغتالته يد الغدر أخيرا. 

 ***************************************

شيوعيو البصرة يحيون ذكرى انتفاضة تشرين

البصرة ـ أحمد العگيلي

اقامت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، عصر الجمعة الماضية، حفلا خطابيا – فنيا في مناسبة الذكرى الثانية لانطلاق انتفاضة تشرين.

حضر الحفل الذي أقيم على “قاعة الشهيد هندال” في مقر اللجنة المحلية، جمع من الشيوعيين والناشطين من كلا الجنسين، فضلا عن عدد من الشخصيات الوطنية.

الرفيق محمود سعدون، أدار الحفل وافتتحه داعيا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت في ذكرى شهداء الانتفاضة والوطن، ثم إلى الاستماع للنشيد الوطني.

وألقى الرفيق أحمد ستار كلمة اللجنة المحلية، التي حيّا فيها ذكرى انطلاق الانتفاضة، كما حيّا المنتفضين “الذين تحدوا القوى الحاكمة المتنفذة، وطرحوا مطالب أبعد ما تكون عن الفئوية.. مطالب اكتسبت بعدا شعبياً ووطنياً، وعبرت عن معاناة مريرة لشرائح واسعة من المجتمع. ومن بين هذه المطالب محاسبة الفاسدين وتوفير فرص عمل وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية”.

واضاف ان المنتفضين “تميزوا بإصرار وجرأة وشجاعة تثير الإعجاب”، مشيرا إلى أن “هذا الحدث الكبير يدخل ضمن تاريخ العراق المعاصر باعتباره أهم حدث شعبي منذ تأسيس الدولة العراقية”.

وأكد ستار أن “الكثير من القضايا التي طرحتها الانتفاضة، ما زال يكتسب الراهنية نفسها، والطابع الملح الذي اضطر الناس إلى الخروج بتلك الأعداد الكبيرة”. وتطرق إلى إنجازاتها وأبرزها ان “المنتفضين ضخوا كما هائلا من الشجاعة في الشعب العراقي بعامة، وعززوا الثقة بالقدرة على انتزاع الحقوق والتصدي للظلم وفساد المنظومات الحاكمة”.

وشدد الرفيق احمد ستار في الكلمة على أن انتفاضة تشرين “هي ايضاً نقطة انطلاق جديدة لمواصلة الضغط من اجل تحقيق الاصلاحات التي ينشدها شعبنا، ومنها تلك المتعلقة بإجراء الانتخابات، والإجراءات الضرورية لمحاربة الفساد واصلاح النظام الاداري وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاسبة قتلة المنتفضين”.

وشهد الحفل اعتلاء المنصة من قبل الفنان سجاد الموسوي الذي أدى قطعة من أوبريت بعنوان “حلم”. فيما ألقى الشعراء مقداد مسعود وسهاد البندر وجاسم محمد وسالم محسن قصائد تغنوا فيها بالانتفاضة وبتضحيات المنتفضين.

وفي الختام، أدى الفنان حسين فالح مقاطع غنائية على الغيتار، تغنى فيها بشعار “الدولة المدنية” وبمطالب المنتفضين.

 ************************************************

الصفحة الرابعة عشر

أهمية المنطق الجدلي في الفكر اليومي

بوغوص بوغوصيان

توضيح العلاقة الوثيقة ما بين النظرية/المنهج الفكري والعمل السياسي في وعي الانسان مهمة جدا لأن طبيعة المنهج الفكري المتّبع في التحليل هي التي تفتح افاق مختلفة لاشكال العمل الفعلي، منه العمل السياسي. تأتي النظرية بقراءة معينة عن طبيعة العالم وطبيعة العناصر الموجودة فيه، والعلاقات ما بين العناصر حسب المنهجية التي تتبناها لقراءة، واستخلاص المعلومات والحقائق من العالم، وفي النهاية تلخص استنتاجاتها في نظرية/منهج متناسق/ة. اختلاف النظريات تعني الاختلاف في الفهم لطبيعة الواقع ولموقع الفرد منه، إذًا تختلف طبيعة النشاط حسب النظرية. سنعرض في هذه المقالة الاختلاف ما بين المنطق الجدلي والمنطق الميتافيزيقي في قراءة العالم، وسنسعى لتبيان الاختلاف في فهم الوقائع ما بين المنطقين والعمل الفعلي، الذي قد يتأسس على هذه القراءات.

كتب لينين في نص “الدفاتر الفلسفية” “إن الدِّیالكتیك (الجدل)، بمعناه الأصلي، ھو دراسة التناقض في صمیم جوھر الأشیاء”. نستخلص من هذه المقولة بأن المنهج الجدلي يقبل أن طبيعة جوهر الاشياء ليست احادية البعد و”وحيدة الجانب”، وأنه يوجد في صميم الاشياء تناقض، أي أن هناك علاقة بين أكثر من عنصر مكوّن لجوهر الاشياء، وطبيعة هذه العلاقة قائمة على الاعتماد المتبادل والترابط بين أطراف متعارضة. نقد مفهوم “احادية” الجوهر في الاشياء يرافق الطرح بأن الاشياء، منها الكلية والجزئية (اي الاطراف الموجودة في التناقض والمكوّنة للاجسام الكلية)، موجودة في حركة دائمة وتتطور “من باطنها (ضمنها) ومن حیث صلتها بالأشیاء الأُخرى، وذلك بمعنى أنه ینبغي النظر[في المنطق الجدلي] إلى تطور الشيء على أنه حركته الباطنیة (الضمنية) الذاتیة والحتمیة، وأن كل شيء یرتبط في حركته بالأشیاء الأُخرى التي تحیط به ویتبادل معھا التأثیر”.

