اخر الاخبار

الصفحة الآولى

على طريق الشعب

ما بعد المقاطعة .. مهمات جسام

ترتبط الغاية الأساسية من المقاطعة، باعتبارها تاكتيكا انتخابيا، برؤية سياسية ستراتيجية تقوم على كون البلد لابد أن يشهد تغييرا في مسار العملية السياسية القائمة على المحاصصة، الى جانب معالجات جذرية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

ويرتبط هذا من جانبه بتعدد الأزمات التي تعكسها الممارسات والتجاوزات والاوضاع التي تتحدى ارادة الناخب، من تزويرٍ ونشر للسلاح واستخدام للمال السياسي، وتوظيف للمواقع التنفيذية ومواردها لأغراض انتخابية، واعتماد مفوضية غير مستقلة، اضافة الى عدم تطبيق قانون الأحزاب. ناهيكم بالطبع عن تفشي الفساد على مختلف المستويات، وتعاظم معاناة الملايين بسبب غياب الخدمات الأساسية وتهالك النظام الصحي في ظل تفشي الكورونا، فيما ينهار النظام التعليمي، وتنتشر البطالة في صفوف الشباب خصوصا.

هذه الأوضاع الاستثنائية، بل المأساوية، تعيق جميعا بالطبع اجراء انتخابات حرة نزيهة. وبالتالي فان المقاطعة هي شكل من أشكال الضغط السياسي والجماهيري على كل المنظومة السياسية بهدف دفعها في اتجاه التغيير، انطلاقا من القناعة بأن ظروف الانتخابات الراهنة لا توفر ما يفضي الى تحرك حقيقي صوب التغيير.

من هنا جاءت ضرورة اتخاذ موقف أكثر حزما، ارتباطا بتصوراتنا التي ترى أن البلد لا يمكن أن يستمر على هذا النهج، وما يقود اليه من تدهور على المستويات كافة.

وغني عن القول ان مقاطعة الانتخابات المبكرة المقرر اجراؤها في العاشر من تشرين الأول المقبل، ليست رفضا للعملية الديمقراطية ولا للعملية الانتخابية، بل هي على العكس تماما تهدف الى تصحيح مسار هذه العملية، عبر تخليصها من كل العوامل التي تعطل الارادة الحرة للناخب، متمثلة في التنظيمات المسلحة وانتشار السلاح والمال السياسي والتزوير، وعدم استقلالية مفوضية الانتخابات وعدم تطبيق قانون الانتخابات واستخدام المتنفذين سياسيا للسلطة ومواردها. وكل هذه الممارسات والظواهر، التي تكشف عن ارتفاع متزايد لنسبة العزوف عن المشاركة في الانتخابات، فضلا عن ضعف إداء البرلمان في المجالين االتشريعي والرقابي، شهدتها الانتخابات في جميع الدورات السابقة، وما زالت حاضرة وربما تفاقمت في الانتخابات الحالية، حتى باتت تشكل تهديدا حقيقيا للانتخابات ولمصداقيتها وللعملية الديمقراطية، بل ولمستقبل البلاد ووجهة تطورها الاجتماعي السلمي.

إن غياب الشروط الضرورية لمشاركتنا في الانتخابات والتي اكدناها اكثر من مرة، وعجز الحكومة عن تأمينها، يضاعف احتمالات اعادة منظومة المحاصصة ونهجها، وبالتالي اجهاض الغرض الأساسي من اجراء الانتخابات.  

كما أن مقاطعة الانتخابات تنطلق من حقيقة أنه لا يمكن أن نتوقع عملية ديمقراطية مستقرة، في ظل واقع اجتماعي اقتصادي يسير من سيء الى أسوأ، حيث التردي المريع في الأحوال المعيشية لقطاعات واسعة في مجتمعنا، وسط تفاقم الأزمات في سائر الميادين.

وهكذا فالمقاطعة هي جرس انذار من ناحية، وهي من ناحية ثانية نداء عمل وفعل سياسي، يهدف الى تعبئة وتفعيل كل عناصر الضغط المجتمعي، وحراك الجماهير الغفيرة المكتوية بالأزمات، والمتطلعة الى خلق شروط تكون فيها الانتخابات المعبر الأمين عن رأي وإرادة الناخب بصورة حرة، تفتح بوابة للتغيير الحقيقي.

إن الأهداف السياسية المباشرة المتوخاة من المقاطعة تتمثل في الدفع باتجاه خطوات فعلية شاملة، لمعالجة كل المطالب التي أوردناها وسجلناها على العملية الانتخابية وتأثيراتها السلبية الخطيرة على الارادة الحرة للناخبين.

وعلى الصعيد السياسي تهدف المقاطعة الى المساعدة في ايجاد اصطفافات شعبية واسعة، على أرضية مشروع برنامجي وطني ديمقراطي يسعى الى التغيير. واننا لنجد أن الكثير من عناصر هذا المشروع مجسدة في المطالب العادلة لانتفاضة تشرين.

إن أمامنا اليوم مهمات جسام، ونحن نطرح بديلنا الذي يتعلق بالنهج السياسي والبيئة السياسية، والمتضمن حلولا للمعضلات الاقتصادية والاجتماعية، واقتراحات ملموسة في ما يتعلق بالمنظومة الانتخابية.

وإننا لعاقدون العزم على العمل، بمختلف الوسائل السلمية، لتعبئة القوى السياسية الرافضة لنهج المحاصصة والفساد، وقوى الحراك الاحتجاجي، لتصعيد الضغط معا على كل المنظومة السياسية، التي تقف موقف الكابح والمعرقل للتغيير، وهو الذي  بات ضرورة ملحة لانقاذ البلاد من الأزمات الطاحنة، ووضعها على طريق التحول السلمي نحو الديمقراطية الحقيقية، متمثلة في اقامة الدولة المدنية على قاعدة العدالة الاجتماعية.

**************

الفقيدة عالية محمد باقر، الامينة السابقة للمكتبة المركزية في البصرة، رحلت قبل يومين بسبب كورونا ومضاعفاتها.

إبان غزو القوات البريطانية لمدينة البصرة سنة 2003، تمكنت من انقاذ 30 ألف كتاب ومخطوطة في المكتبة من السرقة بمساعدة مجموعة من أهالي المنطقة الذين اعانوها في نقل المحتويات الى مطعم مجاور.

الصورة الى اليسار لغلاف كتاب عن الفقيدة باللغة الانجليزية صدر سنة 2003 في الولايات المتحدة ويتحدث عن انقاذها الكتب المذكورة.

***************

منظمات حقوقية قلقة على الحريات الصحفية

المحتوى الاعلامي تحت رقابة القضاء؟

بغداد ـ عبدالله لطيف

أبدت منظمات حقوقية وصحافيون استغرابهم من اقحام السلطة القضائية في رصد المحتويات الاعلامية وغيرها التي تروج في مواقع التواصل الاجتماعي، متهمين بعض القوى المتنفذة بالوقوف وراء تلك التوصيات التي طرحتها خلية الاعلام الحكومي.

فعلى أثر تلك التوصيات، شكّل مجلس القضاء الأعلى لجنة من 7 جهات، لمتابعة ورصد المخالفات في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام.

وأثار القرار حفيظة المنظمات المختصة في الدفاع عن الحريات الصحفية، والتي دعت الى محاسبة الجهات التي تموّل الخطاب الهابط، الذي يثير النعرات الطائفية، وينتهج السباب والشتم منهاجاً له.

ومن مهام مجلس القضاء الاعلى، إدارة شؤون الهيئات القضائية وترشيح وترقية القضاة، وتمديد خدمتهم، وتشكيل الهيئات واللجان القضائية، واقتراح مشاريع القوانين المتعلقة بالقضاء، وعقد الاتفاقيات القضائية.

محاسبة ممولي الخطابات الهابطة 

ورد رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، مصطفى ناصر، على الوثيقة التي صدرت من مجلس القضاء الاعلى، بالقول إن “الأمور التي يريد مجلس القضاء الأعلى، المحاسبة عليها، كلها موجودة في قوانين العقوبات العراقية، التي تحاسب كل من يتجاوز على الأديان والمذاهب والمعتقدات”.

ولا يجد ناصر داعيا لتشكيل تلك اللجنة، مؤكداً “وجود مخالفات جسيمة تحدث في مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك وسائل تتناول قضايا التسقيط والتشهير والسب والقذف. وفي بعض الاحيان تثير النعرات الطائفية”.  

وتابع أن “خلية الاعلام الحكومية ومجلس القضاء الأعلى، كان الاجدر بهما ان يذهبا الى جذر المشكلة. واقصد ممولين هذه المؤسسات”.

وعبّر ناصر عن استغرابه من “توقيت تشكيل اللجنة، خصوصاً ونحن نقترب من موعد الانتخابات المبكرة”، مضيفا أن “هذا القرار يطرح سؤالا مفاده “هل هناك حصار يجب ان يفرض على بعض وسائل الاعلام، وعلى عدد من المدونين والصفحات على فيسبوك، ام ان تشكيل الخلية جاء معبراً عن نوايا البعض لضرب خصومهم السياسيين”.

ويخمن ناصر أن تكون هناك مآرب سياسية تقف خلف التوصية الصادرة من خلية الاعلام الحكومي، مردفا “من الجيد ان يكون هناك اجراء حقيقي للحد من الخطابات التي تعبر عن الكراهية والطائفية، لكن ذلك لا يحدث من دون ادانة الجهات التي تمول هذا الخطاب”.

عمل خارج الصلاحيات

وفي الاثناء، قال رئيس جمعية المواطنة لحقوق الانسان، محمد السلامي، إن قانون مجلس القضاء الاعلى المرقم 45 لسنة 2017 في المادة رقم 3، حدد بـ”إدارة شؤون الهيئات القضائية وترشيح وترقية القضاة، وتمديد خدمتهم، وتشكيل الهيئات واللجان القضائية، واقتراح مشاريع القوانين المتعلقة بالقضاء، وعقد الاتفاقيات القضائية”، مؤكداً “لم نجد في القانون صلاحيات للمجلس بإصدار اوامر لا تتعلق بإدارة القضاء”.

وأضاف السلامي لـ”طريق الشعب”، إن “الامر القضائي له آثار تنفيذية ويرتبط بمؤسسات ليست ضمن هياكل مجلس القضاء”، مبيناً أنه “ليس من ضمن صلاحيات المجلس القانونية رصد الحياة العامة وبالخصوص ما يتم نشره في وسائل التواصل الاجتماعي او غيرها”.

وأشار الى أن “القضاء وضع نفسه في خدمة السلطة التنفيذية التي تحاول ان ترصد وتحد من حرية النشر وحرية التعبير عن الرأي المكفولة دستوريا وفقاً للمادة 38”. ولفت السلامي الى أن “القضاء بهذا القرار، دخل خصما ضد الناشرين والمدونين في مواقع التواصل الاجتماعي”.

الى ذلك، أكد نقيب المحامين، ضياء السعدي، أن “هناك اساءة تصدر من بعض الجهات التي تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تعتمد مبدأ التسقيط على حساب الحوار الموضوعي الهادف”.

وعلق السعدي على الموضوع بقوله إن “هذه الحوارات ليست ضمن أطر مفاهيم حرية التعبير عن الرأي. وهذه ممارسات تشوه مفاهيم الحرية، ويجب ان يتم وضع حد لها”.

وأشار إلى أن “اللجنة يجب ان تمارس مسؤولياتها بحيادية عالية، وان توفر الحماية الكافية لمن يمارس النقد الموضوعي والهادف”.

************

رائد فهمي: لن نكون شركاء في صناعة الازمات

متابعة – طريق الشعب

اكد سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، ان “انسحاب الحزب من الانتخابات المقبلة لم يكن مجرد قرار سياسي تكتيكي، بل لاننا ندرك بان العراق يمر بمرحلة فاصلة تحتاج الى اجراءات حقيقية وليس مجرد تعديلات سطحية”.

واضاف فهمي في تصريح صحفي لوكالة “رووداو الاخبارية”: نحن نعتقد بان هذه الانتخابات لن تحدث اية تغييرات بل ستكرس نهج الازمات ونحن لن نكون شركاء في “صناعة هذه الازمات”.

وتابع فهمي، ان “الحملات الانتخابية الجارية تعكس طبيعة هذه الانتخابات ونتائجها، فأصحابها يركزون على المناطقية وكسب ود المواطنين للتعويض عن فشل اداء الدولة في توفير الخدمات الاساسية للعراقيين”، مؤكداً، ان “الحملات الانتخابية تعكس طبيعة الفساد المستشري في البلد وأعني استخدام المال العام لشراء الاصوات والتزوير، كذلك استخدام الجهد البلدي لصالح الترويج لهذا المرشح المتنفذ او ذاك”.

*************

راصد الطريق

من يستهدف أبراج نقل الكهرباء ؟!

منذ أشهر وأبراج نقل الطاقة الكهربائية تتعرض الى حرب استهداف حقيقية، لم تعد تقتصر على مناطق معروفة بنشاط عناصر داعش الإرهابي فيها. فقد أعلنت وزارة الكهرباء الخميس عن استهداف برجين لنقل الطاقة في محافظة كربلاء ، بل وامتد الامر الى بغداد.  هذا إضافة الى سرقة حديد الأبراج.

وفي كل الأحوال لا يدفع الثمن غيرالمواطنين، خصوصا الفقراء والكادحون ومحدودو الدخل ، حيث يتفاقم سوء تجهيز الكهرباء الوطنية في عز لهيب الصيف، مع توقف امداد الكهرباء والغاز من ايران.

فهل ان كل هذه الأفعال الاجرامية هي حقا من صنع داعش الإرهابي؟ وهل يمتلك داعش القدرة على ضرب عدة خطوط في محافظات مختلفة في آن واحد؟  أما من دوافع سياسية وراء بعضها ؟ وهلّا يمكن الحديث عن مقاولين ومستفيدين يركضون وراء المال السحت على حساب المواطن وبما يلحق الضرر به؟!

متى تفصح الحكومة عن الحقيقة وتعلن عن المسؤولين الحقيقيين؟!

ومتى تتخذ إجراءات فعلية لوضع حد لهذه الجرائم بحق الناس؟

*************

الصفحة الثانية

العراق يتذيل التصنيف العالمي لتنمية الشباب

بغداد ـ طريق الشعب

ورد العراق من ضمن المراتب الأخيرة في مؤشر تنمية الشباب العالمي 2021 الصادر عن رابطة الكومنولث.

وحسب الاحصائية الصادرة عن الرابطة، واطلعت عليها “طريق الشعب”، تم تصنيف 181 دولة حول العالم بين (أدنى) و(أعلى) وفقاً للتطورات في تعليم الشباب، والتوظيف، والصحة، والمساواة والاندماج، والسلام والأمن، والمشاركة السياسية والمدنية.

ويستند المؤشر إلى 27 مؤشراً فرعياً بما في ذلك معرفة القراءة والكتابة وحق التصويت في دراسة حالة 1.8 مليار شخص في العالم تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما.

ووفقا للتصنيف فان العراق احتل المراتب الاخيرة بين الدول في خانة الادنى من تنمية الشباب حيث جاء بالمركز 168، ففي مجال التعليم احتل العراق المرتبة 169 عالميا، واحتل في مجال الفرص الوظيفية المرتبة 154 عالميا، وفي مجال المساواة والاندماج احتل المرتبة 150عالميا، و في مجال الصحة والرفاه، احتل المرتبة 118 عالميا، وفي مجال الأمن والأمان، احتل المرتبة 176 عالميا، وفي مجال المشاركة السياسية والمدنية احتل المرتبة 159 عالميا.

وعلى الصعيد العالمي، احتلت سنغافورة صدارة الدول، تلتها سلوفينيا والنرويج ومالطا والدنمارك، فيما تذيلت القائمة تشاد تسبقها جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان وأفغانستان والنيجر.

*************

اضاءة

نريدها رافعة للتغيير

محمد عبدالرحمن

ونحن نقترب من الذكرى السنوية الثانية لانتفاضة تشرين ٢٠١٩ الباسلة، فان افضل ما نكرم به شهداءها وتضحيات عموم المنتفضين والحراك الاحتجاجي، هو التمعن في ما حصل وأسبابه ودوافعه الموضوعية، واستخلاص العبر والدروس منها كي تكون زادا لقادم الأيام الحبلى بارهاصات التغيير، الذي غدا منذ زمن ضرورة ملحة لإنقاذ البلاد مما هي فيه من سوء وتدهور وخراب، عم جميع مرافق ومؤسسات الدولة ونواحي الحياة .

والمراجعة المطلوبة اليوم لمسار الانتفاضة، لصعودها وانخفاض زخمها بين حين وحين، يتوجب ان تتوقف  عند القوى المشاركة والفاعلة فيها، وعند  الثغرات والنواقص، والتأكد من سلامة الشعارات المرفوعة والتوجهات ومدى واقعيتها، والابتعاد عن العدمية في  هذا الموقف او ذاك، واعلاء شان  التنسيق والتعاون بين المنتفضين والمحتجين ومختلف القوى والتنظيمات المشاركة والداعمة، بل والارتقاء به الى درجات اعلى بما يخدم توحيد الخطاب والتوجه وأساليب العمل والحراك. وان يكون ذلك في اطار مراجعة نقدية موضوعية  شاملة، تضع في الاعتبار أولا وقبل كل شيء أهمية وضرورة  مواصلة السير لتحقيق اهداف الانتفاضة وتطلعات الملايين من العراقيين، الذين تسحقهم تداعيات الازمة الشاملة التي يمر بها البلد ، فيما تهيمن على ثرواته وتنتفع بها اقلية فاسدة وفاشلة .

كذلك ان تعي هذه المراجعة حقيقة ان المنتفضين ليسوا فقط من انتظم في أحزاب واطر سياسية، بل هم أوسع من ذلك بكثير، ما يوجب ان تكون تطلعات الملايين حاضرة عند رسم التوجهات واتخاذ المواقف. وهذا ما يضمن الدعم والاسناد الشعبيين الواسعين، اللذين يشكلان دعامة راسخة لاي حراك يبتغي الظفر وتحقيق المطالب والتطلعات، ومن دونه يقتصر الحراك على جماعات نخبوية. 

وفي الذكرى السنوية الثانية للانتفاضة المجيدة يتوجب ايضا وبالحاح ادراك مرامي واهداف القوى المتنفذة الماسكة بالسلطة، لاسيما وان معظمها قد ساهم بهذا الشكل او ذاك في قمع الانتفاضة واراقة دماء بناتها وابنائها، وفي ملاحقتهم ومطاردتهم واعتقالهم وتعذيبهم واختطافهم، والسعي المحموم لتشويه اهداف المنتفضين وإلصاق النعوت بهم، الامر المتواصل حتى اليوم.

فلا يغرّن البعض كلام معسول تطلقه هذا الجهة او تلك، بعكس ما تضمر من حقد دفين على الانتفاضة والمشاركين فيها، خصوصا في هذه الأيام وهي تباشر دعايتها الانتخابية، التي نلمس مدى بعدها عن هموم المنتفضين وعموم أبناء الشعب .

فلا يرتجى خير من هذه القوى المتنفذة، خاصة منها المدججة بالسلاح المنفلت ، وهي التي افرغت مطلب المنتفضين اجراء انتخابات مبكرة من محتواه الحقيقي، وحيث كان يراد منها ان تكون احدى روافع التغيير والخلاص من منظومة المحاصصة والفساد. لكنها لَم تستجب لتنفيذ هذا المطلب الا بعد ان شرعت  قانونا للانتخابات يديم سلطتها ونفوذها، ويعيد إمساكها بقرار الدولة السياسي والمالي والاقتصادي والأمني. فالحذر واجب من هؤلاء الذين لن يتوانوا في سعيهم لتشتيت قوى الانتفاضة وادامة فرقتها وزرع بذور الشك والريبة بين المنتفضين، والايقاع بينهم وبين الجماهير الشعبية .

ان الذكرى السنوية الثانية وهي على الأبواب تستحق الاحتفاء بها بكل الاشكال والأساليب السلمية، في المناطق وعلى صعيد محافظات الوطن باسرها، والتفكير باستمرار في إمكانية تجديدها، خصوصا وان أسباب قيامها لا تزال قائمة، بل وتعمق الكثير من جوانبها، وغدت الهوة اعمق بين عموم أبناء الشعب المسحوق والأقلية الحاكمة المتنفذة المتنعمة والمرفهة.

في ذكرى وثبة كانون الثاني ١٩٤٨ كان شبابها يرددون: “يلله يا شباب نجدد الوثبة”، واليوم نقول ان الظروف الموضوعية مهيئة لتجديد عنفوان انتفاضة تشرين، ونريدها  على الدوام ان تكون سلمية جماهيرية تطيح بالمنظومة الحاكمة الفاشلة والفاسدة، وتضع بلادنا على سكة التغيير الشامل وتدشين عملية البناء والاستقرار والحياة الكريمة، في دولة المواطنة والمؤسسات والقانون والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية .

*************

الاحتجاجات في العراق.. إعتداءات تتكرر وتهديدات بالتوقف عن العمل

العمال يضربون والفلاحون يتظاهرون

بغداد ـ طريق الشعب

لا يكاد يمر يوم في العراق دون ان تشهد مدنه وقصباته احتجاجات متفرقة، تطالب بتوفير سبل العيش الكريم وتأمين الخدمات ومحاسبة المتورطين بقتل المتظاهرين والكف عن كبت الحريات والاعتقالات التعسفية.

 “طريق الشعب” تواصل عبر مراسليها ومكاتبها الاعلامية رصد هذه الاحتجاجات ونقلها بغية اطلاع القارئ على مستجدات الحراك الاحتجاجي.

وشهدت عدد من المحافظات تصعيدا شعبيا، على أثر تفاقم سوء الخدمات، واستمرار تجاهل الأطراف الحكومية المعنية لمطالب المتظاهرين.

فيما قطع محتجون غاضبون في مدينة الناصرية ـ مركز محافظة ذي قار ـ شارع النبي إبراهيم، مطالبين بإطلاق سراح الناشطين المعتقلين في المحافظة.

اضراب للعمال

وفي محافظة البصرة، اغلق عدد من المتظاهرين في ناحية ام قصر الطريق المؤدي الى الميناء، احتجاجا على تردي الخدمات وانقطاع الماء والكهرباء عن الناحية، مستخدمين حافلات نقل كبيرة لقطع الشارع الرئيسي الرابط بين ميناء ام قصر والمحافظة.

ونظم عدد من عمال بلدية الناحية اضرابا عن العمل، احتجاجا على قرار تشغيلهم طيلة أيام الأسبوع، وفي العطل الرسمية.

واكد المتظاهر حازم نعيم لـ”طريق الشعب”، أن “عدد العاملين في البلدية 250 عاملا بنظام العقود، يتعرضون لأبشع أنواع الاستغلال من خلال عدم ضمان حقوقهم، فضلا عن عدم مساواتهم مع بقية الموظفين في الحقوق الوظيفية، مثل الاجازات المرضية الخاصة بالجائحة، واغفال ساعات عملهم الإضافية”.

وشهدت مديرية التقاعد في المحافظة، اضرابا عن العمل، نظمه الموظفون للمطالبة باحتساب الحوافز والأرباح أسوة بموظفي وزارة المالية والهيئات التابعة لها من خلال استقطاع نسبة من إيرادات الماستر كارد الخاصة بالرافدين والنخيل والرشيد. فيما تظاهر عمال شركات التنظيف المتعاقدة مع شركة الـBP  ، أمام مدخل هيأة حقل الرميلة النفطي، احتجاجا على ما وصفوه بتسويف مطالبهم الخاصة بتحويلهم من أجور يومية إلى عقود.

احتجاجات للفلاحين

من جهتهم، نظم عدد من مزارعي محافظة واسط، وقفة احتجاجية أمام مبنى السايلو، مطالبين باطلاق مستحقاتهم المالية.

وذكر مراسل “طريق الشعب”، ان “المزارعين في المحافظة حذروا من أن اهمال مطالبهم يدفعهم إلى ترك الزراعة ما ينذر بتدهور الواقع الزراعي في العراق”، منتقدين “عدم ايفاء الحكومة بالوعود التي قطعتها لهم، بصرف المستحقات وتوفير الأسمدة الكيماوية وتأمين مياه السقي”.

في غضون ذلك، اغلق عدد من المزارعين في محافظة المثنى، سايلو السماوة، احتجاجا على تأخر صرف مستحقاتهم عن تسويق محصول الحنطة، مشيرين الى ان هذا الاجراء جاء نتيجة لعدم تنفيذ مطالبهم المتعلقة بصرف المستحقات وتوفير العلف الحيواني والاسمدة وتخفيض أسعار الوقود.

ونظم عدد من فلاحي محافظة ديالى، وقفة احتجاجية امام سايلو بعقوبة، مطالبين بتسديد مستحقات تسويق محصول الحنطة.

