اخر الاخبار

الصفحة الأولى

رائد فهمي لـ“طريق الشعب”: انتفاضة تشرين الحدث الأبرز في تاريخ الدولة العراقية الحديثة

بغداد ـ طريق الشعب

قال سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، إن انتفاضة تشرين المجيدة كانت الحدث “الاكثر بروزا في تاريخ الدولة العراقية الحديثة”، مشيرا الى أن شعار “نريد وطن” كثف كل المطالب؛ فالناس تريد وطنا يؤمّن لأبنائها العيش الكريم والكرامة والحرية الحقيقية، “وطن بلا فساد، وطن بلا هيمنة من قبل فئات معينة على حساب فئات اخرى”.

ولمناسبة إحياء الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين الباسلة، أجرى المركز الاعلامي للحزب الشيوعي العراقي حوارا موسعا مع الرفيق فهمي، تنشر “طريق الشعب” نصه كاملا في عددها القادم.

وذكر فهمي أن “الحركة الاحتجاجية (انتفاضة تشرين) خرجت من رحم المجتمع. وبالتالي فهي ليست قضية حزب سياسي، او مجموعة سياسية او فئات معينة، وانما هي مطلب اصبح شعبيا بكل معنى الكلمة”.

وأكد أن مطالب تشرين “لا تزال حاضرة؛ فلا الحكومة ولا أية قوة سياسية تقدر أن تلتف على المطالب الاساسية التي رفعتها الانتفاضة”.

ولفت الى أن منظومة المحاصصة الطائفية “كانت في حالة رعب بسبب الزخم الجماهيري”، مردفا ان رسالة الانتفاضة وصلت للقوى السياسية المتنفذة والمتحكمة بصناعة القرار “لكن ليس بالمعنى الذي أرادته تشرين. نعم، ادركت تلك القوى ان هناك هوة بينها وبين هذا الشعب وبينها وبين من يدعون تمثيلهم، وان الكثير من رموزهم وخطابهم الذي كان له هيبة معينة وبعض الاحيان قدسية معينة، كل هذا تكسر”.

وأشّر فهمي “تغييرا جوهريا في كل المعادلات السياسية: الشعب اليوم اصبح حاضرا حتى عندما لا يوجد له تمثيل مجسد. حاضر في كل مداولات هذه القوى، فهم ايضا يشعرون ان الارض تحتهم اصبحت مهزوزة”.

وعرّج فهمي على قتلة المحتجين، قائلا إنه “بعد سنتين من اندلاع الانتفاضة، مازلنا نتحدث الى هذه اللحظة عن قتلة طلقاء، لم يتم القاء القبض عليهم”، متسائلا “هل حقا لا تستطيع الحكومة كشف هؤلاء القتلة، ومن يقف خلفهم؟ وهل هناك فعلا طرف ثالث؟”.

وعدّ “معظم الجرائم التي جرت عمليات اغتيال سياسي، وتقف وراءها جماعات سياسية وربما مسلحة ايضا، لكن الحكومة عندما تريد أن تلاحق هؤلاء، فانها تكتفي بالمنفذين المباشرين، الذين هم في كثير من الاحيان هاربون خارج البلاد”، مضيفا انها لا تسعى للمضي “بمحاسبة من يقف خلفهم، فاذا اردت ان تحاسب من خلفهم، ستصطدم بجماعات تمتلك السلاح وتمتلك القوة”.

ونوّه بأن “ملفات الفساد وكشف القتلة وحصر السلاح، كلها ملفات تبدو مترابطة”.

وبيّن فهمي، أن “الانتخابات التي أرادها المنتفضون هي انتخابات تكون فاتحة للتغيير. بمعنى ان تكون عاكسة حقا للارادة الشعبية، وهذا يستلزم ان تكون حرة ونزيهة وشفافة”، وهذا غير ممكن في ظل “عنصر السلاح والمال السياسي وعدم محاسبة القتلة، وعدم نفاذ القانون”، وفقا للرفيق فهمي.

وأوضح أن السلاح “لا يهدد الحريات فحسب، انما بواسطته تتم عمليات ابتزاز، وتتم عمليات استحواذ واستيلاء على الممتلكات والعقارات، وبواسطته تتم عقود وغيرها من الاشياء، اذن هذا السلاح يهدد الاستثمار الوطني والمحلي، ويهدد حسن اداء الدولة”.

وخلص سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الى ان “الانتخابات المبكرة التي أريد لها ان تكون رافعة للتغيير، لن تكون كذلك في تقديرنا، للأسباب التي سبقت الاشارة اليها”.

***********

تصريح المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: لا لدعوات التطبيع المشينة مع إسرائيل

اثارت دعوات التطبيع مع اسرائيل، التي صدرت عن اجتماع عقد امس الجمعة في اربيل، استنكاراً واسعاً في الاوساط الشعبية والرسمية العراقية، التي أكدت رفضها الشديد لهذه الخطوة المشينة وذات المرامي المفضوحة، وإدانتها من يقف وراءها، وجددت التضامن مع الشعب الفلسطيني ونضاله البطولي لانهاء الاحتلال الاسرائيلي. 

لقد كشف هذا الاجتماع سيىء الصيت عن المساعي المحمومة للحكام الصهاينة، بدعم سافر من الادارة الامريكية، لتوسيع نطاق اتفاقات التطبيع المذلة التي كانت قد ابرمتها الامارات والبحرين مع اسرائيل، في آب وايلول 2020، واعقبتها خطوات مماثلة مع السودان ودول عربية أخرى.

وتأتي هذه الخطوة المخزية فيما لم تجف بعد دماء عشرات الشهداء الفلسطينيين، الذي سقطوا ضحية العدوان الهمجي لقوات الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة في ايار الماضي، وفي حين تتواصل اعتداءات عصابات المستوطنين على الاحياء السكنية للمواطنين الفلسطينيين في القدس المحتلة، بهدف إفراغها من سكانها الاصليين وتهويدها.

لقد سبق لحزبنا الشيوعي العراقي ان اعلن إدانته لاتفاقات التطبيع، وللأنظمة العربية المنخرطة في عملية التطبيع  وفي تنفيذ “صفقة القرن” الامريكية، باعتبارها تمثل تتويجاً للمؤامرات والدسائس التي تهدف إلى تصفية قضية الشعب الفلسطيني، والى اقتلاعه من أرضه تماما وإنكار حقه في إقامة دولته الوطنية وتحويله الى مجموعة من اللاجئين والمشردين. ولقيت هذه الصفقة واتفاقات التطبيع إدانة وشجبا واسعين من قبل القوى الوطنية والتقدمية في المنطقة.

واذا كان بيان الحكومة العراقية يعتبر ان “طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستورياً وقانونياً وسياسياً في الدولة العراقية”، فان تساؤلا مشروعا يبرز حول الكيفية التي تم بها عقد هذا الاجتماع الذي ينتهك القانون والدستور، وبالضد من الارادة الرسمية للحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم؟

لهذا يتعين على الحكومتين اتخاذ الاجراءات القانونية الضرورية بهذا الشأن، كما يتوجب التشديد على ان مواجهة هذه الخطوة ومن يقف وراءها من قوى محلية وخارجية، يستدعي التصدي السياسي الحازم لها من جانب القوى والاحزاب والاوساط الوطنية والديمقراطية.

ان حزبنا يدين بقوة اجتماع اربيل والجهات التي تقف وراءه وما صدر عنه من دعوات مفضوحة الى التطبيع مع دولة الاحتلال الأسرائيلي، ويدعو كل جماهير شعبنا وقواه الوطنية الى رفض واستنكار هذه الدعوات الشائنة، ووأد هذه الاصوات الكريهة في مهدها. كما يدعوها الى رفع اصواتها عاليا لتأكيد وتجديد تضامن العراق الثابت مع الشعب الفلسطيني ونضاله العادل من اجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي البغيض، والإقرار بحقه في إقامة دولته الوطنية المستقلة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس.

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

25/9/2021

*******

راصد الطريق.. دماء الشهداء لن تذهب هدرا !

تحل غدا الجمعة الذكرى الثانية لانطلاق انتفاضة تشرين المجيدة، انتفاضة الملايين من بنات وأبناء شعبنا العراقي، حيث تصدرت المشهد شابات وشبان العراق، التواقون الى التغيير والتجديد وانتزاع النصر لقضايا شعبهم العادلة .

عامان مرا على الانتفاضة الجماهيرية، التي اجترحت المآثر واطلقت زلزالا ما زالت ارتداداته تتوالى في مجتمعنا ، وقدمت دروسا غنية تتصدرها حقيقة ان  إرادة الجماهير الموحدة وحراكها السلمي اقوى من مكر وكذب وتدليس  ومؤامرات ودسائس وقمع وبطش ووحشية الحكام المحليين والمتنفذين المتسلطين ومليشياتهم الوقحة، ومن الدعم الخارجي لهم .

لقد سقطت حكومة وجاءت أخرى وما زال “الطرف الثالث” السفاح مجهولا، والقتلة على اختلاف انواعهم طلقاء، والوعود بالكشف عنهم تتكرر وتتجدد لكنها تبقى مجرد وعود، فيما يتضح عجز السلطات الثلاث اكثر واكثر، في ظل ضعف الدولة ومؤسساتها وتحكم المليشيات المتحركة تحت عناوين مختلفة.

في ذكرى الانتفاضة تتجدد المطالبة بوضع القتلة خلف القضبان، ويتجدد العزم والتصميم على صون العهد لدماء الشهداء الزكية بانها لن تذهب هدرا!

*************

الصفحة الثانية

كل خميس.. حول الانتفاضة في ذكراها الثانية!

جاسم الحلفي

لا تحتاج الانتفاضة منا، في ذكراها الثانية،  الى التجبيل. فهي مبجلة بالوعي المتقدم الذي انتجته، والأهداف الوطنية الكبرى التي رفعتها، والمطالب المشروعة التي نادت بها، وبشهدائها والتضحيات الجسام التي قدمتها، وبالاقدام والبسالة النادرة ونكران الذات لابطالها وجماهيرها.

ولا تحتاج الانتفاضة الى التذكير بهدفها الأساسي: “نريد وطن”. فهو راسخ في الوجدان، وسيبقى مرفوعا طالما بقيت ازمة النظام السياسي القائم تنتج الازمات، بعد ان أشاع المتنفذون الفساد ونهبوا الأموال العامة وبددوا الثروات، وجعلوا من العراق ساحة لصراع المصالح الأجنبية، مفرطين بمصالح الشعب وحقه في العيش الكريم.

لا تحتاج الانتفاضة في ذكراها الثانية، استعراضا لوسائل القمع التي استخدمت ضدها، فقائمة الشهداء والجرحى ومن طالهم الاعتقال والتعذيب الطويلة، تشهد وتدين الانتهاكات التي تخزي مرتكبيها وتظهر استهتارهم بحقوق المواطن وحرياته.

ولا تحتاج مواقف القوى المتنفذة واساليبها الخبيثة في تفكيك الانتفاضة، الى المزيد من الكشف والتعرية، كذلك محاولاتهم اختراق واحتواء الانتفاضة، وبضمنها سرقة اسم الانتفاضة وتشكيل تنظيمات سياسية بأسمها.

ولا تحتاج الانتفاضة منا التطرق الى الوعي المتقدم الذي رافق أنشطتها، الوعي الوطني الذي جسده الرفض القاطع للطائفية السياسية، والتشديد على المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية.

لا تحتاج الانتفاضة كل ذلك، بقدر حاجتها الى النقد الموضوعي واستلهام دروسها، ومعالجة الثغرات التي رافقتها، والنواقص التي لو كان تم تجاوزها لتحقق الكثير من مطالبها.

في الذكرى الثانية للانتفاضة نشدد على التالي:

أولا: تعريض الانتفاضة  بكل جدية الى النقد، ليقول كلمته في مساراتها وما رافق أنشطتها، ويشارك في التهيئة للفعل الاجتماعي المتوقع بانطلاق احتجاجات جديدة، حيث ان العوامل التي أدت الى اندلاع الانتفاضة قبل سنتين ما زالت قائمة بل وأضيفت اليها عوامل أخرى، مثل تصاعد مؤشرات الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وتفاقم الأوضاع المعيشية الذي اشتد بعد رفع سعر صرف الدولار على حساب الدينار.

ثانيا: إشكالية عدم تبلور قيادة سياسية للانتفاضة، وعدم وجود لجنة تنسيق ميدانية عليا. وإذا كانت العفوية التي رافقت انطلاقها مفهومة، فان تواصل أنشطتها في ساحات الاحتجاج أكثر من سنة من دون ان تفرز قيادة تتحمل مسؤولية تنظيمها، أمر مثير للقلق. اما رفع شعار (الوعي قائد) مجردا، فتأثيره عكسي، لان وعي وادراك الهدف الصحيح يقود الى اختيار الطريق الصحيح، ووعي ضرورة التنظيم وتكوين قيادة سياسية هو أحد مستلزمات النصر.

ثالثا: الوقوع في وهم القوة، والاستهانة بطغمة الحكم ونفوذها وامتدادها داخل السلطات، وامتلاكها للمليشيات المسلحة التي اوغلت في القتل، وقدرتها على التملص وعدم ترك اثر يكشفها. مثال ذلك ما سمي الطرف الثالث، وعدم الحساب الصحيح لميزان القوى في تلك اللحظات، وتوهم كون الانتفاضة ثورة كاملة نضجت شروطها الذاتية والموضوعية.

رابعا: اهمال البعد الطبقي في الصراع وعدم التركيز عليه. فالفجوة الطبقية واسعة، وكان يمكن تأمين فرز اجتماعي أكثر دعما لكفة الانتفاضة، حيث ان طغمة الحكم تمثل مصالح الأقلية “الاولغارشية” فيما تمثل الانتفاضة عموم الشعب الذي سلبت حقوقه ونهبت أمواله، سيما وهي تعكس الهندسة الاجتماعية التي تتمثل فيها جميع طبقات الشعب وشرائحه الاجتماعية.

خامسا: الانتفاضة في النهاية فعل سياسي، لا بد ان يفضي الى نتائج. لكن هناك ضعفا في المبادرة السياسية، وشيوعا لذهنية تحريم التكتيك السياسي، واستعبادا لوسائل الضغط والمدافعة والتواصل مع الآخر، و(تجريم) التفاوض. وذلك ما ألغي دورها المفترض في تشكيل الحكومة المؤقتة، وترك المهمة في يد طغمة الحكم.

أخيرا لا بد من متابعة وضع المجتمع الذي طفح فيه الكيل، وغدا يعيش تململاً قد يعبر عن نفسه بأشكال احتجاجية غير مألوفة. فالظاهر ان الصراع لن تحسمه الانتخابات، بل قد تكون نتائج هذه الانتخابات دافعا إضافيا لغضب الناس من بقاء الأوضاع  على حالها.

لقد رفع ملايين المواطنين مطلب التغيير، وأمهلوا .. لكنهم لن يهملوا مطلبهم!

**************

تحت شعار «تشرين خيمتنا» دعوات شعبية لإحياء الذكرى الثانية للانتفاضة

بغداد ـ طريق الشعب

غصت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات لإحياء الذكرى الثانية لانطلاق انتفاضة تشرين من خلال وسم #تشرين_خيمتنا، ودعوات للانطلاق في مسيرة احتجاجية، للتأكيد على المطالب المشروعة للمنتفضين، في محاسبة الفاسدين والكشف عن قتلة المحتجين، وحصر السلاح في يد الدولة، ونفاذ القانون، ومحاسبة العناصر المنفلتة.

من الفردوس الى التحرير

واعلن المنظمون للفعالية انطلاق مسيرتهم من ساحة الفردوس يوم غدا الجمعة في الساعة الحادية عشرة صباحا صوب ساحة التحرير، داعين المواطنين للمشاركة الفاعلة في المسيرة لتوجيه رسالة واضحة للفاسدين والقتلة: ان لا مناص من التهرب من تنفيذ مطالب الانتفاضة بصورة كاملة دون تزييف او مماطلة.

وقال الناشط المدني عبدالله غالب لـ”طريق الشعب”، ان “الهدف من المسيرة هو للتأكيد على مطالب انتفاضة تشرين التي حاولت القوى المتنفذة المماطلة في عدم تنفيذها، مستفيدة من عدة عوامل رافقت الاحتجاجات الشعبية”، مشيرا الى ان “القوى الفاسدة تعتقد واهمة ان تراجع المد الاحتجاجي في فترة ما هو نهاية للغضب الشعبي”.

وأضاف غالب، أن “أسباب اندلاع الاحتجاجات لا تزال موجودة، وتتفاقم يوما بعد اخر، نتيجة لاستعصاء الحلول بسبب استشراء الفساد والمحسوبية والفشل المستمر في طريقة إدارة مؤسسات الدولة، ما جعل من عملية إصلاح هذه المؤسسات أمرا شبه مستحيل”، مبينا ان “القوى الماسكة للسلطة تحاول شراء الوقت للبقاء اكبر قدر ممكن في السلطة، لكن التغيير قادم لا محال”.

حدث تاريخي

من جانبها، أكدت الناشطة المدنية رند رائد، ضرورة المشاركة الفاعلة في إحياء ذكرى الانتفاضة لما تمثله من حدث كبير في تاريخ العراق الحديث.

وذكرت رائد لـ”طريق الشعب”، ان “تشرين لحظة خالدة في تاريخ العراق سوف تتذكرها الأجيال القادمة لما مثلته من رفض للفاسدين والقوى الطائفية من خلال رفعها شعارات جامعة، اكدت فيها أهمية الهوية الوطنية على حساب الهويات الفرعية الثانوية”، مشيرة الى ان “الفاسدين والقتلة يخشون تشرين لانها هزت اركان نظام المحاصصة والفساد، وهدمت مقدساته من الرموز السياسية”.

وأشارت الناشطة الى ان “القوى الاحتجاجية اليوم اكثر نضجا من المرحلة السابقة وباتت تعلم جيدا أساليب السلطة ومحاولاتها بث الفرقة وتشتيت صفوف المحتجين”، منوهة الى ان “هذه الأساليب أثرت بشكل كبير على الحركات الاحتجاجية في البلاد”.

زيادة الزخم

بدوره، دعا الناشط المدني محمد علي، الى زيادة زخم الاحتجاجات وتوسيعها خلال الأيام القادمة، من اجل نقل الضغط على القوى الفاسدة التي تصور للعالم انها عملت على الاستجابة لمطالب المتظاهرين.

وبيّن علي لـ”طريق الشعب”، ان “العراقيين امام فرصة لإعادة زخم الاحتجاجات وتوضيح الصورة والرؤية للجميع. إن الإجراءات التي قامت بها الحكومة لم تكن كافية لإقناع غالبية العراقيين بالمشاركة في الانتخابات المقبلة”، مبينا ان “غالبية العراقيين يتجهون نحو مقاطعة الانتخابات بسبب عدم تحقيق شروطها مثل تعيين مفوضية مستقلة، وتطبيق قانون الأحزاب وحصر السلاح بيد الدولة”.

**************

رائد فهمي يستقبل وفد الديمقراطي الكردستاني

بغداد ـ طريق الشعب

استقبل الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في مقر  الحزب في بغداد، يوم الاثنين الماضي، السيد شوان طه مسؤول الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكوردستاني والوفد المرافق له

واستعرض الجانبان العلاقات الطيبة بين الحزبين وتعاونهما المشترك في العديد من المجالات، وتطرقا إلى الوضع السياسي والمخاطر التي تواجه البلاد وضرورة تجاوز نهج المحاصصة المولّد للازمات

وأكد الرفيق رائد فهمي موقف الحزب الرافض للمشاركة في الانتخابات، نظرا الى عدم استجابة القوى المتنفذة لمطالب الانتفاضة الشعبية، التي سنحيي ذكراها الثانية الجمعة القادمة بمشاركة العديد من القوى التي ساهمت فيها، وقدمت التضحيات من اجل مطالبها المشروعة

وضم وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني كذلك كلا من الدكتور صباح عقراوي مسؤول مكتب الثقافة والإعلام في الفرع الخامس، والدكتور حسين قلي خان مسؤول مكتب العلاقات

فيما شارك في استقبال الوفد الزائر الرفيقان مفيد الجزائري نائب سكرتير اللجنة المركزية وعلي مهدي عضو اللجنة المركزية.

*************** 

الشيوعي العراقي يستقبل وفد الكنيسة الشرقية الاشورية

بغداد ـ طريق الشعب

استقبل الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، عصر يوم الثلاثاء الماضي، القس شمعون أصلان راعي الكنيسة الشرقية الاشورية القديمة والوفد المرافق له

وتطرق الجانبان الى اوضاع المسيحيين في العراق والمنطقة، وضرورة ايلاء الاهتمام بهم والسعي لتعزيز حضورهم السياسي والاجتماعي

وضم وفد الكنيسة الشرقية الاشورية كذلك السيد ادمون عوديشو رئيس اللجنة الدائرية للكنيسة الشرقية القديمة والسيد منير نيسان

وحضر اللقاء أيضا الرفيقة شميران مروكل عضو المكتب السياسي للحزب والرفيق علي مهدي عضو اللجنة المركزية للحزب.

**************

تعزية

عائلة الفقيد الراحل الرفيق صاحب جليل الحكيم المحترمون

تلقينا بألم وحزن عميقين نبأ وفاة الرفيق المناضل صاحب جليل الحكيم أخيرا في دمشق، بعد صراع قاسٍ مع المرض.

بدأ الرفيق الراحل مسيرته السياسية الوطنية في سن مبكرة اواخر اربعينات القرن الماضي، وفي اوائل الخمسينات وجد طريقه الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي. ومنذ ذلك الحين لم يغب عن ميادين الكفاح الجماهيري والنضال الوطني، حيث عرف بالمثابرة والصبرونكران الذات والتواضع والتعلق بالناس والوطن.

وفي خضم الصراع المجيد الذي خاضه الحزب لتقويض اركان العهد الملكي الرجعي، ثم على الخصوص  دفاعا عن ثورة 14 تموز ومن اجل الديمقراطية، نهض الفقيد بالعديد من المهمات التي كلفه بها الحزب في تنظيماته داخل العراق وخارجه، وصولا الى المشاركة المباشرة في الكفاح المسلح للانصار الشيوعيين في الثمانينات. 

كان الفقيد نموذجا للمناضل المتمسك بمبادئه والوفي لحزبه مثلما لشعبه، أيا كانت الظروف ومهما صعبت وقست. ولهذا وبسبب نشاطه الوطني والحزبي، صار هدفا لملاحقات الاجهزة الامنية، وتعرض للاعتقال والسجن مرات عديدة.

نشارككم الاحزان لهذه الخسارة الكبيرة، ونرجو لكم الصبر والتحمل، ونعبرعن خالص تعازينا لاسرتكم الكريمة ولرفاق الفقيد واصدقائه ومحبيه الكثيرين.

وتبقى ذكرى رفيقنا الغالي صاحب الحكيم حية عطرة في القلب والوجدان.

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

25/9/2021

*************

الصفحة الثالثة

حذر من إهمال قطاع التربية واستمرار الطارئين في إدارته نقيب المعلمين: انتفاضة تشرين كشفت أزمات المحاصصة والفساد

بغداد ـ سيف زهير

أجرت “طريق الشعب”، يوم أمس، حوارا موسعا مع نقيب المعلمين العراقيين، عباس السوداني، بشأن الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين الباسلة التي يستعد العراقيون لاحيائها، بينما يستذكرون الدور النقابي الكبير الذي زاد من زخم الاحتجاجات، وأعطاها قوة إضافية لمواجهة القمع الشرس في مقابل المطالبات المشروعة بتوفير العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وتخليص البلاد من المحاصصة الطائفية.

رد فعل على المحاصصة

وقال السوداني إن “المتظاهرين الذين خرجوا في ساحة التحرير، ومن ثم في بقية الساحات رفعوا شعارات جوهرية لمعالجة أوضاع البلد ومحاربة الفساد وتداعيات المحاصصة الطائفية، وتحملّوا أساليب مضادة، فضلا عن محاولات بعض الجهات المدفوعة لحرف مسار تظاهراتهم السلمية. وعبّر العراقيون خلال الانتفاضة عن الواقع المرزي الذي تشهده قطاعات الخدمات والصحة والتعليم واستفحال ظاهرة الفساد والبطالة في البلاد، مؤكدين الحاجة الماسة لمعالجة كل ما يجري، وانقاذ البلد من الكوارث التي تحيط به”.

وأضاف نقيب المعلمين “طالبنا كجهة نقابية بمطلب أساسي نعتقد أنه يقف في أولوية الشعارات التي رفعت خلال الانتفاضة: إصلاح القطاع التربوي والتعليمي وتخليصه من الخلل الكبير الذي أصابه. إن موقفنا كنقابة خلال الاحتجاجات ارتكز على الدلائل والمؤشرات الحية التي توضح التردي المتسارع في هذا القطاع الكبير، والذي يتطلب الحلول الجوهرية وبرؤية واضحة واستراتيجية”، مبينا أن “مطالب الفئات والشرائح الاجتماعية الأخرى كانت مؤيدة أيضا من قبل النقابة وأعضائها الذين ساهموا بشكل فاعل في انتفاضة تشرين، خصوصا مطلب إصلاح النهج السياسي الخاطئ والخلاص من نهج المحاصصة الطائفية وتأثيرها الكارثي على مؤسسات الدولة والوزارات والجهات التنفيذية كافة. أضف إلى ذلك آفة الفساد التي أصبحت تتطلب مواجهتها واقتلاعها من جذورها، فهناك من يعبث بأموال الشعب ويتمتع بخيراته وأصبح الأمر لا يطاق”.

حقوق ضائعة

وتابع النقيب السوداني “أن الشيء الآخر المهم هو أنّ المواطنين يأسوا من العقبات التي تواجه حياتهم اليومية، فلا توجد خدمات حقيقية تصون كرامتهم، وأصبح وضعهم يسوء شيئا فشيئا حتى حرموا من كل حقوقهم المكفولة، فعلى سبيل المثال هناك خلل كبير في قطاعي الصحة والخدمات، كما أنهم يعانون من نقص المدارس، بينما ينظرون إلى توفير جزء كبير من هذه الأمور في اقليم كردستان التي هي من نفس البلد. إن الانتفاضة أظهرت ردة فعل على كل هذا، ورغم أنها أطاحت بالحكومة السابقة وجاءت بعدها حكومة الكاظمي، لكننا نرى أن البلد ما زال يسير دون أي تخطيط واضح أو استراتيجية لبناء الدولة رغم الدعوات للمشاركة في الانتخابات التي باتت على الأبواب”.

وتزامن الإضراب الذي أعلنته نقابة المعلمين آنذاك لدعم الانتفاضة، مع انتفاضة “القمصان البيض” التي أعطت للاحتجاجات زخما مليونيا، بعدما تحدوا عقبات اجتماعية وسياسية كثيرة، وأصبحوا جزءا لا يتجزأ من هذا الحراك الكبير.

ولم تتوقع الحكومة في حينها أن تسهم مشاركة الطلاب ونقابة المعلمين باتساع رقعة الاحتجاجات في بغداد وباقي المحافظات ما دفع رئيس الوزراء حينها عادل عبد المهدي للتحذير من استغلال الطلبة، وأمر بأن يكون الدوام كاملاً بوزارات الدولة والمؤسسات والدوائر الرسمية بالإضافة للمدارس والجامعات، متوعداً المتسببين بتعطيل الدوام بإجراءات عقابية شديدة، لكنه وعلى وقع هذه التهديدات، أعلنت نقابة المعلمين لأول مرة في بيان عن بدء الإضراب في المدارس لأربعة أيام، وتوالت فترات التمديد لاحقا.

وتعليقا على ذلك، أكد نقيب المحامين آنذاك، أن قرار “الإضراب جاء من المجلس المركزي للنقابة تعبيرا عن التضامن مع المتظاهرين، وما يحدث في ساحات التظاهر. وأن المعلمين والمدرسين يجب أن يكون لهم موقف وطني تجاه المظاهرات ومن أجل الضغط على الحكومة للإسراع في تنفيذ مطالب المتظاهرين. كما أن نقابة المعلمين هي كباقي النقابات، لديها مشاكل كثيرة في التعليم والمدارس، وحاولت إيجاد حلول مع الحكومة، ولكن للأسف لا توجد استجابة”.

دور كبير للنقابات والاتحادات

وفي ما يخص دور النقابات والاتحادات المهنية في الانتفاضة، أكد السوداني أن هذه الجهات المهنية والتخصصية “همشت وأبعدت عن صناعة القرار، وكان يفترض أن تعتمد الحكومات المتعاقبة على خبراتهم وعملها في ميادين التخصص، وهذا ما نقله بعض نواب البرلمان إلى رئيس الوزراء الحالي؛ فمن غير المعقول أن يكلف أشخاص غير مهنيين وفق المحاصصة بإدارة قطاعات مهمة وحساسة بينما تهمل الخبرات. إن هذا الموقف هو تقريبا موحد لكل النقابات والاتحادات، وهي بذلك لا تبحث عن السلطة بقدر ما ترى أنها يجب أن تشارك في بناء الدولة وصياغة القرار انطلاقا من قدرتها العلمية والعملية على تقديم نتائج ملموسة، وهذا ما ينطبق تماما على قطاع التربية والتعليم في البلاد”، مبينا أن “ترك النقابات والاتحادات في زاوية بعيدة والاستمرار في إدارة الدولة وفق الشكل الحالي هو أسلوب لن يقدم أي تجربة ناجحة أو أية خطوات اصلاحية. هناك دول كثيرة مرت بحروب طاحنة وكوارث، لكنها نهضت بعد ذلك عندما اهتمت بقطاع التربية والتعليم، لأنه كنز حقيقي وثروة لا تقدر بثمن، ويعتبر واجهة البلدان المتطورة. في حين يهمل هذا الجانب وأصبح العراقي يضم بحسب الأرقام 10 مليون إنسان أمّي في ظاهرة مرعبة لم نرَ الحكومة والبرلمان يعقدان الجلسات الخاصة او ينفذان خطوات جادة لإنقاذ المجتمع من كوارث الجهل”.

وتابع النقيب “أننا في النقابات نشخص هذه الأزمات ونعرف الحلول اللازمة لها، ولكن المعنيين بصناعة القرار ينظرون الينا من الجانب السلبي. نحن نريد بناء البلد وكانت مشاركتنا الفاعلة في الانتفاضة مرتكزة على هذه الغاية، وانتقدنا الواقع المرير ونقص المدارس والمستشفيات، وكل متطلبات الحياة الكريمة. وتعرضت نقابتنا ونقيبها إلى ضغوط كثيرة في تلك الفترة، لكننا واصلنا الحضور في ساحات الاحتجاج لإيصال رسالة للحكومة مفادها بأن الاهتمام بقطاع التربية ومحاربة الفساد وانقاذ مستقبل البلد هي أمور لا تقبل النقاش”، منوها بأن “استمرار ادارة البلد وفق المحاصصة سيعيد نفس المأساة. مع الآخذ بنظر الاعتبار أنه حتى المحاولات الاصلاحية التي اجرتها الحكومة الحالية لم يخلُ بعضها من أخطاء كبيرة مثل سن قانون التقاعد الجديد الذي أهدر طاقات تدريسية في العلوم والكيمياء واللغة العربية ومواد مهمة أخرى، وأرسل اساتذة هذه المواد وخبراتهم المتراكمة إلى التقاعد رغم قدرتهم على تقديم المزيد من العطاء، فهذا علاج لخطأ بخطأ اكبر منه”.

واختتم نقيب المعلمين كلامه قائلا: ان “الصراع الحزبي على المناصب، وتقسيم البلد بطريقة المحاصصة الطائفية، بعيدا عن الاستراتيجية الوطنية، مصيرها الفشل مهما طال الوقت عليها”.

 *******************************

قال ان خيار الانتخابات لا يمس جوهر الأزمات السعدي: الانتفاضة ثمرة فشل منظومة سياسية بنيت على أساس طائفي

بغداد ـ عبد الله لطيف

عدّ نقيب المحامين ضياء السعدي، أنّ انتفاضة تشرين جاءت رداً على الاوضاع التي يعيشها العراقيون. وفي الوقت ذاته عبّرت عن الفشل الكبير للحكومات المتعاقبة في تأمين حياة كريمة للشعب.

وقال السعدي في حوار أجرته معه “طريق الشعب”، لمناسبة الذكرى الثانية للانتفاضة، إنها “جاءت رداً مباشراً على الاوضاع التي يعيشها العراقيون، والناتجة عن العملية السياسية المعتمدة بعد سقوط النظام الدكتاتوري”، مؤكداً ان “الحكومات العراقية المتعاقبة بعد التغيير فشلت في تقديم اداء مقنع للشعب، وهذا ما خلق أوضاعاً استثنائية وغير طبيعية تمس حياة العراقيين على كافة المستويات، ما دفع الشعب للتحرك نحو اقامة انتفاضة تشرين “.