بما أن علاقة التناقض موجودة في التكوين الباطني لكل الاشياء، وان التطور من حالة الى أخرى يتأسس على التناقض وعلى التأثير المتبادل بين الخارج والتركيب الباطني، إذًا الاشياء الكلية والجزئية موجودة في عملية تغيير الاشياء التي تترابط وتتفاعل معها، وعملية تغيّر ذاتي. ولكن من المهم القول بأن خصوصية التركيب الباطني في الاشياء، أي الشكل الخاص للتناقض في الشيء، هي الأرضية التي على أساسها تتحوّل الاشياء، وأن نتيجة التفاعل الخارجي مع الجوهر تتحدد حسب التركيب الباطني. لتبيان الصلة الوثيقة بين الفكرة السابقة والحقيقة الملموسة، نأخذ كمثال فكرة المجتمعات الطبقية المختلفة. كل مجتمع طبقي يتمايز ويختلف حسب طبيعة علاقة الطبقات المختلفة لوسائل الانتاج التي هي في صلب التنظيم الاجتماعي - الاقتصادي الخاص فيه، مثلاً تتشارك الاقطاعية والرأسمالية بوجود هيمنة وسيطرة طبقية في المجتمع، ولكن تمظهر هذه السيطرة والعلاقات الطبقية تتمايز وتختلف بينهما، وهذا الاختلاف في التناقض الضمني الخاص في كل من المجتمعات المذكورة هو الذي يحدث على اساسه كل تغيير. مثلاً، أتى ظهور البرجوازية كطبقة مسيطرة كردة فعل على تزايد التناقضات في المجتمع الاقطاعي، وتكوّنت الطبقة العاملة/ البروليتاريا كردّة فعل للتنظيم الاجتماعي - الاقتصادي الجديد في الرأسمالية.

باختصار، التطور هو عملية ارتقاء، “ارتقاء [في الشيء] مبني على ما سبقه، يتضمن ما سبقه”. العودة الى مقولة هيراقليطوس تساعد في توضيح الافكار المطروحة أعلاه وهي: “كل شيء كائن وغير كائن، لأن كل شيء يسيل، وكل شيء يتحول باستمرار وصائر وفانٍ”. إذًا يتميز المنهج الجدلي بطرحه بأن خصائص جوهر الاشياء ليست جامدة وان الجوهر موجود في عملية تحوّل وحركة مستمرة وان الاشياء ليست موجودة في حالة عزلة، بل العكس، الاشياء تتفاعل باستمرار.

النظرة النقيضة للجدلية هي النظرة الميتافيزيقية (حسب تسميتها في نص “في التناقض) و”إن دعاة ھذه النظرة یعتبرون أن جمیع الأشیاء في العالم، جمیع أشكالھا وفصائلھا منعزلة بعضھا عن بعض إلى الأبد، وثابتة لا تتبدل بصورة أزلیة، وأنه إذا كانت ھناك تبدلات فإنھا لا تعني سوى ازدیاد أو نقصان في الكمیة وتغیر في المكان؛ وأن سبب ھذا الازدیاد أو النقصان وذلك التغیر لا يقوم في باطن الأشیاء نفسھا، بل تقوم خارجھا، أي بفعل قوى خارجیة. ویرى المیتافیزیقیّون أن الأشیاء المختلفة في العالم وخصائصھا، قد بقیت على حالھا منذ اللحظة التي وُجدَت فیھا. ولیس كل تبدل لاحق سوى ازدیاد أو نقصان كميّ. ویرون أن الشيء لا یمكن إلا أن یتكاثر ویتولد عنه نفس الشيء مراراً وتكراراً إلى الأبد، ولا یستطیع مطلقاً أن یتغیر إلى شيء آخر مختلف”. إذًا حسب هذه النظرة لا توجد عملية التغيّر والتطور النوعي، وإن الجوهر في الاشياء ثابت وجامد وموجود بعلاقة عزلة مع الاشياء الاخرى، وإن أي تفاعل مع العالم الخارجي لا يؤدي لاختلاف وتمايز نوعي.

عندما نأتي لموضوع العمل في الروتين اليومي، نرى أن النظرة التي نتخذها كأداة للتحليل تحدد موقعنا الفعلي من الظواهر في الحياة اليومية. مثلا، اذا قاربنا موضوع الاستغلال في لبنان مقاربة تاريخية – ميتافيزيقية، نرى أن الاستغلال في لبنان لا يختلف نوعياً خلال كل المحطات التاريخية، وبأن ظاهرة الاستغلال هي نفسها من زمن ما قبل الاقطاعية والاقطاعية والرأسمالية، وأن في كل هذه المحطات الزمنية بقي الاستغلال هو نفسه في كل العالم وفي لبنان. إذًا لا يختلف ولا يتمايز الاستغلال نوعياً مع اختلاف الزمان والمكان، وإن ترجمنا هذه النظرة للفعل، بما أنه لا يوجد فارق بين الاشكال التاريخية للاستغلال، إذًا المعالجة لهذه الظاهرة تكون واحدة وأن الادوات المستخدمة لمعالجتها في زمن الرأسمالية التبعية في لبنان لا تختلف من الادوات المعتمدة لمعالجتها في الحقبات التاريخية الاخرى. أما النظرة الجدلية - التاريخية تقبل أن يكون هنالك إستغلال في كل هذه الحقبات الزمنية المختلفة، وفي الاماكن المختلفة، ولكن العناصر الموجودة ضمن علاقة إستغلال تتطور وتتغير، وطابع العلاقة بحد ذاته يختلف من تنظيم إجتماعي - إقتصادي الى آخر. إذًا التمايز النوعي في الحقبات الزمنية والاماكن تستوجب التمايز في الادوات المعتمدة لحل الظاهرة الراهنة. إضافة، الاختلاف ما بين المنهجين يؤدي لاجوبة مختلفة بخصوص طبيعة المجتمع الطائفي في لبنان.

مثلاً تقبل النظرة الميتافيزيقية أن الطوائف هي أجسام ثابتة وجامدة تاريخياً، وإنها منعزلة عن بعضها البعض، وإن كان هنالك اي تفاعل ما بينها أو ما بين البنى الاجتماعية – الاقتصادية، لا يلحق هذا التفاعل أي تحوّل نوعي في هذه المجموعات البشرية، ويستنتج المنطق الطائفي على أشكاله المختلفة، الذي هو الايديولوجية للبرجوازية التبعية اللبنانية حسب مهدي عامل، ان ازلية وجماد الطوائف يستوجب دولة طائفية وتوافقية وتنسيقية. اذا أتينا  للمنطق الجدلي، نرى أن الطوائف ليست منعزلة وليست جامدة، بل بالعكس كما كل المجتمعات البشرية تتفاعل مع البنى الاجتماعية – الاقتصادية، وإنها تنظمّت فعلياُ حسب هذه التنظيمات، وأنها، تاريخياً، أخذت أشكالا مختلفة، وأنها أخذت شكلها السياسي الراهن بالتفاعل مع المجتمع الرأسمالي اللبناني. يكتب مهدي عامل، معتمدا المنطق الجدلي، “فالطوائف في وجودها السياسي، قائمة بالدولة البرجوازية نفسها، وليست قائمة بذاتها. ولا وجود سياسي لها الا بهذه الدولة التي هي، في طابعها الطبقي نفسه، دولة طائفية”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“النداء” اللبنانية – 8 تشرين الأول 2021

 ********************************************

الماركسية في المانيا بعد الأممية الأولى

ماجد الياسري

في الوقت الذي يعتبر فيه مبدأ الأممية ركنا جوهريا في الماركسية  فان التحليل الفكري والسياسي وأدوات وآليات التغيير تنبع  من البنية  الاقتصادية الاجتماعية الوطنية المحددة، ومن مصالح النضال الطبقي الثوري في سبيل العدالة الاجتماعية.

