اخر الاخبار

الصفحة الاولى

 

على طريق الشعب

حقائق أمام وزارة المالية

أصدرت وزارة المالية الجمعة الفائتة بيانا قالت فيه إنها “تدرك تماماً أن هناك عدداً من التدابير الداعمة التي يتعين اتخاذها لزيادة الآثار الإيجابية لتعديل سعر الصرف”. وبينت أنها “لم تستطع القيام بذلك علناً بسبب حساسية الموضوع“! مشيرة إلى أنها “ستضع برنامج سياستها المفصل، المصمم لزيادة الفوائد من تعديل سعر الصرف”.

وخلص البيان إلى “أن إجراءات السياسة الرئيسية لحماية الفقراء والضعفاء، قد تم إدراجها في الموازنة وجرت مناقشتها في بيان الوزير بخصوص الموازنة”.

ان من يقرأ هذا البيان يستنتج سريعا ان وزارتنا الموقرة بعيدة تماما عن التداعيات التي أحدثها اقتراحها بتعديل سعر الصرف على هذا النحو المفاجئ والصادم، وإدراجه في مشروع موازنة ٢٠٢١. والغريب قولها انها لم تقدم على بعض الإجراءات الوقائية المطلوبة تحسبا لـ “حساسية الموضوع”، ولا نعلم عن أية حساسية تتحدث، وقد الحقت نصائحها ضررا بالغا بالمواطن والاقتصاد معا. 

والاغرب هو استمرار الحكومة، وبضمنها وزارة المالية، في الحديث عن “حماية الفقراء والضعفاء” في الموازنة، التي تضمنت العديد من الإجراءات المتلازمة التي هي اقرب الى عقوبة جماعية للغالبية الساحقة من المواطنين. 

ففي خطوة واحدة تم تقليل سعر صرف الدينار، التي تسببت في صدمة كبيرة ترجمت الى ارتفاع كبير في الأسعار، شمل حتى المواد والسلع المنتجة محليا على قلتها، ذلك ان اكثر من ٩٠ في المائة من المواد والسلع الخدمية مستوردة.

وقد ادى خفض سعر صرف الدينار الى خفض القيمة الفعلية للمداخيل والرواتب بما يترواح بين 25 و 30 في المائة، في وقت جرى فيه توسيع الاستقطاعات من الرواتب من دون زيادة مساحة الإعفاءات، ما الحق ضررا بالغا باصحاب الرواتب المحدودة وحتى من يحسبون على الفئات الوسطى.

والامر الآخر المثير هو فرض المزيد من الضرائب المباشرة على المواطنين، بل ان مشروع موازنة ٢٠٢١ العتيد يخوّل الوزارات والمحافظات فرض رسوم جديدة، وحسب ما ترتأيه، على الخدمات التي تقدمها للمواطنين، على سوئها ورداءتها. 

فعن اية حماية للفقراء والضعفاء تتحدث وزارتنا الموقرة؟ اذا كانت تقصد اعفاء ذوي رواتب الـ ٥٠٠ الف شهريا فما دون، فنقول ان هؤلاء شملوا بكل الإجراءات الحكومية المذكورة أعلاه، فضلا عن ان رواتبهم من الضعف بحيث لا تغني ولا تسد رمقا، وتستنزفها الإيجارات بالنسبة لمن لا يملكون سكنا، الى جانب الكهرباء وارتفاع الأسعار خاصة اسعار الادوية التي لا تقوم الدولة بتوفيرها.

 وهنا نضع امام وزارتي المالية والصحة حقيقة ان ٧٠ في المائة من المواطنين يراجعون المؤسسات الصحية والصيدليات في القطاع الخاص، والسبب معروف جيدا للوزارتين. 

من جانب آخر قُلصت تخصيصات البطاقة التموينية من ترليون ونصف ترليون دينار في موازنة ٢٠١٩ الى ٧٩٥ مليارا في موازنة ٢٠٢١، في وقت تقول فيه وزارة التخطيط ان نسب الفقر ارتفعت الى ٣٤ في المائة، وتذكر احصائيات أخرى انها تجاوزت ٤٠ في المائة. 

واذا كان يجري التعكز على مبالغ معينة اضيفت الى تخصيصات رواتب الرعاية الاجتماعية، فهي أساسا مبالغ بائسة ولا تتجاوز ١٠٠ الف شهريا و١٧٥ الفا للعائلة مع طفلين، في حين تقول وزارة العمل ان الحد الأدنى للاجور يفترض الا يقل عن ٤٥٠ الف دينار شهريا! 

وهنا نهمس في اذن الحكومة ووزارة المالية ونقول: ان كل المبلغ الاضافي الذي توفره اجراءاتكم لن يزيد على ١٧,٨ ترليون دينار (١٢ مليار دولار)، مقابل ما تسببه من اضرار جمة. وهذا المبلغ يمكن تأمينه بيسر وسلاسة لو ضبطت إيرادات المنافذ الحدودية، وجرى الغاء او حتى بعض الخفض في مخصصات المنافع الاجتماعية للرئاسات الثلاث! أو لو تم رفع السعر التخميني لبرميل النفط في حسابات الموازنة من 42 دولارا في الاصل الى 46 دولارا، بعد الارتفاعات الاخيرة في سعر النفط الخام عالميا، والذي يعني اضافة 4 مليارات دولار الى الايرادات، أي ما يعادل 5،8 ترليون دينار.

فهل بعد هذا يا ترى ستواصلون الحديث عن “ حماية الفقراء والضعفاء “ في موازنة الشؤم والبؤس؟!

********** 

مفوضية حقوق الانسان توثق انتهاكات في الناصرية

تصعيد خطير في احتجاجات ساحة الحبوبي

بغداد ـ طريق الشعب

تصاعدت موجة الاحتجاجات الشعبية في عدد من المحافظات، على خلفية قيام القوات الامنية باعتقال عدد من الناشطين في الحراك الاحتجاجي في محافظة ذي قار.

وفيما وثقت مفوضية حقوق الانسان حدوث انتهاكات وجرائم، دعت رئيس الحكومة الى تولي ادارة الملف الامني بشكل مباشر من قبله.

وحمّل المتظاهرون، الحكومة والقوى المتنفذة مسؤولية توتر الاوضاع في المحافظة، مطالبين بالكف عن هذه الممارسات القمعية.

 

حملات اعتقال

وتواصلت حملات الاعتقال من قبل القوات الامنية ضد عدد من الناشطين في الحراك الاحتجاجي خلال الفترة المنصرمة، كان اخرها يوم الخميس الماضي، والذي أسفر عن اعتقال عدد من الناشطين، من بينهم الناشط إحسان الهلالي.

ولم تعلق الحكومة حتى ساعة كتابة هذا التقرير على القمع الذي مورس ضد المتظاهرين في الناصرية، فضلا عن عدم كشفها أسباب ومبررات حملة الاعتقالات التي تطال متظاهرين في المحافظة، منذ رفع خيم الاعتصام في ساحة الحبوبي قبل شهر من الان.

 

توثيق الانتهاكات

ودعت مفوضية حقوق الانسان، يوم السبت، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لإدارة الملف الامني في محافظة ذي قار، نتيجة لما شهدته المحافظة من انتكاسات وانتهاكات وعودة مسلسل الاغتيالات والخطف وتقييد الحريات في الآونة الاخيرة.

وقالت المفوضية في بيان تلقت “طريق الشعب”، نسخة منه، انه “في الوقت الذي تؤكد فيه المفوضية على حق المواطن بحرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي والامن والامان، فأنها تدعو كافة الاطراف الى التهدئة وضبط النفس وتغليب لغة الحوار، بدلا من لغة العنف والعمل معا للحفاظ على امن المحافظة وحقوق ابنائها”.

ووثق البيان، “حصول حالات اغتيالات واختطاف وحصول صدامات بين المتظاهرين والقوات الامنية؛ حيث استخدمت فيها القوات الامنية الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطي. كما استخدم المتظاهرون الحجارة ضد القوات الامنية، فقد بلغ عدد الاصابات 43 من المتظاهرين والقوات الامنية، واغتيال اثنين، تلتها حملة اعتقالات قامت بها القوات الامنية ضد ناشطين ومتظاهرين، طالت 30 متظاهرا بينهم صحفي”.

 

احتجاج غاضب

وعلى خلفية هذه الاحداث، تظاهر المئات من المحتجين في اماكن متفرقة من المحافظة، معبرين عن غضبهم بقطع عدد من الشوارع الرئيسة، بسبب استمرار عمليات الاعتقال والترهيب للمحتجين.

وقال الناشط المدني حسين علي، إن “المئات من المحتجين حاولوا الوصول الى ساحة الحبوبي تلبية لدعوة اطلقها ناشطون للاحتجاج على تكرر عمليات الاعتقال، لكن القوات الامنية منعتهم من الوصول للساحة، وقابلتهم بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي في محاولة لتفريقهم”.

وأضاف أن “الاحتجاجات امتدت لتشمل مناطق عديدة وسط مدينة الناصرية وقطع عدد من الشوارع منها النيل وابراهيم الخليل وطريق المرور السريع والجسور في المحافظة”.

وزاد ان “المحتجين تمكنوا من الدخول الى ساحة الحبوبي عصر يوم السبت بعد صدامات استمرت منذ ليل الخميس”، متابعا ان “القوات الامنية تواصل حملاتها لاعتقال الناشطين عبر اصدار مذكرات القاء قبض بتهم كيدية”، مطالبا بـ”الكف عن هذه التصرفات ورفع يد المليشيات والمتنفذين عن القضاء والقوات الامنية من اجل عودة الهدوء للمحافظة”.

وفي تطور لاحق، افرجت قوات الامن عن 13 ناشطا مدنيا تم اعتقالهم أثناء تلك الاحداث، متعهدة بالإفراج عن البقية اليوم الاثنين.

ويتساءل الناشط المدني ميثم صادق في حديث لـ”طريق الشعب”، عن “سبب اعتقال المتظاهرين وملاحقتهم، ومن ثم الافراج عنهم، ومن المستفيد من تأجيج الاوضاع في المحافظة؟”، مطالبا بـ”محاسبة المسؤولين عن هكذا تصرفات”. 

وبُعيد الافراج عن الناشط احسان الهلالي، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يشكر فيه الهلالي المحتجين، فيما دعاهم الى التهدئة والانسحاب وعدم قطع الشوارع.

وحتى الان تبدو الصورة في ساحة الحبوبي، غير واضحة؛ حيث استمرت حالات كر وفر بين المتظاهرين وقوات الامن، فيما تناقلت وسائل الاعلام خبرا عن استشهاد جندي برصاص عشوائي.

********** 

لائحة تمييزية لنقض التجديد لشركات الهاتف

بغداد – طريق الشعب

اعلن النائب محمد شياع السوداني، يوم أمس، عن تقديم لائحة تمييزية لطعن ونقض التجديد لشركات الهاتف النقال. وقال السوداني في تغريدة على منصة (تويتر)، اطلعت عليها “طريق الشعب”، “قدمنا لائحة تمييزية للطعن بالقرار الاستئنافي، الذي ايد حكم البداءة ورد الطعون ورغم ذلك اجاز التجديد في مخالفة واضحة للقانون”، مضيفا “كلنا امل بان محكمة التمييز الاتحادية (الهيئة الموسعة) تؤيد الفقرة الحكمية ونقض مضمون التجديد لشركات الهاتف النقال الفاشلة”. وختم تغريدته بوسم “لا تجديد”.

********* 

العمل تناقش رفع الحد الأدنى لأجور العمَّال

بغداد – طريق الشعب

بحثت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، مؤخرا، إمكانية رفع الحد الأدنى لأجور العمال، خلال الاجتماع الذي عقده معاون المدير العام لدائرة العمل والتدريب المهني فيها، مشرق عبدالخالق، مع لجنة تحديد الحد الأدنى لأجور العمال. وذكرت الوزارة في بيان اطلعت عليه “طريق الشعب”، أن الاجتماع “ناقش عدة مقترحات لرفع الحد الأدنى لأجور العمال، وإمكانية زيادتها بالشكل الذي يناسب المستوى المعيشي للفرد والوضع الاقتصادي الراهن”. وركزت أوراق العمل المقدمة من أعضاء اللجنة على ربط الحد الأدنى للأجر بالمستوى المؤهل وإنتاجية العامل العراقي.

******** 

راصد الطريق

صعقات وزارة الكهرباء ! 

تواصل وزارة الكهرباء نقل الاخبار الصاعقة عن حال التيار في بلدنا. فمليارات الدولارات انفقت وما زالت، وتيار الكهرباء يبقى يسير الى الوراء ويتدهور . 

آخر “بشائر” الوزارة ان الجانب الإيراني لم يف بوعوده في إعادة تزويد محطات كهربائنا بالغاز السائل. فمن مجموع ٥٠ مليون متر مكعب كان مفترضا ان يضخها، لم تضخ سوى ٥ ملايين متر مكعب، أي ١٠ في المائة فقط. 

وتعلن الوزارة ان ذلك سيحرم البلد من ٦ آلاف ميغاواط تنتجها منظومتا بغداد والفرات الأوسط. 

لكن لمَ الاعتماد على الغاز الإيراني، وغازنا يكفي ويزيد .. لو لم يحرق؟ الجواب الجاهز منذ ٢٠٠٥ هو ان استغلال غازنا يحتاج وقتا. 

فمتى يحين هذا الوقت يا ترى؟ لا احد يعرف! 

ومتى تنتهي مهزلة الكهرباء؟ لا تسمع الا صدى صوتك!  

وتستمر المعاناة، فيما هناك من غدا مليارديرا بـ“الاخضر” ويفرك يديه “فرحا” لاستمرار الازمة!

************* 

 

 

ا

الصفحة الثانية

تحضيرات في البصرة لإقامة مهرجان المربد في شباط

البصرة – طريق الشعب 

استقبل الوسط الثقافي والادبي في البصرة خلال الايام الماضية بعدم رضا واحتجاج، ما نقل من تصريح عن وزير الثقافة حسن ناظم قبل ايام حول مهرجان المربد في البصرة.  فقد ذكر ان الوزير قال عن المهرجان انه “فقد أهميته بعد 2003، ويجب أن يكون هناك بديل عنه”.  وقد رد رئيس اتحاد الادباء والكتاب في البصرة د. سلمان كاصد  بقوله ان المربد سيعقد في موعده خلال شباط القادم، بالتزامن مع معرض البصرة الدولي للكتاب. مشيرا الى ان هذا المهرجان “يعود تأريخه إلى مئات السنين، والآن تحول إلى ملتقى للثقافات وتلاقح الأفكار بين مختلف الشعوب العربية التي تحضر فيه”.   واعرب “بيت الشعر في البصرة” و “منتدى ٱلِمْدَيْنة الثقافي” في بيان مشترك عن موقف رافض مماثل. وقد جاء فيه ان “مهرجانَ المربد هو وجهُ البصرةِ ونافذتها الوحيدة المطلة على الجمال في زمنٍ سرقتْ فيه حكوماتُ الصدفةِ والأزماتِ كلَّ شيء من البصرة : حريتَها، مدنيتَها، قوتَ أهلِها، جمالَ عمرانِها وأنهارها؛ فسووها خربةً يعيثُ بها المسؤولون فسادًا وتقتلُ عصاباتُهم أبناءها إن استوجبَ الحفاظُ على كراسيهم ذلك ..”.  ونوّه منتدى الزبير الادبي في بيان له بـ” القيمة الثقافية والتأريخية لمهرجان يمتد جذره في عمق  التأريخ لأكثر من الف عام ، اذ يعتبر مهرجان المربد من أهم وأكبر الفعاليات الشعرية ليس في العراق فحسب بل في الوطن العربي والعالم،  حيث يشارك فيه شعراء من أغلب الدول العربية وحتى الأجنبية بعد أن أستعاد هويته الشعرية الناصعة بعد عام ٢٠٠٣” هذا وصدر بيان غاضب آخر في المناسبة عن منتدى السياب الثقافي في ابي الخصيب.  فيما شارك جمع من مثقفي وادباء وكتاب البصرة في وقفة احتجاجية صباح الجمعة على حدائق شارع الفراهيدي للثقافة والكتاب تنديدا بالتصريح الذي يؤكدون انه صدر عن وزير الثقافة.

*********** 

 

اضاءة

إرادة الناس هي المنتصرة !

محمد عبد الرحمن 

يتأكد باستمرار ان الحركة الاحتجاجية المندلعة منذ شباط ٢٠١١، والتي وصلت الذروة في انتفاضة تشرين ٢٠١٩، قابلة للتجدد باشكال وصور مختلفة . فهي جاءت على خلفية تراكمية من الازمات والمشاكل، ومن عجز القوى المتنفذة عن تقديم حلول لها، بل ولجوئها الى كل الوسائل المتاحة لتفكيك الحركة وشرذمة قواها واطفاء وهجها والحد من تأثيرها التعبوي والتحريضي . 

ومن غير المتوقع ان يكون موقف المتنفذين الا كذلك، على الرغم من تدليس البعض وسعيه الى تسويق نفسه كمدافع ومساند للمنتفضين والحركة الاحتجاجية. فقد ادخلت الانتفاضة معطيات ووقائع جديدة في حياتنا السياسية، تؤشر في كل الأحوال عدم امكان العودة الى ما قبل ٢٠١٩. 

 وطرحت الحركة الاحتجاجية على جدول العمل اهدافا لم تتحقق بعد، فيما امعن المتنفذون في استخدام اية وسيلة لاخماد أي حراك اجتماعي. وكانت المطالبة اساسا بالخلاص من منظومة الحكم، التي أوصلت بلدنا الى ما فيه من تردٍ وتدهور. ومن الطبيعي ان يصطدم ذلك بمصالح القوى الحاكمة المتنفذة، الساعية الى ادامة سطوتها ومصالحها على حساب الملايين من العراقيين، الذين تفاقمت أوضاعهم كثيرا جراء الازمة المالية والاقتصادية، وتفشي جائحة كورونا، وإجراءات الحكومة الأخيرة بخصوص سعر صرف الدينار، وانخفاض القدرة الشرائية،  والضرائب الجديدة، وتقليص دعم الدولة للفئات الضعيفة والمهمشة والفقيرة . 

نعم، الحراك  لم يخمد ولن يحصل ذلك ما دامت أسباب اندلاعه قائمة بعد، بل وفي كل يوم تضاف عوامل جديدة تدفع الناس الى الخروج الى الشارع رافعة  صوتها الاحتجاجي السلمي. ومن المؤكد ان القمع  على اختلاف اشكاله، واستمرار الملاحقات والاختطافات للناشطين والمنتفضين واعتقالهم،  ليس هو الحل ، بل انه سيضاعف منسوب السخط والتذمر ويرفعه الى مستويات التحدي والإصرار على تحقيق المطالَب، التي ما انفك المتظاهرون يرددونها، ومنها: وقف القمع والقتل والملاحقات ، واطلاق سراح المعتقلين والافراج عن المخطوفين، واسقاط الدعاوي والتعهدات، ومحاسبة قتلة المنتفضين ، والتصدي الناجع للفساد وغيرها. 

وان ما حصل ويحصل في ساحة الحبوبي وغيرها من ساحات الاحتجاج والملاحقة للمحتجين، لا يستحق مجرد الإدانة والتصدي وتعرية دوافعه وتقديم المسؤولين عنه الى القضاء، خصوصا وان اعدادا كبيرة نسبيا قد جرى اعتقالها. بل ويتوجب ان تتوقف هذه الممارسات حالا، ففيها  مصادرة  لحق المواطنين الدستوري في التعبير والاحتجاج السلمي.

ومن جانب اخر فان ما يحصل يثير تساؤلات جدية عن موقف الحكومة والمؤسسات الأمنية ودورها، وعمن يقوم بهذه الحملات ضد المطالبين سلميا بحقوقهم؟   

بدلا من قمع الناس والتضييق عليهم، استجيبوا لمطالب ملايينهم، وفِي المقدمة وفروا كل مستلزمات اجراء انتخابات عادلة نزيهة وذات صدقية، لتكون بالفعل رافعة للتغيير، الذي من دونه ستطول آلام ومعاناة أبناء شعبنا، وستتفاقم أزمات البلاد وتتعاظم وقد تجر الى ما لا تحمد عقباه!

 

************** 

 

احتجاجات: قطع طرق واعتداءات على المحتجين

بغداد - طريق الشعب

منذ أكثر من عام، لم يخلُ أسبوع من وقفات ومسيرات احتجاجية، هنا وهناك في عدد من المحافظات، والتي ينظم غالبيتها طلبة وخريجون وعاطلون عن العمل وأصحاب عقود حكومية، حيث تتمحور مطالب هؤلاء حول توفير فرص عمل لهم أو اطلاق مستحقاتهم.

والى جانب ذلك، يواصل المواطنون في أغلب المحافظات، فعالياتهم الاحتجاجية شبه اليومية، مطالبين بتحسين الخدمات العامة.

 

وقفة احتجاجية للطلبة

ونظم عدد من طلبة الدراسات المسائية في جامعة البصرة، وقفة احتجاجية، مطالبين بتخفيض الاجور الدراسية.

وقال الطالب محمد نعيم لـ”طريق الشعب”، انهم يطالبون بـ”تخفيض الاجور الدراسية وتقسيطها على شكل دفعات، مراعاة للازمة الاقتصادية والصحية وارتفاع سعر صرف الدولار”.

واشار نعيم الى وجود “ضغوط من قبل عمداء الجامعات على رئيس الجامعة بشأن عدم الموافقة على تخفيض أجور الدراسة المسائية للطلبة”.

وتابع، ان “الكليات تحاول إجبار الطلبة على دفع الاجور كاملة من دون تقسيطها، علما ان الاجور الدراسية مرتفعة اصلا، ولا تتناسب مع الحالة الاقتصادية للمواطن العراقي”.

في الاثناء، جدد العشرات من اصحاب العقود في دائرة تقاعد المحافظة تظاهراتهم امام مبنى الدائرة، مطالبين بإطلاق رواتبهم المتأخرة. 

وطالب المتظاهر مرتضى قاسم في حديث لـ”طريق الشعب”، بـ”ادراج مطالبهم ضمن الموازنة العامة للعام الحالي، وحل مشكلة اصحاب العقود ضمن مبادرة الـ30 الف درجة وظيفية”.

يُشار الى تنسيقية التيار المدني في البصرة، نظمت وقفة احتجاجية ضد رفع سعر صرف الدولار، محملة الحكومة مسؤولية تردي الاوضاع المعيشية للمواطنين.

 

اغلاق للطرق في ذي قار وواسط

من جانبهم، أغلق العشرات من خريجي كليات الإدارة والاقتصاد في محافظة ذي قار، جسر النصر، مطالبين بتوفير فرص العمل.

وذكر المتظاهر علي خشن في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “المتظاهرين اغلقوا جسر النصر في تصعيد احتجاجي، للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم في دوائر الدولة، وتخصيص جزء من درجات الحذف والاستحداث لهم”.

من جهتهم، اقدم المئات من المواطنين في ناحية الدبوني شمالي محافظة واسط على غلق دائرة توزيع الكهرباء وقطع الطريق الرئيس بين بغداد والمحافظات الجنوبية، احتجاجا على استمرار تردي واقع الكهرباء.

وبيّن المتظاهر ناصر جبار، ان “الكهرباء شبه معدومة في الناحية، وسط تهالك لخطوط النقل والمحولات وكثرة الاعطال، ناشدنا كثيرا بتحسين واقع الكهرباء في الناحية لكن دون نتيجة تذكر”.

 

اعتداء على المهندسين 

وفي محافظة المثنى، فرقت قوات الامن تظاهرة للمهندسين المطالبين بتوفير فرص العمل من أمام مصفى السماوة.

وقال مراسل “طريق الشعب”، عبدالحسين السماوي، إن “القوات الامنية قامت بالاعتداء بالضرب على المهندسين المتظاهرين امام مصفى السماوة، مستخدمة الهراوات لتفريق المتظاهرين ما تسبب في اصابة عدد منهم”، مبينا ان “المتظاهرين رفعوا دعوى قضائية ضد آمر القوة المعتدية”.

 

عاملون بلا مستحقات

وجدد عدد من الحرفيين والاداريين العاملين في المجان في تربية الديوانية، تظاهرتهم امام مبنى ديوان المحافظة، لمطالبة الحكومة المحلية وتربية المحافظة بالمصادقة على العقود، حسب قرار مجلس الوزراء رقم 315، موجهين دعوة الى مجلس النواب لإدراج مستحقاتهم ضمن موازنة العام الحالي.

 

تظاهرة في ديالى

الى ذلك، تظاهر المئات من محاضري ديالى، أمام مبنى ديوان المحافظة، احتجاجا على مزاعم بحدوث خروقات وتلاعب حيال اعلان اسماء تعيينات المحاضرين.

وافادت المتظاهرة علا سالم في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “التظاهرة جاءت للمطالبة بإعادة فرز اسماء المرشحين على وفق استحقاقات سنوات التخرج والمعدلات”، مبينة أن “إعلان التعيينات شابه تلاعب بسنوات الخدمة والمعدلات وحرمان آلاف الخريجين من استحقاقهم الوظيفي”.