وبيّن مراسل “طريق الشعب”، ان “العشرات من فلاحي ديالى نظموا وقفة احتجاجية امام سايلو بعقوبة، للمطالبة بتسديد مستحقاتهم المالية عن تسويق محصول الحنطة للموسم الحالي 2021”، لافتا الى ان 60 بطاقة من 3800 بطاقة تم تسديدها، اي ان نسبة ما تم تسديده هو اقل من 1 في المائة”.

إصابة متظاهرين

وقال مراسل “طريق الشعب”، ان “العشرات من المحتجين قطعوا شارع النبي إبراهيم، وسط مدينة الناصرية بالإطارات المحترقة، مطالبين بإطلاق سراح عدد من الناشطين المعتقلين منذ الأسبوع الماضي”.

وفي مقابل ذلك، استخدمت القوات الأمنية الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، ما أسفر عن إصابة اثنين منهم.

وفي الأثناء، وجّه الملاك الطبي لمستشفى الحسين في محافظة ذي قار، رسالة الى الحكومة، ملوحين فيها بإيقاف العمل.

وقال الملاك الطبي في مقطع فيديوي، تابعته “طريق الشعب”، إن كوادر المستشفى “سيبدأون توقفاً جزئياً عن العمل، خلال يومي الاحد والاثنين، للمطالبة بصرف مستحقات حقوق ذوي الشهداء الذين سقطوا في حريق المستشفى”.

واضافوا “اذا لم تتم الاستجابة لمطالبنا، فسنقوم بإيقاف العمل في المستشفى يوم الثلاثاء المقبل”.

وحمّل الملاك الطبي، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي “المسؤولية لما سيحصل كونه اصدر قرارات غير قادر على تطبيقها”.

قطع للطرق

من جانبهم، قطع عدد من المحتجين في محافظة ميسان طريق بغداد ـ عمارة من خلال احراق الإطارات، احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي في قضاء كميت.

وذكر مراسل “طريق الشعب”، ان “التظاهرة بدأت أمام محطة كهرباء كميت، لكنهم أقدموا على قطع الطريق الرابط بين بغداد والمحافظة، بسبب تجاهل مطالبهم “.

ونظم عدد من ذوي المهن الصحية والتمريضية في المحافظة، وقفة احتجاجية للمطالبة بتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، فضلا عن الإسراع في تطبيق قرار رفع التسكين الوظيفي واحتساب مخصصات الخطورة.

تظاهرات اخرى..

وتظاهر منتسبو مستشفى الزهراء التعليمي في مدينة الكوت، مطالبين بالإسراع في انجاز المستشفى التركي، ورفع التسكين الوظيفي عن رواتبهم، وزيادة مخصصات الخطورة لكافة منتسبي وزارة الصحة.

وطالب عدد من خريجي الكليات التربوية في السماوة، بشمولهم بإجراءات التعاقد أسوة بالمحاضرين، خلال وقفة احتجاجية نظموها قرب مبنى ديوان المحافظة.

.. وللمحاضرين ايضاً

وأقدم عدد من المحاضرين بالمجان في كربلاء، على قطع بعض الطرق في المحافظة، نتيجة لعدم الإصغاء الى مطالبهم.

ووفقا لمراسل “طريق الشعب”، فان قطع الشوارع جاء نتيجة لعدم خروج اي من المسؤولين والاستماع لمطالبهم وانصافهم، مهددين بـ”التصعيد في حال استمرار تسويف مطالبهم من قبل الجهات المعنية والحكومة”.

وتابع المراسل، بعد ساعات على اغلاق الشوارع، اعتدت قوات مكافحة الشغب بالضرب على المحاضرين، ما ادى الى اصابة عدد منهم بجروح طفيفة.

الى ذلك، تظاهر عدد من خريجي كليات التربية من غير المحاضرين في محافظة كركوك، مطالبين بالتعاقد معهم اسوة بالمحاضرين بالمجان.

وأفاد مراسل “طريق الشعب”، بان “الخريجين طالبوا بتعديل الفقرة 5 من قرار مجلس الوزراء رقم 130 وشمولهم بالعقود اسوة المحاضرين، وإطلاق درجات الحذف والاستحداث لمديرية تربية كركوك والبالغة 5000 درجة”، مشددين على “ضرورة تدخل هيئة النزاهة وهيئة الرقابة المالية في كركوك لكشف الاعداد الحقيقية للمحاضرين في تربية كركوك، قبل وبعد تاريخ 31-12-2019”.

أهالي بسماية يطالبون

وفي العاصمة بغداد، نظم أهالي مجمع مدينة بسماية السكني، تظاهرة احتجاجية وسط المجمع، احتجاجا على اهمال الشركة المتعاقد معها لغرض الخدمات والصيانة في المجمع.

وأشار مراسل “طريق الشعب”، الى ان “اعدادا كبيرة من الأهالي نظموا تظاهرة احتجاجا على اهمال شركة عراقنا المتعاقد معها من قبل هيئة الاستثمار، لغرض تقديم الخدمات والصيانة في داخل المجمع”، مشيرا الى ان “الأهالي طالبوا هيئة الاستثمار بفسخ العقد مع الشركة وإناطة مهمة تقديم الخدمات في المجمع الى الشركة الكورية”.

في المقابل، اقدم محتجون غاضبون على انقطاع مياه الشرب في محافظة السليمانية على قطع الطرق امام حركة المركبات، احتجاجا على نقص الماء في منطقة “تانجرو” الواقعة على بعد نحو 30 كيلومترا شرق المدينة.

*************

الشيوعي العراقي يستقبل

وفد الاتحاد الوطني الكردستاني

بغداد – خاص

استقبل الرفيق مفيد الجزائري نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الخميس الفائت، وفدا من الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة مسؤولة المركز الخامس لتنظيمات الاتحاد في بغداد السيدة رابحة حمد.

وبحث الجانبان في اللقاء التطورات السياسية في البلاد ومستجداتها، وما يتعلق بالانتخابات وبخيارات مقاطعتها والمشاركة فيها.

وبيّن الرفيق الجزائري في هذا الشأن ان "قرار حزبنا مقاطعة الانتخابات بناء على نتائج الاستفتاء الداخلي الذي اجراه في تموز الماضي، يعني اننا لن نشارك فيها بأي شكل من الاشكال، لا ترشيحا ولا تصويتا".

ورافق السيدة رابحة حمد في اللقاء كل من السيدين نائب مسؤول المركز الخامس سمير اسماعيل، ومسؤول الشؤون الاجتماعية في الاتحاد مولود جمعة، ومرشحة الاتحاد للانتخابات في بغداد السيدة آيات احمد.

وحضر اللقاء ايضا الرفيقان علي صبري وفاضل الموسوي، عضوا لجنة العلاقات الوطنية للحزب الشيوعي العراقي.

**************

الصفحة الثالثة

لبرنامج يحدث في العراق:

موارد الدولة أداة بارزة في التنافس الانتخابي

بغداد ـ طريق الشعب

ضيّف المركز الاعلامي للحزب الشيوعي العراقي، السبت الماضي، وضمن سلسلة الحوارات التي يجريها تحت عنوان “يحدث في العراق”، على الصفحة الرسمية للحزب في “فيسبوك”، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الرفيق طلعت كريم، والمنسق العام لشبكة شمس لمراقبة الانتخابات هوكر جتو، للحديث عن الاستغلال الذي تمارسه بعض الجهات السياسية لموارد الدولة، من اجل تحقيق مكاسب انتخابية. فيما أدار الجلسة الصحفي بسام عبد الرزاق.

شروط الانتخابات لم تتحقق

المركز: واحدة من الاشتراطات التي وضعها الحزب الشيوعي للمشاركة في الانتخابات هي ضبط الملف الانتخابي. اين وصلت الخطوات الحكومية في هذا الجانب؟

طلعت كريم: أن الاشتراطات التي حددناها بشأن الانتخابات، هي جزء مما وضعته انتفاضة تشرين، ضمن شروط كثيرة، تعامل معها الحزب الشيوعي العراقي بوضوح منذ كانون الأول للعام الماضي، أثناء الاجتماع الاعتيادي للجنة المركزية. وقد ثبّت الاجتماع هذه الاشتراطات بشكل معلن، وتبلور الموقف بخصوصها. وعلى هذا الأساس، أعلن الحزب مقاطعته الانتخابات بعدما أصدر الكثير من البيانات، وأكد ضرورة التعاطي الايجابي مع مطالب الانتفاضة، لكن لم تكن هناك استجابة واضحة، وقوبلت شروطها بالمماطلة والتسويف، خلافا لما اورده البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بل وجرى العمل على اقرار قانون انتخابات بصيغة ترضي القوى المتنفذة. بمعنى انه حتى هذا المطلب الذي أرادته انتفاضة تشرين جرى الالتفاف عليه. واما الاشتراطات الاخرى، فلم تتحقق سواء على مستوى حصر السلاح المنفلت، ومسألة وقف الاغتيالات وملاحقة الناشطين وملفات الفساد والمال السياسي، وجرى ترك قانون الاحزاب جانبا.

المركز: انطلقت الحملات الدعائية بشكل لافت. ما هي ابرز الملاحظات حول موضوعة استغلال موارد الدولة في الملف الانتخابي؟

طلعت كريم: هناك استغلال واضح لموارد الدولة في الدعايات الانتخابية. ربما يكون بشكل مستتر، لكن المفوضية أعلنت أنها لا تستطيع ان تسيطر عليه. وعلى مدى سنوات اصبح هناك تشابك بين رأس المال والسلطة، ونشأت فئات وشرائح من كبار التجار، سماسرة، مقاولين فاحشي الثراء، واصحاب صلة مع كبار المتنفذين في السلطة من الكتل السياسية الحاكمة، وهناك مؤشرات كثيرة على هذا التطور في استغلال موارد الدولة.

القانون لا يجيز استخدام اموال الدولة

المركز: هناك اعتراف حكومي باستغلال موارد الدولة في الانتخابات. هل لمستم تفاعلا للحكومة والمفوضية بهذا الشأن، وصولا الى تشخيصكم كمنظمة تراقب الانتخابات؟

هوكر جتو: في الحقيقة الموضوع مرتبط بسؤال اكبر، وهو موضوع التنشئة السياسية في العراق. بمعنى أنه في كثير من بلدان العالم تعتمد الاحزاب السياسية بالدرجة الاساس على اقناع الناخب لغرض التصويت، وتبذل جهودا من اجل ذلك في اطار برامجها وتواصلها، لكن في العراق منذ 2005 والى الان، لا توجد مؤشرات لنمو تنشئة سياسية سليمة. والنتيجة هي أن الاحزاب السياسية تعمل في اطار القانون وخارجه، لحصاد ما يمكن حصاده من اصوات، وحجب المقاعد البرلمانية.

إن القانون واضح، ولا يجيز استخدام اموال الدولة لأنها ليست طرفا في التنافس السياسي، ويجب ان تبقى في حياد تام، لكن منذ 2005 والى الان ترصد منظمة شمس اعدادا ليست بالقليلة من الانتهاكات والمخالفات التي تجري إما بشكل مباشر من قبل مؤسسات الدولة، او غير مباشر. والدليل على ذلك وجود معطيات، دائما ما نشير اليها.

إن الدولة وللأسف غير قادرة على ضبط هذه الظاهرة. وفي ميادين كثيرة نرى مئات الناشطين جرى اغتيالهم، ولم تصل التحقيقات الى النتائج الحقيقية.

لا رهان على انتخابات تجري

وفق مخطط مسبق

المركز: هناك كتل فاعلة أعلنت المقاطعة للانتخابات. ما مدى جدية القوى السياسية المتبقية التي ستشارك في ظل هذه المقاطعة والعزوف الكبيرين؟

طلعت كريم: انتفاضة تشرين والحركة الجماهيرية الكبيرة تحمل مزاجا ثوريا عاما. في الانتخابات السابقة كان هناك عزوف، لكنه لم يكن ايجابيا، لأنه لم يركز على كيفية احداث التغيير والضغط على القوى المتمسكة بالسلطة. بعد انتفاضة تشرين تغيرت الامور والمواطن أصبح يشعر بالجزع واليأس من التغيير بواسطة الانتخابات المقبلة، لذلك يتهيأ الشارع في كل مرة ليلقن هذه القوى درسا بليغا، فبالتالي لا تستطيع هذه القوى ان تبقى دائما متسلطة على رقاب الناس وحياتهم ومعيشتهم واشعارهم بالذل. تبقى جدية هذه السلطة مرهونة بأن تحافظ على مسار العملية السياسية التي يسندها وجود شرعية دستورية او شرعية شعبية جماهيرية ممثلة بالدستور. وبالتالي هذه الشرعية ليست بالضرورة تبقى قائمة؛ فالكتل السياسية ليست بوضع يسمح لها بان تضع رهانات على ان الانتخابات ستجري وفق ما هو مخطط له.

المركز: وزارة التخطيط ولجنة الامن والدفاع البرلمانية اعلنت ان هناك ضغطا يمارس ضد منتسبي الاجهزة الامنية، بالإضافة الى موظفين في قطاعات عديدة، تأتيهم اوامر من رؤسائهم بأن من لا يشارك في الانتخابات، ستتم احالته الى التقاعد او فصله. هذه الامور الى متى تتم ممارستها دون اية محاسبة؟

طلعت كريم: انا لا اعتقد ان المفوضية متفاعلة او متحمسة لهذه الخروقات التي تحصل، فهي بمثابة الجرائم والتجاوزات الكبيرة التي يمارسها المرشح او كتلة معينة. ما أشرتم له يرتقي لأن يقف القضاء عنده، او ربما الادعاء العام. يجب ان يأخذ الأخيرة دوره وان يحد من هذه المهزلة في التأثير على الناخب واجباره وسحب البطاقة او تأخير راتبه، او نقله اذا كان عسكري. اعتقد أن جزء من الحلول لهذه المسائل في الوقت الحالي هو اللجوء لفضحها وكشفها في الاعلام اولا ومن ثم تحريض الادعاء العام بشأنها، علما اننا لم نسمع عن محاسبة من قبل المفوضية لمن ارتكب مثل هكذا افعال، واعتقد ان كل هذه الامور في مرمى المفوضية حتى تثبت انها تعمل بمهنية عالية لغرض تحقيق التوزان المطلوب.

**********

الطبيب المختص يعاين 150 مراجعا في اليوم الواحد!

المستشفيات بلا أدوية.. وجيوب المرضى تنعش الصيدليات الخارجية

بغداد ـ محمد التميمي

تكتظ المستشفيات الحكومية بعشرات المراجعين، الذين يشكون نقص الأدوية والإهمال الصحي، مقابل ذلك يضطر الاطباء الى اجراء فحوصات لمئات المرضى، ضمن مشهد يتكرر بشكل يومي في تلك المستشفيات. وتقع المستشفيات المتلكئة في مناطق متفرقة من البلاد، بعدما بدأ العمل في غالبيتها منذ عام 2008، وبقيت معطلة بسبب خطوات بسيطة رغم معاناة المواطنين واضطرار الكثير منهم الى العلاج في المستشفيات الأهلية التي تكلفهم مبالغ طائلة، أو السفر خارج البلد من أجل الحصول على الخدمات الطبية، حيث صار السفر للمعالجة في بلدان أخرى أمراً شائعاً.

المستفيد الوحيد

يقول مصطفى علي، مواطن التقاه مراسل “طريق الشعب” في مستشفى الشيخ زايد،  ان واقع الخدمات الصحية في المستشفى “سيئة”، بدءا من الادوية الشحيحة والاهتمام التمريضي الى النظافة وغير ذلك.

ويضيف علي، ومن خلفه تكتظ الاسرّة بالمرضى، “أغلب المراجعين هنا من ذوي الدخل المحدود. وصيدلية المستشفى لا تحتوي سوى على الأدوية والعقاقير المهدئة”، مضيفا ان المرضى يضطرون الى شراء “راجيته” الطبيب من الصيدلية الخارجية. فهي المستفيد الوحيد من تلك الازمة.

ويشير علي الى انه واجه معاناة كبيرة اثناء نقل والدته من أقصى أطراف بغداد في قضاء المدائن الى مستشفى الشيخ زايد، وسط العاصمة “كدت أفقد والدتي بسبب الاختناقات المرورية والطرق غير المناسبة”، داعيا الى ايجاد مراكز صحية مناسبة في مناطقهم التي تفتقر لأبسط الخدمات.

بورصة الفقراء

وخارج بناية المستشفى تحدث حيدر خلف لـ”طريق الشعب”، عن معاناة المراجعين مع المستشفيات التي تحيط بساحة الاندلس، وسط العاصمة.

يقول خلف، وهو صاحب محل في ساحة الاندلس، انه كان شاهدا على الكثير من القصص المأساوية التي عاشها المرضى ومرافقوهم في تلك المستشفيات الحكومية: الشيخ زايد، ابن النفيس، ابن الهيثم، ابن رشد، الواسطي، والعلوية. والأهلية: الجراح، بغداد، والرافدين وغيرها.

ويضيف أن أغلب المراجعين يتذمرون من شح الادوية في المستشفيات، وارتفاع اسعاره في الصيدليات، منتقدا “منظومة المحاصصة الطائفية، التي تعتاش على صفقات فساد القطاع الصحي، على حساب حياة الفقراء”.

ويكمل خلف، أن الاحزاب المتغلغلة في هذا القطاع لا يخدمها النهوض بالخدمات الصحية “لأنها ستفقد امتيازاتها”. 

ويشير الى أن المواطنين لم يلمسوا أي تغيير سوى الوعود الكاذبة، ملوحا بأن القوى المتهمة بمحاربة المنتفضين في تشرين، هي ذاتها من تعرقل الخدمات العامة، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها، في بناء منظومة صحية.

معاينة لـ150 مراجعا

ويعلل نصير الخطيب، وهو معاون طبي في احد المستشفيات، شح الادوية واكتظاظ المراجعين بقلة الأبنية الحكومية المتخصصة، مشيرا الى ان “الكثير من مشاريع المستشفيات وصلت نسب الانجاز فيها الى اكثر من 90 بالمئة، لكن العمل فيها متوقف”.

ويقول الخطيب، ان الاطباء في المستشفيات الحكومية، يضطرون يوميا الى اجراء فحوصات لأكثر من 150 مراجعا.

ويدعو الخطيب الى تأهيل المراكز الصحية الشعبية، وتوفير كافة الخدمات الصحية فيها، لتقليل الزخم على المستشفيات، ورهن مراجعتها بوجود إحالة طبية.

ويواصل الخطيب حديثه، ان “المواطن كان يذهب أولا الى المراكز الصحية في منطقته السكنية لتلقي الرعاية، ومن هناك يحال للمستشفى، إذا ما وجد الطبيب حاجة لذلك”.

ويبين المتحدث، ان المستشفيات كانت قبل اربع سنوات تعتمد نظام الاحالة التخصيصية في استقبال المراجعين، لكن مع التغيير المستمر في المناصب الادارية، أهمل هذا النظام، وصارت المستوصفات خالية من المراجعين.

تلكؤ واضح

وفي تقرير لهيئة النزاهة صدر مؤخرا بشأن تقصي الحقائق عن أسباب عدم إنجاز هذه المستشفيات، أكد أن “بقاءها على حالها من دون إتمامها يسبّب بزيادة نسب اندثارها وصعوبة معالجتها”.

ورصد التقرير الذي طالعته “طريق الشعب”، وجود “تلكؤ واضح في عمل معظم الشركات المنفّذة للمستشفيات وعدم إنهاء أعمالها ضمن المُدد المحددة لها في العقود المبرمة بينها وبين وزارة الصحة أو المحافظات”، مبيّناً أن غالبية تلك المشاريع بدأت قبل الأزمة المالية، وتوقفت عام 2015، ما أدى إلى وجود نسب اندثار عالية في بعضها، خصوصاً تلك التي لم تصل إلى نسبة 30 في المائة من أعمال إنجازها”.

وشدد التقرير على “أن التلكؤ والتأخير أجبرا المواطنين المرضى على مراجعة المستشفيات الأهلية لتلقّي العلاج”.

*********

الصفحة الرابعة

ندوة نقاشية أضاءت مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية

لمصلحة الطفل أم لمكسب سياسي؟

بغداد ـ طريق الشعب

لا يزال مقترح تعديل قانون الاحوال الشخصية يشهد سجالا بين أوساط معنية؛ بعضها دعا الى إنضاجء بنوده، وآخرون شددوا على ضرورة رفضه جملة وتفصيلا، معتبرين انه يخلق “مشاكل اجتماعية” وبيئات تكون حاضنة للجرائم والتفكك الاسري وغير ذلك. جاء ذلك في ندوة نقاشية الكترونية تحت عنوان “جدلية تعديل قانون الأحوال الشخصية، مصلحة الاسرة ام مصالح أخرى؟”، أقامها مركز الرافدين للحوار، مؤخرا.

قانون يمثل الجميع

وتحدثت في الندوة مسؤولة رابطة المرأة العراقية في النجف، سهاد الخطيب، قائلة: ان “القانون الحالي اشتركت في اعداده أوساط دينية وثقافية وعلمية ومنظمات المجتمع المدني ومختصون في العملية التشريعية والصياغة القانونية، وفي مقدمتهم قضاة مشهود لهم بسعة العلم والاحاطة الكبيرة بأحكام الفقه الإسلامي”.

وعدّت الخطيب القانون بـ”الرصين، والذين كان يسري على جميع العراقيين بمختلف الأديان والطوائف، كون العراق متنوعا دينيا، ويستمد احكامه من الشريعة الإسلامية بطريقة منفتحة على كل المذاهب والاتجاهات الفقهية، بحيث يضمن التكافؤ في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة”.

وتابعت قائلة: أن “مجلس النواب دائما ما يطل علينا بمقترحات ومشروعات قوانين ليست ضمن أولويات وحاجات الناس، مقارنة بالفقر والبطالة والسكن والتراجع الأمني والصحي والاقتصادي والحريات العامة ومكافحة الفساد والكثير من المشاكل والقوانين التي تنتظر الحلول اللازمة، بحيث تسهم في تعزيز رفاهية المجتمع”، لافتة الى ان “التعديل اعتبره حقوقيون ومواطنون رجوعا الى الوراء، وحرمانا للام من أبنائها”.

ودعت الخطيب إلى “المحافظة على القانون والعمل على تطويره وضمان التزام الدولة العراقية بجميع المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق المرأة والطفل، سيما وأن للعراق التزامات بقوانين واتفاقيات دولية مثل اتفاقية سيداو لحماية المرأة من كل اشكال التمييز، وقرار 13/ 25 الذي يضمن المشاركة والحماية والوقاية للمرأة في بناء مجتمعها وبلدها”.

تعديل ينتج الأزمات

وقال الباحث والأكاديمي ماهر الخليلي، خلال الندوة التي تابعتها “طريق الشعب”، ان “رعاية العائلة هي النقطة التي تبرز منها القوانين، وليس نصرة طرف على اخر. لان التشريع يأتي لفض النزاع بطرق حضارية، وان النائب في البرلمان يجب ان يكون ملما وفاهما لما يضعه من كلمات وحروف في النصوص التشريعية”.

وأشار الخليلي الى ان الكتل والأحزاب في البرلمان “تطرح نفسها كممثل للشعب، لكن في الحقيقة هي عكس ذلك، وتحاول ان تحاكي جمهورها في سبيل ايهامهم بإنجاز معين عند اقتراب أية انتخابات. وأن قانون الأحوال الشخصية أثبت جدارته رغم قدمه ومرور 61 عاما عليه، وحافظ العراق بموجبه على سمعته الدولية. لذلك، فإن القانون لا يحتاج الى تعديلات”.

وأردف “كان من الضروري ان يلجأ مجلس النواب الى الجامعات، ويكلف فريقا بحثيا بدراسة المشكلة من جميع ابعادها، ويعطي البحث مدة كافية لإنجازه دون تأثيرات سياسية او اجتماعية ليخرج لاحقا بتوصيات يمكن على أثرها أن يصدر تشريعا قانونيا”، لافتا الى ان “التعديل الجديد يفتح الباب امام مشاكل اجتماعية كبيرة جدا تسهم بشكل واسع بخلق ظروف بيئية حاضنة للجرائم وزيادة حالات الانتحار بين النساء بعد سلبها حق الحضانة في وقت مبكر جدا، ويؤثر على سمعة العراق الدولية”.

ايجابيات وسلبيات

من جانبه، قال عميد كلية القانون في جامعة بابل، الدكتور ميري الخيكاني، ان قانون الأحوال الشخصية رقم 88 لسنة 1959 “يتضمن ايجابيات وسلبيات مثله مثل بقية التشريعات. وأن أكثر النصوص القانونية الواردة فيه مستمدة من مبادئ الشريعة الإسلامية واحكامها”.

واوضح الخيكاني ان “الاحكام الشرعية لا تبنى على العواطف والأمزجة، وشدد على “عدم جواز حرمان الام من رعاية ابنها او رؤيته والوقوف على شؤونه شرعا، وان تعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية مناسب مع بعض الإضافات، تحديدا في ما يخص تنظيم طرق مشاهدة المحضون”.

نظرة تاريخية للقانون

وفي غضون ذلك، قدّم رئيس مركز الدليل للدراسات، الدكتور حيدر سلمان، نظرة تاريخية على قانون الأحوال الشخصية والظروف التي رافقته.

