اخر الاخبار

الصفحة الأولى

كلمة اللجنة المركزية لحزبنا في حفل عيد الصحافة الشيوعية

طاب مساؤكم جميعا أيها الحضور الكرام

في الحادي والثلاثين من تموز عام 1935 سطع نجم في سماء الصحافة العراقية والكفاح الوطني. فقد أصدر الحزب الشيوعي العراقي صحيفته الأولى (كفاح الشعب).

وعندما عاد رشيد عالي الكيلاني، وزير داخلية حكومة ياسين الهاشمي، مزهوا الى وزارته بعد قمع انتفاضة فلاحي شوق الشيوخ، وجد نسخة من (كفاح الشعب) على مكتبه، فقال قولته الشهيرة: “هذه الورقة أشد خطرا من ثورة سوق الشيوخ، فاذا ما ثبتت أفكارها سيستحيل علينا قلعها”.

هكذا استقبلت أول صحيفة سرية في العراق.. ومن شرارة (كفاح الشعب) اندلع لهيب الصحافة الشيوعية في العراق، فصدرت العشرات من الصحف، السرية والعلنية، حتى يومنا الحاضر، حيث تواصل “طريق الشعب” وسائر وسائل اعلام حزبنا مهماتها الجليلة، الوطنية والطبقية والأممية، بمختلف الوسائل، وبينها وسائل الاعلام الألكتروني.

وطيلة 86 عاما من الكفاح الفكري والسياسي، حيث سطعت أسماء كوكبة الشهداء من الصحفيين الشيوعيين العراقيين مجسدة سيرتهم الملهمة ومثالهم المضيء، تحولت صحافة حزبنا الى مدرسة سياسية وفكرية وثقافية ومهنية.

واليوم، تضيء صحافة حزبنا وسائر وسائل اعلامه، الحراك الشعبي الاحتجاجي المتواصل جراء استمرار وتعمق الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وتتبنى صحافة حزبنا مطالب الجماهير وتكشف عن معاناتها المريرة وما يتعرض له ملايين الكادحين من البؤس، خصوصا في ظل تفشي وباء كورونا وسط نظام صحي متهالك.

وفي سياق الاستعداد لعقد المؤتمر الحادي عشر للحزب باشرت “طريق الشعب”، ومنذ أشهر، بنشر المناقشات المتواصلة لمسودات وثائق المؤتمر، سعيا للاسهام من قبل منظماته ورفاقه وأصدقائه لانضاج الوثائق بأفضل صيغة ممكنة.

وتتصدى صحافة حزبنا للقضايا الأساسية المطروحة علينا، وفي مقدمتها قرار حزبنا بمقاطعة الانتخابات، وتحويل ذلك الى فعل سياسي وجماهيري ضاغط لوضع بلدنا على سكة  التغيير السلمي المنشود. وتعمل صحافتنا على توعية الجماهير بأسباب المقاطعة، متمثلة في غياب شروط اجرائها على نحو عادل ونزيه، مسترشدة ببيان اللجنة المركزية حول المقاطعة، الذي أعلنته قيادة الحزب في المؤتمر الصحفي الذي عقدته يوم 24 تموز الحالي.

واليوم، ونحن نحتفل بالعيد السادس والثمانين لتأسيس الصحافة الشيوعية العراقية نجدد إهابتنا لمنظماتنا ورفاقنا وأصدقائنا وسائر الوطنيين والديمقراطيين وقوى انتفاضة تشرين ونشطاء الحراك الاحتجاجي وكل أبناء شعبنا، في سبيل العمل معا من أجل الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد، واقامة الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية والعدالة الاجتماعية.

الذكر العطر لشهداء الصحافة والفكر.

والمجد للذكرى السادسة والثمانين لتأسيس الصحافة الشيوعية العراقية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ألقاها الرفيق علي صاحب عضو اللجنة المركزية للحزب

***********

صحفيون وحقوقيون: القرارات الجديدة مخالفة صارخة وقمع لحرية التعبير

«لائحة قواعد البث» تقيّد حيادية الإعلام واستقلاليته

بغداد ـ طريق الشعب

لاقت القرارات التي أصدرتها هيئة الاعلام والاتصالات، مؤخرا، بحق وسائل الإعلام، اعتراضات واسعة من جهات صحفية وحقوقية عدّتها مخالفات دستورية وقانونية وتدخلا في طبيعة الحوارات واختيار الضيوف وشكل وإطار الاستضافة في البرامج الحوارية على “شاكلة وزارات الإعلام في البلدان ذات الأنظمة الدكتاتورية”.

رفض شديد

‏وألزم كتاب الهيئة وسائل الإعلام كافة بعدم نشر أي كتب او وثائق مسرّبة.

وعلى أثر الاعتراضات التي واجهت كتاب الهيئة، أصدر الجهاز التنفيذي في الهيئة يوم أمس، بيانا توضيحا حول المعايير “المهنية” في البرامج الاعلامية كافة.

ونقل البيان عن رئيس الجهاز علـي حسيـن المؤيـد، قوله: “انتشر مؤخراً إعمام صادر عن هيئتنا حول المعايير المهنية في اختيار الضيوف المحاوَرين في البرامج الاعلامية كافة، ما أثار جدلاً في الأوساط الإعلامية بين مرحب ومنتقد”.

وقال المؤيد، ان النقاط الواردة في الإعمام مذكورة ضمن “مواد (لائحة قواعد البث الإعلامي)”، مضيفا ان تلك اللائحة تعد “جزءاً من شروط ترخيص وسائل الإعلام العراقية والأجنبية، وهي تستند إلى مواد الدستور العراقي، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والإعلان العالمي لحقوق الانسان.”

الهيئة تحاول إخضاع الاعلام

من جهتها، قالت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة إن “لهيئة الإعلام والاتصالات لائحة تعنى بالبث والسلوك الإعلامي، ‏أصدرتها وفقا للأمر 65 الصادر من قبل الحاكم المدني للعراق بول بريمر، ‏ولا يجب أن تتجاوز الهيئة إطار وحدود ما نصت عليه لائحتها، التي سجلنا اعتراضا على بعض فقراتها”.

وأوضحت الجمعية في بيان تلقته “طريق الشعب”، أن “هيئة الإعلام والاتصالات أُنشئت من أجل تنظيم البث الإعلامي في العراق، وليس لأخذ صلاحية وزارة الإعلام (المنحلة) وفقا للدستور العراقي، الذي يكفل حرية الاعلام والصحافة والنشر بكل أشكاله. فلا سلطة لهيئة الإعلام والاتصالات على أي من وسائل الإعلام في العراق، وفقا للأمر 65 الذي ينظم إطار عملها، انما مهامها تنظيم الترددات والبث، وتغريم من يخرق قواعد ولوائح البث وفقط”.

وأضافت أن “‏نشر وثائق مسربة لا يعد مخالفة لأي من لوائح البث الإعلامي، ‏لا سيما وأن القانون العراقي يجرم الموظف الذي يسرب الوثيقة، وليس من مهام الهيئة محاسبة او تهديد من ينشر، لا سيما ان العراق لم يقر حتى الان قانون حق الوصول للمعلومات والبيانات. كما إن كتاب الهيئة والذي حمل عنوان (اعمام) يعطي انطباعا اداريا لخضوع كل وسائل الاعلام للهيئة، وهو مخالفة دستورية. وبناء على كل ما تقدم فإن جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق تؤكد أن الكتاب الصادر بتوقيع رئيس الجهاز التنفيذي الموقر يشكل انتهاكا دستوريا صارخا، وتتعارض بعض بنوده مع قوانين عراقية نافذة”.

ودعا بيان الجمعية هيئة الاعلام والاتصالات الى “اصلاح الموقف وتعديل الكتاب من اعمام والزامات الى توصيات، دفعا للمحظور. لأن كل ما ورد في هذا الإعمام يتنافى مع ما أقرّ بالدستور من نصوص تتعلق بحرية التعبير عن الرأي وحق الحصول على المعلومة، ويؤدي الى ابتعاد وسائل الإعلام عن حياديتها واستقلاليتها وحريتها في طرح القضايا والمواضيع التي تهم الشارع العراقي، ويجعلها خاضعة للسلطة التنفيذية”.

“معايير مضحكة”

من جانبه، علّق الاعلامي سعدون محسن ضمد، على هذه القرارات، وأوضح الاشكالات القانونية التي وقعت بها الهيئة.

وكتب ضمد على صفحته في موقع “فيسبوك” قائلا: “الإعلامي يعمل في وسط مفخخ بالكواتم. نحن لا نحتاج إلى معايير عمل، فالكواتم والتهديدات تضع لنا معايير موت وحياة. كما أن السلطة السائبة والقانون الذي يطبق بتمييز واضح كفيل بتحديد معايير لعملنا”.

وأضاف “ليست هناك قوانين تكفل لنا حق الحصول على المعلومة، أو تكفل لنا حق تمثيل المواطن ومراقبة أداء السلطات الجائرة بحقه، ثم تأتون بنصوص لا يستطيع أن يفهم مغزاها أحد، وتجعلونها ضوابط لعملنا؟ تتحدثون وكأن ليست هناك مشكلة في البلد، بينما هناك مصائب كبيرة تحتاج إلى إعلام حر ومدعوم”، مردفا “تكفيكم المادة ٢٢٦ من قانون العقوبات التي يمكن وفقها القاء القبض على أي إعلامي، لأنها مادة تشبه بعض المعايير التي صدرت في تعليماتكم هذه. كما هو الحال مع الفقرة التي تقول «عدم استضافة أفراد مجهولين» فما معنى المجهول؟ وما هي المحددات التي تخرج ضيوفنا من كونهم مجهولين إلى كونهم معلومين؟ وهل يعني هذا أن المواطن البسيط ليس له حق الظهور على شاشات التلفزيون؟ وهل هذا الحق حكر على المشاهير؟”.

وتابع المتحدث “ما معنى الفقرة التي تقول «تجنب دعوة أفراد أو جهات محظورة دستورياً أو قانونيا» إذا كنتم تقصدون حزب البعث والبعثيين فكيف يمكن تطبيق هذه البند وأنم تعلمون ان مفوضية الانتخابات عانت عندما ارادت تطبيقه مؤخراً مع انها استعانت بالمساءلة والعدالة؟ أما معيار عدم طرح «الحوارات التي تشكل تهديداً للنظام الديمقراطي» فهذا فعلا معيار مضحك، إذ كيف نعرف، مسبقا، ان ضيفنا سيتحدث بكلام يهدد النظام الديمقراطي، أم لن يفعل لكي نسمح أو لا نسمح”.

***********

رائد فهمي: ندين الاعتداء الإرهابي

في يثرب ونطالب بملاحقة القتلة

بغداد ـ طريق الشعب

تعرض أحد مجالس العزاء في منطقة البوجيلي بناحية يثرب جنوبي محافظة صلاح الدين، يوم الجمعة الماضية (30-7) الى اعتداء إرهابي جبان، أسفر عن ضحايا عديدين، شهداء ومصابين. وبشأن هذا الهجوم الغادر أعرب الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، في تصريح صحافي له عن ادانته لهذه الجريمة النكراء، معربا عن تضامن الحزب  مع عوائل الضحايا ومواطني المنطقة المنكوبة، ومقدما خالص التعازي والمواساة لهم، ومطالبا القوات الأمنية بملاحقة القتلة والاقتصاص العادل منهم.  وأضاف فهمي: منذ مدة تتعرض هذه المنطقة الى تسلل لعناصر داعش الإرهابية وقيامها باعتداءت آثمة شملت المدنيين ومنتسبي القوات المسلحة على اختلاف صنوفها، ما يستدعي المزيد من اليقظة والحذر، والجهوزية، لمنع الإرهابيين من ارتكاب المزيد من جرائمهم، وحماية الأهالي، واعتبار ذلك مهمة وطنية عليا  يتوجب إداؤها بعيدا عن المماحكات والتجاذبات السياسية والتدافع والمنافسة على المناصب والمقاعد النيابية. وشدد، في جانب آخر، على “الانفتاح على المواطنين والتعاون معهم، وأهمية تنسيق وتوحيد القرار الأمني والاستخباراتي، بما يوظف كافة الإمكانات على نحو كفوء وزجها في معركة مطاردة فلول داعش المجرم، وتخليص المحافظة وسائر مدن العراق من شروره”.

***********

ناشطون مقاطعون: طموحاتنا خرجت من صناديق الاقتراع

بغداد ـ طريق الشعب

في الوقت الذي وصلت فيه عمليات الاغتيال والفساد والإفلات من العقاب إلى أعلى مستوياتها، أصبح الحديث عن مقاطعة الانتخابات يشغل الرأي العام، ويروجه الكثير من الناشطين الشباب، الذين يرون أن الاقتراع الذي يفترض أن يكون مبكرا، وملبيا للمطالب الجوهرية التي أكد المنتفضون على ضرورة تحقيقها، جرى تأجيل موعدها والالتفاف على أهم مستلزماتها.

يقول الناشط المدني محمد تقي، انه “بات من الضروري مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة، لأنها لن تخرج بنتائج تلبي تطلعات المواطنين والشباب المحتجين. كما لا يجب أن ننسى بأن الجموع الغفيرة من الشباب التي انتفضت، لم تخرج لإعادة تدوير الوجوه السياسية، بل أرادت إزالة الفاسدين وإسقاط منظومة المحاصصة والفساد”.

*********

راصد الطريق

موازنة «أم المشاكل»!

في ظل أوضاع بلادنا الخرافية التي لا يتحملها بشر، يفاجؤنا وزير الكهرباء المكلف بان الوزارة لم تتسلم شيئا من التخصيصات المرصودة لها في موازنة ٢٠٢١!

 قبل هذا أعلنت وزارات ومؤسسات أخرى الشيء ذاته، واوضحت ان تخصيصات موازنة “ام المشاكل” لم تطلق حتى الآن، لهذا يتم الصرف وفق قاعدة ١ الى ١٢! 

لماذا اذن صدّعوا رؤوسنا بالموازنة ووجوب إقرارها سريعا (اقرها البرلمان يوم ٣١ آذار)، فيما هم لم يصرفوا تخصيصاتها حتى الان؟ ومن المسؤول عن ذلك: الحكومة، وزارة المالية، مجلس النواب؟

وسؤال مشروع آخر: اين القضاء والمدعي العام من قضية كهذه، تهم العراقيين أجمعين؟

الغريب ان المطبق فعلا من هذه الموازنة المشؤومة هو ما ألحق ضررا بالغا بالناس والاقتصاد. ونعني هنا خفض سعر صرف الدينار مقابل الدولار وما قاد اليه من نتائج كارثية!

وسؤال آخر وليس أخيراً : اين ستذهب إيرادات موازنة ٢٠٢١، تضاف اليها فوارق الزيادة في أسعار النفط عالميا؟

****************

الصفحة الثانية

القضاء يرفض تعذيب المتهمين أثناء التحقيق

بغداد ـ طريق الشعب

أعلن مجلس القضاء الأعلى، أمس الاحد، رفضه حالات التعذيب التي تحصل من قبل بعض الأجهزة الأمنية أثناء التحقيق مع المتهمين المطلوبين، فيما أشار إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحق من تصدر عنه أفعال تعذيب وانتهاك لحقوق الإنسان.

وقال مجلس القضاء الأعلى في تصريح صحفي، اطلعت عليه “طريق الشعب”، إنه “يرفض أي ممارسة تؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان، ومن هذه الممارسات حالات التعذيب التي تحصل من قبل بعض منتسبي الأجهزة الأمنية اثناء التحقيق مع المتهمين المطلوبين للقضاء”.

وأضاف ان “تلك الممارسات الخاطئة مرفوضة بالمطلق، وقد تصدى القضاء لهذه الحالات من خلال اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من تصدر عنه أفعال تعذيب وانتهاك لحقوق الإنسان حسب أحكام قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل”.

وزاد أن “هناك العديد من القضايا التي تمَّت بموجبها محاسبة عدد من ضباط شرطة بسبب تجاوز أعمال وظائفهم بتصرفات، تعد جرائم يعاقب عليها القانون”.

***********

اضاءة

عبثا يحاول المتنفذون  اخفاء الحقيقة!

محمد عبد الرحمن

بعد اعلان عدد من الأحزاب والتيارات والكتل السياسية مقاطعتها لانتخابات تشرين القادم، راحت قوى أخرى، تحمست الآن للانتخابات، تشدد على ضرورة اجرائها في موعدها المحدد، وتحاجج بانها مطلب شعبي، وتسعى أيضا الى إضفاء طابع شرعي على ما تقول وتدعي.

لا خلاف على ان الانتخابات المبكرة مطلب من مطالب انتفاضة تشرين وقوى حراك اخرى سياسية وجماهيرية وأحزاب وطنية، وهي ارادت منها ان تجري بنحو مبكر وفِي أجواء انتفاضة تشرين التي حاصرت  القوى المتنفذة في أضيق الزوايا، وعرّت مواقفها، وكشفت حقيقة كونها تعمل بالضد من مصالح الجماهير الواسعة، وكون الهمّ الأول للأقلية المتنفذة الحاكمة هو ادامة نفوذها وسطوتها على حساب جوع وفقر ومرض الملايين، وعلى حساب تخلف بلادنا في سائر المؤشرات والصعد ، فضلا عن الانتهاك المستمر للسيادة ومصادرة القرار الوطني العراقي، وفسح المجال للتدخلات المشينة في شؤون وطننا .

ان الأقلية الحاكمة المتنفذة التي تتباكى اليوم على الانتخابات بدعوى انها مطلب شعبي، هي من اغرق المطالبين بها في انتفاضة تشرين بالدم، بل وكال للانتفاضة ولا يزال مختلف التهم في مسعى متواصل لتشويه سمعتها. علما ان هذا ليس موقفهم من الانتفاضة فقط، وانما هو ديدنهم ازاء كل حراك جماهيري ومطلبي. وفيما أرواح الناشطين وأصحاب الرأي لا تزال تزهق ظلما، لم يرف لهذه القوى جفن تجاه عمليات الاغتيال، التي اصبح فاعلوها معروفين للداني والقاصي، باستثناء السلطات الثلاث التي تدفن رأسها بالتراب.

ان  القوى المتنفذة التي تتمسك اليوم بالانتخابات وباجرائها في موعدها، هي آخر من يحق له الادعاء ان مواقفه  تنسجم مع مطالب الانتفاضة والفئات الشعبية. فالمتنفذون على طرفي نقيض مع الانتفاضة وأهدافها  وعلى طول الخط، وهما لا يلتقيان وان اظهر البعض في بعض الاوقات خلاف ما يضمر.

علما ان العديد من هذه القوى لم يكن فقط معاديا وقامعا للانتفاضة، بل كان حتى متحفظا على إجراء الانتخابات، وهو من ماطل وسوّف، وأجّل موعدها الذي طالبت به الجماهير المنتفضة وقتها.

ومن الواضح ان موقف هذه القوى لم ينكشف، الا بعد ان فصّلت القانون الانتخاب على مقاساتها، وبما يؤمن استحواذها على مقاعد تضمن سطوتها وتحكمها بالقرار.                                        

وتاتي هذه التطورات في ظل عجز مؤسسات الدولة، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وكذلك مفوضية الانتخابات. وهو عجز بيّن عن تأمين شروط ومستلزمات البيئة الانتخابية الآمنة، رغم كل الادعاءات واغداق الوعود. وهناك الكثير من مؤشرات الفشل والعجز عن كشف قتلة المتظاهرين والنشطاء وأصحاب الرأي، وبقاء حيتان الفساد طليقين، وركن قانون الأحزاب على الرفوف، خاصة مواده ذات الصلة بالمال السياسي وامتلاك السلاح. فيما عجزت المفوضية كما قالت هي نفسها، عن مجرد مراقبة أموال الحملات الانتخابية والسؤال عن مصادرها، ناهيك عن متابعة موضوع القوى المدججة بالسلاح والتي على قرقعته واستقواءً به تشارك في الانتخابات.

إضافة الى ذلك، يحصل في هذه الانتخابات على نحو سافر ان تُسمع التهديدات التي تطال عددا من المرشحين.

على ان هناك قوى أخرى تقول رغم كل هذه الظروف، ان المشاركة افضل من المقاطعة ولها مبرراتها. والحديث هنا لا يطول هذه القوى، انما المتنفذين الذين حكموا البلاد منذ ٢٠٠٥ وما زالوا يصرون على مواقفهم، وهم يمارسون ليل نهار الخديعة والتدليس لتبرير ما يعلنون من توجهات. ومن ذلك اكذوبة انسجام مواقفهم مع المطالب الشعبية.

هؤلاء يتوجب فضحهم وتعرية مواقفهم وكشف حقيقتهم، ولن يحقق ذلك الا حراك واسع، متعدد الأنماط والاشكال، وتسهم فيه الجماهير الواسعة المكتوية بنار الازمات والغلاء وسوء الخدمات والبطالة وعدم الاستقرار الأمني وانفلات السلاح.

***********

البصرة تبدأ حملة إيقاف التعذيب في السجون

الناصرية تطالب بكشف نتائج التحقيق في حادثة المستشفى

بغداد ـ طريق الشعب

تتواصل الفعاليات الاحتجاجية الشعبية المطالبة بتوفير الخدمات في عدد من المحافظات، فيما تظاهر العشرات من ذوي ضحايا حريق مستشفى الامام الحسين في الناصرية، مطالبين بكشف نتائج التحقيق وتقديم المقصرين الى القضاء.