واشارت سالم الى “وجود تدخلات سياسية وحزبية من قبل المتنفذين صادرت حقوق المحاضرين من خلال التلاعب في اسماء المرشحين”، مؤكدا “استمرار تظاهراتهم لحين تحقيق مطالبهم المشروعة المتمثلة بإعادة فرز المتنافسين على وفق معايير تضمن حقوق الجميع”.

*************** 

 

الناصرية ومحافظات اخرى تهدد بـ «خيام تشرين»

بغداد – طريق الشعب

بينما يواصل الشباب تصعيد احتجاجهم في محافظة ذي قار ضد الاجراءات الحكومية واعتقال عدد من الناشطين، شهدت محافظات اخرى فعاليات احتجاجية تضامنية

مناطق الناصرية الاخرى

 بدأ المحتجون ادخال تهديدهم في التصعيد المناطقي، حيز التنفيذ، على خلفية عدم الاستجابة لمطالبهم التي طرحوها في بيان طالعته «طريق الشعب».

وطالب المحتجون في البيان بـ»ايقاف حملات الاعتقال وضبط الامن في المحافظة والامساك بالمتهمين في استهداف منازل الناشطين، واسقاط الدعاوى الكيدية وايقاف الاعتقالات واطلاق سراح المعتقلين واقالة ومحاسبة المحافظ وقائد الشرطة وانهاء عمل خلية الازمة وضبط الملف الامني واعتقال المتهمين بتفجير منازل الناشطين».

وشدد البيان على «ضرورة محاسبة الضباط والمنتسبين الذين قمعوا المتظاهرين، ومحاسبة الضباط الذين عذبوا المتظاهرين المعتقلين وانتزعوا منهم الاعترافات بالقوة» على حد وصف البيان.

وتنفيذا لما جاء في البيان، أقدم عدد من المحتجين في قضاء الشطرة على قطع الطريق الرئيسي الرابط بين القضاء والعاصمة بغداد. فيما هبّ شباب قضاء الاصلاح للتضامن مع ابناء الحبوبي عبر قطع الطريق بين محافظتي ذي قار وميسان. وساندهم محتجون في قضاء الفهود عبر قطع الطريق الرابط بين قضاء الجبايش ومدينة الناصرية، معبرين عن غضبهم من عمليات الملاحقة  والاستهداف التي تطال المحتجين.

 

واسط والديوانية 

الى ذلك، سارع المنتفضون في مدينة الكوت، لتسجيل موقفهم المتضامن مع ابناء الناصرية، ورفض ما يتعرضون له من اعتداءات متكررة، عبر اقدام عدد من المواطنين على اغلاق طريق الكوت - بغداد.

وقال المتظاهر عزيز نصار لـ»طريق الشعب»، إن «قطع الشوارع هو رسالة تحذيرية للحكومة والاحزاب المتنفذة، للكف عن الممارسات القمعية بملاحقة الناشطين والسماح باستهدافهم وترويع ذويهم»، مبينا ان «هذه الممارسات هي انتهاك صارخ للدستور وتعدٍ واضح على حقوق الانسان».

يُذكر ان المئات من المحتجين في محافظة الديوانية نظموا تظاهرة كبيرة في ساحة الساعة، احتجاجا على الاعتداء على المتظاهرين في الناصرية. واقدم المتظاهرون على قطع الطرق والجسور الرابطة بين مركز الديوانية وساحة الساعة والطريق باتجاه قضاء السنية.

 

قمع في البصرة والنجف

وفي محافظة البصرة، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لقوات امنية تلاحق المتظاهرين في شوارع المحافظة، قرب ساحة ام البروم.

وفي السياق، هدد العشرات من المتظاهرين في محافظة النجف بالعودة ونصب خيام الاعتصام في حال عدم توقف حملات الاعتقال في مدينة الناصرية. وذكر الناشط المدني زيد الشبيبي في حديث لـ»طريق الشعب»، ان «عددا من المحتجين قاموا بقطع شارع المدينة، احتجاجا على حملات الاعتقال والاستهداف، التي يتعرض لها ناشطون في ذي قار»، مشيرا الى أن «المتظاهرين في النجف هددوا بالعودة إلى تنظيم اعتصامات في المدينة، ما لم تكف السلطات في الناصرية عن ملاحقة المتظاهرين».

 

صدامات في كربلاء

وتصاعدت الاحداث في محافظة كربلاء، لتصل حد اندلاع صدامات بين المتظاهرين وقوات الامن.

وقال مراسل «طريق الشعب»، إن «القوات الامنية استخدمت الرصاص الحي والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين في ساحة التربية وفلكة زيد وسط مدينة كربلاء»، مبينا ان «المتظاهرين اعلنوا تضامنهم الكامل مع المحتجين في ذي قار».

وفي شأن ذي صلة، لم تمنع الاجراءات الامنية المشددة في العاصمة بغداد من وصول المتظاهرين الى ساحة التحرير، فيما تجمع عدد منهم قرب طريق سريع محمد القاسم ومول النخيل في شارع فلسطين ومدينة الثورة “الصدر”. كذلك شهدت محافظة بابل، احتجاجا وقطعا لبعض الشوارع وسط مدينة الحلة، تضامنا مع محتجي الناصرية.

*********** 

 

ادخال بيانات مليوني موظف 

في بنك المعلومات

بغداد ـ طريق الشعب

اعلنت وزارة التخطيط، يوم امس، عن ادخال بيانات لأكثر من مليوني موظف في مؤسسات الدولة، إلى بنك المعلومات الوظيفي.

وقالت الوزارة في بيان تلقت “طريق الشعب”، نسخة منه، إن “عدد الموظفين المسجلين في بنك المعلومات الوظيفي لدى الجهاز المركزي للإحصاء، ارتفع إلى أكثر من مليوني موظف من عموم مؤسسات الدولة العراقية”. وأضاف أن “الإعلان جاء خلال ترؤس وزير التخطيط الاجتماع الأول للجنة الأمر الديواني 55 المكلفة بتطوير عملية إصدار الرقم الوظيفي لجميع موظفي الدولة العراقية”. وذكر البيان ان “مهمة اللجنة هي ايجاد الحلول والمعالجات لحركة الوظيفة في العراق، التي تواجه خللا بنيويا متراكما على مدى السنوات الماضية”. وتابع ان “الوزارة قامت بإرسال فرق جوالة إلى الوزارات لغرض الحصول على البيانات التفصيلية للموظفين”، مشيرا الى ان “اللجنة ستعمل على إنشاء منصة أو تطبيق على الهواتف الذكية، لجمع بيانات الموظفين، من خلال إدخالهم بشكل شخصي لبياناتهم بالاعتماد على بيانات البطاقة الوطنية الموحدة”.

********** 

 

الصفحة الثالثة

مواساة

من الرفيق نضال مضية

(نائب الامين العام للحزب الشيوعي الاردني) بوفاة الرفيق الفريد سمعان

للفقيد المبدع الرحمة، ولعطائه الغزير متعدد الحقول الخلود، والسكينة والسلام لروحه التي ستبقى تلهم أجيال المناضلين من أجل الحرية والعدالة واشاعة الجمال والمحبة بين بني البشر، َولأسرة الفقيد العزيز وذويه ورفاقه ومقدري افضاله أحر التعازي واصدق مشاعر المواساة.

•••••

 

من الرفيق صلاح عدلي، الأمين العام للحزب الشيوعي المصري

تعازينا القلبية لأسرة الفقيد، الرفيق الراحل الفريد سمعان، ولكل الرفاق في الحزب الشيوعي العراقي.

•••••

الرفيق رائد فهمي المحترم

الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي

ببالغ الحزن والأسى تلقينا خبر رحيل الرفيق المناضل الفرد سمعان، إننا إذ نرفع لكم ومن خلالكم إلى اللجنة المركزية وكافة أعضاء الحزب الشيوعي العراقي وكل أهله ومحبيه خالص تعازينا القلبية، فإننا كذلك نقف لنستذكر الإرث الأدبي الذي كان يمثله والمسيرة النضالية التي اختطها مع رفاق دربه ودفع في سبيلها جل حياته من الملاحقة إلى المعتقلات حيث مكث فيها سنين طويلة.

إن عطاء الرفيق اللامحدود وتضحياته تفصح عن قامة وطنية متقدة، اختزلت في ذاتها تاريخ حزب ومحطات مضيئة سيظل ضياءها مشع ينير لنا الطريق ويستلهم منها الرفاق السائرين على الدرب ثباتهم.

للرفيق الراحل المجد والخلود.. فلتنم يا رفيق الفرد سمعان قرير العين.

 

خليل يوسف رضي

الامين العام 

المنبر التقدمي – البحرين

••••• 

 

الشاعر الكبير ألفريد سمعان.. وداعا!

عام 2021 أبى إلا ان يفتتح مواسمه بخبر محزن. ففي الخامس من كانون الثاني/يناير الحالي غادرنا في رحلته الأبدية المناضل الكبير الاستاذ الشاعر: الفريد سمعان، أحد نجوم الثقافة الوطنية والديمقراطية... وبرحيله تنكس الثقافة العراقية الحرة والديمقراطية قامتها، وبفقده نودع مبدعا كبيرا، ووطنيا نبيلا ويساريا صادقا.

لقد كان فقيدنا العزيز، انموذجاً للشخصية العراقية الوطنية التي التزمت بمبادئها وقيمها التقدمية. فقد كان على الدوام يحلم بوطن ترفرف عليه رايات العدالة والمساواة، وهو الذي أسهم إسهاما كبيرا في نضالات شعبنا العراقي من Hجل الاستقلال والكرامة والحرية والديمقراطية وإنهاء الاستغلال بمختلف أشكاله، والدفاع عن مصالح الشعب والكادحين على وجه الخصوص.  

لقد عاش الفريد سمعان حياة خصبة دفاعا عن القضية الكبيرة للكادحين وبسطاء الناس، لذا كانت حياته على امتدادها الواسع عبر تسعة عقود ونيف درسا كبيرا لكي يعيش الشاعر والمناضل والإنسان حياته كما يجب ان تعاش.

وتجسد ذلك من خلال مسيرته النضالية الطويلة التي كانت محفوفة بالكثير من المخاطر والتهديدات، مثلما كانت شديدة الوطأة في عذاباتها المرّة وسجونها الانفرادية.

فقد سجن رفيق دربنا الفريد سمعان بسجن (نقرة السلمان) وعاش محنة (قطار الموت) وحرص على الثبات والاخلاص العميق لمثله العليا ولأفكاره التنويرية.. وجسد عمله الصحفي في مجلتنا (الثقافة الجديدة) وفي صحف: (اتحاد الشعب) و(طريق الشعب) و (الفكر الجديد) وعمل على اغناء هذه المنابر الفكرية عن طريق رفدها بفكره النير وعطائه المستمر.

لقد كانت حياة الأستاذ الفريد سمعان، على امتدادها الواسع، درسا كبيرا لأجيال عديدة من رفاقه وأحبته، وعزاؤنا ان الفقيد الكبير ترك لهؤلاء، وغيرهم أيضا، إرثا طيبا من المواقف الأصيلة والذكريات الطيبة والسلوك الإنساني الرفيع والروح الشفيفة التي لا تساوم على القيم والمبادئ الكبرى للرعيل الذي انتمى إليه الفقيد، وسيظل هذا الإرث يتحدث عنه، ويذكر به، ويبقيه حياً دائم الحضور بيننا.

إن هيئة تحرير (الثقافة الجديدة) التي فجعت برحيل الفقيد الكبير ألفريد سمعان، تتوجه بصادق التعازي القلبية الحارة لعائلة الفقيد وإلى أقاربه وكل رفاقه ومحبيه، مقرونة بمشاعر التضامن الصادقة. ولشاعرنا الجميل (أبي شروق) مجد المثقف العضوي الكبير وسحر كلماته وذكراه المتوقدة دوما.

وداعاً (أبا شروق).. نم مغردا في مملكة الشعر... ستظل حاضرا على الدوام... فكرا وممارسة وسلوكا أخلاقيا رفيعا... وفوق ذلك مبدعا راقيا ظل وفيا لأفكاره ومُثله ولم ينحنِ امام العواصف مهما عظمت!

“الثقافة الجديدة”

6/ 1/ 2021

*********** 

إحصائية نيابية: 3700 مصنع معطل في العراق 

مصالح المتنفذين تديم «التعطيل»

بغداد ـ عبدالله لطيف 

في الوقت الذي ارتفع فيه سعر صرف الدولار، توجهت أنظار المواطن نحو المنتجات المحلية، في محاولة للهرب من الفارق الكبير في أسعار البضائع، والذي خلفه خفض صرف الدينار، لكن أسباباً كثيرة جعلت منتجاتنا خارج المنافسة، من بينها “تعطيل” قوانين مهمة، يمكن لها أن تحافظ على المنتج الوطني.

ويقول خبراء في الشأن الاقتصادي: إن الحكومات غضت الطرف عن تفعيل اربعة قوانين مهمة من شأنها أن تحمي المنتج المحلي، مشيرين الى أن سياسيين وأصحاب نفوذ “حققوا مكاسب من تعطيل المعامل العراقية لأجل استثماراتهم الخاصة”. كذلك أن تعطيل إصلاح ملف الكهرباء له علاقة مباشرة بتنمية المصانع العراقية، فهؤلاء المتنفذون أنفسهم، وراء عدم تحقيق أي خطوة في هذا الشأن، انما يضعون عقبات كبيرة لمنع نهوض القطاع الصناعي.  

3700 مصنع معطل 

وفي هذا السياق، كشف عضو مجلس النواب، سلام الشمري، مؤخراً، عن عدد المصانع والمعامل المعطلة في عموم البلاد، منذ عام 2003 ولغاية الان. 

وقال الشمري في حديث صحافي تابعته “طريق الشعب”، ان “هناك أكثر من 3700 مصنع، تابعة لوزارة الصناعة والمعادن معطلة”، مبيناً أن “الكثير من المعامل والمصانع التي كانت تستقطب الايدي العاملة وتعتبر مورداً مهماً لخزينة الدولة، عطلت بإرادة داخلية وخارجية، من أجل تدمير الاقتصاد العراقي”. 

4 قوانين 

وأفاد الخبير الاقتصادي، باسم جميل انطوان، بأن المنتج المحلي كان محميا بـ”اربعة قوانين جعلته في موضع المنافسة”. وبيّن ان هذه القوانين، هي “قانون حماية المنتج الوطني، وقانون حماية المستهلك، وقانون منع الاغراق السلعي والتنافسية، بالإضافة الى قانون التعرفة الجمركية التي كانت تتناسب مع واقع الانتاج المحلي”. 

وأكد انطوان في حديث خص به “طريق الشعب”، ان محتوى هذه القوانين “كان يمنع المساس بالمنتجات المحلية”. 

ورهن المتحدث منافسة منتجاتنا للمستود بـ”دعم الصناعة الوطنية، وتوفير المستلزمات والاموال، الى جانب تفعيل القوانين الاربعة والكهرباء”، مؤكدا ان تفعيل هذه المستلزمات تنعكس اولا على مستوى الصناعات الانشائية، التي تشكل 50 في المائة من الصناعة العراقية. 

واقترح انطوان ان يدخل القطاع العام في شراكة مع شركات استثمار اجنبية او محلية، لتطوير خطوط الانتاج، معللا ذلك بـ”ان القطاع العام اصبح لا يملك امكانيات مادية، لشراء مكائن وتحديث خطوطه الانتاجية”. 

وأشار انطوان الى قضية اخرى تتعلق بعدم قدرة المنتج المحلي على المنافسة، والتي “تتعلق في غياب الارادة السياسية، وان هناك شخصيات في مراكز نفوذ بالسلطة، قد استغلت مراكزها لتعطيل القطاع الصناعي لتحقيق استثماراتهم الخاصة”. 

وكان وزير المالية علي عبد الامير علاوي، قال في وقت سابق ان “العراق عانى من تغيير سعر صرف الدولار، بسبب ضعف قدرة البضائع العراقية على التنافس”. 

وذكر الوزير أن “تقليل سعر الصرف يشجع القطاع الخاص على الإنتاج والتصدير وتعديل سعر الصرف جزء من إصلاحات الاقتصاد العراقي ضمن موازنة 2021”.

 

معمل سمنت كبيسة 

وقال المستشار في قسم السيطرة النوعية، في معمل سمنت كبيسة، هندي حامد حسين، لـ”طريق الشعب”، ان “المعمل يحوي خطين انتاجيين طاقة كل واحد منهما مليون طن من الإسمنت”. 

وأضاف حسين ان “العقد المبرم بعد تحرير المدن من تنظيمات داعش الارهابية كان بين شركة الاسمنت العراقية وبين الشركة العالمية للإسمنت المستثمرة”، مشيرا الى ان “اهم شروطنا، تخص المستحقات المالية للموظفين العاملين في المعمل، واعطاء حصة مجانية لشركة الإسمنت العراقية بقيمة 25 في المائة من الانتاج”. 

وأوضح انه “في عام 2018 تم الاتفاق على اعادة تأهيل المعمل، ووصل الانتاج الى 30 الف طن في كانون الأول 2020، ما يعني انه بمقدورنا المنافسة في الاسواق المحلية”.

وأكد حسين أن “عدد العاملين في المعمل يبلغ 500 موظف على الملاك الدائم، بالإضافة الى 250 عاملا آخرين يعملون بصيغة العقد او الاجر اليومي وبمختلف الاختصاصات الهندسية”. 

كما اشار الى ان هناك 600 عامل يعملون مع المقاولين المحليين، إذ يقومون بنقل الإسمنت من المعمل، كذلك يجهزون المعمل بالمواد الاولية.

وبحسب حديث حسين، وصلت الطاقة الانتاجية للمعمل الى 90 في المائة، أي ما يعادل مليونا و8 الاف طن في السنة، لكن برنامج التأهيل توقف بعد دخول داعش للمنطقة في العام 2014، حيث دمر كل شيء.  

وكانت الحكومة قررت ايقاف استيراد الاسمنت منذ العام 2015 بعد ان حقق الاكتفاء.

ويعد معمل سمنت كبيسة، الذي يقع في قضاء هيت، من المعامل الحديثة التي تنتج الإسمنت. وبدأ العمل به في نهاية السبعينات من القرن الماضي من قبل شركة كواساكي اليابانية. وانتج للمرة الاولى في اذار لعام 1983. 

وصدّر المعمل منتجاته الى كل من مصر والكويت والسودان.

************* 

شح المشافي والأدوية وفحش الأسعار يضيّعان حياة المصابين

«طريق الشعب» توثق قصصا مؤلمة لمرضى السرطان

بغداد - طريق الشعب

على الرغم من الموازنات الانفجارية التي أقرّت طوال السنوات الماضية، وحجم الانفاق العالي فيها، بقيت خدمات القطاع الصحي، بعمومه، دون المستوى المطلوب. ويبدو أن هذا التردي انعكس اولا على مرضى السرطان، الذين يقاسون غلاء أسعار الأدوية، وسوء خدمات المستشفيات الحكومية، في مقابل الجشع الذي يواجهونه في المستشفيات الأهلية.

معدلات الاصابة مقلقة

وبحسب ما يتداول بالإعلام، فإن أرقاما رسمية تؤكد أن معدلات الإصابة بأمراض السرطان تبلغ “2500 اصابة سنويا، ويمثل سرطان الثدي 20 في المائة منها”، وقد أسندت وكالات الأنباء هذه الاحصائية الى الناطق باسم وزارة الصحة، سيف البدر.

ويشكو المواطنون الذين يصارعون هذا المرض، شح الأدوية التي تسرب من المستشفيات الحكومية إلى الصيدليات الخاصة، بحسب قولهم، لغرض بيعها بأسعار كبيرة. 

ويقول الطبيب الاستشاري في الجراحة العامة، أمير فاضل، إن الحكومة “تخصص في كل موازنة مبالغ من أجل توفير العلاج، إلا أنه سرعان ما يختفي من مخازن وزارة الصحة”.

ويضيف الطبيب لـ”طريق الشعب”، أن “الجرعات الخاصة بمرضى السرطان باهظة الثمن، إذ أصبحت ضمن أهداف بعض الشخصيات المتنفذة الفاسدة، وبعض الجهات المسلحة التي حولتها إلى مصدر تجاري وبوابة للصفقات الرابحة على حساب حياة المواطنين”. 

 

البصرة والفلوجة في الصدارة

وبحسب تقارير رسمية، تتصدر مدينتا الفلوجة والبصرة، المناطق التي تسجل اصابات مرتفعة بأمراض السرطان، بسبب مخلفات الحروب التي عصفت بأبناء هذه المناطق.

وفي وقت سابق، أكد مكتب مفوضية حقوق الانسان في البصرة “تصدّر المحافظة، مدن البلاد بأعداد الإصابة بمرض السرطان”، مشيرا إلى أن “العلاج غير متوفر، بأغلب الأحيان، في مركز المعالجة، علما أن معدل الاصابات الشهرية لعام 2020 بلغ ما يقارب 600 إلى 700 إصابة”، وذلك بحسب مدير المكتب مهدي التميمي.

وتتحدث الطبيبة، خلود العلوان، إحدى الطبيبات العاملات في مستشفى الطفل المركزي، عن أعداد ضخمة للمصابين بالسرطان من الأطفال في شمال البصرة، مؤكدة أن “أكثر من 97 طفلا توفوا خلال عام 2020 نتيجة إصابتهم بالمرض، وعدم تمكنهم من تلقي العلاج”.

وتضيف الطبيبة في تصريح صحفي، أنه “في مستشفى الأمل لعلاج الأورام السرطانية، هناك مرضى من كل الأعمار وهم يعانون من نفس المشكلة، حيث لا يصلهم الدور احيانا في تلقي العلاج. وأحيانا تعتذر المستشفى عن استقبال المرضى، نتيجة لنقص الجرعات الخاصة بمرضى السرطان ووجود أعطال في الأجهزة، علما أنها قليلة ولا تسد حاجة كل المرضى”.

 

الجرعة بمليون دينار

وفي الشأن ذاته، يشكو المواطن عبد الله خالد، والد أحد الشباب المصابين بالسرطان في البصرة، غلاء كلف العلاج وصعوبة الحصول عليه.

ويضيف خالد خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، “نحن كعوائل نضطر في الكثير من الأحيان الى شراء الجرعة التي لا تتوفر في المستشفى. حيث أن سعر الجرعة الواحدة لا يقل عن النصف مليون دينار، ويصل احيانا إلى المليون”، والتي لا بد من أن يأخذها المريض كل ثلاثة أسابيع تقريبا لمرة واحدة.

وفي تقرير أصدره ديوان الرقابة المالية الاتحادي في العام 2018، لتقويم أداء سياسة وزارتي الصحة والبيئة، آنذاك، في توفير المستلزمات الضرورية للكشف المبكر عن الأمراض السرطانية، وردت إشارة إلى ارتفاع في معدّلات الإصابة بالسرطان، نظراً لعدم توفر المتطلبات الكافية للكشف المبكر عنه والحدّ منه. وكذلك بسبب قلّة عدد الكوادر الطبية والأجهزة المتخصصة، بالإضافة إلى عدم امتلاك الوزارة رؤية واضحة لتحديد المتطلبات التي تستوجبها الخدمة العامة في هذا المجال.

 

الروتين يغذي المرض

ومن بغداد، ينقل المواطن صلاح هاشم معاناته أثناء رحلته العلاجية لإنقاذ ابنته التي اصيبت بالسرطان، بعدما اكتشف وجود ورم خبيث في ساقها لم يكن شكله يوحي بهذه الخطورة. ويبيّن هاشم لـ”طريق الشعب”، أن التشخيص للحالة “اقتضى إجراء عملية بعد أن قررت اللجنة الطبية ذلك. ونجحت العملية فعلا، لكني بقيت أراجع لاحقا لغرض إكمال العلاج الكيمياوي، وبسبب الإهمال وتأخر وقت التشخيص والتخبط، عاد خطر المرض مجددا رغم أنه كان في مراحله الأولية”.

والان ستقوم ابنة هاشم بإجراء عملية أخرى.

وقال انه خلال فترة وجيزة “صرفت ملايين الدنانير ما بين العملية الأولى، والاستعداد للثانية، وكذلك على العلاج الذي قمت بشرائه، فضلا عن الكلف العالية للفحوصات والتحاليل التي نجبر دائما على اجرائها في العيادات الأهلية، رغم أني اعتاش على راتب ضئيل من الرعاية الاجتماعية”.

 

“أتحدى الإنسانية للطفولة”

وقبل أيام، طالبت منظمة (أتحدى الإنسانية للطفولة)، رئيس مجلس الوزراء، بتخصيص قطعة أرض لبناء مستشفى خاص لعلاج أطفال مرضى السرطان في العراق وبالمجان.

وخاطبت المنظمة، الكاظمي بكتاب رسمي، أطلعت عليه “طريق الشعب”، دعت فيه إلى “تخصيص قطعة أرض لبناء مستشفى خاص لعلاج أطفال مرضى السرطان في العراق بالمجان على غرار مستشفى مصر 5757، وذلك لازدياد عدد الأطفال المصابين بهذا المرض، وبسببه عجزت المستشفيات عن توفير مكان يسع لهذه الاعداد الكبيرة”. 