وقال سلمان أنه “بعد تأسيس الدولة العراقية وصدور الدستور الأول في العراق سنة 1925 كانت هناك مادة تتعلق بالأحوال الشخصية، الا انها كرست الفكر الطائفي التقسيمي آنذاك، وتم تأسيس محاكم شرعية لكل الطوائف. وفي عام 1933 شكلت لجنة لوضع قانون أحوال شخصية يوحد بين جميع المذاهب، الا ان اللجنة فشلت بعد رفض القانون من قبل زعماء العشائر، وفي عام 1945 شكلت لجنة أخرى لتنظيم قانون جديد صدر بتاريخ السادس والعشرين من كانون الثاني 1945 وواجه معارضة شديدة من زعماء العشائر أصحاب النفوذ”.

واضاف انه “بعد وصول عبد الكريم قاسم عام 1958 إلى السلطة، ووفقا لميوله اليسارية وعزمه على تحديث البلاد اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، تم تشكيل لجنة من وزارة العدل لتنفيذ المرسوم رقم 560 بتاريخ 7 شباط 1959 وظيفتها توحيد قانون الأحوال الشخصية لكل المذاهب”، مبينا أن “صدور القانون قوبل بترحيب القوى اليسارية وهو ما اثار حفيظة رجال الدين الذين قابلوا القانون بهجمة شرسة تمثلت بإصدار مجموعة من الكتب التي تعتبره مفسدة للمجتمع”.

**********

بسبب قطع المياه من قبل دول الجوار

الجفاف يضرب مدينة البرتقال

بغداد ـ طريق الشعب

لم تكن مدينة البرتقال تُدرك أن لعنة الجفاف ستلاحق أشجارها الحمضية، لتبتلع نصف تلك البساتين، وتترك أهلها مهددين بخيار النزوح. ووفقا لنواب، فان أزمة الجفاف بلغت «ذروتها» بعد اربعة أشهر من تفاقمها، فيما يؤكد فلاحون أن شح المياه «تسبب في دمار الاف الدوانم من بساتين الحمضيات». وتعتمد محافظة ديالى على 80 في المائة من إيراداتها المائية على نهر سيروان، الذي انخفضت موارده من نهري دربندخان ودوكان. فيما يقدر نصيبها من نهر دجلة بـ 20 في المائة.

نصف مليون مواطن.. مهددون

واكدت النائبة اقبال اللهيبي، أن قرابة نصف مليون نسمة في مناطق متفرقة من ديالى، دخلوا ذروة الجفاف، وبالتالي فإن حياة هؤلاء الناس في تلك المناطق مهددة بالنزوح.

وقالت اللهيبي في تصريح صحفي، ان «مناطق زراعية مترامية، بالإضافة الى مدن في ديالى، دخلت حاليا ذروة الجفاف بعد مضي اكثر من 4 اشهر متتالية على ازمة هي الاكثر خطورة بعد 2003، لدرجة أن هناك مناطق كاملة جفت انهارها بشكل كامل، وبساتينها أضحت في حالة يرثى لها، في ظل عدم وجود حلول تلوح بالأفق».

وأضافت أن «نصف مليون نسمة يعانون حاليا في ديالى من ذروة موجة الجفاف، والاوضاع تسير الى مراحل خطرة، اذا لم يتم على الاقل انقاذ البساتين التي تعيش كابوس الفقدان للابد».

ورجّحت اللهيبي ان يلجأ الاهالي الى النزوح «اذا لم تكن هناك حلول واقعية للأزمة».

وأشارت إلى أن «ديالى بحاجة لخلية ازمة عليا ذات صلاحيات واسعة لمناقشة ملفها المائي واتخاذ خطوات تسهم في معالجة الكارثة التي ربما ستفقد الاف الاسر مصادر رزقهم بسببها، من خلال هلاك البساتين التي عمر اغلبها عشرات السنين».

تضرر بساتين الحمضيات

وفي السياق، قال رئيس الجمعيات الفلاحية في ديالى، رعد التميمي، إنه «بسبب شح المياه في المحافظة، قلت نسبة المنتج الزراعي الى 50 في المائة»، مبينا أن الشح المائي اثر بشكل مباشر على محاصيل الحمضيات والفواكه.

وأضاف لـ»طريق الشعب»، أن المزارعين وخلال المواسم الماضية «اقترضوا أموالا من تجار ومن الدولة، وعليهم دفع مستحقاتها»، متسائلاً «كيف لهم ان يدفعوا تلك الأموال التي بذمتهم، واراضيهم تعاني العطش؟».

وتابع إن «شح المياه في المحافظة تسبب في دمار الاف الدوانم من بساتين الحمضيات في ديالى. وقد وصلت إلى مرحلة الذبول».

وبيّن أن «الازمة طالت بساتين قرى الهويدر وشفته وخرنابات».

إجراءات حكومية

ومع انخفاض معدل الإيرادات المائية في نهري دجلة والفرات، إلى اقل من 50 في المائة، تكون أزمات الجفاف في المحافظات غير  مفاجئة؛ إذ أن مؤشرات وزارة الموارد المائية كانت تشير الى ان «المواسم الزراعية في 2020 ستكون شحيحة» بحسب المتحدث باسم الوزارة علي راضي.

وأرجع راضي أزمة شح المياه في محافظة ديالى الى ان الايرادات المائية القادمة من دوكان ودربندخان، التي تصب في نهر سيروان، انخفضت بمعدلات كبيرة.

واوضح راضي لـ»طريق الشعب»، أن «ديالى هي اكثر المحافظات تأثراً بالشح المائي، لانها تتغذى بنسبة 80 في المائة من نهر سيروان، و20 في المائة من دجلة».

ويعتمد نهر سيروان على تدفقات المياه القادمة من إيران.

وأكد المتحدث أن عمل الوزارة تركز على مستويين؛ الأول يتمثل في كيفية تأمين الماء لصالح محطات الاسالة. والثاني في تأمين المياه الخام الى بعض البساتين.

مياه الشرب أولا

وزاد أن الوزارة أنشأت محطة ضخ بخط انبوبي ناقل، ينقل المياه من محطة اسفل الخالص، الى نهر خريسان، الذي يؤمن المياه لمركز بعقوبة والمناطق المحيطة بها، مؤكدا ان هذا المشروع «خدم ما يقارب 450 الف نسمة».

كما عملت الوزارة، بحسب راضي، على حفر اكثر من 100 بئر، لتأمين المياه الى المناطق التي يصعب وصول المياه السطحية اليها.

واستطرد المتحدث في حديثه، قائلا إن «العراق ودول المنبع تأثرت بشكل كبير بالتغيرات المناخية المتمثلة في ارتفاع درجات الحرارة وقلة الإيرادات المائية وضعف الغطاء الثلجي».

واختتم المتحدث باسم وزارة الموارد المائية بأن «مفاوضاتنا مع دول المنبع (تركيا وسوريا وايران) مستمرة، ليس لأجل زيادة الإطلاقات فحسب، وانما نشير الى مبدأ تقاسم الضرر في فترات الشح المائي، فحقوق دول المصب، تقرها كافة الاتفاقيات والمواثيق والأعراف الدولية».

**********

مراقبون يؤكدون قدرة الكوادر الوطنية على إدارتها

شركات نفط أجنبية تعرض عقودها للبيع

بغداد ـ طريق الشعب

قررت مجموعة من شركات جولات التراخيص النفطية، مؤخراً، بينها شركة لوك اويل الروسية واكسون موبيل الأمريكية إخطار العراق برغبتها في ترك الحقول النفطية، وبيع حصصها الى شركات أخرى.

وقد أرجع وزير النفط إحسان عبد الجبار قرار الانسحاب الى “المناخ الاستثماري غير المناسب”.

بيئة الاستثمار تدهورت

وكان وزير النفط قال في استضافة برلمانية، بداية الشهر الفائت، ان شركتي “بريتيش بتروليوم” و”لوك أويل” تدرسان وقف أعمالهما في العراق.

وخلال الأعوام الماضية، كانت شركات نفطية عملاقة أخرى قد غادرت العراق فعليا، من بينها “إكسون موبيل”، و”أوكسيدنتال بتروليوم”، و”شل” التي انسحبت من حقول النفط في البصرة.

واعترف الوزير في 30 حزيران الماضي بأن البيئة الاستثمارية والأمنية في البلاد قد تدهورت، فأجبر ذلك شركات النفط العالمية على إعادة تقييم مواقفها.

وأضاف عبد الجبار، أن الشركات الصينية تريد شراء أسهم الشركات التي ترغب في مغادرة العراق، موضحا أن مقاولا صينيا يعمل في أحد حقول النفط غربي البلاد، حقق خلال المدة الماضية أرباحا تفوق مداخيل شركة “إكسون موبيل”.

خروجها لمصلحة العراق

وعلّق الخبير النفطي، حمزة الجواهري، على الموضوع بقوله: ان “شركة شل سبق أن انسحبت من حقل مجنون، وحل محلاها الكادر العراقي، الذي تمكن من انجاز اكثر مما أنجزت تلك الشركة”، مشيرا الى ان إخراج تلك الشركات من صالح العراق، وهو مطلب شعبي برلماني”.

وأضاف الجواهري في حديث لـ”طريق الشعب”، أن عقود جولات التراخيص تتضمن بندا “يؤكد انه يجب ان تكون نسبة العمالة العراقية بحدود من 80 في المائة”، مؤكداً أن “الكوادر العراقية اكتسبت خبرات ممتازة اثناء عملهم مع هذه الشركات، وهم يعملون بمستوى كفاءة العمال الأجانب”.

وأوضح أن “الضغوط من قبل المعارضين لجولات التراخيص على وزارة النفط، أنهت وجود مكاتب الشركات خارج العراق، والتي كانت تحقق لهم أرباحا هائلة، وكذلك لم يعد بإمكان شركات جولات التراخيص التوقيع على عقود نفطية حتى لو كانت اقل من 20 مليون دولار، إلا بعد موافقة الوزارة وهذا على عكس ما تقوله العقود”.

وتابع الجواهري حديثه، أن “هذه الضغوط من قبل الوزارة قللت من الموارد غير الشرعية لشركات عقود جولات التراخيص، لذا فهي أوقفت الكثير من العقود”.

وبيّن أن “موردا شرعيا وحيدا تبقى لها، وهو أجور انتاج البرميل، التي تحقق إيرادات لا تقنع الشركات”.

وأكد أن “الشركات لجأت الى تضخيم الكلف التشغيلية والرأسمالية، لتحقيق أرباح إضافية، لكن الوزارة لم تسمح لهم، لذا قررت الشركات الخروج وهذا من صالح العراق. نأمل ان يأخذ الإنتاج الوطني دوره”.

عقود لصالح العراق

من جهته، قال منسق التحالف العراقي للشفافية في الصناعات الاستخراجية، ماجد أبو كلل، أن “الشركات بررت انسحابها بعدة أمور منها ان البعض منها حولت عملها الى قطاع الطاقات المتجددة مثل شركة Bp البريطانية، وشركة أخرى قالت ان عقد جولات التراخيص لم يعد مربحاً بالنسبة لها، لذا قررت الانسحاب”.

ويتابع أن “عقود جولات التراخيص هي خدمية، وارتأت وزارة النفط ان تشتري قسما من هذه العقود، خصوصا تلك العقود التي لم تنجح الشركات في بيعها الى شركات أخرى”، مشيرا إلى أن “قسما من الشركات فضلت البيع الى شركات غربية على حساب الشركات الصينية”.

ويرى أبوكلل أن “هذه الانسحابات تدلل على ان العقود كانت بنسبة كبيرة لصالح العراق، وغير مربحة للشركات المتعاقدة”، مؤكداً أن “وزارة النفط لديها القدرة من الموارد البشرية والتكنلوجيا بما يؤهلها لان تدير العمل في المواقع التي ستخرج منها الشركات”.

وأشار الى أن “المجتمع المدني لا يفضل ان تدخل شركات أخرى بدل المنسحبة، والافضل ان تأخذ الوزارة على عاتقها العمل”.

**********

الصفحة الخامسة

العراقيون غاضبون: الحصة التموينية منقوصة وبائسة!

بغداد – وكالات

يبدو أن محاولات الحكومة إعادة الحياة الى الحصة التموينية لم يكتب لها النجاح في ظل “السلة الغذائية”، التي تم طرحها أخيرا في محاولة لتلافي الانتقادات اللاذعة لمواد الحصة، من حيث قلة أصنافها وكمياتها ورداءة نوعياتها، فضلا عن شبهات الفساد التي تدور حولها.  ففي مقابل الأصناف القليلة التي أضيفت الى مفردات البطاقة التموينية ضمن “السلة الغذائية”، فوجئ العراقيون بخفض اوزان المواد الرئيسة (مثل السكر الذي انخفض إلى النصف) مع عدم اكتمال هذه السلة، ليتم توزيعها منقوصة الرز او الفاصوليا او السكر.

وكان مجلس الوزراء قد وافق في 4 أيار الماضي، على مقترح وزارة التجارة في شأن تجهيز سلة غذائية للمواطنين، تتولى وزارة المالية تأمين مخصصاتها المالية، التي تندرج ضمن مخصصات البطاقة التموينية المقررة في الموازنة لسنة 2021.

سلة بائسة

مواطنون عديدون اعتبروا ان هذه السلة لا تقل بؤسا عن سابقتها من مفردات الحصة التموينية.

تقول المواطنة ام فاطمة، من منطقة الكرادة، ان “السلة الغذائية التي تم توزيعها بائسة ولا تقل بؤسا عن سابقتها”، مبينة ان التغيير الذي طرأ على الحصة التموينية “جاء فقط في الكلام لا غير!”.

وتضيف في حديث صحفي، ان “وزارة التجارة تدعي انها اضافت مادتين إلى السلة الجديدة، وهما الفاصوليا والمعجون، الا ان الفاصوليا، وحسب ادعاء المجهز، غير موجودة ولم يتسلمها من مخازن الوزارة، كذلك الرز، فهو الآخر لم يتم تسليمه. كما ان مادة السكر تم تخفيضها من كيلوغرامين للشخص، إلى كيلوغرام واحد”، متسائلة: “عن اي سلة تتحدث وزارة التجارة!؟”.

الدولة مطلوبة للمواطنين!

من جانبه، يقول جواد الحسني، ان اسرته “لم تتسلم الحصة التموينية البالغة 4 مواد، منذ عام 2003 ولغاية الآن بشكل سليم وصحيح”، مبينا في حديث صحفي، انه “دائما ما يتم تسلم المواد منقوصة العدد”.

ويتابع قوله، ان “وكيل الحصة التموينية يدعي بأنه سيسلمنا المواد الناقصة بعد فترة، بمجرد استلامها من المخازن، الا ان ما يقوله ليس سوى حبر على ورق!”.

ويبين الحسني ان “مفردات البطاقة التموينية تعد ضرورية لأغلب فئات المجتمع في الوقت الحاضر، نتيجة الغلاء ومحدودية الرواتب وانخفاضها وقلة فرص العمل”، مطالبا الحكومة بـ “تحويل هذه المفردات الى بدل نقدي يوزع على المواطنين، بدلا من هذه المتاعب والفساد الذي اصاب الحصة التموينية”.

البدل النقدي هو الحل؟

عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية، ندى شاكر جودت، ترى ان “البدل النقدي افضل الحلول لمشكلة الحصة التموينية في الوقت الحاضر، من أجل القضاء على الفساد الذي يدور حولها”، مقترحة أن “يقتصر دور وزارة التجارة على مراقبة السوق والاسعار، مثلما هي وظيفة الأمن الاقتصادي، وان يتم إنشاء اسواق تعاونية بالشكل الذي يحافظ على استقرار أسعار المواد الغذائية وعدم ارتفاعها”.

وتضيف في حديث صحفي، ان “البدل النقدي سيلغي اللغط في موضوع التعاقدات التي يتم ابرامها لجلب المواد الغذائية من الخارج، وسيحد من اخراج العملة الصعبة”.

فشل المشروع

بدوره، يرى الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، انه “لا يمكن الحكم على تجربة السلة الغذائية من بدايتها، انما يجب انتظار نضوج الفكرة، وفي ما إذا كانت وزارة التجارة ستستمر في توزيع السلة بالتواريخ المحددة والكميات المقررة ام انها ستتراجع مع الوقت كما حصل مع الحصة التموينية”.

ويلفت الى ان “جودة نوعية المواد المجهزة واستقرار كمياتها، وتوزيعها بانتظام في الأوقات المحددة، كل تلك الأمور تشكل مقياس نجاح مشروع السلة الغذائية” مضيفا أن “اي تخفيض لكميات مواد السلة أو تنقيص لأصنافها،  سيفرغ هذا المشروع من مضمونه، وسيجعله مشروعا فاشلا يضاف الى اخفاقات وزارة التجارة للسنوات الماضية في ملف البطاقة التموينية”.

التجارة: حققنا نجاحات!!!!

وزارة التجارة كانت قد أعلنت انها “حققت نجاحات” من خلال السلة الغذائية التي باشرت بها خلال الفترة القليلة الماضية. إذ يقول المتحدث باسم الوزارة، محمد حنون، ان “العمل بمشروع السلة الغذائية بدأ يحقق نتائج ايجابية على مستوى الرأي العام، وأن الناس راضون عن هذه السلة نظرا لجودتها وتنوعها حيث تضمنت سبع مواد”. ويقر في حديث صحفي، بأنه “في السنوات السابقة كانت المفردات التموينية الاربع توزع بشكل متقطع، وبواقع اربعة الى خمسة شهور خلال السنة الواحدة”، مضيفا أن “الوزارة اوكلت مهمة استيراد هذه المواد لشركات خاصة، وبذلك ابتعدت عن قضية الفساد بالعقود. فيما يقتصر عملها على فحص المواد وتدقيقها ومراقبة تجهيزها”.

ويوكد حنون، ان “توزيع السلة الغذائية للشهر الاول كان تجريبيا، وسيتم تلافي تأخر تسليم بعض المواد كالرز، مستقبلا”.

**************

أگـول

لا تكول سمسم إلا تلهم!

عامر عبود الشيخ علي

تعاني بغداد تحديات كبيرة جراء تدني مستوى الخدمات وخراب البنى التحتية التي مضت عليها عقود طويلة دون معالجة او تحديث. ومن تلك المعاناة، انتشار النفايات في الاحياء السكنية بمعظم مناطق العاصمة.

قبل فترة، وتحديدا قبل سفر رئيس الوزراء الى الولايات المتحدة، ظهر خبر عاجل على قناة “العراقية” الفضائية، يفيد بأن “رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي يمهل امين بغداد اسبوعين ليضع معالجة فورية لمشكلة النفايات في مناطق بغداد المختلفة”، وذلك بعد أن تراكمت الأزبال بشكل كبير وصار المواطن يشتكي من تجمعها وانبعاث الروائح الكريهة منها.

بهذا الخبر العاجل انفرجت اساريرنا وزادت ارتياحاتنا، آملين ان نصحو على مشاهد مختلفة عما ألفته اعيننا من تلوث بيئي وخراب طيلة الفترة الماضية، وان تكون احياؤنا السكنية اجمل وانظف، لكن احلامنا بدت سرابا ونحن نرى انتهاء مهلة رئيس الوزراء لامين بغداد وامانتها، من دون وجود بصيص ضوء في تحقيق ما أمر به. فصار لسان حال المواطن يقول أن “الوعود كثيرة والحلول غائبة.. تعودنا على عدم الالتزام وعدم امكانية حل مشكلة النفايات المتفاقمة منذ 2003 ولحد الآن”.

والغريب في الأمر، ان امانة بغداد انشأت عددا من المحطات الخاصة بكبس النفايات والقادرة على استلام اكثر من اربعة آلاف طن منها لتدويرها، الا ان تلك المشاريع لم تر النور لاسباب يجهلها المواطن!

نقول: ان توفير الخدمات التي يطالب بها المواطن، والتي هي حق من حقوقه الدستورية، لن يتم بالوعود، إنما بالتنفيذ على الارض.

 وكما قال المثل: “لا تكول سمسم الا تلهم”

**************

البصرة

سكان "دور الشرطة"

وظاهرة الرعي العشوائي

البصرة – وكالات

شكا عدد من سكان منطقة "دور الشرطة" في مدينة البصرة، تنامي ظاهرة الرعي العشوائي، وذلك بالتزامن مع تنفيذ مشروع صيانة البنى التحتية في المنطقة، من قبل إحدى الشركات.

وذكر السكان خلال وقفة جماهيرية نظموها أخيرا احتجاجا على هذه الظاهرة، ان الكثيرين من أصحاب المواشي يخيمون على الأرصفة وقرب المناطق السكنية، ما أدى إلى حصول مشكلات بيئية وصحية. وفيما بينوا، في حديث صحفي، أن هذه الظاهرة تعد تجاوزا على الأماكن العامة، طالبوا بتخصيص مساحات معينة لمزاولة الرعي وبيع الماشية.

وفي الغضون، أعلنت بلدية البصرة، انها تنفذ باستمرار حملات لرفع التجاوزات المتعلقة بظاهرتي الجزر والرعي العشوائيتين، في معظم مناطق المدينة.

وقال معاون مدير الدائرة لشؤون الخدمات، ميثم عبيد كاظم، انه تم توفير بديل لأصحاب المواشي، من خلال تهيئة ساحة مخصصة لعرض المواشي وبيعها، مشيرا في حديث صحفي، إلى ان هذه الساحة أعلن عنها كفرصة استثمارية، لكنها لا تزال غير مستغلة بسبب عدم وجود راغبين في الاستثمار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعيات الفلاحية في ذي قار:

60 في المائة من تمور المحافظة تباع كأعلاف

الناصرية – وكالات

أفاد اتحاد الجمعيات الفلاحية في محافظة ذي قار، بأن 60 في المائة من التمور المنتجة في المحافظة، تباع كأعلاف حيوانية بسبب عدم وجود سياسة مركزية للتخزين وصناعة التمور.

وقال رئيس الاتحاد، مقداد الياسري، أن “المحافظة تنتج سنويا نحو 70 ألف طن من التمور، لكنها تفتقر لوجود مخازن خاصة بهذا المنتج، أو معامل لتصنيعه”.

وأشار الياسري في حديث صحفي، إلى أن اغلب المزارعين يتبعون طرقا بدائية في كبس التمور، بعيدا عن التطور الحاصل في عمليات تسويق المنتج في الدول المجاورة، داعيا الجهات الحكومية إلى إنشاء مراكز تسويقية للتمور، وإلى العمل على تطوير تخزينها وتصنيعها، على اعتبار انها تدخل في انتاج العديد من المواد الغذائية الأخرى.

**************

المثنى

دعوات لتسهيل منح سلف الإسكان

السماوة – وكالات

دعا موظفون في محافظة المثنى، من المشمولين بالمادة 25 (ثالثاً) من قانون بيع وإيجار أملاك الدولة المعدل والمرقم 21 لسنة 2013، صندوق الإسكان إلى تسهيل إجراءات منحهم القروض لبناء دور سكنية على الأراضي التي قاموا بشرائها.

وتخوّل المادة 25 من هذا القانون، مديريات البلدية ببيع قطع الأراضي العائدة لها، إلى المواطنين بدون مزايدة علنية، بعد تقدير قيمة المتر المربع من الأرض بالسعر السائد خلال سنة البيع.

ووصف عدد من الموظفين المستفيدين من المادة القانونية، في حديث صحفي، الإجراءات التي يفرضها صندوق الإسكان لمنح السلف، بـ "التعجيزية"، وذلك من خلال اشتراطه "رفع إشارة الحجز" على قطعة الأرض، والتي توضع لمدة ٢٠ سنة من تاريخ الشراء.

 وطالب الموظفون، صندوق الإسكان بإعادة النظر في تلك الإجراءات، لعل ذلك يساهم في التخفيف من حدة أزمة السكن في المحافظة.

**************

8 شهور وأهالي “أم “النعاج” بلا ماء!

البصرة – وكالات

كشف أهالي منطقة “أم النعاج” في مدينة البصرة، عن معاناتهم المريرة الناتجة عن انقطاع ماء الإسالة عنهم، منذ أكثر من 8 شهور.

وفي وقفة احتجاج نظموها أخيرا، ذكر الأهالي أن هناك أكثر من 500 منزل في المنطقة، يعانون انقطاع ماء الإسالة، مؤكدين – وفق ما صرح به بعضهم لوكالات أنباء – أن الحلول التي تضعها الجهات المعنية لمشكلة الماء “مؤقتة وترقيعية، سرعان ما تتلاشى فتعود المشكلة من جديد”. ولفت المحتجون، إلى أن سكان المنطقة يشترون الماء من المركبات الحوضية، بصورة شبه يومية، ما يحمّلهم نفقات مالية إضافية، مبينين أن المنطقة تضم عددا من معامل البلوك والطابوق والثلج، وهذه تقوم بالتجاوز على أنبوب ماء الإسالة، الأمر الذي يزيد المشكلة تعقيدا.