محاسبة المقصرين

وقال مراسل “طريق الشعب”، ان “العشرات من ذوي ضحايا حريق مستشفى الامام الحسين في مدينة الناصرية، نظموا تظاهرة، للمطالبة بالكشف عن نتائج اللجنة التحقيقية بالحادث، واحالة المتهمين فيها الى المحاكم المختصة”.

وأضاف ان “تظاهرة أخرى شهدتها المدينة نظمها عدد من الخريجين امام تربية المحافظة، داعين الى شمولهم بالعقود الوزارية اسوة بباقي المحاضرين، وإطلاق درجات الحذف والاستحداث، والعمل بالتقاطع الوظيفي”. وجرت تظاهرة ثالثة أمام مديرية الرعاية الاجتماعية، حيث دعا منظموها الى إكمال إجراءات انضمامهم للرعاية، وعدم المماطلة بإرسال ملفاتهم إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في بغداد. فيما دشن العشرات من أصحاب العقود والأجور اليومية في مصنع نسيج الناصرية، وقفة احتجاجية للمطالبة بتفعيل تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 315، وتوفير التخصيص المالي لهم، وحصر درجات الحذف والاستحداث على الملاك الدائم للعاملين بصفة عقد او اجر يومي.

إيقاف التعذيب

من جانبهم، تظاهر العشرات من المواطنين في محافظة البصرة، مطالبين بإيقاف عمليات التعذيب في السجون، ومعالجة قضية تشابه الأسماء.

وذكر مراسل “طريق الشعب”، أن “التظاهرة جاءت بعد وفاة الشاب (هشام محمد الخزعلي) الذي كان موقوفا في مديرية مكافحة اجرام المحافظة”، مشيرا الى ان “المتظاهرين انطلقوا في مسيرة راجلة من شارع الجنينة الى ساحة البحرية، للمطالبة بإجراء تحقيق من قبل وزارة الداخلية، ومحاسبة مسؤول مديرية مكافحة اجرام المحافظة على الحادث”.

وطالب المستفيدون من الوحدات السكنية في مجمع الخالدون بالمحافظة، الحكومتين المحلية والمركزية بالعمل على توفير الخدمات للمجمع.

وأشار المواطنون خلال وقفة نظموها داخل المجمع الى انهم بانتظار الموافقات المركزية وتحديدا من مجلس الوزراء لفك ارتباط المجمع عن وزارة الاسكان الى محافظة البصرة، مطالبين رئاسة مجلس الوزراء بالموافقة على فك الارتباط، كون محافظة البصرة مستعدة لإكمال المشروع.

تظاهرات في النجف

وتتواصل في محافظة النجف التظاهرات المطالبة بتوفير الخدمات لاسيما مياه الشرب والكهرباء.

وقال مراسل “طريق الشعب”، احمد عباس، ان “المحافظة شهدت تظاهرتين كبيرتين في الرشيد وقضاء المناذرة للمطالبة بتوفير التيار الكهربائي ومياه الشرب”، معبرين عن “غضبهم العارم من تجاهل مطالبهم المحقة في هذا الجو اللاهب”، مشيرا الى “استمرار مطالبات أهالي ناحية الحرية بافتتاح المستشفى الحكومي في الناحية لاستقبال المرضى وكذلك الاسراع بمد شبكة مباه الشرب واكمال تبليط شارع الحرية”.

وأفاد مصدر امني في المحافظة بـ”سقوط احد المتظاهرين جريحا بتظاهرة تطالب بتحسين الخدمات”.

وذكر المصدر في حديث صحفي، أن “العشرات من أهالي حي الكرامة شمالي مدينة النجف، خرجوا في تظاهرة غاضبة تطالب بتحسين الخدمات، وخاصة الكهرباء والماء والمجاري”.

وكشف المصدر أن “مجهولين هاجموا المتظاهرين وقاموا بطعن أحدهم بالأسلحة البيضاء بجروح بليغة في منطقة الظهر”، مبينا أن “المصاب في العشرينات من عمره”.

*************

أطفال السبي في مواجهة مشكلات اجتماعية ودينية وقانونية

تداعيات “داعش” لم تتوقف.. أيزيديون بلا تعويضات

بغداد ـ عبدالله لطيف

عندما اقتحم تنظيم “داعش” الارهابي، قضاء سنجار  في الثالث من أب  2014، كانت فائزة، حاملا بطفلها الأول، وقد تم أسرها رفقة زوجها الى جانب آلاف الايزيديين، لتبدأ قصة سبيها المأساوية، التي لا تزال تقاسي تداعياتها.

“وشم اسمه على يدي”

تقول فائزة بابير مجو (28 عاما)، “كان معنا 18 عائلة، جميعها من أقارب زوجي، والآن بعد مرور ما يقارب 7 سنوات، لم ينج منهم سوى 4 نساء مع أطفال صغار، والبقية مفقودون”.

وتضيف أنه “تم نقلنا الى مناطق مختلفة خلال 4 اشهر، وفي تلك الفترة كان زوجي معي وكان معنا اقاربه”.

ولدت فائزة طفلها في قاعة كالاكسي في الموصل. وبعد 3 أيام قرر “داعش” نقلهم مجددا، الى مكان آخر.

وتقول: “ذات مرة قررنا ان نهرب معا، لكن داعش امسك بنا، وفي نفس اليوم فرّقوا النساء عن الرجال”، ومنذ ذلك الحين تجهل فائزة أية أخبار عن زوجها.

وتبين، والحزن يملأ تعابير وجهها: “اخذونا نحن النساء الى مقرهم لمدة 8 ايام، بعد ذلك أتت مجموعة منهم، وقاموا باختيار عدد من البنات كسبايا. كنت واحدة منهن. وقد تمت المتاجرة بي من قبل ثلاثة أشخاص”.

وتشير فائزة الى أنّ أحد عناصر “داعش”، أجبر خادمته على ان “تنقش اسمه على يدي بالإبرة والكحل. لم أستطيع النوم بسبب الألم، نتيجة لتورم يدي”. وتعمل فائزة ووالديها على رعاية ابنها الآن.

لم تتجاوز فائزة ـ كما هو حال أخريات ـ تفاصيل رحلة السبي المأساوية “تعرضت للاعتداء الجنسي الفردي والجماعي. استمر هذا الوضع لسنتين، الى ان جاء شخص واشتراني، وساعدني على الهرب مع عائلته. لن انسى فضله ووقوفه بجانبنا”.

الموقف الدولي.. هزيل

ويعتقد الناشط الايزيدي مراد الخالجي، في حديث لـ”طريق الشعب”، أنّ “ما قدمه المجتمع الدولي والحكومة العراقية كان شيئا هزيلا، ولا يليق بما يستحقه الايزيديون”.

ويردف الخالجي كلامه بأن “المجتمع الدولي اعترف بما تعرض له الايزيديون على أنه إبادة جماعية، لكن الحكومة العراقية لم تتعاط مع ذلك الاعتراف بأداء مقنع”.

وفي العام 2016 اعتبر مجلس النواب، قضاء سنجار “مدينة منكوبة”، لكن الحكومة لم تقم للآن بحملة إعمار تناسب ما تعرضت له المدينة من خراب.

اعتراف بالإبادة

طلال مراد، المسؤول الإعلامي في موقع ايزيدي 24، ومهتم بشؤون المكون، يقول إن “اهم ما قدم للايزيديين من قبل المجتمع الدولي في المرحلة السابقة هو الاعتراف بالإبادة الجماعية”.

ويضيف في حديث لـ”طريق الشعب”، أنه “عندما اقتحم تنظيم داعش الإرهابي قضاء سنجار، تمكن من خطف 6417 شخصا، 2800 شخص، منهم ما زالوا قيد الاختطاف لدى الإرهاب. أما البقية فقد تحرروا”.

ووفقا لمراد، فإن النازحين الايزيديين موزعون على 17 مخيما في إقليم كردستان، فيما يبلغ عددهم ما يقارب 250 الفا.

تعويضات تنتظر التنفيذ

ويقول الناشط في منظمة التوثيق الايزيدية، خيري علي لـ”طريق الشعب”، إنّه “بعد سبع سنوات على تاريخ الإبادة لم يتسلم الضحايا وذووهم أيا من حقوقهم، برغم تأكيد الحكومة انجازها لمعاملات التعويض الخاصة بهم، لدى مؤسسة الشهداء”.

وبرغم تشريع مجلس النواب لقانون الناجيات الايزيديات، لكن “لم نجد له تطبيقا على ارض الواقع” بحسب تأكيد علي.

أطفال السبي

وخلف سبي تنظيم داعش الإرهابي للايزيديات العديد من الملفات التي يصعب حلها. وعلى رأسها ملف “أطفال السبي”؛ إذ يختلف الناشطون في تحديد عددهم، لكنهم يشيرون إلى أن هناك العديد من النساء يرفضن ان يقدم اطفالهن من السبي الى منظمات المجتمع المدني، لأسباب مختلفة. 

ويقول علي ان “الاطفال المولودين نتيجة السبي، اصبح موضوعهم شائكا جداً، لأسباب اجتماعية ودينية وقانونية”، مؤكداً أنه “حتى الجهات الدولية لم تتمكن من وضع حلول لهم”.

ويقول الخالجي: “لا يمكن ان نغض النظر عن ازمتهم، لان القانون العراقي لا يجنس أي طفل من أب مجهول. واجتماعياً هؤلاء الأطفال سوف يواجهون مشاكل عديدة للسبب ذاته. كذلك الديانة الايزيدية ترفضهم، لانهم من أب غير ايزيدي، وبالتالي فإن هؤلاء الأطفال مرفوضون على كافة المستويات”.

**************

الصفحة الثالثة

الأسباب تتعلق بالاغتيالات والفساد وهدر الحقوق

ناشطون: المزاج الشبابي قريب من مقاطعة صناديق الاقتراع

بغداد ـ طريق الشعب

بات من الواضح جدا أن شرعية الانتخابات البرلمانية المقبلة، أصبحت تواجه تحديات كبيرة، أبرزها ما يتعلق بضعف الإقبال المتوقع على صناديق الاقتراع من قبل أوساط اجتماعية واسعة؛ فالانتخابات التي يفترض أن تكون مبكرة، وملبية لمطالب جوهرية أكد المنتفضون على ضرورة تحقيقها، جرى تأجيل موعدها والالتفاف على أهم مستلزماتها. وفي الوقت الذي وصلت فيه عمليات الاغتيال والفساد والإفلات من العقاب إلى أعلى مستوياتها، خلافا لكل الوعود الحكومية، أصبح الحديث عن مقاطعة الانتخابات يشغل الرأي العام، ويدعو له الكثير من الناشطين الشباب.

السلاح يتصدر المشهد

ويجد الشاب الناشط في الاحتجاجات أمير صلاح ان المخاطر التي يفرضها سلاح المليشيات والجهات الخارجة عن القانون، تلقي بظلالها على “سلامة الانتخابات ومصداقيتها”.

ويقول صلاح لـ”طريق الشعب”، انه “في الأشهر الأولى من عمر الحكومة الحالية أردنا أن ننتظر ونرى بعض النتائج الايجابية في ما يتعلق بملاحقة حملة السلاح المنفلت والقتلة وعصابات الموت والاغتيال. واستبشرنا خيرا في بعض العمليات التي حصلت، لكن سرعان ما تراجعت الحكومة عنها وخرج بعض المتهمين من التوقيف، بل وقاموا باهانة الدولة علنا وهم ينتمون إلى جهات واضحة ومعروفة”.

ويعتقد الناشط أن “رغبة الحكومة في محاسبة هؤلاء الخارجين عن القانون، اصطدمت بنفوذ الجهات السياسية التي لها ارتباطات خارجية، وبالتالي لم نشهد أي دور مؤثر في حسم هذا الملف”.

وينبه صلاح الى أن البلد “ليس حقلا للتجارب، ومن التجارب الماضية أصبح من الواضح جدا أن الحكومة عاجزة، ولن تقدر على ضبط السلاح المنفلت الذي يترقب حَمَلته موعد الانتخابات ليقولوا قولتهم”، لافتا إلى أن “قضية الاغتيالات أضحت تهدد الأمن المجتمعي والتجربة الديمقراطية الحديثة، وتحصد أرواح الشباب الناشطين، ولا يمكن إجراء أي انتخابات في ظل وضع كهذا”.

وعلى أثر عمليات الاغتيال التي تجددت قبل أيام قليلة، عندما اغتيل شاب في البصرة وهو ابن احدى الناشطات البارزات هناك، والتي فقدته كابن ثان جرت تصفيته على يد جهات مجهولة، قرر كثير من الناشطين، وفقا لصلاح، “مقاطعة الانتخابات ونزع الشرعية الكاذبة عنها أمام الجميع”.

تأكيد على المقاطعة

أما الناشط المدني محمد تقي فيتحدث لـ”طريق الشعب” قائلا: “بات من الضروري مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة، لأنها لن تخرج بنتائج تلبي تطلعات المواطنين والشباب المحتجين. كما لا يجب أن ننسى بأن الجموع الغفيرة من الشباب التي انتفضت، لم تخرج لإعادة تدوير الوجوه السياسية، بل أرادت إزالة الفاسدين وإسقاط منظومة المحاصصة والفساد”.

ويردف كلامه “لا وجود لانتخابات حرّة ونزيهة تعبر عن تطلعاتنا الرامية للتغيير، في ظل نظام المحاصصة والفساد وانتشار السلاح المنفلت، وقانون انتخابي مفصل على مقاسات الكتل السياسية المتنفذة “.

ويشدد على ضرورة أن تتمتع العملية الانتخابية بشفافية عالية، وهي بحاجة إلى بيئة آمنة وجملة من العوامل التي تساهم في انجاحها، مثل القضاء على السلاح المنفلت، وتطبيق قانون الأحزاب.

ويبيّن تقي لـ”طريق الشعب”، أن “الحكومة ضعيفة وغير جادة في مساعيها لتحقيق انتخابات حرة نزيهة، تكون رافعة للخلاص، ولا توجد قوة حكومية لردع ومجابهة قوة وسطوة العصابات التي تصول وتجول في المدن وترهب المواطنين الآمنين، وتبتز منهم من تريد ابتزازه لأغراض سياسية أو غيرها. والسبب في كل ما يجري يعود الى أن كل الحكومات جاءت وفق معادلة المحاصصة السياسية بين الكتل المتنفذة، فكيف يمكن الحديث عن نزاهة وحرية انتخابية بينما الجهات المسلحة أقوى من الدولة، وتمتلك احزابا سياسية ستشارك في الانتخابات، وبالتالي لن يتمكن المدني والديمقراطي والمستقل من النجاح في عمله، وفق هذه المعادلة”.

ضرورة التنسيق

ويفيد الناشط المدني، عمر القره غولي، بأهمية أن تكون مقاطعة الانتخابات البرلمانية ضمن مسار صحيح واضح المعالم لتكوين فعل سياسي حقيقي ومؤثر، بهدف الخلاص من المنظومة السياسية الحالية.

ويؤكد القره غولي لـ”طريق الشعب”، ان الحديث عن انتخابات ديمقراطية في العراق “ما هو الا وهم وخيال، وذلك لان السلطة غير جادة في توفير مستلزمات الانتخابات الحرة النزيهة، فالمرشحون المستقلون والمدنيون يتعرضون للمضايقات، والناشطون أصبحوا فرائس لفرق الموت التي تختطف من تشاء منهم، وتغتال من تشاء أيضا دون رادع”، مبينا ان “قانون الانتخابات الحالي وضع من اجل ان تحافظ الكتل السياسية على وجودها داخل السلطة التشريعية، ووضع المرشحين المستقلين والمدنيين في دائرة الاستهداف، كون اغلب الدوائر هي مناطق نفوذ الميلشيات التي تستقوي على الدولة، وتهدد العملية الديمقراطية”.

وأشار الى ان “عدم تحقيق مطالب منتفضي تشرين، وعدم محاسبة القتلة والفاسدين وارتفاع معدلات الجريمة، جميعها تساهم في عزوف المحتجين والمواطن عن أداء الانتخابات، مستبعدا ان تكون هذه الانتخابات هي التي تنقذ البلد الواقف على حافة الانهيار”.

وشدد على ضرورة أن “تقوم الأحزاب الوطنية التي قاطعت الانتخابات، ببناء جبهة معارضة وطنية لهذه المنظومة، وتوحيد الجهود وسحب الشرعية منهم، وتفعيل الحراك الجماهيري والنزول الى الشارع”.

تهميش الشباب

من جانبه، يؤشر المحامي الشاب نبيل أحمد، تهميشا واضحا لشريحة الشباب في النظام السياسي القائم على “المحاصصة والتوافقات النابعة من المصالح الذاتية”.

ويقول احمد خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إنّ “الشباب فقدوا الثقة في العملية الانتخابية، لأن الدورات النيابية السابقة لم تشرّع لهم شيئا يذكر، بل عملت لسنوات على تحجيم دورهم وجعلهم أصواتا انتخابية لا أكثر. بينما بقيت الكتل السياسية تراوغ في إعطائهم حقوقهم وتحسين واقع حياتهم، بعد أن رمت بالقسم الكبير منهم إلى مستنقع البطالة والحروب وحولتهم إلى مأساة اجتماعية”.

وينوه المتحدث إلى أن “اللجان النيابية والحكومية المعنية بالشباب، لم تقدم أي انجاز حقيقي. وفي الحقيقة لا يمكن لنا القول بأن هناك أي نجاح على كافة الاصعدة”، مردفا “اذا كان هذا ملخص ما يجري، ويستمر نحو الأسوأ في قادم الايام التي تقترب من الانتخابات المزمع إجراؤها في 10 تشرين الاول، فلماذا يا ترى، يشارك الشباب في الاقتراع؟ اعتقد ان أمر المقاطعة أصبح رائجا ومناسبا لدى الكثير، بناء على هذه المعطيات”.

 **********************************************

تساؤلات عن دور أجهزة الأمن المجتمعي والوطني في مكافحة المحرضين

الشائعات تلاحق حملات التلقيح.. واجراءات حكومية ضعيفة

بغداد ـ طريق الشعب

تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الالكترونية وبين أوساط شعبية، أحاديث تحذر المواطنين من تلقي لقاحات كورونا في ظل الفترة الوبائية الحرجة.

ويتحدث الكثير من المحرضين وأصحاب الآراء الخاطئة ـ دون خوف من عواقب ما يقومون به ـ عن تفاصيل لا علم لهم بها، ويصفون اللقاحات بأنها تسبب الكثير من الأمراض والأعراض الخطرة، ما جعل البسطاء يترددون في الإقبال على مراكز التطعيم، خصوصا وان الحملة الإعلامية للمؤسسات الرسمية تكاد لا تقاوم تلك الشائعات.

ووصلت يوم امس 571 ألف جرعة من لقاح فايزر الى بغداد؛ حيث سيتم توزيع اللقاحات على دوائر الوزارة في بغداد وعموم المحافظات.

وفي وقت سابق، كشفت الوزارة عن مفاوضات مع الدول المنتجة للقاح لتأمين كمية لتغطية العام 2022.

اتهامات غير علميّة

ومنذ دخول اللقاحات إلى العراق بعد أن تعاقدت وزارة الصحة على أولى الوجبات منها، راجت حملات مضادة للتلقيح على منصات الكترونية كثيرة، فضلا عن أوساط اجتماعية تعاني الكثير من الهشاشة بفعل انتشار الخرافة والدجل وغياب المصادر الرسمية.

وتوقعت وزارة الصحة منذ ذلك الحين أن تلاقي صعوبات بهذا الجانب، وآراء مضادة لا تستهدف الحوار، وإنما رفض اللقاح جملة وتفصيلا، بحسب ما قاله الناطق باسم الوزارة الدكتور سيف البدر لـ”طريق الشعب”.

وأكد البدر أن “القضية ليست سهلة لوجود جهات تحاول تجهيل الناس بضرورة اللقاح، ولا بد من التصدي لها من أجل تحصين المواطنين من شرور الوباء الخطر”.

ومن ضمن الدعايات أو الاتهامات التي وجهت لهذه اللقاحات هو “تسببها بتغيير الجينات الوراثية، وتأثيرها على المرضى المقبلين على عمليات جراحية، وعلى قدرة الإنجاب”، فضلا عن اتهامات كثيرة لا حصر لها.

وبشأن هذا اللغط الواسع، يؤكد الطبيب عبد الحسين الكناني، أن ما يتم تداوله حاليا “لا صحة له، وهو أمر مؤسف خصوصا وأن الذين يبثون الدعايات لا يحاسبون”.

ويوضح الكناني لـ”طريق الشعب”، قائلا: “هناك دراسات علمية رصينة أكدت أن اللقاحات لا تؤثر على الجينات البشرية، وهي بعيدة كل البعد عن التسبب بأي ضرر للمرضى المقبلين على التخدير بسبب العمليات الجراحية، ولا علاقة لها أيضا بقضية الإنجاب”، مضيفا “هذه أيضا قناعتنا كأطباء، نعمل يوميا بتماس مباشر مع الإصابات واللقاحات والمستجدات الطبية المتسارعة. إن ما يجري معيب حقا وخطر على حياة الناس، لننظر إلى الدول المتقدمة التي ابتليت بإصابات هائلة، وهي اليوم تشهد انخفاضا مطمئنا بسبب إقبال مواطنيها على اخذ اللقاحات”.

خرافات

القضية لا تقف عند حد خوف الناس الناتج عن الجهل أو التجهيل الذي يمارسه البعض في المجتمع، بل يصل إلى أدوار خطرة، قام بها بعض الأطباء المغمورين على مواقع فيسبوك، وتحريضهم المواطنين على الاختلاط.