وأضافت ان “الأطفال اليوم بحاجة لالتفاتتكم الأبوية لانتشالهم مما هم فيه ونحن نناشدكم لدعم بناء أول مستشفى خاص في العراق لعلاج أطفال مرضى السرطان بالمجان”.

ويقول الطبيب المتخصص في أمراض الدم، حسن السعدي، إن أمراض السرطان “تنتشر في مختلف المحافظات بشكل كبير”.

 

نقص بنسبة 80 في المائة

ونقلت وكالات الأنباء عن السعدي قوله: “ما متوفر من مستشفيات مخصصة لعلاج السرطان، لا يسد سوى أقل من ٢٠ في المائة من الحاجة الفعلية”.

ويعد العراق من أكثر دول منطقة الشرق الأوسط انتشارا لمرض السرطان، إذ يقول المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، إن معدلات الإصابة بمرض السرطان في العراق، شهدت ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب تفاقم مشاكل التلوث البيئي، لا سيما في المحافظات الجنوبية.

 

#سرطان_الناصرية 

وفي أيلول الماضي، أطلق ناشطون وسم #سرطان_الناصرية على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل ارتفاع نسبة أمراض السرطان في محافظة ذي قار، التي سجلت 7500 إصابة، وفق ما أكده ناشطو الحملة.

وبحسب الناشط الذي اشترك في الحملة الترويجية، علي الركابي، فإن “زيادة الأمراض السرطانية بشكل كبير، دعتنا كناشطين الى لفت انظار الجميع لحجم هذه المعاناة، وتنبيه الجهات الحكومية والنيابية لما يعاني منه أبناء وبنات المحافظة”.

وأوضح لـ”طريق الشعب”، ان محافظة ذي قار “تعاني نقصا حادا في المستشفيات، ومرضى السرطان في حيرة من أمرهم للأسف الشديد”.

 

المستورد أحد الاسباب

ويرى الباحث في الشأن الاقتصادي، رأفت عزيز، أن للأزمة جانبا يتعلق بالاقتصاد والخلل الذي يشهده.

ويشير عزيز أثناء حديثه لـ”طريق الشعب” إلى أن “السكائر والأراگيل تدخل العراق بدون گمارگ كبيرة كبقية الدول، وتتوفر بأسعار رخيصة في الأسواق، ما تتسبب بانتشار أمراض السرطان بشكل واسع، وخصوصا بين شريحة الشباب”، مؤكدا أن “الكثير من منتجات اللحوم والدجاج فيها مواد ملوثة مسببة للسرطان، ويتم استيرادها بسبب الفساد، رغم الضوابط الصارمة التي تحددها الحكومة بهذا الشأن”.

********** 

الصفحة الرابعة

تصريحات متضاربة بين محافظة بغداد والوزارة حول ساعات التشغيل

مواطنون: اجور الكهرباء فاحشة .. والتجهيز دون المستوى

بغداد - نورس حسن

اقدمت محافظة بغداد، مؤخرا، على رفع سعر الامبير الكهربائي للمولدات الاهلية والحكومية، مبررة ذلك بمحدودية التعاون من قبل وزارة النفط بتجهيز الوقود، فضلا عن قلة توفير التيار الكهربائي “الوطني” الى المواطنين الذين عبّروا عن تفاقم معاناتهم، نظرا لارتفاع أسعار أغلب المواد الغذائية، الى جانب الأجور المرتفعة للكهرباء، التي أضحت تشكل عبئا اضافيا على كاهلهم، وبالخصوص للعوائل ذات الدخل المحدود.

بدورها، شددت وزارة الكهرباء على زيادة ساعات التجهيز للتيار الكهربائي خلال الايام القليلة المقبلة، مستنكرين إجراءات محافظة بغداد برفع سعر الامبير، بذريعة تبريرات غير مقنعة.

 

تسديد الاجور مبكراً 

المواطن عبد الله عباس (متقاعد)من احد احياء بغداد الفقيرة، ذكر انه “يتقاضى راتبا تقاعديا 400 ألف دينار شهريا، وهو مبلغ لا يسد شيئا من المتطلبات اليومية”.

وقال لـ”طريق الشعب”، إن “صاحب المولدة علق يوم امس لافتة كتب عليها سعر الامبير 8 آلاف دينار، بعد ان كان 5 آلاف دينار للخط العادي، وعبارة اخرى يرجى تسديد الاجور قبل يوم 5 من كل شهر”.

واستدرك عباس قائلا: ان “المواطنين اصحاب الدخل المحدود هم الاكثر تضررا خاصة وان المبالغ التي تجبى من المواطنين شهريا للتيار الكهربائي ليست بالقليلة، والخدمة ما زالت سيّئة ودون المستوى المطلوب”.

وتعليقا على رفع سعر الامبير، ذكر المواطن “لم نلمس شيئا صدر من الحكومة لمصلحة الشعب؛ فالمواطن البسيط هو الحلقة الاضعف والمتضرر الاكبر، وان رفع سعر الامبير زاد من معاناة اغلب المواطنين”.

 

كميات النفط غير كافية 

الى ذلك، شدد حازم علي، وهو صاحب مولدة حكومية لـ”طريق الشعب” ان “غياب التعاون بين الوزارتين النفط والكهرباء ومحافظة بغداد، تحمل المواطن البسيط نتائجها”، مشيرا الى ان “كميات الوقود المجهزة من قبل وزارة النفط غير كافية، مقابل سعات التشغيل المفروضة والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي”.

وقال “لا تقتصر المصاريف على الوقود فهناك اجور للتصليح واجور العامل المناوب وغيرها جميعها يتحملها صاحب المولدة تسديدها”.

وشدد على أن “أصحاب المولدات هم ضحية الصراعات الحكومية، وانهم متضررون حالهم حال جميع المواطنين”.

واكد المواطن علي، ان “خدمة التيار الكهربائي رديئة مقابل الاجور الكبيرة التي تأخذ من المواطنين شهريا”.

وأصدرت محافظة بغداد مؤخرا كتابا بتحديد تسعيرة الامبير لشهر كانون الثاني عام 2021 لمديرية ناحية الكرادة الشرقية بواقع 8 آلاف دينار للخط العادي، و15 ألف دينار للخط الذهبي.

وتعقيبا حول الموضوع، اوضح مدير ناحية الكرادة في محافظة بغداد، ابو ذر يحيى حسين لـ”طريق الشعب”، ان قرار رفع سعر الامبير لهذا الشهر اتخذ بعد مراقبة ساعات تشغيل المولدات لجميع الوحدات الادارية في بغداد ومخاطبة وزارة الكهرباء للاستعلام حول ساعات التجهيز ومقارنتها بكميات الوقود المجهزة من قبل وزارة النفط”. وتابع “وزارة الكهرباء اوضحوا ان ساعات تجهيز المواطنين بالتيار الكهربائي لهذا الشهر لا تتجاوز 4 ساعات يوما، ووزارة النفط رفضت رفع كميات تجهيز الوقود الى اصحاب المولدات”. 

 

اتهام ونفي 

واستدرك بالقول “لذلك ارتأت محافظة بغداد اتخاذ اجراءات رفع سعر الامبير على المواطنين”، مشيرا الى ان “محافظة بغداد تجد ان الاسعار المفروضة على المواطنين ليس بالقليلة خاصة على اصحاب الدخل المحدود والعوائل المعدمة، لكن عدم التعاون فرض على المحافظة اتخاذ مثل هكذا اجراء”. بدورها، نفت وزارة الكهرباء ما صرح به ابو ذر حول ساعات التجهيز المواطنين بالتيار الكهربائي.

وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء احمد موسى لـ”طريق الشعب” ان الوزارة لم تصدر اي تصريح بتوفير التيار الكهربائي 4 ساعات يوما، وان ساعات توفير الكهرباء تصل الى 8 ساعات يوميا في بعض المناطق وفي مناطق اخرى تصل الى 12 ساعة يوما، وهناك مناطق تجهز لهم التيار الكهربائي بالتناوب ساعتين تشغيل مقابل ساعتين اطفاء خلال اليوم”.

 

نظمها مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية 

ندوة الكترونية تناقش أهمية الربط الكهربائي مع دول الجوار

بغداد ـ طريق الشعب

نظم مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية مؤخرا، ندوة الكترونية، تناولت مسألة الربط الكهربائي مع دول الجوار.

واستضافت الندوة التي حملت عنوان «الربط الكهربائي مع دول الجوار ودوره في حل مشكلة الكهرباء في العراق»، مجموعة من الاساتذة المختصين بشؤون الطاقة الكهربائية والشأن الاقتصادي، بالإضافة الى اعضاء المركز.

نبذة تاريخية واستعراض للوضع

وقدّم مدير الندوة، ابراهيم المشهداني، الخبير في الشؤون الاقتصادية، استعراضا عن أهمية الطاقة الكهربائية في تنمية القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، متحدثا بشكل مختصر عن بدايات دخول الكهرباء إلى العراق.

وأوضح قائلا: “يعتبر توفير الكهرباء، الخدمة الاولوية الاكثر احتياجا بين البرامج الحكومية بعد دحر الارهاب الداعشي، لارتباط هذه الخدمة بحياة الناس اليومية؛ فكل مفصل في العملية التنموية لا يمكن ان تدور عجلته بدون الطاقة الكهربائية”. وتابع المشهداني “دخلت الكهرباء الى العراق في عام 1917 ونصبت اول ماكنة كهربائية في بناية (خان دلة)، وفي عام 1918 كانت الاسلاك تمد تحت الارض ومررت الى الجانب الغربي من الكرخ تحت الماء بالقرب من جسر الشهداء، فتصوروا مستوى العمل في ذلك التاريخ. وبعدها جرى تدريجيا نصب محركات في مناطق مختلفة في مدينة بغداد، لإنارة الدوائر الحكومية والمستشفيات، ومنذ ذلك التاريخ اخذ انتاج الطاقة الكهربائية بالاتساع حتى وصل ذروته بتغطية مناطق العراق في كافة المدن والجزء الاكبر من الريف”. وبيّن أن “حجم انتاج الطاقة بعد عام 2003 بلغ 2500 ميكا واط، وبعد مرور 17 عاما وصل الانتاج الى 27 الف ميكا واط، حسب احصاءات وزارة التخطيط. ولكن هذا الرقم مبالغ فيه وربما يكون قد نقل خطأ، غير ان الخطة الخمسية للأعوام 2013 - 2017 قد استهدفت انتاج 25 الف ميكا واط، لكن التقديرات تشير الى ان الانتاج وصل في عام 2017 الى 15 الف ميكا واط، اي بعجز مقداره 10 الف ميكا واط. فيما وصل الانتاج في عام 2020 الى 17 الف ميكا واط بما فيها الضائعات والطاقة المستوردة من ايران التي تبلغ 1400 ميكا واط، وهذا الرقم هو الاقرب الى الواقع”. وأكد الخبير المشهداني “انفاق ما يزيد على 40 مليار دولار كتخصيصات استثمارية حسب تصريح الناطق الاعلامي لوزارة الكهرباء في عام 2017، ولو فرضنا أن تكلفة كل الف ميكا واط هي مليار دولار، فهذا يعني انتاج 40 الف ميكا واط، وبحسب تقديرات وزارة التخطيط  فان الفائض سيكون 15 الف ميكا واط، فكيف الحال مع كل هذه الارقام، وما هي الفلسفة التي ستعتمدها وزارة الكهرباء لحل هذا الفشل؟ هل بخصخصة مشاريع الوزارة كما ورد في نص قانون الوزارة، لتتحول الكهرباء من خدمة الى سلعة؟ ام بالتفاعل بين القطاعين الحكومي والخاص عن طريق المشاركة؟”. 

وبعد ذلك، فسح مدير الندوة المجال أمام الضيوف لتقديم مداخلاتهم.

ميزات الربط الكهربائي

وتحدث المهندس قاسم كاظم حنيحن، معاون مدير عام دائرة التخطيط والمتابعة في وزارة الكهرباء قائلا: “لا بد من التمييز بين السعة التصميمية للمحطات الكهربائية والسعة التوليدية، فهناك محطات تولد اقل من الطاقة التصميمية لأسباب عديدة. فالطاقة الكهربائية تختلف عن بقية انواع الطاقة، فهي غير قابلة للخزن، وهناك اشكال من الانتاج في الطاقة الكهربائية كالطاقة المتجددة، اسهمت في تحقيق فائض، ومن هنا نهضت الحاجة الى الربط الكهربائي بين الدول المتجاورة”.

وأضاف حنيحن، إن الربط “يتم بين دولتين او اكثر، فعلى سبيل المثال لدى الصين مشروع عملاق يستهدف الربط الكهربائي على النطاق العالمي كله، وطرح هذا المشروع في مؤتمر دولي حضرته الجامعة العربية عبر انشاء محطات عملاقة ذات توسيعات توليدية عالية. وأما نحن في العراق، فإننا نستطيع نصب محطات تغذى بالنفط الاحفوري مع وجوب توفير الوقود وهو عامل مهم في توفير الطاقة، ومع وجود الربط الكهربائي تتحقق الوفرة والجدوى الاقتصادية”.

وتابع المتحدث، انه “من الناحية الفنية، فإن هذا الربط ولكي يعطي ثماره، يستلزم وجود شبكة موحدة بهدف استمرارية نقل الطاقة، ويعوض عن توقف الانتاج في المحطات الوطنية”. ومضى المهندس بالقول: “من ناحية اخرى، فان الربط الكهربائي من اهم المساهمات في التعويض عن الطاقة المفقودة في حال تعرضت الابراج الى التخريب او غير ذلك، كما حدث في العراق بسبب الإرهاب. ومن هنا تأتي القيمة الامنية للربط الكهربائي”.

وتطرق المتحدث الى ميزات عديدة للربط الكهربائي، أبرزها “الفائدة باستمرار التيار في حالة ارتفاع احمال الذروة، إمكانية تصدير الطاقة الفائضة، كما إن الربط الكهربائي يقوي العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الدول الاخرى، فضلا عن الإسهام في تفادي التلوث البيئي”. 

ولفت إلى أن “العراق حاليا يستورد الطاقة من ايران بالكميات الاكبر، ويكلفه هذا الأمر كثيرا بسبب عدم وجود منافس”.

 

خطوط نقل طويلة بكلف عالية

وفي السياق، رأت مها عمران، رئيس مهندسين اقدم في وزارة الكهرباء، إن الربط الكهربائي “يحتاج الى انشاء خطوط لنقل الطاقة الكهربائية لمسافات طويلة، وهذه تتطلب كلفة عالية تتحملها الخزينة”.

وأشارت الى أن هناك احتمال بفقدان مزايا الربط خلال الأزمات السياسية التي يمكن أن تحدث بين الدول المتعاقدة، على الرغم من مزايا تصدير الفائض.

ونوهت الى أنه “في عام 2003 كان مقدار التوليد 3400 ميكا واط، خصوصا أن حاجة الناس كانت اقل، ومحدودية التجاوز كانت قليلة أيضا، وحصة الفرد العراقي اقل من كلفة دول الجوار. ولكن مع مرور الوقت وحصول ظاهرة انشطارات المنازل وتوسع الاحياء السكنية والتحول المناخي وارتفاع درجات الحرارة، تطلب انتاج 5 ميكا واط للدرجة المئوية الواحدة مع زيادة الرطوبة وحصول الاختناقات”.

وأكدت رئيس المهندسين، إنه من المشاكل التي تتسبب في فقدان الطاقة المنتجة هي “التجاوزات على الخطوط الناقلة، كما ان التخطيط غير المتوازن بين الانتاج والنقل والتوزيع، وخفض التخصيصات المالية في عام 2014 جعل الانتاج المحلي يبدأ بالانخفاض”، مشددة على أن “التعاقدات مع الشركات الاستثمارية كانت مشكلة، لأنها لم تبرم مع شركات رصينة، كما إن خللا كبيرا رافقها”.

من جهتها، أكدت المهندسة المتقاعدة انتصار كريم عباس، التي كانت معاون مدير عام في مديرية توزيع الصدر، أن السعة التصميمية والانتاج للطاقة الكهربائية كان بحدود 9 الاف ميكاواط قبل حرب الخليج الاولى عام 1991 ولكن ما تعرضت له المنظومة الكهربائية من تدمير واضرار اثناء الحرب افقدها بحدود 60 في المائة من سعتها، ورغم أعمال التأهيل في حينها لم يتجاوز الانتاج 3500 ميكاواط، ولغاية 2003 لم يكن الانتاج يلبي الطلب”.

وأضافت المهندسة عباس، أنه “بعد 2003 حصل تسارع في نمو الطلب وخصوصاً للصنف السكني، وعليه فإن الحكومات في حينها كانت امام تحد كبير لاسيما ان الوقود المناسب لم يتوفر بالنوعية والكمية التي تحتاجها محطات الانتاج الغازية التي تمت اضافتها لغرض مواكبة الطلب، اضافة الى تحديات الوضع الامني، وبعد 17 عاماً وفي احسن الظروف لم يتجاوز معدل الانتاج 18 الف ميكا واط، ولم يلب سوى 50 في المائة او أدنى”.

وأردفت “أصبح لزاماً أن نتجه الى الربط الكهربائي الشامل والغاز الطبيعي الذي تبنته الجامعة العربية من 2012”، لكنها رهنت ذلك بإعداد “دراسة للجدوى الفنية والاقتصادية لتتم المباشرة في ذلك”. 

 

تقرير اللجنة البرلمانية

وفي غضون ذلك، تحدث عضو المركز حيدر مثنى، رئيس الدائرة البرلمانية في مجلس النواب، عن التقرير الذي قدمته اللجنة البرلمانية التي شكلت لدراسة عقود وزارة الكهرباء.

وأشار مثنى إلى، أن “التقرير قد سجل 22 نقطة تتعلق بطبيعة عقود الكهرباء وشراء الطاقة”، مبينا أن العراق “اتفق مع مجموعة من الشركات الاستثمارية على استيراد الطاقة، وقد بلغت تكاليف الشركات مع الطاقة المستوردة من ايران وتركيا 5،641،484 مليار دولار”.

وتابع مدير الدائرة البرلمانية “هناك 3 ملاحظات سجلها التقرير النيابي: الأولى حول إشكالية الشركات الاستثمارية في كل من بسماية وشمارا القابضة، وقيوان، وكلوب باور الامريكية، وكار والانماء”، مشيرا الى انه “تعتمد على دعم الدولة، حيث تتحمل الوزارة قسما من التكاليف حتى في حال توقف انتاج المحطات الاستثمارية وعدم استلام الوحدات المنتج لغرض التوزيع”. 

أما الملاحظة الثانية، بحسب المتحدث، فأشارت إلى أن “الوزارة لم تحدد تكاليف انتاج الميكا واط  وحاجته من الوقود، بينما أوردت الملاحظة الثالثة بلوغ قيمة شراء الوحدات المنتجة والمشترات من قبل الوزارة من شركتي الاستثمار  بسماية وشمارا القابضة بين 30 - 32 دولارا للوحدة المنتجة وهي متفاوتة بين عامي 2018 و 2019”.

 

ملاحظات عديدة عن الأزمة

وتخللت الندوة ملاحظات كثيرة قدمها الضيوف بخصوص أزمة الكهرباء التي ما زالت مستمرة رغم التخصيصات المالية الطائلة.

وقال سمير الجادري من ستوكهولم، إن “رئيس الوزراء الاسبق قد صرح انه ليس بالإمكان حل مشكلة الكهرباء مع العلم ان العراق بثروته قادر على حل هذه المشكلة”، منوها الى قيام شركة سيمنس الالمانية “بحل اشكالية الطاقة في مصر بتكاليف بلغت 2 مليار دولار بالآجل”.

المهندسة زينب حسين، رئيس مهندسين اقدم في وزارة التجارة، تساءلت بدورها عن “خطة وزارة الكهرباء لإنتاج الطاقة المتجددة، مع وجود رياح وشمس على امتداد العام”. 

بينما دعا الدكتور محسن القزويني، إلى “الاستعانة بدول الجوار لإصلاح الاعطال في محطات التوليد”.

أما علي مهدي، نائب رئيس المركز، فأشار الى وجود “شبه اتفاق بين جميع المتحدثين بشأن ضرورة الربط الكهربائي، كما ان العراق يجب أن يضمن الربط السباعي والثماني كما كان سابقا، حيث إن الربط مع دولة واحدة في استيراد الطاقة سيتحول الى احتكار تلك الدولة، وبالتالي هي من تحدد السعر”.

وتضمنت الندوة مداخلات أخرى كإشارة حيدر الكفيشي الى أن “موضوع الربط ليس بالجديد. وكان انتاج الطاقة قبل عام 2003 كبيرا، بينما الان اختلف الوضع وليس لدينا كفاية في الانتاج، ولهذا يكون الافضل الانتقال الى الطاقة المتجددة”. 

في حين تساءل محمد صباح عن “جدوى الربط مع الاردن التي تعاني قلة في انتاج الطاقة الكهربائية، ومن جهة اخرى نلاحظ انه يتم التعاقد مع شركات، هي متلكئة بالأصل!”.

وخرجت الندوة بمجموعة من الخلاصات والاستنتاجات، نصت على أن “العجز في انتاج الطاقة الكهربائية رغم التخصيصات المالية، يدعو للتحول الى الربط الشامل مع دول الجوار وليس الاقتصار على دولة واحدة. بل يجب تفعيل الربط السباعي والثماني، لأنه ضروري جدا لتوسيع مساحة المنافسة، فضلا عن اثره في تحسين العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع دول الجوار. كما أن للربط أهمية في تقوية منظومة الطاقة الكهربائية الوطنية، لهذا يجب التوجه الاستراتيجي لتوسيع الانتاج بما يحقق الاكتفاء الذاتي ومراجعة العقود المبرمة مع الشركات الاستثمارية باتجاه تقليل تكاليف الشراء من الوحدات الكهربائية المستلمة بالفعل والتخفيف من الاعباء التي تتحملها وزارة الكهرباء”.

 

الصفحة الخامسة

 

دعوات لتطوير إمكاناتها ومكافحة الفساد فيها ومراقبة ثروات الضباط

في عيد الشرطة الـ 99.. الداخلية تتسلم الملف الأمني تدريجيا

بغداد – علي شغاتي 

تزامنا مع مرور الذكرى التاسعة والتسعين لتأسيس الشرطة العراقية، اعُلن عن بدء انسحاب تدريجي لقوات الجيش من داخل بعض المدن، وتسليم الملف الامني إلى وزارة الداخلية. 

وقد رحّب خبراء أمنيون وضباط شرطة سابقون بهذه الخطوة، داعين الى محاربة الفساد داخل الوزارة، ومراقبة ثروات كبار ضباط، وابعاد الملف الامني والعسكري عن المحاصصة.

إنهاء الحالة الاستثنائية

واكد القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، على تولي قطعات وزارة الداخلية دورها الأمني بالكامل، وإنهاء الحالات الاستثنائية التي فرضتها حرب داعش. 

وقال الكاظمي في كلمة له خلال استعراض لقطعات وزارة الداخلية ان “العراقيين يقدّرون عاليا التضحيات الكبيرة التي قدمتها مؤسسات وزارة الداخلية، فشهداء الداخلية هم شهداء العراق ورموزه”، واصفا عيد الشرطة بأنه “يمثل عنوان الدولة والمشروع الوطني”. 

واضاف أن “هناك محطات كبيرة في عمل الداخلية لا يتم أخذها بحجمها الحقيقي، فالأمن المحلي ومطاردة عصابات الجريمة المنظمة والمخدرات وتأمين المناطق وتسهيل معاملات البطاقة الموحدة والجوازات وغيرها، كلها نشاطات كبيرة وجهود جبارة تؤتي ثمارها على الأرض”.  وعبر عن ثقته بقدرات قطعات وزارة الداخلية بمختلف الصنوف والمهام لتكون على العهد للقيام بدورها في حفظ الأمن الداخلي وحماية الشعب، مبيناً أن “دورنا هو تفعيل الجهود من أجل أن تعاد الأمور الى نصابها في العراق وتولي الداخلية دورها الكامل لإنهاء الحالات الاستثنائية التي فرضتها الحرب على عصابات داعش الإرهابية”. 

تهنئة في المناسبة 

من جانبهما، هنّأ رئيسا الجمهورية والبرلمان، الشرطة العراقية بمناسبة الذكرى السنوية الـ 99 لتأسيسها.   

وثمن الجانبان في بيانات منفصلة، طالعتها “طريق الشعب”، دور قوات وزارة الداخلية الوطني في مواجهة عصابات داعش الارهابي وتحرير المدن، داعين الى تعزيز قدراتها المهنية وتمكينها من الوسائل المتطورة والحديثة والارتقاء بالمستوى المهني والتدريبي والقانوني، وتوفير أفضل الوسائل والتجهيزات الضرورية، وبما يسهم في تسهيل وتطوير مهام عملهم.  وتأسست قوات الشرطة العراقية في مطلع عام 1922 في بداية تأسيس الدولة العراقية. ويبلغ عدد موظفيها من المدنيين والعسكريين 679 الف منتسب، وخصص لها في مسودة موازنة العام الحالي حوالي 12 تريليونا و365 مليار دينار. 

 

 تسليم الملف الامني للداخلية

الى ذلك، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، بدء انسحاب قوات الجيش من داخل بعض المدن تدريجياً، وتسليم الملف الامني إلى وزارة الداخلية. 