****************

الأهالي يطالبون بحلول عاجلة

“هيت” و”البغدادي”.. مشكلات خدمية

ومعيشية وصحية

هيت – وحيد حماد

بالرغم من الوعود بإعادة الحياة إليهما وإعمارهما ورفدهما بالخدمات، بعد تحريرهما من إرهاب داعش عام 2016، إلا أن مدينتي هيت والبغدادي في محافظة الأنبار، لا تزالان تعانيان جملة من المشكلات في النواحي الخدمية والمعيشية والصحية.

“طريق الشعب”، التقت جموعا من أهالي قضاء هيت وناحية البغدادي التي تتبعه، فكشفوا لها عن معاناتهم الناتجة عن تدهور العديد من الخدمات، في مختلف القطاعات، مطالبين الجهات الحكومية بالوقوف عند مشكلاتهم هذه ووضع الحلول العاجلة لها.

وشكا الأهالي ضعف الخدمات الأساسية، خصوصا ماء الشرب الذي بات شحيحا، مشيرين إلى أن نهر الفرات ملوث وتنتشر فيه النباتات المائية، كالقصب والزل، بكثافة عالية، الأمر الذي جعله بطيء الجريان. وفيما شكوا، من جهة أخرى، عدم انتظام توزيع الحصة التموينية، أشاروا إلى ان المفردات الغذائية التي يتسلمونها في الحصة، كميتها قليلة ونوعيتها رديئة، خاصة الطحين. 

ومن المشكلات الأخرى التي تعانيها المدينتين، عدم توزيع التعويضات على الكثيرين من أصحاب الدور المهدمة جراء عمليات تحرير المدينتين من تنظيم داعش الإرهابي، بالرغم من مرور أكثر من 4 سنوات على إرسال المعاملات. وأكد عدد من المواطنين لـ “طريق الشعب”، أن “التخصيصات المالية للتعويضات، متوفرة، لكنها لم تصرف سوى للبعض”.

وانتقد عدد من أهالي المدينتين “وجود محسوبيات في إنجاز معاملات الشهداء والجرحى والمتقاعدين”، مقترحين حضور مندوبين عن مديريتي الشهداء والتقاعد، يوما في الشهر يتم الإعلان عنه، لغرض متابعة المعاملات.

ومن المشكلات المعيشية التي يعانيها الأهالي، انتشار البطالة بين الشباب، مطالبين باستغلال الطاقات الشبابية الكفوءة في إعادة تشغيل وتنشيط المصانع المتوقفة في المنطقة، كمعمل الزجاج والسيراميك، وداعين في الوقت نفسه إلى استغلال المساحات الزراعية الواسعة في الأنبار، لإقامة مشاريع زراعية وحيوانية، وانشاء مصانع مرتبطة بهذين النشاطين، الأمر الذي يساعد على امتصاص جزء كبير من البطالة.

أما من الناحية الصحية، فقد شكا الأهالي عدم توفر بعض الأجهزة الطبية المهمة في المستشفيات، كالمفراس وجهاز غسل الكلى. كما شكوا نقص بعض أدوية الأمراض المزمنة في المؤسسات الصحية الحكومية “لكنها متوفرة في الصيدليات الأهلية، وتباع بأسعار باهظة” - بحسب أهالي المدينتين، الذين شكوا في الوقت ذاته، تفشي وباء كورونا، بسبب عدم الالتزام بتعليمات الوقاية، وضعف الإقدام على تلقي اللقاح.

*************

مواساة

 

  • بحزن عميق، تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة، الرفيق زامل عويد (أبو حازم)، بوفاة شقيقه.

للفقيد الذكر الطيب ولاسرته الصبر والسلوان.

  • بمزيد من الحزن والاسى، تنعى اللجنة المحلية العمالية في الحزب الشيوعي العراقي، الرفيق باسم محمد لفتة، من لجنة الشهيد شريف فرج الأساسية.

الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لعائلته ومحبيه.

  • بألم وحزن شديدين، تلقت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد، نبأ رحيل الشخصية الاجتماعية والوطنية رضا مصطفى (العم رضا)، والد الرفيق سامال رضا مصطفى، في مدينة يوتوبوري السويدية.

وتتقدم المنظمة إلى الرفيق سامال وعائلته الكريمة، بالمواساة في هذا المصاب، راجية للفقيد الذكر الطيب دوما.

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في بابل، الرفيق عبد الرزاق علوش (ابو وميض) بوفاة شقيقته السيدة الفاضلة عقيلة الاستاذ عادل جابك.

 للفقيدة الذكر الطيب ولعائلتها الكريمة خالص العزاء.

وتنعى اللجنة المحلية، ومعها منظمة الحزب في الشوملي، الرفيق المشرف التربوي اسماعيل جواد (ابو بسام)، الذي توفي بعد معاناة مع المرض.

والفقيد من المناضلين الذين واكبوا عمل الحزب وعملوا في منظماته بجد واخلاص.

له الذكر الطيب ولرفاقه واسرته الكريمة خالص العزاء.

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف، الرفيق الشاب مهدي البكاء، عضو اللجنة الأساسية الشبابية، بوفاة والدته.

للفقيدة الذكر الطيب ولأهلها الصبر والسلوان.

وتعزي أيضا، الرفيق احمد الموسوي بوفاة عمه السيد عبد الرضا عبد الله حسون الموسوي.

للفقيد الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.

  • هيأة تنظيم الحزب الشيوعي العراقي في الحي، تعزي صديق الحزب، المربي والشخصية الاجتماعية الاستاذ حميد جاسم الجادري وأخويه احمد وسعد، بوفاة ابنة عمهم.

للراحلة الذكر الطيب دوما، ولعائلتها الكريمة الصبر والسلوان.

  • تنعى منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ابي الخصيب، الرفيق جهاد نعمة حسن الديوان، الذي توفي إثر إصابته بفيروس كورونا.

له الذكر الطيب ولذويه ورفاقه  الصبر والسلوان.

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في المثنى، الرفيق مصطفى شندل دهش، بوفاة أخيه نتيجة إصابته بفيروس كورونا.

الذكر الطيب للفقيد، والصبر والسلوان للرفيق مصطفى وعائلته.

  • تعزي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في سوق الشيوخ، الرفيق جاسم محمد هاني ود. يحيى كريدي، بوفاة الشاب سامح فالح كريدي.

 للفقيد الذكر الطيب ولاهله ومحبيه الصبر والسلوان. 

  • تشاطر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كربلاء، الرفيق عامر العامري الحزن والمواساة برحيل ابن عمه سلمان العامري، بعد مكابدة مع المرض.

للفقيد الذكر الطيب دوما، وللرفيق عامر وعائلته الكريمة الصبر والسلوان.

  • بمزيد من الألم والأسى، تلقت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في روسيا الاتحادية، نبأ وفاة الزميل وصديق الحزب، خليل ابراهيم العبيدي، الذي فارق الحياة يوم 10 آب الجاري في موسكو، عن عمر يناهز 98 عاما.

وكان الفقيد من الرعيل الأول من الطلبة العراقيين الذين وصلوا الى الاتحاد السوفييتي عام 1960. وقد ساهم بنشاط في مختلف فعاليات جمعية الطلبة العراقيين، كذلك في تأسيس جمعية العراقيين المقيمين في روسيا الاتحادية.

التعازي الصادقة إلى عائلة الفقيد وأقربائه وأصدقائه، وله الذكر الطيب.

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، الرفيق عباس الجميلي بوفاة شقيقته ايمان كاظم الجميلي، إثر إصابتها بوباء كورونا.

للفقيدة الذكر الطيب، وللرفيق أبو نشوان والعائلة الكريمة، الصبر والسلوان.

*************

الصفحة السادسة

وقفة اقتصادية

لماذا الاصرار

على الاقتراض الخارجي؟

ابراهيم المشهداني

يعاني العراق اليوم من حجم كبير من الديون الداخلية والخارجية ومن مخاطر تزايدها بسبب تكاليف خدمتها والتكاليف الباهظة التي يتكبدها الاقتصاد من جرائها خاصة في ظل استمرار مشاكله البنيوية عبر مزيد من الاختلال وتدهور قاعدته التحتية والإهمال الذي أصابه طيلة الفترة الماضية من قبل الحكومات نتيجة التخبط في سياساتها الاقتصادية وسوء إدارتها.

  ومن اللافت في أمر هذه القروض التعارض الواضح في مواقف الأطراف الحكومية المتخصصة في الشؤون المالية للبلاد، فاللجنة المالية البرلمانية قد أفادت في تشرين الثاني من عام 2020 بأن الديون الداخلية والخارجية وصلت إلى 160 مليار دولار وأن فوائدها في موازنة 2021 بلغت 15 مليار دولار مما يعني أن مخاطر هذه الديون في تزايد مضطرد مما تؤدي إلى الحاق الضرر باستقلال البلد الاقتصادي، وبالرغم من ذلك يصر السيد وزير المالية على التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض قيمته 3 أو 4 مليار دولار، ولا نعرف لحد الآن الغاية من هذا القرض هل لسد العجز التخميني  في الموازنة العامة لهذا العام أم لأغراض اخرى.

  في مقابل ذلك يصرح مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية في تموز الماضي بأن الموازنة لا تحتاج إلى الاقتراض في السنة المالية الحالية لكون ايرادات النفط أمست تفوق ما كان مخططا له، مع العلم أن سعر البرميل وصل إلى 76 دولار وأن السعر المخطط له 45 دولار فلماذا إذن هذا الإصرار على الاقتراض الخارجي؟

  إن مخاطر هذه الديون على خزينة الدولة وامتدادها على الاقتصاد الوطني تتجلى في العديد من الجوانب  لعل اخطرها اقترابها من الخطوط الحمر لبلوغها 55 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي هذا أولا، وثانيا خطر توظيفها في تغطية العجز في الموازنات السنوية  بسبب المبالغة في الانفاق الحكومي وتوجيهها  للأغراض الاستهلاكية التي ترتفع عاما بعد عام،  وكل هذه النفقات لا تؤدي إلى توسع في الطاقات الانتاجية وبالتالي لا تؤدي إلى  خلق فائض في الميزان التجاري عن طريق زيادة في الصادرات وتوفير العملة الصعبة التي تدخل في التنمية

الاقتصادية وخدمة أعباء الدين الخارجي مما يترتب عليها تقليص النفقات المتعلقة بحاجة المواطنين الضرورية في العيش والتعليم والصحة والعمل والخدمات اليومية الاخرى.

 وثالثا قد تضطر الدولة إلى عمليات خلق النقود عن طريق سعر الصرف لتفادي أزمتها الاقتصادية الناشئة عن سوء إدارتها للاقتصاد كما حصل في قرار البنك المركزي لخفض قيمة الدينار العراقي بهدف توسيع حجم الكتلة النقدية لسد العجز في رواتب الموظفين، وأنتج من جراء ذلك مزيدا من الضغط على المستوى المعيشي لذوي الدخل المحدود والشرائح الفقيرة وبالتالي اتساع ظاهرة الفقر التي تصل إلى 40 في المائة فضلا عن تعميق الازمة الاجتماعية وانعكاس ذلك على ديناميات الحراك الجماهيري المقاوم لهذه السياسات باتجاه التغيير.

  لكل ما تقدم ولمعالجة مخاطر هذه الديون ونتائجها الاقتصادية والاجتماعية نقترح ما يلي:

  1. انهاء ملف الديون الخليجية البالغ 41 مليار دولار التي قدمت للنظام السابق كمساعدات في فترة الحرب وتثبيت سلطة النظام ثم تحولت إلى قروض وهي في حقيقتها ديون بغيضة فهذا الملف قد يفتح في أي وقت للضغط على الحكومة تبعا لتوازنات المنطقة.
  2. إعادة النظر بقانون الإدارة المالية والدين العام ليكون منسجما مع الاوضاع المالية في العراق بالتنسيق الكامل مع البنك المركزي بما يصب في عملية التنمية الاقتصادية وايجاد مصادر تمويل جديدة عن طريق تنويع للقطاعات الاقتصادية المولدة للدخل.
  3. تفعيل التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد الإداري والابتعاد عن سياسة المناورة والمجاملات السياسية للتستر على كبار الفاسدين وصولا إلى إعادة الأموال المهربة والاستفادة من دور الشركات العالمية المكلفة بتدقيق القروض الداخلية والخارجية وتقديم بيانات حقيقية تفيد في الاستعانة بالمجتمع الدولي.
  4. توجيه القروض التي جرى الاتفاق عليها سابقا إلى الاستثمار المباشر في تنفيذ المشاريع المتوقفة.

 

************

الحكومة تجبي واحد في المائة من الضرائب فقط؟

اقتصاديون: الحكومة تعالج “سوء الادارة” بقانون ضريبي جديد

بغداد ـ علي شغاتي

أثار توجه وزارة المالية نحو إعداد مسودة قانون ضريبي جديد، يتناسب مع الواقع العراقي، تساؤلات عديدة طرحت من جانب متخصصين ومراقبين، دعوا الحكومة الى ضرورة ابعاد المواطنين، لا سيما ذوي الدخل المحدود، عن أية عمليات “اصلاحية” يتحملها الفقراء لوحدهم.

ويقول اقتصاديون، إن الانظمة الضريبية يستهدف إيجادها سد الفوارق الاجتماعية بين المواطنين، لكن الحكومة تبحث من خلالها  عن حلول لأزماتها وسوء إدارتها لموارد الدولة، بحسب وجهة نظرهم.

وعقد وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، السبت الماضي، ندوة نقاشية بحضور مستشارين حكوميين وعدد من رجال الاعمال، لمناقشة ايجاد قانون ضريبي جديد “تناسب الوضع العراقي”.

ويبرر علاوي مساعي وزارته لإيجاد هكذا قانون بأن “نسبة الضرائب المتحصلة تبلغ 1 في المائة من الناتج القومي للدولة خلال العام الماضي، وهي نسبة ضئيلة جدا”.

تحذير

وحذر الخبير الاقتصادي احمد خضير من “استغلال حاجة البلد الى اصلاح النظام الضريبي، لفرض اعباء اضافية على اصحاب الدخل المحدود والكادحين”، مؤكدا ان “الانظمة الضريبية وجدت لسد الفوارق الاجتماعية بين المواطنين، لا لمعالجة ازمات الحكومات، وسوء ادارتها لموارد الدولة”.

وتابع خضير، في حديث لـ”طريق الشعب” قائلاً : ان “قوانين الضريبة يجب ان تحقق شيئا من العدالة الاجتماعية من خلال فرض ضريبة دخل تصاعدية على اصحاب الرواتب المرتفعة، واعفاء اصحاب الدخول المحدودة من هذه الضرائب”، منوها الى ان “العراق في حاجة الى تغييرات اساسية في النظام الضريبي الحالي للتخلص من السياسات العشوائية، لغرض تهيئة الأرضية لاصلاح اقتصادي شامل، من خلال صياغة قانون جديد للضريبة، تدمج فيه مصادر الدخل الخاضعة للضريبة، ووضع نظام ضريبي موحد للضرائب المباشرة وغير المباشرة”.

وعلّق الخبير على موضوع تشريع قانون جديد للضريبة بالقول: ان “الضرائب وسيلة اساسية في يد الحكومة لتشجيع الاستثمار واصلاح الاقتصاد”، مشيرا الى “صعوبة تطوير الاقتصاد المحلي دون الاعتماد على نظام ضريبي متطور”.

وشدد خضير، على “ضرورة تصميم نظام ضريبي يلبي معايير العدالة والحياد بين المواطنين”، منوها الى ان “الاصلاح المالي والاقتصادي يتطلب تصميم نظام ضريبي عادل وفعال وبسيط، يحقق الاهداف المرسومة له”.

أين تذهب الاموال؟

ويتسائل الخبير المالي محمد فرحان عن مصير الاموال التي تجبيها الحكومة عبر فواتير مختلفة، ويتحدث لـ”طريق الشعب” عن تشريع القانون الجديد “هناك اموالا كبيرة يتم استيفاؤها من المواطنين مثل بدلات الماء والمجاري والخدمات عند بيع وشراء المنازل، واصلاح الطرق والجسور عند بيع المركبات، واموال اخرى يتم استحصالها، لكننا  لا نعرف أين تذهب هذه الاموال”.

واتهم فرحان الحكومات المتعاقبة بـ”عدم اعتماد الشفافية المالية، ونتيجة لاستمرار الفساد تهرب عدد كبير من المواطنين والشركات من دفع الاموال التي بذمتهم”.

ووصف الخبير المالي، سعي الحكومة لإيجاد قانون جديد للضريبة بـ”الخطوة الضرورية”، لكنه بدا متخوفا من اعتماد وصفات صندوق النقد الدولي.

وقال فرحان : ان “دول العالم تشجع مواطنيها على دفع الضرائب من خلال اقناعهم باستخدام اموال الضرائب في مشاريع تعود بالفائدة على دافعيها”، مشيرا الى ان “هذه الامور تتطلب ثقة متبادلة بين الشعوب وحكوماتها، وشفافية واضحة حول المبالغ المالية المتحصلة وابواب صرفها”.

وتابع الخبير ان “الخطوة الاولى لاصلاح الاقتصاد العراقي، تتعلق بمكافحة الفساد والقضاء على البيروقراطية، من خلال سن قوانين تسهم في تبسيط الاجراءات المالية، وتمنع التلاعب من قبل الموظفين والمواطنين”، مشددا على “ضرورة الابتعاد عن الوصفات الدولية الجاهزة في تشريع القوانين المحلية”.

تهرب الشركات!

وكشف الوزير عن “تهرب بعض الشركات الاجنبية من دفع الضرائب”، مشيرا الى ان وزارته “تسعى الى اتخاذ الاجراءات اللازمة بحقها”.

وقررت وزارة المالية تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ اصلاحات النظام الضريبي، حسب الورقة البيضاء.

واشارت وثيقة حصلت “طريق الشعب”، على نسخة منها، الى “قرار الوزارة بتشكيل لجنة من عضوية اربعة اشخاص لمتابعة تنفيذ اصلاحات النظام الضريبي المدرجة في الورقة البيضاء”.

جذور النظام الضريبي

وينبه الخبير القانوني حسن مجيد على ضرورة “ ايجاد نظام ضريبي جديد تتطلب فرض قيود قانونية صارمة مثل عدم السماح بفرض الضرائب الا من خلال قانون يشرع في مجلس النواب، مع الاخذ بنظر الاعتبار الشفافية في الاعلان عن الايرادات المتحققة من الضرائب”، مشددا على “ضرورة استخدام الإيرادات المتحققة من الضريبة في المشاريع العامة”.

وحول النظام الضريبي المطبق حاليا، بيّن الخبير القانوني حسن مجيد، ان “العراق وضع اول قانون لضريبة الدخل المرقم 52 لسنة 1927 بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام1921، والذي اعتمد بشكل كبير على قانون ضريبة الدخل النموذجي البريطاني الذي وضعته بريطانيا من اجل تطبيقه في مستعمراتها”، مشيرا الى ان “تطبيق هذا القانون استمر لغاية  تشريع قانون ضريبة الدخل عام 1982، والذي لم يحدث أثرا واضحا على النظام الضريبي في البلاد”.

واضاف مجيد لـ”طريق الشعب”، ان “سلطة الاحتلال المؤقتة اصدرت الامر رقم 49 لعام 2004، والذي خفضت بموجبه سعر ضريبة الدخل، وزادت السماحات القانونية واخضعت موظفي الدولة الى ضريبة الدخل مثل موظفي القطاع الخاص”، مشيرا الى ان “النظام الضريبي المطبق حاليا غير صالح للتطبيق، كونه صمم لاقتصاد داخلي مسيطر عليه، فضلا عن ان القوانين الحالية لادارة الضريبة لا تشرح متطلبات تطبيق القانون بشكل واضح، وتمنح موظفي الإدارة الضريبية حرية تقدير واسعة وتطبيق غير منسجم مع الواقع الحالي، ما يفتح الباب واسعا امام التلاعب والفساد”.

ونوه الى ان “تشريعات الضريبة الحالية لا يمكن تطبيقها والالتزام بها، بسبب تعقيد النظام، وطبيعته الجدولية، وغموض قاعدة الضريبة، وافتقاره للحيادية بالنسبة للهيكل التنظيمي المنطقي، بسبب تعدد النصوص التشريعية، وغياب القوانين والأنظمة التى تكفل التنفيذ الدقيق”.

رفض نيابي

بدوره، تساءل عضو اللجنة المالية البرلمانية، جمال كوجر، عن “الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين مقابل إلحاحها على زيادة حجم الضرائب”، مبينا ان “الحكومة لا يمكن أن تفرض زيادة نسبة الضرائب من دون توفير خدمات في مقابلها”.

وأضاف كوجر في تصريح صحفي تابعته “طريق الشعب” أن “القانون الذي يتحدث عنه الوزير سيكون عبئا جديدا على الطبقات الهشة من المواطنين”.  وحذر من فرض ضرائب قد تتسبب في انفجار الشارع. وأشار إلى أن “الحكومة إذا ما أرادت أن تحقق مردودات مالية، فيتحتم عليها اللجوء الى طرق أخرى غير القانون الجديد، كضبط الموارد المنهوبة والمباحة في كثير من مؤسسات الدولة، وأن تقضي على الفساد الذي يتسبب بهدر كبير في موارد الدولة”. وبيّن أن “تمرير قانون ضرائب جديد يحتاج الى برلمان فاعل، ونحن إذا كنا اليوم متجهين نحو الانتخابات، فلا يمكن تمريره، إلا إذا كانت الحكومة تفكر بتأجيل الانتخابات، أو إعداد القانون للدورة البرلمانية المقبلة”.

 

***************

الضرائب.. من المستحصل بفعل الفساد إلى المتوقع بفعل النزاهة

خليل ابراهيم العبيدي

تعرف الضريبة، إنها مبلغ من المال تجبيه الدولة جبرا من الأفراد والجماعات والشركات مقابل خدمات عامة تقدمها الدول لرعاياها، تقف في مقدمتها الخدمات البلدية والقروية والصحية. والجانب القانوني للضريبة يتمثل بقدرة الدولة على تنفيذ قوانينها بقصد تحقيق الصالح العام، وللعراق قصة طويلة مع الضرائب لا تنتهي إلا بانتهاء الفساد، وقد كثرت تصريحات المسؤولين الرسميين بشأن تعثر الاستحصال أو التهرب المبرمج عن السداد، وكان آخر هذه التصريحات ما أعلنه السيد حسين العقابي عضو اللجنة القانونية النيابية لوسائل الإعلام عن وجود تهرب ضريبي لشركات كبرى عاملة في القطاع الخاص بمليارات الدولارات وهذه الشركات هي شركات نفطية وسياحية ومصارف أهلية، ونضيف إليها شركات البناء والأعمار وشركات النقال او شركات بث الانترنت، وشركات النقل والشركات التجارية العملاقة، وغيرها من الشركات أو الأفراد الذين يحصلون على عوائد مالية كبيرة تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويا، وفي هذه اللمحة السريعة سنركز على العائد المتوقع وبشكل تقديري للمصارف الأهلية وشركات النقال من خلال ملاحظة انشطتها اليومية ومخرجات خدماتها.

أولا المصارف الاهلية: يبلغ عدد المصارف الاهلية في العراق، حسب الدراسة التي أعدتها وكالة الصحافة المستقلة، 74 مصرفا، منها 24 مصرفا تجاريا و29 مصرفا إسلاميا، و21 فرعا لمصارف أجنبية، وان مجموع رساميلها المعتمدة يقارب ال 700، 14تريليون دينار عراقي، وهو ما يعادل تقريبا وفقا لأسعار الدولار اليوم، 10 مليار دولار. وأن متوسط المبيعات اليومية للبنك المركزي من العملة الاجنبية هو 160 مليون دولار يوميا، اي2 ،3 مليار دولار شهريا على أقل تقدير إذا ما احتسبنا ان عدد أيام البيع 20 يوما لكل شهر، وأن اجمالي المبيعات السنوية وفقا للمزاد سيكون 38،4 مليار دولار، وأن المشتريات من هذه العملة محصورة بهذه المصارف البالغ عددها 74 مصرفا وفرعا، ولو افترضنا أن الضريبة تصاعدية تنحصر بين 7 بالمئة الى 12 بالمئة، فان المتوسط سيكون 9 بالمئة، اي مردود ضريبي سنوي يبلغ. 3،456 مليار دولار سنويا في اقل تقدير، أي ما يعادل 5،08 تريليون دينار، فهل تستحصل الهيئة العامة للضرائب هذه المبالغ، خاصة وأن هناك بعضا من هذه المصارف لا يتحاسب، حسب تصريح السيد النائب جمال المحمداوي الذي أفاد أن 20%من هذه المصارف لم يكن ليتحاسب منذ العام 2015، هذا ونود الإشارة أن السعر المعلن للبيع هو 1،470 دينار للدولار الواحد، وأن سعر البيع وصل في الأيام الأخيرة الى ما يفوق ال 1500دينار حسب ما نقلته اذاعة التراث ظهر يوم 12 حزيران 2021 في سوق الكفاح والحارثية للدولار الواحد. وأن المسؤولية على ما يبدو حسب تصريح البنك المركزي تقع على عاتق بعض المضاربين، ولا نعلم من يقصد البنك المركزي بالمضاربين، هل بعض المصارف الأهلية؟ هل بعض شركات الصيرفة، أم أن عمالقة المافيا تقف وراء هذا الارتفاع.