ومع تزايد طابع الرأسمالية الاستغلالي وتوسعها عالميا  تبلورت أيضا وحدة المصالح الاستراتيجية بين الفئات المضطهدة على الصعيد العالمي، والتي جسدها البيان الشيوعي في شعار “يا عمال العالم اتحدوا”  كتعبير عن  التضامن والكفاح المشترك المبدئي ضد سياسات النهب والاستغلال في كل مكان في العالم، وبغض النظر عن الجنس واللون والدين والعقيدة.

وفعلا عقد الاجتماع التأسيسي لرابطة الشغيلة الأممية في 1864. وفي 1899 تأسست  الأممية الثانية بعد حلل الأممية الأولى وفي مرحلة تميزت ببدايات التوسع الامبريالي نتيجة النمو الاقتصادي السريع  وتصاعد النضالات السياسية والمطلبية للطبقة العاملة وحلفائها من المثقفين الثوريين وفي ظروف النضال التي سادها الشكل السلمي للبرلماني كأسلوب رئيسي للكفاح مما جعلها تشهد صراعا بين اتجاهين رئيسين: اتجاه  ثوري يعتبر النضال السلمي العلني احد اشكال النضال الذي يجب ادارته بمهارة مع القدرة على إدارة المخاطر نتيجة اضطهاد القوى البرجوازية المتسلطة وأجهزتها القمعية. وعند الضرورة الانتقال الى اشكال أخرى ومنها تهيئة مقدمات مادية للتحول الى سرية العمل وأساليب العمل السري، واتجاه آخر ثوري في  الشعارات وإصلاحي في الأفعال، ويركز على الاعداد والتحضير وخوض الانتخابات البرلمانية فقط. وقد احتدم الصراع بين الاتجاهين في المانيا التي كان فيها أكبر حزب اشتراكي ديمقراطي في أوروبا.

ومع اشتداد الصراع التنافسي بين الإمبرياليات في أوروبا وظهور احتمالات حرب عالمية بدا الموقف الماركسي من الحرب يتبلور. فمثلا في المؤتمر السابع للأممية الثانية في شتوتغارت في عام 1907 تحدثت روزا لوكسمبورغ، وهي أحد ممثلي التيار الثوري في الأممية الثانية عن ان الحروب بين الدول الرأسمالية هي نتيجة  التنافس على  السوق العالمية من اجل تأمين أسواقها القائمة وأيضا للسيطرة على أسواق جديدة وتؤدي إلى استمرار سباق التسلح العسكري، وهو أحد الأدوات الرئيسية للحكم الطبقي البرجوازي وأيضا لغرض إلهاء الجماهير البروليتارية عن مهامها الطبقية وكذلك عن واجباتها في التضامن الدولي. وعليه فالحروب هي جزء من طبيعة الرأسمالية ذاتها، وسوف تتوقف فقط عندما يتم إلغاء النظام الرأسمالي. ولذا فمن واجب الطبقات العاملة وممثليها البرلمانيين في البلدان المعنية أن يناضلوا لمنع نشوب الحرب. ولكن في حالة اندلاعها يكون واجبهم التدخل لصالح إنهائها السريع والاستفادة من الأزمة الاقتصادية والسياسية التي أوجدتها الحرب لإثارة الجماهير والإسراع في سقوط حكم الطبقة الرأسمالية. 

وكان  الحزب الأكبر  في الأممية الثانية، هو الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني الذي صوت بأغلبية ساحقة لدعم دخول ألمانيا إلى الحرب العالمية الأولى من خلال الموافقة على اعتمادات الحرب في4 أغسطس 1914. وحذت حذوه العديد من الأحزاب الأخرى في الأممية الثانية في دعمها للحكومات الوطنية. وحدث استقطاب حاد بين الاتجاهين الإصلاحي، والراديكالي الذي قاده لينين. وقد حلت الأممية الثانية في عام 1916. وتكونت أيضا تيارات انتهازية بدعم من الموظفين الحزبيين ذوي الامتيازات الكبيرة وتكونت طبقة عمالية ارستقراطية مستفيدة من التنازلات التي قدمتها البرجوازية آنذاك في مرحلة تناميها السلمي. ومن ابرز ممثليها في الحزب كان ادوارد بيرنشتاين الذي تمتع بنفوذ خاص في الوسط النقابي الذي كان يطالب بالتعاون الطبقي وضم العناصر المترددة والقلقة. 