ومن بين عدد من هؤلاء، برز طبيبان أحدهما بيطري. وهما يروجان فكرة مفادها أن “تجنب الوباء لا علاقة له بارتداء الكمامة أو التعقيم باستمرار والتباعد الاجتماعي، بل قام احدهم بفتح مركز لعلاج المواطنين ويقوم أمام الكاميرات بالاختلاط معهم، متحديا إجراءات وزارة الصحة ولجنة الصحة والسلامة”.

أين الأمن الوطني؟

ويعلق الممرض في دائرة صحة الرصافة، حسن فلاح، على الأمر بقوله: إن “عددا قليلا من هؤلاء الفوضويين استطاع إرباك الرأي العام وتغيير قناعات كثير من المواطنين بشأن اللقاحات، فيما بقي الجهد الحكومي عاجزا عن مواجهة مثل هؤلاء المشاغبين والمغامرين”.

ويتساءل فلاح عن “دور الأجهزة المعنية بالأمن المجتمعي والوطني من هؤلاء حيث أن الفكرة الأساسية لا تتعلق باعتقال أو ملاحقة من يعطي رأيا مخالفا بشان اللقاحات، وإنما بمن يتحدث كجهة رسمية ويحث المواطنين على القيام بعكس ما تدعو له الخطط العلاجية على الصعيد المحلي والعالمي”. ويتحدث الطبيب المتقاعد وليد النعيمي عن “محاولة بعض المؤمنين بالخرافات والباحثين عن الشهرة في تخويف الناس من اللقاحات باستغلال أي خبر سلبي عنها وتهويله”.

ويقول النعيمي لـ”طريق الشعب”، إن السيطرة على الأوبئة ليست قضية  آراء فردية، بل تتطلب جهودا مشتركة تتضافر سوية، وتتضمن جهات أكاديمية وسريرية ومختصين في علوم الأوبئة والفيروسات والأدوية والمناعة والإحصاء الحيوي وما إلى ذلك”.

ويضيف ان “كل طرف منهم يقوم بتأدية دور معين، ومن ثم يتم التوجه بعد العمل على الوقاية، نحو الاستقصاء الوبائي في تطبيق طرق الاكتشاف المبكر للمرض وحصر الملامسين و عزلهم”.

ويشير النعيمي الى أن “شبكات التحليل المختبري والتقنيات المختبرية المتقدمة تلعب دورا مهما في تأكيد تعريف الحالة واثبات وجود المرض ودراساته وتهيئة اللقاحات ودراسة نماذج المرضى أو المتطوعين في التجارب لمتابعة التأثيرات العلاجية”.

تثقيف ضعيف

وفي السياق ذاته، يتحدث الفنان الشاب، محمد مازن، وهو من المشاهير على منصة انستغرام عن خطورة تضليل وعي الناس بواسطة بعض المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي.

يقول مازن الذي فقد والده قبل أيام بسبب تداعيات الفيروس ان “الحملة الإعلامية المضادة للقاحات هي أكبر بأضعاف من حملات الدولة. وما يزيد الطين بلة هو عدم توفر أماكن للمقبلين على اللقاح برغم الشكوى من قلة أعدادهم”.

ويضيف مازن لـ”طريق الشعب”، قائلا: “أشاهد على منصات التواصل تجهيلا خطرا بشأن اللقاحات، وهناك من يتلاعب بعقول الناس دون أي رادع قانوني يمنعه من ذلك”.  ويشير الى انه “في مواقع التواصل الاجتماعي، هناك بعض المشاهير يمكن أن يروجوا علاجا للتنحيف وغير ذلك ويدعو الناس لتجربته دون أي تفكير مسبق، لمجرد أنه يحصل على مبلغ من المال مقابل اعلانه”، مردفا لكنه لا يفكر أن يسهم في مواجهة حملة تظليل الناس وتشكيكهم بفاعلية اللقاحات.

 ***********************************************

الصفحة الرابعة

ناشطون ومراقبون يؤشرون تخاذلا أمنيا في المناطق الشعبية

الرمي العشوائي.. ضحايايتساقطون  وقوات الأمن «حلالة مشاكل»

بغداد ـ محمد التميمي

رغم قرار تجريم إطلاق العيارات النارية العشوائية و(الدكة) العشائرية، والذي عدّه كثيرون قرارا مهما، ويساهم في تقليل حالات الانفلات الأمني الذي يهدد أرواح المواطنين، ما زالت الكثير من المخالفات تجري في اماكن متفرقة من البلاد.

وسجلت دائرة الطب العدلي، مؤخرا، وفاة 41 مواطنا متأثرا بإطلاق العيارات النارية خلال حزيران الماضي، مقابل ضعف واضح في أداء الأجهزة الأمنية، حيث يدعو ناشطون ومراقبون إلى ضرورة تطبيق القانون بشكل صارم، كما يأملون من شيوخ العشائر والشخصيات المؤثرة، التعاون مع قوات الأمن للتخلص من هذه الآفة الخطرة.

توجيه نيابي

ومؤخرا، أوصت لجنة الامن والدفاع البرلمانية بضرورة استثمار توجيهات مجلس القضاء الأعلى، للحد من ظاهرة الرمي العشوائي.

ودعا عضو اللجنة النائب بدر الزيادي، في تصريح صحفي، الأجهزة الأمنية الى الاستمرار في “متابعة توجيهات مجلس القضاء الأعلى للحد من هذه الظاهرة، التي تكثر في المناسبات، وإحالة مرتكبيها إلى القضاء ومحاسبتهم”.

وشدد الزيادي على وجوب أن “يكون السلاح بيد الدولة فقط، كون السلاح المنفلت يؤثر على الشارع والمدنيين، ولا بد من تطبيق القانون بصورة صحيحة”.

الاجراءات الامنية غير رادعة

ويقول الناشط المدني عبد الله حسين لـ”طريق العشب”، إن “الإجراءات الأمنية ليست كافية، ولا تجدي نفعا خصوصا في مناطق الجانب الشرقي من بغداد”، مؤكدا أن “دور القوات الأمنية في هذه المناطق خجول جدا ويخشى الصدامات”.

وينوه الناشط إلى أن “عدم متابعة قوى الأمن وعدم تكثيف تواجدها في المناطق الشعبية، هو أحد أسباب استمرارية حدوث النزاعات المسلحة بشكل مستمر في تلك المناطق”، مضيفا أن “القوات الأمنية بدل أن تقوم باعتقال مطلقي العيارات النارية، أصبحت تمارس دور فض النزاعات بعيدا عن القوانين”.

ويشير حسين الى انه “مؤخرا، نشب نزاع عشائري في منطقة (الأمين) التي أسكن فيها، تأثرت بسببه منازل المواطنين وعجلاتهم الخاصة. والحقيقة أن هذه الحادثة وغيرها تؤكد أن سلطة العشائر في هذه المناطق أصبحت أقوى من سلطة القانون. وأن دور القوات الأمنية عند مجيئها إلى مكان النزاع يقتصر على تهدئة الموقف، لتسوية الخلاف كما حصل في الحادثة الأخيرة، ولم تبذل تلك القوات أية جهود في سبيل اعتقال المجرمين”.

وبسبب “تخاذل قوات الأمن” يلاحظ حسين ان “هذه الظاهرة استفحلت في المجتمع، فلا بد من أن تكون هناك قوة حكومية ضاربة، تعتقل كل من يخالف القانون، والقضاء هو من يفصل في هذه القضايا، لا أن تكون القوات الماسكة للأمن حلالة مشاكل”.

الإفلات من العقاب

ويقول المواطن عامر عبد الله لـ”طريق الشعب”، إنّ “بعض مطلقي العيارات النارية هم منتسبون في أجهزة الدولة الامنية، وبعضهم أبناء مسؤولين وقيادات عسكرية في مناصب أمنية رفيعة، ويتفاخرون بأفعالهم عبر تصوير أنفسهم، وهم يطلقون النار، ونشر هذه الممارسات على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي. ويعود ذلك الى غياب الرادع الحقيقي واطمئنانهم لوجود من يحميهم ويخلصهم من سلطة القانون”.

وتابع عبد الله، ان “ظاهرة السلاح المنفلت منتشرة بشكل كبير في المناطق الشعبية. فالدولة عاجزة عن حصره، بل يباع في الأسواق العامة وأمام أنظار رجال الأمن”.

ويردف بالقول أن “المواطن الذي يبلغ الأجهزة الأمنية عن مطلقي العيارات النارية، تتم ملاحقته عشائريا، بينما تتخلى عنه السلطات الأمنية”، مضيفا ان هناك حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، توثق هذه الحالات بالفيديو والصورة، وتكشف عنهم، إلا أنهم لا يجدون أية متابعة حقيقية من أجهزة الأمن المعنية.

ويؤكد الناشط المدني احمد تاج لـ”طريق الشعب”، ان “عمليات إطلاق النار العشوائي و(الدكة) العشائرية، تكشف عجز قطعات الجيش والشرطة الاتحادية عن مكافحتها، لأن السلاح المنفلت أقوى من سلطة الحكومة”.

وبيّن تاج أن “المجتمع العراقي بات يحكمه العرف لا القانون، وهذا ما يلتمسه الجميع عند وفاة مريض ما في أي مستشفى، حيث يلجأ من يدعي الضرر إلى العشيرة لا القانون، إضافة للاعتداءات التي تحدث على موظفي الدولة الذين يحرصون على تطبيق القانون”.

خلل في التطبيق

ويعلل تاج استفحال تلك الظواهر بـ”عدم التعامل الصارم من قبل الجهات التنفيذية تجاه مرتكبي الأفعال الدموية. وان كانت الجهات القضائية أصدرت الأوامر، إلا أن الخلل في الجهات التي تنفذها”.

وتابع قائلا: ان “القضاء على هذه الآفة يكون بأكثر من طريقة من خلال تنظيم حملات ضغط وتوعية، وأيضا من خلال اجتماع شيوخ العشائر العراقية على كلمة واحدة، ترفض من خلالها هذه الأفعال، وتسلّم من يخالف القانون منها، وتتعاون مع القوات الأمنية التي يجب أن تأخذ دورها بالشكل المطلوب”.

ومرارا ما يتعرض مواطنون آمنون إلى الموت والاصابة بسبب عيارات نارية طاشة.

وفي هذا الصدد، يروي المواطن مصطفى الزبيدي لـ”طريق الشعب”، تجربته المريرة بوفاة أخيه قبل سنوات، بسبب اطلاقات طائشة.

ويقول الزبيدي “في احدى مباريات منتخبنا الوطني لكرة القدم والتي فاز بها على خصمه، تحولت سماء منطقتنا إلى جحيم، بسبب إطلاق العيارات النارية، وهو أمر غريب، ويتناقض مع الفرح والسرور بانتصار رياضي”، مضيفا “كان أخي الصغير وهو ابن العشرة أعوام يلعب أمام المنزل وسقط فجأة على وجهه، إثر رصاصة طائشة”.

وأعلنت مستشفى جراحة الجملة العصبية عن استقبالها 14570 حالة مرضية خلال النصف الأول من 2021 بينها 50 حالة طلق ناري بسبب الرمي العشوائي و 918 حالة حوادث مرورية  و1773 حالة سقوط من مرتفع إصابات بالدماغ والحبل الشوكي.

ويقول مدير المستشفى الدكتور سمير حميد الدلفي ان “مستشفى الجملة العصبية تستقبل وعلى مدار الساعة الحالات المرضية الطارئة لإصابات الدماغ والحبل الشوكي فضلا عن استقبال الحالات المرضية الباردة في الاستشاريات”.

ويضيف الدلفي ان “المستشفى استقبلت خلال النصف الأول من العام الجاري 14570 حالة مرضية بينها 8900 حالة مرضية راجعت الاستشارية فيما استقبلت الطوارئ 5670 حالة مرضية”.

ويوضح ان “من بين الحالات الطارئة بالدماغ والحبل الشوكي التي استقبلتها المستشفى 918 حالة من الحوادث المرورية للسيارات والدرجات والتكتك ونحو 1773 حالة سقوط من مرتفع و 50 حالة إصابة بطلق ناري جراء الرمي العشوائي”.

 ******************************************

معضلة الكهرباء تتعاظم

وجهات متنفذة تعتاش على الأزمة

 بغداد ـ طريق الشعب

قالت وزارة الكهرباء إنّها لم تتسلم طاقة كهربائية من إيران منذ شهر، فيما أكدت أنّ انتاجها الحالي يتراوح ما بين 19500 الى 21 الف ميكا واط.

ويعد خبراء في مجال الطاقة، أن الازمة تعد بابا من أبواب الفساد، وكل الشخصيات التي تسلمت ملف وزارة الكهرباء، تتحمل مسؤولية سوء الادارة.  وخلال الشهرين الماضيين، تعرضت شبكة توزيع الطاقة الكهربائية الى مجموعة كبيرة من الاستهدافات، وصل عددها، بحسب مسؤولين حكوميين، الى 100 استهداف، منذ بداية العام الحالي.  

وقد تصاعدت هذه الاستهدافات مع حلول فصل الصيف. وقد طالت الاتهامات جهات عدة، من بينها من تريد اخضاع القطاع الى مقصلة الخصخصة.

ويعتمد المواطنون على القطاع الخاص (المولدات الأهلية) لتزويدهم بأكثر من 80 في المائة من احتياجاتهم للكهرباء، ما يعني خصخصة القطاع على نطاق ضيق.

كارثة متوقعة

وقال وكيل وزارة الكهرباء، عادل كريم، في لقاء متلفز تابعته “طريق الشعب”، إن “الوزارة لم تتسلم اي طاقة كهربائية من ايران منذ شهر، والانتاج الحالي يتراوح من 19500 الى 21 الف ميكاواط”، لافتا الى “تفجير 33 برجا منذ شهر حزيران، فيما تعرضت اسلاك الطاقة الكهربائية في مناطق الجنوب والوسط إلى مشاكل كبيرة، بسبب الاطلاقات النارية”.

وأضاف أنّ “العراق أمام كارثة في الصيف المقبل اذا لم يتوفر الدعم. ففي كل سنة نحن نكون بحاجة إلى زيادة 1500 ميكاواط في الانتاج، وعلينا العمل من الآن، علما أن حاجة العراق تبلغ 35 الف ميكاواط ليتم بموجبها توفير الطاقة الكهربائية بشكل كامل ومستقر”، لافتا إلى أن “الإطفاء التام في بداية الشهر الحالي كان فيه نوع من الإهمال والتقصير، وتم إبعاد واعفاء مسؤولين في الكهرباء، ولم نتسلم حتى الآن دينارا واحدا من موازنة 2021 ونعمل بالدين، ووضعنا سيء جداً”.

وبيّن أن “شبكة توزيع الطاقة الكهربائية متهالكة وغير قادرة على نقل الطاقة، ناهيك عن تفجير 100 برج لنقل الطاقة منذ بداية هذا العام”.

وأردف كريم بالقول إنّ “صيانة شبكة الكهرباء أسهل من التوليد، وانه ممكن تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال 5 سنوات، لكن بشرط توفير الدعم”، كاشفا عن “توقيع عقد مع الكويت خلال الاسبوعين المقبلين، لتزويد البصرة بـ500 ميكا واط وبعدها 1000 ميكا واط”.

وأوضح “لدينا 160 الف موظف، بينما نحتاج لـ 35 الف فقط، وانه في حال عدم جمع ورفع تعرفة الجباية على الطبقات المتوسطة والمتمكنة فسنشهد عجزاً مالياً ضخماً يصل الى مليارات الدولارات”.

وخلص كريم الى انه “سنويا نطلب 6 تريليونات دينار عن أجور الجباية، بينما لا نحصل منها سوى على نصف تريليون. وهذا لا يشكل اكثر من 10 في المائة”، واصفاً الخطة الوقودية في وزارة النفط بـ”المتخلفة جداً”.

باب للفساد

وفي السياق، قال مهندس الكهرباء طارق خزعل لـ “طريق الشعب”، إن اسباباً كثيرة تمنع تجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية، فيما أشار الى ان ازمة الكهرباء باب من أبواب الفساد.

وأوضح أن “مستلزمات القضاء على الازمة الكهربائية متوفرة، والدولة قادرة على ذلك، لأنها تملك الامكانيات والاموال”، مشيراً إلى أن “سوء الادارة والفساد والصراعات السياسية وتقاسم وزارة الكهرباء أدى الى كل هذا الخراب”.

وتابع خزعل، أن “هناك إرادات خارجية تنفذها بعض الجهات من اجل ابقاء الوضع كما هو عليه”، مبيناً أن “المشكلة لا تتعلق بالإنتاج الكهربائي رغم الحاجة الى تعظيم الانتاج، لكنها تكمن في آليات النقل والتوزيع المهملة والتي لم يجر التطوير عليهما حتى الان، وهناك اصرار واضح على هذا النهج”.

وأكد المهندس، أن “هناك أموالاً طائلة تصرف بالمليارات مقابل استيراد الكهرباء من دول الجوار، فيما يجب أن توفر شبكات نقل وتوزيع”.

إهمال شروط السلامة وغياب الرقابة وتهالك البنى التحتية

*******************************************

الدفاع المدني تحصي 15 ألف حريق:

الأسباب كثيرة

بغداد ـ رقية مجيد

أصبح الإعلان عن الحرائق في مناطق متفرقة من البلاد، أمرا يكاد يكون شبه يومي، في ظل الاهمال الكبير لشروط السلامة في المراكز التجارية والأسواق والبيوت السكنية التي تسمى بـ”التجاوز”. ورغم الحديث المتواصل عن ضرورة إيقاف هذه الظاهرة، إلا أن الحالات بدأت في الزيادة بشكل كبير، بل وصلت إلى مديات أخرى تتعلق بافتعال الحرائق لأسباب عديدة من خلال استغلال هذه الفوضى، وعدم المتابعة والمحاسبة التي يفترض أن تقوم بها جهات مختصة.

إحصائية رسمية

وكشفت مديرية الدفاع المدني عن احصائية عدد حوادث الحرائق المسجلة خلال النصف الاول من السنة الحالية، مبينة أن هذه الظاهرة أصبحت تتكرر بشكل شبه يومي في البلاد، لأسباب عديدة، أبرزها ضعف عمليات التفتيش على اجراءات السلامة التي تغيب عن المشهد.

وقال مدير الدفاع المدني، اللواء كاظم بوهان لـ”طريق الشعب”، إن حوادث  الحرائق  تجاوزت 15 الف حادث خلال الفترة الماضية من العام الحالي. في حين سجلنا في السنتين الماضيتين معدلات تجاوزت 30 الف حادث”، بمعنى أن معدل حرائق هذا العام قريب من إحصائيات الأعوام السابقة، ولم يشهد أي اختلاف ملحوظ، يمكن اعتباره نتيجة ايجابية.

أسباب معروفة

وأضاف بوهان خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “أسباب الحرائق معروفة وتتعلق بكثرة المخالفات لشروط السلامة في أماكن العمل والبيوت التي بنيت بطريقة التجاوز. حيث أن هذه البيوت يتم البناء فيها بمواد رخيصة لكنها سريعة الاشتعال وخطرة، كمادة الـ(سندويتش) المنتشرة حاليا في جميع المجالات”، مبينا أن “مديرية الدفاع المدني تواجه عقبات وتحديات كبيرة رغم امكانياتها المحدودة والواضحة للجميع”.وتابع المتحدث ان “من أهم المشاكل التي تواجهنا أثناء معالجتنا للحرائق في العاصمة هو ضيق الطرق التي جرى خلال السنوات الماضية اقتطاعها، لذلك يكون من الصعب جدا الوصول إلى المحال التجارية التي تتعرض للحرائق، فلا توجد طرق سالكة ومريحة، ولا ممرات طوارئ تراعي ضرورة السرعة في مهامنا من أجل انقاذ حياة المواطنين وممتلكاتهم. بالإضافة إلى ذلك كله يقف التحدي الأكبر أمامنا بعدم تعاون كثير من المواطنين مع فرق الدفاع المدني، وعدم فسحهم المجال للعجلات التي تريد الوصول إلى موقع الحادث”. وأشار مدير الدفاع المدني خلال حديثه مع “طريق الشعب”، إلى أنه في السنوات الماضية “كانت فرق المديرية تحظى بمكافآت تشجيعية لتعزيز جهودهم في خدمة المواطنين، لكن بسبب الأزمة المالية وضعف التخصيصات في الموازنة، تلاشت هذه المكافآت ولم يعد العاملون يحصلون سوى على كتب الشكر والتقدير”.

غرامات كثيرة

وبيّن بوهان ان “الكثير من المشاريع التي لم تراعِ شروط السلامة جرى تغريمها وأقيمت ضدها دعاوى قضائية، لكن الاجراءات العقابية الموجودة في القانون لا يتم تطبيقها، فيما تغض بعض الأطراف المعنية نظرها عن المحاسبة والمتابعة، لأن فيها من يستفيد من أصحاب المشاريع. وبشكل عام، فإن المولات التجارية ربما هي افضل حالا من المحال والاسواق”.

تهالك البنى التحتية

وعن السبب في تكرار الحرائق، يقول المهندس المعماري، سيروان جمال، انها تحصل “بفعل تهالك البنى التحتية والخدمية في العراق، التي تعود في معظمها على الأقل الى نصف قرن وأكثر”.

ويتابع “تم استهلاكها لسنوات وسنوات ولا تخضع للصيانة الكافية ولا يتم الالتزام بمعايير السلامة والجودة. لقد تحولت إلى مبان مهترئة آيلة للسقوط في أي لحظة، وأشبه بقنابل موقوتة”. ويضيف “المستشفيات مثلا كلها قديمة وتعاني مبانيها من التآكل، وهي بحاجة ملحة للترميم والتجديد وإعادة التأهيل؛ فمثلا تمديدات الكهرباء والماء والصرف الصحي داخلها تكاد تكون منتهية الصلاحية، ما يجعلها دوما عرضة للتسبب بحوادث وكوارث كما نشاهد مع الأسف، فضلا عن أن تخطيطها الهندسي ما عاد يتوافق مع التطور في هندسة المرافق والمؤسسات الصحية والطبية العصرية حول العالم”.