ثانيا شركات النقال:

أولا- ضريبة مبيعات كارت شحن الهاتف النقال

نهاية عام 2015، قررت حكومة الدكتور حيدر العبادي فرض ضريبة مقدارها،1000دينار، عن مبيعات كارت شحن الهاتف النقال، وأن العدد المتداول من الهاتف النقال حسب الجهاز المركزي للإحصاء، هو 40 مليون هاتف، ولو افترضنا ان 25% من الهواتف المتداولة تشحن يوميا، سيكون المشحون يوميا 10 ملايين جهاز، عليه سيكون اجمالي الضريبة المستهدفة سنويا، هو 10 مليون ×30 يوما ×1000 دينار ×12 = 3،6 تريليون دينار سنويا، والسؤال هو، هل استحصلت الهيئة العامة للضرائب هذه المبالغ للفترة من عام 2016 ولغاية نهاية 2020.؟

ثانيا - الضريبة على مبيعات كارتات الشحن الاعتيادية

كما جاء بالفقرة أولا أن عدد المباع من كارتات الشحن يوميا هو 10 ملايين كارت، وأن متوسط سعر البيع ولكل الفئات هو 6 آلاف دينار، مستبعدين ضريبة المبيعات المقررة عام 2015، فإن الناتج سيكون حاصل ضرب 10 ملايين × 365 يوما × 6000 دينار × نسبة 10% ضريبة، فإن الإيراد المستحصل من هذه الضريبة هو 2،19 تريليون دينار، فهل تقوم الهيئة العامة للضرائب بملاحقة هذه الأموال المستحقة على الغير؟

ثالثا ضريبة خدمات الانترنت

يمكن القول، إن عدد العوائل العراقية يبلغ حوالي ال 7،45 ملايين عائلة وهو ناتج قسمة ال 41 مليون على متوسط معدل الأسرة ،5،5 فرد حسب وزارة التخطيط، عليه فإن عدد مشتركي الانترنت يمكن جعله على سبيل التقدير 7 مليون مشترك مع تحييد كسور المليون الثامن لاعتبارات معروفة، وأن متوسط معدل الاشتراك الشهري هو 40 ألف دينار، عليه سيكون الإيراد الضريبي هو حاصل ضرب 7 مليون مشترك × 40 ألف دينار ×12 شهر× 10% نسبة الضريبة مقسوما على 100= 36،3 تريليون دينار، فهل يجري التحاسب مع هذه الشركات وفقا لما قدمناه؟

إن الإجمالي السنوي المقدر للضريبة فقط على النشاط التجاري وفق أقل التقديرات بعيدا عن واردات التأسيس او الإجازات، أو الغرامات،  للمصارف الأهلية وشركات الجوال وشركات خدمات الانترنت ، يبلغ ، 9،80 تريليون دينار سنويا، والمعروف أن الادعاء الحكومي يقول إن الايرادات الاخرى بعد النفط 5 % من اجمالي الايراد السنوي للموازنة ، ولو صحت النوايا وفي ضوء التقدير الذي قدمناه يمكن الحصول على 50% لأغراض الموازنة السنوية من نشاط ضريبة الدخل على  الاغنياء ، ضريبة الدخل جراء التأجير للدور السكنية والشقق والعمارات، ضريبة بيوعات الدور والعمارات والأراضي، وقد قدرنا سابقا الايراد السنوي من الرسوم الكمركية في ضوء مبيعات البنك المركزي للدولار، ب 12،240 تريليون دينار سنويا، كما أن للدولة حق فرض ضريبة المبيعات التصاعدية على المسكرات والسكائر وأية مواد تضر بالصحة العامة، ولها أن تفرض ضريبة الرأسمال، وتملك أن تفرض رسوم التسجيل ورسوم البلدية ورسوم المهنة ورسوم الطرق، ورسوم الإعلان وعشرات الأبواب المكونة للعائدات الحكومية .

إن تصريحات النواب والمستشارين الحكوميين أو الوزراء أو الشكوى من قلة الموارد تجيب عليها الأرقام الحقيقية لو أرادت الدولة والتي يمكن أن تضع النفط في المرتبة الثانية لو كافحنا الفساد مكافحة حقيقية لا كلام يذهب إدراج الرياح.

**************

الصفحة السابعة

رئيس الحكومة يقدم استقالته ويغادر البلاد بعد احداث متسارعة

العاصمة الافغانية تسقط بيد طالبان

متابعة ـ طريق الشعب

تطورت الاحداث الأمنية سريعاً في أفغانستان بعد اعلان الولايات المتحدة عزمها على ترك قواعدها العسكرية هناك، بحسب مراقبين.

وقال المراقبون انه بعد 20 عاماً من التواجد الأمريكي ظهر انها لم تقم بأي جهد لتسليم السلطة الى حكومة ديمقراطية، ما يعني انها فشلت فشلاً ذريعاً في تدخلها العسكري، إضافة الى عدم اجادتها للتفاهم مع القوى السياسية من اجل تداول السلطة سلمياً، بل تركت سلاحها سائباً لتسيطر عليه طالبان، ما يعني فشلاً سياسياً وعسكرياً آخر.

وفي التطورات السريعة التي حاولت “طريق الشعب” ملاحقتها،  اقتحمت قوات حركة طالبان، مساء امس ، العاصمة الافغانية كابول، بعد أن توقفت على مشارفها طوال النهار، حيث كان قادة الحركة يجرون مفاوضات داخل العاصمة على الآلية التي ستستلم بها السلطة.

وجاء ذلك في أعقاب استقالة الرئيس الافغاني أشرف غني.

وفي الوقت الذي يصر فيه مسؤولون في الحركة على رغبتهم في أن يتشكل مجلس انتقالي يتشارك فيه جميع الافغان، كان اخرون في الحركة يتحدثون عن رفضهم المجلس الانتقالي ويعبرون عن رغبتهم في استلام السلطة مباشرة. ويبدو من ذلك أن الزعامات في الحركة لم يتفقوا مسبقاً على آلية استلام السلطة. 

اقتحام كابول

وبعد أن وقفت قوات طالبان على مشارف العاصمة كابول، طوال نهار الامس، أمرت الحركة قواتها بدخول أحياء العاصمة الأفغانية، بحسب بيان الحركة المنشور على موقعها الإلكتروني.

ووفقا لطالبان، تم ذلك لمنع أعمال النهب والعنف في المناطق التي غادرتها الشرطة وقوات الأمن.

وقالت الحركة ان “الإمارة الإسلامية أصدرت بيانا في الصباح جاء فيه أن قواتنا خرجت من كابل، ولا نريد دخول كابول بالوسائل العسكرية، ولكن الآن هناك تقارير تفيد بإخلاء مناطق في كابل، وتركت الشرطة وظيفتها في توفير الأمن”.

وأضاف البيان “أمرت طالبان قواتها بدخول مناطق كابل التي فر منها العدو  حتى لا يضر المعتدون بالناس ومنعا للسرقة والنهب”.

ولفت البيان إلى أنه “يجب ألا يشعر مواطنو كابل بأي خوف من المجاهدين، ولا يسمح لأي من المجاهدين دخول منزل شخص ما أو مضايقته”.

وأعلن مستشفى العاصمة الأفغانية كابل على “تويتر” أمس الأحد، عن إصابة أكثر من 40 شخصا خلال اشتباكات على مشارف العاصمة، مبينةً أنهم يخضعون للعلاج في المستشفى.

لا يمكن الفرار

ووصفت النائبة الأفغانية، فرزانا كوتشاي، كيف يحاول سكان كابول الفرار من العاصمة، من دون أدنى أمل في العثور على مكان آمن.  وقالت لبي بي سي: “لا أعرف، لا يمكنهم الذهاب إلى أي مكان، لم يعد هناك أي مكان لا يزال آمنا”. وأوضحت كوتشاي أن “الطائرات المغادرة لكابول، يوم أمس، ممتلئة بالركاب بشكل كامل، وأن حجوزات الرحلات الجوية قد نفدت، وأنها راجعت بعض أصدقائها الذين تمكنوا من الطيران إلى خارج كابول، ووجدتهم يعملون على اللجوء لدول الجوار مثل الهند.

وتابعت بقولها: “إنهم يقولون إن الرحلات الجوية ممتلئة، ونحن عالقون هنا، أولئك المغادرون، أين يمكنهم الذهاب، ليس لديهم خيار، عليهم البقاء هنا”.

وأضافت النائبة كوتشاي أنها علمت من نساء مناطق أخرى في أفغانستان التي سيطرت حركة طالبان عليها فعليا، أنهن لم يعدن يذهبن إلى العمل أو المدرسة، وعلقت على الأمر قائلة “بالنسبة للنساء، الوضع سوف يسوء كما كان متوقعا. ستسجن النساء في منازلهن”.

استقالة وهروب

وأفادت وسائل إعلام بأن الرئيس الأفغاني أشرف غني قدم استقالته من منصبه، على خلفية ‏دخول مسلحي حركة طالبان إلى مشارف العاصمة كابل. ‏

وطلب غني من القوات الحكومية، بحسب تلك الوسائل، “ضبط القانون ‏والنظام” في العاصمة كابل، على خلفية أنباء استقالته.  ‏ وجاء هذا الطلب في مكالمة أجراها غني، أمس الأحد، مع موظفي الأجهزة الأمنية بشأن ضمان ‏أمن سكان كابل، ونشرت الرئاسة الأفغانية تسجيل هذا الاتصال على حسابها في “تويتر”.  ‏

وأكدت شبكة “سي إن إن” أن عددا من المسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة ‏الأمريكية، منهم عدد من مستشاري غني، وصلوا إلى مطار كابل تمهيدا لإجلائهم من البلاد.  ‏

“أمريكي” مرشح لرئاسة السلطة

وفي السياق، أفادت مصادر افغانية مطلعة، أمس، بالاتفاق على تكليف، علي احمد جلالي، بقيادة الدولة لمرحلة ‏انتقالية امدها 6 اشهر.

ونقلت “فرانس برس”، عن المصادر قولها أن “هذا الاتفاق تم بعد محادثات في كابول شارك ‏فيها وفد من طالبان مع قيادات سياسية افغانية ابرزها عبدالله عبد الله الناطق السابق باسم تحالف ‏الشمال، والرئيس الافغاني السابق حامد كرزاي، وبحضور السفير الأميركي في كابل”.‏

‏واضاف المصدر أن “علي احمد جلالي، هو من البشتون، ويحمل الجنسية الأميركية، ويشغل ‏حاليا استاذ بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية في العاصمة الأميركية ‏واشنطن، وعمل 20 عاما في إذاعة صوت أميركا في واشنطن، كما أنه شغل منصب وزير ‏داخلية اسبق في الحكومة الافغانية”.‏

مجلس انتقالي

وأسفرت المحادثات التي جرت في القصر الرئاسي عن تشكيل  مجلس ‏انتقالي جديد تولى إدارة أفغانستان، يضم أطراف المحادثة الذين حضروا في القصر. ‏

ونقلت وكالة “نوفوستي” الروسية، عن مصدر مقرب من طالبان قوله إن ‏المجلس الجديد يضم الرئيس السابق حاكم كرزاي ورئيس المجلس الأعلى ‏للمصالحة الوطنية الأفغانية عبد الله عبد الله.‏

وذكر مصدر الوكالة، أن المجلس الجديد سيسلم السلطة إلى طالبان ‏لاحقا.‏

وكانت “نوفوستي” قد نقلت عن مصدر في القصر الرئاسي الأفغاني قوله ‏إن “طالبان”، خلال مباحثات جرت اليوم ( امس)، أعلنت أنها ترفض تسلم الحكم من ‏غني وإن الطرفين بحثا خيارات أخرى تقضي بتسليم الحكم إلى الحركة من ‏زعماء سياسيين آخرين.‏

انتقال سلمي 

من جهته، أكد متحدث باسم طالبان، إن “الحركة تجري محادثات مع الحكومة الأفغانية من أجل تسليم كابول سلميا.. لا نعتزم الانتقام من أحد وسنصفح عن جميع من خدموا الحكومة والجيش”.

وقال مسؤول في الحركة “لا نرغب في سقوط أي مدني أفغاني بريء قتيلا أو جريحا مع تولينا زمام الأمور، لكننا لم نعلن وقفا لإطلاق النار”. بحسب فرانس برس.

وأكد المتحدث: “نسعى لتشكيل حكومة يشارك فيها جميع الأفغان”.

بدوره، أكد وزير الداخلية الأفغاني عبد الستار ميرزا كوال، أن “انتقالا سلميا للسلطة إلى حكومة انتقالية سيجري في أفغانستان”.

وصرح ميرزا كوال في رسالة عبر مقطع فيديو أنه “لا ينبغي على الأفغان أن يقلقوا.. لن يحصل هجوم على مدينة كابول. وسيجري انتقال سلمي للسلطة إلى حكومة انتقالية”.

ويبدو ان قادة الحركة لم يتفقوا لغاية الان على الالية التي يريدون ان يتسلموا السطلة بها، حيث عادت الانباء مجدداً للتضارب بشأن تلك الالية.

وأفاد مصدران من الحركة، بأنها “رفضت تشكيل أي حكومة انتقالية في البلاد”.

ونقلت “رويترز” عن مسؤولين في طالبان قولهما إنه “لن يكون هناك أي حكومة انتقالية في أفغانستان وأن الحركة تتوقع تسليمها الحكم بالكامل”.

موقف روسي مغاير 

وعلى عكس معظم البلدان، أكدت الخارجية الروسية، أن موسكو لا تستعد لإخلاء سفارتها من كابل في ظل دخول مقاتلي حركة طالبان أطراف العاصمة الأفغانية.

وقال زامير كابولوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون أفغانستان ومدير الدائرة الثانية لآسيا في الخارجية الروسية في تصريحات صحفية: “ليست هناك استعدادات لإخلاء السفارة. أنا على اتصال بسفيرنا، إنهم يعملون بهدوء ويراقبون تطورات الأحداث عن كثب”.

وأضاف كابولوف أن “طالبان ضمنت الأمن ليس للسفارة الروسية فقط، بل وللبعثات الدبلوماسية للدول الأخرى أيضا”.وأكد “لقد تلقينا مثل هذه الضمانات منذ فترة طويلة، والأمر لا يتعلق بروسيا فقط. وتشمل الضمانات سلامة الجميع”.

أجلاء سفارات

لكن الخارجية الكندية أعلنت في بيان لها تابعته “طريق الشعب”، أن “بلادها ستعلق مؤقتا عملياتها الدبلوماسية في العاصمة الأفغانية كابل، وأن أفرادها في طريق العودة لبلادهم”. وقال وزير الخارجية الكندي مارك جارنو: “الوضع في أفغانستان يتطور بسرعة ويشكل تحديات خطيرة لقدرتنا على ضمان أمن وسلامة بعثتنا”.

وأضاف، أن “الكنديين هناك في طريقهم حاليا للعودة إلى كندا بأمان”.

وعلى الايقاع ذاته، أكدت السفارة الأمريكية في أفغانستان صحة الأنباء عن اندلاع حريق في مطار كابل، الذي تم نقل طاقمها إليه على خلفية دخول قوات “طالبان” العاصمة.

وذكرت السفارة الأمريكية في إنذار أمني أصدرته أمس، أن  “الوضع الأمني في كابل يتغير بشكل متواتر، وخاصة في المطار. هناك تقارير عن اندلاع حريق في المطار، ولذلك نوصي الأمريكيين بالتزام أماكنهم”.

قلق أوربي

ومن جهة أخرى، أعرب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب عن قلق عميق بشأن مستقبل أفغانستان، ودعا حركة طالبان إلى إنهاء العنف مع وصول مقاتليها إلى مشارف العاصمة كابول. وقال راب في تغريدة على تويتر “لقد شاركت قلقي العميق بشأن مستقبل أفغانستان مع وزير الخارجية قريشي”، في إشارة إلى وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي. وأضاف راب “نحن متفقان على أنه من الأهمية بمكان أن يتحد المجتمع الدولي في مطالبة طالبان بوجوب إنهاء العنف وحماية حقوق الإنسان”.

بدوره يعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين، اجتماعا لمجلس الأمن الوطني على خلفية التطورات في أفغانستان، حسبما أوردت قناة BFM TV التلفزيونية نقلا عن قصر الإليزيه.

وذكرت القناة أن رئيس الدولة الموجود حاليا في مقره الصيفي قلعة بريغانسون سيجري الاجتماع عبر تقنية الفيديو كونفرنس. من جهته أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن نقل سفارة بلاده في أفغانستان من مبنى وسط العاصمة كابل إلى مطار المدينة لمواصلة عملها على تنظيم إجلاء المواطنين الفرنسيين والأفغان ممن تعاونوا مع الفرنسيين.

وأوضح أن هذا القرار اتخذ “على خلفية التدهور الحاد للوضع الأمني في أفغانستان”.

 *******************************************

لقاء الشيوعيين وحمدوك 

هل يعيد ترتيب المشهد السياسي في السودان؟

الخرطوم - قرشي عوض

في منتصف الاسبوع الماضي التقى وفد من  قيادة الحزب الشيوعي السوداني برئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك بناء على دعوة من الاخير، حسبما افادت بيانات صادرة عن المكتب السياسي للحزب وعن رئاسة مجلس الوزراء.

ودار النقاش في اللقاء حول  الصعوبات التي تواجهها فترة الانتقال في البلاد من النواحي السياسية،  وابرزها استعادة النقابات والتحديات الاقتصادية.

وصرح صالح محمود القيادي في الحزب والذي شارك في اللقاء بان الحزب ملتزم بمواقفه التي اعلنها للجماهير من قبل. وفصل هذه المواقف قيادي شيوعي آخر، هو كمال كرار عضو اللجنة المركزية، بقوله في تصريحات صحفية  انها تتعلق بالرفض المعلن لوصفة صندوق النقد الدولي، خاصة رفع الدعم عن السلع الاساسية وتعويم سعر العملة. وهي السياسة التي تتبناها الحكومة بشكل معلن.

وعلى هذا فلا جديد في اللقاء بخصوص مواقف الطرفين، ولم يرد في سياقه ما يشي بحدوث تقارب بينهما. غير انه ابقى على الجسور  موصولة، في وقت يدعو فيه الحزب صراحة لاسقاط الحكومة.  وهذا ما يضع اللقاء في خانة المناورات وتوجيه الرسائل السياسية.

فالشيوعيون من جانبهم وبالرغم من ان الدعوة جاءتهم من رئيس الوزراء ولم يسعوا هم الى اللقاء به، الا ان قبولهم إياها  ستأخذه الاحزاب التي تشكل الحاضنة السياسية للحكومة مأخذ الجد. وهي  قد شرعت  بالفعل  في ترتيب صفوفها استعداداً لمواجهة الحزب، ان هو وضع شعار اسقاط الحكومة موضع التنفيذ. وذلك من خلال السعي الى ابعاد عناصر الحزب من اللجان المهنية، التي  تستعد لخوض معركة استعادة النقابات. وقد ظهرت نتائج هذه التحركات وسط المعلمين، حيث تعرضت عناصر الحزب لمضايقات من حلفاء الامس، مستفيدين من آليات السلطة وقوتها. لذلك فان تلك الاحزاب سيزعجها جداً تقارب حمدوك مع الشيوعيين، في ظل وجود عناصر شيوعية سابقة تحيط برئيس الوزراء، ولا تصدق الاحزاب الاخرى انهم بالفعل قد غادروا الحزب او لا تربطهم به اية علاقة، بل تعتبرهم من الخلايا النائمة.

من جانبه يرسل حمدوك من خلال هذا اللقاء رسائل الى المكون العسكري، الساعي الى اقامة تحالفات مع عناصر الادارة الاهلية والكيانات المسلحة  وبعض المدنيين في مجلس السيادة واحزاب وقيادات في “الحرية والتغيير”. وهو يقول للجميع بهذا اللقاء انه ليس معزولاً تماماً كما يعتقد البعض، او انه يمكن  الضغط عليه من خلال التكتلات السياسية.

لكن مستقبل العلاقة بين الشيوعيين ورئيس الوزراء، والتي يعتقد البعض ان مستشار رئيس الوزراء السياسي ياسر عرمان قد يكون قد لعب فيها دوراً، يتوقف على المكاسب السياسية التي يمكن ان يجنيها الحزب. علما انه لا يمكن ان يلتحق بالسلطة في ظل وجود سياسات اقتصادية معلنة تتعارض مع خطه السياسي المعلن ايضاً. كما انه لا يمكن ان يتخلى عن دعوته لاسقاط النظام، بناء على تفاهم حول اشياء لم تكن  مواقف الطرفين فيها  متباعدة الى درجة كبيرة، مثل قضية استعادة النقابات. في الوقت الذي  تبقى فيه نقاط الخلاف الجوهرية بلا حلول.

فاللقاء غير مفهوم من هذه الناحية، ولا تفسير له بعيد عن حقيقة ان لا احد يريد ان يتحمل مسؤولية  اغلاق باب الحوار في وجه الآخر، كذلك الايحاء للخصوم المشتركين  بان الخلافات بينهما مقدور عليها ويمكن حلها عبر التفاوض.  اضافة الى اعطاء انطباع ربما ان الحزب قد يغير استراتيجيته بطريقة تبقيه على مسافة غير بعيدة عن دائرة القوى السياسية المساندة للسلطة.

 كما ان للخطوة تاثيرها على حراك الشارع، وربما تدفع الاجسام الثورية ممثلة في لجان المقاومة، الى اتخاذ مواقف سلبية من دعوات الخروج الى الشارع.  لكنها من غير شك ستخلق فراغاً في المعارضة،  قد تشغله العناصر الموالية للنظام السابق، في ظل تصاعد الازمة الاقتصادية الطاحنة التي اخذت تتمظهر في حالات الانفلات الامني في عدة مدن، خاصة العاصمة الخرطوم. وهذا في وقت تتصاعد فيه اسعار السلع الضرورية وتصبح الحياة معها جحيماً لا يطاق. كما ان السلطة اخذت تلاحقها شبهات الفساد في مرافق مهمة يعتمد عليها اقتصاد البلاد، وتتكاثر اخطاء المسؤلين الى جانب تهافت الاحزاب والمحاصصات التي يزكيها قرب موعد تكوين المجلس التشريعي وتعيين حكام الولايات.

 ولا يلوح اي بصيص  امل في آخر النفق المظلم، غير الوعود التي يطلقها رئيس الوزراء في تغريداته على مواقع التواصل الاجتماعي بالعبور والنصر،  والتي تحولت الى مثار سخرية على تلك الوسائط. مما يؤسس لعلاقة بين السلطة والجماهير، لن تلبث ان تتحول الى موقف سياسي.

 *********************************************

مقتل 22 شخصاً وإصابة 79

إثر انفجار في لبنان

بيروت ـ وكالات ‏

ارتفع عدد القتلى في لبنان، الى 22 قتيلا على الأقل وإصابة 79 بجروح، ‏إثر انفجار صهريج وقود في منطقة عكار شمال لبنان، يوم أمس.

فيما أصدرت رئاسة مجلس الوزراء في لبنان، مذكرة إدارية قضت بـ”إعلان الحداد الوطني وتعطيل الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات، يوم غداً الثلاثاء، وذلك بعد فاجعة انفجار عكار”.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن “ظروف الانفجار غير ‏واضحة”، مشيرة إلى “أن أغلب الضحايا والمصابين كانوا ممن تجمعوا حول الخزان لتعبئة ‏الوقود”.‏

ولم ترد أية تفاصيل حتى ساعة إعداد هذا الخبر في ساعة متقدمة من امس، عن سبب الانفجار الذي وقع في وقت يعاني لبنان منذ ‏أسابيع طويلة من نقص في المحروقات، ينعكس سلبا على قدرة المرافق العامة والمؤسسات ‏الخاصة وحتى المستشفيات على تقديم خدماتها.‏ وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على منصات التواصل حريقا كبيرا في موقع الانفجار. وقال رجل ‏في شريط فيديو نشرته إحدى وسائل الإعلام المحلية ولم يكن في الإمكان التثبت من صحته بشكل ‏مستقل، “انظروا كيف تحترق الناس”.‏

من جهته، وجه وزير الصحة اللبناني حمد حسن، عبر قناة “الجزيرة”، نداء لإجلاء جرحى انفجار بلدة التليل في عكار، إلى خارج لبنان.

وأعلن حسن أن عدد القتلى ارتفع إلى 22، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 79 بانفجار خزان المحروقات في بلدة التليل بمنطقة عكار شمالي.

بدروه، ناشد الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، جميع الجمعيات والمنظمات الدولية العاملة في لبنان، تسليم ما توافر لديها من أدوية وأمصال ومستلزمات طبية خاصة بمعالجة الحروق من الدرجة الثانية والثالثة إلى مستشفيات عكار وطرابلس.