وقال المتحدث باسم القيادة اللواء تحسين الخفاجي في تصريح صحفي، تابعته “طريق الشعب” إنه “تم التنسيق بين وزارتي الدفاع والداخلية، لسحب قطعات الجيش خارج المدن، وإعطاء المهمة إلى وزارة الداخلية، بناء على توجيهات القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي”، مشيراً إلى أن “الكثير من السيطرات الخارجية وفي مداخل ومخارج المدن تم تسليمها إلى وزارة الداخلية، وكذلك تسليم الملف الأمني في الكثير من المحافظات”.  وأوضح، أن “هناك تحديات لدى وزارة الداخلية في هذه الأيام، فعند اكتمال قدراتها وإمكانياتها الأمنية، سيسلم الملف الأمني بكامله إليها”، مبيناً أن “مهمة العمليات المشتركة الآن هي مساعدة قطعات وزارة الداخلية في السيطرة على الأمن الداخلي، وكذلك بنفس الوقت التسليم تباعاً، وفق جدول زمني معد بين الداخلية والدفاع، وبالتنسيق مع قيادة العمليات المشتركة”. 

 

اختبار جدي للداخلية

من جهته، قال الخبير الامني احمد الشريفي، لـ”طريق الشعب”، ان “على الحكومة تكليف وزارة الداخلية بمسك الملف الامني في مراكز المدن واخضاعها للاختبار وتقييم عملها وفي حال وجود قضايا تحتاج للتعزيز على المستوى القتالي والتسليحي يجب تأمينها لضمان نجاحها ووضع المسار الامني والعسكري ضمن الاطر الدستورية”، مشيرا الى أن “وزارة الداخلية مهيأة في الوقت الحالي لاستلام الملف الامني وباستطاعتها تنفيذ الواجبات والالتزامات المنصوص عليها دستوريا”. 

 

سوء الادارة والمحاصصة

واضاف ان “سوء ادارة الموارد البشرية والمادية في المؤسسات الامنية والعسكرية لا يمكن انكاره والدليل الانهيار غير المبرر اثناء احتلال عصابات داعش للمدن”، داعيا الى “ضرورة ابعاد وزارة الداخلية عن منهج المحاصصة لكونه السبب المباشر في استشراء الفساد في المؤسسات الامنية والعسكرية”. 

وأكد الشريفي أن “رئيس الحكومة الحالية جامل الاحزاب السياسية المتنفذة وخضع بشكل مباشر للمحاصصة في الميدان الامني والعسكري على حساب المؤسسات ودورها الوظيفي” حسب قوله. 

 

مراقبة الثروات 

وفي السياق، دعا ضابط في الوزارة رفض كشف هويته، الى مكافحة الفساد داخل الوزارة والقضاء على ظاهرة بيع المناصب مقابل مبالغ مالية والحد من نفوذ ما اسماهم “سماسرة بيع المناصب”.

وقال الضابط في حديث لـ”طريق الشعب”، إن “الوزارة ورغم المحاولات العديدة في تقويض ظاهرة الفساد، لكنها حتى الان تبدو عاجزة عن معالجة هذا الملف، نظرا لسيطرة الاحزاب المتنفذة على مراكز صنع القرار فيها”.

ونوه الى ان “الفاسدين تتم حمايتهم من قبل جهات متنفذة”.  وشدد على “ضرورة متابعة الثراء الفاحش لكبار الضباط ومعرفة مصادر ثرواتهم التي لا تنسجم مع ما يتقاضونه من رواتب”، كاشفا عن “وجود اعداد من الفضائيين يدفعون اكثر من نصف رواتبهم لقاء عدم حضورهم للدوام، وتسعيرات للإجازات اليومية تصل الى 60 الف دينار لقاء الواجب الواحد”. 

 

ابتزاز المواطنين

من جانبه، تحدث الناشط المدني حسن محمد، عن معاناة المواطنين في مراكز الشرطة والابتزاز الذي يتعرضون له، داعيا الى مكافحة الفساد ومراقبة هذه المراكز لارتباطها المباشر مع المواطنين. 

وقال محمد في حديث لـ”طريق الشعب”، إن “مراكز الشرطة تمثل بؤرة للفساد حيث يعمد بعض الضباط الفاسدين الى ابتزاز المواطنين وتعقيد قضاياهم دون مبرر، في الوقت نفسه  يعجز منتسبو هذه المراكز عن أداء ابسط مهامهم مثل حل نزاع عشائري او شجار بسيط”، منتقدا “ضعف الشرطة في مواجهة المليشيات والسلاح المنفلت، وضعف دورها في محاربة الجريمة الالكترونية والابتزاز”.

 

وزعوا الحلوى والورود 

الشيوعيون يهنؤون الجيش والشرطة في عيديهما

طريق الشعب - خاص

ابتهاجا بحلول عيدي الجيش العراقي والشرطة العراقية، 6 و9 كانون الثاني، نظم الشيوعيون العراقيون في بغداد والمحافظات، فعاليات ونشاطات مختلفة، تنوعت بين تعليق اللافتات والشعارات في المناسبتين، وتقديم التهاني إلى منتسبي الجيش والشرطة المرابطين في نقاط التفتيش، وتوزيع الورد والحلوى عليهم، إلى جانب زيارة مقرات القوات الأمنية واللقاء بالقيادات، وغيرها من الفعاليات.

في الرصافتين الثانية والثالثة

“خلية الأمل” التابعة إلى لجنة الشهيد أبو جمال الأساسية للحزب/ اللجنة المحلية في الرصافة الثانية، نظمت زيارات إلى نقاط التفتيش والقواطع العسكرية الواقعة ضمن الرقعة الجغرافية لمنطقة “حي النصر”.

وهنأ الشيوعيون، الضباط والمنتسبين في عيدهم، ووزعوا عليهم الحلوى والورد. كما رفعوا لافتات تحمل شعارات تعبر عن أمجاد الجيش العراقي، معربين عن أمنياتهم بأن تزداد اللحمة بين الشعب والجيش من أجل الانتصار على قوى الإرهاب والفساد.

من جانب ذي صلة، رفعت اللجنة المحلية للحزب في الرصافة الثالثة، في عدد من المناطق ضمن رقعتها الجغرافية، شعارات في المناسبة، تثمن دور الجيش في حماية البلد والدفاع عن سيادته. 

وشكلت اللجنة المحلية وفدا قام بزيارة فوج الجيش في منطقة الحسينية، وهنأ الضباط والجنود ووزع عليهم الحلوى والورود. 

فيما نظمت وفود أخرى تابعة للجنة المحلية، جولات بين العديد من نقاط التفتيش المرابطة في مناطق الرصافة الثالثة، وهنأت المنتسبين ووزعت عليهم الورد والحلوى.

 

حفل عائلي في مقر شيوعيي الثورة

وفي السياق، أقام “منتدى الأم والطفل” التابع إلى اللجنة المحلية للحزب في مدينة الثورة (الصدر)، حفلا عائليا في مناسبة حلول أعياد رأس السنة وعيد الجيش العراقي.

أدارت الحفل الذي حضره عدد من العائلات وأطفالها، السيدة إخلاص، داعية في البداية إلى الوقوف دقيقة صمت إكراما لشهداء الوطن. 

وبحسب مراسل “طريق الشعب” في مدينة الثورة، قاسم عناد، فإن المحتفلين تبادلوا التهاني بالعام الجديد، وتمنوا أن يتم الخلاص من قوى الفساد والمحاصصة. كما بعثوا تهانيهم إلى الجيش العراقي في مناسبة عيده المائة.

وتخللت الحفل، أنشودة تعبر عن حب الوطن والحياة، أدتها مجموعة من الأطفال، فضلا عن الاستماع إلى باقة من الأغنيات الوطنية.

 

مقر شيوعيي بابل يحتضن مهرجانا شعريا

واحتضنت “قاعة آذار” في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي بمحافظة بابل، الجمعة الماضية، مهرجانا شعريا احتفاء بذكرى ميلاد الجيش.

المهرجان الذي أقامه فرع “جمعية البيت العراقي” للشعر الشعبي في المحافظة، بالتعاون مع اللجنة المحلية، أداره الشاعر حامد كعيد، الذي رحب بالحاضرين، من شعراء ومثقفين وناشطين، واستذكر مواقف الجيش العراقي في الدفاع عن البلد والحفاظ على وحدته وسيادته.

وألقيت خلال المهرجان، قصائد شعبية أشادت بانتصارات الجيش العراقي على عصابات داعش الإرهابية ومختلف قوى الإرهاب. وقد ساهم في القراءات الشعرية كل من الشعراء راسم الخطاط، عامر الوطيفي، حيدر الرماحي، ميثم الرماحي، منيف الزيدي، سليم الحسيني، محمود كمال، ناذر غصاب الحسناوي، محمد رحيم الشمري، عباس المسلماوي وضياء العسكري. الى ذلك وزع اعضاء اساسية الهاشمية الورود الحمراء الى منتسبي وضباط مركز شرطة المدحتية، بدورهم قدم المنتسبون الشكر لهذه الفعالية.

 

تهنئة الى شرطة المدحتية

ولمناسبه الذكرى الـ(99) لتأسيس الشرطة العراقية، هنأت أساسية الهاشمية للحزب الشيوعي العراقي/ محلية بابل، مركز شرطة المدحتيةـ  ضباطا ومراتب والمفارز التابعة له في المدينة ـ كما قامت بتوزيع الورود الحمراء على كافة منتسبي المركز. بدورهم، قدم ضباط المركز الشكر والتقدير والامتنان، متمنين للحزب الشيوعي العراقي مزيدا من التقدم والازدهار.

 

شيوعيو الحي يزورون مركز الشرطة

وفي مناسبة عيد الشرطة، زار وفد من اللجنة الأساسية للحزب في قضاء الحي بمحافظة واسط، مركز شرطة القضاء. 

وذكر مراسل “طريق الشعب” في واسط، بشار قفطان، أن الوفد الذي كان في استقباله مدير الشرطة، قدم التهاني في المناسبة للقادة والضباط والمنتسبين، وأهداهم باقة ورد.

 

تهان من شيوعيي  بهرز إلى الشرطة 

منظمة الحزب في ناحية بهرز بمحافظة ديالى، نظمت زيارة إلى مديرية الشرطة في الناحية، لتقدم التهاني في مناسبة عيد الشرطة العراقية. 

وكان في استقبال وفد المنظمة، كل من العميد صلاح والعقيد مجيد، اللذين رحبا به بالغ الترحيب – بحسب مراسل “طريق الشعب” في ديالى محمود العزاوي. 

وبيّن العزاوي، أن الوفد بعد أن قدم التهاني والورد في المناسبة، تبادل الحديث مع مستقبليه عن سبل الحفاظ على أمن المواطن، مشددا على أهمية أن يكون هناك تعاون بين المواطنين والأجهزة الأمنية لملاحقة المجرمين والإرهابيين.

*************************

 

 

ا

الصفحة السادسة

في ظل رفع سعر صرف الدولار  

الأنبار تنتظر  تشكيل لجنة لفض “النزاعات المالية”  بين المواطنين والتجار

الرمادي – وكالات 

يؤكد مراقبون واختصاصيون في شؤون الاقتصاد بمحافظة الأنبار، أن مدن المحافظة مقبلة على نزاعات مالية وخلافات واسعة تستدعي تدخل السلطات القضائية والشرطة لاحتوائها، وذلك على خلفية رفع سعر صرف الدولار بالدينار العراقي.

ومنذ صدور قرار رفع السعر، شهدت أسواق في الأنبار اغلاقا شبه كامل، خاصة أسواق الجملة والبضائع المستوردة، كمعارض السيارات الحديثة وأسواق المواد الانشائية والكهربائية والالكترونيات، تجنبا لخسائر يقول عنها التجار والباعة إنها “تنجم عن الفارق بين السعر الحالي للبضائع والسعر السابق الذي يطرحونه منذ مدة ليست بالقصيرة، وفقا لقيمة الدينار السابقة، والتي تبلغ 1200 دينار للدولار الواحد”.

 

بناء المنازل المدمرة بالآجل

يقول الخبير المالي أحمد الفهداوي، ان الانبار، وبعد مرحلة تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي، وعودة السكان إليها، صار الكثيرون يعتمدون على نظام التعامل بالآجل أو التقسيط، سواء لعمليات ترميم المنازل المدمرة وتأثيثها، أم لشراء السيارات، فضلا عن شراء الحاجات الشخصية، مبينا في حديث صحفي، أن كل ذلك يتم من خلال جمعيات وشركات أهلية. 

ويوضح أن الأقساط يتم تسديدها بالدولار وليس بالدينار العراقي، وانه عادة ما يكون الرهن هو راتب الموظف، الذي يستقطع منه كل شهر مبلغ بالدينار تتم معادلته بالدولار، لافتا إلى أن المواطنين من غير الموظفين، يرهنون منازلهم أو عقاراتهم للشراء بالاقساط من تلك الشركات.

ويضيف الفهداوي، أن التغيير الحالي في سعر الصرف، سيولد مشكلات كبيرة في طريقة احتساب مبالغ الأقساط المتبقية على المواطنين “فمثلا، ثلاجة قيمتها 400 دولار لن يوافق صاحب الشركة التعاونية أن يبقي القيمة على ما كانت عليه وهي 120 ألف دينار لكل مائة دولار، بل انه سيرفعها الى 147 ألفا، على اعتبار أن قيمة السلعة تغيرت وأنه سيذهب لشراء بضاعة مماثلة بهذا السعر، في الوقت الذي يرفض فيه المواطن ذلك ويطالب بإبقاء احتساب القيمة على ما كانت عليه وقت الشراء”. ويعتبر الخبير المالي، أن “تنصل الحكومة عن دفع التعويضات للمواطنين ولشركات ومعامل القطاع الخاص عّما خسروه في الحرب، إلى جانب عدم قيامها بإعادة تعمير البنى التحتية التي من شأنها خلق فرص عمل، كل ذلك يجعل وضع الأنبار سيئا للغاية ولا يبشر بخير!”.

 

محنة مالية تواجه الجميع

يوسف عامر، أحد سكان مدينة الفلوجة، يقول انه “قمت قبل 5 شهور بشراء سيارة من أحد معارض بيع السيارات في المدينة، بسعر 15 ألف دولار، وسددت نصف مبلغها، وعليَّ دفع النصف الثاني بعد شهر تقريباً، بالدينار العراقي، ما يعني أن عليّ زيادة المبلغ الحالي الذي رصدته بنحو الربع وهو ما لا أملكه ولا يمكن لي تأمينه خلال الفترة المتبقية عليّ”.

من جانبه، يقول محمد الكبيسي، وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية بالجملة، انه “تعرضت لخسارة كبيرة في عملي. فقد قمت بشراء البضائع من التجار بالدولار وبالدفع الآجل، وبعت أكثر من نصفها بسعر الصرف السابق، ولم يعد بإمكاني التسوق في ظل تذبذب أسعار الدولار، لذا قررت إغلاق محلي، وانتظار استقرار سعر العملة”.

أما المواطن غيث فاضل، فهو كان قد اشترى مواد إنشائية بالتقسيط وبالدولار، وذلك لغرض إعادة بناء منزله الذي دمر أبان الحرب ضد إرهاب داعش. 

ويشير فاضل، إلى أنه بعد رفع سعر الدولار، ازداد مبلغ الأقساط الذي يسدده بالعملة العراقية. فعرض على بائع المواد الإنشائية أن يدفع له المبلغ بما يعادل سعر الصرف السابق، لكنه أبى، مؤكدا أنه اليوم لا يستطيع تسديد ما في ذمته من دين.

 

لجنة لفض النزاعات المالية

يقر مسؤول في الشرطة، بأن هناك مداولات حول تشكيل لجنة لفض النزاعات المالية في الأنبار، حتى لا يقع ظلم على التاجر ولا على المواطن، مبينا في حديث صحفي، أنه “حتى الآن لم يصار الى تفاهم معين لاحتواء تلك المشكلات، لكن القضاء في المحافظة يستقبل أي قضايا تتعلق بالنزاعات التي ممكن أن تحدث”.

************ 

 

أگـول

المحاضرون في ديالى

لعبة في يد الدعاية الانتخابية!

فالح العنبكي

كنا نأمل من خطوة تعيين “المحاضرين” بعقود في المدارس، أن تستقطب كوادر تعليمية تساهم في سد النقص الحاصل في الملاكات التربوية، وأن يتم قبول المتقدمين لهذه الوظيفة بشفافية ومن دون تمييز، لكن الذي حصل جاء منافيا لآمالنا! إذ تم اختيار المحاضرين، في محافظة ديالى، وفق معايير غير نزيهة وغير قانونية، لعبت بها الوساطة والمحسوبية والمنسوبية، دورا أساسيا، ما كشف عن غياب للعدالة. 

وحملت قوائم قبول المحاضرين، أسماء من الذين تخرجوا أخيرا، ومن ذوي الاختصاصات غير التربوية، كالحاسبات.

الأمر اللافت للنظر، هو أن “التربية” ليس لها يد في إنجاز هذه القوائم – بحسب العديد من المتابعين. فاختيار الأسماء تم على أيدي متسلطين ومسؤولين، غبنوا حق الكثيرين من المتقدمين للتعيين في هذه الوظيفة، ما يعني انه لم يتم أخذ رأي مدراء المدارس والمشرفين التربويين، في الاختصاصات المطلوبة لسد حاجة الكوادر التعليمية، إنما كان ذلك بحسب الوساطات والولاءات الحزبية.  

هذا الغبن، أثار تذمر المحاضرين غير المعلنة أسماؤهم، الذين خرجوا في تظاهرة أمام مديرية تربية ديالى، معبرين عن مظلوميتهم ومطالبين بحقهم في التعيين.

ومن واجبي، كشيوعي مساند لشعبي ومدافع عن حقه، أن أطالب عبر “طريق الشعب” بقبول المحاضرين وتوزيعهم بشكل دقيق وعادل، على أن تؤخذ بنظر الاعتبار المعايير الصحيحة في القبول، ووفق ما تقتضي الحاجة.

ولكوني تربويا وعلى دراية تامة بما يحدث في المحافظة وتربيتها وأقسامها، فإني أرى أن ما حدث بخصوص عملية قبول المحاضرين، لا يمكن السكوت عنه، ولا يجب أن يمر من دون حساب. لذلك، علينا نصرة المحاضرين المظلومين من قبل المتسلطين، وإزالة العبء المتفاقم على المواطنين البسطاء والكادحين، الذين لهم الحق في الحصول على فرص عمل يسدون بها رمق عائلاتهم.

************ 

 

غرف نوم في الهواء الطلق!

مشاهد مثيرة للاستغراب 

على طريق محمد القاسم

بغداد - حسين علوان

على طريق "محمد القاسم" للمرور السريع في بغداد، وتحديدا عند "تقاطع القضاء" مقابل "جامع النداء"، يتجلى مشهد مثير للاستغراب. إذ تحولت مصاطب الجلوس تحت المجسر في التقاطع، إلى غرف نوم للمشردين والمتسولين ولمن لا مأوى لهم، فيما أصبح البعض منها عبارة عن أماكن لجلسات احتساء المشروبات الكحولية!

وكانت بلدية الأعظمية قد نصبت هذه المصاطب، ضمن خطتها الهادفة إلى إحياء الأماكن المحاذية للطريق السريع، والتي شملت تبليط الأرضيات وتأسيس أعمدة إنارة وطلاء الأرصفة. 

اليوم، أصبح المواطنون يأبون العبور من تحت هذا المجسر، خشية التعرض للسلب أو الاعتداء من التجمعات المريبة للمشردين والمدمنين، الذين تزداد أعدادهم بعد السابعة مساء، بالرغم من وجود نقاط أمنية تفصلها عن الموقع مسافة قصيرة لا تزيد على 30 مترا.

ويقوم هؤلاء المشردون، بترتيب المصطبات على شكل زوايا مغلقة، ونشر أفرشة النوم عليها وعلى الأرض، مشكلين مشهدا مثيرا للغرابة! 

يتطلب من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وبقية الجهات ذات العلاقة، الالتفات إلى هذه الظاهرة السلبية ومعالجتها. إذ يتوجب عليها أن تجري مسحا لتلك الأماكن من أجل التعرف على شاغليها من المشردين والمتسولين، وتوفير البدائل لهم. كأن يتم نقلهم إلى دور الرعاية الاجتماعية، مع تزويدهم بمستلزمات الحياة الضرورية، باعتبارهم مواطنين ولهم حقوق.

ولا يخفى على أحد خطورة هذه التجمعات، التي لا تخلو من أناس منحرفين ومجرمين، في الوقت الذي بدأت تستفحل فيه حالات الجرم بشكل مخيف، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية وتفشي البطالة وعدم تأمين شروط المعيشة للمواطن.

************ 

 

أمام انظار وزارة الشباب والرياضة 

مشروع رياضي في الهندية.. يكتمل أم يندثر؟   

الهندية - غانم الجاسور

في “حي الزهراء”، وعند بداية “حي أم الهوى” في قضاء الهندية بكربلاء، يوجد هيكل بناية كبير شيدته وزارة الشباب والرياضة قبل نحو 12 عاما، على أرض زراعية مساحتها 6 دوانم اشترتها من وزارة الزراعة. 

وبحسب المواطن أبو محمد، الذي يسكن مقابل الهيكل، فإن تكلفة هذا المشروع، الذي خطط له أن يكون مجمعا رياضيا، بلغت 6 مليارات دولار، وإن العمل كان بإشراف امرأة يعتقد أنها من محافظة النجف، ومقاول من محافظة بابل، مبينا أن المشروع لم يكتب له الاكتمال، فأهمل منذ فترة طويلة حتى أصبح مكبا للنفايات.

 أبو محمد، يؤكد أن مسؤولا حكوميا واحدا لم يتفقد هذه البناية بعد إهمالها، داعيا وزارة الشباب والرياضة إلى استئناف العمل في المشروع وإكماله، خاصة انه يتضمن ملاعب لكرات السلة والطائرة واليد، وملعب تنس ومسبحا كبيرا، فضلا عن قاعات واسعة لعشرات النشاطات الرياضية، التي قد تجذب الشباب بدلا من التسكع في الطرقات وارتياد المقاهي غير المجدية!

ولا يزال سكان المنطقة ينتظرون تعليلا مقنعا لسبب إهمال هذا المشروع، بالرغم من مساحته الكبيرة وما يحتويه من مرافق رياضية مهمة، منتظرين من وزارة الشباب والرياضة إجراء يصب في الصالح العام.

************ 

 

مواساة

* تعزي محلية الرصافة الثالثة للحزب الشيوعي العراقي الرفيق صادق كاظم لفته (ابو حيدر) نائب سكرتير المحلية، بوفاة شقيقته.لروحها السلام والطمأنينة، والذكر العاطر وللعزيز ابو حيدر، ولعائلته الكريمة مزيد من الصبر والسلوان.

* تعزي محلية البصرة للحزب الشيوعي العراقي الرفيق كاظم محسن “أبو مفيد“ نائب سكرتير المحلية بوفاة اخيه “فرحان محسن“ اثر مرض عضال لم يمهله طويلا. وبهذا نتقدم لرفيقنا ابو مفيد بخالص العزاء والمواساة، والى الفقيد الراحل الذكر الطيب على الدوام ولأهله الصبر والسلوان.

* السيدة أم إيمان والسيد فوزي علي

تتقدم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد بالتعازي الصادقة برحيل السيد وهاب إسكندر فيلي (أبو إيمان) بعد معاناة مع المرض بفقدانه نكون قد خسرنا مناضلاً ارتبط بنضال حزبنا وشعبنا وتعرض للسجون والمطاردة والتهجير من قبل الانظمة البائدة. حيث قدمت العائلة شهيدا للحزب في الستينيات على أيدي جلاوزة النظام الفاشي عام 1963.

وقدّم الفقيد خدمات جليلة للجالية العراقية في مدينة يتبوري، حيث كان يرأس النادي الثقافي الاجتماعي العراقي لسنوات طويلة. 

لكم الصبر بهذا الفقد الكبير، وللفقيد عاطر الذكر ولروحه السلام.

* ببالغ الحزن والأسى تعزي المحلية العمالية في الحزب الشيوعي العراقي الرفيق حسن عزيز بوفاة زوجة شقيقه، إثر مرض لم يمهلها طويلا. الذكر الطيب للفقيدة، والصبر والسلوان لعائلتها.  

* هيئة تنظيم الحزب الشيوعي العراقي في الحي تقدم التعازي والمواساة للرفيق بلاسم قاسم الجادري في وفاة ابن اخيه عباس كاظم الجادري،  وهو ابن عم الشخصية الاجتماعية والمربي المتقاعد  حميد جاسم واحمد والشاعر سعد. الذكر الطيب دوما للفقيد الراحل والصبر والسلوان للعائلة الكريمة.

************ 

 

 

ا

الصفحة السابعة

مقترح بتوحيد قانوني التقاعد والضمان الاجتماعي لضمان حقوقهم

عمال المساطر.. معاناة يومية انتزعت جلد الرصيف

بغداد - طريق الشعب

يشكو عاملون جمعهم الرصيف رحلة البحث اليومي عن لقمة العيش، وسط دوامة حياة تعصف بها ازمات اقتصادية وصحية وأمنية، أثرت بشكل كبير على معيشتهم، حتى وصل الحال ببعضهم الى درجة بيع أعضائه، كي يضمن عيشا كريما لعائلته.