تقصير واهمال

وعلى صعيد ذي صلة، تحدث صاحب أحد المحال التجارية في سوق الكمالية شرقي بغداد، عن الحريق الذي حدث في السوق، وكيف تسبب بخسائر مادية هائلة له ولرفاقه من أصحاب المحال. وقال ريسان ساري لـ”طريق الشعب”، إن الحريق الذي التهم بعض المحال في سوق الكمالية “تم بفعل فاعل، وخسرت بسببه ما يقارب الـ 110 ملايين دينار، بسبب تعرض محلي للاحتراق، فضلا عن خسارة مواطنين آخرين غيري مبالغ أكبر”. وأضاف ساري “لا توجد أية شروط للسلامة في المحال او السوق بشكل عام. وأن فريق الدفاع المدني في قاطع الكمالية لم يأتِ في وقت الحادث، إنما حضر بعد اطفاء النيران الذي تم على يد فريق قاطع البلديات”، مؤكدا أنه “لا يوجد اي شخص من الجهات المعنية قام بزيارتنا. كل ما حصل بعد الحادثة هو تقديم الوعود التي لم ينفذ منها شيء”.

 **************************************

الصفحة الخامسة

نداء إلى وزارة الصحة

كوفيد 19 .. التحديات والمسؤولية 

مزاحم الجزائري

احتلت أخبار مرض كوفيد 19 في المحطات الفضائية، على وجه الخصوص، المرتبة الثانية بعد الأخبار السياسية في أغلب بلدان العالم، إن لم يكن في جميعها. فبعد تفشي المرض للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية في أوائل شهر كانون الأول عام 2019. أعلنت منظمة الصحة العالمية رسميا في 30 / كانون الثاني /2020، إن تفشي الفيروس يشكل حالة طوارئ صحية تبعث على القلق، وأكدت تحول الوباء إلى جائحة يوم 11 /آذار/2020. ومع تفشي المرض عالميا، وفشل المساعي المحمومة لإيقافه أو الحد منه، والتي ذهبت أدراج الرياح جميعها أو كادت، دخلت العديد من البلدان الآن الموجة الرابعة من الوباء وسط أجواء محفوفة بالفزع من الدلتا المتحورة، في حين أن العراق لا زال في ذروة الموجة الثالثة، وقاربت الإصابات اليومية 13000 إصابة، وهذا جعله يتبوأ المركز الـ 22 عالميا والرقم مرشح للزيادة في الوفيات أيضا، ولا ندري ماذا تخبئ لنا الموجة الرابعة. وهذا يستدعي من المواطنين التحوط والتحرز لحماية أنفسهم وعوائلهم والآخرين من الإصابة بمتحور دلتا الجديد، الأسرع انتشارا والأشد فتكا. ويتطلب هذا من المواطنين ما يتطلب التقيد باشتراطات الوقاية المتمثلة بلبس الكمامة، والتباعد الاجتماعي، وتحاشي المصافحة والتقبيل، وغسل اليدين بالصابون وتعقيمهما، والابتعاد عن تجمعات الأعراس والمآتم. وما انتقادات الناطق الرسمي لوزارة الصحة أو اعضاء لجنة الاعلام، في لقاءاتهم مع المحطات الفضائية، سلوك اللامبالاة لدى المواطنين، وعدم خشيتهم من المرض إلا لكونه السبب الرئيس وراء ارتفاع الإصابات، ووراء تلويح خلية الأزمة بفرض حظر كامل للتجوال محتمل إذا ما تفاقم المرض. وفي الوقت الذي ننحي فيه باللائمة على المواطنين لفقدان أغلبهم الشعور بالمسؤولية. فاننا أننا نعلم أن جانبا مهما من مستلزمات التصدي لهذا الوباء يقع على جانب المؤسسات الصحية، وهم يتحملون الوزر الكبير في مقارعته، فهل نهض القائمون على هذا الأمر بمتطلبات دورهم؟ وما عساهم أن يقوموا به من رصد ومتابعة ومراقبة لحيثيات عمل مؤسساتهم بالرغم من اقرارنا بتهالك البنية التحتية لهذه المؤسسات في عموم البلاد؟

إن المؤشرات الميدانية، تشير، وللأسف، الى الضد من هذا، فأغلب منافذ التطعيم بائسة وينقصها الشيء الكثير رغم بساطة احتياجاتها بعد تزايد اقبال المواطنين على التلقيح، ونحن ندعو الأخوة الأعزاء في لجنة الإعلام المركزية، أو من هم في لجان إعلام المحافظات، زيارة عينات عشوائية من منافذ التطعيم لا ليقفوا على صحة ما نزعمه، بل ليقفوا على ما يجري، ويتداركوا الأمر، ويتفادوا ما هو أعظم قولا وفعلا. وإن ما ندعوهم إليه، ليس ببعيد عن واجبهم المهني، ولا هو خارجه، ولا يتعارض مع توجهاتهم الإنسانية ، ولا بأس أن يستعينوا بزملائهم للوقوف على ما ندعيه. إن ما دعاني للكتابة في هذا الشأن هو السعي للحد من شيوع المرض وتفشيه، والتنبيه لما يوجد من ثغرات في منظومتنا الصحية، والدعم والتضامن مع الجهود المتفانية التي نهض بها جيشكم الأبيض، وتثميننا العالي لجهودكم التي بذلتموها في ظروف مركبة وبالغة التعقيد، ولما تقاسوه من وطأة الدوام وخطورته.

ويمكن تقسيم المعوقات إلى شقين:

الأول: مهني

 *ويندرج تحته ضيق الأمكنة المخصصة للتطعيم، فأغلب عمليات التلقيح تتم في مكان مجتزأ من البناية الأم، إن كانت مستشفى أو مركزا صحيا، واللجنة محشورة فيه حشرا لضيقه، وتفتقد عناصر السلامة والتباعد.

* قلة الكراسي، واكتظاظ الغرف والممرات بالمراجعين، وانعدام التهوية والتبريد، وانقطاع الأنترنيت وتوقف عمل الحاسبة بين الحين والآخر، وهذه الأجواء من الأسباب الطاردة للتلقيح، وقد تكون بؤرة لانتشار الوباء وتفشيه.

 * من اشتراطات التطعيم، الاتصال بمنصة الوزارة، وملء الاستمارة بالمعلومات المطلوبة، والغريب في الأمر، أن على المراجعين عند الذهاب إلى المنفذ مراجعة الحاسبة أولا للتحقق من اتصالهم وورود أسمائهم ، وهذا يستدعي انتظارهم، وعند اتمام هذه المهمة ينبغي الوقوف في طابور آخر لملء الاستمارة من جديد، وعليهم الانتظار مرة أخرى لإجراء البصمة أمام موظف آخر، في حين أن هذا الأمر لا يحتاج إلى ثلاثة موظفين بل  موظف واحد، أو أكثر من موظف في حالة الازدحام، والانتظار بعدها حتى ينادى عليك ليتم تطعيمك في ظروف تفتقد لاشتراطات الوقاية، ما عدا الكمامة، قد تمتد لأكثر من ساعة أو ساعتين، وقد تكون سببا في اصابتك بالوباء اللعين. وهذا يدعونا للتساؤل عن جدوى ملء الاستمارة الكترونيا، أليس الغرض منها أصلا اختزال الوقت والإسراع في عملية التلقيح وتلافي الاختلاط؟ فلم هذا التعقيد، نرجو الاسترشاد بتجارب الدول الأخرى كالسعودية مثلا.

 الثاني: إداري

*العمل على ايجاد أماكن مناسبة تستوعب اعداد الملقَحين والتي يمكن أن تطبق فيها شروط الوقاية كالقاعات والمسارح وما سواها، والتي تتوافر فيها وسائل التهوية والتبريد، وضمان التباعد على الأقل في مراكز المحافظات، أو حيثما تتوافر مثل هذه المنشآت.

*توجيه أعمام لمدراء المستشفيات والمراكز الصحية لتبليغ منتسبيهم بعدم التوسط لأقاربهم وأصدقائهم والتقيد بالنظام واحترامه، فأسبقية التطعيم لمن حضر، ويرجى الابتعاد عن احراج زملائكم في اللجنة أمام المراجعين. وما زال التطعيم متاحا للجميع، فاللجوء لمثل هذا السلوك يجعل المنتسبين تحت طائلة المساءلة.

*تتعكز بعض المراكز الصحية على أن يوم الجمعة هو عطلة رسمية، والجميع يعرفون أن الدوام فيها 50% إسوة بالدوائر الخدمية والأمن الداخلي، أو أن الأمر الوزاري لم يفعل، في حين نحن الآن في سباق مع الزمن للحيلولة دون انهيار منظومتنا الصحية، فلم التقاعس؟

 

**************

أگـول

اذن من طين

واذن من عجين!

عامر عبود الشيخ علي

تتزايد يوميا مقاطع الفيديو القصيرة الساخرة التي تنشر من قبل افراد او جماعات من الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لرصد معاناة المواطن العراقي جراء نقص الخدمات في الكهرباء والماء والصرف الصحي والنظافة وغير ذلك. ناهيك عن تردي أوضاع التعليم والصحة وتفشي البطالة وتفاقم نسبة الفقر.. فكل ذلك يظهر من خلال مقاطع ساخرة تشكل بمجملها كوميديا سوداء، تعكس الواقع المزري المعاش في ظل حكومة لم ولن تلبي مطالب الجماهير في تحقيق الحد الأدنى من العيش الكريم.

ومن بين المشاهد الساخرة التي عرضت هذه الأيام، جلوس شخص في حديقة المنزل مع اطفاله وقت المساء، هربا من حر الصيف وانقطاع التيار الكهربائي. وكان هذا الشخص ماسكا خرطوم الماء بقصد الاغتسال مع أطفاله والتخفيف من شدة حرارة الجو. لكن الماء كان منقطعا هو الآخر، الأمر الذي جعله يندب حظه لوجوده في وطن يعوم على الخيرات وهو محروم منها.

أما المشهد الآخر الذي انتشر بشكل واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، فيظهر مواطنا يجلس وسط نفايات متراكمة في حيه السكني، وهو يسخر بشكل كوميدي، على أساس انه يجلس وسط حديقة مملوءة بالزهور وتفوح منها روائح طيبة!

أن هذه المشاهد الساخرة لم تأت اعتباطا أو بطرا، بل انها صورا تعبر عن انفعالات المواطن في ظل واقع أثر ويؤثر كثيرا على البنية الاجتماعية، وكرّس حالة من الظلم في حق أبناء الشعب. وبالنتيجة، ان السخرية سلاح فعال للنقد، خصوصا ضد السلطة الفاسدة.

نقول، لو كانت هذه المشاهد في دول تحترم شعوبها، لاستقالت حكومات وتعرض الوزراء المعنيين الى المساءلة والعقوبات. وهناك امثلة كثيرة لا حصر لها باستقالة رؤساء دوائر ووزراء في دول عديدة، نتيجة مشكلات نتصورها بسيطة، كاستخدامهم عجلة حكومية خارج الدوام الرسمي. إذ يوجه إليهم القضاء تهمة استخدام المال العام لأغراض شخصية!

أما هنا، فالمواطن يتظاهر ويطالب بحقه المشروع سلميا، فيما الحكومة لا تستجيب، مجسدة في ذلك مقولة “اذن من طين واذن من عجين”!

 

***************

مات معلم الفقراء!

حسين ناصرية

عاش الأستاذ التربوي فياض جويد المالكي، المولود عام 1975 في مدينة الناصرية، طوال العقدين الماضيين ناذراً حياته لتقديم الدروس الخصوصية مجانا لطلبة المدينة، سعيا لمساعدتهم في تحقيق النجاح.

وكان الأستاذ المالكي يفتح ديوان بيته المتواضع أمام الطلبة، منذ التاسعة صباحا حتى ساعات متأخرة من الليل، خاصة في أيام الامتحانات.

كان أبا ومعلما ومثقفا ومربي أجيال. إذ خرج من ديوان بيته المبني من مواد أولية فقط، اطباء ومهندسون وغيرهم من خريجي الاختصاصات العلمية. وكنّا ندخل مباشرة لحضور الدرس، من دون أن نطرق الباب حتى. وعندما كانت تحلّ فترة الطعام، كان أستاذنا يقدم لنا ما متوفر لديه في المنزل من مأكولات.

الأستاذ فياض خطفه وباء كورونا اللعين يوم الجمعة 16 تموز الفائت، بعد أن توقفت رئتيه عن التنفس فجأة.

رحل ورحل معه تاريخه التربوي الذي جسده بشخصه، مدرسا ومعلما ومربيا فاضلا بكل معنى الكلمة.

لك الذكر الطيب يا أستاذنا العزيز، ولنا ولكل طلبتك الصبر.

 

*************

أهالي السيدية يشكون انخفاض

فولتية الكهرباء

بغداد – مهدي العيسى

يعاني أهالي المحلة 827 في منطقة السيدية ببغداد، انخفاض فولتية الكهرباء الوطنية من 220 فولت (في الوضع الطبيعي)، إلى 120 فولت.

وأوضح عدد من الأهالي في حديث لـ “طريق الشعب”، أن هذه المشكلة حرمت سكان المحلة من تشغيل أجهزة التبريد، كالسبلت والمبردة والثلاجة، فضلا عن مضخات المياه والمراوح التي باتت لا تعمل بشكل طبيعي، باستثناء المصابيح الاقتصادية، الأمر الذي جعلهم يعانون حرارة الجو الشديدة، التي تتجاوز هذه الأيام نصف درجة الغليان.

 ويرى الأهالي، انه بالإضافة إلى مشكلة الانقطاعات الكثيرة للكهرباء وعدم استقرارها، جاءت هذه المشكلة لتزيد من معاناة المواطن “وكأن الأمر متعمّد لضمان عدم تشغيل أجهزة التبريد، وبالتالي تقليل الحمل عن منظومة الكهرباء” – على حد اعتقادهم.

يناشد أهالي المحلة، الجهات المعنية معالجة هذه المشكلة في وقت عاجل.

 

***************

أزمة البنزين تطل على الموصل!

الموصل – طريق الشعب

تشهد مدينة الموصل هذه الأيام، أزمة في الوقود، وتحديدا مادة البنزين، ما دعا السلطات المحلية إلى تطبيق نظام "الزوجي والفردي" لتزويد المركبات بالوقود في المحطات الحكومية والأهلية. 

وتعتبر الموصل واحدة من كبريات المدن العراقية من حيث عدد السكان، وهي تحتل موقعا جغرافيا مهما باعتبارها مجاورة لمحافظات إقليم كردستان، ما يجعلها ممرا للمركبات المتوجهة للسياحة أو نقل البضائع القادمة من تركيا.

وبالإضافة إلى ذلك، ووفقا للعديد من المتابعين، فإن أعدادا كبيرة من السيارات انتشرت خلال السنوات الأخيرة في المدينة، ومعها افتتحت عشرات محطات الوقود، حكومية وأهلية.

ويذكر المتابعون لـ "طريق الشعب"، أن الجهات الحكومية المعنية، حددت حصة الموصل من الوقود بنسبة معينة تغطي حاجتها، إلا ان ارتفاع سعر البنزين في إقليم كردستان، شجّع بعض "ذوي النفوس المريضة" من أصحاب محطات الوقود، على تهريب هذه المادة.

ويرى المتابعون، أنه يتوجب على الدوائر المعنية زيادة الرقابة على محطات الوقود، لضمان توزيع البنزين على المواطنين ومنع تهريبه.

*************

مواساة

 

  • بشديد الحزن والأسى تعزي محلية بابل وأساسية الهاشمية للحزب الشيوعي العراقي (منظمة البوفارس)بأستشهاد نجل الرفيق محيي هاشم سلمان في قاطع عمليات ديالى.للفقيد الذكر الطيب ولعائلته ومحبيه الصبر والسلوان
  • ببالغ الحزن والأسى تعزي محلية بابل ومنظمة المدحتيه للحزب الشيوعي بوفاة الرفيق عيدان عبيس(أبوباسم)اثر تعرضه للأصابه بوباء كورونا. والرفيق من المناضلين القدماء الذين سخروا انفسهم للعمل التنظيمي وكانت دارهم مخصصة للموسسات الحزبية والمناسبات الوطنية نللرفيق الذكر الطيب ولروحه السلام ولعائلته ورفاقه ومحبيه الصبر والسلوان
  • تنعى منظمة الحزب الشيوعي العراقي وفاة الرفيق ( ناشي حسن دبس ابو حيدر) عضو اللجنه المحلية السابق  ومسوؤل  منظمة سوق الشيوخ بعد ٢٠٠٣، للفقيد الذكر الطيب ولاهله ورفاقه والمحبين الصبر والسلوان
  • تنعى لجنة المثقفين المحلية في الحزب الشيوعي العراقي فقيدها الراحل الرفيق الفنان المبدع علي سالم الذي توفي

فجر الخميس المصادف29 تموز  .  وبرحيله فقد الحزب ورفاقه ومحبوه رفيقا ملتزما وفنانا مبدعا ومحبوبا .لعائلته ورفاقه ومحبيه الصبر والسلوان .

  • تعزي منظمة هولندا وبلجيكا للحزب الشيوعي العراقي الرفيق العزيز ابو اروى لفقدان اخته السيدة أم عوف، والتي وافتها المنية صباح هذا اليوم .وبهذا المصاب الاليم نتقدم بتعازينا الى رفيقنا العزيز ابو اروى ولعائلته جميعا، ولتكن هذه خاتمة الاحزان الذكر العاطر للفقيدة ام عوف منظمة هولندا وبلجيكا للحزب الشيوعي العراقي 29 تموز ٢٠٢١
  • تلقينا ببالغ الحزن نبأ رحيل المستشرق والاستاذ الجامعي بيتر شورد، وبهذا المصاب الاليم نتقدم الى رفيقتنا عفيفة لعيبي، بالتعازي الحارة والمواساة ، متمنين ان تجتازين هذا الآلم الكبير.

نشد على ايديك ايها الرفيقة العزيزة، داعين أن تتغمده الرحمة، وكلنا ثقة ان رفيقتنا ستجتاز هذه المحنة الصعبة ونحن معها .

له الرحمة ولتكن خاتمة الأحزان

رفاقك في منظمة هولندا وبلجيكا للحزب الشيوعي العراقي

٢٩ تموز ٢٠٢١

  • ببالغ الحزن والأسى تعزي محلية بابل ومنظمة المدحتيه للحزب الشيوعي بوفاة الرفيق عيدان عبيس(أبوباسم) اثر تعرضه للأصابه بوباء كورونا. والرفيق من المناضلين القدماء الذين سخروا انفسهم للعمل التنظيمي وكانت دارهم مخصصة للموسسات الحزبية والمناسبات الوطنية للرفيق الذكر الطيب ولروحه السلام ولعائلته ورفاقه ومحبيه الصبر والسلوان
  • هيئة تنظيم الحزب الشيوعي العراقي في الحي ببالغ الحزن والاسى وردنا نبأ رحيل الدكتور يعرب عبد الجبار  عبد الله الذي كان من ناشطي اتحاد الطلبة العراقي  في كلية الطب  مطلع سبعينات  القرن الماضي.  له الرحمة والذكر الطيب دوما  والصبر والسلوان للعائلة الكريمة ولسائر معارفه ومحبيه 
  • كما تعزي عائلة ناشط حزبنا في مطلع سبعينات القرن الماضي فقيدها الراحل جواد كاظم التتنجي الذي وافاه الاجل اثر اصابته بمرض عضال له الرحمة والذكر الطيب دوما والصبر والسلوان لعائلته الكريمة وسائر محبيه
  • تنعى منظمة الجمهورية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة وفاة الشاب مهدي ابن الرفيق حمدي كريم اثر حادث سير مؤسف . الذكر الطيب للفقيد الراحل والصبر والسلوان لرفيقنا ابو كريم ولاهله ومحبيه.

****************

الصفحة السادسة

وقفة اقتصادية

إلى متى يظل الاعمار ملفا مؤجلا؟ 

ابراهيم المشهداني

من المعروف أن التعاقدات التي تبرم لتنفيذ المشاريع الاقتصادية والخدمية التي يحتاجها المجتمع من خلال الدولة وتنفذها المؤسسات الحكومية أو الشركات الخاصة لا يمكن أن تتم إلا بالارتباط مع استراتيجيات الدولة كإطار عام يؤسس لنوع هذه المشاريع وطبيعتها وأهميتها ودورها في الارتقاء في الاقتصاد والمجتمع عبر عملية إعمار واسعة يجري التعبئة والتحشيد لها من قبل أطراف الدولة ذات العلاقة كافة.

  وفي كل الدراسات والأبحاث والتقارير التي تصدرها مراكز محلية وعالمية فإن العراق من البلدان التي تمتلك ثروة هائلة يشار لها بالبنان، ولأجل تحويلها إلى قيم مادية ملموسة ومفيدة للمجتمع  لابد من توافر ثلاثة عناصر اساسية مستمدة بالأصل من بواكير الفكر الاقتصادي، العنصر الأول يتمثل برأس المال البشري وآلية الاستثمار  فيه  وكيفية إعداده،  والعنصر الثاني رأس المال الاجتماعي وبدوره يشتمل على رأس المال الاقتصادي أو ما يسمى ( بالبني التحتية ) والتي تتألف من شبكات الطرق والكهرباء والماء والغاز سواء الطبيعي أو المصاحب والاتصالات والأبنية والمؤسسات العلمية وقطاعات التعليم والصحة والمؤسسات القانونية فضلا عن رأس المال المادي الثابت والذي يتعلق بالأنشطة الانتاجية المباشرة من السلع والخدمات، والعنصر الثالث حجم الثروة من الموارد الطبيعية ومخزوناتها، ورغم تمتع العراق بالموارد الطبيعية  الكثيرة إلا أنه يفتقر إلى رأس المال الاقتصادي بوصفه الجزء الاساسي من البنى التحتية.