وأضاف السعدي “ننظر لتشرين على انها انتفاضة شعبية عراقية، وتبنينا مطالبها وشاركنا مع الشعب من خلال تنظيم احتجاجات كبيرة عبرت عن الوقوف الى صف الشعب العراقي”.

وتابع أنه اذا كان “هدف الانتفاضة اسقاط حكومة واجراء انتخابات مبكرة فهي نجحت في تحقيق مطالبها، لكن هذا لا يعالج الاوضاع القائمة في العراق، كون ان هناك ازمات مستعصية كبيرة وخطرة، ترتبت عليها آثار من الصعوبة معالجتها”.

وأوضح أن “نقابة المحامين دائماً ما تقف الى جانب الشعب، وتدافع عن حقوقه الاساسية بالعيش الكريم، وطالبت اثناء الانتفاضة ببناء دولة على اساس المواطنة وحشد امكانيات عراقية، على اساس الكفاءة والنزاهة، لا على اساس توزيع الحقائب الحكومية استنادا للانتماءات الفرعية الاخرى، فضلاً عن العمل بسياسة التطهير، بما يؤمن إبعاد الجهاز الحكومي عن الفساد، وإيقاف سرقة اموال العراق، وتهريبها الى الخارج”.

وأكد السعدي، أن “النقابة تبنت قضايا المنتفضين، ودافعت عنهم خصوصاً وان عددا كبيرا منهم تعرضوا لحملات واسعة من الاعتقالات”، مشيراً الى أن “النقابة قامت بتشكيل لجان من المحامين توكلوا مجاناً للدفاع عن حقوق هؤلاء المعتقلين لدى الاجهزة الامنية، وتمكنا من اطلاق سراح العديد من المتظاهرين”. 

وذكر أن “النقابة لجأت إلى المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض للمتظاهرين الذين تعرضوا لأضرار جسدية جسيمة او تعرضوا للتعذيب اثناء الاعتقال، وايضاً طالبنا بالتعويض لذوي شهداء الانتفاضة”.

وشخّص السعدي جوهر الازمة في عراق ما بعد 2003 بقوله: إن “العملية السياسية التي بنيت في العراق استندت الى دستور فيه مجموعة من المفاهيم السياسية القائمة على المبادئ القومية والطائفية، هي ما افرز سياسات غير طبيعية خاصة في ما يتعلق ببناء الدولة”، مؤكداً أن “الدولة شخصية اعتبارية يجب ان نحشد فيها كل الطاقات والامكانيات العلمية لأجل تأمين متطلباتها، لكن تكوين مؤسسات الدولة على اساس حزبي وطائفي من شأنه خلق حكومات عاجزة، تتحمل مسؤولية تخلف العراق”.

واعتقد السعدي أن “مسألة بناء العراق مجدداً تتطلب مقدمات تتعلق باعادة النظر في الدستور وعلى وجه التحديد احترام مبدأ الهوية الوطنية”، مشيراً إلى أن “حل الازمات المستعصية لا يتم بإجراءات شكلية، لا تمس جوهر الازمة”.

واختتم النقابي حديثه بأن “الحكومة التي تشكلت بعد الانتفاضة انصرف جهدها الى اجراء الانتخابات، لكنها لم تقدم جهداً من أجل حل قضية الشباب الذين قادوا الانتفاضة، وتعرضوا في ما بعد الى التهديد، الذي اجبرهم على مغادرة مناطقهم”.

 *******************************

الصفحة الرابعة

الصحفي حسين العامل لـ «طريق الشعب»: الناصرية قدمت 134 شهيدا و5 آلاف جريح

أجرى اللقاء: داود أمين

تمتد علاقتي بالرفيق حسين العامل الى عقود طويلة. ففي السبعينات كان عنصراً بارزاً في اتحاد الطلبة في الناصرية، وفي الثمانينات مارس العمل السري رغم صعوبته وخطورته، وكان قريباً من الشهيدة سحر وزوجها الشهيد صباح طارش. وبعد سقوط النظام مارس العمل الصحفي وعمل مراسلاً لصحيفة (المدى) في الناصرية، وتميز بنشاطه الواضح والمتنوع في هذا الميدان. وقد ارتأيت أن التقي به لأجري معه هذه المقابلة الهامة حول انتفاضة تشرين، في واحدة من أبرز المدن العراقية الثائرة، وهي الناصرية.

- كيف كانت بداية الانتفاضة في الناصرية؟ ومتى بالضبط؟

* انطلقت التظاهرات في محافظة ذي قار عصر يوم الثلاثاء( الاول من تشرين الاول ٢٠١٩) من ساحة الحبوبي، وتوجهت صوب مبنى محافظة ذي قار، وكانت تضم في بدايتها أكثر من ألف متظاهر، يطالبون بالخدمات وتوفير فرص العمل، ويهتفون بإسقاط الحكومة. وشهدت التظاهرة حرق إطارات وأعمال عنف، تصدت لها قوات الشرطة بإطلاق النار، وجرت المواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية قرب مبنى محافظة ذي قار، وشارع النيل وشوارع فرعية أخرى، وهناك أنباء عن مشاركة حراس  مقر منظمة (بدر) بالرمي على المتظاهرين، بعد ترديد شعار (باسم الدين باكونه الحرامية) ومشاركتهم أيضاً في اعتقال عدد من المتظاهرين.

معظم المتظاهرين كانوا من شريحة الشباب، والكثير منهم دون سن الـ ١٨ عاما، وكان إجمالي ضحايا الناصرية في اليوم الأول، بحسب مدير عام دائرة صحة ذي قار (الدكتور عبد الحسين الجابري) شهيد واحد من المتظاهرين و٦٤ جريحاً من المتظاهرين وقوات الشرطة، واعتقال ٣٠ متظاهراً، والكثير من المتظاهرين الجرحى لم يذهبوا للمستشفيات خشية اعتقالهم.

في البداية لم يكن المتوقع ان تكون المساهمة في التظاهرات بهذا الحجم. وكان هناك تشكيك بالجهات غير المعروفة التي دعت لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكان من أبرز دوافع التظاهرات الفساد والعامل الاقتصادي المتردي وتفشي البطالة والتسويف لمطالب المتظاهرين، وتشريع قوانين تعزز امتيازات الطبقة السياسية وأتباعها كمحتجزي رفحاء، ومما زاد من نقمة الشباب حملات هدم منازل الفقراء من المتجاوزين على أراضي الدولة، من دون توفير بديل لهم.

ويمكن اعتبار انتفاضة تشرين امتدادا للتظاهرات التي انطلقت مطلع عام ٢٠١١ والاعوام اللاحقة، مع اختلاف في الشعارات التي كانت مطلبية في الاعوام السابقة، في حين مطالب تشرين شملت تغييرا شاملا للنظام، عبر ترديد (شلع قلع كلهم حرامية) و(الشعب يريد إسقاط النظام).

- من هم أبرز قادة الانتفاضة؟ وما هي أبرز شعاراتهم؟

* ليس هناك قائد محدد للانتفاضة، فمنذ الأيام الأولى رفع المتظاهرون شعار(الوعي قائد) لتجنب تحديد قيادة معينة خشية اعتقالها أو مساومتها، لكن كان هناك عدد من الشباب الفاعلين في الايام الأولى من الانتفاضة، أذكر منهم حسن ماهر الملقب (حسن باسكت بول) والناشط المغيب سجاد العراقي ونصير باقر وماجد حسين لفتة وحسين سليم وليث العامل، والناشطين المخضرمين خالد الناصري وعدنان عزيز دفار وخالد هاشم وعبد الله ناصر، والناشطات كل من إيمان الأمين ونهاوند تركي وسميرة خضير(أم وسيم) وأم أنور وغيرهم ، فضلاً عن الوجبة الاولى من الناشطين الذين اعتقلتهم مكافحة الإرهاب في الناصرية يوم الأحد ٢٧ تشرين الأول ٢٠١٩، والذين هم كل من الصحفي حسين العامل وابنه علي والمدونين هشام السومري وعلي منجل ووسام الذهبي وعدي الجابري وأبو جعفر العسكري وكرار الصريفي والمخرج عمار حمادي وأحمد ساجت الغزي ووصفي طاهر الإبراهيمي والشاعر سجاد الغريب، فيما برز فيما بعد عدد من القيادات بينهم (الدكتور علاء الركابي).

ومن أبرز ما ردده المتظاهرون من هتافات (نريد وطن) و(نازل أخذ حقي) و(الشعب يريد إسقاط النظام) و(شلع قلع كلهم حرامية) و (بعد ما نريد تحكمنه الحرامية) و(وطني ليس للبيع) و(نموت عشرة نموت مية انا قافل عالقضية) و(عادل عدس شيل إيدك هذا الشعب ميريدك) و(صار لازم ترحلون … فاسدون فاسدون).

- كيف تعاملت السلطة في المحافظة مع المنتفضين؟ ومتى سقط أول شهيد ومن هو؟ وعلى يد من؟

* لم تشهد أية حركة احتجاجية في العراق ما شهدته انتفاضة تشرين من قمع واغتيال، ومن عدة جهات حكومية وحزبية وميليشياوية، وقد كانت حصيلة الخسائر تتصاعد كل يوم، ففي اليوم الأول سقط الشهيد(مصطفى عبد الأمير نعيم الشبيبي) و٦٤ جريحا من المتظاهرين وقوات الشرطة، واعتقال أكثر من ٣٠ متظاهرا، فيما شهدت أحداث جسر الزيتون مجزرة حدثت يومي ٢٨ و٢٩ تشرين الثاني ٢٠١٩ ، استشهاد  فيها٥٠ متظاهراً و٥٠٠ جريح، على يد قوة بقيادة الفريق جميل الشمري، ويبدو أن الأحزاب المتضررة من التظاهرات وأذرعها العسكرية لم تكتف بقمع المسيرات الاحتجاجية وقتل المشاركين فيها، فأخذت تلجأ إلى شن هجمات متكررة على ميادين المتظاهرين، حتى بلغ عدد شهداء الناصرية ١٣٤ شهيداً وأكثر من خمسة الاف جريح خلال عامين، جراء استخدام العنف المفرط والرصاص الحي، فيما كشفت السلطة القضائية في مطلع ايار ٢٠٢١ عن ١٢٠٠ دعوى قضائية مقامة ضد المتظاهرين في ذي قار، بينما أشار ناشطون إلى أكثر من ٧٠٠ دعوى قضائية مقابلة أقامتها أسر شهداء التظاهرات وضحايا القمع.

- هل انفرد مركز المحافظة (مدينة الناصرية) بالمنتفضين، أم ساهمت المدن الأخرى كالشطرة وسوق الشيوخ ومراكز الأقضية الأخرى بمشاركة المنتفضين؟

* الانتفاضة كانت شاملة، إذ اندلعت في البداية في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، ومن ثم توسعت لتشمل جميع الأقضية والنواحي كالشطرة والرفاعي والنصر والغراف وسوق الشيوخ والجبايش والفهود والإصلاح، وأصبح في كل قضاء ميدان للتظاهرات. وخيام للمعتصمين، وكانت هذه الساحات ترفد ساحة الحبوبي بحشود من مئات المتظاهرين.

- قدمت الناصرية أكبر عدد من الشهداء (١٣٤) شهيداً، كيف كان رد فعل أهالي الضحايا والاهالي عموماً؟

* من غباء السلطة اعتقادها أن قتل المتظاهرين سيحد من الحركة الاحتجاجية، وما لاحظناه أن استشهاد أي من المتظاهرين كان يرفد ساحات التظاهر بمئات من أهالي وأقارب وأصدقاء الشهيد، وقد شكلت أسر الشهداء رابطة خاصة بهم، وكانت لهم خيمة اعتصام خاصة بجوار تمثال الحبوبي، وكان لهم رأيهم في جميع القرارات التي تتخذها ساحة التظاهر، فيما أقامت ساحة التظاهر بتخصيص جانب من ساحة الحبوبي لتخليد صور الشهداء وإيقاد الشموع والبخور وتلاوة آيات من القران وجلسات تأبين شارك فيها شعراء ورواديد. وفي ٩ ايار ٢٠٢٠، عقب اغتيال الناشط أزهر الشمري ردد المتظاهرون (إقمعوا بينه.. إقمعوا بينه.. شما قمعتوا بينه نزيد.. هاي ثورة وبعد ثورة وإحنه واحدنه حديد!).

- كانت مساهمة المرأة والنساء عموماً واضحة وملموسة، هل يمكن إيراد أمثلة لتلك المساهمة وأين تجلت؟

* كانت مساهمة المرأة واسعة بالعديد من الأنشطة، وسط قبول كبير من المجتمع الذي كان في السابق يؤطر كل فعل نسوي جريء ضمن خانة العيب والتحريم. فالمرأة كانت متظاهرة وناشطة مدنية وممرضة وطبيبة تعمل في ساحة التظاهرات، وكذلك هي شاعرة تتصدر بهتافاتها حشود المتظاهرين ورسامة تزين جدران المدينة، وصاحبة موكب تقدم خدماتها من ماء وطعام للمتظاهرين، ناهيك عن تقديمها الأفرشة والبطانيات والادوات المنزلية، لاسيما عند تعرض خيام المعتصمين للحرق والتفجير، كما اقتسمن قوتهن اليومي من خلال طبخ الطعام وتقديمه للمتظاهرين. كما قدمت كوكبة من الشهيدات أبرزهن أنوار جاسم مهوس، وتعرضت الناشطة نهاوند تركي لمحاولة اغتيال فاشلة، فيما تعرضت الناشطة إيمان الأمين وبناتها إلى التهديد بالقتل، وكانت أمهات الشهداء يهزجن أمام جثامين أبنائهن. .

- تميزت الانتفاضة بزخم هائل من الهوسات والردات الثورية الجادة والمحفزة، هل اقتصر إبداعها على شخصيات معينة ومحددة أم كانت عامة؟ وما هو موضوعها الرئيسي؟

- الهتافات والاهازيج في عموم العراق تجاوزت الخمسة آلاف أهزوجة وشعار، وقد قمت بجمعها في كتاب خاص سيصدر قريباً عن دار المدى، وحصة الناصرية من هذه الأهازيج لا يقل عن ألف أهزوجة وهتاف، جميعها تجسد مطالب الانتفاضة وتعبر عن طموحات الشعب، ومعظم هذه الهتافات كانت تخرج بصورة عفوية. ويمكن اعتبار أهازيج الشطرة الأكثر تميزاً والأشد وقعاً، وبالتأكيد كان وراءها شعراء محترفون، لكن لم يعلن عن أسمائهم لأسباب أمنية، ومن أبرز أهازيج ذي قار (هذا وعد.. هذا وعد… ذي قار ما تسكت بعد) و (هاي هاي الناصرية … نموت عشرة نموت مية) و(إحنه الأسسنة الملعب …وإحنه النلعب بيه) و(اليوم الكذلة تسولف. . خلي عكالك للدكات) في إشارة لمشاركة الشباب الواسعة وعزوف شيوخ العشائر. وردد متظاهرو الشطرة في إشارة لرفض الصراع بين إيران وأمريكا على الأرض العراقية (بكاعنه دوم الدول متحاسبة.. ودوم رايح بيها إبن الخايبة) و(القادة تجار الحروب ورابحة.. ودوم ولد الملحة بيهم طايحة) فيما رددت الناشطة في تظاهرات الناصرية نهاوند تركي يوم ٩ كانون الثاني ٢٠٢٠ وهي تتصدر تظاهرات الطلبة في ساحة الحبوبي (إنهض إنهض يا شعبنه يا شعب دجلة وفرات.. إنهض إنهض صيح بس كافي فساد… إنهض إنهض يا شعبنه وين أموال البلاد … إنهض إنهض يا شعبنه يا شعب دجلة وفرات … إنهض إنهض يا شعبنه ما تجيب السكتة حك … إنهض إنهض يا شعبنه كلشي عاصي يريد دك … إنهض إنهض يا شعبنه وينها فلوس النفط … إنهض إنهض يا شعبنه كافي مو بسكم شفط !!)

- كيف حل المنتفضون قضية الاكل والتموين ولأشهر طويلة ولألوف الأفواه ولعدة وجبات في اليوم؟

* حظيت انتفاضة تشرين بدعم ومباركة معظم الشرائح الاجتماعية والدينية بل وحتى الأحزاب السياسية غير المتورطة بفساد السلطة، فيما شكل دعم الشرائح الكادحة والفقيرة عنصرا مهما في إدامة زخم الانتفاضة، ولا سيما أصحاب المواكب والمتطوعين من الأهالي وأصحاب التكتك والستوتات الذين ابلو بلاءً حسناً في تأمين معظم متطلبات الانتفاضة من ماء وغذاء ونقل وغيرها.

وكانت هناك مساهمة فاعلة من الأسرة العراقية والنساء والأمهات، من خلال الطبخ وإعداد الطعام في منازلهن وتقديمه للمتظاهرين، فيما انتشرت الخيام للمفارز الطبية وخيام الاستشارة القانونية، وخيام اخرى لنشر الثقافة والفنون.

- ماهي أسباب تراجع الانتفاضة وفتورها الحالي؟

* جذوة الانتفاضة مازالت متوقدة، لقد تواصلت الانتفاضة لعامين وقدمت ما يقرب من ٨٠٠ شهيد، وأكثر من ٢٠ ألف جريح، وأسباب الفتور يعود لطول مدة الانتفاضة وانقلاب قوى مشاركة على المنتفضين أصرت وبالتنسيق مع السلطة على رفع خيام الاعتصام ومهاجمتها وحرقها، وحتى قتل من يعترض على ذلك، وهذا حصل في ساحة التحرير والنجف والناصرية وبابل. والفتور الحالي هو استراحة محارب، فدوافع اندلاع الانتفاضة مازالت قائمة كالفقر والبطالة والفساد والمحاصصة وفوضى السلاح، والاستئثار بالسلطة، وقريباً ستعود الانتفاضة بزخم أكبر.

****************

الصفحة الخامسة

الطلبة المنتفضون: متمسكون بمطالبنا

بغداد ـ محمد التميمي

شكلت مسيرة “القمصان البيض” وهي تقتحم ساحات التظاهر في مختلف الميادين بالمحافظات مشهدا ملهما للعراقيين، كما أنها منحت المعتصمين دعما معنويا كبيرا وحافزا للاستمرار في الحراك الاحتجاجي ضد منظومة المحاصصة والفساد، التي تجثم على صدور العراقيين منذ العام 2003، ولا تزال، في وقت يستعد فيه طلبة تشرين لإحياء الذكرى الثانية للانتفاضة.

ولم يكتف الطلبة، حينها، بتلك المسيرات الجوالة، بل نظموا مهرجانات فنية وثقافية وشعرية، واقاموا معارض للرسم والموسيقى، كلها تتمحور حول الانتفاضة. كما كان لهم دور ملحوظ في تزيين ساحة التحرير برسومات تعبر عن الانتفاضة.

وكان لإضراب الطلبة العام وقع كبير في نفوس العاملين في قطاعات مختلفة والموظفين في دوائر الدولة، حيث انتهجوا ذلك، تعاطيا مع الحراك التشريني.

تشرين لخصت كل مطالبنا

يقول الطالب عبد الكريم محمود، ان “شريحة الطلبة جزء من المجتمع، وهم يعانون ايضا من مشاكل كثيرة، سواء كانت اقتصادية او اجتماعية او سياسية”، موضحا ان تلك المشاكل تتخلص “بالقرارات المتخبطة الصادرة من وزارة التربية او التعليم العالي، وتأثير المنظومة السياسية على هاتين الوزارتين، وانعكاس ذلك سلبا على الطلبة”.

ويضيف محمود في حديثه لـ”طريق الشعب”، “كنا عمود الانتفاضة، واشتركنا في كل الفعاليات، وكانت هناك خيم للطلبة المعتصمين، والبعض الاخر ساهم في الطبخ، ونظموا فعاليات ثقافية وفنية مختلفة”.

ويؤكد محمود ان “الطلبة تكونت لديهم قناعة، بأن اصلاح منظومة التعليم في العراق، مرتبط باصلاح المنظومة السياسية القائمة على التحاصص الطائفي الاثني والحزبي”، مشيرا الى ان “تشرين لخصت كل مطالبنا، التي أصبحت جزءا من الانتفاضة، لان أبرز ما ارادته تشرين هو مستقبل أفضل، وعلى كافة الصعد بضمنها العملية التعليمية في العراق”.

وكانت مسيرات القمصان البيض تنطلق من وزارة التعليم مرورا بوزارة التربية، وتنتهي في ساحة التحرير.

الطلبة عامل قوة

من جانبه، يتحدث الناشط الطلابي الحمزة السرهيد لـ”طريق الشعب”، عن دور الطلبة في الانتفاضة، قائلا: “كان دور الطلبة هو الأبرز والاهم في تشرين، وشكل عامل قوة في مواجهة قوى السلطة، وتم تعزيز هذا الدور، من خلال المسيرات الطلابية، خصوصا في ساحة التحرير، حيث كانت تنطلق مسيرات اسبوعية كل يوم أحد من وزارة التعليم إلى ساحة التحرير”.

ويتابع الناشط الطلابي: “حدث الكثير من الاعتداءات على الطلبة من أجل اخفات صوتهم، وقد جوبهت هذه الاعتداءات السافرة برد سلمي، من خلال الاستمرار في دعم ساحات الاعتصام، وتنظيم المسيرات السلمية، المنددة والمستنكرة لجرائم القتل، وسيطرة الأحزاب الفاسدة على مقدرات البلد، فأكثر ما يوجعهم هو كشف زيفهم، خصوصا الأحزاب الفاسدة، التي كانت تحاول السيطرة على ساحات الاعتصام بالترهيب والترغيب”.

حكومة ضعيفة

ويعد السرهيد الإضراب الطلابي “من أهم ما قام به الطلبة، دعما للمنتفضين وللقضية الوطنية، ويرجع سبب انتفاض الطلبة في تشرين، الى شعورهم الوطني وحس المسؤولية العالي لديهم، ونتيجة للقمع المفرط، الذي مورس في الايام الأولى لانتفاضة تشرين الخالدة، واستهداف المنتفضين من قبل الفصائل المسلحة”.

ويشير الحمزة في حديثه الى ان “الحكومة لم تلتزم بواجباتها، ولم تف بوعودها، في ما يتعلق بمحاسبة القتلة والفاسدين والكشف عن الجهات الداعمة التي تقف خلفهم”، واصفا دورها بـ “الضعيف”.

مهرجانات، بازارات، تبرعات

وعلى صعيد متصل، تقول الطالبة شهد رائد لـ”طريق الشعب”، ان الطلبة كانوا “أكثر المتضررين من منظومة المحاصصة الطائفية. كنا نحتشد امام وزارة التعليم العالي من مختلف جامعات العاصمة وحتى المحافظات، ونردد هتافات وطنية واهازيج، ونحمل الاعلام العراقية”.

وتضيف شهد “كنا نجمع التبرعات اثناء المسيرات الطلابية، دعما لخيم الطلبة المعتصمين. ونظمنا مهرجانات فنية، ومعارض للرسامين، إضافة الى الرسومات التي توشحت بها ساحة التحرير، حيث كانت بجهود الطلبة من أصحاب المواهب”.

وتشير أيضا الى “تنظيم البازارات المتنوعة، فبعضها كان دعما للمنتج الوطني ضمن الحملة التي جرى ترويجها في حينها”.

وترى شهد ان “الحكومة غير جادة في مساعيها، ولم تحقق من مطالب تشرين شيئا. نعتقد ان هناك جهات تسيطر على كل مفاصل الدولة وهي أصبحت مصدر القرار”.

وتلخص الطالبة مطالبها بـ”أننا لا نريد شيئا سوى ان نعيش بأمان، ونحصل على حياة تليق بنا، في ظل دولة تحترم كرامة الانسان”.

صحف ومفارز طبية

الى ذلك، يقول الناشط الطلابي أيوب عبد الحسين “كان للطلبة دور كبير في دعم وادامة زخم الانتفاضة، من خلال تنظيم المسيرات الحاشدة، التي شارك فيها الالاف من الطالبات والطلبة، في كل ساحات الاحتجاج، وايضاً من خلال تعطيل الدوام في الجامعات والمدارس، ضمن خيار الاضراب الطلابي، الذي هز اركان الحكومة، وحفز باقي القطاعات على الأضراب ايضاً، احتجاجا على الجرائم التي ارتكبت بحق المنتفضين، فضلاً عن دورهم السياسي الهام في الانتفاضة، الذي تمثل في بلورة مطالب المنتفضين”.

وتحدث عبد المحسن لـ”طريق الشعب” عن الفعاليات الطلابية في الانتفاضة، قائلا: “قام طلبة المجموعات الطبية بتشكيل مفارز طبية، انقذت ارواح المنتفضين، واستمرت في معالجة الجرحى المرابطين في الساحات، الى جانب آخر، كانت الفعاليات الثقافية والفنية حاضرة، وقد عكست سلمية الانتفاضة ورقيها، فضلا عن اصدار عدد من الصحف الطلابية، وانشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، نقلت مطالب المنتفضين وغطت احداث الساحات”.

تغيير جذري

ويوضح الناشط ان “من الطبيعي ان لا تفي الحكومة بوعودها، بخصوص تحقيق المطالب، كونها جاءت بنفس الطريقة التقليدية، وسارت على نهج المحاصصة الطائفية والاثنية المقيت”، مؤكدا انهم “متمسكون بمطالبهم بالتغيير الجذري لمنظومة الحكم والمطالبة بالقصاص من القتلة ومن يقف خلفهم”.

ويتابع ان “الانتفاضة تعبر عن تطلعات الشعب، والطالب أدرك انه لا سبيل للخلاص من الازمات والمعاناة، الا بالتغيير الجذري، وهذا ما طالبت به الانتفاضة التي التفت حولها الجماهير الطلابية الغفيرة”.

************

الصفحة السادسة

شـهــداء خـالــــدون

فهد العلياوي يحمل مؤونة المنتفضين

استشهد رفيقنا فهد العلياوي بحدود الساعة الرابعة عصراً  24/1/2020،  على سريع محمد القاسم، عندما اطلقت قوات الامن الرصاص على مجموعة كبيرة من المتظاهرين الذين قرروا قطع الخط السريعة في محاولة تصعيدية منهم بعدما حاولت الحكومة السابقة الالتفاف على مطالب المحتجين.

وكان الرفيق الشهيد يحمل مؤونة غذائية لرفاقه واخوته المتظاهرين على الطريق المذكور، حين اصابه الرصاص الغادر وأسقطه ارضا، لينزف غزيرا ويسلم الروح خلال وقت قصير.

وكان الشهيد فهد من مواليد عام ١٩٩٧، من سكان منطقة الزعفرانية في بغداد، قد تخرج للتو من الصف السادس الإعدادي، ولاعب كرة قدم، ويعمل أيضا كسائق لإعالة عائلته. 

***********

سلام العامود .. تبرع بالدم واستشهد

عندما توجه رفيقنا سلام الشمري الى مصرف الدم للتبرع الى الجرحى الذين غدروا في مجزرة جسر الزيتون، يوم 28/11/2019، واثناء عودته الى ساحة الحبوبي وتحديدا امام اعدادية الجمهورية وصلت سيارة سلفادور حديثة توقفت في تقاطع البهو واخذت باطلاق النار صوب المارة وسقط عدد كبير من الشهداء والجرحى ولاذت السيارة بالفرار.

اصيب الشهيد سلام في رصاصة اخترقت جانبه الايسر لتخرج من قلبه وكان معه احد رفاق الحزب ونسيبه احمد علي التميمي الذي روى تفاصيل الحادث ونجا الاخير باعجوبة.

وتولد الشهيد سلام في محافظة ذي قار عام 1970، وكان يعمل سائق تكسي.

**************

علي العصمي.. شهيد الانتفاضة في الناصرية

كان الرفيق الشاب علي محمد مكطوف العصمي يستعد للزواج، ولم يبق سوى شهر على يوم زفافه حين غدر به قتلة ملثمون، باغتوه باطلاقات مميتة من سلاح مزود بكاتم صوت.

حصل ذلك مساء 20 كانون الاول 2019 في تقاطع الشيباني بمدينة الناصرية، وكان الشهيد في السادسة والعشرين من عمره. فقد ولد سنة 1993 لعائلة مناضلة، وكان والده المرحوم محمد مكطوف شيوعيا وانتخب في حينه عضوا في اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة ذي قار. كذلك كانت والدته سميرة خضير مناضلة في صفوف الحزب، وكانت اثناء تشييع جثمانه في ساحة الحبوبي تفاخر به وتهتف مع ابنائها المنتفضين الآخرين اخوة الشهيد علي: “انموت عشرة انموت مية .. آني قافل عالقضية “.

***************

اياد عباس يطلب وطناً يليق بشعبه

أرتقى رفيقنا اياد عباس علي سلّم المجد شهيدا بعد أن توفي متأثرا بالغاز السام الذي استخدمته الحكومة تجاه المتظاهرين السلميين يوم الأربعاء 2 تشرين الاول 2019، أثناء مشاركته في تظاهرات ساحة التحرير.

وكان رفيقنا اياد من سكنة بغداد وهو أب لعائلها كبيرة فيها 5 بنات. يحمل شهادة الماجستير في الإعلام، وأبقاه نظام المحاصصة، مثل الالاف غيره من حملة الشهادات العليا بلا فرصة عمل تليق به وبشهادته، وعضو الحزب الشيوعي العراقي.

لم يطلب اياد سوى وطنا يليق بشعبه، ووقف أعزلا مع اخوته المتظاهرين أمام القمع الشرس وعمليات القتل المنظمة التي مورست بحق المنتفضين.

***************

حيدر القبطان شهيد ساحة التظاهر في بابل

استشهد الرفيق حيدر عبدالكاظم العيفاري (حيدر القبطان) يوم الجمعة 25 تشرين الأول 2019 وهو منغمر في إخلاء اخوته المتظاهرين المختنقين بالغازات المسيلة للدموع في تظاهرات الحلة.

تميّز الرفيق الشهيد بالجرأة والاقدام، وبالحرص الشديد على سلمية التظاهر. وقبل يوم من استشهاده نشر في الفيس بوك “بوست” ضّمنه وصايا للمتظاهرين جاءت على النحو التالي:

  • التظاهرات تبدأ غداً في تمام الثانية ظهرا وتمتد من جسر الهنود التقاءً بمتظاهري الطيارة و٦٠ وحتى المجلس.
  • متفقون، سلمية ونرفض التعدي على اي متظاهر.
  • رفع العلم العراقي والشعارات الوطنية ذات المصلحة العامة.
  • كل دوائر الدولة والمحال التجارية والشركات والمصارف هي في مرمى حماية المتظاهرين وسنتصدى لمن يحاول التعدي عليها بقوة.
  • حماية النساء المشاركات في ثورة يوم غد من واجب الشباب المتظاهرين.
  • فسح الطريق للحالات الحرجة والمرضى وحالات الولادة الطارئة وتسهيل وصولها الى المشفى.
  • التعاون مع المسعفين الموجودين في الساحة والانصياع لتعليماتهم الطبية في حال وجود اصابات.
  • عدم المساس بأي مكون او طائفة او رمز ديني من شأنه تمزيق لحمة المتظاهرين.
  • عدم استلام اي بيان او توجيهات من جهة غير معروفة.
  • عدم التصادم مع افراد الشرطة والقوات الامنية.
  • شعاراتنا واهدافنا ومطالبنا واضحة ورفعت الى الجهات الحكومية في ثورة ١ اكتوبر.
  • المتظاهرون اخوة وسند لبعضهم البعض ولا نسمح لأي شخص تشتيت وحدة الصف العراقي.
  • الثورة قائمة حتى تحقيق مطالب الشعب
  • عدم التنكيل بأي شخص لا يخرج للتظاهر، فلربما هو متظاهر في مكان اخر او في واجب رسمي.
  • نطلب من كوادرنا الطبية بذل اقصى جهدهم في هذا اليوم التاريخي الذي سيسجل مواقفهم البطولية وهم يؤدون عملهم بتفان واخلاص.
  • إن مت من اجلك يا وطني ارجوك ان تعتني بذريتي.

*****************

علي اللامي.. شاعر في الانتفاضة

الشهيد الشيوعي، الشاعر علي نجم اللامي، ولد ببغداد عام ١٩٦٩ قبل أن تنتقل عائلته إلى واسط التي أكمل فيها دراسته المتوسطة والاعدادية

وتم تعيين الشهيد، آنذاك، في معمل نسيج الكوت وانتقل لاحقا الى معمل نسيج الكاظمية ليكون قريبا من شارع المتنبي ومقاهي الشعر والادب (مقهى حسن عجمي والشابندر والزهاوي).

وخلال قرب الشهيد اللامي من التجمعات الأدبية والثقافية، بدأت تجربته الشعرية تختمر، ليكتب اولى قصائده (الى عبد الامير جرص) المنشورة في مجموعته الشعرية الاولى (ليست نبوءة) والتي يروي لنا الشهيد إن الراحل عبد الامير اجهش بالبكاء عند سماعه لها.