وفي تلك الاثناء، طالبت لجنة العمل في مجلس النواب بـ”ضرورة الاسراع في تشريع قانون موحد للضمان والتقاعد الاجتماعي”.

وقالت، ان الازمات المالية والصحية والاجراءات غير المدروسة تسببت برفع نسب الفقر لمستويات كبيرة. 

 

الطين ازداد بلة

مجيد عبد الله (عامل بناء) يقول لـ”طريق الشعب”، يوم أمس، انه بعد انتشار فايروس كورونا بدأ عمال المساطر يعانون شح فرص العمل، انما يبقون حتى منتصف النهار بانتظار أرزاقهم.

واضاف، “الآن أزمة ارتفاع الاسعار “زاد الطين بلة من معاناتنا اليومية”.

وتطرق عامل البناء الى وضعه قائلا انه يسكن في دار مؤجر مقابل 300 الف دينار شهريا مع افراد عائلته، مستدركا “اذا كان الموظف وهو صاحب دخل شهر ثابت بدأ يعاني من ارتفاع الاسعار، فكيف بعامل المسطر الذي لا يتجاوز ايراده الشهري 300 الف دينار، وربما اقل.

ساعات الانتظار طويلة.. ولكن؟

أما صادق نجم (عامل شاب) فقال انه اضطر لبيع بعض أسنانه لطلبة كليات طب الاسنان، حسب قوله.

وتطرق عامل المسطر الى أوضاعه اليومية، مبيناً انه يسكن مع افراد عائلته في دار غير قانوني (تجاوز)، وانه الفرد الوحيد من بين افراد عائلته القادر على العمل.

واشار الى انه يخرج يوميا مع ساعات الصباح الاولى ليبدأ ساعات الانتظار الطويلة في المسطر على أمل أن يحضر صاحب العمل.

وبخصوص النقابات العمالية أوضح العامل “نسمع بها لا أكثر؛ فأغلب من يأتي يقول انه من النقابات العمالية، ويطالبوننا بالاشتراك ودفع مبالغ مالية، او للدعاية الانتخابية”.

 

حقوق تقاعدية

وبهذا الخصوص، قال عضو لجنة العمل والشؤون الاجتماعية  في مجلس النواب، فاضل جابر لـ”طريق الشعب”، إن “عمال الاجور اليومية وبضمنهم عمال المساطر هم الفئات الاكثر تضررا من اجراءات رفع اسعار صرف الدولار”، مشيرا الى ان “الازمة الصحية والاجراءات الاقتصادية، تسببت برفع نسب الفقر في عموم المحافظات”.

وحول الإجراءات، يرى جابر “ضرورة التعاطي مع تشريع قانون توحيد التقاعد والضمان الاجتماعي بشكل جدي”. وحول معوقات تقديم القانون للتشريع، اكتفى النائب بالقول “حاليا المجلس مشغول في تشريع قانون الموازنة المالية”.

وفيما اذا كان القانون يضمن حقوق عمال المساطر، اوضح النائب انه “حال تشريع قانون توحيد التقاعد والضمان الاجتماعي، فان جميع العمال بمختلف مجالات العمل يضمن لهم حقوقا تقاعدية”.

وخلص الى ضرورة المضي في “تشريع القانون حال انتهاء مجلس النواب من مناقشة مشروع قانون الموازنة”.

 

رغم ارتفاع معدلات الفقر

تخصيصات الموازنة تُطيح بمفردات البطاقة التموينية

بغداد - سيف زهير

أوردت موازنة 2021 التي أقرتها الحكومة مؤخرا، أرقاما مقلقة فيما يتعلق بوضع الفقراء والمهمشين، جاء في مقدمتها التخفيض الكبير الذي طرأ على مخصصات البطاقة التموينية رغم أهميتها بالنسبة إلى الكثيرين. ووفقا لخبراء في الاقتصاد، فأن هذا التخصيص الضئيل، لم يبال بارتفاع نسب الفقر التي كشفت عنها وزارة التخطيط خلال الأيام الماضية، داعين مجلس النواب الذي أنهى السبت الماضي قراءته الأولى للمسودة، المناقلة بين التخصيصات، ودعم مفردات البطاقة لما تمثله من أهمية قصوى للمواطنين، في ظل الأزمة الراهنة.

 

انخفاض إلى النصف

ويقول الخبير الاقتصادي، عماد تويج، إن تخصيصات البطاقة التموينية قد انخفضت في مسودة موازنة 2021 إلى حوالي النصف، بينما كانت أعلى في السابق.

ويشدد تويج، خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، على أن الموازنة الحالية “ما زالت فرضية لا يمكن تطبيقها وفق هذه الأرقام، لأن البطاقة التموينية من مثبتات العرض الكلي، وتساهم بشكل أساسي بالحفاظ على الأسعار واستقرارها”. وأضاف “العرض الكلي للسلع الضرورية مثل الطحين والرز وغيرها من السلع الاستراتيجية التي تساعد الفقراء على العيش، يغطى من المنتج المحلي، أو عبر الاستيراد الخارجي، لذلك من الصعب جدا تخفيض التخصيصات بهذا الشكل لمفردات البطاقة التموينية”.

وأكد الخبير تويج، ضرورة عدم “تخفيض الحكومة لمخصصات البطاقة التموينية، بسهولة داخل مجلس النواب لأن للأمر انعكاسات كثيرة، خصوصا وأن أهمية هذه القضية، تفوق أهمية الإعانات التي تقدم إلى العاطلين عن العمل، وغيرها. لذلك لا بد للنواب من السعي لنقل التخصيصات في بعض الجوانب، وتعظيم الرقم المخصص للبطاقة لغرض مساعدة الفقراء والمهمشين على العيش”، لافتا الى أن “الحكومة وقعت في خطأ كبير عندما رصدت هذا المبلغ الضئيل. حيث إن استهداف مفردات البطاقة بهذه الطريقة، سيتسبب بارتفاع كبير في أسعار السلع الضرورية في السوق”.

 

ربع العراقيين فقراء

ولم تشفع نسب الفقر الآخذة بالتزايد، لمخصصات البطاقة التموينية التي قلصتها موازنة الحكومة.

فقد أعلنت وزارة التخطيط عن إحصائية تظهر أن قرابة “10 ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر. ويمكن أن يصل العدد الى 11 مليون و400 ألف فرد إذا ارتفعت الاسعار بنسبة 50 في المائة نظرا لكبر الأزمة”، مؤكدة أن ربع سكان العراق “يعيشون تحت خط الفقر إذا كان عدد السكان الكلي 40 مليون نسمة”.

وتزامنا مع هذه الأزمة، عزت وزارة التجارة “الانتكاسة” التي تعرضت لها البطاقة التموينية إلى قلة التخصيصات المالية.

وقال مدير دائرة الرقابة التجارية والمالية في الوزارة، محمد حنون، إن “البطاقة التموينية مرتبطة بالتخصيصات المالية، لذلك فإن استقرارها مرتبط بما يخصص لها من الأموال”.

وأضاف في تصريح صحفي طالعته “طريق الشعب”، إن “التخصيصات التي رصدت خلال العام الجاري لمواد السكر والزيت والرز، بلغت 648 مليار دينار، في حين توزع مادة الطحين من الحنطة المسوّقة من الفلاحين ضمن الموسم التسويقي، أي أن المواطن سيتسلم أربع مواد أساسية لست وجبات، باستثناء الطحين الذي قد يصل إلى 10 أو 11 وجبة في السنة”، مردفا “المواطن سيتسلم كامل حصته من مادة الطحين، في حين أن المفردات الباقية من السكر والرز والزيت، سيتسلمها كل 45 يوماً”.

 

نسب غير معقولة

من جانبه، أوضح الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد خضير، إن “موازنة 2021 خصصت لكل مواطن ما يقارب الـ 20 ألف دينار سنويا ضمن البطاقة التموينية، بينما رصدت مخصصات ونفقات عالية لجوانب أخرى أقل أهمية، ما يدلل على بذخ هذه الموازنة وابتعادها عن هموم المواطنين الفقراء، وعشوائيتها في الانفاق”.

وأكد خضير لـ”طريق الشعب”، إن الورقة البيضاء الحكومية كانت “تلمح الى إلغاء البطاقة التموينية تماما، فهي نسخة اقتصادية تجسد رغبات صندوق النقد الدولي”، مبينا أن “البطاقة التموينية أتت من عام 2020 وهي محملة بمشاكل كبيرة أبرزها قلة التخصيص المالي، والتأخر بصرفه، والذي أربك وزارة التجارة في تعاقداتها، لكن الحكومة لم تأبه بذلك، وأكدت ان توجهاتها تسير في موازاة الوضع القائم ولم تقدم على أي تغيير حقيقي يمس حياة الفقراء والمهمشين”. وتابع الباحث قائلا: “البطاقة التموينية مرتبطة بالتخصيصات المالية، لذلك فإن استقرارها مرتبط بما يخصص لها من الأموال، والسؤال المطروح هنا عن كيفية تنفيذ الحكومة لوعودها بتحسين المستوى المعاشي، في حين تقلل من جانب آخر تخصيصات البطاقة التموينية رغم الانكماش الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة والجوع والفقر الذي رافق جائحة كورونا”، داعيا مجلس النواب الى “العمل على المناقلة في أبواب الصرف وتعزيز البطاقة التموينية بمخصصات أكبر”. وأنهى مجلس النواب، أمس الأول، القراءة الأولى لمسودة الموازنة.

وبخصوص النفقات الواردة فيها، أوضح عضو اللجنة المالية النيابية، شيروان ميرزا، إن مجلس النواب “سيعدل مواد الموازنة خلال القراءة الثانية للقانون. حيث إن صلاحياته محدودة جدا في التعديل، لكنه سيعمل على تخفيض النفقات المرتفعة وزيادة بعضها إذا تطلب الأمر من خلال المناقلة.”

 

مفارقات الموازنة

وبحسب أرقام مسودة الموازنة التي تناولها بالتحليل الكثير من المختصين، فإن مجموع تخصيصات الرئاسات الثلاث، إضافة إلى تخصيصات أمانة مجلس الوزراء تبلغ 977 مليار دينار، أي إنها تقارب تخصيصات البطاقة التموينية التي تهم ربع سكان البلد على أقل تقدير. علما إن تخصيصات الأخيرة التي تبلغ (795 مليار دينار) تمثل 0.5 في المائة من اجمالي النفقات، وبانخفاض مقداره 48 في المائة عن تخصيصات عام 2019 البالغة ترليون ونصف الترليون دينار.

ورغم المطالبات بتحسين مستوى الزراعة والصناعة، إلا أن تخصيصات الموازنة لهذين الجانبين المهمين، بلغت 0.9 في المائة من اجمالي النفقات، في حين بلغ اجمالي تخصيصات وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية والعسكرية قرابة 17 في المائة من النفقات العامة، حيث يعتبر الكثير من المختصين بالاقتصاد أن هذه الارقام تمثل مفارقة كبيرة، رغم أهمية التخصيص المالي لقوى الأمن. لأن البلاد تقف على حافة الهاوية بسبب اقتصادها الريعي. كما أن الإصرار على هذا النمط الاقتصادي العقيم في موازنة 2021 يناقض جوهريا وعود المنهاج الوزاري بتجاوز هذه المحنة وتنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين المستوى المعاشي للفقراء والمحرومين والمهمشين.

 

وقفة اقتصادية

موازنة أربكتها التناقضات 

ابراهيم المشهداني

المفروض بالموازنات السنوية لعام 2021 ان تكون مهمتها الأساسية توحيد الروابط بين استراتيجيات التنمية الوطنية الاقتصادية وبين استراتيجيات الحد من الفقر، وأن تعالج فيما بينهما من إشكاليات عديدة اهمها تطوير عمليات التنمية وإنعاش الاقتصاد بما فيه توفير فرص العمل وتوزيع الدخل وتخفيض نسب الفقر. 

ففي الوقت الذي تصرح الحكومة ووزير المالية أن التدابير المالية  التي وردت في الورقة البيضاء والتي انعكست في موازنة 2021 سوف تحقق الخطة الإصلاحية الحكومية وفي نفس الوقت سوف تحسن من مستوى الفقر، لكن الأرقام التخمينية في الموازنة كانت أكثر صراحة مما قيل وسمعنا، فعلى سبيل المثال أن البطاقة التموينية وهي المعول عليها في توفير السلة الغذائية في ظروف الأزمة الاقتصادية الخانقة جاءت مخيبة للآمال فان تخصيصاتها انخفضت من تريليون ونصف في موازنة 2019 الى 795 مليار في موازنة هذا العام حيث لم تزد عن   5،0  بالمائة  من إجمالي النفقات العامة أي بانخفاض نسبته 48 في المائة عن تخصيصات العام الماضي.

أما بالنسبة  لسوق العمل فإن الموازنة سدت الأبواب أمام تهيئة الفرص لتشغيل العاطلين إلا في أضيق الحدود وإبقاء مئات الألوف من الخريجين سنويا على الرصيف حتى مهنة  العتالة في سوق الشورجة الذي طالته الازمة الاقتصادية في وقت يتراجع القطاع الخاص أكثر مما كان لأن الدولة التي صدعت رؤوسنا باقتصاد السوق لم تمكنه من إعادة الحياة بمستوى العقود التي سبقت مرحلة تغيير النظام،  فضلا عن ذلك فان المشاريع الاقتصادية المتوقفة في القطاعين الحكومي والخاص وعددها 50 الف مشروع صغير ومتوسط قد تصل الى مائة الف مشروع إذا ما استمرت السياسة الاقتصادية بنفس السياق وبالتالي كيف سيكون خفض قيمة الدينار منشطا لهذا القطاع ؟ مع العلم بان تخصيصات وزارة الزراعة في موازنة هذا العام 311 مليار دينار ووزارة الصناعة 1173 مليار دينار ومجموع هذه التخصيصات تشكل نسبة 0،9 بالمائة من اجمالي النفقات العامة فيما كانت النسبة 1،5 في المائة من تخصيصات 2019.

وإذا أمعنا النظر في الاثار التي انتجتها جائحة كورونا ناهيك عن المصابين بالأمراض المزمنة وأكثرها ترويعا الأمراض السرطانية التي تقتضي من الحكومة أن تنصف هؤلاء بتوفير الأدوية وبالكميات التي تتناسب مع حجم الاصابات من خلال رصد التخصيصات المناسبة فعلى النقيض من ذلك فان تخصيصات الأدوية بلغت (1،35) تريليون دينار أي 0،8 بالمائة من إجمالي النفقات العامة وبنسبة انخفاض 10 في المائة من تخصيصات العام الماضي.

ويبقى ما تعرض له موظفو الدولة هو الصدمة الأكبر وبازدواجية مضاعفة، فمن جهة فرضت عليهم ضريبة الدخل على كامل الراتب ومن جهة أخرى انخفاض القيمة الشرائية للراتب من جراء خفض سعر الصرف، وأما شمول المتقاعدين بضريبة الدخل فإنه يتعارض مع قانون الضريبة رقم 113 لسنة 1982 الذي يعفي المتقاعدين من ضريبة الدخل.

 إن موازنة 2021 اصبحت الآن على ذمة مجلس النواب وبما أنه دستوريا يعد ممثلا للشعب العراقي فانه مطالب بالإمعان في دراسة الموازنة بما ينصف المواطنين العراقيين لاسيما وأن أسعار النفط في السوق العالمية قد وصلت الى 54 دولار للبرميل ومن المتوقع ان يصل الى 65 مليار دولار في هذا العام ونقترح ما يلي:

1. اعفاء رواتب الموظفين الذي لا تزيد عن مليون دينار وفرض نسبة 10 في المائة لمن يتقاضى أكثر من مليون ولغاية ثلاثة ملايين دينار و20 في المائة لمن يزيد راتبه عن 3 ملايين ولغاية 5 ملايين و50 في المائة لمن زاد عن ذلك.

2. إعادة النظر في المبالغ المخصصة للبطاقة التموينية لما يزيد عن 5،1 تريليون دينار مع مراعاة عدد المواد التي تحتاجها العائلة العراقية بما يسهم في تامين غذائها وبنفس المعنى مراجعة تخصيصات الأدوية وخصوصا الامراض المزمنة وتوفيرها في المستشفيات الحكومية.

3. تخفيض التخصيصات المحددة لبعض القطاعات من أجل توفيرها للقطاعات الضعيفة ومنها قطاعات الأمن والدفاع والإدارات العامة المركزية والمحلية وجوانب الهدر في قطاع الطاقة ومنها على سبيل المثال عقود التراخيص النفطية.

 

 

ا

الصفحة الثانة

تمرد ترامب الفاشي في واشنطن

 يهدف إلى تدمير الديمقراطية الامريكية *

ترجمة سلم علي

على مدى أشهر عدة حذرت هذه الصحيفة (“عالم الشعب” People’s World) من أن ترامب نصّب نفسه زعيماً لحركة فاشية جماهيرية وأنه لن يتوقف عند أي شيء للحفاظ على قبضته على السلطة. وقدم الانقلاب/ التمرد الذي حدث في واشنطن العاصمة يوم الأربعاء تأكيداً للحقيقة التي لا يمكن إنكارها لهذا التحذير، فقد جرى بثه على الهواء مباشرة عبر شاشات التلفزيون والهواتف الذكية في ارجاء العالم.

ومنذ ان طرح ترامب للمرة الأولى فكرة تأجيل الانتخابات ونشر القوات الفيدرالية ضد المتظاهرين من  حركة “حياة السود تهمنا” في حديقة لافاييت بارك (قرب البيت الابيض)، إلى إنشاء لجان لملاحقة سرقة الأصوات في ولاية بنسلفانيا في تشرين الاول (أكتوبر) الماضي، والأكاذيب التي لا نهاية لها حول “الانتخابات المسروقة” منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، كان ترامب يغذي النار في مرجل يغلي من التطرف اليميني العنصري.

لقد غلي هذا المزيج القاتل الآن ونتج عنه انقلاب فاشي كامل في عاصمة البلاد.

وكان شاغل المكتب البيضاوي (ترامب) المنتهية ولايته أمضى أسابيع في استدعاء هذه الغوغاء إلى واشنطن “للاحتجاج” ظاهرياً على مصادقة الكونغرس على خسارته، وفقاً لما توصل اليه المجمع الانتخابي، لصالح الرئيس المنتخب جو بايدن. لكنهم في الواقع كانوا بمثابة القوة الخارجية لدعم “مجموعة الفتنة” في مجلس الشيوخ التي كانت تعمل من الداخل لتخريب حسم هزيمة ترامب الانتخابية.

وبعد أن حشد ترامب قواه في وسط العاصمة واشنطن، أشعل فتيل انفجار العنف صباح الأربعاء بصرخة الحرب التي اطلقها: “لن نستسلم أبدًا! لن نتنازل أبدا! “. وقال رودي جولياني (محامي ترامب الشخصي)، الذي بدا مثل جوزف غوبلز (وزير الدعاية السياسية في المانيا النازية)، مخاطباً انصار ترامب أن الوقت قد حان لاجراء “محاكمة بالقتال”. وبعد تأجيج مشاعرهم، أرسلهم ترامب واتباعه للتوجه في مسيرة نحو الكونغرس.

وعند الوصول قام انصار ترامب من المتطرفين بمهاجمة مبنى الكابيتول (مقر الكونغرس)، واقتحموا الأبواب وكسروا النوافذ. ولم يلقوا سوى مقاومة شكلية من قوات الشرطة المتواجدة هناك، وهي حقيقة مثيرة للانتباه، بالمقارنة مع القوات الفيدرالية المدججة بالسلاح التي تمركزت في جميع أنحاء المدينة عندما نظم المتظاهرون من مؤيدي حركة “حياة السود تهمنا” احتجاجات سلمية الصيف الماضي. ومع ذلك، جاءت جماعات تفوق العرق الأبيض العنصرية المسلحة إلى المدينة وتمكنوا من السيطرة على مبنى الكابيتول. في غضون ذلك، أبقت إدارة ترامب الحرس الوطني في اماكنه ولم يتدخل.

ونجحت أعمال الشغب، مؤقتاً، في تأخير إحصاء نتائج المجمع الانتخابي. وجرى نقل أعضاء الكونغرس الى اماكن أمينة، وتم إخراج مايك بنس نائب الرئيس الامريكي من المبنى عبر نفق سري. (يبدو ان بنس ايضاً اصبح شريراً في نظر الحشد المعبأ تحت شعار “لنجعل امريكا عظيمة من جديد” بعد عدم استجابته لمحاولة ترامب اليائسة الأخيرة لسرقة الانتخابات.)

وانتقد الرئيس المنتخب بايدن بشدة الغوغاء وزعيمها، قائلاً: “كفى، ضقنا ذرعاً”. وبعد ساعات من الصمت، خرج ترامب اخيراً ليتحدث على الهواء - ليس لإدانة العنف بل للإشادة بمثيري الشغب! وأعلن عن تعاطفه وتقديره للمجرمين الذين اقتحموا مبنى الكابيتول، قائلاً “نحبكم. انكم مميزون للغاية.”

جاءت النقطة المضيئة الوحيدة في عصر ذلك اليوم، في نفس اللحظة التي كانت فيها ثمار تحريضات أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين تتجلى في قاعات الكونغرس، اذ فقدوا السيطرة على مجلس الشيوخ. فخلال الفوضى خرجت رئاسة مجلس الشيوخ من يدي  السناتور الجمهوري ميتش ماكونيل بعد الاعلان عن فوز الديمقراطي جون أوسوف بالمقعد الثاني لولاية جورجيا في مجلس الشيوخ. 

[المترجم - كان الجمهوريون يسيطرون على 52 مقعدا من 100 في المجلس. وبفوز المرشحين الديمقراطيين في انتخابات الإعادة لمقعدين في جورجيا، سيقسم مجلس الشيوخ بالتساوي بين الجمهوريين والديمقراطيين، ما يسمح لنائبة الرئيس الديمقراطي القادمة، كامالا هاريس، بالتصويت الفاصل.]

وبحلول مساء الاربعاء أصبحت بعض نتائج اقتحام مبنى الكابيتول أكثر وضوحاً. فقد تم إطلاق النار على شخص واحد على الأقل وقتل، وتم اكتشاف متفجرات، ورُفع علم حركة تفوق العرق الابيض العنصرية في غرف مجلس الشيوخ. وغطت سحب الغاز المسيل للدموع منطقة الكابيتول هيل مع غروب الشمس، واندلعت حرائق في منتزه ناشونال مول.

وتم رفع علم الكونفدرالية، الذي يمثل الخيانة والعنصرية، في مجلس الشيوخ من قبل أنصار ترامب. [المترجم – كان هذا العلم يمثل المتمردين وجيش الجنوب في الولايات الكونفدرالية إبان الحرب الأهلية الأميركية.]

يجب القاء القبض على جميع الفاشيين المشاركين في اعمال الشغب ومقاضاتهم ومحاكمتهم بتهمة التمرد. وقد رفض قسم كبير منهم ارتداء الأقنعة احتجاجاً على ما يعتبرون انه “خدعة” فيروس كورونا، ولذا سيكون من السهل التعرف عليهم واعتقالهم.

إن شركاء ترامب في الحزب الجمهوري الذين كانوا يحاولون تخريب المصادقة على نتائج الانتخابات - تيد كروز وجوش هاولي والبقية - لا يستحقون إدانة التاريخ فحسب بل وإدانة المحاكم أيضا. يجب توجيه التهم إليهم، وطردهم من الكونغرس، كما دعت الى ذلك كوري بوش النائبة الديمقراطية بولاية ميزوري، وحيثما أمكن ايداعهم بالسجن.

أما بالنسبة للديكتاتور المحتمل نفسه (ترامب)، إذا كانت حكومته مستعدة للوفاء باليمين الدستورية فإن عليها ان تجتمع الآن وتعزله من منصبه بموجب التعديل الخامس والعشرين في الدستور الامريكي. وسواء حدث ذلك أم لا فانه يجب على الكونغرس التصويت على الفور على مواد جديدة لعزله والمضي قدماً في محاكمته في مجلس الشيوخ الجديد ذي الأغلبية الديمقراطية. وقد شرعت إلهان عمر، النائبة الديمقراطية من ولاية مينيسوتا، بالفعل بتهيئة هذه المواد لإقالته. وهي تستحق التصويت عليها في أسرع وقت ممكن.

ان طلب ترامب من رافينسبيرغر، سكرتير ولاية جورجيا، في عطلة نهاية الاسبوع الماضي تزوير الانتخابات قدم بالفعل سبباً كافياً. ويجب أن تقضي أحداث هذا اليوم ( 6 كانون الثاني/ يناير) على أي تردد في محاكمته مرة أخرى.

وعلى الرغم من أن ترامب سيخرج من منصبه قبل أن تتم إدانته، فإن تقديمه الى المحاكمة لمحاولته الإطاحة بحكومة الولايات المتحدة المنتخبة ديمقراطياً يمكن أن يمنعه من الترشح لمنصب مرة أخرى.