وأعلن خير بعد جولة في مستشفى السلام في طرابلس “وجود اتصالات مع تركيا، ومحاولة التواصل مع مصر لنقل الحالات الخطرة إلى الخارج”.

وانفجرت ليل السبت، خزانات وقود في بلدة التليل عكار شمال لبنان، كانت مخبأة في قطعة أرض بالبلدة، بعدما صادرها الجيش اللبناني، وبدأ بتوزيع محتوياتها بحضور 200 شخص تقريبا.

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون طلب إجراء تحقيق لكشف ملابسات انفجار عكار، كما دعا إلى استنفار الأجهزة الأمنية والطبية بالمنطقة.

ويعاني لبنان حاليا نقصا حادا في الوقود، وشهدت البلاد في الأيام الأخيرة حوادث خطف صهاريج، ما دفع الجيش اللبناني إلى الإعلان أنه سيداهم محطات الوقود والمستودعات، وسيصادر أية كميات مخبأة ويوزعها على المواطنين.

ويتخبط لبنان في أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850، ‏تسببت بفقدان الليرة أكثر من 90 بالمئة من قيمتها، فيما بات 78 بالمئة من اللبنانيين يعيشون ‏تحت خط الفقر و36 بالمئة في فقر مدقع، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.‏

 ************************************************

الصفحة الثامنة

عن رحيل أبو خلود

وحب الشيوعيين للحياة

يوسف أبو الفوز

عادة، عند استشهاد أو رحيل أي رفيق شيوعي تنبري الأقلام للكتابة عنه، عن مآثره وبطولاته، وعن شدة «التصاقه» ـ بالحزب ـ و.

بالطبع، لا يمكن الاستهانة أبدا بإنجازات أي مناضل وكذا إهمال الإشادة بمواقفه وتضحياته وثباته على مبادئه، لكننا للأسف كثيرا ما نهمل «الانسان» في أحاديثنا عن أحبتنا ممن يغادرونا، فحياة الشيوعي ليس فقط السجون، التعذيب، المشانق، العمل السري، الكفاح المسلح، الغربة والمنافي!

خلال حياة المنفى، لاحظت وعايشت، أن الاوربيين ــ والفنلنديين منهم حيث أعيش ــ، وبعد مراسيم دفن ميت لهم، والعودة من المقبرة، في نفس اليوم، أو بعد أيام، يلتقون لتأبينه في مطعم أو قاعة، حيث يتم يتناول الحديث عن «الجوانب الإنسانية» من حياة الميت، خصوصا الطرائف والمفارقات التي عاشها، والتي بعضها تطلق ضحكات المشاركين في الحفل التأبيني بما في ذلك أهل الميت.

سأحاول هنا تجنب «لغة الالتصاق»!، لنتحدث عن جانب مشرق في حياة النصير الشيوعي أبو خلود ـ عبد الخالق حسين، الذي رحل عنا مؤخرا في موسكو، محل أقامته، متأثرا بمرض عضال.

هنا، أجد من الواجب الإشارة إلى حب الراحل أبو خلود للحياة وتعلقه بها وبتفاصيلها، وكيف تميز بذلك بين إقرانه. أجد أن هذا مهما جدا، أمام قسوة الموت، هذا الزائر الثقيل، الذي لم يمهله لمواصلة رحلته، وسرقه منا ومن عائلته وحرم محبيه من جوانب إنسانية مشرقة في شخصيته كانسان، ولنؤكد بهذا، على كون الشيوعي أنسانا، معني بجمال الحياة، قبل ان يكون منشغلا بقضايا وأسئلة كبرى. 

لن نختلف بأن رحيل الرفيق أبو خلود كان مؤلما للكثيرين، خصوصا لمن عرفه عن قرب. فبعد سماعي للخبر هاتفت بعض الأصدقاء والرفاق المشتركين، ممن عشنا لفترة معا، في اليمن الديمقراطية في منطقة واحدة، والتقينا لفترات في كردستان وخارج كردستان، وتبادلنا التعازي وتحدثنا بمحبة عن الراحل. أتفق الرفاق معي في الحديث بكون أبو خلود تميز بكونه لم يثر يوما زعل أو غيظ أي من معارفه ورفاقه ممن عاشرهم. وإذ كان نشطا حيويا، يؤدي مهامه بنكران ذات، حرص على اثارة الابتسامات من حوله والاحساس بالتفاؤل بين من عرفه. وبعد التحاقه بقوات الأنصار الشيوعيين، قادما من اليمن، عمل مخابرا لاسلكيا في قاطع أربيل، حتى مغادرته كردستان. وكان رفاقه المخابرون في المحطات الأخرى، يعرفون ضحكاته وتعليقاته المتفائلة، التي تصلهم عبر الاثير.. « مهما كانت الأوضاع صعبة « كما عبر عن ذلك الرفيق أبو نسرين المخابر (نمير أسعد). أحبه رفاقه لتميزه بدماثته وحبه للمرح وكونه ذا معشر حلو، فلطالما ما اشترك في حبك مقالب طريفة لرفاقه، مما جعله هدفا لمقالب انتقامية مماثلة، وثمة امثلة يصعب روايتها، وابسطها تنكره يوما بعباءة امرأة في مقلب لاحد رفاقه المقربين!  

وصلت شخصيا صحراء اليمن، تحديدا إلى مدينة عتق مركز محافظة شبوة، في آذار عام 1980. مع مجموعة من الرفاق الرائعين، سمونا في عدن لفترة بـ “المجموعة الكويتية»، لأننا وصلنا إلى عدن قادمين من الكويت، ولكوننا وصلناها متنكرين بالزي الخليجي، دشاديش ويشماغ وعقال وبعض الكلمات الخليجية المترسبة في حديثنا، ووصلنا بطريقة تهريب تشبه الأفلام السينمائية. أن مجموعة «الرفاق الكويتيين» لا يزالون احياء ـ لهم العمر الطويل ـ وقد يقرأ بعضهم كلماتي الآن، لكنهم تبعثروا في كل بقاع العالم. يومها تم تنسيبنا للعمل كمعلمين في محافظة شبوة، ورغم اننا في موسم الربيع، لكن صحراء اليمن لم ترحمنا بسعيرها ورمالها في طريقنا المتعب والطويل ونحن قادمين من عدن بالسيارات. استقبلنا من سبقنا من الرفاق العاملين في عتق بترحاب حار يشبه الاحتفال، فنحن قادمون محملون بالرسائل، المجلات والصحف وبالكثير من اخبار العاصمة والمعلومات الرسمية والأهم «غير الرسمية». كنا متعبين وبحاجة للاستحمام. ووجدنا ان الرفاق في عتق لديهم نظام خفارات يومية لأجل خزن الماء، فهو يصل بساعات غير معلنة، ولفترة قصيرة، وعليهم ان يكونوا مستعدين لملأ كل ما يكون تحت أيديهم من أوعية وقدور وغلايات واكياس نايلون حتى. وعرفنا فورا بأن من ينجح في الاستحمام لمرتين في الاسبوع يسمونه «بطة». بين الرفاق كان ثمة شاب نشط، مرح، عرفنا ان أسمه «أبو خلود» يتحرك مثل الرمح بقوامه الرشيق وابتسامته العريضة. كان أشهر «بطة» في عتق، اذ يعرف كيف يخزن الماء للضرورات ولا تفوته مواعيده، وكان منقذ « الرفاق الكويتيين» يومها ليقدم لنا شيئا من مخزونه السري من الماء، لنغسل وجوهنا فقط، ولنستحم على طريقة رواد الفضاء: تبلل أطراف منشفة تمسح بها جسدك!

كان الرفيق الراحل أبو سناء (نجاح السياب) يقول عن أبي خلود: «شاغول»، فكان عبد الخالق لا يعتذر عن تنفيذ أي طلب بالمساعدة لأي من رفاقه. ويوما، في عتق، طلبت منه أحد الرفيقات ـ أعتقد الرفيقة أم ظفر زوجة الرفيق الشهيد أبو ظفر ـ فحص المكواة التي توقفت فجأة عن العمل. كان أبو خلود ماهرا في شؤون الكهرباء، فأفترش الارض لأكثر من ساعة، بعد أن فرش أمامه جريدة، وفكك المكواة واستخرج كل احشائها وامعائها وبراغيها أمام انظار الجميع. ثم ركبها من جديد، واشتغلت بأحسن ما يكون. لاحظت الرفيقة صاحبة المكواة بعض «البراغي» ظلت على الجريدة لم يقم بإرجاعها للمكواة، فسألته:

ـ وهذه البراغي شنو!

ـ يبدو ان هذه زايدة، أكو خطأ بالتصنيع!

كان أبو خلود محبا للحياة، مهموما بتفاصيلها وشواغلها.

وهكذا كان أبو كريم صاحب التعليقات اللاذعة. هكذا كان ابو أيار ـ فؤاد يلدا، ملك العبث في وادي مراني، هكذا كان روبرت ـ خليل اوراها. وهكذا كان ....

المجد والخلود والذكر الطيب دوما للشيوعيين الشهداء والراحلين محبي الحياة وتفاصيلها العذبة.

لترقد روحك رفيقنا العزيز أبو خلود بسلام.

 ***********************************************

ترى هل سافرت ليلى ؟؟

وداعاً اختي أم منهل

جمال العتابي

ماكنت أحسب يا أختاه، ليلى يا آخر العنقود، أن أمشي بجنازتك، أحملك، و جديلتك المضفورة تدثر كتفي، كظلال تحميني من حر القيظ، وتشب بصدري الآهات،

أنا الذي حملتك ساعة ولادتك إلى مهدك الأول، ليس سوى صوت الأم، تدفع المهد بهدوء، تراقب دفء القماط، تخاف على مولودها من الرعد والريح التي تفترس الضلوع، أمهاتنا يلدن دونما ضجة، ودونما صخب، يحملن أوجاعهن لوحدهن، ويودعن أسرارهن بصمت، يشتهين لحظة الوحام أن تمطر السماء لتغيث مافي البطون، يوم كانت حبّات العنقود تلتمّ خشية الإنفراط حول (صوبة وحيدة ماركة علاء الدين) تتوسط الغرفة، يالقسوة برد كانون الثاني من عام 63، كان الجو غائماً وزمهريراً يطحن العظام، وراعي العنقود في سجن الكوت، في عهد الجمهورية الأولى، إعتاد أن يختار  أجمل الأسماء لأبنائه، ويسجل أدق تفاصيل الولادات في مفكرة جيب لا تفارقه. فيها وقائع عن مواسم وظواهر كونية (موعد حصاد الحنطة، زراعة البرسيم، ظهور نجمة سهيل، وطلوع الثريا).

ترى من يختار إسم القادم الجديد هذه المرة؟ ساعتها كانت أغنية (الليل لما خِلي) لمحمد عبد الوهاب تنساب ناعمة هادئة، تبعث على الحنين، وتوقظ الأشواق في الحنايا، والليل حالك الظلام، وياهولها الأيام تلك، كانت تنذر بقادم آخر، من عصر الظلمات، له أضراس ذئب يريد أن ينهش في الوجوه، ويفترس الرؤوس، الموت على الأبواب، والشراك منصوبة لا تنحني للريح، تصطاد ما تشاء.

كنتِ نرجسة (ياليلى) بطفولتك، هكذا إتفقنا، كأنك رحيق غصن تفاح، إن صرختِ أو تضورتِ من عطشٍ وجوع، أستجير بأغنية(صباح الخير يالوله)، أدعها تنهمر عليك مثل غيث، لأبعد عنك الضجر، الأغنية (يالوله) تغسل وجهك في الصباح، يشرق بها بإبتسامة، تتوحدين بفرح مع صوت (ملك)، وتنتشين، وتضحكين كأنك طير ماء، كبرتِ، ونما غصنكِ الطري كريحانةٍ تحت سقف البيت الذي إمتلأ ببهاء عينيك.

عشر سنوات يا بنت أمي، وأنت تتلاوين مع قاهر شرس، اسمة الداء الخبيث، تزرعين الصبر برباطة جأشك وصمتك الأسطوري، كنت في الجولة الأخيرة قد أعلنت التنازل،  شعرتُ لحظتها أن  الموت يزحف اليك دونما رحمة، قالت لي وهي تسحب أنفاسها  بصعوبة بالغة إنها الجولة الأخيرة (يا ضوه عيوني)، هي مسك الختام! حينها بدأت الأرض تميدُ بي، وجسدي يغلي كالهجير.

 أسمع صوت أمي من بعيد : من هم هؤلاء الجناة؟؟ يريدون أن يخطفوا حبيبتي، طائري الجميل، ما سمعت غير آآآآه بعيدة تذيب الصخر والعظام : عينكم عليها... بنيتي!!!

من أين لك كل هذه المطاولة (يا خيتي)، من أين؟؟ وانت تكابدين الألم، تقايضيه بالأدعية والصلوات، أوالهروب من قاتل يتوعدك. تمكّن منك عند خط النهاية.

حناناً أيتها الأرض، رفقاً بها، فهي وحيدة متعبة.

 *******************************************

ذكريات من حياة المناضل الكبير ومربي الأجبال في سجن نقرة السلمان يحي ق عبد الواحد

مجيد دبه*

بعد انقلاب  شباط الاسود ١٩٦٣ القي القبض عليه في مدينته الموصل  وبعد التعذيب الوحشي ألذي تعرض له من قبل مجرمي الحرس القومي  حكمت عليه المجالس العرفية بتهم واهيه ملؤها الحقد والكراهية والانتقام لكونه وطنيا ومربيا  كبيرا للأجيال  وتحمل  الكثير من سنين السجن و كان مصيره سجن نقرة السلمان فأودع في رده رقم ١  لكونه كبير السن ناهز ٨٠ عاما، ولشدة أمراضه وعدم قدرته على الحركة إلا قليلا، تهيأ له الرفيق صالح الشايجي من مدينة الزبير وقدم له كل ما يحتاجه من الخدمة ولهذا أعفي الرفيق صالح من كل خفارات العمل في السجن.

  في يوم من أيام السجن اجتمع الرفاق وأعني بهم لجنة التنظيم الحزبي  وكتبوا  مذكرة  سياسية شديدة  اللهجة تخص  أوضاعنا الصعبة في السجن وعرضت المذكرة على كل الرفاق في السجن مكتوبة في الجريدة الصباحية، وطالب جميع الرفاق ان تكون  المذكرة أشد لهجة فأعيدت كتابتها  وأرسلت إلى وزير الداخلية عن طريق إدارة السجن، وبعد مطالبات عديدة  جاء وزير الداخلية  وحددت اللجنة موعد اللقاء في اليوم الثاني بغية ترتيب أمور السجناء،  “فسمحت” له اللجنة الادارية بالدخول وهذا أمر غريب أن يحدد السجين موعد دخول وزير الداخلية إلى السجن وهذا يؤكد القوه الكبيرة التي يتمتع بها السجناء من خلال  وحدتهم السجنية  الفكرية والتنظيمية، وجلس كل السجناء على فراشهم هادئين ملتزمين بتعليمات التنظيم، و كان برفقة الوزير الرفيق المقدم ابو محمد مسؤول التنظيم  وبدأ الوزير بالتفتيش من ردهة  رقم واحد  للاطلاع على اوضاعنا.  ولما وصل الوزير برفقة الرفيق ابو محمد إلى فراش المناضل يحيى ق الذي كان نائما سأل الوزير الرفيق ابو محمد من هذا السجين المسن قال له الرفيق ابو محمد هو الاستاذ والمربي الكبير المعلم الاول في مدينة الموصل والمحكوم عليه بدعاوى كثيرة، فطلب الوزير من الرفيق أبو محمد ان يوقظه من النوم فسلم الوزير على الأستاذ يحيى ق فرد السلام وسأل الرفيق أبو محمد.. ابو محمد من هذا؟ أجابه انه وزير الداخلية فرحب به الوزير سائلا عن أحواله فرد عليه يحيى بانه مرتاح والرفاق يخدمونه أحسن خدمه لكنني أي يحيى ق رأيت في منامي هذه الليلة أن ثورة حدثت وشارك فيها كل الشعب وألقي القبض عليك وعلى كل مسؤولي الدولة وأتوا بكم إلى هنا في نقرة السلمان وادخلوكم السجن وتم تحريرنا فتبرعنا لكم بأفرشتنا.  سكت الوزير ولم يتكلم ولم يتحقق أي مطلب من مطالبنا وبقت وحدتنا السجنية شعلة وهاجة تنير صحراء السلمان.

هذا الجزء الاول من قصة المناضل يحيى ق أبو سعد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

* سجين نقرة السلمان

شيء من تاريخ العراق الحديث

 ديمقراطية للكشر

ناصر حسين

المعروف أن العراق شهد عندما كان كلكامش ملكا لمملكة الوركاء، تأسيس أول برلمان في تاريخ المجتمع البشري المكتوب إذ تكون من مجلس الشيوخ ومجلس المقاتلين. وبقيت تلك حالة فريدة فقد انتهت ملوكية كلكامش للوركاء على يد ملك مملكة كيش وتوالي السيطرات الأجنبية على العراق خصوصا بعد دخول هولاكو بغداد عام 656 هجرية وفقدان العراق لسيادته واستقلاله السياسي حتى قيام النظام الملكي عام 1921.

النظام الملكي سن دستورا واسس برلمانا يتكون من مجلسين: مجلس النواب ومجلس الاعيان.

الدستور كان ينص على أن أعضاء مجلس الأعيان يختارهم الملك، أما أعضاء البرلمان فينتخبون على مرحلتين مع احتفاظ الملك بعدد من المقاعد يختار هو شاغليها دون المرور بصناديق الاقتراع.

الرصافي في قصيدته ((أنا بالحكومة والسياسة أعرف)) وصف الدستور والبرلمان وحتى العلم بالقول:

علم ودستور ومجلس أمة                   كل عن المعنى الصحيح محرف

من يقرأ الدستور يعلم أنه                          وفقا لصك الانتداب مصنف

عام 1954 أجرى النظام انتخابات لعضوية ((مجلس الامة)) وفاز بعضويته ممثلا للمعارضة الوطنية أحد عشر نائبا, أضيف لهم فيما بعد نائب مستقل عن مدينة الموصل كان اسمه سامي باش عالم على ما أتذكر.

شق ذلك على مهندس سياسة النظام وعمود البيت كما يقال المقبور نوري السعيد فغادر العراق ليقيم في باريس، وكان ذلك صعبا على النظام فتوجه الوصي على العرش وولي العهد عبد الإله إلى باريس لإرضائه ودعوته للعودة إلى العراق فأصر على أن عودته يجب أن تقترن بإقالة الوزارة وتكليفه هو برئاسة مجلس الوزراء مع منحه الصلاحيات المطلقة في ادارة الدولة العراقية وكان له ما أراد.

وحال تشكيله الوزارة قام بحل البرلمان الذي لم يعقد غير جلسة أداء القسم وقرر عام 1955 إجراء انتخابات لمجلس جديد. وكان واضحا أنها ستكون انتخابات مزيفة خصوصا وأنه أصدر عدة مراسيم تقضي بـ:

- إلغاء إجازة الأحزاب المجازة.

- إلغاء إجازة النقابات المجازة.

- إلغاء إجازة الصحف المجازة.

- تعديل المادة 81 من قانون العقوبات البغدادي لتنص على الحكم بالسجن وفقا لتهمة

(وما أشبه ذلك).

وعليه قررت أحزاب المعارضة مقاطعة تلك الانتخابات وقاطعتها فعلا.

ولم تكن تلك المقاطعة فرصة للاعتكاف في البيوت وترك نوري السعيد يفعل ما يشاء. وجاءت الفرصة عام 1956 لمنازلة كبرى مهدت الطريق لإسقاط النظام عام 1958 بقيام ثورة الرابع عشر من تموز بعد ان تم استكمال مستلزمات الاسقاط بقيام جبهة الاتحاد الوطني عام 1957 وتوحد منظمات الضباط الاحرار وكانت عديدة: احداها بقيادة الشهيد وصفي طاهر اخرى بقيادة الزعيم الركن محي الدين عبد الحميد، ثالثة بقيادة الزعيم الركن ناجي طالب آمر اللواء الخامس عشر في البصرة، رابعة بقيادة رفعت الحاج سري…… الخ، وقد اتفق حينه على تشكيل قيادة موحدة برئاسة الشهيد الزعيم الركن عبد الكريم قاسم باعتباره اقدمهم رتبة.

لم يندم أحد من الأطراف التي قاطعت انتخابات عام 1955 وما قال أحد ما كان ينبغي الاقدام على المقاطعة.

وما زلت اتذكر ما ورد في وثيقة تقييم سياسة الحزب التي عرضت على الكونفرنس الثالث للحزب اواخر عام 1967 واقرت ثم عرضت على المؤتمر الثاني للحزب آب- ايلول / 1970 وأقرت ايضاً من اننا حزب ثوري لا نلطم الصدور على خسارة معركة، ان الخسارة الاكبر هي ((ضياع التجربة)).

لقد قدرت القوى الوطنية عام 1955 بان الانتخابات ستكون مزيفة ولهذا قررت مقاطعتها اذ ان الاسهام فيها كان يعني اعطاءها التزكية والشرعية واذكر هنا مثلا على ما شابها من تزييف:

منطقة الجبور في قضاء ابي صخير كان تصويتها في أحد الصناديق الانتخابية في مفترق طريق غماس من طريق النجف – ديوانية قريبا من منطقة سكناهم ففضلوا ان يتوجهوا للتصويت عصر يوم التصويت / العام 1955.

عصرا تجمعوا في مضيف الشيخ ورفعوا بيرق العشيرة وتوجهوا يرددون الهوسات الشعبية باتجاه مكان التصويت.

عندما أصبحوا قريبين جدا من المكان توجه إليهم ضابط الشرطة المسؤول عن التصويت في ذلك المركز الانتخابي بالسؤال ((جئتم تريدون التصويت أم إتعابي أنا)) أجابوه ((جئنا للتصويت)).

فأوضح لهم أنهم إذا كانوا يريدون التصويت فليعلموا ((ان اذاعة بغداد، وفي نشرتها الاخبارية في الساعة الثانية بعد الظهر، اعلنت عن فوز الشيخ …. من هذا الصندوق بالذات)).

طووا بيرقهم وعادوا إلى بيوتهم.

وكانت انتخابات وديمقراطية ينطبق عليها وبحق، ما كتبه اواخر عام 1959 الرفيق المحامي نصيف الحجاج على صفحات جريدة المنطقة الجنوبية للحزب الشيوعي العراقي وكان حينها رئيسا لتحريرها تحت العنوان:

الصفحة العاشرة

ضد المنظومة الحاكمة: اختلال القيم ووضوح الرؤية

د. حسن خليل*

 لا يمكن لأي اجتماع بشري أن يستمر من خارج مفاهيم ناظمة أو آليات. فمحرك الحياة البشرية ومطوّرها كان ذلك “الاجتماع – الحاجة”، الذي فرض حتمية التلاقي، سواء ما كان بحكم الواقع وضروراته أو بفعل تبدلات، طبيعية كانت أم قسرية، فرضت تغيير الايقاع أو استبدال المناظير التي كانت تحدد الاتجاهات.

لقد سقطت البشرية مراراً، وفي محطات كبيرة، في فخ ازدواجية المعايير أو اختلال القيم، والتي أضحت ساحة مواجهة تستخدم فيها كل أنواع الإرتكابات والاستغلال بقصد الهيمنة والتشويش. نحن، نعيش اليوم في عالم يعاني مفاهيم متقلبة؛ فلكل منطق سياسة ولكل قضية دليل ولكل نظام ممارسات. لقد انقسم العالم منذ وجوده إلى خيمتين متناقضتين “الخير والشر”، وحولهما اصطفت الأمم والشعوب في تعارض حاد أزهق الأرواح وعمّق الانقسام. وإذا دققت جيداً في ذينك النقيضين ستجد بأن طبيعة ذلك الانقسام كانت، بالأساس، غير واضحة، لا بل أن نسبيتها تغوص في الارتباك والاستغلال والضياع حدّ الشبهة. فليس لأي معسكر من المعسكرين أساسه العلمي الواضح ولا ارتكازاته الأخلاقية الناظمة لسلوكه، بل كانت الدماء والمصالح، دوماً، هي حدّ التفسير وحدوده ليسود الانقسام وفق منطق القوي.

اليوم، يخوض العالم مواجهة، عناوينها ليست جديدة، بل متوارثة ومتتابعة؛ إمبريالية غربية بزعامة أميركية، تستبد وتحوّر وتفتري، تجوّع وتقتل وتحاصر وتسطو على البشر والممتلكات. جبروت متعاظم حدّ البلطجة المكروهة والمتفلّتة من كل أخلاق وقيم وعقاب، تضع البشرية في مهب إعادة الفرز والتقويم، مجدداً بين خيمتين، هي في واحدة والآخرون في أخرى مسبغة عليهما المواصفات. لقد وقعت البشرية في فخ الابتذال المفضوح لأصحاب البدلات الأنيقة، فاختلّت القيم. لقد أنتجت تلك العقلية، إلى جانب الحروب والقتل، الكثير من المصطلحات المنمّقة جاعلة منها ضيفاً مرحباً به في أي دار أو عقل أو سلوك. لقد أفضت تلك المصطلحات، والتي أُدخلت عنوة إلى عقول الناس ومن غير استئذان، إلى تغيير جوهري في منطق المقاربة العلمية للشعارات والقضايا والقيم والمفردات... واستكمالاً للسلوكيات المفترضة أو الواجب فعلها.