وكابد الشهيد مرارة النظام البعثي الدكتاتوري، ومن بعده نظام المحاصصة الطائفية، لموقفه الثابت واصراره على بناء الدولة المدنية الديمقراطية

وعندما انطلقت انتفاضة الشعب، رابط اللامي، كرفاقه، في ساحة التحرير مع بقية المنتفضين، وعندما كان يذهب في استراحة سريعة لعائلته في واسط، كان أيضا يلتحق هناك بخيام المعتصمين وعبّر الشهيد عن ذلك قائلا: “صرنه مثل السمچ ما يرهم بدون المي”

وأخفى الشهيد عن أهله ورفاقه كل محاولات التهديد التي تلقاها بشأن موقفه الداعم للانتفاضة، وقال في أحدى عباراته الشهيرة: “قسما ببغداد، ما نرجع للبيوت الا بتابوت”، وحدث ذلك فعلا بعد ان طالته ايادي الغدر واغتالته ليلة ١٠/١٢/٢٠١٩ في منطقة الشعب وهو عائد من ساحة التحرير، ليشهد استشهاده تنديدا جماهيريا واسعا داخل العراق وخارجه

علي اللامي وهو أبن الخمسين عاما، كان عضوا في اللجنة الفكرية والثقافية في لجنة واسط المحلية للحزب، وهو أيضا عضو المؤتمر الوطني التاسع للحزب، وعضو اتحاد الادباء والكتّاب في واسط، وشاعر معروف بكتاباته المناصرة للشعب والكادحين ويمتلك سمعة محترمه بين الاوساط الثقافية والاجتماعية.

نعاه اتحاد الادباء والكتّاب في بغداد، وقام مؤخرا بطباعة مجموعة شعريه له تحت عنوان (خلف الضجيج وطن) ووزعها على الكثيرين بضمنهم المرابطين في خيام الاعتصام.

******************

مرتضى الزبيدي.. ارتقى للشهادة في “الوثبة”

ارتقى رفيقنا مرتضى الزبيدي سلّم الشهادة في ساحة الوثبة بتاريخ 27 / 12 /2019.

واستشهد رفيقنا عند إطلاق الرصاص الحي عليه من جانب القوات الأمنية، كان يحمل الماء للمتظاهرين. وهذا كان عمله اليومي: يزود المتظاهرين بالغذاء والماء والمواد اللوجستية التي يتبرع بها بعض الاصدقاء واهالي مدينة الثورة البطلة.

الشهيد مرتضى عمل كاسبا في أحد أسواق مدينة الثورة لقاء مبلغ خمسة آلاف دينار يوميا. وهو من عائلة شيوعية مناضلة تسكن في بيت بالعشوائيات.

وعرف اصدقاء مرتضى بتميزهم بثوريتهم وقد شب مرتضى معهم وكانوا دوما يقارنون انفسهم مع اقرانهم من الدول الاخرى.

****************

الصفحة السابعة

تشرينيات نجفية خيمة «المرأة ثورة»

سهاد الخطيب*

في الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين تتجدد صرخات العراقيين بنفس المطالب التي انطلقت من أجلها، وأضيف اليها لاحقاً، وأهمها محاسبة قتلة المتظاهرين والجهات التي تقف خلفهم.عبّرت الانتفاضة الشعبية في تشرين 2019 عن رفض الشعور بالظلم وانعدام العدالة الاجتماعية بسبب المحاصصة وإستشراء الفساد بأنواعه وسوء إدارة أزمات البلاد المتعمقة بكل اشكالها الإقتصادية والخدمية والتعليمية والأمنية وغيرها، الى درجة دفعت الشباب لرفع اصواتهم عالياً بوجه الحكومة مطالبيبن بحقوقهم في وطن يكفل لهم حياة كريمة، وعبروا عن استعدادهم للتضحية بالحياة ومواجهة الرصاص والموت، رغم تتابع زيادة اعداد الشهداء والجرحى.

مما يميز إنتفاضة تشرين رغم طابعها الشبابي الواضح، هو انخراط فئات اجتماعية اخرى فيها، أوجدت لها مكاناً في سوح الإحتجاج في المحافظات، ونصبت خيماً لها وقامت بدورها المطلوب في الإنضمام الى الإنتفاضة. ولم تتأخر محافظة النجف في إنطلاق تظاهراتها وإنشاء خيم المنتفضين في ساحة إعتصام النجف استكمالاً للتظاهرات الجماهيرية في الأعوام السابقة منذ 2011. سأحاول هنا، وعلى حلقات، نقل تجربة مشاركة المرأة النجفية في الإنتفاضة، ودور رابطة المرأة العراقية فرع النجف قيها.

في البداية توافدت النساء الى ساحة اعتصام النجف لرغبتهن بالمشاركة، فكان ذلك دورا مشرفا للمراة العراقية على اختلاف انتماءاتها ومواقعها المجتمعية من ربة البيت وطالبة الجامعة والتربوية والطبيبة وغيرهن، كنا نلتقي يوميا في ساحة الاعتصام ونجوب الساحة رافعين أصواتنا ضد الظلم والباطل. وكنا نتفق يوميا على مكان للتجمع امام احدى الخيم والانطلاق بمسيراتنا وهتافاتنا، ويتغيير المكان يوميا. هنا إنبثقت فكرة نصب خيمة خاصة لنا للتجمع وانطلاق تظاهراتنا النسوية منها، وكل فعالياتنا ونشاطاتنا، فتم نصب خيمة وباجماع المشاركات اتُفق على تسميتها ب (خيمة المرأة ثورة). وكانت الخيمة  النسوية الوحيدة في الساحة مع تواجد النساء ضمن خيم الشباب المنتفض وكان دورهن متميز في مساعدة الاخرين بالطبخ وتجهيز الطعام أو تقديم الاسعافات الاولية مع زملائهم، فكانت خيمتنا بيتاً يوحدنا كعائلة، نلتف بعلمنا العراقي وتجمعنا هويتنا الوطنية فقط بعيدا عن كل الهويات الفرعية الاخرى.

كانت لخيمتنا برامج عمل نعدها يوميا وننفذها، وعند وجود أمور عارضة وطارئة بسبب الوضع الامني والسياسي، نغيّر برامجنا احيانا، وفي الايام الاولى للانتفاضة كانت اغلب نشاطاتنا تتركز على الشعارات والهتافات والردات الوطنية، التي ننطلق بها بعد الظهر يوميا نجوب الساحة وامام الخيم، فكانت تُلهب حماسة الحضور وتشجعهم على جلب عوائلهم للساحة ومشاركتنا التظاهرات. كان حضور النساء وتواجدهن في الخيمة في أوقات الصباح وبعد الظهر الى وقت غروب الشمس حيث نُغلق خيمتنا ونجعلها برعاية شبابنا المعتصمين في الخيم المجاورة ومنها خيمة النقابات ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* سكرتيرة رابطة المرأة العراقية في النجف

**********************************

نشاط نسوي متميز في كربلاء صبيحة إزهيان ترفع الصوت عاليا ضد المحاصصة والفساد!

طريق الشعب - مجيد إبراهيم خليل

ظلت فلكة (ساحة) التربية بمدينة كربلاء، تشهد، خلال أشهر الانتفاضة، كل يوم جمعة وقفات احتجاجية واعتصامات لمجموعة من المواطنين من الجنسين، ومن مختلف الأعمار، وهم يمارسون سلميا حقهم الدستوري والقانوني في التعبير عن رأيهم ورفع صوتهم عاليا ضد المحاصصة والفساد ومصادرة الحريات. وتشارك المرأة بفعالية في هذه التظاهرات، وللخيمة النسوية في الساحة نشاط متميز، وتنشط الرابطية صبيحة إزهيان في هذا الحراك من خلال المشاركة في العمل الطوعي بإعداد الطعام وتقديم المساعدات للمحتاجين، وتوثيق الانتهاكات التي تتعرض لها الوقفات الاحتجاجية. وفي لقاء “طريق الشعب” مع الناشطة صبيحة بينت أن الدافع أو السبب في مشاركتها بالتظاهرات هو أولا وقبل كل شيء ممارسة حقها الدستوري في التظاهر والاحتجاج، وهناك أسباب أخرى كثيرة دفعتها للتظاهر: نبذ نظام المحاصصة، وإدانة مظاهر العنف، والفساد المنظم، وهيمنة الميليشيات المسلحة التي عطلت البناء والإعمار، وحاربت الحريات العامة، وغيبت الهوية الوطنية.

وأضافت أن مشاركتها بالتظاهرات هو انتصار لمشروع الدولة المدنية التي تشكل نفيا لدولة المحاصصة الطائفية. ولهذا تعرضت الناشطة صبيحة ازهيان إلى مضايقات واعتداءات ولمرات عدة، لأنها كانت، مع ناشطات أخريات، في الصفوف الأمامية في التظاهرات. كما تعرضت لتهديدات، ولهذا السبب تضطر أن تغير مكانها. وتستطرد الناشطة صبيحة بالقول: إن مجرد مشاركة المرأة العراقية بهذا العدد الكبير، ومن كافة المستويات دليل على تضامن المجتمع مع ثوار تشرين، ومع المرأة بالذات، التي وجهت صفعة قوية للإسلام السياسي، الذي ينتقص من المرأة ويعتبرها عورة؛ فكان الرد منها: أنا الثورة، وأنتم العورة. لقد أثبتت المرأة بجدارة قدرتها على مشاركة أخيها الرجل في النضال السياسي من أجل الخلاص من النظام الطائفي المقيت وإقامة الدولة المدنية.

وفي ردها على اتهام المتظاهرين بالعمالة للأجنبي، أوضحت صبيحة: إن العملاء يلجأون دائما إلى أدلجة مشاريعهم، سعيا منهم إلى تزييف الوعي الاجتماعي. إن انتفاضة تشرين بعيدة كل البعد عن كل أنواع الأدلجة، وثوار تشرين قالوا بالحرف الواحد: نريد وطن. وهو شعار موضوعي غير مؤدلج، جعلوا الوطن أولى المهمات. وهذا ما لا يفعله العملاء الذين يتسترون بالدين تارة، وبالقومية تارة أخرى، ويغتالون الوطن والوطنية، لينتصروا للمشاريع اللا وطنية، قومية كانت أم دينية.

وأكدت الناشطة مرة أخرى أن مشاركة المرأة العراقية في الانتفاضة التشرينية الوطنية وفي الأعمال التطوعية تثبت جدارتها. وبهذه المشاركة ترد على كل الجهات والمؤسسات التي تنتقص من المرأة، وتثبت لهم بالقول والفعل أنها كاملة المواطنة. وتمتلك قدرة التأثير في القرار السياسي كأخيها الرجل، وتسعى الى الاطاحة بالفكر السلفي المتطرف الذي يقول: ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما، وتثبت لهم العكس، وتردهم بمقولة ما اجتمع رجل وامرأة إلا والوطن ثالثهما.

 ******************************

يتأهبن لصولة جديدة في الأول من تشرين.. نساء الانتفاضة: الكشف عن قتلة المتظاهرين ومعرفة مصير المغيبين أبرز شعاراتنا

بغداد ـ نورس حسن

في انتفاضة تشرين من العام 2019 تمكنت المرأة ـ وبجدارة ـ من كسر النمطية المجتمعية التي تؤطر كيانها، فكان لها دور وحضور بارزان في الحراك الاحتجاجي برغم المواجهات القمعية غير القليلة التي مورست ضدها في مختلف ميادين الاحتجاج.

مساهمات متنوعة

تقول سكرتيرة رابطة المرأة العراقية شميران مروكل: ان “مساهمات النساء في ساحات الاحتجاج تنوعت بين فعاليات وأدوار مختلفة؛ فمنهن من اسعفت الجرحى واعدت الطعام، وأخريات شاركن في اعمال تنظيف الساحات التي اهملتها السلطات لعقود، فضلا عن دورهن البارز في تقديم الدعم اللوجستي لخيم المعتصمين”.

وتضيف مروكل في حديث خصّت به “طريق الشعب”، “اليوم وبعد مرور عامين على انطلاق الانتفاضة هناك مشاركة فعالة للنساء، وهن يطالبن بالكشف عن قتلة المتظاهرين، ومعرفة مصير المغيبين”.

وتنبّه الى أن “مطالب النساء اليوم تعدت ان تكون مطالب خدمية وأخرى تتعلق بحقوق الانسان في العيش الكريم، خاصة وان هناك المئات من الشهداء وعشرات المغيبين لم تنصفهم السلطات الحكومية الى الان”.

معاناة مجتمعية

ورفعت النساء في ساحات الاحتجاج مع الشباب شعار “نريد وطن” وتنوعت المشاركات من مختلف الاعمار.

مروة محمد، شابة في بداية العشرينات من بغداد تقول لـ”طريق الشعب”، ان “الانتفاضة جاءت نتيجة لمعاناة مجتمعية كبيرة ومختلفة، والمرأة جزء منها”. وأشارت الى أن مشاركتها في الانتفاضة مع زميلاتها الغاية منها “كسر الحواجز المجتمعية المتخلفة التي تفرض على النساء بمختلف الاعمار فقط لكونها امرأة”.

وحول دورها في الانتفاضة تذكر “في بداية الامر كان دورنا يقتصر على الحضور، والتقاط الصور لا اكثر، ولكن بسبب الرمي العشوائي بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي تشكلت لدينا قناعات بالمواصلة، ولكن بشكل مختلف لنثبت ان انتفاضتنا سلمية”.

وبينّت مروة أنها تمكنت مع صديقاتها واصدقائها من تشكيل فرق، في بداية الامر كانت بسيطة لتنظيف ساحة التحرير ونفق التحرير، ولكنها توسعت في ما بعد عبر حماس الشباب المنتفضين ورغبتهم في رسم وطن مصغر، تمثله ساحة التحرير. وترى ان “المرأة في انتفاضة تشرين أعطت درسا للمجتمع بان وجودها فعال في مختلف الميادين، وليس للعرض او مجرد رقم لا اكثر”.

مواهب ابداعية

فيما تمكّنت الشابة سارة علي، دبلوم فنون جميلة، من إطلاق فرشاتها على جدران نفق التحرير، ورسم المشاهد التي تؤكد على سلمية التظاهرات.

وتذكر سارة لـ”طريق الشعب”، انها تخرجت منذ 6 سنوات، ولم تلمس مع زملائها من يحتوي موهبتها، التي عززتها بدراستها في المعهد.

وتضيف أن “مشاهد القمع التي تعرض لها المتظاهرون في مختلف الميادين، والتي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، هي التي منحت الحافز الأكبر للفنانين بمختلف فنونهم، للمشاركة وإبراز مواهبهم، سواء في المسرح الصامت والرسم والنحت”. واشارت الى ان “دور الفنان كان الأبرز في نقل الصورة الحقيقية للعالم بما يجري من انتهاكات للمتظاهرين في ساحات التظاهر، التي ضللها الاعلام الحكومي”.

تحدي كبير

وللمساهمة في تقديم الطعام والدعم اللوجستي للشباب المتظاهرين والمعتصمين، تذكر ميلاد صلاح (22 عاما) انها كانت في المرحلة الإعدادية، عندما انطلقت انتفاضة تشرين، وان حماس الشباب لتغيير واقع الحال كان الحافز الأكبر لمشاركتها في انتفاضة تشرين. وقالت لـ”طريق الشعب”، انه “بعد مضي أيام على انطلاق انتفاضة تشرين كانت هناك رغبة لدى الكثير من الطالبات في المدارس بترك الدوام والانضمام الى صفوف المتظاهرين، لتقديم المساعدة الممكنة”. وأضافت ميلاد أنه “على الرغم من عدم سماح إدارة المدرسة بالخروج، إلا ان الحاح الطالبات كان كبيرا، ومن الصعب السيطرة عليهن، برغم معارضة غالبية أولياء أمورهن”.  وتابعت انها “على الرغم من الحواجز غير القليلة الا اني تمكنت مع عدد من زميلاتي من الذهاب الى ساحات التظاهر والمشاركة في صناعة الوجبات الغذائية للمتظاهرين، وتقديم الدعم اللوجستي الى المصابين، عبر اسناد الفرق الطبية المتواجدة”.

مواقف صعبة

وبخصوص معارضة والديها تذكر “في بداية الامر كان الموقف صعبا، وأبدوا اعتراضهم على الذهاب، خاصة ان هناك رميا عشوائيا وقنابل مسيلة للدموع، إلا انهم بعد الإصرار خضعوا للامر الواقع، حتى وصل بهم الحال الى انهم يتفاخرون بنشر صوري على مواقع التواصل الاجتماعي، بل باتوا يتحمسون الى مشاركتي في الحراك الاحتجاجي في ساحة التحرير”.

ولفتت الى انها “في احد أيام الانتفاضة أصبتُ بقنبلة مسيلة للدموع على جسر الجمهورية، وعمل عدد من الشباب على نقلي الى احدى الخيم الطبية في ساحة التحرير”. وخلصت الى ان “انتفاضة تشرين لم تنته، بل سنحيي ذكراها اليوم، وان مطالبنا بالعيش الكريم ما زالت قائمة، الا ان الكشف عن قتلة المتظاهرين ومعرفة مصير المغيبين، آرز المطالب التي سترفع من جديد في ساحات التظاهر، في يوم الأول من تشرين”.

 **************************************

الصفحة الثامنة

حتى عندما يقتلون المنشدين.. تظل البلاد تغني!

رضا الظاهر

عامان مرّا على تلك الأيام المضيئة بجرأة الثائرين وإلهام أمثولتهم، وقد تعالت أصواتهم الغاضبة من أجل العدالة والحرية والتغيير ..

ذلك التراكم الكمي للسخط، عبر سنوات المعاناة المريرة، أدى الى تحول نوعي في الحراك، فكانت انتفاضة تشرين. ومن شرارة ذلك السخط المتعاظم اندلع لهيب الانتفاضة، ونهض الأمل المتقد مثل جمرة من تحت رماد بلاد لا تعرف أن تستكين .. وهل لمثل هذه البلاد المعمدة بالآلام والمشرقة بالآمال أن تستكين، وقد سالت في شوارعها دماء ضحايا كثر، وصدحت فيها أصوات الملايين من “مقتحمي السماء”، وقد تحولت الى شبح ترتعد أمامه فرائص اللائذين بالنظام القديم.

حين نحتفي، اليوم، بهذا الحدث الجليل، فاننا لا نتوقف عند حدود الاستذكار، بل نمضي الى حيث يتعين استثمار هذا الحدث الجاري بعنفوانه لتقديم اجاباتنا على أسئلة حارقة، وتحقيق غاياتنا بوسائل سلمية، ونحن نعرف أننا نعبر جسورا من أشواك، في طريق تنيره أمثولة الشهداء، والرؤية الواضحة، والاصرار على الوصول الى تلك الضفاف.

مقدمات وسمات

تتمثل أسباب ومقدمات انتفاضة تشرين بالأزمة الاجتماعية العميقة. وماتزال عوامل اندلاع الانتفاضة قائمة، ببساطة لأن المآسي تتعاظم، والقوى المتنفذة لا يمكن أن تتخلى عن امتيازاتها، وهي عاجزة عن حل الأزمات، وقد حصلت تداعيات جديدة بسبب الكورونا، لتنضاف الى ما يتلمسه المواطنون من العواقب الوخيمة لنهج المحاصصة، واستحواذ القوى المتنفذة على مقدرات البلاد، وشيوع الفساد، واستمرار البطالة، وغياب العدالة في التعيينات، ناهيكم عن غياب الخدمات الأساسية والمعضلات الاقتصادية والمعيشية المستعصية.

والانتفاضة، التي اندلعت في الأول من تشرين الأول 2019، وبلغت ذروتها في الخامس والعشرين منه، هي صيرورة مفتوحة الآفاق، لا يصعب القول إنها أخلّت بميزان القوى السياسي والاجتماعي، حتى بات من المتعذر العودة الى الأوضاع التي كانت سائدة قبل اندلاعها، فقدمت بذلك دلالة عميقة، من بين دلالات كثيرة، على أن ارادة الشعب الموحدة قادرة على اجتراح المآثر والاطاحة بعروش الاستبداد.

ولعل من بين سمات هذه الانتفاضة، التي شكل اندلاعها وتطورها مفاجأة للجميع، أنها ممارسة كفاحية مميزة قدم تنوع أشكالها ومضامينها الاجتماعية مؤشرات واضحة على تحول نوعي في الوعي السياسي للمجتمع. وكشفت الانتفاضة عن تبلور في مطالب المنتفضين السياسية في التغيير، الذي بات ضرورة ملحة.

ومن الجلي أن الانتفاضة لم تنبثق من عدم وانما جاءت حصيلة لتعمق الأزمة الاجتماعية بتجلياتها المتنوعة على خلفية صراع المصالح من أجل السلطة والثرورة والنفوذ. ومن نافل القول إن الانتفاضة لم تكن وليدة الصدفة المتلازمة مع العفوية، ذلك أن العوامل الموضوعية هي التي خلقت وعمقت الأزمة الناجمة عن فشل نظام المحاصصة والظواهر السياسية والاجتماعية الخطيرة المرتبطة به.

وبينما تجلت في انتفاضة تشرين الهوية الوطنية متمثلة في شعار “نريد وطن”، الذي جسّد ممارسة لاعادة بناء النسيج الوطني، تجلت، أيضا، سلمية التظاهرات، وسلوك المتظاهرين المنضبط، حيث سطعت أرقى سجايا الشخصية العراقية، وتجسد الطابع المدني للاحتجاج. وصارت السمة السلمية مصدرا لقوة الحراك، وأزالت المخاوف التي تثار حول نتائج التصعيد في الحراك، والزعم بأن أشكاله الجديدة، وبينها العصيان المدني، قد تهدد السلم الأهلي.

وعلى الرغم من ميل بعض قوى الحركة الاحتجاجية الى تكريس النزعة العدمية، وتهميش دور الأحزاب والقوى المنظمة على نحو يشوه طبيعة الحراك ويجرده من القيادة الواعية الضرورية، فان الحراك الاحتجاجي تمكن، في مجرى استمراريته، من التخلص من كثير من المظاهر السلبية. وبدأت أطراف داخل الحركة الاحتجاجية تدرك أهمية التنسيق والعمل المشترك، وهو تطور يدفع الى الرهان على امكانية توحيد جهود الأحزاب المدنية الديمقراطية والقوى التشرينية ونقابات ومنظمات. وفي هذا السياق ننظر الى النداء الذي وجهه الاجتماع الأول للمجلس التشاوري للقوى والحراكات التشرينية في 17 أيلول الحالي لاحياء الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين.

إيقونة الانتفاضة

لقد كانت مشاركة الشباب والطلبة والنساء سمة مميزة من سمات الانتفاضة، ومؤشرا على رفض شعبي واسع لسياسات الحكومات المتعاقبة. ومنحت المشاركة الطلابية زخما كبيرا لحركة الاحتجاج، وساعدت في اخراجها مما أريد لها من انحدار نحو العزلة. ولعل المثال الأكثر تألقا في انتفاضة تشرين هو الذي جسدته المرأة العراقية، حيث مارست دورا بارزا غير معتاد في مجتمع يغلب عليه الطابع الذكوري بشكل تقليدي، فتحولت الى ايقونة للانتفاضة حقا. كما جسد المثقفون حقيقة كونهم حملة مشاعل الفكر التنويري والوعي بضرورة التغيير، وباتت سمة انخراط النخب الثقافية في الانتفاضة من بين أهم سماتها.

دروس غنية

ومادمنا في سياق تحليل الانتفاضة وآفاقها، فلابد أن نبدأ، أولا، بدروس هذا الحدث البليغة، واستخلاصها من هذه الصيرورة المتفاعلة، المنفتحة على آفاق، والتي تحتاج، على الدوام، الى اعادة نظر وتقييم، وإغناء وتطوير للموقف الواقعي في الظرف الملموس. فقد كانت الانتفاضة تعبيرا عن حاجات حقيقية للناس، أخرجها الحراك الى النور.

ويمكن القول إن هناك، الآن، حراكا على صعيد المفاهيم والسلوكيات السياسية والمجتمعية. فانكفاء الحديث عن المكونات لصالح تقدم المحتوى الاجتماعي الى أمام يجسد واقعا جديدا يقلق الأحزاب القائمة على أساس الطائفية السياسية. وبوسعنا أن نرى نوعا من اصطفاف جديد يشير طابعه العام الى أن قيما مدنية راحت تشق طريقها وسط صعاب وتعقيدات الصراع السياسي والاجتماعي المعروفة.

ومن ناحية أخرى تكمن قوة الاحتجاج في سلميته، التي يريد البعض تجريده منها. ولا ريب أن الأساس السلمي للاحتجاج بحاجة الى قوى اجتماعية تسنده، وليس الاستجابة لاستفزازات القوى المناهضة للاحتجاج، عبر الانسحاب من الساحات كما دعا بعض المدنيين، الذين يتخذون مواقف الجزع والانكفاء الانعزالية، بدلا من مواصلة الضغوط وتحشيد القوى وتعزيز الاتجاه المدني المستقل وقوة تأثيره في المشهد السياسي والاجتماعي.

إن لدى حزبنا تجربة غنية، ومريرة أيضا، في التحالفات لابد من العودة الى دروسها البليغة، واعادة النظر والتقييم لاستخلاص العبر ورسم المواقف السياسية المدروسة وفقا للظرف الملموس، آخذين بالحسبان أن التحالف ينطوي، بالضرورة، على تناقض، وأنه اذا كان الحراك صيرورة، فان الصراع كذلك أيضا.

لقد فند الحراك الكثير من التقديرات والتوقعات التي كانت تستبعد امكانية استمرار الغضب الشعبي، وبصورة سلمية منسجمة مع منظومة الحريات والدستور، فقد ظل الحراك محافظا على طبيعته السلمية، وكانت انتفاضة تشرين دليلا على هذه الحقيقة.

وأثبتت الانتقاضة أن شكل الاحتجاج كان حالة متحركة نشأت في سياقها قوة جاذبة لأوساط اجتماعية أوسع كانت مترددة في مسألة المشاركة في الاحتجاجات حتى رأينا الملايين وهم ينزلون الى الشوارع في أفواج هادرة.

ولعل من بين أهم دروس الانتفاضة أنها عكست ورسخت المطالب ذات الطابع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وجعلتها في قلب المشهد السياسي، مزيحة الانتماءات الطائفية والعرقية، حتى أضحى الحراك يمارس، الآن، دورا أعظم في صياغة المشهد السياسي.

ومن ناحية أخرى نتأمل حقيقة أنه جرى التركيز، على مدى سنوات، على أن العملية الانتخابية هي التجسيد الوحيد للديمقراطية. ان تمركز الثروة في أيدي القوى المتنفذة، في ظل الطابع الريعي للاقتصاد، وهو الوجه الآخر لتعاظم الفجوة المجتمعية، أدى الى نشوء قلة حاكمة أوليغاركية، تتحكم بكل مفاصل الدولة، ومنها الانتخابات. وأدى هذ، من بين أمور أخرى، الى فقدان الثقة بالعملية الانتخبية، بل وبالعملية الديمقراطية. وبما أن القوى المتنفذة تتحكم بنتائج العملية الانتخابية، فانه لا يمكن، والحال هذه، أن يحدث أي تغيير حقيقي عبر انتخابات لا تتوفر فيها شروط الحرية والنزاهة. ومن هنا جاء موقف حزبنا في مقاطعة هذه الانتخابات، وهو ليس رفضا للعملية الانتخابية ولا للعملية الديمقراطية، وانما نداء عمل وفعل سياسي من أجل توحيد جهود قوى التغيير على طريق اقامة الدولة المدنية التي تحقق العدالة الاجتماعية. وهذا هو جوهر البديل الذي يطرحه حزبنا للخروج من الأزمة السياسية والاجتماعية الطاحنة بانهاء نهج المحاصصة والفساد، ووضع البلاد على طريق التغيير الحقيقي.

مقاومة القوى المناهضة للتغيير

ومن الطبيعي أن لا تغيب عن بالنا حقيقة أن قوى المجتمع القديم، المناهضة للتغيير، مستعدة لاستخدام كل السبل والأساليب للامساك بسلطتها والدفاع عن امتيازاتها. وفي سياق هذه الحقيقة المعروفة تاريخيا توحدت القوى المناهضة للانتفاضة، رغم تناقضاتها، في مسعى لانهاء الحراك الاحتجاجي واجهاض الانتفاضة. ويتعين الاعتراف بأن هذه القوى أفلحت في اضعاف الحراك واعاقة عملية التغيير، وأفرغت شعار الانتخابات المبكرة من محتواه. ويكمن التناقض، هنا، في أن المنظومة الحاكمة، المطلوب تغييرها، تتولى، هي نفسها، اعادة هيكلة تشكيل المنظومة الانتخابية.

لقد جوبهت الانتفاضة، كما هو معلوم، منذ اندلاعها بقمع دموي قل نظيره. وعلى الرغم من التضحيات الجسام التي قدمها المنتفضون، حيث زاد عدد الشهداء على 700 والجرحى والمصابين والمعاقين بالآلاف، اتسعت المساهمة الشعبية، خصوصا من أوساط الكادحين، وراحت شعارات الانتفاضة تتبلور، وتتجه نحو تحميل منظومة المحاصصة مسؤولية تعمق الأزمات.

ويمكن القول إنه في ضوء موازين القوى السياسية والاجتماعية القائمة، ومستوى تطور الحراك الاحتجاجي، وضعف القوى المدنية الديمقراطية وتشتتها، والآثار الوخيمة للبنى الريعية للاقتصاد على قطاعات الانتاج، تقدم شعار الاصلاح على شعار التغيير.

ومن ناحية أخرى شهدت الانتفاضة انحسارا بسبب جائحة كورونا، وكذلك، بالطبع، بسبب عمليات الاغتيال والخطف والاعتقال، وسائر أشكال العنف السافر، فضلا عن العوامل الذاتية التي ارتبطت بضعف التنظيم، وغياب رؤية مشتركة لطبيعة البديل، وكثرة الانفسامات بين صفوف المنتفضين، وما قامت به القوى المتنفذة والجماعات المسلحة لاختراق صفوفهم وتفتيتها بأساليب مختلفة.

وعي مدني جديد

لقد أسهم الحراك، والانتفاضة على وجه الخصوص، في تأسيس وعي مدني ديمقراطي جديد يتبنى فكرة العدالة الاجتماعية على نطاق أوسع، وتعميق وعي ألوف مؤلفة جديدة من الشباب والنساء، على وجه التحديد، ممن راحوا يتعلمون دروس التمرين الكفاحي الجديد، واغناء خبرتهم الفكرية والسياسية الميدانية.

ويمكن القول إن الانتفاضة شكلت حدثا نوعيا ذا أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية، هزّ أركان النظام السياسي القائم على المحاصصة، وأدى الى بروز حقائق وظواهر جديدة في اللوحة السياسية والاجتماعية. فقد بات مفهوم الدولة المدنية أكثر تداولا، بينما تقدم موضوع التخلي عن نظام المحاصصة في المشهد السياسي. وتبددت أوهام قوى سياسية متنفذة ومراهناتها، في ظل ظروف الكورونا القاسية، على “تراجع” و”تعب” المتظاهرين ونفاد صبرهم وسكوت الشارع، وبالتالي “تبخر” هذه “الفورة” الجماهيرية العاطفية العابرة.

وكان إحياء عشرات الآلاف في بغداد والمحافظات الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة تشرين صورة ساطعة للاستذكار والاستمرار.

وعلى الرغم من أن ساحات الاحتجاج شهدت تغيرات جلية، إذ تبدلت أولويات بعض القوى التي كانت داعمة للتظاهر، فيما دخلت قوى جديدة بدوافع وأجندات لا تتوافق، بالضرورة، مع الأهداف المعلنة في ساحات التظاهر والاعتصام، فان الوجهة العامة للحركة الاحتجاجية ماتزال تحتفظ بمنطلقاتها وأساليبها وأهدافها.

خبرة التاريخ الثورية

تعلمنا الماركسية أنه حين تبدأ أعداد غفيرة من الناس بالنشاط  فان أول من يؤخذوا على حين غرّة هم ليسوا أولئك الذين كافحوا زمنا مديداً، بل الحكام الغافلون، ذلك أن الطبقة الحاكمة أقنعت نفسها بأن المقاومة مستحيلة، على عكس الثوريين القادرين على التنبؤ بالأحداث والمستعدين لها. وهذا غالبا ما يميز ما يسميه ماركس “الثورة الجميلة”، أي اللحظات الأولى للثورة التي يبدو أنها توحد غالبية المجتمع في النضال ضد النظام القديم، وهو ما تجلى عندما اندلعت انتفاضة تشرين بكل عنفوانها، بحيث بدا أن المجتمع كان، بأسره، موحدا وراء شعار واقعي بسيط: “نريد وطن” !