ومن الجدير بالذكر هنا أن البنى التحتية تحتل أهمية خاصة في برامج التنمية الاقتصادية التي تتطلب قبل كل شيء خدمات بنيوية متكاملة وتشمل الطرق وموانئ وسكك الحديد والكهرباء والطاقة الوقودية.  وبدون توافر هذه البنى فإن عملية الاعمار، التي طالما دعت لها الحكومات المتتالية وزعمت تنفيذها، والانتقال بها إلى مرحلة متطورة من التنمية الاقتصادية ولكن الواقع يشير إلى انها مجرد زوبعة في فنجان. فالطرق العامة البرية متأكلة ومخربة لدرجة أصبحت طرقا للموت حسب تقارير دوائر المرور، ولم نسمع من وزارة الاعمار والاسكان توصيفا لهذه الطرق ومشاريع استراتيجية لمعالجتها، أما الموانئ فان التقارير عنها وإلى حد قريب مثيرة للاستغراب لأنها تحولت بالطرق التي تدار بها إلى مرافق  خاصة تابعة لهذا الحزب أو ذاك او لهذه الميليشيا أو تلك  ولهذا تحولت إلى منافذ للتهريب أو دخول بضائع خارج الصلاحية ناهيك عما يصاحب ذلك من إدخال الممنوعات، وأما سكك الحديد فأمست أوهن من بيت العنكبوت، أذا ما قورنت بمرحلة الستينات والسبعينات بل وقبل ذلك  في اربعينات وخمسينات القرن الماضي .أما الكهرباء فتحولت بعض قطاعاته إلى مستنقع للفساد فحتى عام 2017  كانت مجموع المبالغ الرأسمالية المخصصة لها 40 مليار دولار وهذه المبالغ كافية لإنتاج 40 الف ميجاواط  كافية لسد حاجة العراق والتصدير إلى الخارج .

   وبرغم الاضطراب في السياسة الاقتصادية للدولة فلا زالت المراهنة على مشروع مجلس الاعمار الذي يهدف إلى انشاء البنى التحتية وإقامة المشاريع الكبرى كالطرق والجسور والمطارات والموانئ والسكك سريعة الحركة لما في ذلك من توفير فرص عمل، والأهم في الموضوع أن التمويل لا يعتمد على الموازنات السنوية بل عن طريق الاستثمار المباشر وغير المباشر. واذا ما تحقق كل ذلك فسيكون العراق قد تجاوز الخسائر التي تكبدها في الفترة منذ عام 1979 والتي تقدر 830 مليار دولار .إن النجاح في هذه المشاريع الكبيرة يتطلب وضع خارطة طريق متوسطة وبعيدة المدى مع الأخذ بعين الاعتبار تحديد الاولويات التي يحتاجها الاقتصاد والسوق العراقية واعاد تقييم شامل لكل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتنسيق مع الحكومة الصينية التي يفترض ان تدخل شركاتها إلى العراق تنفيذا للاتفاقية المبرمة بين الحكومتين، وضمان تمويل المشاريع المبرمجة في المجلس خارج إطار الموازنات السنوية وإنما من خلال صندوق سيادي حكومي وانهاء الازدواجية في المؤسسات المتخصصة في مجال الاستثمار ومعالجة التقاطع في الصلاحيات بين الهيئة العامة للاستثمار والمحافظات .

*************

مختصون يؤشرون مخالفات قانونية ومخاوف من صفقة فساد جديدة

“النفط مقابل السلع والخدمات”

اتفاقية غامضة تخدم لبنان لا العراق

بغداد- نورس حسن

يكتنف الاتفاقية الاخيرة التي وقعتها الحكومة مع لبنان، والتي اطلق عليها (النفط مقابل السلع والخدمات) “كثير من الغموض”، فلم تفصح بنودها عن مدة الاتفاق، الاطراف التي تتولى تنفيذها، الشروط التعويضية في حال الاخلال، وكذلك نوعية السلع التي ستقدمها بيروت الى بغداد مقابل النفط الاسود، بحسب خبراء نفطيين  مراقبين.

وقال الخبراء إن الاتفاقية لا يمكن إدراجها في إطار المنفعة المتبادلة، انما هي للمساعدة في انتشال اللبنانيين من واقعهم المزري.

وقانونيا، أشرّ مختصون كثيرا من النواقص التي لا ترقى معها الاتفاقية الى هذه التسمية، بل هي مذكرة تفاهم، مشددين على ضرورة إيجاد رقابة قانونية على تطبيق تلك الاتفاقيات، التي حصحص فيها الفساد في وقت لاحق.

ووفقا لوزارة النفط، إن الاتفاقية دبّر توقيعها رئيس الوزراء ووزير المالية، وان الحكومة ستصدر، بموجبها، نفطا أسود فائضا عن حاجة العراق الى بيروت.

اتفاق في خدمة لبنان

الخبير في الشأن النفطي حمزة الجواهري قال في حديث لـ”طريق الشعب”، ان الاتفاقية “يكتنفها الكثير من الغموض: لم تتطرق الى المدة الزمنية للاتفاق، ولا نوعية النفوط التي سيتم منحها للجانب اللبناني مقابل السلع والخدمات”.

ونبّه الجواهري الى ان سلعا أدرجها الاتفاق تصنع محليا، بينما يعمل العراق على استيرادها بشكل مستمر.

وبيّن المهندس والخبير النفطي، ان “القيمة المالية للنفط الذي سيتم منحه تعادل 370 مليون دولار، وهذا مبلغ غير قليل، ويمكن ان يكون كفيلا بالنهوض بالواقع الخدمي في البلاد، اذا ما استثمر بالشكل الصحيح”.

وبخصوص الأسباب التي تقف وراء عدم سعي العراق لتكرير النفط واستغلاله في توليد الطاقة الكهربائية، ذكر ان “هناك كميات غير قليلة من النفط الاسود يتم تكريره واستخدامه محليا، ومع ذلك هناك الكثير من المعوقات التي تحول دون التوسع في عمليات التكرير، منها ضعف الجانب الامني، ومعرقلات عمليات الاستثمار في البلاد”.

وخلص الجواهري الى ان اتفاقية العراق ـ لبنان هي لمساعدة بيروت اكثر من كونها اتفاقا تجاريا اقتصاديا تبادليا بين بلدين.

نفط أسود فائض

وقال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، في تصريح خصّ به “طريق الشعب”، ان “الاتفاقية وقعت من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وبحضور وزير المالية علي عبد الامير علاوي، وتنص على منح الجانب اللبناني 1000 طن من النفط الاسود، مقابل سلع وخدمات”.

وحول أسباب عدم استثمار النفط الاسود محلياً أكد جهاد “انه نفط فائض عن حاجة العراق، وان الوزارة تعمل على تكرير كميات تسد الحاجة المحلية من النفط الاسود في البلاد”، حسب قوله.

انفتاح تجاري إقليمي

وعلل الخبير الاقتصادي عامر الجواهري، إبرام الحكومة للاتفاقية بأنها “لدعم الاقتصاد اللبناني الذي يعاني تدهورا منذ عقود”، مشيرا الى ان هناك مساعي لدى العراق “لتطوير وتوسيع التجارة مع البلدين لبنان وسوريا، وعدم الاقتصار على مثلث التجارة: العراق، مصر والاردن”.

وزاد الجواهري في حديث مع مراسل “طريق الشعب”، أن الحكومة “ترغب في خلق توازن تجاري سياسي مع بلدان المنطقة عبر توقيع اتفاقيات تجارية داعمة للبلدين”.

وتعليقا على أبزر البنود التي تضمنتها الاتفاقية، قال الجواهري انها “غير واضحة المعالم، وعلى الحكومة ان تكون اكثر وضوحا خاصة ان النفط هو المصدر الوحيد للاقتصاد العراقي، وان أي اتفاقية مبهمة تكون محورا للشكوك والتساؤلات”.

ولا يشكك الجواهري في التزام الجانب اللبناني بشروط الاتفاق، قائلا ان بيروت بإمكانها تحقيق الكثير في ما يتعلق بالسلع والخدمات المصدرة للعراق، مردفا “لكن هذه الخطوة يجب ان تخضع لمراقبات ومقاييس اقتصادية خاصة في جميع الجوانب”.

فشل في تطوير القطاع النفطي

ولفت الخبير الجواهري الى ان “الحكومات المتعاقبة وللاسف الشديد جميعها اخفق في انشاء محطات لإعادة تكرير وتصفية النفط للاستفادة منه محليا، لذلك فإن هناك فائضا كبيرا من النفط الاسود غير المستغل محليا، ويباع الى دول الخليج وفق اسعار هي من تتولى تحديدها”.

واستطرد الاسدي ان تلك الحكومات وبعد عقود من التغيير فشلت في تطوير القطاع النفطي، مؤكدا انه لا يوجد مبرر لبلد نفطي مثل العراق في أن يقوم باستيراد الوقود من لتوليد الطاقة الكهربائية، ومع ذلك لم يتحقق الاكتفاء والانتاجية المناسبة للتيار الكهربائي”.

اتفاقية غير مستوفية شروطها

وقانونيا، يجد الحقوقي أمين الاسدي، مختص بالقانون الدولي، ان “الاتفاقية تفتقر الى نواقص كثيرة لا يصلح مع عدم وجودها أن نسميها اتفاقية، بل يمكن ان تكون مذكرة تفاهم بين بلدين”.

وأوضح الاسدي لـ”طريق الشعب”، أنه “وفق القانون يجب ان تكون الاتفاقية مرهونة بشروط كالمدة الزمنية المحددة للبدء بتطبيق الاتفاق، ومتى ينتهي، فضلا عن تحديد الجهات التي ستعمل على تحقيق بنودها، وغيرها من الشروط المتعلقة بقيمة المبالغ المالية وفوائدها، فضلا عن نوعية الشروط التعويضية في حال اخفاق أحد الطرفين في تطبيق البنود، ناهيك عن الاشراف الدولي”.

ولا يستبعد الاسدي أن تطال آفة الفساد الاتفاقية، مستنداً في حديثه الى أن “الكثير من الاتفاقات التي عقدتها الحكومة، سواء الثنائية منها أم الاتفاقيات الدولية، والتي صوّت على غالبيتها مجلس النواب، وكانت تخص الملف الامني والعسكري وكذلك البنى التحتية، بينما لم يلمس المواطن منها شيئا”.

وشدد الأسدي على ضرورة تفعيل الدور القانوني الرادع في هذا الجانب “هناك الكثير ممن نهبوا خيرات البلاد من خلال اتفاقيات فساد واضحة للعيان، ويزال بعضهم يتمتع بنفوذ ملحوظ في السلطة، وآخرون يتمتعون بما نهبوا في خارج البلاد”.

****************

الأزمة المالية العالمية دفعتها إلى أمام

الاحتجاجات الحاشدة تتسع وزادت نسبتها عن الثلث عالميا

متابعة – طريق الشعب

وفقًا لتقرير نشرته أخيرا مجموعة   Chaucer العالمية للتأمينات والخدمات المالية، ارتفع عدد الاحتجاجات والتظاهرات الجماهيرية الحاشدة إلى 36 في المائة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 – 2009، لتصل إلى متوسط 482 احتجاجًا سنويًا في العقد الذي يلي الأزمة المالية العالمية، مقارنة بمتوسط 355 احتجاجًا سنويًا خلال العقد الماضي حتى 2009.

ولاحظ التقرير ارتفاعًا في عدد التظاهرات الجماهيرية الحاشدة في كل من أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ارتفع متوسط الاحتجاجات السنوية في أوروبا بنسبة 71 في المائة ليصل إلى 157 تظاهرة حاشدة سنويًا في الفترة من 2010 – 2019 مقارنة بـ 92 تظاهرة سنويًا في الفترة من 2000 – 2009. أما عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فقد ارتفعت من 22 تظاهرة سنويًا إلى 72 مظاهرة سنويًا وبنسبة 229 في المائة.

لقد أدت السياسات المرتبطة بالأزمة المالية العالمية إلى مزيد من الإجراءات التقشفية تراوحت بين تقليل الإنفاق على الدعم الاجتماعي إلى زيادة الضرائب مما أدى إلى اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية على مستوى العالم.

في الولايات المتحدة، ومع زيادة الزخم الذي اكتسبته حركة “حياة السود مهمة”، ارتفع عدد الاحتجاجات الحاشدة من 2553 إلى 6545 مظاهرة العام الماضي بنسبة زيادة 156 في المائة. وشهدت ألمانيا أكبر ارتفاع في عدد الاحتجاجات الكبيرة بين الاقتصادات الأوروبية الكبيرة بنسبة زيادة 247 في المائة تليها فرنسا بنسبة زيادة 180 في المائة.

وأدى تأثير الأزمة المالية العالمية على الدول النامية إلى تراجع في نسبة الصادرات وانخفاض في المساعدات، وتدفقات رؤوس الأموال أدت إلى مزيد من سياسات التقشف فتم تقليل الإنفاق على برامج الدعم الاجتماعي. كما شهد العقد الماضي ثورات الربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالإضافة إلى زيادة ثابتة في الاحتجاجات بسبب الأزمات الاقتصادية في دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مثل زيادة أسعار الوقود والمشاكل الأمنية في نيجيريا واحتجاجات جنوب إفريقيا بسبب الرسوم الدراسية وتجميد الحد الأدنى للأجور.

وشهد الاقتصاد العالمي، العام الماضي، أكبر نسبة انكماش اقتصادي منذ الكساد الكبير نتيجة لتفشي جائحة كورونا. وتشير أحداث العقد الماضي أن مزيد من الاضطرابات السياسية والاحتجاجات الشعبية ستظهر في السنوات القادمة في أعقاب جائحة كورونا

وتعكس الانتفاضات العالمية أيضًا تعقيد الصراعات المتقاطعة، والتي تلعب دورًا متزايد الأهمية، في ضوء التحول الاستبدادي نحو اليمين في العالم. في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة نتيجة لانتشار الوباء، ينبغي التأكيد على بقاء النضال في سبيل المشاركة الاقتصادية أو مكافحة الاستبعاد الاجتماعي، كعنصر ربط في المقدمة. ويظهر هذا أيضًا من خلال مثال شيلي، حيث شهدت الدولة، التي عدت نموذجا لليبرالية الجديدة، واحدة من أكثر الانتفاضات اتساعا في السنوات الأخيرة، والتي أدت إلى استفتاء دستوري. ونفس الشيء ينطبق على الانتفاضة العراقية، حيث يسعى المتسلطون حصرها في اطر طائفية. وحتى في كولومبيا، حيث يدور الصراع على من يتحمل تكاليف ازمة الوباء، وتحاول الحكومة، عبر “اصلاح” ضريبي، تحمل الفئات الأقل دخلا فاتورة الحساب، وعلى الرغم من سحب الحكومة لمشروعها، الا ان الانتفاضة اخذت بعدا سياسيا لمواجهة حكومة الليبراليين الجدد المستبدة.

وسنرى ما إذا كان الصراع على تكاليف الوباء سيشكل اتجاه الانتفاضات المقبلة بطريقة مشابهة لما فعلته الأزمة المالية الأخيرة. السؤال إذا ما كانت الانتفاضات المقبلة ستنتج موضوعًا سياسيًا جديدًا، مرتبطا بتحولات في البنية الاجتماعية والطبقية للمجتمعات، وإذا ما كانت العديد من النضالات التحررية المختلفة والمتشابكة ستلعب هنا دورًا، هذا ما لم تتم الإجابة عليه بعد. على أية حال، فإن الانتفاضة العالمية الكبرى، بجوانبها العديدة ضد سلطة ادارة أزمة الرأسمالية المتأخرة بدأت منذ زمن بعيد.

**************

الصفحة السابعة

الكراهية ليست حاجة ولا ضرورة

تحديات تواجه الثورة الكوبية في القرن الحادي والعشرين

رشيد غويلب

نشر موقع “شيوعيون” الألماني حوارا ضافيا مع جورجينا ألفونسو غونزاليس مديرة المعهد الفلسفي في كوبا. تناولت فيه اللحظات والتحديات الحرجة للثورة الكوبية في القرن الحادي والعشرين. وقدمت قراءة نقدية للوضع الاجتماعي والسياسي الحالي بعد احتجاجات 11 تموز في مناطق مختلفة من الجزيرة. ما الذي يحدث في كوبا بعد الإصلاحات السياسية والاقتصادية الداخلية، في ظل عصر الرقمنة ووسط أزمة الوباء؟ كيف يتأثر الشعب الكوبي بتشديد الحصار الجائر لأكثر من ستين عاما، وبعد تسعة وعشرين عامًا من قانون توريتشيلي، وسنة واحدة على تنفيذ ترامب لقانون هيلمز- بيرتون الصادر في عام 1996؟ في ما يأتي عرض لأهم ما ورد في الحوار مع شيء من التكثيف.

عواقب كارثية

هذه الحرب مارستها ضد الشعب الكوبي أكثر من 10 حكومات أميركية وتم تكريسها في قوانين وأنظمة ومراسيم، وكلها تنتهك معايير القانون الدولي وأخلاق التعايش الحضاري العالمي، وعلى الرغم من الرفض المستمر للحصار في الأمم المتحدة، لا يجري العمل على إنهائه.

كان لانهيار المعسكر الاشتراكي تأثير قوي على المجتمع الكوبي، ما أدى إلى ارتفاع آمال الحكومة الأمريكية بانهيار الثورة الكوبية، فلجأت في التسعينات إلى تشديد قاس للحصار عبر سلسلة من القوانين والإجراءات التي جعلت الوضع المعيشي للكوبيين أكثر خطورة.

وفي الواقع فان عواقب الحصار/ الحرب متعددة الاشكال أحيانا غير مرئية في الحياة اليومية، وبما أن تفاصيل حياة الأفراد الخاصة تبقى عموما في عالم غير مرئي، فإن العديد من عواقب الحصار على حياة الناس تظل مخفية. وبالتالي فإن مسار تاريخ الحصار وواقعه غير معروفين بشكل تفصيلي للشعب الكوبي. لقد كان على الكوبيين أن يعيشوا ويفكروا ويعملوا ويتطوروا في ظل ظروف غير عادلة وغير مبررة إطلاقا.

ولا يدرك المجتمع المدني العالمي طبيعة حرب الإبادة الجماعية الجارية بواسطة الحصار، لأن وسائل الإعلام العالمية المهيمنة تتلاعب بالحقائق، وتصور الأمر على أنه نزاع بين الحكومتين الكوبية والأمريكية، وتخفي جوهر ومعنى الحرب الحقيقية التي يمثلها الحصار.

تشديد الحصار والاحتجاجات

بعد عام من تطبيق قانون هيلمز- بيرتون، في عام 2020، حذر الرئيس دياز كانيل الشعب الكوبي من أوقات أكثر صعوبة في المستقبل، نتيجة للقيود الاقتصادية في مختلف المجالات، وتلك المفروضة على الحصول على الخدمات وصيانتها. ولهذا من الطبيعي وجود علاقة مباشرة بين ما حدث في كوبا أخيرا وتشديد الحصار، لأن حكومة الولايات المتحدة تستغل صعوبات الوضع الداخلي في كوبا والمرتبط بالأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتتبنى اجراءات أكثر قسوة لتوجيه ضربة قاتلة لكل البدائل الممكنة، التي من شأنها أن تساعد على استعادة مستوى معيشي أفضل للسكان وتعزيز الهيمنة التحررية في سياق التجربة الكوبية، وفي بعض النواحي في سياق تجربة بلدان المنطقة التحررية.

الحياة اليومية للناس اليوم معقدة للغاية، هناك نقص في السلع الأساسية، ونقص في الأدوية، ونقص في الكهرباء في أوقات الحر الشديد، والأجور غير كافية، والأسعار مرتفعة، وعدم سرعة فعالية التدابير الاقتصادية التي تم اقتراحها للتغلب على الأزمة. وفي كثير من الأحيان لا يجري تنفيذ هذه التدابير بالسرعة والانضباط المطلوبين، للاستفادة من تأثيرها المباشر والسريع على حياة السكان. وفي هذا السياق، هناك تفاوتات متزايدة يرتبط جزء منها بإجراءات إعادة التوزيع، وأشكال التوزيع الداخلي التي تفضل بعض القطاعات والمناطق على حساب أخرى.

إنّ وسائل النقل العام مقيدة بسبب نقص الوقود، نتيجة لمنع الولايات المتحدة وصول ناقلات الوقود إلى كوبا، ما يؤثر بشكل مباشر على إمدادات الطاقة. والوقود أمر حيوي ليس فقط لوسائل النقل العام، ولكن أيضا للطهي في المنزل وللإنتاج الصناعي. يضاف إلى ذلك آثار تغير المناخ والأمطار الغزيرة والأعاصير المباشرة على المحاصيل والظروف المعيشية وتفاقم الصعوبات. كل هذا يجري بالتوازي مع ظهور أجيال جديدة من كورونا، تضعف البنى التحتية للرعاية الصحية في بعض المناطق.