كان ترامب على مدى سنوات يكشف لنا من هو وما هي حقيقته. لقد شغل شخص فاشي البيت الأبيض منذ كانون الثاني (يناير) 2017. ولو كان بإمكانه الحصول على جنرال أو اثنين لمسايرته وتجهيز القوات اللازمة للقيام بذلك، هل هناك حقاً أي شك في أن ترامب سيدمر الديمقراطية الأمريكية كلياً؟

بالنسبة لأولئك المتنبهين واليقظين، كان من الواضح منذ فترة طويلة أن ترامب يمثل تهديداً لبقاء حكومة ديمقراطية في هذا البلد. والأحداث التي شهدتها واشنطن يوم 6 كانون الثاني (يناير) تجعل ذلك أمراً لا يمكن إنكاره على الإطلاق.

قلناها من قبل، وسنقولها مرة أخرى: لا لانقلاب ترامب.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(*) مقال افتتاحي لصحيفة “عالم الشعب” (People’s World) اليسارية الامريكية – 6 كانون الثاني (يناير) 2021.

*********** 

 

الفاشيون والشعبويون في المراكز الرأسمالية والأطراف من طينة واحدة

محاولة ترامب الأولى للانقلاب على الديمقراطية

رشيد غويلب

 التمرد الذي مارسه عدة آلاف من أنصار ترامب في 6 كانون الثاني، وبلغ ذروته باقتحام مبنى الكابيتول، مقر البرلمان الأمريكي، أثار موجة غضب ومعارضة في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من أن الحدث لم يؤخر انتخاب جو بايدن رئيسا جديدا للولايات المتحدة، إلا لفترة قصيرة، ورغم أن ترامب صرح في نهاية محاولته الفاشلة بضرورة انتقال السلطة السلمي، لا ينبغي أن تتاح لترامب وجمهرة الفاشيين واليمينيين المتطرفين الذين يدعمونه، فرصة جديدة لعرقلة الانتقال السلمي للرئاسة في 20 كانون الثاني. وتبقى الفرصة الوحيدة صعبة التحقق، افتعال تمرد جديد، وإعلان حالة الطوارئ، وهو أمر استبعده أغلب المتابعين.

وكان عشرة من وزراء الدفاع السابقين، قد حذروا ترامب، في مقالة مشتركة نشرت في الواشنطن بوست في 4 كانون الثاني، من مغبة زج الجيش في الصراع بشأن نتائج الانتخابات الذي يصر على افتعاله. وأن المسؤولين الداعمين لترامب، سيتعرضون لمحاسبة قانونية في حال تورطهم في محاولة انقلابية. 

ويؤشر محللون يساريون في أوربا، خطرا كبيرا، في حال استخدم ترامب الأيام المتبقية له في السلطة، للقيام بالمزيد من الممارسات الاستفزازية، وقد تحاول الطغمة المحيطة به، ترك إرث صعب في السياسة الداخلية والخارجية، لا يمكن التراجع عنه بسهولة. بالإضافة إلى محاولة تشكيل كتلة يمينية متطرفة وعنصرية قوية من أنصار ترامب، للضغط خلال دورة الديمقراطيين الرئاسية، لمنع تنفيذ سياسات إصلاحية، وخلق تراكم يمهد الطريق امام عودته الى البيت البيض بعد انتخابات تشرين الثاني 2024.

بالإضافة الى ذلك شددت وسائل إعلام يسارية في الولايات المتحدة وخارجها على تواطئ الشرطة الاتحادية في تمكين دخول فاشي ترامب مقر السلطة التشريعية. وركزت مساهمات عديدة على الطبيعة الطبقية والعنصرية لمعسكر أنصار ترامب واعتماده على مليشيات وتشكيلات شبه عسكرية، مما يجعل اللحظة الفاشية حاضرة، وتؤسس لخطر داهم في المستقبل، ناهيك عن تبني مراكز داخل الحزب الجمهوري لسياسة ترامب الاقتصادية، والعودة لأشد الأشكال رجعية في سياسات المحافظين الجدد في عهد بوش الإبن.

لقد كشفت أعمال الشغب عن الوجه غير الديمقراطي لدولة تتزعم العالم الرأسمالي. وأثبتت الأحداث مرة أخرى، صحة المقولة التي مفادها إن جهاز القمع في جميع الديمقراطيات الغربية، لا يرى في العين اليمنى، ويمارس سياسة منافقة مكشوفة، فهو يضيق الخناق على الحركات الاجتماعية والسياسية التي تتحدى سلطة هيمنة رأس المال، ويغض النظر، عن بشاعات اليمين المتطرف والفاشيين الجدد، باستثناء عمليات القتل الصارخة التي لا يستطيع تجاوزها، ويبحث أحيانا عن تبريرات لبعضها.

والحدث يمثل امتحانا مباشرا للرئيس المنتخب بايدن وحكومته المرتقبة، في مدى جديتها، في توظيف أغلبيتها المضمونة في مجلسي الشيوخ والنواب، لإحداث، تغيير في سياسة الولايات المتحدة، وربما تكون هذه هي اللحظة التي يدرك فيها الديمقراطيون أن ترددهم لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد، وأن الوقت قد حان لمحاربة عنف اليمين المتطرف والفاشيين الجدد بجدية. واعتماد توجه ملموس لتنظيف الأجهزة الأمنية من شبكات العنف والعنصرية، ومحاسبة النواب الجمهوريين الذين حرضوا على أعمال الشغب. أي أن عليهم اتخاذ خطوات لإضفاء الطابع الديمقراطي على سياسة واقتصاد الولايات المتحدة.

 

في جورجيا انتصرت الحركات الاجتماعية

جاء انتصار الديمقراطيين في انتخابات الجولة الثانية في جورجيا، ليطوق التحرك الفاشي لترامب وانصاره. لقد حصل المرشحان الديمقراطيان على أصوات أكثر من الأصوات التي حصل عليها جو بايدن في انتخابات الرئاسة في الولاية. ويعود ذلك إلى انفتاح المرشحين على الناخبين السود واللاتينيين.

والنتيجة تؤشر إمكانية فوز الديمقراطيين، بأصوات أكثر في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 3 من تشرين الثاني، لو كان مرشحهم شخصية غير تقليدية مثل بايدن، وقادر على محاكاة ضحايا العنصرية، وعلى تقديم وعود اجتماعية وسياسية أعمق. لقد تعرض رجل الدين الأسود، وراعي الكنيسة التي بشر منها مارتن لوثر، ومرشح الديمقراطيين وارنوك، إلى هجمات قاسية من الجمهوريين، ونعت بالاشتراكي والمتطرف، بعد اقتطاع نصوص خطبه الدينية وإخراجها عن عمد من سياقها العام. لقد اعتمد المرشحان الديمقراطيان ما تطالب به الحركات الاجتماعية في تقديم مساعدة طارئة للمتضررين من الوباء قدرها ألفا دولار، وقد أثر هذا الدعم الملموس إيجابيا على التصويت لصالح الديمقراطيين.

ويعود هذا التحول إلى الانفتاح على أوساط الناخبين المترددين، وخصوصا في أوساط السود واللاتينيين، والخطة العشرية التي تبنتها ستاكي برامس رئيسة كتلة الديمقراطيين السابقة في برلمان الولاية، وعلى الضد من سياسات المركز القيادي للحزب الديمقراطي في واشنطن، وعلى الرغم من أنها فشلت في الحصول على منصب حاكم الولاية في انتخابات 2018، إلا أن التراكم الذي انتجته سياساتها أعطى ثماره هذه المرة.

لقد كانت النسوة السود التي تنتمي برامس اليهن مكانة طاقة انتخابية لدفع الأبناء الكسالى والمترددين للمشاركة في التصويت.

*************** 

 

ثورة السودان.. هجمة مرتدة

الخرطوم - قرشي عوض

في تطور وصفته الصحافة المحلية نهاية الاسبوع الماضي بانه لافت، اصدر د. عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني قراراً بتجميد العمل بالمقترحات المطروحة حالياً من ادارة المركز القومي  للمناهج والبحث التربوي، والتي اثارت جدلاً واسعاً في البلاد.

وكانت حكومة الثورة قد اوكلت الى الخبير التربوي د. عمر القراي مهمة اصلاح المناهج، بتخليصها من الحمولة الايديولوجية لفكر الاخوان المسلمين، وجعلها منفتحة على روح العصر. فقام  بتشكيل لجان متخصصة من تربويين وعلماء مشهود لهم .

واقتضت تلك الاصلاحات تقليل عدد سور القران الكريم في المستويات الصغرى، واضافة مواد جديدة مثل المنطق والفلسفة والتربية الوطنية والمدنية في المنهج المعدل.

لكن الخطوة اثارت حفيظة رجال الدين. فاصبحت سيرة د. القراي وما قام به، مادة لخطب الجمعة وكتابات المحسوبين على النظام السابق في بعض الصحف. واستعانوا في ذلك بسيرة د. القراي، الذي ينتمي الى مدرسة فكرية ودينية اسسها الاستاذ الشهيد محمود محمد طه، الذي اغتاله الرئيس الاسبق جعفر النميري بتحريض من الجماعات الاسلامية، بعد ان اصدر حزبه الجمهوري بياناً ينتقد فيه تجربة تطبيق الشريعة الاسلامية في ذلك العهد. مع ان المحكمة التي قضت باعدامه  استندت في ذلك الى حكم سابق عليه بالردة، صادر عن محكمة شرعية في ستينيات القرن الماضي. 

ويدعو محمود واتباعه الى اصلاحات في الدين الاسلامي تطال العقيدة واصول الفقه، الذي يرى انه بشكله الحالي لا يصلح لانسان القرن الحادي والعشرين. وقد اصدر كتاباً  بعنوان (الرسالة الثانية من الاسلام)، تنادي باعتماد الآيات المكية، وتأسيس فهم معاصر للدين استناداً عليها. فاعتبرته الجماعات السلفية مخالفا لتعاليم الاسلام واهدرت دمه، حتى جاء النميري ونفذ فيه الحكم، في واحدة من تقلبات ذلك  الرئيس، الذي بدأ عصره اشتراكياً قام بانقلاب لقطع الطريق امام اجازة الدستور الاسلامي عام 1969، وانتهي اسلامياً.

لكن د. القراي فوق ذلك  متخصص في المناهج، ونال درجة الدكتوراة فيها من الجامعات الامريكية، واستفاد من خبرته بعض الدول العربية. كما ان عملية اعادته صياغة المناهج اعتمدت على لجان من مختلف الاتجاهات الفكرية، عدا الجماعات الاسلامية التي اعدت اصلاً لمواجهة افكارها.

 ووجدت الجماعات الاسلامية بغيتها في لوحة من عصر النهضة الاوربية للفنان مايكل انجلو، تجسد قصة الخلق، وقد وضعت في كتاب التاريخ للصف السادس. فنشروها على نطاق واسع واوسعوها ومن وضعها نقداً لاذعاً، دفع برئيس الوزراء الى اصدار قرار بالتراجع عن إكمال العملية، والاعلان عن تكوين لجنة لمراجعة المناهج تضم عدداً من الهيئات  حصرها الاعلان في الجماعات الدينية بشقيها الصوفي والسلفي، واستثنى منها العلمانيين كما اوضح د. القراي في استقالته التي دفع بها فور اصدار القرار. وقد اعتُبر هذا استجابة كاملة لعناصر النظام المباد، من قبل حكومة يفترض انها جاءت لتصفية رموزه وافكاره.

وبعيداً عن الجدال الفكري والفقهي حول طبيعة ما حدث، فان هناك مؤشرات واقعية تدل على ان القصة لها صلة وثيقة بمافيا الكتاب المدرسي، التي سيطرت على طباعته وتسويقه بعد تصفية “دار النشر التربوي” وفك احتكار الدولة له في النظام السابق. حيث وجدت هذه المافيا ان استبدال المنهج  سوف يكبدها خسائر كبيرة،  تتمثل في ان ما مجموعه 5 ملايين كتاب ربما يكون مصيرها المحرقة بعد ان ينعدم الطلب عليها.

 من زاوية اخرى فان السيد حمدوك سيدخل في مواجهات عنيفة مع قوى الثورة بعد اجازة ميزانية هذا العام، التي يعتبرها اقتصاديون الاسوأ منذ ثلاثة سنوات. فهي تضع على عاتق الجماهير الشعبية اعباء فوق الاحتمال. 

لكن حمدوك لن يستطيع التراجع عنها، باعتبارها  شرطا اساسيا في عملية الاصلاح التي يقترحها  صندوق النقد الدولي. ولأجلها زار وزير الخزينة الامريكية السودان قبل ايام وليوم واحد، وسط تبشير بدفع الحكومة الامريكية مبلغ مليار دولار تخصص لتسوية مديونية السودان وجعله مؤهلا لتلتقي القروض. 

عليه قدّر حمدوك انه لن يستطيع مواجهة ضغط الثوار الواقع لامحالة، وضغط رجال الدين في وقت واحد، وهؤلاء ربما يحتاجهم في مقبل الايام حين ينكشف ظهره وتناصبه قوى الثورة العداء. 

وفي تلميح لهذا التطور المرتقب اشار د.القراي في استقالته من طرف خفي الى ان الشعب السوداني ربما يدرك في هذه اللحظة بالتحديد، لماذا اختار النظام السابق عبد الله حمدوك لتولي وزارة المالية، وهو المنصب الذي عرض عليه وقتها واعتذر عنه.

************ 

 

الصفحة التاسعة

 

لماذا نتذكر  ماركس  في أوقات الشدائد؟

محمد جاد*

الإجابة المباشرة على هذا السؤال، هي أن الرجل يمثل السيناريو البديل لاقتصاد السوق الحر الذي نعيش فيه. فقد دار الحديث عنه هذه المرة مع إعلان أمريكا تقديم رواتب للمواطنين من الميزانية العامة، أو سيطرة حكومات أوروبية على المنشآت العامة لاحتواء آثار الأزمات التي تسبب فيها فيروس كورونا.

ويعكس هذا مناقشة جادة بلا شك حول أعمال ماركس التي مر عليها أكثر من قرن ونصف ولا تزال تفرض نفسها على واقعنا الراهن.

لكن ماركس يتم استدعاؤه في أوقات الأزمات كشبح ينذر بنهاية هذا النظام الاقتصادي، ويظل في هذه المساحة الهامشية من تفكير الكثيرين، دون أن نسمع بوضوح أسباب نقده للرأسمالية وطبيعة المجتمع البديل الذي كان يطمح إليه.

سأحاول هنا أن أنقل بإيجاز شديد بعضا من أفكاره لمن لم تتح له فرص الاطلاع عليها، ولكن قبل ذلك، نحتاج لأن ننفي أسطورتين عن هذا الرجل، الأولى أنه صاحب مذهب فلسفي لا يرى في الناس غير الجانب المادي منهم، فأصحاب هذا الرأي يرون أنه يتخيل البشر على أنهم كائنات لا هم لها غير القوت.

والحقيقة أن مذهب ماركس الفلسفي هو مذهب مادي فعلا، ولكننا نتصور ماديته على نحو خاطئ. فنّد هذه الفكرة الاقتصادي المصري راشد البرّاوي في تقديمه لترجمته العربية لكتاب ماركس الأشهر «رأس المال» حيث يقول:

»أنكر البعض مادية ماركس هذه إلا أن موقفهم منها راجع إلى قصورهم عن إدراك معناها. وليس من الصواب أنها تعد العوامل الاقتصادية المؤثر الوحيد في تطور التاريخ البشري أو تعتبر تصرفات الناس مبعثها الدوافع الاقتصادية البحتة. حيث تشير دراسة ماركس إلى الحادث الاقتصادي، فإنها تعده الأول من حيث الزمن، ولكن لا يلبث بعد ذلك أن يبدو أثر التغييرات السياسية والاجتماعية حتى في الموقف الاقتصادي».

أما الأسطورة الثانية فهي أن الرجل كان يكتب كلاما غير مفهوم يطنطن به المثقفون، كما يظهرون في الفيلم المصري الشهير «فوزية البورجوازية».

والحق أن غرابة وقع الأحاديث الماركسية على آذاننا راجع إلى طبيعة العمل الذي قام به ماركس ذاته. لقد سعى هذا الفيلسوف إلى تقصي كل تفاصيل النشاط الاقتصادي، وطرح كل الأسئلة الممكنة عن هذا النشاط بما فيها الأسئلة التي قد تبدو إجابتها لنا بديهية للغاية، مثل: ما هو رأس المال؟ كيف تتحدد أثمان السلع في الأسواق؟ من أين تأتي الأرباح؟

والمفارقة أن الأسئلة البديهية كانت إجاباتها عند ماركس مختلفة تماما عن الإجابات التي تدور في أذهاننا. فقد قام الرجل بسرد تفاصيل الحياة الاقتصادية، ولكن من منظور مختلف تماما عن المنظور المعتاد لنا. واقتضى ذلك أن يطلق ماركس مسميات جديدة على الأشياء المعروفة لنا.

 

من أهم هذه المصطلحات ما يلي:

1.القيمة: كلنا نسعى لامتلاك الأشياء التي تؤدي وظيفة في حياتنا، السيارة التي توصلنا إلى العمل والثلاجة التي تحفظ لنا الأغذية… إلخ، ولكن ما الذي يضفي قيمة على السلع تجعلنا ندفع نقودا لشرائها؟ يرى ماركس أن الوقت الذي استغرقه البشر في تحويل المواد الخام إلى سلع مصنعة ذات نفع للبشر هو منبع هذه القيمة، بشرط أن تكون السلعة قابلة للتداول في الأسواق. يكتب في «رأس المال»: «من الممكن أن يكون للشيء قيمة استعمالية دون أن تكون له قيمة، وهذا هو الشأن حيث لا تكون منفعة الشيء للإنسان راجعة إلى العمل. ومن أمثلة هذا الهواء والأرض البكر والمراعي الطبيعية… إلخ. وقد يكون الشيء نافعًا وثمرة عمل بشري دون أن يكون سلعة، فأي امرئ يشبع حاجاته المباشرة بنتاج عمله يخلق في الواقع قيمة استعمالية ولكنه لا يخلق سلعا. أما إذا شاء إنتاج الأخيرة فعليه أن ينتج قيما استعمالية للغير أي قيما استعمالية اجتماعية».

2.رأس المال: هو بالتأكيد شيء مختلف عن حزمة النقود الموجودة في حافظتك الشخصية. فالنقود تظل مجرد نقود طالما أنك تنفقها على أشياء لها فائدة في حياتك الشخصية (أكياس البقالة، مصاريف المدرسة، بنزين السيارة… إلخ)، ولكن إذا قررت مثلا أن تنفق مدخراتك على شراء عشرة أطنان من القطن الخام فهي بالتأكيد لا تمثل منفعة لحياتك الخاصة (لن تحتاج كل هذا القطن لكي تحشو مرتبة سريرك مثلا)، ولكنك تشتري هذه الخامات لكي تصنع منها ملابس مثلا ثم تبيعها في السوق وتربح من ورائها.

طالما أنك أنفقت أموالك لشراء خامات وقمت بصناعتها للحصول على أموال أكثر، فقد طبقت معادلة رأس المال الشهيرة: (ن – س – ن) أي (نقد – سلعة – نقد).

3.العمل الحي والعمل الميت: لكي تقوم بدورك كرأسمالي يربح من معادلة (ن – س – ن) لن تحتاج إلى مواد خام فقط، ولكن أيضا إلى ماكينات إنتاج وإلى نشاط صناعي، وكلا العنصرين يرى ماركس أن مصدرهما هو «العمل».

ففي قاموسه الخاص هناك العمل الحي وهو الجهد الذي يبذله العمال في مواقع الإنتاج المختلفة، ويتجسد هذا العمل في صورة السلع التي تباع في الأسواق، أما العمل الميت فهو الجهد الذي بذله عمال آخرون في المصانع التي تصنع العدد والآلات التي تعتمد عليها مواقع الإنتاج، ويتجسد العمل الميت في أدوات الإنتاج المختلفة.

هذه ليست كل المصطلحات في جعبة ماركس، ولكن على الأقل هذا ما سنحتاجه فقط لنوضح لاحقا من أين تأتي الأرباح مثلا؟ أو ما علاقة هذه الفلسفة بما يجري في حياتنا الراهنة؟ وما دور وباء كورونا في الموضوع؟

 

*صحفي مصري

 

لنقرأ ماركس وانجلز معا

ماركس يلتقي بالطبقة العاملة

ثامر الصفار

في رسالة الى صديقه أرنولد روغه في أيلول عام 1843 يكتب ماركس «إنني أشير إلى النقد القاسي لكل ما هو موجود، نقد لا يرحم ولا يخاف من النتائج ... ولا يخاف من الصراع مع السلطات القائمة».

يعود هذا المزاج القتالي الذي نلمحه في الأسطر اعلاه الى اضطرار ماركس لترك المانيا واللجوء الى فرنسا بعد ان أغلقت السلطات الألمانية الصحيفة الرينانية الجديدة التي كان يعمل فيها بصفة محررا. لكنه من ناحية أخرى كان سعيدا بزواجه من جيني ويستفالن، بعد قصة حب طويلة، وهما الآن بانتظار طفلهما الأول.

خلال الصيف كتب ماركس سلسلة من الرسائل والمقالات قاطعا بها صلاته بأرباب عمله الليبراليين السابقين، ومقيّما بقايا الحركة الهيغلية الشابة. وبحلول نهاية العام، سيخضع تفكيره لتحول جذري.

على أثر موجة القمع التي قامت بها السلطات الألمانية، وخيبة أمل الهيغليين الشباب في إجراء أية إصلاحات، بدأ الأخيرون بتسليط نقدهم على الدين باعتباره أصل كل الشرور. حتى نجد لودفيغ فيورباخ يجادل في كتابه جوهر المسيحية، بأن الله كان «اختراعا للإنسان».

ذهب ماركس في الاتجاه المعاكس (كما فعل آخرون مثل فريدريك إنجلز وميخائيل باكونين)، حيث جادل بأن الفلسفة وحدها لا تملك القدرة على تغيير العالم. فقط العمل السياسي القائم على تبني المظالم الاقتصادية والاجتماعية لأناس حقيقيين هو الذي يمهد الطريق نحو الثورة.

في مقال كتبه عام 1843 بعنوان (حول المسألة اليهودية) هاجم ماركس صديقه الهيغلي الشاب برونو باور، بسبب معارضة الأخير توسيع الحقوق المدنية لليهود في ألمانيا. فقد أدى نبذ باور لكل الأديان إلى تجاهله السؤال الملموس المتمثل في التمييز ضد اليهود من قبل الدولة المسيحية في ألمانيا. يكتب ماركس: إن باور «يطالب ... بأن يتخلى اليهودي عن يهوديته، وأن تتخلى البشرية بشكل عام عن الدين، من أجل تحقيق الانعتاق المدني». وكتب أيضا: ان «الانعتاق السياسي، بالطبع، خطوة كبيرة إلى الأمام». بمعنى، حتى لو لم يؤدِ الفوز بالحقوق المدنية لليهود في ألمانيا الى القضاء على جميع أشكال التمييز، فإن ذلك ليس سببا للتقليل من أهمية الفوز بإصلاحات جزئية.

ثم يكتب محذرا من أنه «لا ينبغي لأحد أن يتوهم حدود الانعتاق السياسي». وهذا يعني أنه حتى لو فزنا بحقوق مدنية محدودة، أو حريات محدودة، سيتم التضييق عليها، عاجلا أم آجلا، بسبب حالة عدم المساواة المتأصلة في أي نظام قائم على الملكية الخاصة، وسيجد هذا النظام مجموعات جديدة لقمعها وطرقا جديدة لوأدها.

نلاحظ هنا، مسعى ماركس لشرح العلاقة بين النضال من أجل إصلاحات جزئية وصولا الى تغيير النظام بأكمله. وهي معالجة جديدة تختلف عن معالجات معظم معاصريه. كان يطمح في هذا المقال الى تأكيد حجته بأن اليهود والمسيحيين بحاجة إلى النظر إلى ما وراء الدين، إلى نظام الملكية الخاصة ليدركوا سبب معاناتهم في هذا العالم. (لمعرفة المزيد عن أوضاع اليهود في ألمانيا انظر: كارل ماركس وولادة المجتمع الحديث، دار المدى 2020).

في مقال آخر، كتبه بعد (حول المسألة اليهودية) مباشرة، وهو (مساهمة في نقد فلسفة الحق عند هيغل، المقدمة)، فتح ماركس أفقا جديدا، حيث يشير الفيلسوف الفرنسي ميشيل لوي الى أهمية هذا العمل قائلا: «لقد وصلت رحلة ماركس الشاب إلى نهايتها. فقد تحولت الفلسفة النقدية، التي لم تعد تعتبر نفسها غاية في حد ذاتها، إلى ممارسة ... وكان للبروليتاريا الفرنسية دور حاسم في هذا التطور». فبماذا تختلف المقدمة عما سبقها من كتابات لماركس؟

بداية، يقلب ماركس الإيمان الهيغلي بأن التاريخ وكل نشاط بشري هو مجرد إسقاط لعملية أن يصبح الله أو الروح مدركا لذاته. ثم يسير على خطى فيورباخ ليكتب: أن «الإنسان يخلق الدين، أما الدين فلا يخلق الإنسان». بعدها نجده يدلي بواحد من أشهر تصريحاته «ان التشوه الديني هو في الوقت نفسه تعبير عن التشوه الفعلي واحتجاج على هذا التشوه الفعلي. ان الدين إنما هو زفرة الخليقة المضطهدة، قلب عالم عديم القلب مثلما هو روح النظم عديمة الروح. الدين هو أفيون الشعوب».