كما تعلمنا الخبرة الثورية أن دخول الجماهير الحراك بصورة عفوية لا يجعل تنظيم الصراع أقل ضرورة، بل، على العكس، يجعله أكثر أهمية والحاحا. وقد دار في الماركسية نقاش مديد حول المشاركة في الثورات العفوية. وكانت وجهة نظر ماركس تؤكد أن المشاركة ضرورية حتى وإن كان جليا أن الثورة فاشلة، لأن الهدف هو “تدريب الشعب على الثورة”، والارتقاء به الى خوض معركة ظافرة.

وقد أظهرت كومونة باريس (18 آذار 1871) كيف أن البرجوازية لا تلقي السلاح بل تحارب بكل ضراوة أية محاولة لبناء المجتمع الجديد. فلم تقف البرجوازية مكتوفة الأيدي وهي ترى الكومونة تهدد سلطة رأس المال، ورأت أن عليها أن تتحد لمواجهة هذا الخطر، فاتحد أعداء الأمس، بسمارك وتيير، لمواجهة عمال باريس.

وفي تقييمه البليغ للكومونة لم يكتف ماركس بالتعبير عن الاعجاب الحماسي ببطولة ثوار الكومونة الذين “هبّوا لاقتحام السماء” حسب تعبيره، بل رأى في هذه الحركة الثورية، على الرغم من إخفاقها في تحقيق غاياتها، خبرة تاريخية ذات أهمية عظمى، وخطوة عملية أهم من مئات البرامج والمناقشات.

ووضع ماركس نصب عينيه مهمة تحليل هذه التجربة واستخلاص الدروس منها، وإعادة النظر في أفكاره على ضوئها. وكان “التصحيح” الوحيد الذي رأى ماركس ضرورة ادخاله على “البيان الشيوعي” مستوحى من الخبرة الثورية لكومونة باريس.

*          *          *

مقتحمو السماء يرفعون راياتهم عائدين الى الينابيع، ومن عيونهم يتطاير شرر التحدي .. ورسائل التنوير التي يبثونها في شوارع البلاد الثائرة هي رسائل احتجاج ضد عسف الطغاة وظلام ثقافة القطيع .. وهي نداءات صادحة من أجل التغيير ..

اليوم إذ نحتفي بذكرى الانتفاضة، ونحن على أبواب انتخابات نقاطعها، نرى تلك الرايات الآتية وهي تخفق بقلوب أمهات الشهداء الرائدات دروب الآلام والتحديات، وسط رياح تأتي محنهن بها لتعصف بذلك الرماد الذي غطى جمرة الانتفاضة، فتتقد من جديد، وسط غابات من زهور تحملها أيادي الشهداء، وهو يلتاعون بتراتيل أمهاتهم النادبات، اللواتي يذيب نحيبهن الصخر، فيتقدمون المواكب في المسير نحو قيامة العراق !

رحلت أيام الخوف واليأس .. وفي عنفوان المسير راحت نواقيس الغضب تقرع لمجد الانتفاضة .. اليوم بات جليا أن مدّ تشرين الاقتحامي لن يتراجع، وأن حصون الظلام ستتهاوى في غد قريب ..

حتى عندما يقتلون المنشدين، تظل هذه البلاد تغني، لأنها محكومة بالأمل ..

أجل .. إنها قيامة العراق !

************

الصفحة التاسعة

حين ينتشر الضياء.. قراءة في تشرين احتجاجاً وانتفاضاً وثورةً

عمر السراي

شهد العراق حراكاً مدنياً واسعاً في تاريخه المعاصر، إلا أن أبرز ما يمكن أن يؤشَّر في سجّله هو انتفاضة تشرين عام 2019، فهذه النقطة المهمة في تاريخ الوطن هي نقطة لا يمكن مغادرتها بسهولة، لما لها من تأثير واسع، وانتشار ومواقف سُجّلت بدماء الشهداء في أسفار الزمن

لم تكن تظاهرات تشرين وليدة لحظتها القريبة، فقد مهّدت القوى المدنية والشخصيات الوطنية الطريق لها وهي تمارس الضغط المتواصل لمقارعة الخراب الذي أنهك البلاد بعد تحريرها من الديكتاتورية المقيتة عام 2003، فالآليات المتّبعة من قبل القوى المتنفذة، وتكريس المحاصصة والفساد آفات أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها نخرت التجربة السياسية مؤثرةً على كل مفاصل المجتمع. وقد كان للمد الشعبي العراقي قولته في السنوات احتجاجا وكتابةً وممارسةً، وتجلّت ذروة الاحتجاجات العراقية عام 2011، في عام شهد ثورات مهمة في المحيط العربي نجحت في تحقيق خلاص تونس ومصر من الحكم الديكتاتوري، واستلهاماً للشحنات الوطنية، اندلعت جذوة التظاهرات العراقية ضد الفساد والإهمال مطالبةً بالعدالة والحكم الرشيد في شباط، لتتكلل في اليوم الخامس والعشرين من الشهر نفسه بصبيحة جمعة غاضبة، علت فيها حناجر المحتجّين وهتافاتهم في سوح التحرير. وما زاد حرارة التظاهرات الموقف الحكومي المعادي الذي قمع واضطهد واعتقل واطلق الرصاص وطعن سمعة المتظاهرين. وباستمرار مع الاحتجاج كانت الجمع مداراً للتظاهرات بصورة مستمرة، وما يجدر ذكره أن القدح المعلّى كان للمؤسسات الثقافية المدنية، وللشخصيات الوطنية والثقافية، فقد كانت متصدرة لمشهد قيادة الجماهير.

لم تتوقف التظاهرات، فقد كانت تتأجج بين آونة واخرى، فالنهج السلطوي، لم يستطع أن يغيّر من اسلوبه في احتواء الشعب، وتقديم الخدمات الكافية والحلول الناجعة.

إن الإهمال الممنهج الذي اتبعته الحكومات المتعاقبة، وعدم جدّيّتها في التعامل مع الملفات الضرورية للشعب، فضلاً عن التكريس الواضح للتناحر الطائفي السياسي، كل ذلك أدى إلى نكسة كبيرة داخل شخصية المواطن العراقي، المواطن الذي بات يعاني من انسداد كوّة الأمل الضئيلة التي فُتحت بوجهه في بداية أشهر التحرير، وفي تصاعد للغليان الشعبي إزاء التهميش وضياع فرص التمثيل السياسي لشرائح مهمة من المجتمع بدأ العراق يتلمّس طريقه لحصول انتفاضة عارمة أجّلتها ظروف سقوط محافظات ومدن عدة بيد الإرهاب الداعشي، لكن نيران الثورة كانت في تصاعد متواصل منذ الأشهر الأولى لعام 2019، خصوصاً بعد تغوّل القوى السياسية، وتماديها في ركوب التجاهل طريقاً لها، وبعد انتخابات برلمانية عراقية شهدت مشاركة ما يقارب %30 من المصوّتين، وهي نسبة تنذر بالخطر، فدلالتها ان %70 ممن يمتلكون حق التصويت تنازلوا عنه لأسباب أهمها عدم ايمانهم بالتجربة السياسية التي باتت مكرورة ومنحدرة نحو درك مظلم.

في قراءة بسيطة لما سبق أحداث انتفاضة تشرين 2019، من الممكن القول أن البلد بات يشهد ما يلي:

  1. هيمنة سياسية لقوى الأحزاب المتنفذة على المستوى الحكومي.
  2. اختلال في موازين القوى الإقليمية المؤثرة في العراق، إذ باتت البوصلة تتجه شرقاً، ما أثار حفيظة الغرب الساخط.
  3. تزايد الوعي الشعبي مع نمو شريحة شبابية لم تعد تستند الى المنظومة الكلاسيكية في تلقي المعلومة.
  4. يقين متصاعد داخل العقل الموجّه للقوى السياسية المتنفذة بأنها في فرصتها الأخيرة أمام الشعب الغاضب.

كل ما تم ذكره في أعلاه مما شهده توقيت ما قبل اندلاع الانتفاضة من الممكن ردّه إلى أسباب عدة، لكن تظل أبرز الأسباب هي غياب العدالة الاجتماعية، في ظل كشف مستمر لأبرز انتهاكات الحريات، والتفاوت الطبقي بين المتنعمين والفقراء.

كان للسوشيال ميديا والبرامج الإعلامية دور كبير في شحذ الهمم نحو الاحتجاج، رافق كل ذلك سوء تصرف من قبل الحكومة في ادارة ملفات تسهم في التنفيس عن كبت الشارع، إذ كانت سياسة القمع هي المتبعة، وقد تجلّى ذلك في قمع الخريجين المعتصمين، وكسحهم بخراطيم المياه، وقد لاقت هذه الواقعة تضامنا واسعا برز الى واجهات المدونين وكتاب الرأي.

ثمة اتفاق غير مخطط له كان يتم تداوله بين أفراد الشعب العراقي، مفاده الخروج بتظاهرة يوم 1 تشرين الأول 2019، وما أكسب هذا الاتفاق بلاغة هو أنه لم يتم تبنيه من جهة معلومة أو طرف معين، انما كان حراكا شعبيا بامتياز، اذ تنادت فئات مختلفة للخروج والتعبير عن رأيها، ويبدو أن الأجهزة الأمنية للدولة العراقية، كانت قد استشعرت الخطر مسبقا، لكنها لم تكن على مقدرة لمواجهته، فآلياتها المعتادة في التسقيط وبث الرعب والخطف والاعتقال باتت غير مجدية، فجدواها السابقة ضد تظاهرات معروفة المصادر او الميول باتت منزوعة الفائدة ضد تظاهرات تنادي بها حسابات ومواقع وشخصيات على الفيس بوك تجد صداها العريض في المجتمع. يكمن نجاح الظاهرة وتناميها في جهل الراغب بقمعها، وفشله في التعامل معها، وقد زامن نشوب الاحتجاج وجود حكومة بليدة في قيادتها العليا، مستخذية أمام رغبات الأحزاب المتنفذة، متواطئة مع رغبات التوسّع والاستيلاء على أكبر حصة من العراق المنهوب، إذ ان ضعف شخصية رئيس الوزراء آنذاك كانت سببا رئيسا في التعجيل بانتهاء عمر حكومة مثّلت سياسة فاشلة في إدارة الأزمات.

في الأول من تشرين الأول 2019، استقبلت القوات الأمنية المتظاهرين بقمع مفرط تمثّل بمنعهم من الوصول إلى ساحة التحرير في بغداد منذ البداية، منتهجةً أسلوباً قاسيا في فض محاولات التعبير عن الرأي بالقوة، كما تم تفريق الجماعات الصغيرة التي نجحت في الوصول الى ساحة التحرير بالقوة، ليسقط الشهيد الأول في بغداد، وشهيد آخر في البصرة، لتقوم الحكومة بالتعتيم الإعلامي بعد ذلك، وقطع الانترنت، والتضييق على التواصل الاجتماعي، ووضع الحواجز والمعرقلات، وما فاق كل التصورات، ان جهات مسلحة قامت بقتل المتظاهرين بالنيران الحية المباشرة بالأسلحة والقناص، في أحداث مشهودة في شارع بور سعيد، وشارع فلسطين، والمثير للسخرية ان مكتب رئيس الوزراء كان يجهل ما يجري، أو يدّعي الجهل، والمرجّح أن ثمة هيمنة واستحواذا أمنيا كان يجري داخل كواليس قيادة الأمن العراقي، وسط أجواء مبهمة الى الآن، اذ لم تسفر نتائج التحقيقات عن شيء حاسم الى الآن.

إن محاولات التظاهر كانت متواصلة في الأيام العشر الأول من شعر تشرين الأول، ولا يمكن القول ان ثمة جهة منظمة كانت تقوم بالاحتجاج والتظاهر، فهي احتجاجات شعبية شبابية في مجملها، لفتية تقودهم الرغبة بالخلاص ولو انتحارا من الوضع المزري الذي يعانون منه.

إن محفزات النشاط الاحتجاجي لم تكن بنت الوعي الحزبي المنظم، ولا بنت النشاط المدني المكرّس، انما كانت بنت الرغبة الخالصة بالخلاص، وقد اقتصر دور الشخصيات المعروفة بنشاطها المدني الاحتجاجي السابق بالتغطية والمساندة والتصعيد، إلى أن تحققت المعادلة الجديدة التي قلبت المعادلة السابقة، فالجمهور الذي أفرزه الشارع المحتج، هو الذي يقود الجمهور الكلاسيكي المألوف، وهذا ما يعني أن التربية المدنية التي مارستها القوى في الاحتجاجات على مدى سنوات، أتت أكلها في تحفيز جيل صنع التغيير.

رافقت محاولات قمع الاحتجاج خطب اقليمية وتصريحات لسياسيين أزادت المحتجين اصرارا على المواجهة، خصوصا وان النمط السائد للهيمنة وقت التظاهرات كان نمطا يقترب من ايران، لذلك كانت المواقع الاجتماعية التي نشأت بسرعة وقوة - (وسرعان ما أفلت بعد انتهاء التظاهرات وذلك أمر يدعو إلى دراسة معمقة) - توجه أصابع الاتهام الى ايران، وتدعو لطردها، والتخلص من هيمنتها.

قد يكون عدد المتظاهرين في الأيام المحصورة بين الأول من تشرين إلى العاشر منه قليلا قياساً بالأعداد المعروفة للتظاهرات العراقية، لكنه عدد مؤثر وفاعل، ولو قُيّض للظروف أن تكون أكثر ملائمةً للخروج، لامتلأت الشوارع بالمتظاهرين، إن فاعلية المتظاهرين في هذه الأيام تعود إلى طاقة الجموح الكبيرة التي تحلّوا بها، يسندهم الرأي العام العراقي والعالمي، إذ بدأت الوكالات العالمية بالتحرّك، كما نشط شباب متقحّمون بدور فاعل دفع الانتفاضة من العتمة إلى الضوء، فشاب مثل صفاء السراي واصدقائه، كان يتجوّل على الدراجة ليصوّر مقاطع فيديو سرعان ما يذهب بها إلى القنوات الفضائية والوكالات لتنشر صانعةً تأثيرا مهولاً، خصوصا وان السوشيال ميديا يشهد تضييقاً، وقطعا شبه تام لشبكة الانترنت.

يروي أحد المتظاهرين عن أحداث الأيام الأولى بعد الأول من تشرين، أن رصاصاً قاتلا كان يستهدف المتظاهرين بضراوة، ليُحبسوا خلف بيوت أو جدران، وأن الرصاص كان يستهدف سيارات الإسعاف التي لم تستطع الوصول لنقل المصابين، بسبب التعرّض المباشر للإطلاق، فظهر دور (التكتك) بوصفها إسعافاً لإخلاء المصابين، حتى استحقّت لقب (إسعاف التحرير) فيما بعد.

بضغط داخلي وخارجي وتدخل أممي اضطرّت الحكومة لفتح الانترنت نسبياً أمام المستخدمين، وعندها يقرر المتظاهرون تأجيل احتجاجهم الأكبر الغاضب إلى الخامس والعشرين من تشرين الأول، لتكون المشاركة واسعةً ومشهودةً بعد انتهاء مراسم زيارة دينية التي صادفت آنذاك.

جهات كبيرة ومشاركون كثر لم يكونوا على بيّنة من المشاركة قبل الأول من تشرين أو الأيام الأول التي سبقته، لكن، بعد ما جرى من قمع، وبعد استشهاد عدد من الأبرياء، وسط معالجات غير مجدية، قررت معظم القوى الوطنية والمدنية والاتحادات والنقابات الخروج مع الشعب، وفي هذه الأيام بدأت المواقع الإعلامية التواصلية المساندة بالتطور واستقطاب أعداد أكبر من المشاركين، كما بدأت الأصوات تعلو، وسط صمت خطابي من قبل الحكومة، إذ جاءت أبرز محاولات التخفيف عن ضغط الشارع بائسةً ومثيرة للحزن والجدل والسخرية.

مرّت الليلة السابقة لليوم الخامس والعشرين من تشرين هادئةً ومن دون ضغط كبير، كما كان الوصول إلى ساحة التحرير صباح الخامس والعشرين سهلا وغير معقّد، إذ لا حظر للتجوال يومها، ومواكب المتظاهرين كانت تترى نحو الساحة، ومنذ ليلة الخامس والعشرين حاولت مجموعة من الشباب عبور جسر الجمهورية نحو المنطقة الخضراء، لتجابه بالردع من القوات الأمنية، وقوات مكافحة الشغب، وما إن جاء الصباح حتى نجح الشباب في الوصول إلى منتصف الجسر وسط ردع قاس من قبل قوات الشغب، التي أطلقت القنابل الصوتية والدخانية على المتظاهرين، كما استعملت الرصاص الحي ضد من عبروا الى الجهة الثانية من الجسر، ونجحت كذلك بتفريق المتجمعين جهة الكرخ/ العلاوي..

الأعداد تتزايد، والقمع يشتد، ثم وُضعت حواجز حديدية على جسر الجمهورية لمنع الزحف الجماهيري، كما ابتدأ استخدام القنابل الدخانية سلاحاً سيء الصيت ضد المتظاهرين. كانت القنابل الدخانية سببا رئيسا في استشهاد عدد لا يستهان به من المتظاهرين، فقد كانت سلاحا حقيرا ملأ القلوب حزنا..

ان متظاهري التحرير كانوا كالنبات الطبيعي، الذي لم تتدخل يد بشرية في زراعتهم، انما أسهمت الظروف في تكوين وعيهم، لذلك كان من الصعب السيطرة عليهم، وهذا ما أثار حفيظة الأمن العراقي.

صارت قوات الشغب تلقي القنابل الدخانية بقوة وقسوة لتفرّق المتجمعين قرب نصب الحرية، لكن الكر والفر ظل سيد الموقف، كانت القنابل تعلو لتضرب الحمام ليسكن محترقا على وجه جدارية جواد سليم الخالدة، وما هي إلا أيام حتى سكنت قنبلة قاتلة رأس الشهيد صفاء السراي ليخرج من ساحة التحرير بتشييع مهيب أثار اللهب في قلوب الجماعات كلها.

خيمة واحدة كانت في ساحة التحرير صباح الخامس والعشرين من تشرين الأول 2021، وما إن حلّ المساء وإذا بالخيم تتزايد وتتعالى أعمدتها، لتمتد من ساحة التحرير وفضاء الجدارية وحديقة الأمة ومحيطها إلى شارع السعدون وابي نؤاس والجرف الشاطئ، والشارع الجمهوري، حتى ساحة الطيران.

في مشهد لا يُنسى من ذكريات 25 شباط 2011، كانت رموز السلطة وقتها في حالة تأهب، والقمع مشتدٌّ بقسوته المعهودة، وليرى المتظاهرون رجالاً يؤشّرون وأسلحةً تظهر من أعلى المطعم التركي، المبنى الأعلى الكائن في مدخل جسر الجمهورية، والمطلّ باستراتيجية على ساحة التحرير، كان الأوامر تصدر من المبنى وترصد المتظاهرين، ومن أعلاه ابتدأت مأساة الاعتقالات والقمع، وفي مشهد لا يتكرر إلا قليلا، شاهد متظاهرو ساحة التحرير صباح الخامس والعشرين من تشرين 2019 رجالاً أعلى المطعم التركي، ليدبّ الرعب في قلب من شهد الصورة الأولى لعام 2011، لكن سرعان ما تحوّل الرعب إلى فرح، إذ علم المتظاهرون بأن اخوتهم المتظاهرين صعدوا المبنى وورفرف العلم العراقي من أعلى المبنى، ليعلن عنه باسم (جبل أحد) للثوار والمعتصمين والمنتفضين.

إن تظاهرات تشرين انتفاضة وطنية كبيرة عارمة شاركت فيها محافظات مهمة في الوطن، وحققت درساً بليغا للقوى السياسية المتتفذة، وبغض النظر عن الأسباب والمسببات والدوافع والمساندين، فإنها استطاعت أن تعيد ثقة المواطن العراقي بنفسه، وسيكون الوقوف في هذا الجزء من هذه المقالة إلى هذا الحد، على وعد أن يناقش الجزء المقبل ما جرى في الأيام اللاحقة، وكيف وصلت الانتفاضة ذروتها وصولاً إلى نهايتها أو أفولها أو استمرارها المفترض.

**********

الصفحة العاشرة

سقط في مجراها شهداء وتعرض آخرون للاصابة والاعتقال مشاركة جماهيرية وسياسية فاعلة للحزب الشيوعي العراقي في انتفاضة تشرين الباسلة

بغداد – طريق الشعب

 

فيما تبقى شعلة انتفاضة تشرين تتوهج، يواصل ابطالها مسيرتهم المجيدة صوب تحقيق كامل اهدافها المنشودة، وصولاً الى التغيير نحو دولة المواطنة وتحقيق العدالة الاجتماعية. وعلى امتداد المسيرة الخالدة في تاريخ شعبنا العراقي، لم تبخل عضوات الحزب الشيوعي العراقي واعضاؤه في إمدادها بالدعم متنوع الاشكال، مقدمين على طريقها الشهداء والجرحى والمعتقلين والمغيبين.

وعلى طريق اسنادها اتخذ الحزب الشيوعي العراقي مواقف وطنية، انفرد بها او كاد بين القوى السياسية في البلاد. فقد طالبت قيادة الحزب مبكرا باستقالة الحكومة وانتخاب حكومة جديدة تلبي مطالب الجماهير. وما ان تبين للحزب ان البرلمان عاجز عن مواجهة الازمة وتقديم الحلول المناسبة لمعالجتها، حتى قدم ممثلا الحزب في مجلس النواب الرفيقان رائد فهمي وهيفاء الامين استقالتهما منه، معبرين عن وقوفهما الى جانب المنتفضين ودعمهما لهم. وفي السياق نفسه قدم الشيوعيون من اعضاء مجالس المحافظات استقالاتهم، تعبيراً عن احتجاجهم على البطش بالمنتفضين في محافظاتهم.

اليوم ولمناسبة مرور عامين على انتفاضة تشرين 2019، تقدم “طريق الشعب” تقريرا يستعرض ابرز مواقف الحزب المساندة للانتفاضة في الاشهر المذكورة:

  • في 1 تشرين الاول / اكتوبر 2019 اصدر المكتب السياسي للحزب تصريحا شدد على ضرورة التزام الحق الدستوري في التظاهر السلمي، وحرص القوى والجهات التي دعت الى التظاهر على سلميته، نظرا الى ان السلمية عنصر قوة منسجم مع الدستور والقانون.
  • في 2 تشرين الاول 2019 عاد المكتب السياسي ليجدد في تصريح صحفي انحياز الحزب الكامل الى المطالَب العادلة والسلمية للمواطنين والى فتح فضاءات للتغيير الجذري. واعتبر التصريح ان الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي تعم ارجاء الوطن منذ اليوم السابق “تشكل إنذارا حقيقيا للحكومة وللقوى السياسية المتنفذة، المسؤولة عما آل اليه الوضع المأساوي في البلاد والواقع المعيشي والحياتي المزري للمواطنين، لا سيما فئات الفقراء والكادحين والشباب”
  • في 5-10-2019 طالب الحزب السلطات باطلاق سراح 21 متظاهرا من الشيوعيين وأصدقائهم، جرى اعتقالهم خلال مشاركتهم الفاعلة في ساحات الاحتجاج في بغداد والمحافظات الاخرى.
  • في 8-10-2019 وفي حديث لـ “طريق الشعب” قال سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي: “نحن في الحزب الشيوعي العراقي كنا قد قدمنا أوائل تموز الماضي 2019 مجموعة من المقترحات والمعالجات المتعلقة بقضايا متنوعة آنية ملحة، هي في الاساس انعكاس لما طالب به المحتجون في حراكات سابقة. واننا نجد في المعالجات الحالية للحكومة صدى ملموسا لما كنا قد طرحناه حينذاك وشددنا عليه. وفي حينه دعونا ايضا الى الاخذ بالمقترحات المذكورة عاجلا، وحذرنا من ان التباطؤ والتلكؤ في الاستجابة لمطالب الناس من شأنه ان يقود الى مفاقمة الوضع، ويزيد من حالة الاحتقان، ويفقد الناس صبرها، بعد ان أغلقت بوجهها سبل توفير الحياة الكريمة اللائقة”.
  • في 13 تشرين الأول 2019 دان المكتب السياسي القيود التي تحول دون ممارسة الحق الدستوري في التظاهر وحرية التعبير. وجاء في التصريح:

تتحمل الحكومة المسؤولية السياسية عن أعمال القتل العمد والقمع الدموي التي تعرض لها المتظاهرون، وعن الانتهاكات السافرة للحقوق والحريات ولمبادئ حقوق الإنسان، التي ينص عليها الدستور ويكفلها القانون.

من الواجب إحالة المسؤولين عن إصدار أوامر إطلاق النار على المتظاهرين السلميين واستخدام القوة وتنفيذ الاعتقالات ومهاجمة بعض الفضائيات، الى القضاء فوراً والكشف عاجلا عن نتائج التحقيقات وإعلانها.

  • في 17 تشرين الأول 2019 شجب المكتب السياسي ممارسات اعتقال الناشطين والمدونين، وطالب بوضع حد فوري لها ومحاسبة المسؤولين عنها ومقاضاتهم، وبإبطال قوائم الملاحقة ووقف عمليات الاختطاف واطلاق سراح المعتقلين. وقال في تصريح اصدره: “نشدد على ضمان حرية التعبير وحق وسائل الاعلام في الوصول الى المعلومات وإيصالها الى المواطن، وندعو الحكومة الى الإعلان عما يطمئن الإعلاميين والصحفيين والمدونين، ويصون حقهم في ممارسة حياتهم المهنية والإبداعية والثقافية ، ويؤمن لهم الحماية. كما نطالب بتعويض الفضائيات التي تضررت مكاتبها، بما يساعدها على معاودة نشاطها الاعتيادي وبثها، وضمان انسيابيته”.
  • في 18 تشرين الاول 2019 وبمبادرة من الحزب وقع العشرات من ممثلي الأحزاب المشاركة في اللقاء الأممي للأحزاب الشيوعية الذي عقد يومها في تركيا، على بيان تضامني مع شعبنا وانتفاضته الباسلة.
  • في 23-10-2019 عقد الحزب مؤتمرا صحفيا طالب فيه باستقالة الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة من عناصر وطنية كفؤة نزيهة وفعالة، وان تكون حكومة ذات صلاحيات استثنائية ويتم تشكيلها بعيداً عن نهج الطائفية السياسية ونظام المحاصصة المقيت ومنظومة الفساد.
  • بعد يومين من ذلك، في 25-10-2019، اصدر المكتب السياسي تصريحا بيّن فيه” ان تطور الاحداث يعكس عجز الحكومة عن الوفاء بوعودها وتوفير الحماية للمتظاهرين السلميين، وعن تأمين أمن بلادنا واستقرارها. كما يبيّن صواب ما طالب به حزبنا في بيانه يوم 23 تشرين الاول الحالي بشأن استقالة الحكومة القائمة، وتشكيل حكومة جديدة وطنية نزيهة وذات صلاحيات استثنائية، بعيدا عن نهج المحاصصة. حكومة توقف التدهور المتواصل وتعالج الازمات التي تستنزف البلد، وتضعه على سكة الامان والاستقرار والاعمار والتطور”.
  • في 26-10-2019 نعى المكتب السياسي شهيد الحزب الشيوعي العراقي في انتفاضة تشرين الرفيق حيدر القبطان، الذي استشهد في بابل وهو يحاول انقاذ متظاهرين آخرين من قنابل الغاز التي كانت ترميها قوات الشغب، والتي ادت الى اختناقه هو واستشهاده.
  • في 27-10-2019 اعلن النائبان رائد فهمي وهيفاء الامين استقالتهما من مجلس النواب نظرا الى عجزه عن الاستجابة لمطالب المنتفضين. وجاء في بيان الاستقالة: “نعلن استقالتنا من عضوية مجلس النواب ووقوفنا إلى جانب الانتفاضة الباسلة، وسنبذل ما نستطيع من جهد انتصاراً لقضية الشعب العادلة ومطالب وتطلعات كادحيه وفقرائه والمحرومين من بناته وابنائه، عبر مختلف الوسائل السلمية والديمقراطية، وصولاً إلى دولة المواطنة والقانون والديمقراطية والعدالة الاجتماعية”.
  • بعدها بيوم واحد، في 28 تشرين الاول 2019، اعلن الشيوعيون أعضاء مجالس محافظات بغداد، بابل، ذي قار، المثنى، البصرة، استقالاتهم من مناصبهم ووقوفهم في صف الشعب.
  • في 6-11-2019 نشرت “طريق الشعب” مقالاً افتتاحياً بعنوان “العنف.. طريق مسدود” قالت فيه ان “القمع وصمة عار في جبين من يقدم عليه، خصوصاً وان كافة التقارير المحلية والدولية اشرت وقوعه، بما في ذلك التقرير الحكومي البائس عما حصل بعد الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 2019.
  • في 12-11-2019 كتب المحرر السياسي للجريدة تحت عنوان “الى متى يبقى القاتل مجهولاً؟” يقول: “ان الرهان على العنف كوسيلة لفض التظاهرات رهان خاسر، وتتضاعف يوما بعد يوم تداعياته وما يترتب عليه ويؤدي الى المزيد من التعقيد”.
  • بعد ذلك بيومين، في 14 تشرين الثاني، خرجت “طريق الشعب” بمقال افتتاحي ضافٍ عنوانه “نقطة الشروع .. تشكيل حكومة كفاءات جديدة” جاء فيه انه “أصبح واضحا الآن أن طريق اختصار المحن والكوارث وحقن الدماء والبدء بمرحلة جديدة، انما يمر عبر اقالة الحكومة ان لم تستقل، والسير قدما على طريق تحقيق مطالب الشعب والمنتفضين”.
  • في 15 تشرين الثاني 2019 أصدرت اللجنة المركزية للحزب بيانأ بعنوان “الى النصر المؤزر” كررت فيه تأكيد وقوف الحزب في جبهة الانتفاضة، ودعمه لها بكافة الوسائل السلمية.

 

وجاء في البيان:

“اننا إذ نؤشر دخول الانتفاضة، التي هي بمثابة استفتاء شعبي عارم لا نظير له، يومها الـ ٤٥ بزخم وعنفوان كبيرين، وبإصرار منقطع النظير على تحقيق أهدافها ..  فاننا نجدد التذكير بوقوفنا في جبهتها ودعمنا لها بكافة الوسائل السلمية، ونعيد تأكيد ما سبق لنا اعلانه من مطالب

  • في 19-11-2019 صدر عن المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي تصريح جاء فيه:” ان اية مراهنة على عامل الوقت، وعلى محدودية أعداد المنتفضين، وعلى الحل الأمني القمعي، انما هي إطالة غير مجدية لأمد الازمة، في الوقت الذي يتوجب فيه ان يترسخ اليقين بان المنتفضين، كما يعلنون تكرارا في بياناتهم ونشراتهم، لن يعودوا الى بيوتهم قبل تحقيق أهدافهم كاملة، وان استقالة الحكومة او اقالتها هي نقطة الشروع في ذلك... ان الوقت يضيق، ولا مخرج الا بالاستجابة الفورية لارادة الشعب”.
  • في 26 تشرين الثاني 2019 نشرت “طريق الشعب” مقالاً لمحررها السياسي عنوانه “حماية للمتظاهرين أم امعان في قمعهم؟”
  • فيما اصدرت اللجنة المركزية في 30-11-2019، بعد اعلان عادل عبد المهدي عزمه على الاستقالة، بيانا بعنوان “الحياة للشعب صانع النصر” جاء فيه:

“ أخيراً اعلن رئيس الوزراء بصورة رسمية عزمه على تقديم الاستقالة.

اخيرا .. بعد طول انتظار، وفيما وقعت في ظل حكمه وتوليه مسؤولية رئاسة مجلس الوزراء والقيادة العامة للقوات المسلحة احداث مروعة جسام، تمثلت في ازهاق مئات الارواح البريئة للمتظاهرين السلميين، وتعويق آلاف غيرهم، وجرح واصابة اضعافهم ، وسفك انهار جارية من دمائهم الزكية على امتداد شهرين تقريبا، في بغداد وبقية محافظات الوسط والجنوب.

انه انتصار ساطع للانتفاضة الشعبية العظيمة. لكنه يبقى خطوة اولى فحسب على طريق الخلاص من نظام المحاصصة والفساد. خطوة لا بد منها لمباشرة تنفيذ خارطة الطريق المفضية الى دحر منهج المحاصصة ومنظومة الفساد”.