لقد سقطت النخب في مأزق الالتباس القاتل، بين ما يجب فعله وبين ما هو متاح، فانحازت إلى الخيار الثاني عبر انخراطها بالسلوكيات والمفاهيم السائدة وتبني معظمها. وهذا ما بدا جلياً منذ تسعينيات القرن الماضي. لقد أغشت شعارات، قيد التكوين والتدوير كمثل الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات والتعبير... بصيرة العديد من المفكرين والسياسيين والقوى التي حاولت التبرؤ من الذي كان سائداً قبل الانهيار الكبير. فعن قصد أو عمداً أو بمحض الصدفة، كانت تلك المفاهيم تجد بيئتها المريحة في معسكر اليسار لتسبح في بحار المفاهيم الملتبسة، ولتعب من إرث حاولت إسقاطه على واقع أضحى قيد التغيير بدوره، أو لتحجز لها مقعداً في مركب الآتي من الأيام. لقد أودت تلك الاستدارة بالكثير من القضايا الحقيقية في مهب إعادة التشكيل والتموضع، سخّرت في خدمة رأسمال متفلت وفالت؛ فمتى اختّلت القيم والقضايا حتماً ستصبح الرؤية واضحة لمن يريد أن يرى أو يسمع أو يبادر.

لم تكن الصورة أوضح كما هي عليه منذ التسعينيات وحتى اليوم: عالم يمشي على رجل واحدة ويرى بعين واحدة ويعمل بمنطق واحد وبإدارة معلنة، هي الإمبريالية الأميركية وأساطيلها وحروبها وبنكها الدولي ومؤسساتها المالية، هي الإرهاب والقتل والحصار والغزو والإعلام المسيطر عليه... أليس ذلك واضحاً وضوح الشمس؟ انقسامات وتوترات طائفية ومذهبية وعرقية، انهيارات اقتصادية ونهب وتجويع... أليس هذا ما كانت عليه يوميات عالم ابتلي بلوثة النظام الحر وأفكاره وسلوكه وممارساته. انحرافات وأفعال توبة وانزياح عن مسار التحرر لمصلحة المساكنة بين المتناقضات والفردانية والإطاحة بقيم التغيير والتموضع السياسي واللجوء إلى الرمادية في المواقف... ألم يكن ذلك نهج قوى أسرعت إلى تغيير جلودها وتلت أفعال الندامة؟

وفي بلادنا المترامية بين المحيطين والمطلّة على قارات ثلاث، ألم تكن هزيمة حركة التحرر الوطني العربية وقواها واضحة وجليّة، عندما هرولت النظم الحاكمة وأحزابها صوب التسويات، وفتح أفق الحلول تحت هدير الدبابات القادمة من الغرب والأساطيل التي غصّت بها البحار، والسماء المغطاة بالطائرات المحملة بالقنابل والقتل والتدمير... ألم يكن ذلك بائناً هو أيضاً؟ وفي لبنان حين سقط مشروع المقاومة الوطنية في فخ النظام السياسي الوليد، بنتيجة تسويات المصالح بين أصحابه من ملوك المال والطوائف والذي فتح الباب أمام اصطفاف سياسي جديد مهجّن، بين رأسمال قادم بوظيفة محددة وقوى سياسية متوارثة وأمراء حرب تعرضوا لإعادة التدوير ليصبحوا بربطات عنق وتسريحات جديدة، ومعهم خطَّ الطائف خطواته الأولى، مرتكزاً على مهام مفصّلة لوظائف سياسية مفترضة محمّلة على ظهور البواخر والأساطيل في زمن التفاوض المفتوح على كل الجبهات والسلام المزعوم، وهنا أيضاً، ألم تكن الرؤية جيدة؟

نؤكد مجدداً، أنه بالرغم من اختلال كل تلك القيم والقضايا، وفي كل تلك المحطات كانت الرؤية جيدة. وعليه لماذا الإمعان في حرف النظر باتجاه مغاير لحقيقة المواجهة؟ العدو الرئيس هي تلك الإمبريالية، الخالية من القيم وأيضاً من الأخلاق، وصاحبة السلوك الأرعن وهذه مسلّمة بديهية. التناغم معها أو مع نتاجها أو مؤسساتها سيصبح مدعاة شبهة. نحن وإياها على طرفي نقيض بنيوي ومفهومي وأخلاقي وفكري وسياسي... فهذا المسار، لم يكن إلّا في موضع مساءلة أو التباس. فالنظم السياسية المتحكمة، في أكثرية بلداننا العربية ولبنان أيضاً، لم تكن في يوم من الأيام إلّا الناتج الطبيعي لمسار الهيمنة الذي مارسته القوى الغربية، وبالتالي كسر تلك النظم أو تعطيلها لا بدّ وأن يصرف في ميزان المعركة الأساس. وعلى ذلك المنطق تتكامل المواجهة وتكتمل، وأي التباس أو عدم وضوح سيكون مرده إلى اشتباه مقصود ومفعول فيه ومعمول عليه. لن تقوم مواجهة واضحة من دون تحديد مسألتين أساسيتين: من هو العدو ومن هو الصديق، ومن هم المرتبطون بطبيعة وأهداف كل منهما، إذ لا يمكن أن تكون مع الجميع وضدهم في الوقت نفسه.

فمما لا شك فيه، إن حجم الاشتباك الكبير يستوجب منظوراً مكبراً كي يرى بوضوح وبتفصيل؛ فالتشخيص المرتكز على البيانات أو التدقيق في الأعراض الناتجة وربطها بمنطلقاتها سيكون الأساس المؤدي إلى فهم الحقيقة، ولا يمكن أن تخطّ سياسات تحالفية قائمة على المزاج أو سوء الرؤية واضطراب التحليل. فليكن التفكير والمبادئ والمصالح في مكان واحد، عندها لا تخشى من الارتباك، لأنه لا يمكن أن يكون العقل في اتجاه وما تريده في آخر، كما لا يمكن أن يكون السلوك في اتجاه مغاير. اتضاح الصورة مرده إلى زاوية الضوء المعتمد عليها. اليوم، الخطر الأكبر هو ذلك التدخل الخارجي، – الغربي تحديداً – في بلادنا، وأدواته ومرتكزاته. وعليه يكون الموقع الأنسب هو الجهة المقابلة له، والمتناقضة مع كل منطلقاته، والتي ستضم كل من يمتلك آليات المقاربة التي اعتمدت في فهم التوصيف. فلا يجب أن نقع في خوف ممن ربما سيكونون على الضفة نفسها، فما دام التناقض بنيوياً ناتجاً من قراءة موضوعية لمنطلقات الخصم، تصبح الموقعة شديدة الوضوح بحكم التموضع القائم. فالاستمرار في المراوحة، وتوسيع الأهداف والشعارات أبعد من القدرة على الوصول إليها، كما الغرق في التنظير المؤدي إلى اختلال الفهم والانحراف عن مسار بدا واضحاً لمصلحة آخر غير متبلور... كل ذلك سيبعدك عن خطّ خطوط المواجهة الحقيقية، وستختلط عليك المواقف وتضيع البوصلة...

لنا في الحقل حصة، يجب أن نأخذها، ونعمم مردودها ليستفيد منها شعبنا، بدل الصراخ غير المجدي في العتمة...الديمومة في العمل والاستمرار فيه لن يكونا بالتعاقد أو بالمفرد بل بالجملة. وعليه لا يمكن بناء ومواجهة ثابتة وواضحة الأهداف والمعالم من دون تجذير الموقف وتقويته بمنطلقات صلبة كي لا ينكسر؛ الفساد هو عارض وليس المرض، كما الاستدانة والمحسوبية وهدر المال والنهب والسلب... معالجة الأعراض ربما ستكون ببعض الأدوية، أمّا المرض الحقيقي فهو المنظومة الحاكمة، بنظامها السياسي وقواها ومرتكزاتها ووظيفتها ودورها، عند ذلك التحديد لن يرتبك الموقف أو يلتبس. الخروج من شرنقة المراوحة أو التقليد وعدم الإقدام بات ضرورياً، فلنكسر ذلك القالب المتوارث كي نرى الشمس بوضوح: ليس في الأمر صعوبة، فلنبادر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني

من موقع الحزب الشيوعي اللبناني – 13 آب 2021

***************************************

لنقرأ ماركس وانجلز معا

ماركس والممارسة الثورية

ثامر الصفار

ضمن مسعى سابق لإعادة ترتيب أطروحات عن فيورباخ لتسهيل فهمها، أطرح أمامكم المجموعة الثانية التي تضم الأطروحات الأولى والخامسة والثالثة.

المجموعة الثانية: ماركس يقابل تفكير فيورباخ بالممارسة الثورية

الأطروحة الأولى: «إن النقيصة الرئيسية في المادية السابقة بأسرها - بما فيها مادية فيورباخ - هو أن الشيء، الواقع، الحسية، يتم تصورها فقط في شكل موضوع، أو في شكل تأمل، لا بشكل نشاط إنساني حسي، ممارسة، غير ذاتي. ومن ثم، بخلاف المادية، فإن الجانب النشط [العملي] تم تطويره بشكل تجريدي فقط من خلال المثالية - التي، بالطبع، لا تعرف النشاط الحسي الحقيقي كما هو في الأصل. يريد فيورباخ أشياء [موضوعات] حسية، متميزة حقا عن موضوعات الفكر، لكنه لا يتصور النشاط الإنساني نفسه كنشاط موضوعي [واقعي، تجسيدي]. ومن ثم، في كتابه جوهر المسيحية، يعتبر الموقف النظري هو الموقف الإنساني الحقيقي الوحيد، بينما يتم تصور الممارسة وتثبيتها فقط في شكلها اليهودي [التجاري] القذر. ولهذا، لا يدرك أهمية “ثورية” النشاط “العملي النقدي”».

الأطروحة الخامسة: «ان فيورباخ الذي لا يرضيه التفكير المجرد يستنجد بالتأمل الحسي؛ لكنه لا يفهم الحسية باعتبارها نشاطا عمليا للحواس الإنسانية».

الأطروحة الثالثة: «إن العقيدة المادية حول تغيير الظروف والتنشئة تنسى أن الظروف إنما تتغير بفعل الناس، وأن المعلم نفسه يجب أن يتعلم. لذلك يجب أن تقسم هذه العقيدة المجتمع إلى قسمين، أحدهما أعلى من المجتمع.

إن تزامن تغير الظروف مع النشاط الإنساني أو التغيير الذاتي لا يمكن تصوره وفهمه بشكل عقلاني إلا باعتباره ممارسة ثورية».

ان ماركس، إذ انتقد فيورباخ في المجموعة الأولى لفشله في تحليل الظروف الاجتماعية الملموسة، فانه يناقش في المجموعة الثانية الآثار المترتبة على هذا النهج عندما يتعلق الأمر بكيفية تغيير العالم.

في المجموعة الأولى، يجادل ماركس ضد فصل فيورباخ الصارم بين العمليات الذهنية (الذاتية) والظروف الخارجية (الموضوعية). ان ما نقوم به، “النشاط الإنساني الحسي، الممارسة”، هو بالنسبة لفويرباخ، مجرد موضوع خارجي. بينما يستمر العمل الحقيقي في أدمغتنا.

يكتب فيورباخ في مؤلفه جوهر المسيحية «الحب هو الواقع الذاتي للأنواع، مثلما أن العقل هو واقعهم الموضوعي». إنه يحاول إيجاد طريقة للخروج من انقسام الموضوع/ الذات، لكنه يتراجع عن الحب مقابل الذكاء، أو العاطفة مقابل العقل، أو القلب مقابل الرأس. الجملة الأخيرة تبدو مألوفة؟

وهكذا، فإن فيورباخ عالق في مأزق. يريد أن يكون الناس محور فلسفته، لكنه يرى معظم ما نقوم به على أنه “خارجي”. لقد كان المثاليون وعظيمهم هيغل، مع روحه المطلقة التي تتحرك عبر الزمن، هم الذين فهموا النشاط، الفعل، ولكن فقط بالمعنى التجريدي والمثالي.

يقول ماركس أننا يجب أن ننظر إلى “النشاط الإنساني نفسه كنشاط موضوعي”. في حين يؤكد فيورباخ أننا يجب أن نفهم “النشاط النظري باعتباره النشاط الإنساني الحقيقي الوحيد”، لذلك فهو يستخف بالنشاط الاجتماعي - الاقتصادي، الذي يشير إليه ماركس في «شكله اليهودي [التجاري] القذر».

ان ماركس يربط هنا بين تقييم فيورباخ للإله اليهودي باعتباره أنانيا مفترضا - من الناحية اللاهوتية – وبين الارتباط النمطي للمجتمع اليهودي بالتجارة. وهكذا، فإن عدم قدرة فيورباخ على تصور النشاط الإنساني، الاقتصادي أو غير ذلك، نفسه - الذي يتطلب في الوقت نفسه نشاطا ذهنيا ويدويا - أعماه عما يسميه ماركس نشاطًا «ثوريا» أو «نقديا عمليا».

دعونا ننتبه هنا الى ان ماركس لا يستخدم تعبير «ثوري» بمعناه السياسي فقط، ولكن بمعنى أرحب يشير إلى تأثير الفعل الإنساني على الطبيعة وعلى «مجموع العلاقات الاجتماعية».

في الأطروحة الخامسة، يكرر ماركس هذه الحجة، من حيث الجوهر، في شكل مكثف بعد ان يكشف في الأطروحة الثالثة عن القلب النابض للنظرية الجديدة التي كان إنجلز متحمسا لها. إن ملاحظة ماركس الجديدة بأن «المعلم يجب أن يكون هو نفسه متعلما» هي المفتاح لمفهومه الجديد الكامل لنظرية المعرفة (دراسة من أين تأتي الأفكار) والتغيير الاجتماعي.

ونخلص الآن الى فهم انه بدلا من الآلهة، أو المثُل، أو الفلاسفة، أو الأبطال الذين يحركون التاريخ من خلال قوة إرادتهم، فأن التطور الاجتماعي، بل حتى المعرفة، يجب ان تنبع من عملية ديالكتيكية تدمج الحياة الفكرية والاجتماعية على حد سواء، وهي «تزامن تغير الظروف مع النشاط الإنساني أو التغيير الذاتي» أو ما يسميه هو «الممارسة الثورية».

ان ماركس يفهم «الممارسة الثورية» على إنها نظرية والتطبيق العملي لها كعملية متواصلة ومتلازمة. فهو لا يقول بأن النظرية تأتي أولا ويلحقها التطبيق العملي، أو ان التطبيق العملي يأتي أولا وتلحقه النظرية، بل يقول إنها تشكل ظاهرة متزامنة ومتداخلة ومختلطة يجب اعتبارها جانبين لكل واحد، في حركة مستمرة. لا يوجد معلم غير متعلم في نفس الوقت، ولا يوجد شخص متعلم وليس معلما في نفس الوقت.

 ***************************************

فلاسفة ومفكرون

اعداد: د. صالح ياسر

ماكس فيبر

(1864 – 1920)

عالم اجتماع الماني، ارتبط بالكانطية الجديدة والوضعية. وعند فيبر أن جوهر أي ظاهرة اقتصادية – اجتماعية لا يتحدد بجوانبها الموضوعية بقدر ما يتحدد بوجهة نظر الباحث، أي الاهمية الحضارية التي تعلق على أي عملية معينة. وحاول فيبر – انطلاقا من الافتراض القائل بأن العلوم الاجتماعية تدرس الجوانب الجزئية فحسب من الظواهر المختلفة – ان يستعيض عن التجريد العلمي بالفكرة التعسفية عن “نمط مثالي”. وقد زعم ان هذا “النمط المثالي” ليس له اساس في الواقع لكنه مجرد حيلة لتنظيم واستيعاب الوقائع الجزئية، وهو مفهوم يستطيع الباحث على اساسه ان يقيس الواقع. وقد كان لنظرية فيبر عن “الانماط المثالية” وكذلك مفهومه عن “تعدد” العوامل التاريخية تأثير كبير على علم الاجتماع البرجوازي المعاصر. ومن مؤلفاته: “في السياسة الوطنية والسياسة الدولية”(1895)، “الاخلاق البروتستنتية وروح الرأسمالية” ( 1905)، “المفاهيم الاساسية في علم الاجتماع” (1921) وغيرها.

 ************************************************

الصفحة الحادية عشر

قيود الصمت

صالح المصرفي

يوم قاد السجان الحب وقيده خلف القضبان

صادر النغم والنطق ووضع الحس في القبر

في ذلك اليوم غادر تغريد الامل قرص القمر

  امسى الحزن حتى غروب العمر

جاهدا تمتد اناملي عسى ان اكسر تلك القيود

لكن موج الريح يجعلني اسقط مثل ورقة خريف

يتنهد القلب ...يهرب من ذلك السجان

    يغفو حتى الموسم القادم

يعرف ان خضرة الربيع لن تموت

     تزهر ... تزهر

***********

لســتُ وحِــيدًا

أنمـار مــردان

لستُ وحيدًا

فالفُوهَةُ التي زرعْتُهَا

لم تكُن أُغنيةَ الموتِ

كانَتْ فمَكِ

ومازلتُ أُساقَطُ جُثثًا حَولكِ أو حَولَها

فمَتى أَنهضُ مِن غُربَتِي؟

*

الفُوهَةُ وأَعنِي فمَكِ

تُمارسُ عبثَها فِي زغَارِيدِ ولادَتِي

فالقابِلةُ التي هَرستنِي لأنجُو إلى الحيَاةِ

مارسَتْ طُقوسَ العِبادةِ في حُضنِكِ

وأنا  وليدُ أُنوثتِكِ إلى الآن..

*

لا خبرَ يأتِي مِنَ السماءِ

لأستَقِيمَ

بعدَ وجهِكِ

أُثِيرُ الشفقةَ

وأنتِ تُثيرينَ شَجرِي للوقُودِ

كُلَّما ابتَسِمُ

*

وأنا اغرِسُ رأسِي فِي جبلِ أيِّ أُمنيةٍ

تظهرينَ بِطولِكِ مِثلَ قِطارٍ

يَنقلُ مَحطاتِ القُبلِ  مِن عناوينِها

فأغدُو حَبلَ وريدٍ اتنفَّسُ دمَكِ حِين يدُورُ

ولا اتخثَّرُ

*

لا شيءَ يُعكرُ صَوتِي

وهُو يُغنِي

فبعضُ عصافيرِ بيتِنا

ترسمُ قمرًا مِنِّي

لكي تبدو غُرفتُنا مِثلَ هلالٍ  قديمٍ

يُراهِقُ بعمرِهِ حِينَ ينامُ

*

أسفلُ شاشةِ التلفازِ

اتراصَفُ

مِثلَ خبرٍ عاجلٍ 

أُثيرُ الانتباهَ ولا اتكررُ

ما أشدَّ الحُزنَ فِيكِ

وأنتِ تكتبين

لذا عليَّ أن أقِفَ صنمَ قُريشٍ

تأتِي نُذورُكِ على أكملِ وجهٍ

ويستلقِي على ظهرِي ألفُ عاجلٍ طويلٍ

*

ليتَ الشمسَ حصانٌ أبيضُ

فأركبُها

ليتَ عُمري نهارُ جَنةٍ

لأرتِبَ رتوشَ عُمركِ الصغيرةَ

واصعدُ حالمًا بِها

لأُعيد  عذابَاتِ جهنم مِن جديدٍ

واحقِنُها وردًا أحمرَ على بسمَةِ أولِ لقاءٍ جَمعَنا

********

حوار

فلاح رحيم:

الروايةُ فن يفكر والتواصل هو روح الادب الحية

حاوره: شريف هاشم الزميلي

شهد صيف هذا العام 2021 صدور كتابين للروائي والمترجم العراقي فلاح رحيم وضعاه في دائرة اهتمام القراء العرب. الأول روايته الرابعة “الشرّ الأخير في الصندوق” عن دار الرافدين، والثاني ترجمته لكتاب جانغ لونغزي “الأمثولة والتأويل” ضمن سلسلة نقل المعارف في البحرين.

كنت منذ بدايات فلاح رحيم الأولى متابعاً عن كثب لحياته ونشاطاته الثقافية المختلفة، وهو ما يتيح لي أن أحاوره عن مجمل مشروعه الثقافي في مجال الرواية.

نشأ فلاح رحيم في مدينة الحلة وانتقلت عائلته إلى بغداد قبل أن ينهي دراسته الإعدادية. درس اللغة الإنجليزية في كلية الآداب جامعة بغداد وتخرج عام 1978. كان قد أظهر ولعاً مبكراً بالشعر والقصة القصيرة وفاز بالكثير من الجوائز المدرسية في الحلة وبغداد. لكن رياح العراق لا تمضي كما تخطط السفن. في عام 1978 بعدما تخرّج فلاح رحيم سيق إلى الخدمة العسكرية الإلزامية ثم إلى خدمة الاحتياط جندياً في سلاح مقاومة الطائرات. وبلغت خدمته عند التسريح أكثر من تسعة أعوام، أي أنه درس الإنجليزية أربعة أعوام وسيق إلى حياة المعسكرات والخنادق مدة تتجاوز الضعف كانت كفيلة أن تنسيه ما تعلم على مقاعد الدراسة. لكنه فاجأني بعد ثلاثة أعوام من اندلاع الحرب عندما عرض عليّ ترجمته لرواية “بحر ساركاسو الواسع” لجين ريس (وقد نَشرت الترجمة فيما بعد دار المأمون عام 1987 ثم صدرت الترجمة في طبعة ثانية عام 2016 عن دار أثر السعودية) وكان قد أنجزها في خنادق الحرب. صار يعرض عليّ ترجمة جديدة كلما سنحت لنا فرصة اللقاء في تلك السنوات الصعبة. لم يكتف بذلك بل ثابر في الخنادق على تطوير معارفه باللغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي والعالمي، وواظب على كتابة اليوميات فكأنه بكل هذه النشاطات قد حوّل الخندق إلى قاعة للدرس والإبداع. حين نشر أولى ترجماته في مجلة “الثقافة الأجنبية” عام 1983، التقى به رئيس تحرير المجلة الشاعر المبدع ياسين طه حافظ وأعجب به وأن يكون مترجم مقالة “الاستيعاب الجمالي للآلة” للمفكر الأمريكي لويس مومفورد جندياً أنجز هذه الترجمة في خندق. تمكن فلاح رحيم بعد هذه السنوات العجاف من العودة إلى مقاعد الدراسة فأنجز أطروحته لنيل الماجستير عن لغة الشاعر البريطاني ديلان توماس عام 1989، وقد أحرز المرتبة الأولى بين متخرجي دفعته مستعيناً بزاده من دروس الخنادق.

حين غادر العراق واصل الترجمة فنقل إلى العربية أعمالاً فكرية ونقدية وسردية مهمة. لم يكن انقطاعه بعدها للترجمة ودراسة الأدب الإنجليزي ومواصلة القراءة المكثفة هدفاً لذاته وإنما تمهيد دال وإصرار على الكتابة الإبداعية. في عام 2011 أرسل لي من محل إقامته الدائمة في كندا روايته الأولى “القنافذ في يوم ساخن”، ولن أنسى سعادتي وأنا أنتهي من قراءة تلك الرواية الرائعة. لم أسعد بها نصاً أدبياً متفوقاً أجمع أهم النقاد العراقيين على تفوقه حسب بل سعدت لأن فلاح رحيم قدم لي دليلاً قاطعاً على أن روح الثقافة العراقية الأصيلة بقيت حيّة على الرغم من كل ما شهدنا من مصاعب. وتأكدت سعادتي عندما واصل الكتابة فأصدر روايته الكبيرة “حبات الرمل ... حبات المطر” عام 2017 ثم صدرت روايته المؤثرة “صوت الطبول من بعيد” التي تتناول تجربته في خنادق الحرب العراقية الإيرانية بدراية فنية باهرة. وجاءت “الشر الأخير في الصندوق” هذا العام لتستكمل حكاية الحرب. سألته:

 

* بدأت شاعراً وقاصاً ثم مترجماً وناقداً، لكنك تحولت في وقت متأخر إلى كتابة الرواية. كيف حدث هذا ولماذا؟

- الرواية كانت منذ البداية الهدف الذي أسعى إليه. كتبت في سنوات المراهقة أكثر من رواية طويلة ثم أدركت أن هذا الفن الصعب يحتاج إلى عدّة معقدة وتجربة إنسانية واسعة، كما أن نوع الرواية الذي أهدف إلى كتابته ممنوعٌ في ظل القمع ومسخ الأدب إلى دعاية سياسية أو هذيان أعمى. عاهدت نفسي على أن أكتب الرواية يوماً، وحرصت طوال عقود طويلة من حياتي على تدوين اليوميات ورصد التجارب التي أمرّ بها بوصفها مادة محتملة لكتابة الرواية. في العقد الخامس من عمري أدركت أن مأساوية التاريخ العراقي القريب وما ترك في حياتي من أضرار وصدمات قد أجهض ذلك الحلم البطر في بداية حياتي. كدت أنسى الرواية وأتفرغ للترجمة والنقد لولا حسرة في النفس وحاجة ماسة إلى الرواية بوصفها المسكن الآمن الذي تتحول فيه كل المحن إلى معارف وحيوات حميمة. ثم جاءت هجرتي إلى كندا بحثاً عن مكان ألتقط فيه أنفاسي وأراجع القائمة العراقية الطويلة من المحن بهدوء، وقد وفرت لي فرصة العودة لهذا الهدف المحوري في حياتي. خططت عام 2010 لكتابة خمس روايات تغطي تاريخ العراق الحديث منذ بداية السبعينات وحتى عام 2007، وقد أنجزت منها حتى الآن أربعاً. في هذا مواساة أخرى تقدمها الرواية.