وبعيدا عن كل التفسيرات الخاطئة لهذه الأسطر، كان ماركس يشرح أن الدين ليس ظاهرة لا أساس لها أو حمقاء. بل هو «احتجاج على التشوه الفعلي» الذي يضرب جذوره في الظروف الاجتماعية. طالب ماركس بأن يتحول «نقد الدين إلى نقد للحق [القانون]، ونقد اللاهوت إلى نقد للسياسة». كان هدفه الحقيقي هو تحرير الشباب الهيغليين من هوسهم الأحادي الجانب بالمناقشات اللاهوتية والفلسفية المجردة.

فالأفكار وحدها لن تطيح بالأرستقراطية الألمانية وبشرطتها ورقابتها، فيكتب: «ان سلاح النقد لا يستطيع بالطبع أن يحل محل نقد السلاح، يجب الإطاحة بالقوة المادية بقوة مادية؛ لكن النظرية تصبح أيضا قوة مادية ما ان تستحوذ على الجماهير».

هذا المقطع مهم جدا وعلينا فهمه. ماركس كان محبطا بسبب عجز الحركة الليبرالية في ألمانيا عن الدفاع عن نفسها أمام قمع الدولة ورقابتها، لهذا توصل الى ضرورة وجود «قوة مادية»، أي حركة اجتماعية قوية، للإطاحة بالقوة المادية للنظام، وضرورة وجود نظرية يمكن ان تصبح قوة إذا ما استحوذ عليها عدد كافٍ من الناس.

فما نوع هذه القوة؟ خصوصا وان ماركس الآن يعيش في باريس المكتظة بالطبقة العاملة، والنوادي السياسية المنظمة. يأتي الجواب: «في تكوين طبقة مقيدة بسلاسل راديكالية، طبقة من طبقات المجتمع المدني، طبقة [طبقة من الناس] هي في حل من جميع الممتلكات، طبقة ذات طابع عالمي بفعل معاناتها العالمية ... [طبقة] لا تستطيع أن تحرر نفسها دون أن تحرر نفسها من جميع مجالات المجتمع الأخرى.... طبقة خاصة هي البروليتاريا». هذه هي «القوة المادية» التي كان يبحث عنها ووجدها بعد ان نظر الى قاع المجتمع، الى أولئك الذين لا يملكون سوى قيودهم.

لقد وضع ماركس في هاتين المقالتين بعضا من أهم اللبنات الأساسية لنظريته عن الانعتاق البشري: إن أمراض المجتمع متجذرة في الملكية الخاصة؛ يجب أن يتحول نقد الدين الى عمل سياسي ملموس يهدف إلى تغيير الظروف الاجتماعية، ولا يمكن للأفكار الثورية أن تفوز إلا إذا تجسدت في «قوة مادية»، والبروليتاريا، شغيلة اليد والفكر، هي الطبقة التي يمكن أن تقود هذا التحول.

 

نصوص جديرة بالقراءة    

رأس المال 

اعداد: د. صالح ياسر

كتاب ماركس الأساسي، الذي يكشف فيه عن قوانين الأسلوب الرأسمالي في الإنتاج، ويضع الأساس العلمي للاشتراكية. وكان ماركس يسمي “رأس المال” عمل حياته. وقد بدأ العمل في تأليف هذا المؤلف في منتصف الأربعينات من القرن التاسع عشر، وواصل العمل فيه حتى وفاته. ونشر المجلد الأول منه في عام 1867 ونشر المجلدان الآخران بعد وفاته، بعد أن اعدهما انجلز للطبع: فنشر المجلد الثاني في عام 1885 والثالث في عام 1894. وكانت أول ترجمة الى لغة أجنبية لكتاب رأس المال هي الترجمة الروسية وذلك في عام 1872.

يحلل المجلد الأول من “رأس المال” العملية التي ينتج بها رأس المال، ويدرس المجلد الثاني عملية التداول، أما المجلد الثالث فيحلل الإنتاج الرأسمالي ككل، ويقدم المجلد الرابع (نظريات فائض القيمة) تاريخ المذاهب كتشكيل اقتصادي اجتماعي ويكشف عن قوانين أصلها تطورها ونهايتها. و “رأس المال” الى جانب كونه أعظم دراسة اقتصادية، فانه في الوقت نفسه ذو أهمية فلسفية هائلة. وقد جرى تطبيق الجدل المادي في “رأس المال” تطبيقاً رائعاً، وتم تطويره – علاوة على ذلك – في كل الاتجاهات الرئيسية: كمنهج لدراسة الواقع الموضوعي، ونظرية في المنطق ونظرية في المعرفة. ويتميز تحليل ماركس للرأسمالية طوال الكتاب بعرضه للتناقضات في حركة الرأسمالية ونموها من البداية الى النهاية، من العلاقات الأولى للإنتاج السلعي، الى نقطة الذروة عندما تحين لحظة “نزع ملكية نازعي الملكية”. ويتبع ماركس بطريقة شاملة وتفصيلية مراحل نمو هذه التناقضات وتغير محتواها وطرق حلها، ويصوغ واحداً من أكثر القوانين أهمية وعمومية الخاصة بتطور التشكيلات الاقتصادية – الاجتماعية. 

وكتاب “رأس المال” أيضاً تجسيد ملموس للتحليل المادي الجدلي للمفاهيم وصور التفكير الأخرى. والمفاهيم الاقتصادية التي يستخدمها ماركس مرنة ومتحركة ومتناقضة جدليا، وتعكس قابلية التغيير في العلاقات الاجتماعية وما تنطوي عليه من تناقض. ولمنهج الانتقال من المجرد الى الملموس الذي طوره ماركس وطبّقه في “رأس المال” أهمية خاصة، إذ يعكس تطور المفاهيم ومنطق نموها وتحولاتها تاريخ الإنتاج السلعي والتطور التاريخي لأسلوب الإنتاج. وقد مكّنه منهج البحث العلمي الدقيق من أن يبيّن كيف أن فائض القيمة – ونظرية فائض القيمة هي حجر الزاوية في الاقتصاد السياسي عند ماركس – يتجسد بطريقة محسوسة في كل ظواهر الإنتاج الرأسمالي وعملياته. وكتاب “رأس المال” مثال كلاسيكي على التناول المادي التاريخي للمجتمع والتطور الاجتماعي.

لقد درس ماركس تطور الرأسمالية كعملية تاريخية طبيعية، على أساس تطور القوى الإنتاجية التي هي في التحليل الأخير مصدر كل التغيرات الاجتماعية. وأظهر ماركس جدل قوى الإنتاج وعلاقاتها ووحدتها وتناقضاتها. 

والخلاصة إن منهج (طريقة) “رأس المال” هي عبارة عن منظومة معقدة لعناصر مختلفة. ويدخل في مفهوم هذه الطريقة: قوانين ومقولات الديالكتيك (التراكمات الكمية تؤدي الى تغيرات نوعية، وحدة وصراع الأضداد، نفي النفي)، مبادئ الفهم المادي للتاريخ، أساليب البحث، بنية العرض .... الخ. إن هذا لم يتكون دفعة واحدة بل عبر عدة مراحل في عمل ماركس، وان عناصر المنهج وجدت مجموعها وتركيبها في ما هو معروف اليوم بمنهج (طريقة) “رأس المال”. 

ورغم مرور عشرات العقود على صدور “رأس المال” فأنه ما يزال احد أهم الكتب الصادرة عالميا خلال هذه الفترة. 

**************************

 

الصفحة العاشرة

ألفريد سمعان 

يحيى السماوي

كان جمعاً بصيغةِ مفرد ..

نخلته بمفردها كانت بستاناً مُشمِسَ الخضرةِ

باتساع وطنٍ حرٍّ  يغذُّ النضالَ إليه شعبٌ

أبى إلآ أنْ يكون سعيدا ..

فلا  عجبَ أنْ يغدوَ  لونُهُ الواحدُ قوسَ قزح

*

غادرَ  الأحداقَ ليُقيمَ في القلوب .. 

فالإنتقالُ من الأرض نحو الملكوت الأعلى 

هو شكلٌ آخر من أشكال البقاء ..

*

ولأنَّ الماءَ لا يموتُ

والهواءَ لا يشيخُ

فلن أرثي الفريد سمعان

إنما : 

سأطلب منه أن يكون ساعي بريدٍ

فينقل تحاياي الى سابقيه في رحلة الخلود

فهد وسلام عادل وجمال الحيدري

وبقية أحفاد عروة بن الورد

الآمرين بالوطن الحرّ والشعب السعيد

********** 

اتحاد الادباء والكتاب يؤبّن الشاعر والمناضل ألفريد سمعان

انتصار الميالي

أقام الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق صباح يوم السبت 9 كانون الثاني 2021  حفل تأبين للشاعر الكبير والمناضل ألفريد سمعان (الامين العام السابق للاتحاد) وبحضور نخبة من الأدباء والمثقفين والشخصيات المدنية والاعلامية.

أفتتح الحفل الناطق الاعلامي للاتحاد الشاعر عمر السراي بكلمة ترحيب ورثاء بهية تليق بالفقيد (ابا شروق) الذي وصفه بالاستاذ والمعلم والمناضل العنيد والقامة العراقية التي يحق لنا الاحتفاء بها والتي ستبقى حاضرة معنا وبيننا.

أبتدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت، ثم تلتها كلمة الاتحاد التي ألقاها الاستاذ ناجح المعموري، ثم نعي الحزب الشيوعي العراقي الذي قدمه وزير الثقافة السابق الرفيق مفيد الجزائري. 

وضمن الكلمات المشاركة كانت كلمة للاستاذ والقاص والروائي حنون مجيد تحدث فيها عن انجازات الفقيد وحضوره الثقافي وسجله الابداعي والفكري الكبير.

ثم كلمة ابنة الفقيد شروق التي وصفت أبيها الراحل (بأيقونة نقرة السلمان وقطار الموت والكلمة الثائرة) معتبرةً رحيله خسارة كبيرة للعراق وللعائلة.

ثم جرى استعراض أبرز اصدارات الشاعر الراحل ألفريد سمعان من مجاميع شعرية وقصصية وكتب واصدرات مختلفة.

ثم تخلل الحفل التأبيني كلمات رثاء وشهادات (الشاعر والناقد ريسان الخزعلي،  الشاعر رياض النعماني، الشاعر رياض المعموري، الناقد هشام القيسي، الاستاذ علوان السلمان، الدكتور خليل محمد أبراهيم، الاستاذ حسين الجاف، الاستاذ فوزي اكرم ترزي، القاصة والاديبة سافرة جميل حافظ)

واختتم الحفل التأبيني بكلمة العائلة قدمها شقيق الفقيد ظافر سمعان شاكرا فيها كل كلمات التعازي والمواساة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في ادناه تنشر “طريق الشعب” بعض الكلمات التي القيت في الحفل.

******* 

ألفريد سمعان مبدعاً وادارياً ومتبصراً

حنون مجيد

القد رحل صديقنا واخونا وزميلنا الأكبر الشاعر والمناضل العتيد الفريد سمعان الذي سنفتقد برحيله دفء الصوت وحنان الأخ وامانة المحبة والود.

كان الفريد سمعان معلماً تساوت لديه قيم العمل الثقافي والإداري والسياسي، فكانت هذه تساوق تلك في مسيرة طويلة وشاقة، لم يتخللها يوماً خنوع او خضوع.

كان شجاعاً وبارعاً وجلداً، واجه صنوف التعذيب والقهر والسجن، وكان في جميعها كتلة واحدة صلدة لا تتجزأ.

كان حارسا امينا على الاتحاد ومبادئه ووحدته، وقدم له ما لا يحصى من المنافع والعوائد، وكل ذلك في صمت جليل لا اعلان فيه. كنا نأنس اليه ونلتقيه، ويأنس الينا ويداعبنا ويسأل عن احوالنا ان كنا في حاجة الى شيء، ونحن نستكنّ اليه لثقتنا به وايماننا بقدرته على الفعل الشجاع.

لقد رافق فقيدنا العزيز كفاح الشعب العراقي منذ باكورة شبابه، واحتمل ما احتمل من الصعاب والمشاق دونما ندم او تراجع، بل مضى يستمد من كل ذلك عزماً ويقيناً بصواب منهجه في الحياة.

لقد عرف أبو شروق مصاعب شخصية شديدة ولا اظن مأساة في حياته اعمق من مأساة مصرع زوجته على يد صديق عائلي غادر وخؤون. كان ذلك غدراً عظيماً انبت حزناً شديداً سطرّه الراحل في قصيدة رثاء ربما تعد من أبلغ قصائد رثاء الحبيبة او الحبيب. 

لقد امتد نضاله مع عمره ولربما هو اكبر الذين لهم هذا الامتداد الطويل مع الادب والنضال يغادرنا اليوم. 

ما كان يلفت نظرنا ويثير الدهشة في نفوسنا حميته العالية على الاتحاد التي لا تختلف عن حمية الادب وحدبه على عائلته، وكان لحضوره سطوة بالغة وقوة شديدة وصرامة غير مهادنة، وغالباً ما فكرنا بأنه صمام الاتحاد على سمعته وامواله واعضائه.

كان شغوفاً بعمله الإداري متبصراً فيه متشوقا في آفاقه المديدة آمالاً جيدة تستنهض فيه وبزملائه حب العمل والإصرار على مواصلته. لقد آن له ان ينقل أحلامه القديمة شبه المستحيلة الى عمل متحقق جديد جسده في إنجازات مثمرة متوالية حققت له حضوراً عظيماً في الساحة الثقافية وقبولا واسعاً حظي به على الدوام. 

كان أبو شروق العزيز، بل الأعز يقاوم ضعف ذاكرة الرجل الكبير بسجلّ وضعه الى جانبه يدون فيه ما ينبغي عليه ان يفكر فيه او يعمله.

أبا شروق انت قريب.. وستظل كذلك، ولا احسب نبيلا يطأ الأرض التي تضمك الا ويقصدك ويزورك ويصلي على مرقدك.

نم أيها العزيز سليم الفؤاد، لتمدنا الأرض التي ضمت جسدك، لتعيد الينا شعا فكرك.

********* 

ألفريد سمعان.. دفاع عن حقوق الناس في بلاد فقدت الحقوق!

رياض النعماني

دفاع عن حقوق الناس في العام 1963 .. عام المذبحة السوداء، وحتى هذه اللحظة من فترة الاحتلال المظلمة... ارض سبخ، وتعذيب، وموت واقطاع، وانقلابات ودماء وردّة، ودهور من سغب مرّةِ.. فتن واختطاف وسبايا، وقتل على الهوية، وفساد.

يتفكك فيه كل شيء، ويضيع وينقرض.. أهذا هو الوطن الذي أحبه أبو شروق، والمبدعون، وحلموا بالموت من اجله... أين ذهب كل ذلك الجمال والحلم والتمدن والعلو، وأيام الشعراء الحالمين الكبار، أين مقهى البرازيلي والبلدية وعارف آغا والبرلمان؟ أين مكتبة مكنزي وسينما الخيام وغرناطة والنصر ومسرح الفن الحديث واليوم والشعبي؟

أنا لا أرثي (أبا شروق) اليوم، بل أرثي وطناً كان مهيئاً لأن يردم هوة القطيعة الحضارية.. وأن يكون جسراً ذهبياً بين البداية والنهاية.. بين سومر وآشور، وبين سواحل ومدن الضوء والبهاء والمستقبل... أين نحن الآن؟ والى أين نمضي.. الى أي هباء وانقراض؟

ويا للمفارقة.. إن الفريد سمعان وهو الحقوقي الذي دافع طويلاً عن حقوق الناس عاش في وطنِ انعدمت فيه جميع الحقوق.

والآن... كم من دهور البكاء الوحشي المرير نحتاج كي يطيبُ وجعُ أرواحنا، وخيباتنا الدامية.. ونحن نشهد، ونرى الى وطننا السومري العزيز وهو يُحتل، ويذيح ويفكك ويُسرق، ويباع ويأخذُ الى الهباء والانقراض؟

كم من البكاء نحتاج يا مظفر النواب، حتى ندفئ برد تلك الليالي التي كنت تتحدث فيه عن نبل وشهامة، وجسارة  وعفاف روح أبي شروق... أيها العراق ما أسمك.. مذبحة.. مأساة.. لعنة.. شتاء موجعات، تشرد، فراق؟

ما أسمك يا عراق.

أبو شروق سلاماً

سلاماً هي حتى مطلع القصيدة والوطن.

********* 

الى والدي الحبيب «أيقونة نكرة السلمان» 

يا شمعة نورت طريقي وحياتي ايها الاب الطيب الوفي الشجاع الصادق في كل كلمة وحرف تود ان تصل به الى اعماق وطننا العراق الحبيب وابنائه الشجعان الذين عرفوك مناضلاً وكاتباً وشاعراً وانساناً يمد اناملهُ بكل حنان لابناء شعبه واهله واصدقائهِ.

حياتك كانت حافلة بالاحداث فكنت بطل نكره السلمان وقطار الموت بكل وحشيتهِ ومرارتهِ وبطل التظاهرات والانتفاضات، كنت لاتخشى رصاص الاوغاد كنت الشوكة المغروزة في عيونهم. انت صاحب الكلمة في الادب والشعر والقصة والمسرحية التي تهز عروش الطغاة.

تشعر بألم شعبك، لا تقبل الظلم والقهر والمسلوبة حقوقهم، ياشمساً ساطعة نورت طريق الذين ساروا على دربك.

ايها الاب الحنون العطوف الذي علمتنا حب الناس و الدفاع عن الحق.. خسارتي كبيرة فيك يا حبيبي الغالي.. عيوني تدمع عليك للأبد و قلبي مفجوع وموجوع بفراقك.. صوتك يرن في مسامعي و انت تناديني شروقتي.

وداعاً.. وداعاً نم قرير العين وصلواتي ستبقى تلاحق روحك الطاهرة.

ابنتك شروق

***********

الصفحة الحادية عشر

الشخصية العراقية في نصف قرن

من تأليف د. قاسم حسين صالح، صدر عن دار ضفاف- بغداد كتاب جديد بعنوان “الشخصية العراقية في نصف قرن” ويتناول كل ما يهم العراقيين من قضايا راهنة وملحة.. هذا الكتاب يعد الأكثر مبيعاً في الآونة الأخيرة.

المؤلف: رئيس الجمعية النفسية العراقية، وأسس جائزة لأفضل الأبحاث العربية المعنية في شؤون الفلسفة وعلم النفس وله في المكتبة العديد من المؤلفات الجادة والرصينة.

********* 

أهل الحنين

سطوة الماضي المستحيل على عجرفة الحاضر الممكن

داليا الحديدي*

الحنين هو الإستعاضة بالإستشراق بشمس الغياب وتعمد استغراب أقمار الحاضر.

ومن يحنون للأمس، تراهم يدربون الحاضر على إحترام الماضي الأصيل.. وعندئذ

تتسع  صدورهم لرفع قبعة العرفان لأمسهم.. ولا يشعرون بعار لتسترهم بعباءة النكران ليومهم.

من يحن للماضي حسب، يبخس قيمة يومه، ويقايض غده الأثمن بلحظات أمسه الضائعة.

 من يحن للسابق، يفرط في التعلق بالأبيض والأسود وله بالشفاف عشق خاص للباستيل.

الحنين شخص يبدو له الأمس أكثر وقارا وهيبة من يومه السلس. 

الحنين يحول الفرد لشخص نوستالجي له نفس تجافي التجاوب مع المتاح، فشغفه في المُحال.

إنهم شخصيات تنشب معركة مع النسيان في محراب الخيال، لنصرة جيش الذكريات.

الشخص النوستالجي يكترث بالإفتراضي المُرَمَم بسحر أتربة زماااااااااااااااااان.

من يحيا في إقليم الحنين يبتر جغرافيته لترقيع تاريخه.

من سمات الشخصية النوستالجية أنها تفضل إقالة لوحة للفنان الشهير”فابيان بيريز” شغفًا بوضع برواز عتيق، مخدوش لصورة فوتوغرافية ممزقة لا ألق فيها، لكونها مُظَهّرة بحروف، بخط انسان أغلى من القلب.

الشخصيات التي تميل بالفطرة للحنين لا تستهدف النجاح ولا تحارب لمنصب أو ثروة .. فهي تتحقق مع العبث في حقول حلم يقظة شفاف أو بجانب مصرف رومانسي يعلمون أن أرصدته مكشوفة وحساباته وهمية .. بل إن بعضهم يتعايش  روحياً مع الهيامات الفكرية .. كما تراهم يسعفون لحظة ماتت، لإحيائها برفع ذكراها، للقبض على جمر الرحيل أو لملامسة نسيم غوالي مروا بأزقة الحياة.

الحنين يجعلك تجنح لحانة الذكريات لإرتكاب جنحة إدمان كؤوس خمر “الأمس” المعتق.

النوستالجي تراه يهيم بمجالسة المسنين والحديث عن الراحلين، على أنه لا يكترث بزيارة الأضرحة.

أهل الحنين يتعاملون مع التذكار كبقع مقدسة، يتباركون بها في هيامات العمر.

اصحاب القلوب التي تحن للأمس لا يرتوون إلا من مٌقل بات ماؤها يقرع الخدود حتى صارت أخاديد، أسفًا على البعاد.

أهل الحنين يولمون لباقات الذكريات ويستدعون حُلم خطوته عزيزة، ويقسمون عليه أن تالله لتزورن عتبات أذهاننا، لتشريف حفل الشرود.

إلهامٌ ما، يدفع النوستالجيين لتحمل جهنم واقعهم، أملًا في تدشين احتفالية لذكرى الغد بإستخدام “السيلفي” مع أسلافهم وأخلافهم، أما النوستالجي المخضرم فلا يحتاج “لسيلفي” فقد سرق الحدث من الدهر، وحجية الحدث بحافظة فكره.

من يتملكه الحنين يعيش السكرة أكثر مما يتعايش مع الفكرة، إذ لابد من اختمار التجربة، لكنه لا يعاقر الخمر ولو كان حلاً له، فهو بحاجة لليقظة لحفظ مقتنياته وصَفِّها بخانات الذكريات.

يعيش من يحن للماضي في محنة دائمة مع واقعه، فهو يتعاطى مع هذا الواقع، كما مع زرابيّه من البُسط، فكما السجاد تزداد قيمته كلما دهسته الأقدام، كذلك ترتقي قيمة إحداثياتهم اليومية بمرور الدهر.

أهل الحنين لا يضعون أرصدتهم من أحداثيات يومهم في حساباتهم الجارية، بل في يحفظونها في التوفير، ذاك الذي سيسحبون منه حتى آخر ذكريات العمر.

يسقط الإنسان العادي خانات الذكريات ويرميها في هوامش الماضى بإعتبارها قشور دنيانا، فيما يدرك النوستالجي أن جُلّ الفيتامينات في القشور، وأن الدلالات الجوهرية تدون على الهامش.

إنهم أقوام يجدون السلوى في تذكار الأنين المنصرم، لإجترار التلذذ بذكرى العناية الفائقة المُهداة لسُعالِهم في الصِغر، عدا أنهم على وعي تام بقيمة بكارة مشاعرهم الشابة، فتراهم كما أشار ديستويفسكي يثمنون أخطاءهم الطازجة، عن صوابيات كهولتهم المحفوظة.

النوستالجيي يسير بجانب حائط السراب، ظمًأ كشَربة مستخرجة من أبار سَبتِه، احآده وجُمعه، ثم يقوم بتصفية الأبار لإنتقاء أعذب اللحيظات، لإدخارها بحويصلة خيالاته لتدفئته بشتاء العمر. فقد يثمن النوستالجي جنيهًا ذهبيًا مصكوكاً عليه صورة الملك فاروق، مُهدى له من جدته، ليعلو على ماسة اشتراها من حَلَالِه.

النوستالجيون يتعلقون كالثكالى ببصمات الراحلين على زجاج النوافذ، بين دفاتر الأمس أو على القيثارة العتيقة.

أهل الحنين يستميتون في نفخ الجمر المبتل، أملًا في إعادة إشعال قلوب فترت مشاعرها، لذا يتفهمون رغبة عجوز في مقايضة بما فيها من مصاغ مُعسجد، مقابل استعادة طيف لمسة يٍد أَهدتها مشاعر حانية.

النوستالجييون يفتقرون لمهارات الشخصيات العملية، فيتحرجون من إنهاء محادثة هاتفية، بل يمنحون محدثهم أبعاد رباعية في الإهتمام واظهارالشغف، وحتى لو انتهت المكالمة، يعاودون رفع السماعة، لربما هنالك -عبر الأثير- بقايا من صدى صوت محدثهم .. على أنهم  بعد تعاملهم وتعلمهم الدرس من الشخصيات العملية باتوا يفكرون كثيرا قبل أن يقولوا الف شكر، فتراهم يدربون ألسنتهم لإنهاء المكالمة بـ شكراً واحدة.