  • في 5-12-2019 نشرت “طريق الشعب” مقالاً افتتاحياً ضافياً عنوانه “عوامل نجاح الانتفاضة ومتطلبات استكمال أهدافها” اكدت فيه “ان روح الفداء والاستبسال التي كلفت شباب العراق ما يقرب من 500 شهيد واكثر من 19 الف مصاب بينهم ما يزيد على 3 آلاف معاق، هي الدليل على قوة إرادة العراقيين وعزمهم الأكيد على انتزاع حقوقهم وبناء مستقبلهم الحر السعيد، رغم كل الصعوبات والمعوقات وصنوف القمع”.
  • في 6 - 12 - 2019 عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي اجتماعا اعتياديا ناقشت فيه التطورات السياسية والامنية والاقتصادية، واصدرت في ختامه بلاغا صحفيا جاء فيه:

“تحققت في مجرى الانتفاضة اوسع مشاركة للطلبة منذ عقود في فعاليات الاحتجاج الجماهيري، وكان وقعها كبيرا، حيث عززت صفوف الانتفاضة ورفعت معنويات المنتفضين، وعُدّت مساهمة متميزة ومأثرة جديدة اجترحتها الجماهير الطلابية العراقية. وشكل موقف نقابة المعلمين دعما كبيرا للطلبة، شجعهم على المضي في اسناد الانتفاضة، رغم كل الضغوط التي مورست وما زالت للتضييق عليهم والحد من مشاركتهم. وتجدر الاشارة ايضا الى دور نقابة المحامين. كما كانت مساهمة المرأة العراقية بارزة في مختلف أنشطة وفعاليات الانتفاضة.

  • في 7- 12-2019 ادلى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي بتصريح صحفي حول جريمة الاعتداء على المتظاهرين السلميين في السنك، قال فيه:

اننا اذ نحيي بطولات المتظاهرين وهم يتصدون عزلا للمعتدين المدججين بالاسلحة الرشاشة وبالحقد الوحشي، نحمّل الحكومة والجهات الامنية مسؤولية ما ازهق من ارواح بريئة وما سفك من دماء زكية، ونطالب الجهات التنفيذية والتشريعية والقضائية بالكشف عن مرتكبي المذبحة وملاحقتهم ومعاقبتهم، ونحذرها من ان الايغال في نهج الترويع واشاعة الرعب لا يمكن الا ان يرتد اليها ويكلفها ويكلف البلد الكثير. وفي الوقت نفسه نؤكد ان دماء الكواكب الجديدة من الشهداء لن تذهب هدرا، وان شباب الانتفاضة الابطال وجماهير الشعب المكافحة معهم ضد الظلم والقهر والمحاصصة والفساد، باقون على الموعد مع النصر، ولا اقل من النصر”.

  • في غضون ذلك نعى المكتب السياسي للحزب الرفيق الشاعر علي اللامي، الذي ذهب ضحية جريمة اغتيال ليلة 11 - 12 - 2019، وقال عنه انه يبقى “ شهيداً حيّاً في القلوب”.
  • في 13 كانون الاول 2020 ومع شروع مجلس النواب في مناقشة مشروع قانون مجلس النواب الجديد نشرت “طريق الشعب” افتتاحية جاء فيها:

“ان المطلوب اساسا هو دق مسمار في نعش المحاصصة الطائفية والاثنية. الا ان الوصول الى هذه الغاية مرهون بتوفر عدد من الشروط.

هذا لا يعني بالطبع عدم وجود طرائق اخرى لتجاوز وباء المحاصصة الطائفية، طرائق اكثر نجاعة وجدوى، واكثر انسجاما مع ما يطالب به المنتفضون والغالبية الساحقة من ابناء الشعب، من تعزيز للوحدة الوطنية وتمسك بمبدأ المواطنة العراقية، وضمان للمساواة التامة بين العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والقومية والمذهبية، او اوضاعهم الاقتصادية او معتقداتهم الفكرية واجناسهم والوانهم.

  • في 6 كانون الثاني 2020 ذكرى تأسيس جيشنا الباسل، اصدر المكتب السياسي بياناً جاء فيه:

“بات ضروريا أكثر من أي وقت مضى

اتخاذ إجراءات عملية وخطوات فعلية لتطبيق قرارات حصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح بالمظاهر المسلحة خارج المؤسسات الرسمية من خلال مليشيات أو جماعات مسلحة مهما كانت مسمياتها.

وأمام التحديات الجسيمة التي تواجه بلادنا وشعبنا يتوجب الشروع بجدية تامة، في تحقيق الإصلاح الجذري للنظام السياسي، والخلاص من نهج المحاصصة والعمل على مكافحة الفساد فوراً. وهو ما تطالب به جماهير الشعب في ساحات الاحتجاج.

وان التصدي الناجح لهذه التحديات يتطلب تشكيل حكومة وطنية تعكس الإرادة الحرة لشعبنا، كما تعبر عنها ساحات الانتفاضة الشعبية الباسلة. فهذا من شأنه توفير أفضل الشروط والظروف لتعزيز السيادة الوطنية وضمان انسحاب جميع القوات الاجنبية، الأمريكية وغيرها”.

  • بتاريخ 25 كانون الثاني 2020 اصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي بيانا بعنوان “الى متى القمع الدموي والقتل بالرصاص الحي؟” قال فيه:

“ان استمرار اعمال القمع والقتل العمد والاغتيال والاعتقال والاختطاف وتكميم الأفواه وانتهاك حرية التعبير، والتي كان من آخر ضحاياها الفتى الشيوعي الشهيد فهد العلياوي، الذي قتل أمس الاول غيلة على طريق محمد القاسم السريع في بغداد، وهو يحاول الوصول الى رفاقه واخوته المحتجين هناك حاملا إليهم الطعام، لن ينفع في كسر المعنويات واجبار الناس على العودة الى بيوتهم”.

  • في 27-1-2020 ادان الشيوعي العراقي الجريمة المروعة المرتكبة في ساحة الحبوبي واستهجن صمت الحكومة ازاءها. وجاء ذلك في تصريح لعضو المكتب السياسي الرفيق بسام محي لـ “طريق الشعب” قال فيه “إن الجريمة المروعة التي ارتكبها مسلحون ملثمون أطلقوا النار على معتصمي ساحة الحبوبي في الناصرية وأحرقوا خيامهم، تأتي في إطار استهداف ممنهج تمارسه القوى المعادية للانتفاضة، بهدف تصفيتها وإسكات صوت الشعب المطالب بالحقوق والإصلاحات”.
  • في اليوم التالي 29 كانون الثاني 2020 عقدت اللجنة المركزية للحزب مؤتمراً صحفياً، اعلنت فيه عن بيانها الصادر في مناسبة مرور أربعة أشهر على الانتفاضة. وقد جاء فيه:

“امام الاخطار المحدقة بالبلاد، والتي لا بد من درئها عاجلا جدا،  يتوجب العمل على:

قيام رئيس الجمهورية دون تأجيل بتكليف شخصية مقبولة شعبياً برئاسة الوزراء، على أن تمنح الدعم والصلاحيات الاستثنائية لإنجاز جميع المهمات والإجراءات المطلوبة، تمهيداً لاجراء انتخابات مبكرة في غضون سنة.

ويتوجب هنا القول إن من غير الممكن ان تحظى ترشيحات رئاسة الحكومة بالقبول، مع استمرار عمليات القمع الدامي للمتظاهرين السلميين، ومن دون إجراءات ملموسة لملاحقة القائمين على عمليات اقتحام ساحات التظاهر وقتل المحتجين. الامر الذي يتطلب موقفا واضحا وحاسما من طرف الرئاسة .

  • في 3 شباط 2020 صدر بيان عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، جاء فيه “إن المعيار الأساسي الذي يحدد الموقف من أي مرشح لرئاسة الوزراء اليوم، هو مدى جدارته وقدرته على قيادة عملية إنجاز المهام الموكلة إلى الحكومة الانتقالية، وأهمها التهيئة لانتخابات مبكرة حرة ونزيهة في أقرب وقت، إلى جانب الكشف عن المتسببين في قتل وقمع المتظاهرين ومحاسبتهم قضائيا، وتحريك ملفات حيتان الفساد وإحالتهم إلى القضاء. ولا يمكن أن تنهض بمثل هذه المهام، إلا حكومة تتشكل بعيداً عن المحاصصة وعن وصاية الكتل المتنفذة، وتمتلك الشجاعة والقدرة على اتخاذ قراراتها باستقلالية ووفقا للمصلحة الوطنية العليا، وتحظى بثقة ودعم الجماهير المنتفضة”.
  • في 6-2-2020 اصدر المكتب السياسي تصريحاً بعنوان “لا لقمع الانتفاضة وسفك الدماء الطاهرة” حول الاعتداء على المتظاهرين في مدينة النجف، جاء فيه:

“انه لأمر باطل ولاقانوني ومرفوض كلياً، ان تأخذ مجاميع مسلحة او غير مسلحة على عاتقها ما يسمى بتطهير الساحات من المخربين والمندسين. فاذا كان لمثل هؤلاء وجود فعلي، فان أمر ملاحقتهم وتنظيف ساحات الاحتجاج منهم هو واجب حصري للدولة ومؤسساتها وأجهزتها المختصة، وفقا للدستور والقانون. تماما كما هو الحال بالنسبة الى السلاح، الذي بُحت الاصوات وهي تطالب بحصره بيد الدولة”.

  • في 25-2-2020 كتب المحرر السياسي لـ “طريق الشعب” يقول “ان ما بين شباط 2011 وشباط 2020 مرورا بشباط 2015، أكثر من وشيجة وآصرة، بل ان الانطلاقة الجديدة في الأول من تشرين الأول ٢٠١٩ رفعت العديد من شعارات المحتجين الاوائل ومطالبهم، التي ظلت من دون استجابة، فيما واصل المتنفذون إلحاق الأذى بالشعب، ودفع الأوضاع الى مزالق خطرة مفتوحة على كافة الاحتمالات السيئة”.
  • في 5-3-2020 صدر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بيان شدد على ان “المهمة الملحة اليوم هي تشكيل حكومة وطنية جديدة مؤقتة ومصغرة، من دون ابطاء ومماطلة وبعيدا عن نهج المحاصصة واخطبوط الفساد، بما يقي العراق من المزالق الخطرة الناجمة عن الاستعصاء السياسي والتدخلات الخارجية، وبما يضمن تداولا دستوريا وسلميا للسلطة، يضع في الاعتبار الحقائق الجديدة التي أفرزتها الانتفاضة”.
  • في مناسبة حلول الذكرى الـ 86 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي اجرى المركز الاعلامي للحزب حواراً شاملاً مع سكرتير الحزب الرفيق رائد فهمي، كان مما قاله فيه:

“من الواضح أن القوى المتنفذة تخشى الانتخابات المبكرة، خاصة اذا جرت في ظروف تضمن درجة معينة من العدالة والنزاهة، لأن ذلك معناه احداث تغيير في اللوحة السياسية، وإعاقة إعادة انتاج نفوذهم وتمثيلهم الحالي.

وقد جاء مطلب اجراء الانتخابات المبكرة كأحد مطالب الحركة الاحتجاجية من أجل تغيير المنظومة الحاكمة، وفي حالة عدم اجراء الإنتخابات بسبب المماطلة والتسويف من قبل المتنفذين الذي يتحججون اليوم بالأزمة الاقتصادية وانتشار فيروس كورونا، فان هذا يدل على ان عناصر الازمة ما زالت موجودة.

ان من مستلزمات قيادة الانتفاضة ان تتنبه الى تكتيكات الجهات المقابلة، ومتى تتقدم ، ومتى تضغط، ومتى تعمل على تحشيد هذا الاحتياطي الكبير، وكيف؟

حينما نقول إن علينا الخروج من المحاصصة، فهذه ليست رغبة ذاتية، وليست مشروعا خاصا بحزب معين. فنحن نؤكد أن نهج المحاصصة بعد هذه السنوات التي مرت على العراق منذ ٢٠٠٣، ثبت عجزه عن تأمين الخدمات والاستقرار الحقيقي في البلاد، وأنه غير قادر على تحقيق استقلالية القرار السياسي العراقي، وغيرهذا من الامور التي انعكست بشكل ازمات متواصلة، اخذت الآن تشتد.

إذاً، فمغادرة هذا النهج وتجاوزه أصبحا قضية مطروحة يقر بها حتى أقطاب المحاصصة، وفي الوقت الحالي لا نجد في البلاد أي  سياسي يدافع عن المحاصصة”.

  • في ١٨ أيار ٢٠٢٠ أصدرت محلية الديوانية للحزب الشيوعي بياناً استنكرت فيه اعتقال مجموعة من المنتفضين، وقالت المحلية في بيانها: “عادت الاعتقالات والملاحقات من جديد حيث اعتقل جهاز الامن الوطني اليوم أربعة من الناشطين بينهم المحاميان حسن المياحي ومصطفى جبير اثناء مراجعتهما لمحكمة الديوانية وتم ايداعهما السجن بحجة وجود دعاوى سابقة سجلت ضدهم بصوره كيدية للنيل منهم ولأسباب مجهولة”.
  • ودعت محلية النجف في ٩ حزيران ٢٠٢٠ الى الاستجابة السريعة لمطالب الجماهير، وقالت المحلية في بيانها:” بعد ما شهدته ساحة احتجاج النجف من أحداث مؤسفة سقطت فيها دماء عزيزة علينا كان من الواجب حفظها، نؤكد مواقفنا السابقة، وندعو الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية والقوات الأمنية بكل صنوفها للاستجابة السريعة لمطالب الجماهير واحترام حقوق الإنسان بحق التظاهر السلمي وعدم استخدام الرصاص الحي والاستهداف المباشر للمتظاهرين، ونحذر من محاولات التسويف والمماطلة والمراهنة على الوقت لبقاء الحال على ما هو عليه”.
  • ودان المكتب السياسي للحزب ببيان أصدره في ٢٠ آب ٢٠٢٠ حملة الاغتيالات والتقتيل، وجاء في البيان “اننا إذ ندين جرائم الاغتيال والتصفيات الجسدية والخطف والتغييب القسري، وإذ نتضامن مع عوائل الضحايا ونجدد دعمنا للحركة الاحتجاجية السلمية وتأكيد مشاركتنا فيها، نشدد على ان الوقت حان لتصاعد الأصوات الرافضة والمستنكرة لهذه الأساليب المنافية لكل الأعراف والتقاليد الدستورية والديمقراطية، ولاعلان ذلك بوضوح كي يطلع شعبنا على حقيقة مواقف مختلف القوى والكتل السياسية، وكي لا يخلط البعض الأوراق من جديد”.
  • ونشرت طريق الشعب في 24 آب 2020 افتتاحية بعنوان الحزب الشيوعي العراقي وانتفاضة تشرين والحركة الاحتجاجية، جاء فيها “لا يتحدد موقف حزبنا الشيوعي من الحراك الاجتماعي والسياسي الاحتجاجي، باشكاله المتنوعة من وقفات وتظاهرات سلمية مرورا بالاعتصامات ووصولا إلى الانتفاضة الشعبية، وفقا لردود الفعل والاجتهادات الظرفية، وإنما يستند إلى مرتكزات مبدئية فكرية وسياسية راسخة، وإلى قراءة وتحليل دقيقين للأزمة البنيوية المتفاقمة لمنظومة الحكم، القائمة على المحاصصة الطائفية والقومية، حاضنة الفساد وخراب الدولة، ولسبل الخلاص منها والانطلاق نحو دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، المدنية الديمقراطية، والتي يضطلع فيها الضغط الجماهيري والحراك الاجتماعي والسياسي، بدور رئيس في تحقيق إرادة التغيير لمنظومة المحاصصة والفساد”.
  • وجدد الحزب انحيازه للانتفاضة في بيان اللجنة المركزية للحزب بمناسبة الذكرى الأولى لانتفاضة تشرين الذي نشر في 26 أيلول 2020 تحت عنوان “الى العمل المثابر لتحقيق اهداف الانتفاضة كاملة” وادنناه جزء مما جاء فيه “ان حزبنا الشيوعي العراقي اذ يحيي مع أبناء شعبنا ذكرى انتفاضة تشرين، ويمجد شهداءها وتضحياتهم ويتضامن مع عوائلهم، ويتمنى الشفاء العاجل للجرحى والمصابين، يجدد انحيازه الكامل الى أبناء شعبنا والمنتفضين ومطالبهم العادلة، ويقف معهم مساندا وداعما ومشاركا في حراكهم السلمي، من اجل دحر منظومة المحاصصة والفساد، وإحداث التغيير المنشود بفرض إرادة الشعب، والسير معا نحو غد افضل، غد وضّاء آت لا ريب”.
  • وفي 29 تشرين الثاني 2020 اصدر المكتب السياسي للحزب بياناً حمل عنوان “كفى ملاحقة وتقتيلا للناشطين والمحتجين” وجاء فيه “حصلت ملاحقات واعتداءات واغتيالات بحق الناشطين في الحركات الاحتجاجية وفي اوساط الرأي العام، وإحراق لخيم المعتصمين في ساحات الاحتجاج والتظاهر، وإقدام مجاميع معينة، مسلحة في الغالب، على مصادرة القانون وفرض نفسها بديلا للدولة بصلاحياتها الحصرية، وهو ما حدث في الناصرية والكوت وبغداد” وجاء في البيان “ومن غير الممكن هنا الجمع بين الدعوة الى تعزيز هيبة الدولة ومؤسساتها الامنية والقضائية من جانب، والقيام بما يعد تعديا وتجاوزا صارخا على هذه الهيبة من جانب آخر”.
  • في 23 أيار 2021 دعا الحزب الى المشاركة الفاعلة في احتجاجات 25 أيار من العام نفسه، وقال سكرتير الحزب في صفحته على فيس بوك “ يهدف حراك 25 أيار ايضا لمطالبة الحكومة والسلطات المختلفة للدولة، بتوفير بقية الشروط والمتطلبات المعروفة للانتخابات الحرة النزيهة والشفافة، والتي بدونها لا يتحقق الدور المرتجى من الانتخابات المبكرة كرافعة للتغيير المنشود”.
  • في اليوم التالي لاحتجاجات 25 أيار وبعد القمع الدموي ضد المحتجين في بغداد اصدر المكتب السياسي بياناً، جاء فيه “ إن رد فعل الحكومة لم يختلف عن أمثاله في حالات القتل والاغتيال السابقة: تشكيل لجنة تحقيقية للكشف عن الجناة. فاذا تم تشخيص هؤلاء فسوف لن يجري الإعلان عنهم وإنزال حكم القانون بهم، وذلك للأسباب ذاتها التي حالت دون الكشف عن مرتكبي الكثير من العمليات الاجرامية السابقة. وإن ما حدث أمس لا يعفي القائد العام للقوات المسلحة وأجهزته من المسؤولية، حتى وإن ثبت عدم صدور أوامر بإطلاق النار من القيادات العليا للأجهزة الأمنية، باعتبارها المسؤولة عن ضمان أمن التظاهرات، مثلما تعتبر شريكة في الجريمة إذا ما تسترت على الجناة”.
  • ولا بد من الإشارة هنا الى ان هذا التقرير قد اختصر كثيراً في الإشارة الى مواقف الحزب الشيوعي العراقي ومنظماته في الداخل والخارج التي بينت بوضوح وقوفه الى جانب انتفاضة الشعب.

*************

الصفحة الحادية عشر

صور لا تنسى من أيام الانتفاضة

اعداد: محمد الكحط

شهدت ساحات النضال المختلفة خلال انتفاضة تشرين، العديد من النشاطات الثقافية في كافة المجالات، كالرسم، والشعر والخطابة والمسرح والغناء، وغيرها من الفعاليات التي أعطت للانتفاضة وجهها الجميل، وأبرزتها برونق خاص، بعيداً عن الطائفية والعنصرية، بل خلقت أجواءً وطنية وتلاحما مصيريا بين مكونات شعبنا، وقد تجسد ذلك بعدة صور.

كانت ساحة التحرير في بغداد عبارة عن ساحة مهرجان كبير، تؤمه العوائل من كل أطياف العراق، وأصبحت مزارا للجميع، وكان أمل الأطفال والنساء والشابات والشباب هو الوجود هناك وحضور تلك الفعاليات في هذا المهرجان النضالي العظيم لأبناء شعبنا، الذين جسدوا صورا من التحدي والنضال الشجاع النادر.

لم يكن الطريق سهلاً، لكن شباب الانتفاضة كانوا مستعدين للتضحية من أجل التغيير، فقد عبروا عن بطولة وشجاعة نادرين، وقدموا أرواحهم فداءً لأهداف الانتفاضة، ورغم ما مرت بها الانتفاضة من ظروف أدت إلى انحسارها، لكن جذوتها وعنفوانها وأسباب انطلاقها لا زالت قائمة.

لقد كان للمسرح نصيبه ليرسم صورة راقية لتلاحم أبناء شعبنا ونضاله المجيد، ففي ساحة التحرير حيث كانت انتفاضة تشرين مستمرة، عبر شباب الانتفاضة عن وعي عال، فكانت هناك مكتبة للقراءة والجلسات والخطابات والندوات السياسية بالإضافة إلى النشاطات الثقافية بأنواعها، التي غدت من عناصر وروح المنتفضين الحالمين بوطن المواطنة، بلد بدون فساد، وطن يزخر بالجمال والفن. فكان المسرح أحد الوسائل لطرح الأفكار وإيصالها للناس وتثقيف الجمهور، وكانت هنالك باستمرار أعمال فنية مسرحية أو مشاهد قصيرة معبرة، ساهم في تقديمها فنانون محترفون وهواة وشباب يقفون ليمثلوا لأول مرة في حياتهم، وبرزت طاقات فنية جديدة نالت الاعجاب.

في ساحة التحرير ببغداد كانت هنالك خيمة للفنانين تجرى فيها البروفات والتحضيرات لأعمال مسرحية توضح أهداف انتفاضة تشرين السلمية.

فتم تقديم العديد من الأعمال التي كان لها دور في تنوير الشباب ورفع معنوياتهم. منها مسرحية (مطبَّرة) التي جسدت يوميات المواطن العراقي المنتفض، حاكت المآسي التي مر بها الشعب العراقي، ساهم في العمل الفنان إسماعيل العباسي من محافظة ديالى الذي قال حينها “لجأنا إلى مسرح التحرير لأنه أصبح الوسيلة الأمثل للتعبير”.

وأيضا قدم المخرج علي عصام مشاهد يومية من الانتفاضة، وقال عصام وهو من البصرة، إن “الثورة تتجسد أيضا في المسرح والسينما والقراءة والرسم”، وكان عمله مثار أعجاب الجمهور الذي تجمع ليشاهد عرضا يمثل حادثة إطلاق نار وقنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، وجسد حالات الرعب التي عاشها المنتفضون.

وهناك من الأعمال ما قدم تحت جدارية جواد سليم من قبل بعض الشباب النشطاء، حيث قدموا عملاً فنياً نال أعجاب الجمهور.

الأعمال المسرحية التي قدمت في بغداد كثيرة ومن الصعب حصرها، بالإضافة إلى الأعمال التي قدمت في أماكن الاحتجاجات في المحافظات المنتفضة الأخرى، منها عرض مسرحي بعنوان (إلى أين؟) برعاية مركز بابليات لتمكين المرأة، نظمه شباب متطوعون في ساحات الاعتصام في بابل يوم 16 كانون الأول حول حرية التعبير وضد الطائفية وتأكيد سلمية التظاهرات. كما قدم شباب معتصمون مسرحية في ساحة اعتصام البصرة على مسرح شارع حسن حنتوش. وشهدت ساحة الحبوبي في الناصرية تقديم العديد من العروض المسرحية منها عمل يوم 13 ديسمبر 2019 يجسد “مجزرة الناصرية” التي ارتكبتها القوات الأمنية ضد المتظاهرين، قرب جسر الزيتون وراح ضحيتها العديد من الشهداء ومئات الجرحى.

جميع أعمال الفنانين التي قدمت كانت تهدف لنشر الوعي من أجل عراق خالٍ من التمييز والطائفية، وتكون فيه الهوية الوطنية هي الأساس، ونشر مفاهيم الجمال والحب والسلام.

ومن الفعاليات الثقافية المهمة هي الجلسة الحوارية التي نظمتها مجلة “الثقافة الجديدة”، تحت نصب الحرية، حول “المثقف وانتفاضة تشرين” والتي احتضنتها “الخيمة العراقية حيث شاركت فيها مجموعة من المثقفين والأكاديميين والناشطين من الشابات والشباب، وتركزت النقاشات التي دارت خلال الجلسة، على محورين أساسيين، الأول يتمثل في توصيف المثقفين الشباب لما يحصل في العراق من حراك احتجاجي منذ يوم الأول تشرين الأول، وما يتعلق بطبيعة الحدث وقواه الدافعة وآلياته المحركة من وجهة نظرهم، فيما يدور المحور الثاني حول أبرز الشعارات المطلوب رفعها في هذه المرحلة، والأهداف التي تسعى الجماهير إلى تحقيقها.

وكشفت النقاشات عن آراء مختلفة. فقد أشار أحد الشباب إلى أن الجيل الشاب الذي خرج في التظاهرات، طالب في البداية بالتعيين وتوفير الخدمات، لكن تلك المطالب سرعان ما تحولت إلى مطالب ثورية جذرية.

وتابع قائلا إن الاحتجاجات أشاعت روح العمل الجماعي وكشفت عن الدور الفاعل والمميز للمرأة، لافتا إلى أن اندلاع الاحتجاجات لم يأت صدفة، إنما جاء نتيجة السياسات الخاطئة وسوء إدارة الدولة منذ ٢٠٠٣، ونهج المحاصصة الذي ولّد الفساد، الأمر الذي سبب الاحتقان الجماهيري.

وتحدثت إحدى الشابات الحاضرات عن أحداث الانتفاضة وعن مساهمة المرأة فيها، مبينة أن “ما حصل قد نسميه انتفاضة أو ثورة، لكنه بشكل عام رفض لسياسة النظام القائم منذ 2003 حتى الآن”.

وتابعت قائلة إن “انتفاضتنا تحمل معارضتها للسياسات الخاطئة التي اتبعت لسنوات طويلة، وأنها (الانتفاضة) بدأت بمطالب شعبية محددة، لكنها تطورت إلى مطالب أوسع”.

وانتهت الشابة إلى القول إن “مفهوم الثورات ربما يحمل مضمون العنف، لكن الحركة الاحتجاجية العراقية سلمية، ومساهمة المرأة فيها لها أبعاد حضارية”، مؤكدة “اننا نريد أن يعبر المواطن عن رأيه بحرية، ولا نريد نظاما دكتاتوريا جديدا”.

وقدمت شابة أخرى من بين الحاضرين رؤاها حول انتفاضة تشرين، موضحة أن “المحتجين يقفون اليوم بوجه الحكومة بعد أن أهملت شريحة الشباب التي تشكل نسبة كبيرة من المجتمع، وانه بسبب ذلك الإهمال ونظرا لغياب العدالة الاجتماعية، فقد فقدنا احساس الانتماء للوطن”.

وتابعت قائلة، ان “الانتفاضة جعلتنا نشعر بمواطنتنا”.

شاب آخر من الحاضرين اتفق مع حديث الشابة التي سبقته، مشيرا إلى انه “منذ بداية الانتفاضة شعرت بوطنيتي التي فقدتها. فقد وجدنا العراق هنا في ساحة التحرير.. نحن موحدون اليوم، والكل يجمعه الحس الوطني العام الذي انتعش بهذه الهبة الجماهيرية”.

واضاف قائلاً انه “لا بد من اسقاط هذه الحكومة وتشكيل حكومة جديدة باختيار مستقلين وطنيين كفوءين.. انها ثورة أمل أعادتنا إلى الطريق الصحيح بعد أن وصلنا إلى مرحلة فقدنا فيها الأمل”.

ورأى أحد الشباب الحاضرين أن انتفاضة تشرين عكست ثورة معلومات، وثورة ثقافة، وإنها نمت وكبرت على مدى السنوات الماضية، مشيرا إلى أن المطالب البسيطة بدأت تتحول إلى مطلب “أريد وطنا”.

وقال شاب آخر أن الانتفاضة اندلعت في البداية نتيجة الفقر والبطالة وغياب الخدمات، لكنها “وبعد أن استهزأت الحكومة بالجماهير واعتدت عليهم”، التهبت مشاعر الناس، فنزل الشباب حاملين شعاري “نازل آخذ حقي” و”اريد وطنا”.

إحدى السيدات الحاضرات تحدثت عن التظاهرات بوصفها انبثقت من وعي الشباب، وجاءت نتيجة تراكمات على مدى السنوات الماضية، مبينة أن التظاهرات بدأت منذ عام 2011، وانطلقت أيضا في العام 2015 وكان للمثقف دور فيها، لكنها تأجلت وقتها بسبب الحرب ضد الإرهاب.

وتابعت قائلة أن “التراكمات بقيت تزداد لدى الشباب بفعل استمرار التهميش، واليوم كسر حاجز الخوف، وخرج الشباب للمطالبة بالتغيير الجذري”.

وألقت السيدة الضوء على بعض المكاسب التي حققتها الانتفاضة حتى اليوم، ومن أبرزها استعادة الهوية الوطنية.

واضافت متحدثة عن دور المرأة في انتفاضة تشرين، وعن صوتها الثوري الذي غيب خلال السنوات الماضية، وحضرت اليوم لتكون إلى جانب صوت الرجل، مؤكدة سلمية الاحتجاجات، وعدم تسجيلها أي حالة اعتداء او مخالفات.

هذه صور بسيطة عن ذلك المهرجان، حيث كانت ساحة التحرير تمتليء كل يوم بالجماهير الذين يتوزعون على نشاطات الخيم المختلفة، ناهيك عمن يقوم بالطبخ واعداد الطعام وعجن وإعداد الخبز، ومثلهم لاعداد الشاي. وكان للشابات والنساء دور مميز، فهن المسعفات والممرضات والطبيبات، ومنهن من تقوم بالطبخ والتنظيف وحتى غسل الملابس بالغسالات التي تم وضعها قرب الساحة وربطت بالكهرباء من المحلات المجاورة، وبينهن من قدمن القصائد والخطابات ضد سلطة الفساد غير هيابات، وسقط منهن شهيدات وجريحات.

لهن ولكل الشهداء المجد والخلود، ولكل أبناء الانتفاضة الشجعان الحياة الكريمة وتحقيق الأماني والأهداف السامية للانتفاضة.

 **********************************

متاهات في ساحة التحرير

ناصر الثعالبي

1

اقترب من زحام الدخان

انحنى ليلتقط بقعة دم تتنفس

أغرقه الغاز بطوفان محبة

2

في الأشياء المتناثرة في ساحة التحرير

ينبعث صوت الوجود

فيهرب الطابور الخامس

فزعا من هذا الإصرار

3

ينحني المسعف متواضعاً

ليرتب الأجساد المتناثرة  في العيون

لكنه سار ضاحكا ...

إنهم لا ينهزمون!

4

في الزوايا المظلمة

يختبئ  القناص بقناعه

وحين تستيقظ الحجارة

يصرخ

إنهم ليسوا سلميين

5

القدور المتحدية

مسحت أسنان الجوع

فوجدتها سوداء

فبكت بخاراً

6

حين فشل الطابور الخامس

سخرت  منه مهمته

شكا للسفلة الذين وعدوه بالعون

فصاحوا أغلقوا الهواء

إنهم يتنفسون

7

الأعلام تجوب الساحة فرحاً

لقد أطلق سراح رفيفها

فتشتتت غيوم الغاز

8

لا تقف .. قال رفيقي

وتحرك حاملني باتجاه الموت

9

اليد التي أطلقت الغاز

هربت مسرعة إلى الماء

بأصابع محترقة

فرفض مصافحتها

 ******************************

الصفحة الثالثة عشر

قصائد من «ملحمة التكتك» للشاعر يحيى السماوي

ذهول

يا للذهول!

كلما اغتال الفاشيون الجدد شجرة

نبت مكانها

بستان باتساع وطن

مثقل الاشجار بعناقيد

الارادة!

مدينة الناصرية

ايها الآتون

من مستنقع العُهر السياسي

وكهف الهمجية

قبلكم أسرف في القتل وفي

التدمير (هولاكو)

ليُعلي في الفراتين

عروش الوثنية

فاشربوا نخب انتصار الوحش في

الحرب.

ولكن

ستُزالون وتبقى “الناصرية”.

فغداً

لا بد ان يهزم جيش القمع

تابوت الضحية

الأشعر منا جميعاً

نحن. الشعراء. جميعنا

نكتب قصائدنا بالحبر

الا فتيةُ وشباب ساحة التحرير

فإنهم يكتبونها

بدمائهم..

لذا فهم الأشعر

منا جميعاً

*

المعلقاتُ ليست سبعاً..

انها ثمان..