توترات وتناقضات يجب مواجهتها

منذ بعض الوقت، هناك توترات وتناقضات لها تأثير، ولها علاقة بإعادة هيكلة المجتمع الكوبي، المرتبطة بالفئات الاجتماعية، حيث تتغير أنماط الحياة، وفي نفس الوقت الأنماط الأيديولوجية والثقافية. وهناك عملية تسييس للمشروع الاجتماعي الثوري، وهو أمر مفروغ منه، وفي نفس الوقت هناك توسع وتوطيد متزايد للمواقف المحافظة وغير النقدية بشأن الأحداث الاجتماعية المرتبطة بالأنماط الاستهلاكية والفردية واستراتيجية الهيمنة الإمبريالية.

هذا يؤدي إلى العديد من التفسيرات والاعتبارات. لقد بيّنت تجربة السنوات الأخيرة في أمريكا اللاتينية أنه حتى اتخاذ تدابير لصالح القطاعات الأكثر فقراً، لا تشكل في إطار الصراع الاجتماعي، ضمانا لدعم العمليات التحررية. وفي حالة كوبا، يؤشر هذا أيضًا قطيعة مع المشروع الاجتماعي للثورة، وأن هناك حاجة للتفكير في كيفية استعادة الإحساس الجماعي بمشروع الثورة، من خلال تحسين حياة الناس. لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف يمكن زيادة مشاركة الناس، وكيف يمكن تشجيع المشاركة الشعبية في صنع القرار وكيف يمكن جعل الناس يشعرون بأنهم جزء من هذه العملية؟

يجب أن تؤخذ في الاعتبار عناصر التغير الاجتماعي، والتغيرات في البنية الاجتماعية والديموغرافية، وشيخوخة السكان، وموجات الهجرة الداخلية، والتمايز الاجتماعي القوي الذي لم يتعوده السكان. كل هذا يعني ضرورة النظر إلى الثورة والعملية الجارية بطريقة مختلفة، وأنه يجب البحث عن طرق أخرى للتعامل مع السياسة والاقتصاد والجماليات والأخلاق بطريقة تكاملية، بطريقة شاملة وإنسانية وتضامنية وأممية لتشكيل ودفع العمل إلى أمام. هذه هي التحديات المقبلة.

ويجب أن يكون واضحا أيضا أن الشعب الكوبي غير معتاد على مواجهة بعضه البعض. لقد عاش حصارا وتهديدات على مدار 60 عاما، لكنه ليس شعبا عنيفا. انه شعب يحب هدوءه. هذا حق. وهذا مطلب وهذا أحد مبادئ الثورة. وبالطبع هناك العديد من الاحتياجات والتناقضات لكن الكراهية ليست حاجة ولا ضرورة. وهذا يشمل أيضا التلاعب وإثارة الفتنة. كل هذا يفرض التفكير بما يجب القيام به لمنع حدوث ذلك مرة أخرى.

صحيح أن ليس كل كوبي ثوريا، الثورة ليست مهمة الجميع، لكن المشروع الاجتماعي يجب أن يكون مشروعا للحرية والتحرر ولكرامة وسيادة واستقلال جميع الكوبيين، ولا يجب التنازل عن ذلك.

خصوصية كوبية

جرت محاولة لمقارنة الأحداث الأخيرة في كوبا بما يحدث في البلدان الأخرى في القارة، ومن الضروري توضيح الاختلاف الجوهري في الحالتين. إن ما يحدث في كوبا يجري في إطار مشروع اجتماعي ثوري. هو ما تمثله الثورة الكوبية، وأن إمكانية إعادة بناء وتعزيز بنية التضامن بين المواطنين، التي كانت أساس الثورة الكوبية، لا تزال قائمة.  والفضاء الاجتماعي المشترك لديه إمكانات لصالح العملية الثورية، حتى وإن بدا صحيحا أن هناك فجوة تنفتح لصالح الرأسمالية وعودتها في كوبا، لكن الإجماع لصالح الثورة لا يزال قائما ويشكل الأغلبية. وهناك فرصة لتعبئة القوى التي ستعيد النسيج الاجتماعي الثوري للشعب على أساس التعاون والابداع، وبأفق النضال ضد الرأسمالية، الذي تميزت به التجربة الكوبية عن السياق الإقليمي الذي لا يزال يسود فيه منطق رأس المال، وليس منطق استدامة الحياة.

يعتمد المشروع الاجتماعي الثوري في كوبا على نضال ثقافي، تعليمي، حضاري، مناهض للسلطة الأبوية، مناهض للتمييز، مناهض لتدمير البيئة، مناهض للاستعمار ضد ذهنية مراكمة الارباح، وهذا هو بالضبط درس التجربة الأخيرة الأساسي، أي ضرورة العمل معا داخل المؤسسات وخارجها، وفي جميع المجالات الإنتاجية والمجتمعية، لاستعادة النسيج الاجتماعي للتضامن. يجب تشجيع الدفاع عن الإنتاج الوطني الذي يضمن السيادة الغذائية، ويجب إيقاف تحرير السوق، وتجنب التوجه لنموذج دولة اقتصاد السوق.

يجب زيادة تعزيز التكامل المتبادل بين الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين، بحيث تكون المصالح العامة في المقدمة، وأن لا تشكل النزعة التجارية معنى الاقتصاد، بل تلبية احتياجات السكان، في المدى القصير، من خلال منح مبادرات الإنتاج المحلية قدرا أكبر من الاستقلالية. ولا داعي لانتظار رقابة مركزية لتشجيع تطوير المبادرات الإنتاجية المحلية التي يمكن أن توفر حلولاً فورية للمشكلات المطروحة.

دروس جوهرية

ضرورة للتفكير في التنمية. التنمية التي لا تنحصر في الاقتصاد، بل يجب أن تكون عملية تحول ثقافي. لقد تراجعت رؤية التنمية كعملية تحول ثقافية لصالح رؤية التنمية الاقتصادية. وفي هذا السياق تلعب مكافحة الفساد ومشاركة الناس مهمة من أجل سد ثغرات عدم المساواة.

إن بناء اقتصاد عام متنوع وتشاركي ومسؤول اجتماعيا، وخلق بيئات إبداعية، وبيئات عمل تعاونية، وتواصل اجتماعي صادق، في الوقت المناسب ومقنع، وعدم السماح للعدو بسرقة الشبكات الاجتماعية هي أيضا دروس تم استيعابها أخيرا. وهي مرتبطة بالطريقة التي نريد بها تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والفرص المتاحة للجميع.

************

في ختام أعمال المؤتمر الثاني.. إجماع على بناء تحالف نسوي إقليمي

بيروت ـ طريق الشعب

اختتمت أعمال المؤتمر النسائي الثاني في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي عقد يومَي الجمعة والسبت الماضيين، في بيروت تحت شعار “بالوحدة النسائية سنحقق الثورة الديمقراطية”.

وانتهت تلك الاعمال الى الإعلان عن بناء تحالف نسائي إقليمي على مستوى الشرق الأوسط وشمال افريقيا، يتبنى رؤية نسائية استراتيجية شاملة، أساسها المرجعية الكونية لحقوق الإنسان. ويهدف إلى بناء مجتمع قائم على الحرية والديمقراطية والمساواة الفعلية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

وحضر المؤتمرَ حوالي مئة شخصية، بالإضافة الى الجمعيات النسائية من مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع مراعاة قاعدة التباعد الاجتماعي. بينما كانت بقية المشاركات عبر منصة زوم؛ إذ كان المؤتمر النسائي الأول قد انعقد في مدينة دياربكر التركية في العام 2013.

وبحسب بيان صادر عن المؤتمر، حصلت “طريق الشعب”، على نسخة منه، فإن “جلسات المؤتمر ركزت على تحليل الظروف الدولية والإقليمية الراهنة بصورة عامة، والأحداث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصورة خاصة”، مبيناً أنّ “المؤتمر تطرق إلى تداعيات الأزمات الخانقة على النساء، من تهجير، وسبي واغتيال ونزوح، وازدياد نسبة العنف ضد النساء بدرجة غير مسبوقة”.

وأكد البيان “أهمية النهوض الملحوظ في النضالات النسائية ضمن الحراكات والثورات والاحتجاجات الشعبية التي شهدتها أغلب بلدان المنطقة”.

وأوضح البيان أن “المؤتمر سيعمل على تشكيل لجنة نسائية إقليمية، تشمل ممثلات على المستوى الوطني، معنية بتحديد الرؤية والأهداف واستراتيجية العمل”.

**********

تكليف رضا غرسلاوي إدارة شؤون وزارة الداخلية

الرئيس التونسي: لن يكون هناك ديكتاتور

متابعة ـ طريق الشعب

يواصل الرئيس التونسي قيس سعيّد تأكيداته بضمان الحقوق والحريات، وانه لن يتحول الى دكتاتور. كما ان الاجراءات المتخذة هي “استثنائية ولمدة شهر” بحسب قوله. وتأتي هذه التصريحات بعد اتهامات طالت سعيّد، عدّت بأن ما قام به “انقلابا”، بينما يرد هوعلى ذلك بان قراراته جاءت حماية للمؤسسات الدستورية.

“لن يكون هناك دكتاتور”

وقال الرئيس التونسي قيس سعيّد في بيان أصدرته الرئاسة أنه “لن يكون هناك ديكتاتور”، وذلك بعد تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب والسيطرة على السلطات الحاكمة.

وجاءت تصريحات الرئيس التونسي خلال استقباله لصحافيين من صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وقال قيس سعيّد خلال اللقاء: “أردت أن ألتقي بكم اليوم لدحض وتفنيد كل الشائعات التي تروج لها وسائل الإعلام”، مشددا على أن “تونس وعلى الرغم من الأزمة التي تمر بها تعمل على ضمان الحقوق والحريات”، وأن ما أصدره من قرارات جاء بناء على دستور البلاد.

وأضاف موجها رسالة للصحفيين: إن وجدتم بعض الصعوبات في بعض المناطق أو الإدارات فهي ليست مقصودة لكنها إجراءات للحفاظ على سلامتكم وسلامة الدولة التونسية”، مجددا تأكيده على “حرية التعبير في البلاد”.

وتابع الرئيس التونسي قائلا: “درّست الدستور الأمريكي في الجامعة، وليس بعد هذه المدة سأتحول إلى دكتاتور كما يروجه البعض”، موضحا أن “من كانوا بالمجلس هم الذين عبثوا بمقدرات الدولة التونسية وأن قراراته جاءت حماية للمؤسسات الدستورية”.

وادعى قيس سعيّد أن “كل من يتحدث عن خرق للدستور فهو كاذب”، مؤكدا أنه “استشار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب قبل تطبيق الفصل 80 من الدستور”.

تكليف أمني

وفي السياق، كلّف الرئيس التونسي قيس سعيّد مستشارا أمنيا تسيير شؤون وزارة الداخلية، في أول تعيين يقوم به منذ جمّد قبل أربعة أيام عمل البرلمان وأعفى رئيس الحكومة وعدداً من وزرائها من مهامهم، وتولى بنفسه السلطات التنفيذية.

وقالت الرئاسة التونسية في بيان لها، إن سعيّد “أصدر أمرا رئاسيا يقضي بتكليف رضا غرسلاوي بتسيير وزارة الداخلية”، مشيرة إلى أن الأخير أدى اليمين الدستورية أمام الرئيس.

وبحسب وسائل إعلام محلية فإن غرسلاوي كان محافظ شرطة عاما قبل أن يصبح مستشارا في دائرة الأمن القومي برئاسة الجمهورية.

ويأتي تعيين غرسلاوي بعد أن طالب عدد من منظمات المجتمع المدني ودول أجنبية رئيس الجمهورية بالإسراع في تشكيل حكومة جديدة.

وفي الاثناء، أعلنت زوجة النائب في البرلمان التونسي ياسين العياري أن قوات أمن بالزي المدني اعتقلت زوجها. وللعياري قضية في المحكمة العسكرية منذ 2018 بتهمة المس بكرامة الجيش.

وكان العياري قد وجه انتقادات متكررة في السابق للرئيس واتهمه بتنفيذ انقلاب عسكري، بعد أن أقال سعيّد رئيس الوزراء هشام المشيشي، وجمد عمل البرلمان لمدة شهر، وقال إنه يتولى السلطة التنفيذية.

وأوضحت سيرين الفيتوري زوجة العياري: “قدم إلى البيت حوالي 20 رجلا بالزي المدني واعتقلوه عندما نزل لمقابلتهم”.

وأشارت إلى أنه جرى اعتقاله بالقوة بينما كانت والدته تصرخ. وطلبوا منهم عدم التصوير بالهاتف.

*********

الصفحة الثامنة

عن تغيير اسم الحزب الشيوعي العراقي

يوسف أبو الفوز

ونحن نقترب من انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي العراقي الحادي عشر، تعود من جديد الدعوة من بعض الأصدقاء والرفاق المناضلين الشيوعيين، لتغيير اسم (الحزب الشيوعي) بدعوى الديمقراطية والتجديد، والملفت في هذا الأمر أن بعضهم، مناضلون لا غبار على أسمائهم وتأريخهم النضالي، بل كانوا معلمين ومرشدين لأجيال بصفاتهم النضالية وبسالتهم الشيوعية، إذ حملوا راية (الحزب الشيوعي) عاليا في مختلف الظروف في سوح النضال، في التظاهرات، السجون، كردستان وثم في المنافي.

ويحاول البعض، لتبرير دعوته، التعكز على واقع انهيار تجربة الدولة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وما عرف بالمنظومة الاشتراكية، والقول بأن (الاشتراكي) هي المناسبة والأفضل وما غير ذلك، وبدعوى مراعاة التغيرات الحاصلة في العالم وغير ذلك. وهذا الأمر صار يتكرر مع اقتراب كل مؤتمرات الحزب الشيوعي العراقي، لكنه لم يجد قبولا عند مندوبيه، فلم يمر في النقاشات، وخصوصا في مؤتمرات الحزب الأخيرة، التاسع والعاشر، التي كان لي شرف حضورها والمساهمة فيها. واعتمادا على مساهمة قدمتها شخصيا عشية انعقاد المؤتمر الوطني السادس للحزب، ونشرت في صحافة الحزب الشيوعي العراقي ايامها، أعود من جديد لأقدم افكارا حول هذا الأمر وأرجو أن تساهم في إغناء الحوار الفكري والرفاقي الذي لا يفسد للود قضية ولا “تشخصن” بأي شكل كان، ولهذا  لن أتبع هنا أسلوب لينين الحاد والساخر في ردوده مع خصومه الفكريين، وأحاول اختيار المفردات الهادئة، لأقول أني أرى في الدعوة لتغيير اسم الحزب، مهما كانت المبررات المقدمة، محاولة تراجع، بل وانكسارـ ربما يستخدم لينين في مثل هذه الحالة مفردة (تخاذل) ـ أمام هذا الخراب والتردي الاجتماعي والفكري الذي نعيشه في مجتمعنا العراقي ـ والمنطقة العربية عموما ـ وحملات العداء التي تشنها قوى رجعية ومعادية فكرية، لأجل ازالة وكسر كل ما له صبغة علمانية واشتراكية ويسارية ومن ذلك، راية وأسم الحزب الشيوعي، ودفعه للصفوف الخلفية، بل ووضعه على الرف كما يتخيلون ويحلمون.

وهكذا فان الاستجابة لهذه الآراء والدعوة لتغيير أسم الحزب الشيوعي، لا تعكس عندي، حكمة وشكيمة نضالية، بل هي تكاد تكون في المحصلة، مساهمة في هذا الفعل الساعي لتغييب الحزب الشيوعي، بشكل أو آخر.

وهذا يدعونا من جديد للتذكير بأن الحزب الشيوعي العراقي في وثائقه المقرة في المؤتمر العاشر 2016 يذكر كونه (يسترشد الحزب في كفاحه وفي مجمل سياسته وتنظيمه ونشاطه، بالفكر الماركسي وبدروس التجارب الاشتراكية والتراث الاشتراكي عامة، ويسعى إلى تجسيد ذلك في ظروف العراق الملموسة بإبداع، استناداً إلى دراسة عميقة لواقع مجتمعنا المعاصر وما يشهده من تطورات في الميادين كافة). والفكر الماركسي هنا هو غير الاشتراكي، لان الماركسية كنظرية هي خلاصة الفكر الاشتراكي بمدارسه المختلفة قبل ظهور ماركس، واذ صاغها ماركس وانجلس بنظرية متكاملة فانهما قدما منهجا جديدا علميا لحزب من طراز جديد هو: (الحزب الشيوعي). والحزب الشيوعي العراقي اذ يعلن هويته الفكرية كحزب ماركسي ويعلن الاشتراكية هدفا له فهو ينسجم بذلك مع اسباب وجوده كحزب شيوعي. أن الاشتراكية بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي كهدف ليست حلما طوباويا، انها مطلب جماهيري، وان فشل النموذج السوفياتي في بناء الاشتراكية، حتى بعد سبعين سنة من التطبيق، فهذا ليست نهاية التاريخ ولا نهاية العالم ولا نهاية حلم البشرية. 

تعيش البشرية الآن، مرحلة جديدة لا تتطلب الذعر من انهيار تجربة، رغم كل أهميتها، فقد كانت ومضة في عمر الانسانية، وتتطلب لا نزع الجلد أو جلد النفس والتنصل من الماضي، بل تتطلب العمل والعمل بشجاعة استنادا إلى وجهة نظر الحياة ـ الممارسة، على حد تعبير لينين. وفيما يتعلق بالحزب الشيوعي العراقي الذي لم يتسلم مقاليد الحكم مرة واحدة كي تضع دعواته لبناء الاشتراكية محل الاختبار الحقيقي فان الشيء الاكثر واقعية باعتقادي هو ليس مراجعة اسم الحزب الشيوعي وتغييره، فلو غير الحزب الشيوعي العراقي اسمه وظل محافظا على كل المفاهيم وتقاليد العمل التي تجاوزتها الحياة ولم يعش عملية تجديد حقيقية وعميقة فان هذا يذكرنا بالقول المنسوب إلى لينين (أن طلائك للدار لا يعني امتلاكك دارا جديدة).

يقول شكسبير في مسرحية روميو وجوليت (ان الشئ الذي نسميه “زهرة” يظل يفوح شذى حتى لو اسميناه بأي اسم آخر) هذه الحقيقة تقودنا إلى واقع أن احزابا شيوعية عريقة تعمل تحت اسماء مختلفة (التقدم والاشتراكية، الطليعة، ...) احزابا لا تنعت نفسها بكلمة (الحزب)، بل تطلق على نفسها تعبير مثل (جبهة) أو (حركة) أو (المنبر)، لكن في كل الاحوال عند الحديث او الكتابة عنها، فإنها عند الاصدقاء والخصوم: (الحزب الشيوعي). ان كل الاحزاب الشيوعية التي (صُدمت) عند انهيار النموذج السوفياتي للاشتراكية وغيرت من اسمائها، وحتى تلك التي لم تكتف بتغيير الاسم فقط وذهبت ابعد من ذلك لتكون أكثر (انفتاحا) وليبرالية فان وسائل الاعلام لا تستطيع عند الحديث عنها الفكاك من كلمة (الشيوعية) ومرادفاتها مصحوبة بكلمة (سابقا) التي صارت تعبيرا ثابتا لدى الكثيرين. ان الحزب الشيوعي العراقي لو غير اسمه وحمل اي اسم اخر، مثلا “الاشتراكي “ او “ الاشتراكي الديمقراطي “ فسينسحب عليه ذات الامر.

ان اسم الحزب الشيوعي العراقي الذي مد جذوره عميقا في تربة العراق وقلوب المخلصين من ابناء الشعب العراقي، الذين غذوه بخيرة ابنائهم، صار راية نضالية، ورمزا وطنيا رسخ في وجدان الشعب وهوساته وامثاله وحكاياته وفي قصائد الشعراء واغانيهم، هذا الاسم كان ولا يزال منارة للحركة التقدمية والديمقراطية ـ والشبابية ـ وصماما أساسيا للتحالفات الوطنية الجادة، والمطلوب ـ الآن ـ ليس إعادة النظر في اسم الحزب الشيوعي العراقي، بل المطلوب مواصلة المسيرة الجادة التي بدأها المؤتمر الوطني الخامس في إعادة النظر بالمفاهيم التي تجاوزتها الحياة وتعميق الممارسة الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية، وتدقيق سياسة التحالفات الوطنية، وايجاد خطاب سياسي يتلاءم والواقع الجديد الذي يعيشه شعبنا بعد زوال النظام الديكتاتوري وبعد كل المتغيرات والكوارث التي مر بها ويعيشها وطننا ويعاني منها ابناء شعبنا بسبب من حكومات المحاصصة الطائفية والاثنية ، والفساد المستشري في الدولة والمجتمع.

 ******************************************

حلم العراق الضائع

أحلام الزيدي

دمعت عيناي، وأنا اتطلع إلى الجموع الغفيرة من ابناء شعبنا العظيم وهي تقتحم الشوارع تجري لاهثة، لافتة، هاتفة، آملة في طلب الاصلاح لأوضاع كثيرة في كل مفاصل الدولة التي يعمها الفساد من راسها حتى أخمص قدميها. ورحت أبحر بذاكرتي عبر سحب الدموع التي تجمعت في عيني إلى الايام التي ليست ببعيدة عن اذهاننا، تلك الايام التي لا يتسنى للنسيان ان يطويها.