ولأهل الحنين شوق لطهارة أحلامهم قبل بلوغهم الحُلُم، كما أنهم يقدسون أيقونة مرسوم فيها صورة “هناء” يوم عُقد قرانها على “وحيد” ، عدا أنهم لا ينامون قبل تناول جُرعاتهم الليلية من “الشرود” كدوز من الدواء.

الحَنين قائد طاغية، أو راعي غير صالح، يجر خلفه قطعان من النوستالجيين.

أهل الحنين يعطرون وسائدهم “بشانيل 5”، لا عشقاً في العطر، بل لكونه تذكار ممن ارتدوه... كما أن لديهم عادة إلقاء رؤوسهم للخلف، لومضة طرقت بالهم عن ذنبهم الأول المدون بصحيفة مراهقتهم، ذاك الذي لا يريدون التكفير عنه ولا معاودته، فهو إثم نحيف، ثم أنه لن يحلو لهم معاودة ارتكابه فرحتهم الأولى نفسها بأخطاء البدايات.

لأهل الحنين أنين شجي يربك مقامهم في الأوبرا، فيخالون أنهم يستمعون لسيمفونية “رقصة جنية السكر” لتشياكوفسكي بمقام الصبا الحزين، وينصتون “لمتابعة شهرزاد” لكورساكوف، بمقام الكرد، ثم يجلسون في ستاربوكس، فيتماهي “الجاز” بمقام الحجاز وحتى “فور اليزا” يسمعونها معزوفة بثلاث او اريع تون، بمقام الرست. وحتى لحن “ القلب يعشق كل جميل” وهو من مقام الحجاز، يسمعونه بمقام “الدو ماجور” الغربي .. يبدو أن نصفهم الغربي يَحُن لنصفهم الشرقي، ليتكامل عالمهم.

لأهل الحنين جمرة في الذاكرة، يؤججها الرحيل ولا يخمدها رماد  ويطفئها الشنآن.

الحنين هو نزهة في مروج الذاكرة وسياحة بين مدن الذكريات.

إنه سطوة الماضي المستحيل على عجرفة الحاضرالممكن.

إنه مادة تحصين نحقن بها واقعنا، لوقاية جزء مختار لأثارنا من الطمس.

فالحنين هو إسقاط قرار حكم الإعدام من قانون الذكريات.

ــــــــــــــــــ

* كاتبة مصرية

********** 

ثالث أوكسيدِ الضوء

زهير بردى

تذهب ُالنساء ُالى المقبرة .تتكسّرُ عقارب ُالساعة

ينزلقُ الثلج ُفي الضؤ .دانتيل ُالملابس الداخليـّة ينفرط

القرابين ُ. تلحسُ شفاه َالناس .ثلاث مرّات

تغسل ُ الذنوب في الزيتِ البارد, ندخلُ الخروج 

في الدخول ينسج ُ الموتى .خيوط َ عنكبوت

حولَ تجاعيد ِ رماد .يعبث  سكان المقبرة

بالتوابيت الجديدة .وحده الموت 

لا يسمح أن نتكلّم

حدادا عليه يرجع ُ  قافلاً الباب .على الموتى

عبثاً .لا أفعل في الليل أي شيء

لا أبتسم ,لا أدخل فمي .في فم ٍ آخر .لا اتحرّك

ارى الثعبانَ  يجرف ُ تفّاحتي وطيني

لا اقرأ نعياً .على غرقى العبارات 

شفتي السفلى فقدتـُها في الحرب

أحرقتها قذيفة هاون

جنيـّة ٌسرقت ْجسدي في ماخور

قربَ كمينٍ منتصب الباب

اترك ُ على مؤخّرة 

عبرَتني على عجل

بصاقاً ورذاذ عرق شرقي 

أسيلُ نقاطاً بيضاء 

كم أنت َ بليدٌ يا العالم؟ 

لا تسعني في سرير

أنهض ُ يتبعثرُ حطامي

السرير هيكل ٌعظمي

السماء ُ تحتي ليّنة كعصفورٍ مات

الارضُ تركضُ بقدمِها اليسرى

النهارُ أقل ُّسواداً من الحبّ 

فمي فارغٌ

لساني لصق ورق 

يكتبُ هذيانَ عرّافة

حفظتُه من سبّورةِ صدرها 

أسناني لا تلمعُ كما ينبغي 

جسدي ليس فيه جسدي

عيوني فصّ ملح وفصَّ حليب 

ويداي تمشيان ِ خلفي

قدمي ملءَ الريش ِ تركض

ترفع ُ الفجرَ 

إجلالا لنبض ٍ ميـّت

أصابعي ليستْ أكثر 

من هاويةٍ في أعالي كلام

********* 

تجارب

عن مفهوم الشعر

ابتهال بليبل

ليس الشعر بالنسبة لي عملاً أكاديمياً، ووفقا لما درسناه تجري كتابته.. وهكذا هو عندي كالمنحدر المرعب، بمجرد أن أدخله يصبح من الصعب الخروج منه. 

كثيراً ما أعاني كشاعرة علاقة مربكة مع (المفهوم) لأنني متعودة على أن أتشرب الغموض المفتوح على تفسيرات واضحة وعديدة، أسحب المشاهد من عمقي.. عمقها وأمزجها مع المعاني التي تبدو عادة صامتة وضبابية.. بل وصادمة أحيانا.. لتتشكل الروابط التي لم يتم ادراكها من قبل..  

الشعر أن أكتب الأحاديث لا أن أظهر فيها وحين أضطر لذلك فإنما أحاول أن أطرح مأساة أو قضية تساعد المتلقي على فهم عوالم النساء من حوله. 

الشعر عندي انتهاك ولا أظن أن القصائد التي تكتبها المرأة عن نزعتها الظاهرة ببدائل حسية ذاتية مثل الخيالات الافتراضية والتي -لا وجود لها في أرض الواقع- هي بذات الدقة والوضوح في لفت الانتباه الذي نجده في تفاصيل الحدود المحيطة بها عبر الالتحام معها والارتباط لدرجة غيابها من العمق وظهورها على السطح.. 

هنا ستكون الكتابة بعيدة عن الزيف وتسدّ الفجوة أو المسافة التي بالضرورة لا تستطيع المرأة تخطيها بسهولة، بسبب المجتمع الذي اعتاد وصفها بأنها كانت انتهاكاً. لقد صار لهذا الانتهاك القدرة على التطابق بكامل عنفه المشتهى، وكأنه يخالف التدنيس المتمثل بالتهميش. 

لديّ إحساس بأن الانتهاك عند الكتابة يجعلني منقسمة بين الحياة والموت، مشغولة بتكرارهما وكأنني خارج المنظومة المجتمعية. هذه المنظومة التي كانت - تقدم الصلوات والقرابين إلى الآلهة الإناث قبل إحداث تغييرات في المعتقدات والرموز الدينية - ليمضي هذا المجتمع بعد تدمير الأصل نحو المرأة المغلقة. 

ولكن، من شأن المرأة المغلقة أن تنتهك التابو وتفعل دائما ما تفعله داخل العقل، وإنّ كانت صامتة. لا أقول إن كل قصائد المرأة الشعرية تنتهك تماماً، وإنما تلك “التجارب السرية” والتي من المتعذّر البوح به، إذ تكتشف أنها مرتبطة بالتدنيس أو ربما - بمصائد الحركات الاجتماعية اللا إرادية، والمخالفة والعقوبة وحق الرجال بالسهر على عفة النساء- وهذا يلخص حقيقة الصعوبة التي تواجه الشاعرة. 

أحيانا كثيرة تتردد في الكتابة عن تجربتها الخاصة لأن القارئ قد تعَوّد سلفاً على وفق المجتمع النظر إليها بوصفها جسداً ميتاً أو مغلقاً، بينما القصيدة قد لا تتمثل إلا بحضورها الغائب الذي يفتح فجوة في المغلق للتسرب منه بلا نهاية.

هنا، ندرك الانتهاك الذي قد ترتكبه المرأة عبر قصائدها الشعرية -الموت، الحياة- في مجتمع ميزته الأساس تكمن في خصوصية علاقته بالمقلق أو المغدور الذي يرفض الموت أو الحياة. 

لقد صار الانتهاك هو المنظومة المجتمعية الاكثر حضوراً وخصوصية، إنه كينونة المرأة المغلقة وانعدامها، رغم سوء الفهم.

لنعرف إذاً، لماذا ترتبط القصيدة مباشرة بحياتها وبتصورات القراء والمتلقين واستيعابها كاعترافات حقيقية. فكثيرا ما تكون المرأة بالنسبة للمجتمع الأكثر برودة وشراسة وغرابة مجردة من حقيقتها - من أناها. ومن ذلك مثلاً:

 

مسافة من وحل ومعدن 

بركة موحلة بأعقاب السجائر.. هو المطر 

المتساقط، دائما، حينما أفكّر بهيكل قدمي الصناعية.

ماذا هناك لأخشاه؟

قدم ذكية.. تتوق فحسب لمراقبة 

توازني، لمركز الثقل.. حيث المزيد من شهقات 

العيون الغارقة في الظلام.

في نظركَ كانت الشوارع بركة موحلة.

فالسيَّارات التي تخلت عن سرعتها واحدة تلو الأخرى

غطست في لجّة الوحل.. بينما أنا في سباق 

يدفعني رذاذ الغياب.. بعيداً عن نفسي.

خليط غريب من المعدن، والمياه.. والندم المتأخّر كما دائماً،

حتى أقدامي التي لم أشاهدها من قبل

تحتفي هكذا بالمطر.. كان لها توقفات بفواصل 

كثيرة، وبلا توقعات لوجود خطر ما، أو علامات استرشاد.

الشوارع بدت طويلة.. لقد كانت تدور.. وتدور

بدوامات تلوِّح من سيىء إلى أسوأ بينما الأصوات 

مستمرة بتهميش ذاكرة تطلق النار خائفة.. تتلفّت يمينا 

ويسارا، مثل منارة عجوز مهمتها الوحيدة.. اختزال 

الوجود بإشارات ضوئية.. مكرّرة.

التحكم بوجودك العالق أو بخطوات قدمك 

الصناعية عادة هجرها الذين نجو من المحرقة 

أقصد من ثغرها الطافح بالسأم.. الغرق

جرِّبْ فقط.. أن تربط حجارة بقدمي هذه الآن 

ستكتشف المزيد من الأميال الرمادية كانت 

تتوالد بيننا.. أكثر ممّا اعتدتَ.

المطر الذي لا يأبه بأن تشهق بألم الأحذية 

اللامعة.. إنّي أراها الآن سفينة تغرق 

وتلتمع أعقاب السجائر خلفها.. تطفو.. مثل جثث 

الحالمين بضفاف وشمس.

******* 

 

 

ا

الصفحة الثانية عشر

ليس مجرد كلام

 البصرة مدينة العلم والثروات .. ولكن!

عبد السادة البصري

كلّ مسؤول، وسياسيّ، وحاكم، يجلس على الكرسي ذات يوم، يصف البصرة بأنها السلّة الغذائية والثقافية لهذا البلد، ويصفها بأجمل وأحسن الصفات، ولكن منذ تمصيرها عام 16 هجرية وليوم الناس هذا لم تُنصف أبداً، إنها منجم لكل ثروات العراق من النفط والزراعة والصناعة والأسماك وغيرها، والسلّة الغذائية التي تُطعم العراق من أقصاه إلى أقصاه!

هناك أمثال قديمة وحديثة تنطبق عليها تماماً، مثل (البصرة مثل سمك الصبور مأكول مذموم) و (إنها مثل البعير تحمل ذهباً وتأكل عاقولاً).

هذه المدينة التي تعتبر بوّابة العراق منذ الأزل كونها ميناءً بحرياً، حيث الشط والخليج وملتقى دجلة والفرات، منها انطلقت السفن صوب بحار العالم وما تزال، وموانؤها استقبلت وما تزال العشرات من السفن يومياً من كل بقاع الأرض!

تحدّها ثلاث دول إقليمية (إيران، السعودية، الكويت)، هي مدينة الطيبة والتسامح والمحبة ونكران الذات والحنان والتآلف، منها انطلقت الأفكار والرؤى، فالمعتزلة والمرجئة وأخوان الصفا وغيرهم، بالإضافة إلى ظواهر التجديد في النحو واللغة والشعر والقصة والفلسفة والموسيقى والرياضةً، إليها كانت وما تزال ترنو الأفئدة والأنظار بمحبة كبيرة وتقدير عالٍ!

هذه المدينة التي تحمل كل الصفات التي ذكرناها وغيرها الكثير، لم ينصفها حاكم من الأولين والآخرين في كل زمان، حيث الإهمال والحروب والبؤس دائما!

ولا يمكن أن ننسَ المثل القائل: بعد خراب البصرة!

تساؤل يسكن الجميع: لماذا هذا التجاهل والإهمال والتهميش والإقصاء والمحاربة ؟!

أهذا هو ردُّ الدَين لها ؟! أهذا هو التقدير؟! وحتى إذا كانت هناك محاولة للنهوض ذات يوم، فانها تقمع بشتى الوسائل لماذا؟!

البصرة التي قيل فيها ذات يوم ( العراق عين الدنيا والبصرة عين العراق والمربد عين البصرة ) تحارب اليوم مثلما في الأمس بمربدها ، ذلك العرس الذي ينتظره البصريون في كل عام ليقيموا سرادق الشعر والنقد والمسرح والتشكيل والفوتوغراف والموسيقى والغناء على أرضها ، ويعيدوا ظاهرة المربد الشعري الذي كان يؤمه الشعراء العرب من كل حدب وصوب منذ تأسيسه في بدايات العصر الإسلامي الأول وحتى قرون متأخرة ، ثم يعاد في سبعينات القرن الماضي وحتى ثمانيناته قبل أن يُسرق عنوة منها ليتحول إلى مهرجان للردح والتطبيل والدعاية الحربية للنظام الفاشي ، لكن بعد سقوط الفاشية أعاده البصريون لحضن أمه الرؤوم ! 

قبل يومين وقفنا كمثقفين من شتى الصنوف في شارع الفراهيدي لنقول للجميع: تأملوا البصرة بعين المُحبِّ والغيور والمنتمي للناس والوطن بشكل حقيقي، ولنشدّ أيادينا مع بعض كي نبدأ بتعميرها من جميع الجوانب (اجتماعيا واقتصاديا وعمرانيا وثقافيا وغيرها) لأنها كانت وستبقى سلّة الوطن الغذائية دائماً!

************* 

 

على “شارع النهر” في المدينة

مثقفون وشخصيات وطنية يستذكرون تاريخ الناصرية

الناصرية - شوقي الجاسم

احتضنت حدائق “كازينو الباشوات” المطل على “شارع النهر” وسط مدينة الناصرية، أخيرا، أمسية ثقافية سياسية منوعة ألقت الضوء على تاريخ المدينة وبعض الأحداث البارزة التي شهدتها خلال السنوات الماضية. 

ساهم في الأمسية جمع من الشخصيات الوطنية والباحثين والمثقفين والأدباء والفنانين. 

أول المتحدثين كان المؤرخ عبد الرزاق الغرباوي، الذي تناول لمحات من تاريخ مدينة الناصرية، وذكر أسماء بعض روادها في مجالي الفكر والسياسة، مسلطا الضوء على المراحل التي عاشوها، وعلى مآثرهم.

بعدها تحدث الشخصية الوطنية عقيل حبش، باستفاضة عن انتفاضة “هور الغموكة”، التي كان من بين المشاركين فيها، معرجا على أسباب انطلاقها، وعلى أسماء أبرز المشاركين فيها، الذين استشهد وأصيب بعضهم، وبعض آخر ألقي القبض عليه وسجن وعذب على أيدي جلاوزة السلطات الدكتاتورية. 

وكانت للأديب صباح محسن مداخلة في الأمسية، تناول فيها بعض الشخصيات الأدبية المهمة في الناصرية، ليعقبه الشاعر طالب المنشد بإلقاء قصيدة عنوانها “أقمار على جسر الزيتون”.

الفنان أبي داود، قدم هو الآخر مداخلة دعا فيها إلى أهمية إقامة أمسيات استذكار للشخصيات التي تركت بصمات واضحة في تاريخ الناصرية. 

وساهم في الأمسية أيضا كل من الأديب عباس عجاج، والشاعر الشعبي حسين جهيد الذي ألقى قصيدة بعنوان “جلمة وفه”، فضلا عن الشاعرين عبد الخضر سلمان الإمارة وأبو ذياب، اللذين قرآ أبياتا من الأبوذية. 

وتخللت الأمسية حوارات ومداخلات قدمها العديد من الحاضرين. وقد اتفق المشاركون جميعا، على تكرار هذه الأمسيات بشكل دوري، وتحت عنوان “لقاء الأحبة”، في سعي لتفعيل المشهد الثقافي في الناصرية، وإشاعة أجواء التبادل الثقافي والمعرفي.

************* 

 

في البصرة 

أمسية حول “التراث المسيحي الشرقي قبل الاسلام”

البصرة - حسين منذر 

أقامت اللجنة الثقافية التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة و”ملتقى جيكور” الثقافي في المحافظة، أخيرا، أمسية حول “التراث المسيحي الشرقي قبل الاسلام”، ضيّفتا فيها الباحث د. حامد الظالمي بحضور نخبة من المثقفين والأدباء والمهتمين في الشؤون التراثية. 

أدار الأمسية الناقد مقداد مسعود، واستهلها داعيا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت إكراما للأديب والمناضل الراحل أخيرا، ألفريد سمعان.

ثم قرأ الشاعر عبد السادة البصري، والكاتب باسم محمد حسين، كلمتين أشارا فيهما الى عمق العلاقة التي كانت وما زالت حاضرة بين المسيحيين والمسلمين في المجتمع العراقي.

بعد ذلك، تحدث الباحث الضيف، عن علاقته بالتراث المسيحي التي تمتد سنوات عدة، وعما أنجزه من كتب ومخطوطات في هذا الشأن، متطرقا بالتفصيل، إلى بدايات وصول المسيحية من جنوب الشام إلى مكة والجزيرة العربية، وذلك قبل الإسلام بنحو ٥٠٠ سنة.

وتحدث الظالمي عن الأديرة والكنائس القديمة في الشرق، لافتا إلى أن العراق كان يضم أكثر من 250 من الأديرة والكنائس الكبيرة. فيما ذكر، أن البصرة أنجبت خلال العقود الماضية، العديد من الشخصيات المسيحية التي كان لها أثر بالغ في إثراء الحياة الاقتصادية والعلمية والثقافية في المدينة.

وتابع قائلا أن “البصرة عرفت منذ مئات السنين بتنوع نسيجها الاجتماعي، وتحلي أهلها بالتسامح والالفة، وان تاريخها حافل بمواقف وأحداث تعبر عن عمق التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين المسلمين والمسيحيين”.

وشهدت الأمسية مداخلات قدمها العديد من الحاضرين.

************ 

 

العازفة الموهوبة أسيل عامر:

ننشر الموسيقى كي نرتقي بذائقة الإنسان

بغداد – طريق الشعب 

أسيل عامر، عازفة عود شابة من مواليد 2005 في بغداد. ظهرت مواهبها الفنية في سن مبكرة، بداية في التمثيل، ثم في الموسيقى والباليه والعزف على العود بشكل خاص.

أسيل التي عزفت أمام الجمهور أول مرة وهي في عمر ثماني سنوات، التقت بها “طريق الشعب”، وأجرت معها هذا الحوار السريع: 

• كيف كانت بدايتك مع الفن؟

- في سن مبكرة ظهرت لدي مواهب في التمثيل، وحينها مثلت في عملين مسرحيين، الأول في مدرستي، والآخر لصالح “دار ثقافة الأطفال”. كما مثلت في فيلم تسجيلي حول مناهضة زواج القاصرات. بعدها اكتشفت أن لدي موهبة في الموسيقى، فدخلت مدرسة الموسيقى والباليه، وتوجهت إلى تعلم العزف على العود.

• من الذي ساعدك في اكتشاف موهبتك الموسيقية؟

- والدتي، فهي اكتشفت موهبتي في الموسيقى منذ كان عمري خمس سنوات. إذ وجدت اني امتلك قدرة على حفظ الأغنيات والألحان.

• ماذا أضافت لك دراسة الموسيقى، وكيف نميتِ موهبتك؟

- الدراسة والتمرين جعلاني أحب آلة العود أكثر، لكني صرت أشعر أن أمامي طريقا طويلا يحتاج إلى الكثير من العمل والتدريب، لذلك كثفت من تمريناتي ونميت موهبتي عبر التسجيل في مركز لتعليم العود، ومتابعة العازفين الرواد على موقع “يوتيوب”.

• هل تحظين بالدعم المعنوي؟

- نعم، أتلقى دعما من عائلتي، ومن والدتي بشكل خاص. فهي أول داعم لي منذ اول خطوة خطوتها في مجال الفن، وأكثر من ساعدني ويساعدني في تحقيق حلمي في العزف ومواصلة تطوري فيه.

• بماذا شعرتِ وأنت تعزفين أمام الجمهور أول مرة؟

-كان ذلك عام 2013، حينما عزفت ضمن فرقة العود التابعة إلى مدرسة الموسيقى والباليه. يومها انتابني شعور غريب ورائع وأنا أعزف مع الفرقة، بعد شهور من التمرين، أغنيات تراثية حظيت بإعجاب الجميع.

• كيف تنظرين إلى الموسيقى وعلاقتها بالمجتمع؟

- الموسيقى موجودة في كل مكان، وهي تتطور مع تطور المجتمعات. وأنا أعتقد ان لكل شخص اهتماما في الموسيقى بشكل او بآخر، وذوقا موسيقيا خاصا. ويبقى دورنا كعازفين وموسيقيين، طلبة أو مدرسين، هو نشر الموسيقى من أجل الارتقاء بذائقة الإنسان.

• ألديكِ حلم تتطلعين إلى تحقيقه؟

- حلمي هو أن أصبح عازفة محترفة، وأن أكون قادرة على تأليف المقطوعات الموسيقية.

************ 

 

تربوي متقاعد يتبرع 

ببناء صفين في مدرسته

الكوت - وكالات 

أعلنت مديرية تربية واسط، عن تبرع تربوي متقاعد ببناء صفين دراسيين في مدرسة ابتدائية بناحية الزبيدية شمالي المحافظة.

وقالت المديرية في بيان لها، أن التربوي ناصر حسين المكوطر، بنى الصفين في “مدرسة المفاخر” الابتدائية، التي كان هو نفسه مديرها السابق.

*********** 

 

طاولة “طريق الشعب”

في ساحة الأندلس

بغداد – طريق الشعب 

نظمت هيئة المقرات للحزب الشيوعي العراقي، أخيرا، طاولة إعلامية في تقاطع الأندلس وسط بغداد. 

ووزع كادر الطاولة على المواطنين، نسخا من “طريق الشعب”، ومن كتيب يتضمن حوارا كانت قد أجرته مجلة “الثقافة الجديدة” مع سكرتير اللجنة المركزية للحزب الرفيق رائد فهمي، فضلا عن نسخ من ورقة حول مكافحة الفساد، صادرة عن الحزب. 

وتبادل كادر الطاولة مع المواطنين، الحديث عن أوضاع البلد السياسية والاقتصادية وموقف الحزب منها.

************* 

 

توزيع “طريق الشعب” على المواطنين في الكرادة

بغداد – طريق الشعب 

نظمت لجنة جمال الحيدري الأساسية للحزب الشيوعي العراقي/ اللجنة المحلية في الرصافة الأولى، أخيرا، مسيرة إعلامية راجلة في حي “ألبو جمعة” بمنطقة الكرادة.

ووزع المشاركون في المسيرة على المواطنين واصحاب المحال التجارية، نسخا من “طريق الشعب” ومقالها الافتتاحي المعنون “على من تفرض الضرائب”.

وقدم الكادر المشارك في المسيرة، للمواطنين شرحا تفصيليا لمحتوى المقال، الذي يشدد على أهمية التوجه نحو الإصلاح الاقتصادي ضمن سياسة واضحة الأهداف والغايات، بعيدا عن الطابع الريعي.

************ 

 

في الكوت 

محمد ناصر يوقع مجموعتين شعريتين

الكوت – علي جبار 

في باكورة نشاطاته للعام الجديد، ضيّف البيت الثقافي في محافظة واسط، أخيرا، الشاعر الشاب محمد ناصر عبد الحسين، ليتحدث عن تجربته الشعرية ويوقع مجموعتيه الشعريتين “في الطريق إلى البصرة” و”حب بين النجوم”.

حضر الجلسة التي التأمت على قاعة البيت الثقافي وسط مدينة الكوت، جمهور من محبي الشعر. وقد أدارها الشاعر جبار الحمداني، واستهلها معرّفا بالضيف الذي يعد من الطاقات الشعرية الشبابية الواعدة.

بعد ذلك تحدث عبد الحسين عن تجربته في كتابة الشعر، وذكر أنه يدرس اللغة العربية في كلية التربية بجامعة واسط. ثم قرأ باقة منتقاة من نصوصه الشعرية. 

وفي الختام، وقع الشاعر الضيف نسخا من مجموعتيه الشعريتين، ووزعها على الحاضرين.

************