*

سبع

عُلِقن على جدران الكعبة

والثامنة

عُلِقت على جبل أُحد الثورة

في المطعم التركي

العبيد

يا ساسة الصدفة

قد شوهتم الحياة في عراقنا

الجميل

والزُبر والتوراة والقرآن

والإنجيل

فويلكم

من غضب الشعب اذا استفزه

الفاسد

والسارق والعميل

جميعكم

“ابرهةُ الضليل”

لن تُرعبوا شباب هذا العصر

بالجندِ

ولا بـ “الفيل”

فكلهم طيرُ “أبابيل”

وصخرُ عزمِهم “سِجيل”

 

لست مع الحياد

حين تكون الحرب بين النور

والظلام

بين الذئب والغزال

ام بين المناضلين والجلاد

لست مع الحياد

في ثورة الجياع ضد سارقي رغيفهم

وموقدي حرائق الفتنة في

بغداد

فواصلوا ثورتكم

يا حاملي بشارة السنبل للصحراء

والرحيق للأوراد

ومُسرجي شمس المسرات

على البلاد

غداً تقُصُ مجدكم في كتب الخلود

“شهرزاد”

هتاف

هتف الحُر العراقي

بوجه القاتل النذل

المُلثم

سدِدِ الطلقة نحو

الثائر الاعزل

نفذ امر مولاك بدَكِ “المطعم التركي”

واستأصل غيارى ساحة التحرير

والأبرار عند الجسر

او

“باب المعظم”

ربما تسقطني أرضاً

ولكن

ان تنالوا قِمتي

لو

ألف سُلّم

 ************************

التشكيل العراقي وفعل الاحتجاج الراهن

د. جواد الزيدي 

بعد مرور عامين على الاحتجاج المطلبي للقوى الشعبية والوطنية التي يتقدمها الشباب يمكننا قراءة المشهد بمجمل تجلياته بشكل تأملي مختلف بعيدا عن التشويش الذي يرافق محطاته الأولى.

لقد أضحت المتغيرات واضحة أزاء هذا الحراك ومعروفة لدى الجميع ويمكن الحكم عليها سلبا أو ايجابا. ومن خلال هذا الفهم يمكن رصد مواءمة حركة التشكيل لفعل الاحتجاج منذ لحظته الأولى، بفعل عوامل متعددة يقع في مقدمتها (الانتماء الاجتماعي) بمفهومه العمري كون هؤلاء المحتجين أغلبهم من الشباب والطلبة وفيهم من الفنانين الكثير، مما برر لحاجة هذا الفعل الى اعلام مرافق يتجاوز الاعلام التقليدي الذي يعرض في شبكات التواصل الاجتماعي وبعض القنوات المتضامنة وابراز مناطق القوة في ثورة تشرين امام القنوات الحزبية التي تريد النيل من هذه الحركة لتبرير وجودها على المشهد السياسي العراقي.

هناك عوامل أخرى كانت تشي بأشياء ناتجة عن الارث التراكمي للفعل الاحتجاجي ورمزية المكان (ساحة التحرير) ونصبها الخالد (نصب الحرية)، اذ كانت هذه الرمزية دافعا كبيرا أسهم في دفع التواصل الفني والاسراع في انجاز الكثير من المعطيات، اولها فكرة الاحتجاج والنزوع نحو الحرية وتحطيم القيود والخلاص منها، بوصفها ثيمة رئيسية في نصب الحرية، بما انتج صورا واقعية تحت النصب شكلتها صور المحتجين مقارنة بالصورة المتخيلة لفنان النصب (جواد سليم). وهكذا كانت المناطق القريبة من النصب ملاذا لهؤلاء الفنانين بمختلف مستوياتهم وأداءهم الفني للتعبير عن تلك التجربة التي ترتبط بحركة الاحتجاج العراقي والعالمي في مختلف ازمنتها. بيد أن معطيات المرحلة وتطور انساق الاحتجاج جاءت بالجديد، بدءا من استثمار رمزية النصب الموجودة في بغداد أولا مثل (نصب الحرية، ونصب الشهيد والسجين السياسي، والامومة ) وغيرها من النصب ذات المعطى المرتبط بفعالية الثورة والتضحيات التي تقدم على طريقها من اجل الحرية.

وهكذا كانت اللحظة الأولى هي التعبير عن التضامن وتثوير شعارات المرحلة بشكل عفوي على تلك الجدران الكونكريتية في المناطق المجاورة لساحة التحرير مثل نفق التحرير والمطعم التركي وغيرها. وسرعان ما تطور هذا الفعل الجمالي في بنيته التحريضية والتهكمية من قوى السلطة وتشبث المحتجين بمقاصدهم النبيلة، وأزاء تطور الأحداث على الأرض تطور الفعل الفني الموازي. فبعد سقوط الشهداء واستخدام آلة العنف تغيرت معادلة الفن بعد دخول اطراف متعددة على المعادلة من فنانين محترفين واساتذة فن مما جعل هذه الخطوة تسير نحو مثابات تأملية جديدة تتجاوز التعبير الفطري للظاهرة وتحفر في مرجعيات (الفن الكرافيتي) وتأريخه الاحتجاجي الطويل وموضوعاته المعروفة. غير أن اللحظة العراقية الراهنة استطاعت أن تؤسس لفن محلي ينتمي الى جوهر هذا الفن من خلال ظلال الهوية الوطنية التي اصطبغت بها تلك الأعمال الفنية بفعل الدلالة المحلية القائمة على البنية المكانية المحددة (بنيتي الزمان والمكان - بغداد 2019) ، فضلا عن رمزية المكان (نصب الحرية، المطعم التركي) واستحضار مرمزات عراقية قديمة ومعاصرة في الأعمال الفنية مثل (نصب الشهيد واسد بابل، والثور المجنح) وغيرها من المفردات الشعبية التي عجت بها كتابات نفق التحرير والأماكن المجاور، فضلا عن اسماء الشهداء الذين سقطوا في هذه الرقعة المكانية، لتصبح تلك الأسماء وردة كبيرة بالخط السنبلي بلون الذهب على جدار النفق.

وبتطور حالة الاحتجاج وتعدد اساليب القمع واستمراره في الوقت نفسه تجلت عبر ذلك ايقونات معمارية وانسانية اندمجت مع التأملات الفنية وأضحت جزءا مهما منها، اذ تردد كثيرا ما يدعى جبل أحد اشارة الى صمود الشباب في المطعم التركي، او ايقونة الشهادة (صفاء السراي) الذي تناوله العديد من الفنانين في اعمالهم على مستوى الترميز او المستوى المباشر برسم الصورة الايقونية الواقعية.

وبدخول عناصر جديدة الى ساحة الاحتجاج تم توظيفها في العمل الفني لتصبح مفردة تضاف الى المفردات المعبرة عن روح الاحتجاج وجوهره مثل عجلة النقل (التك تك)  مما جعل اثرها يستمر بعد تقويض زخم الاحتجاج لتنتقل الى المسرح او خطاب التشكيل العراقي خارج مناطق الاحتجاج االفعلي. وقد ذهب فنانون اخرون الى المزاوجة بين الأثر القديم والحديث في لحظة تجلٍ واحدة تؤشر للارتباط الحاصل في التاريخ العراقي بمختلف مراحله، ومحاولة استدراج الرمز الشعبي الى مناطق التوصلات الجمالية المتعالية كما فعلت جمعية التشكيليين العراقيين في سمبوزيوم للرسم عام 2019 بعد استمرار الفعل الاحتجاجي، فضلا عن انتقال هذه الممارسة الرافضة لقمع السلطة الحاكمة الى اماكن اخرى من العاصمة ومدن أخرى تبدت بشكل كبير في محافظات (البصرة، النجف، كربلاء، بابل، الناصرية) من خلال الالتفات الى اهمية الفن المنتج وتبني اللحظة التاريخية الراهنة انطلاقا من قناعة تدعو الى تكاملية الفعل الاحتجاجي الرافض للممارسات القمعية وشرعنة الفساد والعمل الفني من جهة ثانية. وتكون اللوحة بهذه الحالة وثيقة ادانة ورفض ومدونة تاريخية تشي بما حدث.

ولكن بعد تقويض فعالية الاحتجاج بالطرق المعروفة للجميع توقفت المجريات الفنية المرافقة أيضا، الا ان الكثير من الدراسات والبحوث الآن تشير الى هذه الظاهرة المختلفة والتي أضحت اضافة نوعية لمشهدية التشكيل العراقي لم تكن موجودة سابقا، تمكنت من تثوير المفردة التهكمية على الرغم من القسوة وتفعيل الصلة بين الفن والممارسة الاحتجاجية كونها تجاوزت الفعل الفرداني الى الظاهرة الجمعية التي يتم فحصها باستمرار.

*****************************************

الصفحة الرابعة عشر

الجاليات العراقية تتضامن مع الانتفاضة

حظي منتفضو تشرين الأول 2019 بتضامن متعدد الأشكال من قبل بنات وأبناء الجالية العراقية خارج الوطن، المدن والعواصم في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلاندا وبريطانيا وأوربا شهدت فعاليات تضامنية عديدة أكدت إسناد العراقيين في الخارج ودعمهم لمنتفضي تشرين على امتداد شهور اندلاع الانتفاضة.

طريق الشعب رصدت عددا من هذه الفعاليات التي جرت خلال شهر تشرين الأول 2019.

مشيكان

في مشيكان زار يوم 3 تشرين الأول 2019 وفد ضم عددا كبيرا من منظمات وتجمعات الجالية العراقية العاملة في ولاية مشيكان الامريكية القنصل العام لجمهورية العراق في مشيكان السيد عدنان عزارة آل معجون لتقديم رسالة احتجاج حول الأحداث الدموية في الوطن، وأسلوب التعامل مع التظاهرات العراقية السلمية.

استراليا

أصدرت لجنة الدفاع عن حقوق الانسان – استراليا يوم 2 تشرين الأول 2019 بيانا تحت عنوان “ كل الاستنكار لقمع المتظاهرين العزل” جاء فيه: 

 أننا إذ ندين بشدة القمع الوحشي للمتظاهرين نضم صوتنا إلى كل الأخيار في دعوة مجلس النواب إلى جلسة طارئة تستدعي فيها أصحاب القرار وتطالب بإجراءات قضائية صارمة بحق المسؤولين ممن أصدر الاوامر وممن نفذها”.

كذلك طالبت مجموعة من الأطباء العراقيين المقيمين في استراليا في بيان لها يوم 23 /10 بإطلاق سراح الدكتور ميثم الحلو والكشف عن المجرمين الذين قاموا باختطافه وتغييبه وعن من وقف ويقف وراءهم أيا كان موقعهم.

وفي 28/10 شارك ممثلو جمعية الصداقة العراقية الأسترالية في غرب استراليا ومنظمة الحزب الشيوعي العراقي في الوقفة التضامنية مع الاحتجاجات الجماهيرية للشعب العراقي وتشيلي، ظهر يوم 27 تشرين الأول في مدينة پیرث الأسترالية، وخلال الوقفة التضامنية جرت لقاءات مع ممثلي الحزب الشيوعي التشيلي والحزب الشيوعي الإسباني وكذلك مع تحالف الاشتراكيين وحزب الخضر بالإضافة إلى جمعية الصداقة الكوبية الأسترالية، وخلال هذه اللقاءات قام ممثلو الجالية العراقية بعرض آخر تطورات الاحتجاجات.

السويد

وفي مالمو جنوب السويد، تجمعت أعداد كبيرة من العراقيين، في ساحة الخضرة يوم السبت 5 تشرين الأول 2019، بدعوة من جمعية الحياة العراقية المستقلة، وبالتنسيق مع التيار الديمقراطي، للتضامن مع المحتجين العراقيين وما يمر به أبنا شعبنا من معاناة على يد حكومة المحاصصة.

كما بادرت الناشطة المدنية السيدة جنان فرج رئيسة جمعية الحياة للمرأة المستقلة بتوجيه نداء تجمع لكل العراقيين الشرفاء (كونوا معنا)، وذلك يوم الخميس الثالث من تشرين الأول وهي أول تظاهرة تضامنية مع شعبنا، حيث رفعوا الاعلام العراقية وأوقدوا الشموع، وكان من شعاراتها (ساندوا الابطال الذين انتفضوا للقضاء على الفساد).

وفي يوم الجمعة الرابع من تشرين الأول فتحت الجمعية الثقافية العراقية في مالمو أبوابها لبنات وأبناء الجالية العراقية القاطنين في مالمو من أجل إبداء التضامن مع المتظاهرين، حيث تم اشعال الشموع تخليدا واستذكارا للشهداء، والوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواحهم.

وفي يوم السبت الخامس من تشرين الأول تجمعوا من جديد وبأعداد أكبر من النساء والشباب وحتى الأطفال العراقيين الذين كانوا ينتظرون وبحماس، وتم التنسيق وتهيئة الأعلام والصور والشعارات، التي كانت ممزوجة بمشاعر حقيقية بحبهم للوطن  وتضامنهم مع المنتفضين في كل المحافظات العراقية. وكان العلم العراقي مثبتا على سيارات أغلب القادمين، والجميع يهتفون بحياة الشعب العراقي والأبطال الذين يجابهون الموت من أجل تغيير النظام ومحاربة الفساد والمفسدين.

غوتنبرغ

وفي غوتنبيرغ وفي يوم الجمعة 4 تشرين الأول، كانت هنالك وقفة تضامنية مع الحراك الشعبي ضد الطائفية والفساد واستنكارا للقمع الوحشي ضد المتظاهرين. وفي 6 تشرين الأول خرجت أيضاً الجالية العراقية للتضامن مع تظاهرات شعبنا من أجل حياة كريمة، وضد الفساد والمفسدين.

ستوكهولم

أما في العاصمة ستوكهولم فقد نظمت منظمات المجتمع المدني وقفة أمام السفارة العراقية في السويد يوم الاثنين 7/10/2019، لدعم انتفاضة الشباب الشجاعة التي واجهت العنف المفرط بما فيه الرصاص الحي، من قبل قوات الحكومة والمليشيات، ثم قام وفد من الحضور بتقديم مذكرة احتجاج وتضامن موجهة للرئاسات الثلاث إلى السفارة العراقية استلمها السيد اسامة محمد سامي، مستشار السفارة العراقية ونائب السفير العراقي في سفارة الجمهورية العراقية في السويد.

كندا

وفي كندا خرج أبناء الجالية العراقية في معظم مدن وولايات كندا، منها في العاصمة أوتاوا، وتورنتو، ومسيساگا، ووندزر، وكالگري، يوم 5/10/2019 لمساندة انتفاضة الشباب العراقي ضد سلطة الطائفية، والفساد، والمحاصصة، وهم يهتفون بأعلى أصواتهم ضد القتل الجماعي، ووحشية النظام باستخدام الرصاص الحي ضد الشباب المنتفضين.

كما سلَّم وفد من ناشطين عراقيين في كندا، رئيس الوزراء الكندي (جوستن ترودو) شخصياً رسالة احتجاج على جرائم القتل بالرصاص الحي، والاعتقال والتعذيب، والملاحقات، التي تمارسها الحكومة العراقية ضد شبابنا المتظاهرين السلميين المطالبين بأبسط الحقوق، مع صور وبوسترات موثقة تفضح تلك الجرائم، وذلك يوم 18 تشرين الأول 2019.

ألمانيا

في المانيا أصدرت أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات يوم 5 تشرين الأول بيانا تضامنيا من المنتفضين ومما جاء فيه: نحن مجموعة من منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية والشخصيات الديمقراطية الناشطة على الساحة الالمانية نعلن تضامننا وانحيازنا المطلق مع المطالب المشروعة للمحتجين وندين بشدة الممارسات القمعية للأجهزة الامنية والفصائل المسلحة التابعة للأحزاب المتنفذة التي شعرت بخطورة هذه الاحتجاجات الشبابية على مصالحها وكشف فسادها وتبعيتها للأجندة الخارجية.

هولندا

وفي هولندا وأمام مبنى السفارة العراقية في لاهاي، واستجابة لنداء الوطن وتضامنا مع المحتجين، تجمع مئات العراقيين، يوم السبت 5-10-2009 وهم يرفرفون بأعلام الوطن الغالي وبالشعارات المنددة بقمع الحكومة للمظاهرات السلمية.

إيطاليا

وفي روما أرسل عدد من ابناء الجالية العراقية في إيطاليا يوم 7 تشرين الأول مذكرة إلى الرئاسات الثلاث بواسطة السيد سفير جمهورية العراق في إيطاليا السيد أحمد بامرني دعوا فيها إلى الوقف الفوري لكل أشكال القمع والقتل للمتظاهرين من أبناء شعبنا، وطالبت المذكرة بحماية المتظاهرين وهم يستمرون في التعبير عن مظالمهم، ومطالبهم العادلة، باعتبار أن ذلك حق دستوري لا يجوز المساس به.

الدانمارك

وبدعوة من تنسيقية التيار الديمقراطي في الدانمارك تجمع المئات من العراقيات والعراقيين من مختلف القوميات والأديان والمحافظات العراقية يوم الثامن من تشرين الأول، حاملين الأعلام العراقية والشعارات الوطنية، التي تدعو للسلام والتعايش ولرفض العنف والارهاب والفساد، ولوقف الإجراءات القمعية ضد المنتفضين الشباب والتي راح ضحيتها العشرات من الشهداء وألوف الجرحى والمعتقلين.

النرويج

كما أصدر ممثلو الأحزاب والمنظمات المدنية الديمقراطية العراقية العاملة على الساحة النرويجية يوم السابع من تشرين الأول بيانا تضامنيا مع ثوار الانتفاضة طالبوا فيه الحكومة بتوفير الحماية للمتظاهرين وضمان سلامتهم وعدم ترويعهم واستخدام العنف ضدهم والأصغاء لمطالبهم المشروعة والاستجابة لها.

فنلندا

وفي فنلندا صدر في السابع من تشرين الأول بيان عن منظمات وجمعيات وشخصيات عراقية أدان بشدة قمع المتظاهرين، وطالب بمحاسبة القوات التي أطلقت النار على المتظاهرين السلميين العزل وتقديمهم للمحاكم، وتعويض ذوي الشهداء وعلاج الجرحى.

بولونيا

 وفي بولونيا نظمت الجالية العراقية يوم 9/10/ 2019 وقفة احتجاجية أمام سفارة العراق في العاصمة البولونية وارشو تضامنا مع المظاهرات التي انطلقت في عدة مدن عراقية.

وندد المشاركون باستخدام العنف ضد المتظاهرين في العراق، مطالبين الحكومة العراقية بالاستماع إلى مطالب الشعب العراقي المشروعة.

نيوزيلاندا

في نيوزيلندا وبدعوة من منظمات المجتمع المدني العراقية، أُقيمت ندوة جماهيرية يوم 15 تشرين الأول للتضامن مع أبناء شعبنا في العراق وشبابه المنتفض ضد الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمرون بها من فقر وبطالة وانعدام فرص الحياة الكريمة والأمن والاستقرار إلى جانب تدني الخدمات من انعدام الماء الصالح للشرب والكهرباء وتدهور الأوضاع التعليمية والصحية وغيرها.

وشهدت أربع مدن هولندية وبرلين ومشيكان ولندن وفي السويد مدن ستوكهولم ومالمو وغوتنبرغ ولوند، أيام 25/26/27 تشرين الأول 2019 تظاهرات وتجمعات لأبناء الجالية العراقية تضامنا مع أبناء شعبهم المحتجين ضد الفساد وغياب الخدمات، واستنكارا للعنف المفرط الذي استخدم في قمع التظاهرات السلمية الأخيرة في بغداد والمحافظات.

 ************************************

الصفحة الخامسة عشر

انتفاضة تشرين : الاصلاح غير كاف .. التغيير بات ضرورة 

حسين النجار

حين اندلعت انتفاضة تشرين في 2019، لم يكن لدى القوى السياسية الحاكمة تصور واضح عن شعاراتها، أهدافها، قياداتها، دعمها، وسرعان ما انقتلت شرارتها الى عموم الوطن، وحصلت حينذاك على دعم شعبي لا مثيل له في سنوات الاحتجاج السابقة.

وفي أيام الانتفاضة الأولى كان الهدف واضحاً، وهو التغيير، اذ لم يقبل المنتفضون حينها بحلول وسطية او إصلاحات جزئية، كما جرى في شباط 2011 وتموز 2015، حين التفت القوى الفاسدة على مطالب تلك الحركتين الاحتجاجيتين الواسعتين، وبالتالي لم يتحقق الهدف كاملاً، وهنا يأتي الاستنتاج بأن التغيير بات ضرورة.. فالإصلاح لم يعد كافياً.

وفي هذا الاطار ولغرض اثبات الاستنتاج أعلاه لابد من الإشارة اولاً الى ان من يسعى الى التغيير، ومن بينهم الحزب الشيوعي العراقي، فأنهم يعملون على تغيير بنية النظام السياسي، في حين ان الإصلاح يطال وظائفه فقط، وهنا سوف تبقى المنظومة الحاكمة، بعيداً عن محاسبة الشعب، كونها تكيف وضعها مع أي محاولة لإزاحتها والاتيان بالبديل الذي يريد بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان.

ان الصراع في العراق بعد 2003 لا يزال يتمحور حول شكل ومحتوى الدولة، ولكون الازمة الحالية بنوية تمس بناء المنظومة السياسية برمتها، فأن احد ابرز نتائجها الفساد الذي طال جميع مؤسسات النظام وهنا السؤال: كيف يمكن ان نتخلص من هذه الآفة؟ ولا يكاد مجلس يخلو من الحديث عن ذلك.

فقد قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 13-7-2021 ان حادثة مشفى الحسين التعليمي في ذي قار تمثل خللاً بنيوياً في الهيكلية الإدارية للدولة، مؤكداً في ذات الجلسة ان جهود الحكومة في مكافحة الفساد تواجه عرقلة ممنهجة.

وسبق الكاظمي بالحديث عن المشاكل السياسية والأمنية والاقتصادية والفساد رؤساء الوزراء السابقون، وحدد سلفه عبد المهدي 40 ملف فساد قال انه سيعمل عليها قبل الإطاحة به من قبل الجماهير المنتفضة.

اما رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي فقد سمى سنة 2016 عام القضاء على الفساد، واشتكى سلفه نوري المالكي مراراً من تحكم القوى السياسية في القرارات الحكومية واختيار الوزراء والمسؤولين.

وتنقل وسائل الاعلام بشكل يومي أحاديث وتصريحات وبيانات عن قضايا الفساد ومشاكل الامن وأزمة السياسة والنقص الحاد في التشريعات وخراب الدولة بشكل عام.

لمواجهة الفساد الذي هو أحد منتجات نظام المحاصصة بل هو أحد اهم اوجهها ومن خلاله تتفرع المشاكل الاخرى، طرحت القوى المدنية موضوعة التغيير والإصلاح. لكن هناك من التف على هذه الموضوعة عبر تبني إجراءات لا تمس جوهر الازمة، فهناك من يطالب بتحويل النظام الى رئاسي او شبه رئاسي لإصلاح الوضع، واخر يقول لا حل للازمة الا بتشكيل حكومة من التنكنوقراط المستقل،  الى غير ذلك من آراء وأفكار، دون ان يتناولوا نهج الإدارة والحكم، وبنية النظام الذي هو اساس الازمة، وليس طبيعة النظام البرلماني، الذي تتبناه دول متقدمة ومتطوره. فمجلس النواب هو سلطة تشريعية رقابية يمكن لها ان تؤدي دوراً كبيراً في النهوض بالبلد وحل مشاكله، في حال ترك رؤساء الكتل، لاعضائه الحرية، واتيح للكثير منهم فرصة لممارسة دورهم الرقابي والتشريعي. ولو اطلق العنان لمؤسسة النزاهة، لكان الكثير من الفاسدين الآن قابعين في السجون، وكذا الحال بالنسبة الى معالجة القضايا الاقتصادية والأمنية وقطاع التعليم والصحة والبيئة والصناعة والزراعة وغيرها.. جميعها جرى تسخير موازناتها لصالح الأقلية الحاكمة، وأصبحت تدار من قبل مافيات الفساد.

نعم كان هناك مطلب شعبي واسع في احتجاجات شباط 2011 بإصلاح الوضع السياسي، ورفع حينها شعار (الشعب يريد اصلاح النظام) لكن هذا المطلب والموقف كان متقدماً على مواقف القوى السياسية الحاكمة التي عارضت الإصلاح اساساً، وعملت على اطلاق تصريحات رنانة ووعود براقة، في خطة مكشوفة لإسكات الصوت المطالب بالإصلاح، وهنا لم يتغير الحال بعد ركود الحركة الاحتجاجية التي جرى ايقافها بالقوة تارة وبالترغيب والترهيب تارة أخرى، واستخدمت لأجل ذلك شتى الطرق والوسائل.. وامام هذه التحديات، تفاقم الوضع وفتح الباب على مصراعيه للنهب والفساد وتمكنت قوى المحاصصة والفساد من ترسيخ وجودها واستطاعت ان تضع قدماً لها في كل مؤسسات الدولة الصغيرة والكبيرة، ما نتج عنه دولة ضعيفة مفككة، اخترقها تنظيم إرهابي بسهولة، والفساد يعشعش في جميع مفاصلها، والمليشيات تتحكم بالمشهد السياسي، وبرلمانها عاجز عن تشريع قانون دون توافق القيادات السياسية، وهناك موازنات انفجارية ذهبت مع الريح، وشباب عاطل عن العمل، ونسبة الفقر ترتفع الى معدلات غير مسبوقة.. بلد لا يصنع بل يعتمد على الاستيراد ووصل به الحال الى استيراد “ اعواد الثقاب والبخور”، الرز والسكر والزيت والطحين المغشوش فوق هذا، واخيراً كشفت جائحة كورونا عن حجم الخراب الذي نحن فيه، فهل من مزيد بعد على الازمة البنيوية التي تحدث عنها الكاظمي.

لم يعد الحديث هنا، مع هذه الإشارات والدلائل، عن إمكانية اصلاح الوضع المعقد الذي يمر به بلدنا، والإصلاح هنا يأتي بإبقاء ذات النهج والمنظومة مع تكييف وضعها من جديد على امل اجراء تحسينات معينة في إدارة النظام الجديد، فهل فعلاً سيتحسن الوضع؟ وهل ستحل الازمة البنيوية المستعصية من قبل القابضين على السطلة؟

ولم يعد للجماهير المكتوية بنار المحاصصة والفساد صبر، فهبت الجموع الجماهيرية الساعية الى إيجاد حلول للأزمة، رافق ذلك تطور  في الموقف الجماهيري من الازمة العامة المركبة التي يمر بها البلد. ولم تعد التظاهرات الجماهيرية الواسعة ترفع مطالب محددة، بل تحولت الشعارات الى مطالب سياسية رئيسية مثل ( خبز – حرية – دولة مدنية)  في احتجاجات تموز  2015 و ( نريد وطن) في انتفاضة تشرين 2019.  ووصل الحال الى فرض مطلب ( اقالة حكومة عبد المهدي واجراء انتخابات مبكرة عادلة تكون بوابة للتغيير)، وهذا الموقف متأتٍ من التراكم النوعي والحس السياسي لدى هذه الجماهير بأن طغمة الحكم لم يعد بمقدورها ان تدير الأمور بذات النهج السابق، بل انها لا تسعى سوى الى البقاء في السلطة خوفاً من الوقوف خلف قضبان العادلة امام القضاء النزيه.

ان هذا التحول النوعي في صياغة الشعار الاحتجاجي ناجم عن حقيقة واقعية هي ان الشعب لم يعقد يقبل بحكم المحاصصة والفساد، وان التغيير بات مطلوباً بشكل كبير، فبعد 18 عاماً عجافاً، يريد الشعب ان يحصد ثمار التغيير الذي انتظره بعد 35 عام من حكم الدكتاتور المجرم، لذا تجد ان بعض الناس يقارنون سوء الوضع الحالي بسيئات الحكم السابق.

ان احد طرق التغيير هي الانتخابات والتداول السلمي للسلطة، وهذا الطريق لم يعد سالكاً في هذه الفترة نظراً لسيطرة القوى المتنفذة الفاسدة على المشهد البرلماني وبالتالي تجري محاولة إعادة انتاج نفسهم مرة أخرى.

وهذا ما يحتم علينا القول ان التغيير لم يعد شيئاً ترفياً، ولا يمكن العيش في هذا البلد دون ان يتحقق شيء ملموس، وليس هناك من مجال لبقاء طغمة الحكم متحكمة بالمشهد السياسي، بل ان العدالة الاجتماعية ودولة المواطنة يجب ان تسود.

لكن، هل سيأتي التغيير دون وجود برنامج عمل واضح، وتثقيف جماعي، وعمل جماهيري، وخطط مدروسة؟ انه بحاجة الى نضال واسع تراكمي لتحقيق الهدف المنشود.

ولأجل تحقيقه يتوجب على القوى المدنية والديمقراطية والوطنية مع جماهير انتفاضة تشرين وجميع النقابات والفعاليات المهنية الأخرى وفي مقدمتهم الشباب وعوائل شهداء الانتفاضة التوحد بغية العمل على تحقيق الهدف، وترك الخلافات والآراء المسبقة والسير نحو الهدف الحتمي، وهذا لن يكون دون حوار واسع على المشتركات، وتوحيد الأطر التنسيقية والتنظيمية وما اكثرها، وترك كل ما من شأنه ان يعرقل الوصول الى دولة المواطنة والعادلة الاجتماعية، دولة حقوق الانسان والحريات.

لابد من القول هنا، ان هذه القوى حاملة مشروع التغيير، تتحمل مسؤولية تاريخية في إعادة بناء ما خربته آلة النظام الطائفي العفن.

ان شعار التغيير لا يعني هنا بكل الأحوال اسقاط النظام السياسي برمته وتشكيل نظام جديد على انقاضه، العكس تماماً يجب ان يجري، عبر تطبيق البرامج الفعلية الواقعية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والتي تسعى لعيش مواطنيها بكرامة.

هذا المسعى لن يتحقق مع وجود طغمة الحكم الفاسدة، ولن يكون سوى بالنضال الجماهيري الواسع.

 *******************************

دور المرأة العراقية في انتفاضة تشرين المجيدة

عادل عبد الزهرة شبيب

في الأول من تشرين الأول / اكتوبر 2021 تكون قد مرت سنتان على انتفاضة الشعب العراقي التي انطلقت في الأول من تشرين الأول 2019 ضد الظلم والفساد والاستبداد.

 لقد بدأت التظاهرات الاحتجاجية عفوية في بداية الأمر. وهي سلسلة من الاحتجاجات التي اندلعت في معظم المدن العراقية بدءا من فترة ما بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 واستمرت في الأعوام التالية في 2011 و2015 ولغاية اليوم. وسرعان ما تحولت التظاهرات الاحتجاجية إلى الاعتصام واتساع نطاقها ومشاركة اوسع الفئات الاجتماعية فيها مع تحول اهدافها المطلبية المحدودة في بداية الأمر إلى أهداف سياسية عامة متجاوزة بذلك دعوات اصلاح النظام القائم إلى شعار التغيير الجذري والشامل في منظومة الحكم القائمة منذ عام 2003 والمبنية على أساس المحاصصة الطائفية – الاثنية، فتحولت التظاهرات إلى انتفاضة شعبية عارمة.

الملاحظ في انتفاضة اكتوبر مشاركة جميع فئات المجتمع العراقي ومختلف الطوائف، كما لعبت المرأة العراقية دورا قياديا متميزا وغير معتاد في مجتمع يغلب عليه الطابع الذكوري بشكل تقليدي وتتحكم فيه التقاليد العشائرية والدينية كما شهدت ساحات الاحتجاج مشاركة قوية من طلبة الجامعات العراقية من الشابات والشباب. وفي التظاهرات رفعت النساء المشاركات شعار: (اليوم الـگـذلة تسولف ...... خلي عـگـالك للدگـات). وكان هذا الشعار ردا على قمع السلطة والمجتمع والقبيلة للمرأة ويعني ان الكلمة للنساء. فلم تكن المرأة العراقية غائبة عن انتفاضة تشرين 2019 حيث نزلت إلى الشارع والساحات وهتفت وحملت العلم العراقي وطالبت بالحقوق كتفا إلى كتف مع الرجل على الرغم من اعتراض بعض الأحزاب الدينية على الاختلاط بين الجنسين في التظاهرات.

وفي الانتفاضة نالت المرأة العراقية نصيبها من القمع والخطف وحتى القتل. ففي البصرة استشهدت (سارة طالب) التي قتلت مع زوجها حسين في مطلع الاحتجاجات وكانت تهتف ضد الفساد وتقدم الاسعافات الأولية للمتظاهرين الذين يسقطون برصاص السلطة وقنابل الغاز القاتل، واستشهدت سارة بثلاث رصاصات في رأسها من قبل الميليشيات الإيرانية، وكما في كل حادثة سجلت السلطات الجريمة الشنعاء ضد مجهول. كما استشهدت الدكتورة ريهام يعقوب وصديقتها بنيران (مجهولين !!!) ايضا كالعادة. وقد ازداد مسلسل الاغتيالات في البصرة وبغداد والناصرية وبابل والمدن العراقية الباسلة الاخرى والذي يمثل تحديا صريحا للحكومة الجديدة. فهل تستطيع الحكومة الجديدة التي ستشكل بعد انتخابات 10 / 10 / 2021 إيقاف هذا المسلسل ومحاكمة المجرمين؟ والاسراع في تنفيذ الإجراءات التي اعلنتها حكومة الكاظمي بخصوص ملاحقة قتلة المنتفضين السلميين وإطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين حالا والكشف عن المغيبين والمختطفين والاستجابة لكل مطالب المنتفضين المشروعة. أشك بذلك.