ايام حدوث الزلزال الذي عمَّ العراق في 2003 وما أعقبه من تداعيات اهمها: إزاحة ذلك الوحش الرابض على صدر العراق برمته يوم كان العراق كله أسير عينيه الأمنيتين. وما أن تمكنا من الافلات من قبضته الحديدية حتى وجدنا أنفسنا من جديد في قبضة ليست بأقل من سابقتها حتى صرنا كما الذي استجار من الرمضاء بالنار، وكأن القدر قد كتب على العراقيين أن لا ينعموا بالراحة والاستقرار مهما قدموا من تضحيات جسام سعياً إلى الحياة الكريمة، سنين طويلة والعراقيون يعدون عدوا وراء حلم العراق. العراق العائم على بحر من البترول وآخر من الدماء، وليست ثمة سبيل إلى ذلك الحلم، حتى تعب العراقيون من المعاناة وما وجدوا غير ذات الشوكة.

وليبق الصراع قائماً مع الظلم والظالمين إلى ما لانهاية مع الحكام الذين تعاقبوا على حكم العراق المدعون للوطنية والنزاهة واظهار الحب الكاذب للعراق والعراقيين، ولو وضع الظلم كله في كفة ووضع الظلم الذي وقع على العراقيين في كفةٍ أخرى.. فوالله لرجحت هذه عن تلك! حتى أصبح الوضع الحالي مثيرا للجدل والتساؤل حقاً.

قوى وطنية تقدمية لا تحصى ولا تُعد متمثلة بالشيوعيين والليبراليين واطياف شتى الذين قارعوا الظالمين والعتاة من مجرمين العهد السابق دفعوا حياتهم ثمناً لإقامة العدل والمساواة على أرض العراق هذه التي عبّدتها دماء الشهداء الابرار، الوطنيين من ابناء شعبنا الغيارى فهل ذهبت كل تلك التضحيات الباهظة هكذا دفعة واحدة ادراج الرياح، وكيف تم الالتفاف على ذلك النضال العظيم من خلال المؤامرة الخسيسة والقفز على دماء شعبنا من قبل اعداء العراق ، وكيف تم استبعاد القوى الوطنية الجبارة عن الساحة السياسية التي لا تليق إلا بهم، وكيف تهافت ذلك العذاب الطويل، الذي عاشه العراقيون حتى صار ذلك العذاب كما التي رقصت على السلم وما شاهدها الذين فوق ولا الذين تحت ، وكيف تم الاستيلاء على العراق في فترة وجيزة لينفرد بالحكم من هم ليسوا أهلا لها ولا يملكون اي رصيد شعبي لدى العراقيين، ولا هم لهم إلا الاستحواذ على المال الحرام (وانت هص واني هص ونقسم بالنص).

نهبوا ما نهبوا من اموال طائلة تكفي لإغاثة شعوب جائعة ولسان حالهم كلسان حال جهنم التي تقول هل من مزيد! ولم تعد ألاعيبهم خافية على أحد وكل ذلك عبر تمريرهم مشاريع وصفقات وهمية لا أساس لها عبؤوا لنا الهواء في زجاجات وباعوه لنا بالعملة الصعبة. نهب هؤلاء القراصنة أموال العراق وحولوها قصوراً وضيعاً وعقارات تم شراؤها في الداخل والخارج أو أموال طائلة تم تسريبها وايداعها في بنوك سويسرا وبريطانيا وامريكا وغيرها.

إلى جانب الترف الباذخ والثراء الفاحش والعيش الرغيد في قصور ألف ليلة وليلة الغافية على ضفاف دجلة في(الكرينزون) هذه التي تم الاستيلاء عليها، تلك القصور الفارهة التي شيدها الفرعون السابق والتي اقتطعت أموالها من قوت شعبنا الجائع وكأنها صممت على امزجتهم وأهوائهم وما تحتويه من دهاليز ومنافذ خلفية ومرائب تعج بأحدث السيارات، بل وحتى الطائرات في مخابئ أعدت خصيصا لحالات الطوارئ التي قد تحدث إذا ما أعلن الشعب غضبته عليهم. ولا صفاقة أكثر من ظهور أحدهم على شاشة التلفاز ومن دون حياء معلناً على الملأ بأن: “الحكومة ليس عليها أي ضرر إذا ما حدث خطر ما فكلهم قد أمنوا على أنفسهم وعوائلهم وانا واحد منهم، ولن يدفع الثمن إلى الشعب على حد قوله”.

ونحن الآن لا ندري ما ستؤول اليه الأمور على الساحة السياسية، وهل ستخضع رئاسة الوزراء إلى الاصوات الهادرة عبر الشارع العراقي؟ ام سيترك المتظاهرون يموج بعضهم في بعض خاصة مع التخبط السياسي الواضح للمتنفذين في الوقت الراهن، وهل سيتم فعلا إزاحة هؤلاء الذين لا يمثلون إلا أنفسهم، وهل هناك سعي جاد في اتخاذ القرار الحازم الجازم، في الاصلاح، أم ستعتمد رئاسة الوزراء من جديد سياسة ذر الرماد في العيون، وهل سنظل نلوك السأم والحسرة على ما انقضى من العمر على حلم العراق الضائع.

 *************************************

تجارب يجب أن تعلم منها

منعم جابر

مع تجربة الجبهة الوطنية مع حزب البعث العراقي عام 1973 وكما أطلق عليها الشهيد ابو كاطع (الجبحة الوطنية) واصلت السلطة البعثية اعتقال الشيوعيين بتهمة خرق ميثاق العمل الوطني والنشاط داخل القوات المسلحة، وصدرت بحقنا أحكام قاسية بالإعدام والسجن المؤبد، وكنا في الاعوام 1975- 1978 وهي أعوام الجبهة ننتظر محاكمتنا في محكمة الثورة سيئة الصيت وكنا يومها أكثر من مائة وخمسين شيوعياً بين جنود مكلفين ومراتب وشرطة ورياضيين ومدنيين، وكانت زنزانات الإعدام في «أبو غريب» تضم الكثير من الشيوعيين المحكومين بالإعدام وينتظرون مواعيد التنفيذ.

وفي مطلع عام 1976 وكنا في معتقل الأمن العامة جيء بمواطن معتقل غريب المظهر حيث كان ذا لحية كثة ويرتدي سروال (كابوي) وأبلغنا رجل الأمن بعدم الحديث معه، ولكننا ومن باب الفضول كنا نتوق للحديث معه، وبعد أقل من ساعة تعرفنا على هذا الشخص وكان تونسياً لاجئا في فرنسا ومعارضا للرئيس التونسي يوم ذاك الحبيب بورقيبة، وقد قال لبعضنا إنه يساري ماركسي ومعارض للنظام التونسي، وإن حاكم تونس يومها طلب من الفرنسيين إبعاد معارضي نظامه عن فرنسا لأن نشاطهم يضر بدولته. وهنا طلبت الحكومة الفرنسية من معارض بورقيبة، مغادرة فرنسا خلال 48 ساعة، وقال هذا المناضل التونسي إنه اختار العراق لأن نظامه فيه جبهة وطنية ووزراء في الدولة من الشيوعيين وفيه حرية سياسية وعليه تم اختياري للعراق.

وهنا تحدثنا معه عن الأحداث الجارية عندنا في الساحة العراقية والسعي لمحاصرة الأفكار التقدمية وضربنا له مثلاً بأننا أكثر من ستين شيوعياً معتقلين ولدينا محاكمات بتهم ملفقة وباطلة. تعجب الشاب من هذا الحال واستدعي في اليوم التالي وغادر. وفعلا حصل تراجع رهيب في المسيرة ونصبت المشانق وفتحت السجون أمام القوى الوطنية والديمقراطية وانشغل الوطن بحروب عبثية.

اليوم تذكرت هذا المناضل التونسي عندما ضامه الضيم والتجأ إلى العراق لأن فيه حكومة جبهة وطنية ووزراء شيوعيون فأعتقد أن الواقع العراقي كان سليماً والحكومة متوازنة لا تغمط حق شعبها فجاء مسرعاً إلى بلده الثاني ولم يتوقع ما شاهده من حقائق.

وعليه أصبح انسحابنا من الانتخابات البرلمانية لأننا لا نريد أن نصبح مرة اخرى غطاءً للفاسدين والطائفيين والانتهازيين والوصوليين.. إننا مع التجربة الديمقراطية التي يريدها الشعب ولا مكان فيها للتهديد بالسلاح المنفلت والمليشيات المسلحة ولا مكان للمال السياسي ولا التلاعب وتزوير الانتخابات، فالوطن شاهد علينا، ولا نريد ان نكون شهود زور ونقلب الحقائق ونخسر تاريخنا وتضحياتنا ونضالنا، وكما ورد في بيان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي : « وبهذه المناسبة نهيب بمنظمات حزبنا ورفاقه واصدقائه أن يعملوا بنشاط على تفعيل الحراك الجماهيري وتصعيده وتنويع أساليبه السلمية في مواجهة التحديات والانفتاح على أوسع الجماهير والسير في طليعتها دفاعا عن حقوقها وحرياتها من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية».

 *******************************************

الصفحة التاسعة

تمهيدا لتدخل أمريكي وقطع الطريق على التغيير

هل يقف رأسماليو هايتي وراء اغتيال الرئيس؟

عادل محمد

جمهورية هايتي إحدى بلدان البحر الكاريبي، كانت مستعمرة إسبانية، ولاحقا فرنسية. تُعد هايتي أقدم جمهورية من أصل أفريقي في العالم، تمتعت بالاستقلال منذ عام 1804؛ ولكنها خضعت باستمرار لحكام مستبدين، لم يبذلوا أيّة جهود لرفاهية شعبهم، فابتليت على الدوام بأعمال العنف السياسي. يبلغ عدد سكانها أكثر من 10 ملايين نسمة (إحصاء 2009)، أغلبهم من الأفارقة الذين جلبوا كعبيد.

في السابع من تموز قُتل رئيس جمهورية هايتي جوفينيل مويس على أيدي قوات مرتزقة، استطاعت دخول مقر اقامته خارج العاصمة بورت أو برنس. وفي حوار أجرته معه مجلة جاكوبين اليسارية الأمريكية، قال كيم إيفز رئيس تحرير النسخة الإنجليزية من مجلة “هاييتي ليبرتي” إنه يتوقع أن بعض أغنى العائلات في هايتي استأجرت المهاجمين لإحباط ثورة محتملة، وربما لإشعال شرارة تدخل عسكري أمريكي. وللحوار أهمية أخرى تتمثل في القائه الضوء على طبيعة الصراع في البلاد وقواه الرئيسية.

كان مويس يرفض منذ شباط الفائت التخلي عن رئاسة الجمهورية، مما سبب اندلاع احتجاجات شارك فيها الآلاف الذين اتهموه بالفساد، وخصوصا ما يتعلق ببرنامج “بيترو كاريبي” الذي زودت فنزويلا بموجبه هايتي بالنفط وتمويل بمليارات الدولارات بهدف دعم تنمية البلاد.

وما لم تحققه أشهر من الاحتجاجات الشعبية، قامت به مجموعة صغيرة من المرتزقة في غضون دقائق. وبواسطة متنكرين بكونهم عاملين في دائرة مكافحة المخدرات الأمريكية الناشطة في هايتي لمكافحة المخدرات، دخلت المجموعة المنزل وقتلت الرئيس.

وتأتي عملية الاغتيال خلال وضع، يصفه المتحدث بالثوري المتصاعد. وإن التظاهرات الشعبية ضد الفساد، التي دعمتها المعارضة البرجوازية، التي تهيمن عليها بشكل متزايد قوى راديكالية علنية مثل تلك التي تحيط بجيمي “باربيكيو” شيريزير ضابط الشرطة السابق الذي أصبح قائدًا لقوات الدفاع عن المواطنين، وسعى إلى توحيد العديد من مجموعات الدفاع عن النفس المسلحة في هايتي وحتى عصابات الجريمة تحت لواء “القوات الثورية للعائلة وحلفائها” المعروفة بـ (جي 9). ويشكل الملايين من الفلاحين السابقين من سكان الأحياء الفقيرة في هايتي قاعدتها، أي ما يعرف بـ „حثالة البروليتاريا”، كما هي عن ماركس في البيان الشيوعي، أي جموع من العاطلين عن العمل.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه هوية الذين يقفون وراء مقتل مويس غير معروفة رسميا، فإن كيم إيفز من هاييتي ليبرتي يرجح أن ما حدث، يمكن ان يكون مؤامرة تهدف إلى وقف مد ثوري متنامي، وحتى تهيئة المقدمات لتدخل عسكري لمشاة البحرية الأمريكية في البلاد.

عملية نوعية

 نفذت عملية الاغتيال من قبل عصابة من المرتزقة المحترفين، استخدمت أحدث موديل من سيارات نيسان – باترول. وكانوا على معرفة دقيقة بتفاصيل منزل الرئيس. وكانت تحضيراتهم عالية، وبتمويل جيد. لقد كانت العملية بارعة جدا. والأطروحة التي توصلت لها مجلة “هاييتي ليبرتي” هي أن المرتزقة تم توظيفهم على الأرجح من قبل عائلة او مجموعة من العوائل الرأسمالية المعارضة للرئيس، مثل عوائل  ريغينالد بولس، وديميتري فورب، وغيرهم من غير الراضين على الرئيس.

ويعد ريغينالد بولس من أكبر اثرياء هايتي والأكثر عداءً لمويس. ويقال إنه هرب من البلاد. وكانت هناك مذكرة القاء قبض بحقه، يمكن أن تكون دفعته لتمويل وحدة مرتزقة لقتل الرئيس. وربما كانت هناك حاجة إلى أموال أكثر مما لا تستطيع أسرة بمفردها توفيرها. وبالتالي يمكن أن تشارك عدة عائلات في التمويل. كما حدث في الانقلابات السابقة، مثل الانقلاب على الرئيس السابق جان برتران أريستيد، حيث عبأت البرجوازية قواها وجمعت عشرات الآلاف من الدولارات لدعم انقلاب عام 1991.

واليوم نرى الرئيس الكولومبي إيفان دوكي، الذي يعد الرئيس الأكثر رجعية حاليًا في أمريكا الجنوبية، يقترح تدخلا عسكريا لمنظمة الدول الأمريكية في هايتي، مثلما فعلت في عام 1965 في الجارة جمهورية الدومينيكان. ويمكن لمنظمة الدول الأمريكية الحصول على رؤساء رجعيين مثل دوكي وجاير بولسونارو في البرازيل والهندوراس لتقديم الجنود. ولكن مثلما حدث في عام 1965، فإن مشاة البحرية الأمريكية سيكونون العمود الفقري لقوات منظمة الدول الأمريكية.

وإذا ما انطلقنا من صحة هذه الفرضية، فإن الخوف من الانتفاضة المقبلة من الأحياء الفقيرة الضخمة في هايتي، حيث تنظم البروليتاريا الرثة نفسها في مجموعات مسلحة، ألزمت نفسها الآن بثورة ضد البرجوازية و “النظام الفاسد”. “، كما يقولون في هايتي. يقود هذه المجموعات ضابط الشرطة السابق جيمي شيريزير، الذي تحول إلى مواقع المقاومة، نتيجة تجربته الشخصية والخيانة التي تلقاها، ليس فقط من جانب قيادة الشرطة، ولكن أيضًا من جانب المعارضة البرجوازية وكذلك من الرئيس المقتول. لذا فهو يدافع عن “ضحايا الاضطهاد”، اي هذا العدد الهائل من المشردين.

الثورة المضادة تستبق التغيير

قبل خمسين عامًا، كان المجتمع الهايتي، إلى حد كبير، ريفيًا وفلاحيًا. لكن على مدار الخمسة وثلاثين عامًا الماضية، منذ الإطاحة بالديكتاتور جان كلود دوفالييه (1971 - 1986)، أدت “الإصلاحات” الليبرالية الجديدة التي دفعتها واشنطن إلى الأمام في هايتي، إلى تدمير القطاع الزراعي المحلي، وكانت النتيجة هجرة ملايين الفلاحين وانتقالهم إلى المدن، ليصبحوا جزءًا من هذه البروليتاريا الضخمة.

لقد ارعبت هذه الحركة المسلحة البرجوازية الحاكمة. وقال قائدها: “سنأتي ونقتحم مصارفكم، متاجر سياراتكم، واسواقكم ونأخذ حقوقنا”. لقد باتت الطبقة المهيمنة دون حماية، فالرئيس القتيل كان عمليا فاقدا للسلطة، ومعزولا بالكامل، لكنه رفض التخلي عن منصبه، لذلك لجأوا إلى انهائه.

وليس لهذه الحركة علاقة بتصفية الرئيس. لقد كانت العملية باهظة الثمن للغاية. لقد استخدموا 9 سيارات نيسان باترول جديدة. ومن الواضح أنهم أمضوا وقتًا طويلاً في الاستعداد. وليس بوسع بروليتاريا المدن الرثة القيام بذلك. لقد كان المنفذون أجانبا يتحدثون الإسبانية والإنكليزية، وادعوا بأنهم من إدارة مكافحة المخدرات الامريكية. وهذا لا يتناسب اطلاقا مع طبيعة مسلحي الأحياء الفقيرة في هايتي.  والعملية تذكر بوحدة المرتزقة الذين تم استئجارها قبل عامين لسرقة 80 مليون دولار من صندوق بتروكاريبي للبنك المركزي الهايتي.

وهذا هو ما تفعله البرجوازية. إنهم يستأجرون القوة العضلية والنارية التي يحتاجونها، تمامًا كما استأجروا اشقياء البروليتاريا الرثة في الماضي لتنفيذ مهامهم القذرة. لكن شيريزير يقول اليوم: “لم نعد نعمل من أجلكم، لن ننفذ أعمالكم القذرة”. ولذا كان عليهم الاستعانة بمرتزقة الخارج.

جرائم سياسية وليست جنائية

كان لدكتاتورية دوفالييه عصابة كبيرة تسمى “متطوعو الأمن القومي”، كانت في الأساس مليشيا مهمتها حماية عائلة الدكتاتور ومصالحهم. لقد كانوا عيون وآذان وقبضات نظام الحكم، وحموا بقوة تلك السلطة طيلة ثلاثة عقود.

وبعد فرار الدكتاتور جان كلود دوفالييه من البلاد في عام 1986، بدأت هذه المليشيا تعمل لحسابها الخاص، فنهبوا المناطق السكنية، واعتدوا على الناس بوقاحة، يسلبون من المتاجر كل ما يريدون، ويغتصبون النساء، لقد ارتكبوا جميع أنواع الجرائم التي جعلتهم مكروهين.

وعندما تحولت المليشيات بعد رحيل دوفالييه للعمل لحسابها الخاص، نظمت الأحياء الشعبية في هايتي ما يسمى بـ “ألوية اليقظة”. بدأ هؤلاء في الغالب كمجموعات تضرب على الأدوات المنزلية مثل القدور والمقالي لإخافة اللصوص، لكنهم سلحوا أنفسهم تدريجياً واستأجرتهم البرجوازية لحراسة مصانعهم أو منازلهم أو أراضيهم. وفي نهاية المطاف، تحولوا إلى أدوات في الصراع والتنافس بين العوائل البرجوازية.

وفي سنوات 2019 – 2021 تقلصت سلطة الدولة إلى الصفر تقريبًا. وحكومة مويس فقدت شرعيتها، وأصبحت محتقرة لفسادها وقمعها.  وبدأت الأحياء الفقيرة والعصابات تعمل لحسابها الخاص، وانتشرت عمليات الخطف العشوائي، وتجري تصفية الضحية حتى بعد دفع الفدية.  لقد تحول ما يحدث إلى رعب صادم للمجتمع. وهنا دخل على اللعبة شيريزير، ضابط وحدة النخبة في الشرطة الوطنية الهايتية، الذي كلف من قيادة الشرطة في تشرين الثاني 2017 بتشكيل مجموعة قتالية من 10 منتسبين في منطقة عمله لمداهمة عصابات الجريمة.

تلى ذلك قتال بين الشرطة ورجال العصابات. وقُتل العديد منهم، وسقط ضحايا من المدنيين.  وليس واضحا ما حدث بالضبط. وادانت قيادة الشرطة ما حدث: “ لقد كان عملاً معيبًا، و تصرفا شخصيا من شيريزير “.  لقد خذلوه وجعلوه كبش فداء. وهكذا تحول إلى متمرد على سلطة فاسدة. لقد رأى أن القوات التي كان مخلصًا لها تخونه وتحاول استخدامه للتغطية على أخطائها.

بعد ذلك عاد شيريزير إلى حيًه الذي كان يعاني من الخاطفين والمغتصبين. وذهب إلى هذه العصابات وخيرهم بين القتل او مغادرة الحي، فاختاروا الرحيل، وانتقلوا إلى مناطق أخرى. هكذا أصبح شيريزير يُعرف باسم لواء الأمن. كان جادًا جدًا، كرجل قانون ونظام. وصنع لنفسه اسما وبدأ يطور علاقات مع بعض قوى البرجوازية المناهضة للرئيس. ولكن سرعان ما اصطدم بها، عندما ارادت توظيفه في صراعها المافيوي، وبالضد من المصالح المباشرة للعاملين من أصدقائه.

أدرك شيريزير أن كل شيء فاسد، ليس الشرطة والحكومة فقط، بل المعارضة البرجوازية ايضا. لقد أصبح أكثر راديكالية، وعبر عن ذلك بالقول: „علينا تغيير النظام الفاسد والعفن بالكامل، النظام الفاسد من رأسه حتى أسفل قدميه”. وعمليا أطلق هذه الحركة التي اعتبرها ثورة ضد 12 عائلة تحكم هايتي.

الانتخابات الرئاسية وعملية الاغتيال 

ليس هناك مؤشرات على أن اغتيال الرئيس سيؤدي إلى انتخابات رئاسية، تجلب رئيسا جديدا يلبي رغبات البرجوازية. لقد كان الجناح المعارض من البرجوازية، يطالب منذ فترة بحكومة انتقالية، وسيحصل عليها.