 وقد كانت بدايات تشكيل الحزب في المانيا في عام 1863 من قبل فرديناند لاسال(1825-1864) وهو احد تلامذة ماركس، وقد تقارب مع منظمة العمال التي أسسها وليهلم ليبكنخت (1826-1900) و أوغست بيل (1840-1913 ) في مؤتمر ايزناخ (1869 ) وتوحدا سوية في مؤتمر غوتا ( 1875 ) واعتبرا الماركسية مرشدا للعمل واصدرا برنامجا انتقده ماركس في كراس (نقد برنامج غوتا) الذي صدر عام 1875 واعتبره مدافعا عن اللاسالية. وتشكل الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألمان  الذي استطاع كسب عدد هائل من الأصوات. وبسببه اصدر بسمارك قوانين استثنائية في 1878 لحظر النقابات ومطاردة الحزب حتى سقوط بسمارك في 1890 وبعدها توسع نفوذ الحزب السياسي بشكل كبير. وقد أعاد كارل كاوتسكي (1845-1938) كتابة البرنامج والذي عرف بـ “برنامج ايرفورت” في1891 واعتبر الوثيقة الرسمية للحزب والتي انتقدها انجلز في حينه بسبب تأكيدها على العمل من اجل الحصول على مناقع اقتصادية واجتماعية واستبعاد الطريق الثوري للتغيير. وبرز كاوتسكي كأكبر منظر ماركسي  في أوروبا وكانت رؤيته تعتمد على الابتعاد  عن الماركسية الارثوذوكسية والعمل من اجل بناء الحزب القوى المؤثر الذي يستطيع في حالة انهيار البرجوازية الحتمي ان يقود عملية التحول السلمي الاشتراكي التدريجي ويمنع الانزلاق الى الفوضى السياسية والمجتمعية ويتيح المجال للوصول الى درجة النضوج المطلوبة لتسلم السلطة بالطرق الشرعية، وبذلك اصبح ممثلا للتيار الوسطي. وانتقد كاوتسكي ثورة أكتوبر في روسيا 1917 بشدة معتبرا انها ارست نظاما دكتاتوريا جديدا بأسلوب تآمري. 

و قاد الاتجاه الاخر ادوارد بيرنشتاين الذي تخلى بعد موت انجلز( 1895)  عن الماركسية بسبب تأثره بالأفكار الإصلاحية الاشتراكية في أوروبا واعتبر الماركسية ذات جوهر عنفي تامري، وان البديل هو الوصول الى الاشتراكية بالوسائل السلمية من خلال الإصلاح التشريعي التدريجي في المجتمعات الديمقراطية. وكانت أفكاره في تعارض مع التيار الراديكالي الذي يمثله بيبل وليبكنخت، والوسطي الذي مثله كاوتسكي. وقد نشرت روزا لوكسمبورغ في 1900 مقالها  الشهير (اصلاح ام ثورة)  تصديا لطروحات بيرنشتاين. وبعدها اصبح عضوا في البرلمان الألماني لمدة 16 سنة ( 1902- 1918 ) ومن ثم انتخب مجددا من ( 1920-1928). 

اما التيار الثوري الراديكالي فقد كان بقيادة  كارل ليبكنخت الذي كان  من ابرز المعارضين للحرب العالمية الأولى واول المصوتين ضد اعتمادات الحرب في الرايخشتاع. وطالب بتحويلها الى حرب أهلية وطبقية. وفي 1916 طرد من الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني. وأسس مع روزا لوكسمبورغ تنظيما باسم (عصبة سبارتاكوس) التي تحولت لاحقا الى الحزب الشيوعي الألماني. وقد اغتالت قوات الامن الألماني كليهما في 1919.

 وهنا لابد من الإشارة أيضا الى اوغست بيبل (1840-1913) الذي انتمى الى حزب العمال الاشتراكي عام 1869 وشغل لاحقا موقع نائب رئيس مجلس إدارة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني واشتهر بقدراته التنظيمية والخطابية ووقف الى جانب ليبكنخت في ادانة استمرار الحرب مع فرنسا في 1870  انتقد بشدة أفكار برنشتاين الإصلاحية. ومن ابرز كتبه (الاشتراكية والمرأة). كما طالب الحزب باتخاذ موقف محايد من الدين باعتباره قضية شخصية خاصة وكان من دعاة فصل الدين عن الدولة.

***************************************

الصفحة الخامسة عشر

كتابان جديدان

* للكاتب العراقي الساخر حسن العاني صدرت رواية جديدة بعنوان “عيادة الحاج مهاوي” وفيها يكشف عن تقاليد اجتماعية مدانة وما تؤول اليه من خراب ودمار.

اصدار منظمة نخيل عراقية الثقافية- بغداد.

* وعن اتحاد الادباء والكتاب في العراق، صدرت مجموعة قصصية للاستاذ: حيدر عاشور بعنوان “وجوه من الماء” تتناول جملة من القضايا الاجتماعية وردود افعال الشخصيات ازاءها.

***********

الشبيبي والحيدري.. شهيدان في ذاكرة الشعر والأدب ايضاً

ريسان الخزعلي

( 1 )

المناضلون الشهداء يعودون باستمرار، يطرقون الذاكرة، يبددون الهواجس، يهوّنون تعارضاتنا الوجودية. وبذلك نصحو على قِصَرِ قاماتنا امام امتدادهم في العلّو والاعالي، وهكذا نتطامن بحضورهم، هذا الحضور الذي يقاوم الغياب والمحو.

( 2 )

الشهيدان الخالدان، حسين محمد الشبيبي وجمال الحيدري، حينما تستعيدهم الذاكرة، فإنها تستعيدهم حضورأً نضالياً تأصيلياً، تستعيدهم صورة ً للبدايات المستمرة التي تدفعنا للتمثل والامتثال، تدفعنا لأن نتلمس عقدة الشنق في الرقبة. ولا نفاجأ حين تكون البدايات متجذرة في الابداع الادبي ايضاً، بعد التأصيل النضالي المعمّد بالتضحية والشهادة، ولا غرابة في ذلك، حيث ان الحزب الشيوعي العراقي المجيد يُقيم صلاته مع الحياة نضالياً وثقافياً منذ التكوين الأوّل، من اجل انسان أرقى وحياة أنقى ووجود أبقى.

( 3 )

الشهيد الخالد حسين محمد الشبيبي، كتب في مجال النقد (حيث تبدو المعالجات التي كتبها عن الادب في بداية الاربعينات انجازاً كبيراً ومهمّاً في هذا المجال. كان يمكن لولا ضغط الاحداث ولولا الظروف الصعبة التي عاناها الحزب الشيوعي أن يتطور ويغتني من خلال المنطلقات الصائبة التي استند عليها – من مقدمة كتاب سلاماً ايها الحزب ).