 

* كيف ترى مهمة الروائي؟ وكيف تفهم الرواية؟

- هذا سؤال عظيم الأهمية. لابد لمن يكتب الرواية أن يقرر ابتداء ما هي الأسباب التي تدعوه لكتابتها. هنالك من يكتبها بروح العالم الكيمياوي الذي يسكن مختبره المعزول عن شقاء العالم. يجرّب ويسعى إلى ابتكار فني يبهر القراء في كل زمان ومكان ويحوّل التجربة الإنسانية الموجوعة إلى لعبة شكلية غايتها تأكيد عبقريته الفريدة. ولهذا الفهم تاريخ طويل يعود إلى عمانوئيل كانت وطريقته في تعريف الملكة الجمالية. أحترم هذا النمط وأقر بشرعيته ولكنه لا يثير اهتمامي ولم أعد قادراً على تخصيص وقت لقراءة ما يكتب في هذا الباب لأن النجاح فيه لا يحالف إلا المواهب الكبيرة التي لا يجود بها الزمن كثيراً. ما يدعوني إلى الكتابة سببٌ فقد وجدت ان أفضل تعبير هو في الفلسفة التأويلية لبول ريكور وجورج غادامير، الأدب بوصفه انهماكاً تواصلياً مع الآخرين في نطاق أفق محدد. بدلاً من المختبر الأنيق المعقم، يذهب الأدب إلى المقهى والأسواق وساحات الحرب ومطبخ البيت ليفتح أفقاً للتحاور مع القارئ عن مشاغل مشتركة ضاغطة. الرواية فنٌ يفكر، أتخيل وأنا أكتب الرواية أني أجلس إلى القارئ في مقهى مزدحم وأنهمك معه في حوار حميم عن همومنا اليومية والاجتماعية والتاريخية المشتركة. التواصل هو روح الأدب الحية، وبدونه نخرج بألعاب نارية لا يأبه بها إلا الباحثون عن تسلية ومتعة مؤقتة.

* بدأت بنشر “القنافذ في يوم ساخن” وهي تغطي المرحلة الأخيرة من حياة سليم كاظم. كيف تفسر ذلك؟

- كما ذكرت، وضعت عام 2010 خطة كاملة لكتابة خمس روايات.  وبدأت بالفعل كتابة الرواية الأولى منها التي تتناول حقبة السبعينات العراقية وهي “حبات الرمل ... حبات المطر”، ثم صحوت يوماً لأجد أن “القنافذ” قد اكتملت في مخيلتي ويجب أن تُكتب دون تأخير. خطر لي أيضاً أن كتابتها يمكن أن يرسم لي التخوم التي أتحرك في نطاقها وأنا أكتب بقية الروايات. فضلاً عن كل هذا فإن لاستشهاد الصديق كامل شياع أثره العميق في جعل كتابتها حاجة ماسة لا تقبل التأجيل.

* تحدثت على موقع دار الرافدين عن أن مبدأ الغزارة هو ما يحكم روايتك “حبات الرمل... حبات المطر”. هنالك أكثر من تسعين شخصية في الرواية وهي تقع في أكثر من 600 صفحة. هل من توضيح لهذا؟

- زمنياً تقع “حبات الرمل ... حبات المطر” في بداية الخمسينيات وقد كرستها لحقبة السبعينات العراقية بوصفها خط البداية الذي يقاس به ما قطعنا حتى الآن من أهوال ومطبات. وهنالك مفارقة تعتمدها الرواية. تبدأ الرواية بقصة قصيرة نشرتها عام 1976 في جريدة “الفكر الجديد” العراقية تحمل عنوان الرواية نفسه. المفارقة أن أنطلق من هذه القصة القصيرة، التي أعدتُ نشرها في صدارة الرواية، لبناء رواية غزيرة ومتشعبة كهذه. وقد حرصت على هذا التقابل بين صنفي الرواية والقصة القصيرة حتى النهاية حيث يجد القارئ في الختام منعطفاً سردياً على طريقة أنطون تشيخوف.

* يخيل إليّ أن وراء روايتك “صوت الطبول من بعيد” مهندساً وروائياً عملا معاً على رسم مثلث تضافرت أضلاعه لإغناء العمل. كيف توضح ذلك؟

- كتابة “صوت الطبول من بعيد” هي الأصعب بالنسبة لي لأنها تمثل تصفية حساب مع تجربة صاغت كل ما أعقبها في حياتي وحياة العراقيين. ربما تكون فكرة التبعيد التي ترد في العنوان وهي المسطرة التي تقصدها، وهي وسيلة مهمة على الصعد كافة في الرواية. وذلك أن الرواية تتحرك انطلاقاً من الأنبار، أبعد نقطة عن جبهة القتال، لتقترب من الخنادق وتحترق في أتونها عبر وسيلة اليوميات. يحدث بعد اليوميات انسحاب يبحث عن منظور أبعد يعتمد وسيلة المذكرات في رسالة سليم إلى بيانكا. وهي محاولة يحكم عليها بالإخفاق مقتل كريم. هذه الحركة التلسكوبية من تقريب وتبعيد هي التي شيّدت بناء الرواية. وكما ترى فإن اليوميات هي قمة الهرم لأنها تتوسط الرواية وتمثل بعشوائيتها وتخبطها حقيقة الحرب.

* ما الجديد في رواية “الشرّ الأخير في الصندوق”؟

- كل رواية جديدة أكتبها تمثل بالنسبة لي مغامرة في مسار مختلف، ورواية “الشرّ الأخير في الصندوق” تعتمد الرصد النفسي أساساً لمحاكمة كل الأبعاد المتنوعة المعقدة في التجربة العراقية العسيرة. وهي تطرح في هذا النطاق سؤال صناعة الأمل عندما لا يكون أيّ من مقوماته حاضراً. سؤال صعب لا أرى أن بالإمكان التصدي له من دون السرد.

***************

قصة قصيرة

أنا وهي والجثة

منى سعيد

رافقتُ طفولتها ، شابة قدمت من أعماق الجنوب حيث التقاء نهر دجلة بالفرات،  يافعة تفتحت أنوثتها للتو تنشد التحرر من سطوة الأب، وصرامة تقاليد الريف، دائمة الابتسامة تنضح طيبة وكرما مثل طمى غرين الأرض.

في بغداد ، وفي بيت قريبتها امتصت بطراوتها ولين طباعها تعسف ربة البيت وطيش عصبياتها مثلما تحملت صفعات زوجها وتقلب مزاجه ، تنزوي  في المطبخ، تشهق بالبكاء للحظات ، ثم تعاود الابتسام ثانية،على أمل تحسن مزاج أهل البيت ثانية.

تكفكف دموعها على عجل وتعاود أشغال البيت بصمت تام.

تسعدها جدا لمسة لطيفة من يد الصغيرة أنسام ، أو كركرة الطفلة الأصغر سامية، فتعاود اشراقة وجهها بالابتسام.

لم تقتصر مهامها على العناية بالطفلتين، بل تنظيف البيت وإعداد الطعام،الاهتمام بالحديقة وجز حشائشها ، تؤدي مهامها بسعادة غامرة وبرضى تام طالما هي بعيدة عن قريتها حيث مهام حفر الأرض وسقي المزروعات ورعي الأغنام وحلب الأبقار.

في بغداد تعلمت تصفيف شعرها وربطه بقراصّة ملونة، وارتداء فساتين فضفاضة، وتنورات مشجرة مع بلوزات بنصف كم..

تمضي السنوات وتعيش مراهقتها وسنوات صباها متوائمة مع دأبها الحثيث بتربية الصغيرتين وتلبية طلباتهما ومواصلة رعاية الأسرة، وكثيرا ما لفتت إعجابنا ودهشتنا تلك الحيوية والحبور اللذان يملأن وجهها وهي تؤدي لنا أصول الضيافة عند زيارتنا لذلك البيت .

وحين عزمت سيدة البيت مغادرة العراق أرجعتها لأهلها بدعوى رغبتها الحصول على فرصة للزواج بعد تفتح أنوثتها، لكن لم تمض بضعة أيام حتى عادت هربا من أهلها متوسلة البقاء في البيت الكبير مرتمية على قدمي سيدته.

تذعن السيدة وتصطحبها للسفر والتنقل بين البلدان بحسب متطلبات مهنة رب البيت ..

تمضي السنوات وترجع العائلة ثانية لبغداد لتشهد فقدان الأب والأم خلال وقت قصير.. تتزوج سامية البنت الصغرى وتهاجر لأقصى بقاع الأرض، وتبقى البنت الأكبر أنسام رفقة مربيتها  في ذلك البيت الذي غشي بظلال الموت والفراق.

عجزت أنسام عن إعادة إشعاع المنزل أو رتابة إدارة شؤونه ، بل ولم تسع لمد وشائج مناسبة مع جيرانها وأصدقائها  وبقيت علاقاتها محدودة ، مكتفية بمواصلة دراستها والانكباب على ترجمة الكتب من اللغات الأجنبية.

وحدهما يشيخان معا أنسام والمربية بمضي السنين ، تتقاعد أنسام وتواصل عزلتها بالقراءة والترجمة، بينما تنشغل مربيتها بأمراضها وملازمة الفراش..بعد حين

يبادل الزمن أدوارهن فتصبح أنسام هي من تلبي طلبات مربيتها بعد أن  أعيا الأخيرة  المرض وتناقلتها أسرة المستشفيات ..

وفي وقت متأخر من ذات ليلة قرأت على صفحات الفيسبوك نعي أنسام لمربيتها  ذات الابتسامة المشرقة  بكلمات حزينة دامعة واصفة إياها بالأخت الكبرى ورفقة العمر..

اتصلت بها على الفور  للتعزية والاستعلام عن وضعها، فهالني معرفة بقائها وحدها مع جثة مربيتها، وإن أهل الأخيرة بهم حاجة لخمس  ساعات كي يبلغوا بغداد قادمين من الجنوب.

ذهبت اليها باكية منتحبة، وفوجئت بقوة ورباط جأشها، لم تذرف دمعة واحدة واكتفت بالقول أنه لابد من تدبير شؤون الجنازة.

اتصلت بقريب لي لنجدتي والتصرف بشأن الجنازة، وحضر بعد ساعة ومعه تابوت خشبي محمولاً فوق سقف سيارة نقل عالية.. اثنان فقط كانا مع قريبي، سائق السيارة ، وابن أختي الذي أوصلني للبيت..

الشباب ارتدوا قفازات بلاستيكية وكمامات تحسبا للكرونا، لفوا الجثة بشرشف ووضعوها في التابوت..

عقدت رهبة الموت لساني بادئ الأمر، لكن ما إن تجاوزوا مع التابوت باب الحديقة حتى أطلقت بأعلى صوتي مرددة ( لا اله إلا الله) قصد إسماع أحد من الجيران، والمساعدة في رفع الجثمان  إلى سقف السيارة العالية.

عبثا ذهبت نداءاتي، لم يظهر احد من الجيران أو المارة.. حتى ظهرت فجأة عربة تكتك صغيرة يقودها صبيان ، سارعت بإيقافهما وطلب المساعدة، مثلما طلبوا من الآخرين قائلين ( شباب أيديكم ويانة)..

لحظات واستقرت الجثة على سطح السيارة التي ابتلعتها عتمة الليل باتجاه وادي السلام في النجف، طاوية معها تفصيلات حياة ابتسامات مشرقة وقساوة قهر وحرمان.

*************

الصفحة الثانية عشر

إصدار

قراءات في الفن والتصميم

عن دار الشؤون الثقافية العامة، صدر أخيرا كتاب بعنوان “قراءات في الفن والتصميم”، من تأليف معتز عناد غزوان.

يتناول الكتاب مجموعة من الدراسات المتنوعة ما بين الفن والتصميم، متطرقا إلى تفصيلاتها المرتبطة بخدمة المجتمع وتحقيق رغباته واشباع تطلعاته من خلال دراسة الفن ورموزه وتجارب العديد من رواده في مختلف صوره الفنية، فضلا عن دراسة التصميم الغرافيكي والعديد من الإشكاليات التي تصاحبه.

يقع الكتاب في 424 صفحة من القطع الكبير.

*************

خارج النسق 

حقوق الإنسان

نوم بلا صحو

عبد جعفر

منذ عقود، وحقوق الانسان في عراقنا، غائبة أو مغيبة، واستمرت على ذلك المنوال بعد تغيير عام 2003

ولهذا أعتبرها البعض ميتة، وأقام الحداد عليها، بعد أن أجرى لها تشييعا رمزيا، بينما يؤكد البعض الأخر، إنه دفنها بيده بعد أن أخرجها من (مشرحة) الطب العدلي وهي مثخنة بجراح كثيرة، كما يقول التقرير الجنائي، بسواطير المحاصصة، والفساد، والانفلات الأمني، وممارسات مراكز التحقيق التي تحولت، إلى مسالخ بشرية.

ومن المبكيات المضحكات، أن يعتقل قاتل، ويخرج لعدم كفاية الأدلة، رغم كثرتها، ويقتل أحدهم أو يختطف أو يعتدى عليه جهار نهارا، لا يحاسب المتسبب، لسبب بسيط أنه يملك (طاقية الخفاء) ولم تستطع عيون العدالة أن تراه، رغم أن كاميرات المراقبة قد رصدته، وشهود عيان ضبطوه بالجرم المشهود. ومن يحاول، معتقدا، إنه يجب أن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي، تمد له قوى اللادولة لسانها كأفعى تريد أن تلدغه، وقد تقتله كما فعلت مع والد المخطوف علي جاسب في محافظة ميسان. وللضحك على الذقون، تم فبركة (فيلم هندي) وإظهار شاب يدعي قتل الوالد جاسب لخلافات عشائرية!  والمواطن له حق التصديق أو التكذيب، ولكن إن طعن بمصداقية الجهة المسؤولة ف (ذنبه على جنبه).

 برلماننا العتيد دخل على الخط، في هضم حقوق الانسان، ليستكمل سياسة (كل من أيده أله) باقتراح في إنهاء عمل المفوضية العليا لحقوق الانسان، كونها تفضح التجاوزات، كما ذكر الدكتور كاظم المقدادي، وأنه ستتم إدارة المفوضية مؤقتاً من قبل لجنة مشكلة من مجلس النواب بسبب عدم تمكين مجلس النواب من التصويت على لجنة الخبراء لاختيار أعضاء جدد. ولكن رفض المحكمة الاتحادية العليا للمقترح، دليل، كما يقول المقدادي (إن 18 عاماً من الهيمنة على السلطة لم تعلم رئاسة مجلس النواب ضرورة الإلمام بالقوانين والتشريعات والرجوع إليها قبل إصدار قراراتها).

إن حقوق الإنسان، تشكو تخمة من يتحدث باسمها، في الوقت أن المواطن منزوع المواطنة، منزوع الحقوق، فلا يحق له إبداء الرأي، أو السؤال عن هدر موارد الدولة وسيادة الوطن، كما ليس له الحق، فعليا، وليس كما يقول الدستور، بالسكن أو امتلاك الأرض، أو التعليم، أو الصحة، أو الخدمات، فالذين يملكون الحق في مصادرة حقوق الآخرين مستعدون لقتلهم، واختطافهم، والتجاوز عليهم، وهدر كرامتهم، ضمن غابة السلاح المنفلت، بالإضافة، إلى اجبارهم على دفع الرشى لإنجاز معاملاتهم، كما قال الشاعر بلند الحيدري:

العدل أساس  الملك

صه …لا تحك

كذب …كذب …كذب …كذب

الملك أساس العدل

أن تملك سكينا تملك حقك في قتلي

***************

في بيتنا الثقافي

حفل تأبيني للفنان الراحل علي سالم

بغداد - طريق الشعب

بالتعاون مع جمعية الموسيقيين العراقيين نظمت اللجنة الثقافية في محلية المثقفين  للحزب الشيوعي العراقي حفلا تأبينيا للفنان الراحل علي سالم يوم الخميس الماضي على قاعة (منتدى بيتنا الثقافي) في ساحة الأندلس ببغداد. وفي الحفل، الذي حضره الرفاق عزت أبو التمن وأيوب عبد الوهاب ورضا الظاهر، من قيادة الحزب الشيوعي العراقي، وعائلة الفقيد، وعدد من الفنانين والمثقفين من أصدقاء الراحل، ومن جمهوره المحب، قدمت الرفيقة عائدة فرج، التي أدارت الحفل، كلمة باسم اللجنة المحلية للحزب، فيما ألقى الفنان الدكتور كريم الرسام كلمة جمعية الموسيقيين العراقيين، تلتها كلمة عائلة الفنان الراحل.

وتحدث عدد من أصدقاء الفقيد بينهم الفنانة التشكيلية بشرى سميسم، والفنان أحمد الماجد، والرفيق محمد السلامي، عن الفنان علي سالم، وألقوا أضواء على مسيرته الفنية، ومواقفه التقدمية، واسهاماته المميزة في الغناء العراقي الأصيل.

 

***************

التيار الديمقراطي في ميسان يعقد مؤتمره الثالث

العمارة – طريق الشعب

تحت شعار “توحيد القوى المدنية كفيل بتفتيت دولة المحاصصة”، عقدت تنسيقية التيار المدني الديمقراطي في ميسان، الجمعة الماضية، مؤتمرها الثالث، وذلك على حديقة “كازينو الفنانين” وسط مدينة العمارة.

وبعد أن وقف الحاضرون، من مثقفين وناشطين ووجوه اجتماعية، دقيقة صمت تقديرا لشهداء الوطن، واستمعوا إلى النشيد الوطني، ألقى عضو التنسيقية، السيد رعد جاسم، كلمة باسم التيار المدني الديمقراطي في المحافظة.

ثم ألقى السيد عبد الواحد أبو هيام، كلمة باسم “التنظيم القاسمي”، أعقبته اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ميسان، بكلمة في المناسبة. 

وتحدثت الكلمات عن إمكانية تطوير عمل التيار المدني الديمقراطي في المحافظة، وتوسيع قاعدته، خاصة بين الشباب والنساء.

وفي سياق المؤتمر، وزعت على الحاضرين نسخ من مسودة مشروع النظام الداخلي للتيار المدني. كما جرى التشديد على ضرورة تمثيل تنسيقية التيار في المحافظة، في المؤتمر الثالت للتيار المدني في العراق، الذي من المقرر أن يعقد يوم 3 أيلول المقبل في بغداد.

كما طرحت خلال المؤتمر، بعض التساؤلات والاستفسارات، أجاب عنها السيد عدنان حسن.

***************

في “شارع الفراهيدي”

ندوة حول “الشبيبة وتحديات اليوم”

البصرة - باسم محمد حسين

ضمن فعالياته الثقافية الأسبوعية، احتضن “شارع الفراهيدي” للثقافة والكتاب في البصرة، أخيرا، ندوة بعنوان “الشبيبة وتحديات اليوم”، عقدها فرع اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في المحافظة.

الندوة التي حضرها جمهور من روّاد الشارع، قدمها الشاب حمودي عبد الجبار، واستهلها بتقديم لمحة تاريخية عن اتحاد الشبيبة الديمقراطي، وعن مسيرته ونشاطاته، واصفا إياه بأنه “الرائد في تنظيم الفعاليات الشبابية الوطنية، وانه كيان طليعي أخذ على عاتقه الدفاع عن حقوق شريحة الشباب”.

ثم تطرق إلى ظروف شباب العراق في الوضع الراهن، وما تعانيه هذه الشريحة من ظلم وجور وتهميش، حيث قلة فرص العمل أو انعدامها، فضلا عن ظروف العيش القاسية، وما إلى ذلك من مشكلات ناتجة عن سوء إدارة البلد.

ونوّه عبد الجبار، إلى أن “هناك منظمات شبابية تحولت اليوم إلى أدوات منضوية تحت ألوية بعض الجهات السياسية المتنفذة، وهي تعمل على خدمة مصالحها الذاتية، متناسية واجبها الأساس في الدفاع عن حقوق الشباب”.

وأضاف متحدثا عن مشكلة البطالة ومخاطرها وتداعياتها وآثارها على الشباب والمجتمع بشكل عام، مبينا أن البطالة تؤدي الى مشكلات اجتماعية كبيرة وخطيرة “ما يتطلب من الدولة أن تؤدي واجبها تجاه شريحة الشباب الفاعلة، واستثمار طاقتها في العمل والبناء”.

ثم عرّج على معاناة المرأة العراقية الشابة، مشيرا إلى أن الكثير من الفتيات والنساء وقعن اليوم ضحايا للتطرف والفكر المتخلف، وللأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، ما أدى إلى تغييب دورهن وتأثيرهن الإيجابي في المجتمع.

وتخللت الندوة مداخلات قدمها العديد من الحاضرين، وعقب عليها الشاب حمودي عبد الجبار بإسهاب.

***************

في قلعة سكر

توزيع بيان “مقاطعة الانتخابات” على المواطني

الناصرية – وسام مهدي

شكلت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في قضاء قلعة سكر بمحافظة ذي قار، أخيرا، فريقا إعلاميا جوالا جاب شوارع القضاء وأسواقه سيرا على الأقدام. ووزع الفريق على المواطنين واصحاب المحال التجارية ورواد المقاهي الشعبية، نسخا من البيان الصادر عن اللجنة المركزية للحزب، تحت عنوان “لا مشاركة في انتخابات لا تكون بوابة للتغيير المنشود”.  وأوضح الفريق للمواطنين، اسباب مقاطعة الحزب الانتخابات المقبلة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شبيبة ألقوش

تحتفل بيوم الشباب 

ألقوش – طريق الشعب

أقام فرع اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في بلدة ألقوش بمحافظة نينوى، الخميس الماضي، فعالية ثقافية منوعة في مناسبة يوم الشباب العالمي 12 آب.  حضر الفعالية التي أقيمت على قاعة “مركز المرأة” في البلدة، عشرات الشباب من كلا الجنسين. وقد أدارها الناشط رودي صلاح، واستهلها مرحبا بالشباب الحاضرين، ومهنئا إياهم بيومهم العالمي. بعدها ألقى الناشط راني فلاح بيان اتحاد الشبيبة في المناسبة، أعقبه الأب سلار بكلمة، ثم قدم الناشط روبين حكمت نبذة تعريفية عن يوم الشباب العالمي. وتخللت الفعالية ورشة عمل بعنوان “مهارات اتخاذ القرار”، قدمها راندي كردي. تلت ذلك مسابقات ترفيهية وثقافية، تناوب على إدارتها كل من فيدل حكمت وسيفان هاني ورودي صلاح. فيما عرض الناشط ادمون حكمت فيديو تحفيزيا منسجما مع المناسبة، حمل عنوان “تحمل المسؤولية”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النجف

الشيوعيون يتحاورون

حول الواقع الزراعي

النجف – أحمد عباس

 

عقدت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة النجف، أول أمس السبت، جلسة حوارية حول الواقع الزراعي في المحافظة، حضرها عدد من الفلاحين والمهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين.  وخلال الجلسة التي احتضنتها قاعة اللجنة المحلية، جرت مناقشة الواقع الزراعي في النجف، وأبرز مطالب الفلاحين، وذلك لغرض الخروج بتوصيات تقدم إلى وزير الزراعة، الذي من المتوقع أن يزور المحافظة قريبا. كما انها (التوصيات)، سيجري تثبيتها ضمن الملاحظات المقدمة حول مسودة البرنامج الزراعي والموارد المائية والبيئية للمؤتمر الوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي، على أمل أن تقدم للمؤتمر الوطني الحادي عشر القادم. هذا وقرر المشاركون في الجلسة، عقد اجتماع موسع خلال الأسابيع القادمة، حول الملاحظات التي تمت مناقشتها خلال هذه الجلسة، على أن تتم دعوة أكاديميين من الاختصاصيين في الزراعة والري والبيئة، وممثلين عن اتحاد الجمعيات الفلاحية، فضلا عن الرفاق في المختصات الفلاحية للحزب في كربلاء وبابل والديوانية، وذلك لاستكمال الملاحظات.