في انتفاضة تشرين لوحظ أن الفن عموما كان في خدمة الانتفاضة بكافة اشكاله فقد ساهمت المرأة الفنانة برسم الصور المختلفة المعبرة في ساحات الاحتجاج وفي الأنفاق وغيرها. وكانت الاغنية العراقية في خدمة الانتفاضة حيث قدمت العديد من الأغاني التي تنصر المنتفضين وعن التك تك هذه المركبة الصغيرة التي كانت تخترق حشود المتظاهرين من أجل نقل الجرحى ونقل الغذاء. ومن الأغاني الاخرى للفنانة رحمة رياض احمد التي ذاع صيتها وهي (نازل آخذ حقي) والعديد من الأغاني التي قدمها الفنانون العراقيون لنصرة الانتفاضة. 

كما رفعت العديد من الشعارات فمثلا رفع طلاب المدارس والجامعات: (لا دراسة لا دوام حتى يسقط النظام..)، ورفع شعار آخر في الانتفاضة (يا بو العدس شيل ايدك، هذا الشعب ما يريدك)، وتم رفع شعار ضد إيران ومن يساندها من العراقيين: (إيران بره بره... بغداد تبقى حرة..) و (لا طائفية ولا حصص.. الشعب مو صبره خلص..).

 *********************************

الصفحة السادسة عشر

مقترحات شعرية لقراءة التجسدات

حكاياتهم في الصور

محمد حيّاوي

سرّ

 

ـ ماذا أقول لفاطمة حين تتسلّل خلسة في الفجر كي تعطيك قبلتها؟

ـ وما ادراك أنّها تفعل ذلك يا أبي؟

ـ قلب الأب يا ولدي يعلمه، حتى بتلك الأسرار الصغيرة، ألا تصدّق؟

ـ حسنًا. قل لها لا تبتئس فالمسافة بين عريشة النخل وأبواب السماء اقصر من المسافة بين شفتها السفلى وذلك الوشم على حنكها.

ـ وماذا أقول لأمّك؟

ـ قل لها أنّني صرتُ طيفًا سيحضر كلّما فاحت رائحة الخبز في الصباح، وكلّما خطفت فاطمة خلف سياج القصب.

ريح

ـ ها أنا أفتح لك صدري وريحي وعطري. أيُّها المُعلق في سماوات الوطن.

تعال لأضمك.. تعال لتدخل في جنّتي حيث عبّاد العراق.

ـ هل اقفز منزلقًا على حافّة العلم؟

ـ لا يامجنون! ستموت! أنا العراق الذي سيحتويك كلّما اعتليتَ جبلًا.

ـ وعطركِ؟

ـ سيكتنفك.. لا تقلق.. ألم تتنفسه بعد؟ أنّه عطر العراق.

بياض

ـ أين تمضي؟ فالأفق مدلهمٌ والنّار متقدة!

ـ إلى حيث العراق

ـ انت العراق. ولونه القاني على كتفيك ينسدل. ألا تراه؟

ـ سأكتنف الظلام إذًا. لابدّ من صبح وراء هذه الظلمة والدّخان!

ـ وأسلحتك؟

ـ علم العراق. ألا ترى كم عصي بياضه على الهباب؟

أُمّ

ما زلت نائمًا؟ استيقض فقد أشرق العراق على الصباح

ـ تعبتُ والجرح يؤذيني وأمّي لم تزرني في المنام، هي لم ترني منذ سبع ليال.

ـ أستيقض يا صديقي، هي الآن في نصب الحريَّة. ألم ترها؟

ـ أين؟

ـ هناك. تلك التي تحمل طبق الخير على رأسها!

ـ تقصد تلك التي تتجه نحو الجندي الداحي أبواب السجن؟

ـ نعم بالضبط!

ـ يا إلهي! كيف تكذب عليّ أذن وتقول أنّها لن تأتي إلى ساحة التحرير؟

غد

ـ هل تراه؟

ـ غدنا؟ نعم. أنّه هناك يملأ الأفق عطرًا وأمان

ـ ما لكفك ساخنة يا حبيبي؟

ـ أنّني اتغير، فبعد حين ستنبت هذه الأرض اطفالًا يحملون ملامحنا

ـ هل نفعلها إذن؟

ـ الآن؟ نعم. فقد أصبح الجو نقيًا والقلوب تخفق من حولنا بالحبّ

ـ ومن ذاك السيِّد الجليل يلوح في الأفق يا حبيبي؟

ـ أنّه العراق يدعونا للمحبّة فالثورة محبّة والمحبة وطن والوطن عراق.

دفء

ـ بم تحلمين؟

ـ بطائر حطّ على حافّة الروح.

  آه لو تعلم كم كان قلقًا وجميلًا.

ـ الا تؤلم تلك الحقيبة رأسك الجميل؟

ـ  الحقيبة؟ أبدًا. كما لو كانت من ريش نعام،

   فأنا أنام في حضرة الثوار وحميتهم كاعمق ما يكون النوم.

ـ والبرد؟

ـ ألا ترى؟

  فأنا ملتحفة بعلم العراق! هل هناك دفء ارحم من دفء العراق؟

*************

مجزرة زيتون الناصرية *

علي شبيب ورد

سمت ارواحهم بين النجوم، لأنهم حطموا هالات الخرافة.

دكّوا عراقيل الوصول للنماء. بالوقوف عراةً أمام مدرعات الموت.

تألقوا بين السحب، نوارسَ أمل ممكن، بعد أن فكّكوا شفرات المحال.

حملوا قلوبهم على الاكف، تطلعا لوطن آخر يسع الجميع، وجدير بمحبتهم.

أولئك الكرام العظام، الصغار عمرا، والكبار رؤى ونقاءً وجودا.

شباب تطوقهم الوسامةُ وتغمرهم الكرامة، غادروا مذبوحين بنيران الغل.

لهم يعود الفضل، في توهج جذوة خلاص العراق من قامعيه الشموليين،

وحملة أيديولوجيا الإقصاء والفناء.

كم علينا الانحناء لإيثارهم؟ 

علّمونا الحراك بسلوكٍ وتطلّعٍ مدني.

حرّضونا على إعادة قراء الفائت والراهن والآتي.

أعطونا درسا بليغا في العزيمة والنبل والثبات.

فتية نبلاء رحلوا مغدورين حنقا وجورا..

هم عظماء الناصرية وأخواتها الباذلات،

اللذين غابوا فجأة وبلا مبرر، وبضغطة زناد بن خنا

ضغطة غادرة، نشرت سمّها في حناياهم، فارتعشت أبدانُهم الطرية،

كي تتوقف راسمة لوحة معبرة عن مدى قبح فعل الكراهية،

وهو يطرد أرواحهم، لتغادر لعلياء الطهر والنقاء.

يا لَلعار.. جريمة تخجل منها البشرية، وعمل دنيء،

قام به منتجو الفساد، وأمراء الطوائف، وجبابرة الخيانة،

وسدنة الإرهاب، وميليشيات التطرف بكل اشكالها،

التي عملت على تصدير القسوة الى كل محتجٍ ومواجهٍ ومتمردٍ على منظوماتهم القاتلة.

ستبقى مجزرة الزيتون، وثيقة ادانة لحكومة الأحزاب المتجبرة آنذاك.

وتشكل منطقة مشرقة في سفر الحراك الاحتجاجي التشريني،

الذي سيشهد تحولات جديدة غير متوقعة،

من شانها أن تهدّ مؤسسات تهديد القمع، التي جلبت الويل والدمار لبلاد الرافدين،

وغالت في تخريب حياة العراقيين، وتهديد مستقبل الأجيال القادمة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

* (في يوم الخميس الدامي الموافق 28/ 12/ 2019، حدثت مجزرة ابادة جماعية كارثية، ضد تظاهرة شبابية احتجاجية سلمية، على جسر الزيتون في الناصرية).

************

الصفحة السابعة عشر

وهج الوعي التشريني شعرا

علوان السلمان

للشاعر قصي القيسي:

تشرينُ يَصحو، وصوتُ الشعبِ إعصارُ

                    والحقُّ يَعلو، وعرشُ الظلمِ يَنهارُ               

 تشرينُ ينسجُ في بغدادَ رايَتَنا

                        لِتَرفَعَ الرايةَ المعطاء ذي قارُ

 تشرينُ يَصحو، وللتاريخِ أرصفةٌ

                         لها مِن الدمِ نيشانٌ وتذكارُ

الانتفاضة التشرينية هي الضوء الكاشف عن وعي ناتج من ان (الواقع الاجتماعي يولد الوعي الاجتماعي).والشعر بشقيه شعبيه وفصيحه تعانقا تحت ظلالها وسجلا اروع الصور المستفزة للذاكرة والمحركة للذات الجمعي الاخر بعد تجرده من الايديولوجيات الدينية والسياسية..فاعادت الحضور الشعري والوعي الجماهيري وفعله المجتمعي من جديد مذكرة بالثورة العشرينية وانتفاضة الجسر متمثلة بشاعرها الجواهري الكبير..وتحققت مقولة الشاعر محمود درويش(الشعر يولد في العراق فكن عراقيا لتصبح شاعرا يا صاحبي)..وكانت ساحات الاحتجاج منصات القصائد المنتفضة التي (تنتمي للجياع وللناس التي رفعت قهرا هرما) على حد تعبير الشاعر مظفر النواب المتناغم وصوت الجواهري..

سينهض من صميم اليأس جيل

شديد البأس جبار عنيد

يقايض ما يريد وما يرجى

ويعطف ما يراد لما يريد

ـ الانتفاضة التشرينية استحضار للثورات والانتفاضات العراقية بكل رموزها التي اختصرها الشاعر عبر اهازيجه (الطوب احسن لو مكواري) و (باسم الدين باكونه الحرامية)..وقول الشاعر محمد الشامي الذي قرنها بثورة الحسين(ع):

خلّص عمره يبجي ويحجي بسم الدين

وكال اتمنى لو ينعاد الطف مرتين

ومن انعادت وتظاهرنا

كلهم شردوا

بس التكتك ظل يقاتل ويه حسين

الانتفاضة التشرينية وثبة خلاقة وصرخة عارمة ضد سبات التخلف والفساد بكل اشكاله التي طوقت البلاد وكانت ردة الفعل  التي غنتها القصيدة الشعبية والاهزوجة التي اتخذت من ثوار التاريخ ورجالاته رموزا محفزة وكان الحسين(ع) في المقدمة.

*****************

غبشة بغداد

كاظم غيلان

غبشه .. وشفت بغداد

جن حلوه .. بفراش النوم تتململ

تتدلل علينا اهواي ..

ومن حق الحلو اعله الناس..

يتدلل

حلوه اهواي ..

من جانت شوارعها كصايب شكره

تلتف اعله كل أحلامنا الحلوات

تأخذها اعله دجلة

وهيه تغسلهه ...

يم الدنيه ...

كلبي اهواي يوجعني عليج اليوم

بيد انذال صرتي

وخربوج اهواي

ميرحمون .. ذول انذال يا حلوه

وعبيد اجناب

ذلوا ليلج اليضوي الطويل

الطيب .. الحباب

دلاهم جلبهم على بابج

نهبوا اهدومج ، تراجيج،

ولعبوا لعب بهلج

كعدوا ابفيج .. عبيد اجناب

وجذاب اليكلج ذول من اهلح

وابن جذاب

ماعدهم ضمير.. ولاخجل هزهم

فرش سجادته الله

اكبال ( نصب اجواد) صلالج

صلاة الفرج يم الدنيا صلالج

هنيالج يصلي الله عليج

اهواي هنيالج

وانا ابجي النهار الراح مني

وأصدقائي الراحو اكبالج

**************

أريد وطن

لفته عبد النبي الخزرجي

الشعب عزز صفوفه وطلك الخوف

وثابت يظل للتحرير ملهوف

رايد وطن من حيث الوطن مخطوف

ويريد يحاسب الفاسد واليحوف

,,,,,,,,,,,,,

الشعب عاشق وطن .. المن يشاور ؟

راسخ بالارض شعب الحضارات

النصر وياه يمشي ، المن يحاور

اشكد عنده العدو قدره  ويناور

الشعب وحد صفوفه وطلك الخوف

,,,,,,,,,,,,,

الشعب رايد وطن والوطن سالم 

وهوه الل يحرس ارضه وبيه عالم

الشعب عنده وطن والوطن مخطوف

الشعب كردس صفوفه وطلك الخوف

,,,,,,,,,,,,

الشعب يعرف طريجه  وطلك الموت

وشايل بيرغ العز  رافع الصوت

يطلب وطن ، بيه الناس احرار 

والرادوا وطن رجعوا بتابوت

الشعب وحد صفوفه وطلك الموت

......................

الشعب يرفض نظام الحصص والطاغوت

ويرفض طائفيه ومستعد للموت

شباب اليوم يمشي للتظاهر عنده اصرار

يريد الوطن  لأهله وتظل اهله احرار

لأن شعب العراق ابن الحضارات

الشعب وحد صفوفه وطلك الخوف

 

**************

ابن تشرين

خضير الزبيدي

فجر بعيونهم

كبل خيط الشمس غبش

لم كل الاغاني

الي تحبهه

 الناس

وزفاها لعرس ثوره

على ألخان  الوطن او يتم الاطفال

وترك وسط الكلب جمره

ابن تشرين

ابن الكاع

بيه الكاع مفتخره

حمل راية وطن

ماراد كرسي وجاه

راد النخل عالي

اوزاهي بتمره

شباب وغيرته

دولاب

كل اذيابهم

ماكدرت اتنهره

**************

الزلم موقف

عباس الشريفي

حسن يبني التفگ ثارن

تحزم والزلم موقف .....

ترى اصياح النثاية ايجيس

 ويخلي الكصص تنزف .....

يخيال السلف بالگفه اصوابك عيب 

وانت امعلم اوتعرف.....

الوطن يبني يريد ازلام عدها اكلوب ماترجف.....

يبني الموت مو فشلة ولا ذله

عزيزة الكاع

والها التضحية اتشرف ....

 دخف جدمك ولاتبرد يبعد امك

 وجيب الغانمة اوهرف...

حسن

يبني اعله هونك طيح

وتخير ممات ايلوگ...

خفيف الموت يوليدي

على الشاف الوطن مبيوگ

يوليدي ابعلات الصوت

صيح اواكح  الذله ...

ما لايگ عليك الذل يبزر الگاع

ينادر لاترد خله

لاگي الرايدك تنباع

خصمك موش تختله..

وطحت يبني ولگينه اصوابك بصدرك

لگينه الوطن بعيونك ضحك طفله

وتراجي ابنيتك وگذله

لگينه احلامك وكل الردتهن غاد

ما مندوم حسيتك وصلت الردت توصله

****************

إلى ساحة التحرير

كريم غانم

التحقيق الحلم يراد

دم ورواح.تزحف عالقصر

وطش الضوه أعله الظلمة

وتنظف الضمير الغلفه التربان

وتجيب الخبز للناس

وتوزع أمان الكل طفل مرعوب

ابوس متون كل ثاير

الذلت صوط كل خنزير

وابوس اعيون كل ثاير

تضم  عينه وطن واطفال

ها يولاد

الحگوهم

وحطوهم حطب للنار

موش بساحة التحرير

هاي الساحة للعمال

هاي الساحة للأحرار

 للعشاگ لهل الكاس

للطيبين

موش لشلّة العفنين

اسباع وهاي ساعتكم

يحلوين الأمل بيكم

لتنامون فدوه الكم

بكل شباج نسمه الكم

وشفاف العراق اتقبل بخدكم

اوحلم كل الأطفال معلگ بچفکم

ياعيني على الثوار

وياعيني على الأحرار

كلها وياكم وضدهم

الگاع تبوس بالرجلين

والحيطان تشمر روحها

 اتصد الرصاص الحار

والماي اليجي امحمل احروره اوموت

يبرد يمكم بلا صوت

ثلج الكل صدر معطوب..

***************

الصفحة الثامنة عشر

خَرَجتُ من رأسيَ

الى شهداء انتفاضة تشرين

طه الزرباطي

خَرَجتُ من رأسِ السَنَة الهجريّةِ

من غيرِ رأسٍ

على الرِماح حَمَلوني

غيْمَةً من كلماتٍ ...

لا تُبَلِلُ ورقةً...!

*

مَصْلوبَاً

خرجتُ من رأسِ السَنةِ المِيلاديَّةِ

الفُ مِسمارٍ أحمَقٍ

داعَبَ جراحِيَ

ظنوا صُراخَ دَمِي أغانٍ ..

وعناقيدَ دمي تراتيلاً..!

*

خَرَجْتُ من رأسيَ المَخمورِ

صيّادا

بأي شبكةٍ أصطادً كُلَّ هذا المَقموع ؛

هذهِ المَعاني؟

وبأي نِسيانٍ أنساكِ ..

يا ذاكِرَتي ؟

*

في الهور

يُداعِبُك القِمري

يظنُكَ

طائرا على شَكْلِ أنسانٍ !

يَمْنَحُ الخِضريُ قَلبَهُ ..

يَظُنُّ فالكَ جزءا من قصيدَتِك ..

التي ...

نَسِيتَها عندَ وَجَعِ البَردي

من أيِّ قلبٍ عامِرٍ بالحُبِّ ؛

سَرَقَ النَسِيمُ هذا الشَغَفَ العُذري؟

فناحً قلبُكَ حمامَةً ..

وصارَ نايُكَ عاشِقَاً؟

*

خَرَجْتُ مِنِّيَ

لم أجِدْ خارِجي أحَداً

انشغلتُ باللا ...

وتَعَطَلتْ كلماتِيَ بالصمتِ

وفارَ دَمي تنورا مَسْجُورا ...

فأكلتُني خُبزا ..

فبأي وطنٍ تَعْتَصِم يا جوعي ؟

حينَ يُعَدُ النهرُ عدواً ..

يُعاقَبُ بالشَنْقِ حدّ الجَفافِ !

يُعَلَقُ على حَبلِ غَسِيلٍ ..!

كيْفَ يولَدُ القاتلُ المأجورُ

أيشرَبُ الماءِ ؟

أيشعرُ بحصانِ القلبِ الجامِحِ ،

يَعْدو لِصوتِ أمهِ ؟

أيَعْلمُ ...

أنني لمْ أُخبِرْكِ ...

بالرِصاصَةِ الأخيرَةِ من جُعبَةِ قلبي ؟!

اني أحبُك ...

كنتُ أحِبُكِ قبل أنْ

أُحِبَكِ..

فلا تنتظِريني  !

خرجتُ الى انهارِ اللهِ

شَرِبتُ كُلّ خمرةِ الجنةِ

ولمْ أنسَ ثلاثةً ..

وطني ؛

وجهَ أمي الحزين ..،

وانتظارَ حبيبتي لِبَوحِيَ  السِحْري؛

لأني

كُنْتُ أُحِبُكِ

**********

شبيبة الفن في ساحة التحرير الرسم الكرافيتي رسالة انسان حر

د. معتز عناد غزوان

يشكل الفن جانباً مهماً في التعبير عن الصراعات والهموم التي يعاني من الانسان ولاسيما الانسان الذي يبحث عن الحرية وحقوق الانسان والعيش بسلام ووئام ومحبة وسط بيئة تساعد الشباب على الانتاج وتقديم الافضل والافضل بل والافصاح عن طاقاتهم الابداعية التي تبنى عليها الشعوب المتقدمة من اجل النهضة والتقدم والازدهار. لقد كان الفن وما يزال تلك اللغة التعبيرية المهمة التي تجعلنا ندرك ونشعر بما يجاور الانسان ولاسيما الشاب الذي يبحث عن ذاته وسط احلام قد لا تتحقق الا جزئيات منها. ان الشباب العراقي المنتفض كان همه الرئيس هو تحقيق تلك الآمال او بعضاً من تلك الاحلام التي قد لا تتحقق بفضل سيطرة الفساد الاداري والمالي وضياع اموال العراق خلال سنوات طوال، لم يشعر الشباب بان لهم مستقبلاً يمنحهم حقوقاً وواجبات ليتوجه به الامر الى بناء اسرة وابناء يكون مستقبلهم زاهياً ومشرقاً في بلاد عرفت بالغنى والخيرات. فالفن لغة الشعوب الثائرة التي طالما كانت وماتزال تبحث عن مستقبل حقيقي لبناء مجتمع جديد يسير جنبا الى جنب مع التقدم العالمي في شتى نواحي الحياة.

لقد كان الفن حاضرا وبقوة صباحات ساحة التظاهر ولياليها حتى كانت اللغة التي جمعت كل فئات الشباب المثقف المتنوع في انتمائه ومرجعياته الفكرية والعقائدية ليبدأ بحمل الآلات الموسيقية تارةً ويرسم اللوحات على الجدران تارة اخرى واخرون يؤدون مشاهد مسرحية تدعو الى نبذ الفرقة ومحاربة الفساد والدعوة الى دولة مدنية تحترم الفكر والارث التاريخي والوطني. لقد برهنت الابداعية الكبيرة والهائلة المخزونة فيهم، كانت بها حاجة الى قوة لإظهارها بهذا الشكل الذي ابهر العالم بما قدمت اعمالهم الفنية ولاسيما الكرافيتية التي تمثل فن الرسم على الحائط والتي تنوعت من خلال الشكل والاسلوب وطريقة التعبير ونوع المواد المستعملة في الرسم فضلاً عن اختيارات متنوعة للعناصر الفنية التشكيلية المختلفة بيد ان المضمون كان واحداً الا وهو محاربة الفساد والبحث عن الذات الانسانية والمستقبل.

ان الفن الكرافيتي الذي عبرت عنه الشبيبة العراقية في ساحة التحرير والتي تمثل ردة فعل للفنان ومحاكاة الشعب بطريقته المبسطة ومحاكاته والتأثير فيه من اجل ايقاد مشاعره واحساسه بالواقع المرير، ذلك ان اصل هذه الفنون يعود الى رفض الشعوب لغة القهر والموت والدمار، لذا فالرسم الكرافيتي هو فن شعبي ثوري مؤثر في حركة المجتمع وتعبئته نحو هدف الحرية وحقوق الانسان.

ان ظهور هذا الفن كان كرد فعل للدمار الذي احدثته الحرب العالمية الثانية، اذ مثل وجهة نظر الثقافة الشعبية ومناهضتها للحروب والدمار والموت، فالفن لم يعد حبيس قاعات العرض بل اصبح وسط الجماهير وبقوة تعبيرية حرة لا تحدها اية محددات او ممنوعات، وهذا ما اكده ايضا الشعب الامريكي عندما انتفض لمقتل احد المواطنين ذوي البشرة السوداء (جورج فلويد) على يد الشرطة الامريكية واندلاع التظاهرات الواسعة آنذاك والتي انتهت بإسقاط الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب سياسياً، بعد ان اصبح فلويد بطلاً جماهيرياً اذ رسمت العديد من تلك الاحداث على العديد من الاماكن كتعبير للرفض الشعبي ولاسيما الشبيبة التي قادت ورسمت تلك الرسوم الكرافيتية.

لقد عبر الشاب العراقي عن روح الانتفاضة وقيمها بطريقته الخاصة، بل وعبروا عن طريق عبارات وشعارات خطت بطريقة فنية احيانا وبطريقة عفوية في احيان اخرى، كما استطاع بعضهم ان يجعل لها حواراً سياسياً يعبر عنه باللوحة الكرافيتية التي جاءت وكأنها ملصق سياسي معبر وموجه بشكل مباشر الى الجماهير، ومنهم من رسم شخصيات كارتونية كانت تمثل رمزاً للصراع من اجل الحق ومحاربة الاعداء، فضلاً عن رسوم لبعض الشخصيات الانسانية التي تعد رمزاً للكفاح من اجل الحرية والسلام والنهضة، مع مشترك مهم كان لوجوده الاثر الكبير في التأكيد على الانتماء والهوية الوطنية وهو العلم العراقي، بينما قام البعض الاخر برسم جدارية نصب الحرية للفنان الخالد جواد سليم كتعبير مباشر ومؤثر. كما استعار الفنان العراقي الشاب بعض الايقونات العالمية كالمرأة القوية التي كانت قد اعيد تصميمها من جديد لأغراض مختلفة لتبين دور المرأة العراقية في محاربة الواقع المرير وضياع الحريات ومناهضة لغة الموت والدمار.

**************

قصة قصيرة

ستوتة.. ستوتة

علي البدر

لم أعتد بقائي تحت الشمس المحرقة لساعات كل يوم متنقلًا بين السيارات، متوسلًا وعلامات اليأس والذل مرسومةً على وجهي. يائسًا أرجع لبيتي أحيانًا وفرحًا مهرولًا تارة اخرى وأنا أطوق بذراعي أمي واضع خدي على صدرها لأشعر بأمان ضاع مني وسط الزحام، لكن الذلَّ الذي يلازمني يأبى أن يزولَ او على الأقل أنساه ولو لحظات..

وكانت فرحتي لاتوصف، واستغرابي قد بلغ مداه عندما سحبتني من يدي مبتسمةً ثم همت بفك عقدةِ فوطتها السوداء لتفاجئني برزمة نقودٍ أدهشتني.

- خذ يا ولدي الوحيد وحقق حلم حياتك. إمرأة متوسطة العمر بدت عليها علاماتُ النعمة، سلمتني هذا المبلغ ورفضت التعريف بإسمها. ابتسمت وهي تتفحص جدران الغرفة وسقفها والأغراض المتناثرة ثم قبلت أخواتك الثلاثة وتقدمت نحوي باكيه تمسح دموعها وغادرت مودعة. لن ترى الذل  بعد اليوم وانت تتوسل بالمارة وتأمل نسمة هواء بارد من سيارة وسط الزحام.

  وقد تفاجأ اصدقائي عندما اكتشفوا مهارتي التي اكتسبتها بوقت قصير وانا أتخطف بين السيارات والعربات والمارة حاملًا الركاب والبضائع ومختلف الحاجات، لكن حدثا أيقظني وهزني بقوة، غير مسيرة حياتي، عندما وجدته مقبلًا نحوي مهنئا، يمسح عينيه تارة ويفركها تارة أخرى وعلامات الحماس بدت واضحةً عليه.

- مباركٌ لك هذه الستوتة الصفراء!

- أشكرك..عيناك.. مابهما يا “أحمد”؟ حمراء. لابد ان تراجع الطبيب.

- اشتريت قطرة ومرهم من الصيدلية والان في تحسن. ياويلتي.  حرقة شديدة ودموع تنهمر وانقطاع نفس وبت على وشك الموت وأنت....

- أنا!

- في حضن أمك مرتاحٌ ونحن نصرخ ليلًا ونهارًا ولا أحد يسمعنا.

- الان فهممت. ولكن..لا أحب رمي الشرطة بالحجر كما تفعلون ولا بالزجاجات الحارقة. أنا انسان مسالم لا أحب القتل والعداوات. فتحت عيني وانا في بيت من الصفيح. بركة آسنة شتاء وجحيم قاتل صيفا. اتنقل بين الشوارع بائعا الماء والنفاخات أو السكائر والمناديل الورقية وغيرها. تركت مدرستي والمعلمين واصدقائي لأجد نفسي تائهًا بالشوارع من أجل لقمة خبز وغطاء يسترنا.

- كل ما تقوله صحيح لكنك عندما تأتي معنا ستفهم أكثر يا “شاكر”. ياصديق العمر وأخي الغالي.

ساحة واسعة تتوسط شوارع متفرعة نصبت على جانبيها خيمٌ وعُلَقت شعاراتٌ مختلفةٌ تطالب بالتعيين وبزيادة الرواتب وقطع يد من نهب البلاد وزاد من فقر الكثير من ابنائها. رسوم هنا وهناك. وجدت نفسي في عالم آخر لم أألفه. عالم منحني الاطمئنان وأزال عني الخوف والريبة والتوجس، لكن أحد الشباب دخل بيننا واشار بيديه وبدا وكأنه يعرفنا، وبلحظات بدا كل شيء مختلفًا. حجارة يُقذف من أيادٍ غاضبةٍ، ودخان يتصاعد مع دوي انفجاراتٍ تنتهي بكتل من الدخان الذي يحرق عيوننا ويكتم أنفاسنا ويجعل الدموع تنهمر بلا توقف. إصابات هنا واختناقات هناك. بعض الشباب حمل احد المصابين بالستوتة مسرعًا الى المستشفي. ومرت ساعاتُ  الليل ثقيلة. لم افكر بأمي التي تنتظرني. كل همي أن أوصل الجريح الى المستشفى باقصى سرعة حيث ينفتح لي الطريق وانا اتخطف بين المتظاهرين بكل خفة ومهارة . هبَّ الشباب نحونا ونقلوا الجريح وانا اتفحص الذين احاطوني واسمعوني عبارت المديح والثناء حيث بدا وكأن بركانا تأجج في اعماقي. واستمرت محاولاتي لعدة مرات وأنا بين الم وغبطة. شاب في الثلاثين صعد فجأة ومن دون كلام مد ذراعه نحوي .

- إفتح يديك يا سبع..

- أتمزح معي من أنت؟

- عراقي مثلك. أسعى للتغيير وايجاد وطن.

-  أنت يا أخي في اشرف بقعة الان، في أشرف وطن. تعودَت ارضه على حفظ دم العراقيين.. على الرغم من الحرمان.. نحبك يا عراق, نحبك يا وطن.

- خذ إذن. ها أنا افتح لك يدي!

- ما هذا ورقتان؟

- تجدها قليلة. خذ. هذه ثلاثة. نقلتَ ثلاثةَ جرحى واثنين على وشك الموت. ستحصل على المزيد. لا تقلق. ستشتري بدل الستوته سيارة راقية في يوم قريب..

- إسحب يدك أرجوك.أجرٌ لإنقاذ جريح من الموت! قل لي .. من أنت؟ ولماذا هذه العملة التي قتلَنا اصحابُها ودمروا حياتنا وسرقوا شبابنا وغيروا افكار الكثيرين منهم؟

نظر اليَّ باستغراب ثم ابتسم ودسها بجيبي وغادر مسرعا حيث اختفى وسط الظلام. حاولت تتبعه لكنه ذاب بين الزحام والصخب. أغلقت باب الستوتة. تحسست ما دسه في جيبي. تذكرت أمي وعلبة الدواء التي لابد ان اشتريها غدا. ياترى.. من يكون؟ تساؤلات لم تغادرني وانا اتجول بين الخيم حيث ساد هدوء مشوب بتوقعات يبدو ان المتواجدين قد اعتادوا عليها. خيمة مُلئت بصور معلقة وشعارات تدعو للثورة وبعض رموزها يسرقوننا ويهرِّبوا نفطنا. حلقة بشرية هناك وجدال بين الجد والهزل. في الجانب الأيسر، خيمة تجمع داخلها بعض الشباب و الرجال وراحوا يتناقشون بضرورة الحياة الكريمة والوطن الحر الذي لابد ان يكون سعيدا. كلام لم اسمعه من قبل منحني الهدوء والثقة بالنفس والرغبة بالمواصلة. إحساس ورغبة في النوم. الصبح بات قريبًا.  جملة يبدو انها آخر ماسمعت، عندما شعرتُ بغطاءٍ خفيفٍ يلفني. فتحت عيني. ابتسم في وجي وردد ثلاث مرات. لابد ان يكونَ الوطنُ سعيدًا..لابد ان يكون الوطنُ سعيدًا. لقد ابدعتَ اليوم يا صديقي. أجل.. لابد أن يكون الوطن سعيدًا...

***********

ولادات متعسرة

التظاهرات صرخة مكبوتة من الوجع

عدوية الهلالي

تولد الثورات من رحم اليأس من التغيير ، ويولد اليأس من رحم المعاناة ، وتولد المعاناة من رحم الاهمال والحاجة الى أبسط متطلبات الحياة ، وهذا هو بالتحديد ماجرى في العراق بعد ان تراكمت الخيبات بسبب ماكان يظنه العراقيون تغييرا نحو الحرية والديمقراطية التي كانوا ينشدونها ..وهكذا شهد عام 2019ظاهرة استثنائية في تاريخ العراق السياسي لأن الحراك الشعبي الذي ولد فيه بدأ بالمطالبة بالخدمات والحقوق العامة كالتعيين والسكن وانتهى بتوحد الكلمة وسمو الوطنية والسعي الى التغيير والاصلاح الحقيقي ..

لم يكن ما حدث وليد الساعة بل بسبب تراكم الاحباط والخذلان من تعاقب حكومات لم تطبق الديمقراطية التي نادت بها وتسلقت مقاعد السلطة عن طريقها بل تمسكت بالمقاعد واستغلتها لمنفعتها الشخصية ومنفعة احزابها ونسيت الشعب ، فضلا عن سقوط الاقنعة التي كان يتستر وراءها رجال السلطة خلال فترة الانتخابات تحت مسميات الدين والمذهب والقومية والوطنية وتصاعد ظاهرة الفساد السياسي والاداري ليكتشف الشعب حجم الخدعة التي انطلت عليه طوال تلك السنوات وكل المؤامرات التي نسجت لغرض تفتيت وحدته واضعافه وتحويله الى مكونات وانتماءات وولاءات ..