والشهيد كتب الشعر، وجعل منه موقفاً نضالياً تحريضياً ضد كل ما يسلب حرية الانسان ويقوّض وجوده. وكان لهذا الدور الفعل الذي يعزز صلابة المناضلين سواءً كانوا في المعتقلات والسجون أو خارج اسوارها. ومن شعره قصيدة (موكب التاريخ) التي أُلقيت عام 1948 في سجن الكوت، ونُشرت في مجلة (الثقافة الجديدة) العدد الرابع السنة الأولى، وقد كُتبت بالشكل الشعري السائد في تلك الايام، الشكل الذي يجعل من الايقاع  والقافية منبهات تخترق الصمت برنينها الموسيقي المُدوّي الذي يشدّ العزم ويُعلي الشكيمة :

موكبُ التاريخِ للنصرِ اندفاعا...والى النجمِ سموّاً وارتفاعا

وأغذ السير َ مقرون َ الخُطى... بالدم ِ القاني حماساً وانتجاعا

وبأرواح ِ الضحايا صُعداً... وأماماً لا انحداراً وارتجاعا

وبهدي الفكر ِ من منبعه ِ... نحن ُ والباغي احتراباً وصراعا

إذ دحرنا الظلم َ فازددنا اختباراً...فدفعناه ُ فزودنا اقتناعا

اننا نحن ُ المريده حياة ً... والمشيده اصطباراً واضطلاعا

موكبَ التاريخ ِ لا زلت َ شعاعاً...لمريدك َ فطاما ً ورضاعا

......،

ايها الموكب ُ..،

يوم اكتوبرَ يامجداً مشاعاً...لبني الدنيا وياعهداً تراعى

انت َ للعامل ِ والفلاح ِ وال...كادح ِ المتعوب ِ والحرِّ جماعا

القصيدة طويلة، وقد تجاوزت الخمسين بيتاً، مما يُدلل على طول النفَس الشعري، كما انها جاءت على وزن ٍ واحد ٍ، بحر الرمل، وبرويٍ واحد ٍ ايضاً ، وبذلك يكون الشاعر / الشهيد متمكناً، ومدركاً للبناء الشعري ونظام الشعر في شكله الأول. ولأهمية هذه القصيدة فقد تصدرت قصائد كتاب (سلاماً ايها الحزب) الذي صدر عام 1974 لمناسبة الذكرى الاربعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي المجيد.

( 4 )

أما الشهيد الخالد جمال الحيدري، فهو الآخر شاعر يُجيد ممكنات الشعر الكردي واساليبه المتنوعة، وقد تمكن ببراعة فنية ان يمزج النضال في شعره مع الافتتان بالطبيعة والجمال وهسيس صبوات العشق وحب الوطن واستذكار الشهداء، وهكذا، كان متوحداً مع انسانيته والآخر، متوحداً بإبداعه ونضاله، النضال المتوّج بسموِ الشهادة، تضحية ً عالية َ الصوت والصدى.

من قصائده، قصيدة ( مم وزين ) المكتوبة عام 1960 في موسكو وقد قام الاستاذ محمد الملا عبد الكريم بتعريبها ، نختار منها بعض المقاطع التي تستطير غنائية ً وشفافية ً :

مم : -

زين.. يازيني

ياحبيبتي العزيزة على القلب

مدّي لي يدك، فالقلب على وشك ان يطير

انهضي لنذهب معاً، لقد اخضرّت الارض..وأرض كردستان،

بعد رحيل الشتاء.

عروسة الدنيا..جميلة كالجنّة

آه ما اروعها..ما ابدعها..إنها كقلوب المحبين

العيون والينابع،

تتفجّر كأكباد الشهداء..

والشقائق،

زاهية بلون الدم.. كقطرات الدموع،

تذرفها عيون الفتيات.. وحبّات الندى،

عندما ينقشع الضباب،

كمرآة فضيّة..صافية.

زين :

حقّاً ياحبيبي !

نحن في عنفوان الربيع، وانك صادق فيما تقول

انهض..بالله عليك

لنترك المدينة، فقد تأخر بنا الوقت

لنمش ِ بعيداً شطر َ الحدائق والمروج

اننا سكارى الحب،

وفي صدرينا يخفق قلبان طريّان...

( 5 )

في المفتتح الاخير، يتأكد حضور الشهيدين في الذاكرة، نضالياً وابداعيّاً وسموّاً في التضحية..انها علامة الذين ليسوا كسواهم...

***********

القمامة

حميد الحريزي

هطلت دموعي

مدرارا

فقالو

كفاك أكل

البصل !!

ياخنازير بلدي

هل ابقيتم

لي غير  الباذنجان والبصل؟

شاب رأسي وحتى

الرموش

فقالوا كفاك السبح

في الحليب؟

ياثيران بلدي

حتى أثداء النساء جفت

حرمتوني من

ماء الشراب 

فأنى لي  بالحليب

أغتسل ؟؟

تشققت أقدامي

فقالوا

كفاك التجول في  البساتين

ياوحوش بلدي

قطعتم رؤوس النخيل

واحرقتم أشجار

البرتقال

لم ار غير عاقول يشكو

العطش

فأين هي البساتين؟؟

ارتديت

أكياس الخيش

فقالوا

كفاك سرقة أكياس

الطحين

ياسراق ثرواتي

منذ أسبوع ابحث عن رغيف 

من شعير 

فلم أجد!!

عصبت جروح رأسي

بأسمال مهملة

فقالوا

يازنديق محرم عليك

لبس العمامة

ياشياطين بلدي

لم أحصل على مايستر

عورتي

فمن أين لي بقماش

العمائم ؟

شاهدوا  اطفالي يلوكون

العفن

فقالوا

تأكلون  من خيراتنا وتدعون

الجوع

فقرروا

مصادرة  براميل

القمامة !!

********

قصة قصيرة.. حفنة ضوء

خالد الوادي

كنا معاً، يجمعنا المكان الضيق، وتلفنا العتمة، والصمت كذلك، تقاسمنا ذات الشوق، وقررنا ترميم أوجاعنا المشتركة. كان الصمت لغتنا التي تبددت مع أول لمسة، جاءت معها ابتسامتين حائرتين، تشكلتا سريعاً فوق شفاهنا المندهشة، تحت سقف خيباتِنا التي تجمعت فجأة. تذكرتُ ما قاله صديقي الأقرب:

ـ نحن لا نشبه أولئك الغارقين بالكذب، نحن تمسك بنا الحياة من كل جانب، ونرمم ابداً ما هدمته الايام..

أرخيت جسدي، وتركتهُ يذوب على المقعد الوثير، وأهملتُ الوجع لبعض الوقت، فيما قبلة أتتني يحملها الهواء المشبع بإنفاسنا نحن الاثنين، تصرفت بتفاهة ورحت أثرثر كأي كائن مسخ حائر لا يعرف كيف يتصرف.. نادت بي:

ـ أيها الفيلسوف أكادُ اجزمُ انك على غير ما يرام !

عدت ببطء إلى ما قالهُ صديقي. هذيان من المراجعة والتذكر.. لقد قالها ذات مرة:

ـ أنت.. لا تُمسِكُ بك الرغبة بقدر ما تُمسِكُكَ الانسانية بكل اطرافها، بل أنت تشبه المطر كثيراً، تساعد على اخضرار الروح، وتنمو معك الكثير من الامنيات الجميلة.. رَدّد مع نفسك ( أنا الجدوى التي لطالما افتقدها الآخرون )

هتفت بيَّ:

ـ أنت.. تشبه كثيراً تجربة مغرية، بل أنت تجربة لا تتكرر.

سألتها بخجل:

ـ هل صحيح أنا جدوى لذلك الفَقد الذي يغتال أحلام البعض ؟

أجابتني بمرح:

ـ أنت.. تفكر كثيرا، فكلما فكرتَ عاودتَ التفكير من جديد، تتدفق كالروح المسالمة، وتترتب بلا عناء، هوايتك المفضلة تكمن بالعودة إلى الحياة، تثيرني كثيراً تلك الهواية المتراكمة في أعماقك، وتصرُ على اختراقي من دون استئذان، وأقولها لك.. لا تستأذن.. اخترقني كما أنت معبء بالحياة.

ألحت عليَّ رغبتي في النظر إلى وجهها، لقد كنتُ منهمكاً أطالع العتمة وأنصتُ إلى صوتِ الصمت، قلتُ:

ـ هل لي ببعض الضوء ؟

انسابت يدها النحيلة نحو مصباح صغير شعَ نوره مبهراً، ومعه تأججت مشاعر مغايرة لما كنا عليه، تواطئنا مع الحقيقة وإننا معا، يجمعنا الواقع على مائدته الرشيقة، واقتربنا أكثر وأكثر. هتفت بي:

ـ لنشرب نخب الجنون !

شعرت بحاجة ملحة لصديقي، فهو كالطبيب يشخص الأوجاع بسرعة.. فانا اشعر بوجع يخيفني.. قلت:

ـ هل تعلمين.. أنا أخاف من النساء، ولا اعلم لماذا يتبدد الخوف هذا أمامك ؟

ردت بسرعة:

ـ الضعف يكمن في اللا ثقة، وأنت من أدهشني بمبادئ الثقة المطلقة، وإلا كيف لي أن أكون معك ؟ وكيف لي تقبلك في هذا الليل الذي تتوهج فيه هشاشتنا كضعيفين..

أسرعتُ أفكر بصديقي.. ارسم ملامحه التي تهدهد روحي القلقة، ويظهر شبحه الوديع أمامي، حاولت سؤاله عما يجري، لكنه أمرني بالصمت، أعدتُ المحاولة من جديد.. وجاء رد فعله مماثلا لم يتغير، وكأنه يقول لي.. اصرف نظرك عن أي شيء.. واستلهم معنى اللحظة.

**********

الى طائر الرفض

مهداة الى روح الشهيد: سعد المنصوري

سالم محسن     

أيُ نداءٍ  أودى بك الى هذا الارتقاء

لم تكنْ الأول

ولم تكنْ الأخير

من أي مكان نفذت الى شراع الجنوب فكسرت الصارية

الانهار والقصب والطيور والاسماك واسباخ الهور والبردي والسّواقي 

من دلَّكَ على صاحب الزنج

متى عرفتَ بان للكفن أكثرُ من لونٍ؟

يا أيها المكابر

يا صلاة الفقير

الايادي الصغيرة تستجدي في تقاطعات الطرق

أيها الذاهبُ إلى الحياة 

من دلَّكَ على الزوجة والابناء

من دلَّك على المراقد ومدينة الالعاب

من دلَّكَ على العاشر من عاشور والاعراس والاعياد

من دلّك على القبور والصداقات

من دلَّك على رصاصة ميتة أحيت ما في الصدور

نحن يتاماك

ثكُلتْ بنا الارض والنخل والعشب والمشاحيف والمدارس الطينية والقطط الاليفة

هذه سورة الاحزاب تخافُكَ

وسورة الانبياء تقيم لك بين الآية والآية فاصلةٌ

أراك متكئا على هَّمٍ ومن خلفك رايةٌ

أراكَ ولا أراكَ .. في السوق تفترش الأرزاقَ  المؤجلة 

لم أقلْ بان الوقت قد أزفَ

هي عقاربُ الوقت وقد تشظتْ

دقَ الخرابُ في البصرة

من مدينة  إلى نائحة  

ومن تعيسة إلى يائسة  

لا فرق بين بعيد وقريب

لا فرق بين كبير وصغير

هذا هو الجوعُ يا أبا تراب

وهذا هو الحاكمُ عند مجلس الافتاء يكتبُ( القلم وما يسطرون)

لحظاتٌ جاءتْ

دمٌ سالَ على الطريق

أيها الجسدُ العصيُّ على الفناء 

عُدْ الى جنتك

وأنتم يا أيها طغاة ..يا من أثريتم من لحمِنا ، ومن ودمِنا

دونكم  ..حتى تّطهروا من زاد الفقراء 

عُدْ إلى بيتكَ يا سْعدَ المنصوريّ

ولتذهبْ غداً عند الصباح الى العمل مرتدياً بدلة الشهداء

يا أيها المتحاصصون

لا أعبد ما تعبدون

لكم دينكم ولي دين

********

الصفحة السادسة عشر

إصدار

الوحشية 

عن “دار ابن النديم للنشر والتوزيع” في الجزائر و”دار الروافد الثقافية” في بيروت، صدر أخيرا كتاب بعنوان “الوحشية: فقدان الهوية الإنسانية”، من تأليف آشيل مبيمبي وترجمة د. نادرة السنوسي.

يقف المؤلف في كتابه عند الهوة القائمة بين ما كان يأمل الإنسان في تحقيقه من حقوق وتكريس لحق المواطنة وتجاوز للتمييز العنصري بفضل التطور التكنولوجي، وما يعيشه اليوم من عنصرية وحروب ووحشية وتدمير للبيئة.

***************

ليس مجرد كلام...متى نلتفت لأخطائنا ونصححها .. ؟!