وبهذه الطريقة ، تحولت التظاهرات الى صرخة مكبوتة وجدت لها فضاء رحبا من الوجع الموحد لتنطلق من حناجر الشباب والنساء والرجال والشيوخ من مختلف المحافظات ولتستمر وتتواصل باصرار وبلا كلل على الرغم من كل محاولات التشويه والاعاقة والتسييس لأن الدافع الحقيقي لها كان الرغبة في استعادة الوطن والروح الوطنية الخالصة والاحساس بالامان والحياة الكريمة في الوطن الذي يحلم به الصغار قبل الكبار ،وهو مامنح الحراك الشعبي دفقا من الحماس والاستعداد للتضحية بالارواح والدماء من أجل بلوغ الهدف السامي ..

لقد كانت التظاهرات نقطة تحول في تاريخ المواطن العراقي من الاستسلام لطوفان الفساد وتحكم الطبقة السياسية بمصير الشعب الى انتفاضة على الذات العراقية وعلى اللامبالاة والخنوع فقد حان الوقت لينطق الشعب ويشارك في اختيار مصيره ورسم طريق المستقبل لأنه لم يجد ماكان يصبو اليه عندما سلم اقداره بيد من اختارهم ليمثلوه وينوبوا عنه في تحصيل حقوقه ، كما ان ماحدث يبشر بولادة جيل يتقن صناعة المستقبل وبناء الوطن والتضحية في سبيله ويملك الثقة بالنفس والوعي الكافيين لرسم خطواته بلا تدخل من الداخل او من الخارج ، فهو يدرك من يقف معه ومن يحاول وضع العراقيل في طريقه ويعرف اعداءه معرفة كافية فيتجنبهم او يتحداهم ليثبت لهم فقط انه ليس مدفوعا من جهة ما ولاينتظر منة من أحد بل يحاول ان يغير مصيره بيده..

في تلك الفترة ، حاولت جهات مستفيدة اختراق جموع المتظاهرين بطرق متعددة بهدف اضعاف صفوفهم وتشويه اهدافهم السلمية الواضحة وخنق التظاهرات في مهدها قبل ان تتحقق مطالب المتظاهرين ، فقد تصاعدت الاحداث لتتحول من مجرد تظاهرات شعبية سلمية الى حوادث عنف وتخريب متعمدة رافقتها حوادث اغتيال وخطف واعتقال لناشطين من مختلف المدن العراقية لكن الوعي الشبابي الجديد والادراك الشعبي لبواطن الامور كان بالمرصاد لتلك الفوضى التي تقف خلفها جهات حزبية وخارجية يهمها تفتيت وحدة الشعب وافشال التظاهرات وبقاء السلطة الحاكمة التي تنفذ لهم مآربهم ..واليوم ، نتطلع الى انتخابات جديدة تأتي في فترة مخاض شديد بعد مرور العراق باحداث تشرين والتظاهرات التي غيرت مسار الخيارات لدى العراقيين  فالبعض  قرر مقاطعة الانتخابات بعد أن فقد الثقة بالحكومة تماما اما البعض الاخر فيرى أن الانتخابات المقبلة هي التي ستسهم في التغيير الحقيقي بعد أن أدركوا زيف المسؤولين ووعودهم الكاذبة..ليس أمامنا اذن الا الانتظار لنرى ان كنا سنشهد ولادة وجوه ونوايا جديدة ام ستظل الولادة متعسرة كسابقاتها وينتج عنها ملامح مشوهة لوجوه مستهلكة ؟ّ!

**********

الصفحة التاسعة عشر

السرد الثوري ليس فاضلاً

(مراجعة نقدية لنصوص تشرين)

محمد خضير

يرِد في نصوص الخيال السياسي الحديثُ عن السرد الثوري، بوصفه إمكاناً سياقياً ميسوراً بلا قيود أو محاذير. ولقد كُتِبَتْ نصوص كثيرة عن انتفاضة تشرين العراقية سِيقت مساقَ الأدب السياسي الثوري؛ وربما الوقت قد حان لمراجعة هذه النصوص، وفحص إمكاناتها الواقعية_ وإن كانت هذه المراجعة قريبة الأمد، وحقوق المنتفِضين لم تُلَبَّ بأكملها. وأول هذه الفحوصات يتعلق بأخلاقيات الكتابة الثورية، وسلامة الموقف من الاندفاع التضحوي المبتذَل، وغواية الباعث الثوري الآخذ بتلابيب النصّ المنزَّه من طوارئ اللحظة العنيفة، الممكِن في حينه وفوريته.

يعتقد كثيرون أنّ السرد الممكِن_ كالسرد الثوري_ هو سرد “فاضل”.  لكن الفضائل الجميلة لا يؤسّسها سردٌ “فاضل” وإنما الأخطاءُ الشنيعة والعثرات المتتالية، وأكبرها خيانة الواقع الحيّ الزاخر بالممكِنات والحوافز المرجعية. غير أن هذه المعضلة البنيوية، المتمثّلة في الممكِنات التي تقمعها المحظورات السلطوية والأيديولوجية الفئوية، تزداد تعقيداً عندما يقدّم الواقعُ اليومي تفاصيلَ مضبَّبة، مثل الخيال الثوري، وأمثولاته المتفرِّدة كانتفاضة تشرين وشخصياتها التضحوية، موضوعاً سردياً مغرياً للكتابة. تظلّ هذه الممكِنات المغرية قابعة في الظلّ، معلّقة في جِزارة الواقع، أو مجمَّدة في ثلاجة السرد السياسي. لكن الممكِن “المقموع” سيظهر يوماً ليفضح ولائمَ المجزرة، وسيطلّ “الوجهُ الآخر” للكاتب الممتنِع عن تعريف سرده حسبما يرغب “الفاضلون” ليخرق أخلاقيات الكتابة كما تفرضها أيديولوجيا السلطة المهيمنة.

  لقد تكررت هذه الأمثولة، أمثولة الكرّ والفرّ السردية، في غمار ممكناتٍ واقعية سابقة، نضرب الآن لها مثلاً جلياً، من مرحلة الربع الأخير من القرن العشرين. كان “الجزّار” التاريخي يرتدي قناعَ الكاتب الذي يتوارى في ظلّ الذبيحة_ واقع الحرب المقطَّع_ متظاهراً بفضيلة زائفة، الدفاع عن حياض الوطن. وفي ذلك الوقت، كان “تغييب” المرجع/ المصدر_ الواقع الحيّ والحارّ، واقع الحرب المُخزي_ معضلةً من معضلات الكتابة السردية؛ وكان افتداء المرجع الحيّ بأضحية أكثر برودة وعفونة_ الأسطورة_ هدنةَ الكاتب القصيرة، تعويضَه الأخلاقي أمام خزيه الشخصي، وهروبه من معضلات السرد النقيض لأخلاقيات الكتابة السلطوية. لكن، بعد هذه المرحلة، وفي ظرف مختلف، كانتفاضة تشرين، يلحّ السؤالُ نفسه: أنعتبر استئنافَ فعل “تغييب” الواقع، وتعويضَ الحال بوثيقة خرقاء_ كالثورة_  أنجعَ من تعويض “الأسطورة” للفرار من تلك المعضلة المزمنة؟ إلى متى يؤخِّر الكاتب اعترافَه ب”جرائمه” السردية، مقدِّماً الأضحيات بدل الواقع_ واقع المجزرة_ الممكِن؟ هذا ما سأشرحه فوراً.

منذ اطلاعي على كتُب مهمة: (البؤساء) و(قصة مدينتين) و(العَقِب الحديدية) (الأمّ) (الدكتور زيفاكو) وقريناتها (1984) و(مارا صاد) و(في انتظار البرابرة)_ أسكنْتُ نفسي رغبةً في صنع عالم ثوريّ خاصّ بي، ليس بالضرورة أن يكون راديكالياً أو عدميّاً؛ فقط أن تصنع من أبخرة حمّام الثورة مناخاً سردياً مختلفاً غير ساكن وبارد المشاعر، كالوثيقة الأسطورية. وفاتني أن أحقق فكرة الثورة في أعمالي، رغم مرور سنوات القرن الماضية، الحافلة بأجواء الحمّامات العنيفة، حتى حانت الفرصة خلال تظاهرات بغداد والبصرة والناصرية ومعظم مدن العراق خلال العامين ٢٠١٩_ 2020، فخشيتُ ان تنطوي هذه الفرصة دون تحقيق أحد الأحلام الثورية الماضية، فاخترتُ من أبخرة الافكار الثورية المتلاشية قصصاً قليلة دسستُها في مجموعة (المحجر) الصادرة في مطلع هذا العام ٢٠٢١. وها أنتم ترون أنّي “ثوريّ” حالم، أتصيّد الأفكار على الورق_ ورق الجِزارة، كما تصيّدها بيتر فايس في بانيو جان بول مارا_ خطيب الثورة الفرنسية_ قبل وفاته في مصحّة شارنتون للأمراض العقلية العام ١٧٩٣ (ارجعوا الى لوحة جاك لويس ديفيد الشهيرة عن اغتيال مارا في حمّامه الخاص على يد امرأة مهووسة بتضحية جان دارك الدينية)، أو على الأكثر أتصيّدها في الماء العكر، كما يقال في كلامنا الشعبي. وليست كالثورة_ فكرتِها_ عكورة وضبابية تعزلنا عن الواقع وتجعله بمتناول أيدينا في الوقت نفسه. نعم، أرى في الكتابة القصصية محاولة صيد_ بمعانٍ مختلفة_ قبل كلّ شيء، ومنها أن تغوص وراء حلم الثورة في الأعماق العكِرة_ اللاواعية_  لكاتب محكوم بصدفة “الصيد” في مياه واقع ممكِن، ملئ بأخيلة المآتة_ المجزرة_ مصحّة الجنون.

  لستُ ثورياً، ولا أدعو للثورة، لكنّي أتشبّث بأسلوب ثوريّ لتحرير منطلقاتي السردية التي قيّدتها “الصدفة”. هناك “صيرورة ثورية”_ كما يتحدث جيل دولوز: “لا تشكل شيئاً واحداً مع مستقبل الثورة، ولا تمرّ بالضرورة عبر المناضلين”. وهي_ أي الصيرورة: “ليست محاكاة ولا تقليداً لنموذج ولا تطابقاً معه، ولو كان نموذجَ عدالةٍ أو حقيقة”. ليس للصيرورة حدّ ننطلق منه أو نصل إليه، فما نصيره أو نصير إليه، يكون خاضعاً للتغيير بقدر ما يتغير هو ذاته: “ليست الصيرورات ظواهر من المحاكاة او التشابه، وإنما هي ظواهر من الاستيلاء المتبادل والتطور اللامتوازي والقرانات بين مجالين”.

  إذن، هذا ما يطلبه الكاتبُ_ في هذا الجانب من العالم، وفي هذا الوقت_ لإنقاذ سردياته من الغرق في أبخرة الثورة؛ أساطيرَ وتعويضات تمدِّد “هدنته” مع الواقع_ المآتة_ المصحّة التي ربما سبّبت_أي الهدنة_ “خيانة الوصايا” حسب تسمية ميلان كونديرا.

**********

الشهيد علي اللامي: الضجيج لا ينام

ناجح المعموري

روح الشاعر طافحة ببياض الصداقة وعمق العلاقة المشتركة وفيض انتماء كشفت عنه مفردات لا تومئ خارج التشارك مع تاريخ وسردياته وذاكرة مروياتها واهداء الشاعر تلويحة رسمت حلماً انفتح على أحلام ليست متوقفة، بل هي متحركة، تنمو وتكبر، لأنها تستدعي كثيراً من أحلام لأصدقاء تعارفوا وتعايشوا. وكل منهم وهم أحلام هادرة، لكنها تومئ لنوع من الوجع تساقط وسط مسالك ودروب غير سرية، لأنها الاهداء اعلن عن بياضها وتراكمات الآس فيها، الآس التي لملمته الأنامل الناعمة والخشنة ولملمت المتساقط منه، لأنه يمثل تاريخاً واي تاريخ كان وظل ينتظر الحلم النهاري والليلي، حلم لا يفارق شخوصه. وكلية الإهداء اعتراف كاشف كالمرايا بانتماء للحزب وإعلان عن تاريخ عميق وطويل، ترك بصمات على أنامل الشاعر الشهيد علي اللامي الذي قدم سرديته، محتفياً بها وملوحاً لكل من كان معه عند الطواف في ساحة التحرير.

لم أعرف علي اللامي إلا في اليوم الذي لاحقته رائحة الكراهية والسواد. كنت بزيارة لساحة التحرير وحصراً خيمة الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. لم يكن في الخيمة لأن الوقت مبكر، جلست وطلَّ علي شاب رشيق ووسيم طويل وتقدم نحوي، قدم لي صحيفة يومية وصافحني ولم يقل شيئاً ومازالت صورته حاضرة في مخيلتي. لكني عرفته في اليوم الثاني عندما رأيت صورته في الصحف، شعرت بحزن وألم لأني اكتفيت بصورة معه، اقترح عليَّ التقاطها، لم أرها لأنها مخزونة في هاتفه، صورتي مبتسماً له وهو يقف أمامي ويلتقط لي صورة أو أكثر. ازداد حزني لأني قرأت له عدداً من النصوص، النبوءات هي الأحلام التي تحدث عنها وكررها سرداً وشعراً، لأنه ابن الأرض وعاشق الشمس وعارف بالذي يريده القتلة، لا يريدون حلماً أبيض، بل يطمحون برصاصة تعطل كل مستقبل الشرفاء، لحظة تسود الأحلام بدخان الرصاص وليس خفياً على المتلقي الوصول للإشارات الصاعدة فوق الكلمات وملوحاً لضرورة الانتباه والحذر، لأن القتلة وسط المكان.

“كل يوم... وقبيل غروب الشمس / يستفيق الحزن كلّه / يكتظ رأسي بضجيج مخيف / ازيز رصاص في عتمة [ زهرة حمراء ]” النص كاشف عن المصير والرصاصة التي ستعطل الابيض الحالم وهو يدرك بوعي صورة الرصاصة التي ستخترق الفضاء قريباً من مكانه القريب اليه وما كتبه اعتراف ذاتي عن اليد البيضاء التي رسمت أطفالاً وكتبت لهم الأغاني والإناث الطافيات ببللهن وسط الأنهار سباحة وتطهيراً. علي اللامي قديس حلم بالأمل وتأخر عنه كثيراً، لكنه كتب وصيته التي هي استشرافة.

[ - كيف لي / لوم النوارس / على رحيلها / وضفة “كاتم” وأخرى ألم !

- منذ قرون من خسارات / ألوّح لها / ولا تأتي / لا تتبختر كثيراً رصاصة الموت !! ]

***********

شهادة

وثبة تشرين

توثيق للتاريخ والأجيال من أكاديمي عايشها

أ.د. قاسم حسين صالح*

في الثلاثاء، الأول تشرين أول/اكتوبر 2019 انطلقت في المحافظات الوسطى والجنوبية تظاهرات كانت الغالبية فيها شباب، فاجأت السلطة والشعب والمحللين السياسيين الذين كانوا على يقين بأن الأحباط اوصل العراقيين الى الياس والعجز من اصلاح الحال.وأكدت الأحداث ان هذا الحراك كان عفويا،  واعتبر سابقةً لم تحدث في تاريخ العراق السياسي.. من حيث زخمه وحجمه وما احدثه من رعب في السلطة.

وبحسب الآرقام الرسمية لوزارة الداخلية في 6 تشرين فان عدد الشهداء بلغ 110 وتجاوز عدد المصابين 6100 جريحا حتى الرابع عشر من تشرين اول. وكان يوم الخميس (الثالث من تشرين اول) هو الأكثر دموية في مواجهات عنيفة غير مسبوقة بين المحتجين والقوات الامنية استدعى الحكومة الى اعلان الانذار جيم ،وفرض حظر للتجول في عدد من المدن، وإغلاق الطرق المؤدية من الشمال والشمال الشرقي إلى العاصمة،وقيام القوى الامنية وقوات مكافحة الشغب باستخدام الماء الحار والغاز المسيل للدموع والرصاص الحي..كان نتيجته سقوط (63) شهيداً في بغداد و(21) في ذي قار تليهما: الديوانية، النجف، كربلاء، وديالى.. باستثناء البصرة التي لم تحدث فيها اصابات.

وفي مساء الخميس (الثالث من تشرين أول)، توجّه رئيس الوزراء العراقي السيد عادل عبد المهدي، بخطاب متلفز بُثّ على وقع أصوات الطلقات الناريّة التي يُسمع دويّها في أنحاء بغداد، دافع فيه عن إنجازات حكومته وإدارته للأزمة الحاليّة، مطالبًا بمنحه فترة زمنيّة لتفيذ برنامجه، ووصف ما يجري بأنه (تدمير للدولة).

وسعى المحتجّون في بغداد للتوجّه إلى ساحة التحرير التي يفصلها عن المنطقة الخضراء جسر الجمهوريّة حيث ضربت القوّات الأمنيّة طوقاً مشدّداً عليه. ومع ان الحكومة اعلنت حظر التجوال وقطع خدمات الأنترنت فان المتظاهرين وصلوا العاصمة بغداد على متن شاحنات حاملين اعلاما عراقية واخرى دينية معظمها يحمل اسم الامام (الحسين) ويهتفون (بالروح بالدم نفديك ياعراق).

  كان استخدام السلطة القمع المفرط ضد المتظاهرين، ونزول قوات سوات والمليشيات ووجود القناصين على سطوح العمارات قد ادى الى القضاء على التظاهرات .وفي خطبة الجمعة (11 تشرين اول)، حمّلت المرجعية الدينية على لسان الشيخ عبد المهدي الكربلائي، الحكومة العراقية مسؤولية اراقة الدماء ،وامهلتها مدة اسبوعين لكشف الجناة ومحاسبتهم. ومع ان خطابها هذا يعد الأول من حيث تضمينه تهديدا للحكومة وأحزاب السلطة،فان الرأي العام العراقي، عن طريق استطلاع اجريناه في حينه، توزع مفهومه بين وعود على المرجعية ان تحققها، وبين من وصف الخطاب بانه تخدير،اومحاولة لأنقاذ موقعها بين الناس، وبين من رأى ان دعوتها هذه سوف لن تجد استجابة عملية من الذين يعنيهم الأمر.

المفهوم الديمقراطي لثقافة التظاهر وسلوك الاحتجاج

يعدّ التظاهر سلوكا حضاريا سلميا يمارسه مواطنو البلدان الديمقراطية.. يحصل حين تخرج الحكومة او السلطات عن القانون او تتلكأ في تنفيذ فقراته، ليردعها ويجبرها على الالتزام بالقانون والدستور. ذلك ما يراه الخبراء السياسيون فيما يفضل علماء النفس والاجتماع السياسي مصطلح (الاحتجاج الجمعي) ويصنفونه الى نوعين: (تمرّد غوغائي) لمحرومين يصفونهم بـ (رعاع او حثالة) يقعون في اسفل الهرم الاقتصادي للمجتمع، واحتجاج سياسي لأفراد من طبقات وفئات اجتماعية متنوعة تشعر بالمظلومية وعدم العدالة الاجتماعية.

وحديثا توصل العلماء المعنيون بدراسة سلوك الاحتجاج السياسي في الصين ودول اخرى الى ان السبب الرئيس لقيام الناس بالتظاهر ناجم عن الشعور بالحيف والحرمان والمظلومية وهدر لكرامة الانسان والآحساس باللامعنى والاغتراب، والشعور باليأس من اصلاح حال كانوا قد طالبوا بتغييره نحو الأفضل وما استجابت الجهة المسؤولة لمطالبهم. ونضيف بأن سلوك الاحتجاج بوصفه ناجم عن مظالم اجتماعية وعدم عدالة اقتصادية يؤدي الى قهر وضغوط نفسية تتجاوز حدود القدرة على تحمّلها.

وللتذكير، فان العراقيين من عشر سنوات كانوا يتظاهرون، من يوم ارسلت (الخضراء) أحد (مناضليها) ليعطي الاوامر من على سطح العمارة المطلة على ساحة التحرير بقمع المتظاهرين في شباط 2011 .

وللأسف فان القوى الأمنية من ذلك الحدث، كانت معبأة  بثقافة الأنظمة المستبدة.ومع انه لا يراد منها ان تتضامن مع محتجين مستلبين مطحونين في فعل سلمي يتظاهرون من اجل احقاق حق يخص شعبا ووطنا.. فان ما قامت به من تصرفات في (17 و20 تشرين الثاني 2015) بالاعتداء على المتظاهرين بالضرب والكلام البذيء واعتقال اكثر من 25 منهم ما اساءوا الى احد،والطلب منهم التوقيع على تعهد بعدم المشاركة في التظاهرات، وما تعرض له اھالي قضاء المدينة في محافظة البصرة في اثناء قيامهم بداية تموز (2018) بتظاھرة سلمية مجازة رسميا،وقيام قوات الامن بالتصدي العنيف للمتظاھرين بإطلاق النار بالرصاص الحي بشكل عشوائي نجم عنه استشهاد  الشاب (سعدي يعقوب المنصوري) وجرح ثلاثة متظاھرين،ليؤكد مجددا بأن السلطة لم تتخلص بعد من ثقافة الاستبداد بخصوص سلوك الاحتجاج السياسي التي يفترض فيها ان تستبدلها بثقافة الزمن الديمقراطي.ولم تفهم بعد ان الاحتجاج ليس تمرّدا على السلطة،ولا يهدف الى اسقاطها،وانه ينبغي ان تتحول ثقافتها في الزمن الديمقراطي الى حماية المحتجين والحفاظ على سلامتهم ورصد المندسين والمجرمين الذين يستغلون المناسبة لنهب ممتلكات المواطنين ومؤسسات الدولة.

وتوثيقا لما حدث فقد تم اغلاق ميناء أم قصر في (13 تموز 2018) من قبل المتظاهرين، وأغلقوا ايضا منفذ سفوان الحدودي، ووصل متظاهرو البصرة الى بوابات فندق شيراتون الدولي بمركز المدينة،واطلقت القوات الأمنية الرصاص على متظاهرين في غرب القرنة،وقامت قوات امن ذي قار بفتح خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين احتشدوا أمام بيت المحافظ،وتظاهر المئات وسط مدينة النجف واقتحام آخرين مطارها احتجاجا على تردي الخدمات استشهد منهم مواطنان شابان. وشهدت ميسان تظاهرات قتل فيها شخص واصيب 18 ناجمة عن اطلاق ناري اغلبهم من القوات الأمنية بحسب مدير صحة ميسان، فيما قام آخرون بقطع الطريق الرابط بين ميسان والبصرة، وأطلقت القوات الأمنية النار لتفريق متظاهرين أمام مبنى محافظة ميسان. وبحسب الاعلام الأمني (13 تموز 2018) فانه وقعت اصابات بين ضباط ومنتسبي الأجهزة الأمنية خلال التظاهرات، فضلا عن إحراق وتخريب عدد من المؤسسات والأجهزة التي بداخلها.

 وفي الديوانية، اقتحم متظاهرون مبنى الحكومة المحلية، فيما استشهد ثلاثة مواطنين في تظاهرات مدينة السماوة. وفي 14 تموز 2018، اعلن رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي الحالة القصوى ودرجة الأنذار(جيم) واعلان حالة التأهب الأمني في محافظات العراق كافة..وعصر اليوم ذاته،تم ايقاف عمل الانترنت،ونشاط التواصل عبر الفيسبوك بشكل خاص.

قبل ان القي محاضرتي على المتظاهرين بساحة التحرير، حذروني ان اتطرق الى توحيد قياداتهم لأنهم سيرفضون وقد اسمع منهم كلمات غير لائقة..لكنني فعلت بطريقتي السيكولوجية ،ودعوتهم الى أن يتوحدوا..فكان التصفيق!..وللأسف ما توحّدوا!!

************

الصفحة العشرون

 

إصدار.. تاريخ الأفكار السياسية

عن “دار التكوين للطباعة والنشر” في دمشق، صدر أخيرا كتاب بعنوان “تاريخ الأفكار السياسية”، من تأليف جان توشار وترجمة د. ناجي الدراوشة.

يحيط الكتاب المكون من ثلاثة أجزاء، بمجمل الفكر السياسي في العالم، منذ بدايته مع الفلسفة الإغريقية إلى اليوم.

*************

جدُّها القائد الشيوعي الشهيد محمد صالح العبلي.. ريم العبلي نائبة في البرلمان الاتحادي الألماني

بغداد – طريق الشعب

فازت الالمانية من اصل عراقي ريم سلام العبلي بمقعد الصدارة في احدى دوائر ولاية مكلنبورغ الالمانية الشمالية، في الانتخابات البرلمانية التي جرت الاحد الماضي في عموم البلاد.

وحصدت ريم التي رشحت نفسها عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي اكثر من 44 الف صوت في دائرتها، ما يشكل حوالي 30 بالمئة من الاصوات، متقدمة كثيرا على منافسها من الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي حصل على حوالي 20 بالمئة من الاصوات.

وريم (31 سنة) هي ابنة سلام العبلي، المقاتل سابقا في قوات انصار الحزب الشيوعي العراقي ضد النظام الدكتاتوري الصدامي ، وحفيدة الشهيد الشيوعي الخالد محمد صالح العبلي عضو المكتب السياسي للحزب، الذي اعدمه انقلابيو شباط سنة  1963. كما انها ابنة النصيرة الشيوعية جيهان، وقد درست العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة وتعمل منذ عام 2015 مسؤولة لشؤون الاندماج في حكومة ولاية مكلنبورغ .

واعربت ريم عن دهشتها للفوز الذي حققته وهي الشابة من عائلة مهاجرة، في منطقة لا توجد فيها نسبة عالية من المهاجرين أو من ذوي الأصول الاجنبية.

وقالت في تصريح صحفي انها شعورها باصلها العراقي يرافقها اينما ذهبت وحلت.

جدير بالاشارة ان ريم العبلي واحدة من ثمانية مرشحين اصولهم من البلاد العربية، فازوا في انتخابات الاحد الماضي بمقاعد في البرلمان الاتحادي الالماني. وقد فاز معها مرشح من اصل كردي ومن مواليد مدينة زاخو. اما البقية فمن سورية ومصر والمغرب، ومعظمهم من النساء.

***************

معيدُه يفخر بأصوله العراقية لوح كلكامش يعود إلى بلاده

ستيف فرانسيس (إلى اليمين) يصافح سفير العراق في أمريكا

بغداد – وكالات

تسلم العراق أخيرا من الولايات المتحدة الأمريكية، لوح “حلم كلكامش” الذي سبق أن نُهِب من متحف عراقي قبل 30 عاما، وذلك في حفل أقيم في “متحف سميثسونيان” الوطني للهنود الأمريكيين في واشنطن.

الرجل الذي وجد اللوح وتحقق من أصوله وقاد الجهود لضمان عودته إلى موطنه الأصلي، اعتبر عمله هذا أمرا شخصيا، كونه من أصول عراقية.

ستيف فرانسيس، القائم بأعمال رئيس جهاز تحقيقات الأمن الداخلي الأمريكي، والذي يشغل منصبه منذ عام 2019، يفتخر بأصوله العراقية. إذ يقول في حديث صحفي: “إنه حقا مميز بالنسبة لي. أنا عراقي وأقود الوكالة التي قامت بهذا العمل. إنه حقا شيء كبير”.

ستيف الذي ولد والداه في العراق، يتحدر من أصول كلدانية. وقد تم تعيينه في وحدة الكمارك الأمريكية عام 2003، والتي تم إرسالها إلى العراق للمساعدة في حماية القطع الأثرية المنهوبة.

وعمل فرانسيس مدة 20 عاما في مجال إنفاذ القانون، وشغل مناصب عدة، منها نائب رئيس وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والكمارك في ديترويت بولاية ميتشغان عام 2015.

وظهر فرانسيس في صورة على وسائل انباء، وهو يصافح السفير العراقي لدى الولايات المتحدة فريد ياسين، اثناء مراسيم تسليم اللوح.

*****************

اختتام “مهرجان الأمل” السينمائي الدولي الأول في ستوكهولم

ستوكهولم – طريق الشعب

اختتمت يوم الاثنين 13 أيلول الجاري في العاصمة السويدية ستوكهولم، فعاليات مهرجان الأمل السينمائي الدولي الأول.

ويتخصص هذا المهرجان، الذي تعود فكرته للفنان والمخرج العربي فادي اللوند، المقيم ما بين بلجيكا والسويد، بعرض أفلام إنسانية المضمون، تتناول معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة والشرائح المحرومة من الرعاية والعلاج، كي تسلط الضوء عليها وتلفت انتباه الجميع إليها، خاصة المؤسسات الرسمية.

وحضر المهرجان الذي افتتح يوم 10 أيلول، جمع غفير من ابناء الجاليات العربية والسويديين فضلا عن زائرين من دول أوربية عديدة. فيما كانت الفنانتان العربيتان الهام شاهين وكارول سماحة، ومعهما الفنانة الفرنسية بريكيتا سي، ضيفات شرف المهرجان.

وبحسب منظم المهرجان، الفنان اللوند الذي لديه ابن من ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن المهرجان أقيم بجهود ذاتية وبمساندة بعض المهتمين، مشيرا في كلمة له خلال حفل الافتتاح، إلى انه اختار السويد مكانا لإقامة المهرجان كون هذه الدولة معروفة بمواقفها الانسانية، وتتمتع بسمعة عالمية من حيث دعم حقوق الإنسان ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.

أولى فقرات المهرجان كانت عبارة عن عرض فني بعنوان “ملائكة”، قدمه تلاميذ مدرسة من ذوي الاحتياجات الخاصة. بعدها تم تقليد ضيفات الشرف وسام المهرجان.

وعقب انتهاء مراسيم الافتتاح، عرض فيلم بلجيكي بعنوان “أنقذوا ساندرا”، من إخراج جان فيرهين. وينتقد الفيلم بعض السياسات الاقتصادية التي لا تراعي الجوانب الإنسانية.

وتسلم المهرجان حوالي 400 فيلم، اختارت اللجنة المشرفة 34 منها للتنافس على الجوائز- بحسب اللوند، الذي اشار إلى أن الأفلام المختارة تمثل 24 دولة، وجميعها منتجة بين عامي 2020 و2021، ومترجمة إلى الانكليزية أو السويدية مع الاحتفاظ بلغتها الأم.

وأضاف قائلا، أن الدول التي تم اختيار أفلامها، هي مصر وفلسطين ولبنان وسوريا والأردن والمغرب والجزائر والإمارات وموريتانيا وغانا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والتشيك وسلوفينيا وبلغاريا ومقدونيا وأمريكا وكولومبيا وتركيا وإيران وكازاخستان والهند.

وفاز الفيلم البلجيكي “انقذوا ساندرا”، بجائزة المهرجان.

***************

مقاطعة الانتخابات  في ندوة بالناصرية

الناصرية – طريق الشعب

شاركت سكرتيرة رابطة المرأة العراقية في ذي قار، أمل هليل، في ندوة حوارية عقدتها “منظمة بلا حدود” الإنسانية، أخيرا في مدينة الناصرية، لغرض مناقشة مفهوم العملية الانتخابية وواقع الانتخابات المرتقبة في العراق.

ونقلت سكرتيرة فرع الرابطة إلى حضور الندوة من ناشطين مدنيين ومهتمين في الشأن السياسي، وجهة نظر الحزب الشيوعي العراقي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، مشيرة إلى أن الحزب قرر مقاطعة الانتخابات لأسباب عديدة، منها انتشار السلاح المنفلت وعدم وجود قانون انتخابي عادل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ندوة جماهيرية في ألقوش.. الشيوعيون يعرّفون بموقف حزبهم من الانتخابات

ألقوش – طريق الشعب

عقدت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ناحية ألقوش بمحافظة نينوى، أخيرا، ندوة جماهيرية في سياق حملتها الإعلامية للتعريف بموقف الحزب من الانتخابات المقبلة وقراره القاضي بمقاطعتها.

حضر الندوة التي احتضنتها حدائق “متنزه المناضل توما توماس”، جمهور من الشيوعيين وأصدقائهم وعائلاتهم.

الفنان باسل شامايا استهل الندوة بكلمة ترحيب. ثم دعا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت إكراما لشهداء الحزب والوطن، وبعدها الاستماع للنشيد الوطني.

بعد ذلك، تحدث سكرتير المنظمة الرفيق عامل قودا، عن موقف الحزب من الانتخابات المقبلة، وقرأ على الحاضرين بيانا صادرا عن اللجنة المركزية للحزب في هذا الشأن.

ثم اعتلت المنصة الرفيقة سميرة القس يونان، وقرأت بيان الحزب الموسوم “لماذا نقاطع الانتخابات هذه المرة؟”، أعقبها الرفيق راني القس يونان بقراءة البيان المعنون “ما الذي نريد؟”.

وفي الختام، قرأ مدير الندوة، باسل شامايا، قصيدة بعنوان “شقراء من بلدتي”.