عبدالسادة البصري

توقف كل شيء صناعي وزراعي عن الحياة، وفتح عدد كبير من المدارس الاهلية والجامعات الأهلية، بالإضافة إلى الحكومية، لتخريج أكبر عدد من الشباب ورميهم على قارعة الطريق بلا عمل .. خطأ كبير !

تدنى الخدمات وتدهور التعليم والصحة وازدياد نسبة الفقراء والمتسولين والمعوزين ، وازدياد نسبة استيرادنا لكل شيء من الألف الى الياء .. خطأ كبير !

تفاقم أزمة السكن وتكاثر العشوائيات والتجاوزات وبيوت الصفيح هنا وهناك، وسد الباب بوجه من يطلب حقه في السكن، بسبب توقّف أو ارباك آلية توزيع قطع الأراضي على مستحقيها .. خطأ كبير!

خروج الشباب منتفضين ومطالبين بأبسط حقوقهم في وطن حلموا بأن يكون الابهى والأجمل، لنواجههم بالعنف والرصاص الحي والاعتقالات .. خطأ كبير!

وحين نريد أن نجد بعض الحلول وفرص عمل للشباب، ونقوم بإحالة فئات عمرية جلّها في ريعان نضجها العملي والفني الى التقاعد، متناسين أننا سنفتح ثغرات أكبر وأزمات اكثر من البطالة والفقر وترك المعامل والمصانع على خرابها دون صيانة وتشغيل.. فاننا نرتكب خطأ كبير جدا!

وحين نترك المشاريع العمرانية دون إكمال وكأنها خشب عاثت به الأرضة، دون محاسبة الشركات المتلكئة.. نرتكب ايضا خطأ كبير ايضا!

وحين .. وحين ..، كلها أخطاء أشحنا الوجه عنها ، لنترك البلاد والعباد في مهبّ الريح ، وكأننا نحكم بلادا اخرى!

والأخطاء تولّد انفجارات السخط والغضب والمطالبة بالتصحيح!

لهذا علينا أن نقف ونتأمل وضعنا ومسيرتنا خلال السنوات الماضية، ونتفكّر.. لنسأل أنفسنا: ماذا فعلنا، وهل نحن على صواب؟ ومالذي نريده، وكيف سنبدأ؟؟

لكي نقدّم حالة من النزاهة الحقيقية، ونكران الذات، والضمير النابض بحب الوطن والناس، ونكون جديرين بحكمه، علينا أن نبدأ بالعمل بعيدا عن المحاصصة الطائفية والحزبية المقيتة التي ادخلت البلاد في نفق مظلم وليل من الخراب والبؤس طويل طويل !

وعلينا أن ندير آلات المصانع والمعامل المتوقفة، ونفتح قنوات مع فلاحينا لدعمهم وتشجيعهم، ونضع خطّة تدريس ومنهاجا جديدا للتربية والتعليم بعيدا عن التفكير بالربح والخسارة.

وعلينا أن نهتم بالشباب ولا نتركهم عرضة لمن هبّ ودبّ، على الأرصفة بلا أدنى أمل!

ان تغاضينا عن الأخطاء يوقعنا في أخطاء اكبر، كما ان تركها دون دراسة وحلول سبب رئيسي في ما يحصل الآن من بؤس وخراب وغليان شعبي وجماهيري!

ليس عيبا أن نتوقف ونتأمل ونعالج هذه الأخطاء حتى وإن ضغطنا على أنفسنا كثيرا.. بل العيب أن نظل سادرين بغيّنا لنقع في أخطاء اكبر!

الوطن لن تبنيه المحاصصة بكل اشكالها، بل الوحدة والتآلف والمحبة ونكران الذات والضمير الحي. الوطن نبنيه نحن جميعا فلا تديروا وجوهكم عنه ابدا، ولا تسددوا الرصاص والعنف الى من يقول لكم هذا خطأ فصححوه.. لأنكم عندما تدور بكم الدوائر وتفتقدون الوطن لن تجدوه حصنا دافئا وقلبا حنونا !

الوطن يكبر ويزدهر بناسه الحقيقيين وبُناته الفعليين، أما اذا بقينا على حالنا فلن نجد وطناً ذات يوم ..، وحينها لات ساعة مندم!

***************

تحمل تساؤلات وجودية “ايزدان” في منتدى المسرح التجريبي

بغداد – طريق الشعب

عاد منتدى المسرح التجريبي التابع لدائرة السينما والمسرح، الأسبوع الماضي، إلى نشاطاته الفنية بعرض مسرحية عنوانها “ايزدان” على مدى خمسة أيام. وهي من تأليف كرار فياض وإخراج مهند علي.

وقال مدير عام دائرة السينما والمسرح د. أحمد حسن موسى، أن “موسمنا المسرحي الجديد للعام الحالي 2021، انطلق بهذا العمل المسرحي كي نحارب وباء كورونا بالإبداع الفني، ونحقق عبر شباب جدد باكورة أعمالنا المسرحية، لاننا نؤمن بأن الشباب هم أدوات الابداع المستقبلي.. لنرتدي كمامات التصدي ونتشارك في تلقي فضاءات المسرح”.

مؤلف المسرحية ذكر في حديث لـ “طريق الشعب”، أن “المسرح هو عالم الخيال الذي يعبر عن ماهية الواقع وما يشعر به الانسان، ويعكسه بصورة تتمثل في فكر جمالي وموضوعي. فهو الرقيب عما يحدث، ولا بد للفن ان يكون أحد مقومات هذا الواقع.. من خلال الفن ينطلق صوت الحقيقة”.

من جانبه قال مخرج المسرحية: “لقد تصدعت جدران أفكارنا وصدأت عجلة تفكيرنا وتوقف الزمن وأصبحنا وقودا لآلة الهيمنة والاستغلال.. نحن لا نحتاج إلا إلى صرخة حقيقية جوهرها الثورة”.

والمسرحية تحمل تساؤلات وجودية عن معاناة الانسان جراء الدمار السائد في العالم. وقد سلط المؤلف الضوء على محتوى العمل حين قال: “من حقنا ان نتساءل: لماذا  كل هذا الخراب واستباحة الدماء؟”.

شارك في تمثيل شخصيات العمل كل من أسماء عزيز، ضرغام محمد، مدين مجيد ومهند علي. فيما ألّف الموسيقى ذو الفقار علي، وصمم الإضاءة عباس خريبط.

*************

82 لوحة بمختلف الأحجام .. فيصل لعيبي يفتتح “يوميات عراقية” في الدوحة

الدوحة – طريق الشعب

افتتح الفنان التشكيلي المعروف، فيصل لعيبي، مساء الثلاثاء الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، معرضا تشكيليا شخصيا حمل عنوان “يوميات عراقية”.

ضم المعرض الذي احتضنته قاعة “كاليري المرخية”، والذي يستمر حتى يوم 15 كانون الأول القادم، 82 عملا بمختلف الأحجام، تجسد مراحل تطور أساليب لعيبي الفنية، في التعبير عن معاناة الإنسان العراقي.

ويتوافد على المعرض يوميا منذ افتتاحه، زائرون من مختلف الشرائح. وقد تم تحديد دخولهم بـ 15 شخصا في كل مرة، وذلك مراعاة للشروط الصحية في ظل تفشي وباء كورونا.

وعن معرضه الجديد يقول، أن “شخصيات لوحاتي عراقية خالصة. وكما تُسقط مدارس الفن العالمية ملامح ابنائها على الشخوص، فإن (الكاركتر) في لوحتي عراقي، الأمر الذي يعبر عن وطنية اللوحة وهويتي الفنية”، مضيفا أن “لوحاتي مباشرة وليس فيها غموض. فأنا أسرد طقوس حياة العراقيين التي ما زالت عالقة في ذاكرتي بكل تفاصيلها”.

ومن بين الطقوس والمهن البغدادية التي جسدها لعيبي في لوحاته، عمل الصيادين واستراحات العمال وعمل نساجات البسط والملابس والخيّاطات وباعة الفاكهة فضلا عن طقسي شرب الشاي والتسوق.

كما رسم الحلاق وصباغ الأحذية و”الجايجي” و”المكوجي” والمصور الفوتوغرافي الشمسي، ورسم أيضا فرقة الجالغي البغدادي، والفتى العراقي بزيّه التقليدي المحلي.

ويشير لعيبي إلى أن “هذه الأعمال تجسد مراحل تطور أساليبي الفنية التي تناولت فيها مواضيع تؤرخ لمعاناة الإنسان العراقي وما جرى للعراق خلال الستين عاماً الماضية - سنوات مزاولتي الفن التشكيلي - محاولاً ان أسلك طريقاً خاصاً على قدر فهمي وإمكانياتي وتجربتي الشخصية، دون ان أنسى ما تعلمته من أساتذتي وأصدقائي وخلال زياراتي للمتاحف ودور عرض الأعمال الفنية الرسمية والخاصة، وفي دراستي عموماً”.

*******************

ألقوش.. اختتام “بطولة توما توماس” الكروية الـ 19

ألقوش – طريق الشعب

اختتمت أخيرا في ناحية ألقوش بمحافظة نينوى، الدورة الـ19 من “بطولة توما توماس (أبو جوزيف)” بكرة القدم الخماسية، التي نظمها “نادي ألقوش” الرياضي بمشاركة 7 فرق من الناحية والقرى التابعة لها. 

وحضر المباراة الأخيرة التي جرت بين فريقي شباب النادي وناشئته، جمهور من محبي كرة القدم، بالإضافة إلى وفدين من منظمة الحزب الشيوعي العراقي ورابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين في الناحية.

المباراة التي جرت على ملعب النادي، انتهت بفوز فريق الشباب بالمركز الأول، بعد تفوقه على نظيره بالركلات الترجيحية.

وعلى هامش المباراة، ألقى الرفيق سمير توما توماس، كلمة باسم عائلته، اشاد فيها بجهود النادي في تنظيم هذه البطولة سنويا منذ سقوط النظام المباد عام 2003. فيما استذكر مآثر والده - الذي تحمل البطولة اسمه - ونضاله على مدى عقود من الزمن ضد الدكتاتوريات المتعاقبة على حكم العراق.

وفي الختام تم توزيع الهدايا على الفريقين. وقد ساهم في ذلك كل من سكرتير فرع رابطة الأنصار في ألقوش، الرفيق سمير توماس، وسكرتير منظمة الحزب في الناحية الرفيق عامل قودا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحيته “فرقة نخيل وأوتار” .. أول حفل موسيقي غنائي عام في كربلاء

كربلاء – سلام القريني

احتضنت قاعة الفنان التشكيلي صلاح الحيثاني في مدينة كربلاء، مساء أول أمس السبت، حفلا موسيقيا – غنائيا أحيته “فرقة نخيل وأوتار” بقيادة عازف الكمان الفنان رحيم رباط.

حضر الحفل الذي عدّ الأول من نوعه في المدينة بعد سنوات من الانقطاع، جمهور غفير من الشباب والشابات والنخب الثقافية والشخصيات الوطنية.

الفنان الشاب حسنين محمد حاتم، استهل الحفل بعزف مقطوعات للموسيقار العالمي بتهوفن على البيانو. بعدها قدم مؤسس الفرقة الفنان كاظم الشويلي، أعضاء فرقته. وتحدث بإيجاز عن بدايات التأسيس، مبينا أن النواة الأولى للفرقة كانت تضم فقط أبناءه، ثم توسعت بعد أن زجت فيها طاقات شبابية واعدة.

وكانت أولى الفقرات مقطوعة للموسيقار العالمي موزارت، عزفها مهند كاظم (10 سنوات)، أصغر عازفي الفرقة، على الأورغ. أعقبه الشاب حسنين حسن بأداء أغنيتين من التراث البغدادي، فضلا عن موال للفنان العربي الراحل وديع الصافي.

وتضمن الحفل نحو 14 فقرة غنائية تفاعل معها الحضور وصفق لها بحرارة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المباشرة ببناء أكبر مدينة ترفيهية في ديالى

بعقوبة – وكالات

أعلنت مديرية بلدية بعقوبة، الخميس الماضي، عن المباشرة بمشروع بناء أكبر مدينة ترفيهية في ديالى، تبلغ مساحتها 40 دونما.

وقالت البلدية في بيان رسمي نشرته وكالات أنباء، إن المدينة الترفيهية ستشيد في أطراف مدينة بعقوبة مقابل “حي المعلمين”، مبينة ان المدينة ستضم مطاعم وقاعات اعراس وألعابا كهربائية والكترونية، وسيتم بناؤها وفق التصاميم العصرية.