والسؤال الكبير: هل هناك شخص لديه ما يكفي من القوة أو الدعم أو التعاطف الشعبي للقيام بعملية تجديد جذرية للدولة؟ هل هناك رئيس وزراء وقائد شرطة لديهما القوة والعقل الكافي والتمويل اللازم لوقف انتفاضة العشوائيات؟  يبدو ان الشك سيد الموقف. وهذا يعني انهم سينتقلون، على الأرجح، إلى الخطة (ب)، التدخل العسكري الأجنبي. وهنا يأتي دور الرئيس الكولومبي دوكي ومنظمة الدول الأمريكية. وستكون البرجوازية سعيدة برؤيتهم في البلاد لحماية مصالحهما، التي تتطابق عمليًا مع المصالح التجارية الأمريكية، ففي كثير من الحالات يكونون ممثلين لشركات أمريكية وبعضهم يحمل الجنسية الأمريكية. ولذلك يسود الاعتقاد، بان الهدف من عملية الاغتيال، هو التمهيد للقمع وتدمير انتفاضة العشوائيات، وصولا إلى الاستعانة بقوات عسكرية أجنبية، للمرة الرابعة خلال المائة عام الأخيرة.

في هذه الاثناء تم دفن الرئيس القتيل في مسقط راسه، ولا تزال البلاد تشهد حالة من عدم الاستقرار، فأنصار الرئيس يحتجون في مدنهم ورفضوا مشاركة النخبة الحاكمة في مراسيم الدفن، وأطراف من المعارضة ترفض التعاون مع رئيس الوزراء الجديد، والتحقيقات اثبتت صحة التوقعات التي تمت الإشارة اليها، من خلال اعتقال 18 كولمبيا، وان تمويل المرتزقة تم من داخل الولايات المتحدة، التي أرسلت مبعوثا خاصا لهايتي ليساعد في استقرار الأمن.

وختاما لا بد من التأكيد ان ما ورد يسلط الضوء على جوانب مهمة من الصراع الدائر هناك، ولكن الحاجة تبقى لإضاءة المزيد بشأن طبيعة الصراع والعوامل المؤثرة فيه.

 *******************************************

علاج «الصدمة الدستورية» لمحنة تونس المزدوجة

رفيق خوري

لا مُعلّم أفصح من محنة. ولا شيء يكشف الشعارات وازدواجية المواقف أكثر من تجربة السلطة. بعد عشر سنين من “ثورة الياسمين” وجدت تونس نفسها في أخطر محنة: أسوأ أداء سياسي في ظل أرقى دستور. وأكبر تهديد للثورة والديمقراطية باسم الثورة والديمقراطية، لكن المحنة مزدوجة، حيث الوجه الخاص بتونس، والوجه العام المشترك بينها وبين المنطقة. في الوجه الخاص، عجز التركيبة الحاكمة عن معالجة البطالة وتقديم الخدمات ومواجهة جائحة كورونا وتنشيط الاقتصاد والسياحة، واندفاعها في نهب المال العام، وتوالي الانقسامات في الأحزاب وسيادة الأنانية والفردانية، وتنامي الفساد. وفي الوجه العام المشترك ألعاب السيطرة الكاملة على السلطة من جانب حركة “النهضة”، برئاسة راشد الغنوشي، والتي هي جزء من “التنظيم العالمي للإخوان المسلمين”. وما فعله الرئيس قيس سعيد بعد أن اشتدت المحنة هو اللجوء إلى “الصدمة الدستورية” للخروج من المحنة: تفعيل المادة 80 من الدستور التي تمنح رئيس الدولة سلطة استثنائية حين يكون هناك “خطر داهم” على البلد. فلا حل حكومة هشام المشيشي الذي رفض بدعم من “النهضة” مطالبة سعيد له بتغيير “وزراء الفساد”، وجعل “قصر القصبة” في مواجهة “قصر قرطاج”، هو “انقلاب على الثورة” كما ادعت “النهضة”، ولا تعطيل المجلس النيابي والحصانات لمدة شهر، بعد أن حوّله رئيسه الغنوشي إلى موقع للتسلط على قصري قرطاج والقصبة، هو “اعتداء على الديمقراطية”. ولا فتح التحقيقات القضائية الجدية في نهب 4.7 مليار دولار، والتمويل الأجنبي لحركة “النهضة” وحزب “قلب تونس” كما في اغتيال قادة المعارضة من جانب “الجهاز السري” التابع لحركة “النهضة”، هو “تسلط رئاسي” على النيابة العامة.

ذلك أن ما بدأ في تونس وانتشر في المنطقة خلال ما سمي “الربيع العربي” مرشح لأن تكون نهايته في تونس. ما بدأ كان حراكاً شعبياً عفوياً للمطالبة بالخبز والحرية وإسقاط الأنظمة الشمولية، تدخل فيه تحرك مخطط له قادة “الإخوان المسلمين” للسطو على الثورة وإقامة أنظمة شمولية ثيوقراطية. وكل ذلك وسط رهان خبيث لإدارة الرئيس باراك أوباما على دعم الإسلام السياسي، وبالذات “الإخوان المسلمين”. لماذا؟ ما كشفت عنه الوثائق والدراسات في مراكز الأبحاث هو ثلاثة أمور أساسية في تقديرات الإدارة الأميركية: أولها، أن الأنظمة المسماة جمهورية في العالم العربي صارت مهترئة ولا يمكن أن تصمد. وثانيها، أن وصول “الإخوان المسلمين” إلى السلطة يحول دون وصول التيارات الأصولية الإرهابية المتشددة. وثالثها، أن ما يريح أميركا التي ستخفف وجودها في الشرق الأوسط للتركيز على الشرق الأقصى والصين وروسيا هو إقامة توازن بين قوى سنية تحكم تونس وليبيا ومصر والسودان وسوريا بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الإسلامي “العدالة والتنمية”، وبين قوة شيعية في إيران والعراق واليمن ولبنان بقيادة الملالي، ومعهم اتفاق نووي ورفع عقوبات.

لكن هذه الخطة فشلت لحسن الحظ. أولاً في مصر، حيث قام الجيش والشعب بثورة أسقطت حكم “الإخوان المسلمين”. ثم في ليبيا، حيث عجز “الإخوان” عن التسلط الكامل في حرب أهلية. ثم في تونس، حيث اضطرت “النهضة” للمشاركة مع القوى العلمانية. أما في سوريا، فإن التدخل العسكري الروسي أنهى حلم “الإخوان” في التحكم بالبلد. وأما السودان، فإنه تحرر بثورة شعبية انضم إليها الجيش من حكم البشير الإخواني. وموقع أردوغان وحزبه يهتز في تركيا. وسيطرة “النهضة” على تونس لم تعد ممكنة.

والواقع أن الغنوشي سمع أجراس الإنذار ثلاث مرات. جاء الأول من مصر بسقوط “الإخوان”، فأوحى الغنوشي أنه تعلم الدرس، وأحنى رأسه للعاصفة. وجاء الثاني في الانتخابات الرئاسية حين فاز قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري واللاحزبي، بأكثرية ساحقة على منافسه عبدالفتاح مورو، نائب رئيس “النهضة”، لكن الغنوشي تصور أنه قادر على الاستمرار في التخطيط لأخذ السلطة. أما الإنذار الثالث فكان ضربة على الرأس قام بها الرئيس سعيد سبقها حراك شعبي جديد ضد الحكومة و”النهضة”، أحرق مراكز للحزب الإخواني، ودعا إلى إسقاط المجلس والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة.

رهان أوباما سقط. وسيطرة الغنوشي لم تخفف، بل أسهمت في تنامي التيار الأصولي المتشدد، بحيث كانت تونس أكبر مصدر لمبايعي “داعش”. وتونس استعادت نفسها بالصدمة الدستورية، لكن التحديات أمامها هائلة على الطريق إلى ما قال سعيد إنه “تصحيح مسار شامل للثورة”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اندبندنت عربية” – 31 تموز 2021

 *************************************

الصفحة العاشرة

الماركسية في فرنسا بعد الأممية الأولى

ماجد الياسري

مثل تطور الفكر الاشتراكي في فرنسا إضافة نوعية للماركسية ما بعد الأممية الأولى وان لم تبرز أسماء لامعة كما هو في المانيا وروسيا على سبيل المثال بسبب التراث الاشتراكي والثوري الغني في فرنسا والذي استمد جذوره من الثورة الفرنسية (1789) والاتجاهات السياسية المتطرفة مثل اليعاقبة الذين شكلوا الفوة الأكبر دورا في قيام الثورة الفرنسية لأنهاء حكم الملك لويس السادس عش ، وإنشاء جمهورية فرنسية شعبية وأيضا اتباع لوي اوجست بلانكي(1881-1805) وهو من الذين اعتنقوا الفكر الاشتراكي وقضى نصف حياته في السجون وانصار فرانسوا بابوف (1797-1760) الذي كان محرضا سياسيا ولديه صحيفة عرفت باسم «منبر الشعب» وبدوره في بتطوير التكتيكات التي اتبعتها الحركات السياسية الاشتراكيةآنذاك ودعواته الى الثورة الشعبية.

ومن التراث الفرنسي المهم أيضا الاتجاهات الفكرية الاشتراكية التي يطلق عليها في الادب الماركسي الاشتراكية الطوباوية التي انتشرت في العقود الأولى من القرن التاسع عشر، والتي اعتبرها انجلز في كتابة «الاشتراكية الطوباوية والعلم» – دار الفارابي نتاج وعي التناحرات الطبقية واعتبرهم لا يمثلون البروليتاريا بل رموزا للتنوير يطالبون بتحرير البشرية كلها وإقامة دولة رشيدة ومجتمع عادل. ومن هؤلاء الفرنسي شارل فورييه (1851-1771) الذي كان يدعو الى المشاركة الاختيارية في الانتاج وأن يتاح لكل شخص العمل حسب قابليته واحترام حرية المواطن الشخصية. فله الحق في تغيير نوع العمل بحرية لكن لم يطالب بإلغاء الملكية. وكان يأمل في تغيير العالم وتحويله إلى نظام اقتصادي عادل عن طريق المثال الصالح والوعظ والارشاد واقامة مجتمع مثالي يدار على شكل هيئة تعاونية بحيث يعيش أفرادها في بناء واحد ويختص كل منهم بعمل معين طبقا لاهتماماته الخاصة وهذا في رأيه سيؤدي إلى زيادة الإنتاج.

وكانت الشخصية البارزة الأخرى في تيار الاشتراكية الطوباوية هو الكونت كلود هنري دي سان سيمون وهو من جذور ارستقراطية اهتم بالفلسفة وخاصة الفيلسوف الفرنسي اوجست كونت (1798-1857). وطالب سيمون بمنع الدولة من التدخل في الحياة الاقتصادية. وقد شارك في الثورة الامريكية وتخلى بعدها عن لقبه الارستقراطي وعكف على تطوير أفكاره التي تضمنت رؤيته حول نظام الحكم المؤلف من قطاعات يشارك فيها مختصون وتكنوقراط وثلاثة مجالس تشريعية احدها مهمته الاختراعات. فالبديل الوحيد للنظام الاقطاعي السائد هو حكومة يقودها المختصون والمهندسون والعلماء الذين هم القادة الفعليون لتحقيق مجتمع عادل. وهاجر السيمونيون الى مصر في محاولة بناء مجتمعهم الخيالي على أساس بيان «اعلان المبادئ « الذي كتبه سان سيمون في 1817 وساهموا في اعمارها ، وكان مهندس قناة السويس من أتباعه.

ولعب توسع الحركة العمالية في فرنسا عقب تزايد ونمو المصانع دورا كبيرا في تطور اليسار. ففي 1825 كان نصف الشغيلة يعتمدون على الأجور كما ازدادت شركات النسيج بسبب تطور التكنولوجيا وتشكلت تعاونيات ونقابات وتزايدت الاحتجاجات الشعبية وانتشرت الأفكار الاشتراكية ضد تمركز الثروة والسلطة لدى البرجوازية حيث أصبحت بعد 1833 البديل الفكري الوحيد لواقع العنف والاضطهاد واستغلال المرأة فانتشرت الصحف والمكتبات والدعاية للفكر الاشتراكي.

ومن شخصيات تلك الفترة جولز كيسيدي (1845 - 1922) الذي ولد في باريس وكان صحفيا وسياسيا والذي كتب اليه ماركس والى بول لافارغ الذين وصفوا انفسهم حماة المبادئ الماركسية واتهمهم بالشعارات الثورية وكتب عبارته الشهيرة «وما هو مؤكد انني لست ماركسيا». وبعد العنف الذي اعقب كومونة باريس 1871 التي اقامت نظاما سياسيا يقوم على المساواة والحرية والعدالة. وفي الفترة القصيرة التي استمرت لمدة 72 يوما اتخذوا قرارات ثورية والتي اسقطها لاحقا تحالف البرجوازية الفرنسية والأوروبية وقتل فيها الالاف من الضحايا. واستطاع كيسيدي الهرب الى جينيف. وكان كيسيدي صديقا لبول لافارغ وكتبا سوية وثيقة المؤتمر الأول لحزب العمال الفرنسي في 1880 . وعارض عدد من أعضاء المؤتمر تقديم تنازلات الى الحكومة البرجوازية. وفي 1903 عقد المؤتمر التوحيدي، واعلن تشكيل الحزب الاشتراكي الفرنسي. وبعد اعلان الحرب العالمية الأولى غير كيسيدي موقفه السياسي واصبح وزيرا بلا وزارة في حكومة الوحدة الوطنية لغاية 1916 . نشر كيسيدي كتابا بجزئين يضم خطبه في البرلمان بعنوان «أربعة سنوات من الصراع الطبقي».

الشخصية الأخرى هي بول لا فارع (1911-1842) الذي تزوج لورا ابنة ماركس الثانية، وكان صحفيا وعالم اجتماع وناقدا ادبيا. ونشر كتابا بعنوان «الحق في الكسل» في 1880 واعتبر نفسه امميا قبل كل شيء. ولد لافارغ في كوبا وعاش معظم حياته في فرنسا حيث انضم الى الأممية الأولى التي أسسها ماركس وانجلز وتعاون مع جولز كيسيدي في قيادة حزب العمال الفرنسي والذي وضعه في موقف معارض للتيارات الفوضوية والبلانكية حيث كان مدافعا عن الفكر الماركسي ضد التيارات الإصلاحية. وشارك في التظاهرات والاعتصامات الجماهيرية في فرنسا. وعلى الرغم من كونه معتقلا انتخب الى البرلمان الفرنسي ممثلا عن مقاطعة ليل. وكانت له مراسلات مع ماركسيين مثل كاوتسكي

وكارل ليبكنخت وفلاديمير لينين. وقد توفى في عمر 69 مع زوجته في اتفاق انتحاري غير متوقع واثار ذلك غضبا في الأوساط الاشتراكية آنذاك.

ومن اعلام الفكر الاشتراكي أيضا جين جوريس (1914-1859) الذي كان احد مؤرخي الثورة الفرنسية الذي اعتمد علية ماركس كأحد المصادر في كتابه (الثامن عشر من برومير). وكان جمهوريا معتدلا في بداية حياته السياسية واصبح نائبا لمرات في البرلمان الفرنسي ومن ثم تحول الى الاشتراكية في نهاية 1880 الا انه استخدم الماركسية بانتقائية خاصة في التحليلات المرتبطة بالمادية التاريخية والذي حظى بانتقادات حادة من قبل اليسار في فترات الصراع الفكري الحاد. وكان جوريس متأثرا بأفكار الفيلسوف الألماني كانت والفرنسي روسو وأيضا بالمدرسة الاشتراكية الطوباوية لسان سيمون. وركز على الابعاد الأخلاقية للفكر الماركسي. فمثلا وصف الاشتراكية كرؤية لنزوع انساني نحو العدالة موجود طوال التاريخ الإنساني يمكن الوصول اليها عبر تغيرات أخلاقية وإنسانية تنمو تدريجيا كما لم يتفق مع مفهوم الصراع الطبقي وتطور المجتمعات الارتقائي. وكان جوريس ميالا الى المهادنة والمساومة وضد تصعيد الصراع والى وحدة على أساس القيم الأخلاقية الإنسانية الأخوية . وكان جوريس ضد مبدا الصراع الطبقي بل كان يؤمن ان التغيير والإصلاح الاجتماعي ممكن بالعطاء الخيري للطبقات الغنية ويمكن الجمع بين الثورة والتطور وان الممارسة يجب ان تنبع من وحدة النشاط السياسي والتربوي والأخلاقي. اما صعود الإنسانية الى الأعلى فهو حصيلة نراكم القيم والمفاهيم الروحية والمجتمعية.

وقد اصبح جوريس زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي بعد عقد المؤتمر التوحيدي في 1903 ممثلا للتيار الاشتراكي الديمقراطي في فرنسا، كما كان له دور في تحقيق الاتفاق مع التيارات الاشتراكية الراديكالية لتشريع قانون 1905 لفصل الكنيسة عن الدولة. وانشأ في 1904 جريدة اللومانيتيه، والتي كانت لسان حال الفكر الاشتراكي في فرنسا. وقد تم دمج التيارين بقيادة جوريس وكيسيدي في مؤتمر توحيدي في اذار 1905، وكان بقيادة جوريس ويعرف الحزب الاشتراكي الموحد ،وقطع تعاونه مع التيارات الراديكالية. وقد تجمع التيار الاشتراكي ليشكل القسم الفرنسي في الأممية الثانية.

في 31 تموز 1914 اغتيل جوريس وهو في طريقه الى كافيه وسط باريس في شارع مونمارتر على يد شاب فرنسي يميني.

***********

لنقرأ ماركس وانجلز معا .. أطروحات عن فيورباخ

ثامر الصفار

في ربيع عام 1845 كتب ماركس لنفسه، خلال إقامته في بروكسل، ثلاث صفحات ضمت أحد عشر أطروحة تتعلق بفيورباخ. ولم تر هذه الأطروحات النور إلا بعد 43 عاما عندما وجدها انجلز ونشرها كملحق لمجموعة من الكتابات التي حررها بعد وفاة ماركس.

حقيقة الأمر إننا لا نعرف الكثير عن غاية ماركس في كتابة هذه الأطروحات. هل كانت جزءا من عادته لوضع تكثيف فكري أو خطوط عامة لأفكار ينوي إعادة صياغتها أو الغوص في أعماقها؟ هل قام بلصقها على الحائط لتكون أمامه دائما؟ أم كانت طريقة جديدة في التفكير في المشكلة التي حملتها كتاباتهما السابقة، وأعني ما ذكرته سابقا في مقال (حالة الطبقة العاملة في إنكلترا) في اعتبارهما الطبقة العاملة «قلب» الثورة أما «رأس» الثورة فهو خاص بالفلاسفة أو بالنخبة.

بعد سنوات عديدة كتب إنجلز ما يلي: «عندما التقينا، في ربيع عام 1845، مرة أخرى في بروكسل، كان ماركس قد طور بالفعل مفهومه المادي عن التاريخ ... ان هذا الاكتشاف، الذي أحدث ثورة في علم التاريخ، هو في الأساس، عمل ماركس - ويعود جزء صغير جدا منه لي - ... ذا أهمية فورية للحركة العمالية ...».

سأسعى هنا الى تفسير ما كتبه انجلز، لكنني سأخوض مغامرة ربما سيرفضها البعض، وهي إعادة ترتيب هذه الأطروحات، ودمجها في أربع مجموعات. بالطبع كل منا حر في قراءتها حسب الترتيب المنشور، ولكن ما الضرر من إعادة ترتيبها لتسهيل فهمها؟

ولكن أولا، دعونا نثبت ما يلي: في (أطروحات عن فيورباخ) يكشف ماركس النقص الجذري الذي يشوب على السواء مادية فيورباخ وكل المادية السابقة لها، أي طابعها التأملي الجامد، وعدم فهم أهمية النشاط الثوري الذي يقوم به الإنسان. كما انه يشير الى دور الممارسة الثورية الحاسم في معرفة العالم وتحويله. بيد ان ذلك لا يعني إطلاقا التفسير الساذج الذي نسمعه أحيانا والداعي الى الكف عن التنظير ولنبدأ العمل. ان النشاط الثوري لا يمكن ان يثمر شيئا بدون أساس نظري له، وبالمقابل فأن النظرية تغدو أكثر اتقانا بالممارسة.

كما ذكرت آنفا سأقسم الأطروحات الى أربع مجموعات. تضم الأولى الأطروحات 4، 6، 7. وتضم الثانية الأطروحات 1، 3، 5. والثالثة الأطروحتان 2 و8. أما الرابعة فتضم الأطروحات 9، 10، 11. وأود التنبيه أيضا الى اضطراري، أحيانا، الى تصحيح الترجمة العربية للأطروحات بعد مطابقتها مع الألمانية والإنجليزية.

 

المجموعة الأولى: يشرح ماركس منهج فيورباخ وينتقد نزعته الإنسانية اللاتاريخية

الأطروحة الرابعة: «ان فيورباخ ينطلق من واقع ان الدين يبعد الإنسان عن نفسه، ويشطر العالم الى عالم ديني موهوم وعالم واقعي. وينحصر عمله في جر العالم الديني الى قاعدته الأرضية. وهو لا يرى انه متى انتهى هذا العمل، يبقى الشيء الرئيسي غير منجز. الواقع ان القاعدة الأرضية تفصل نفسها عن نفسها وتنقل نفسها الى السحاب بوصفها ملكوتا مستقلا لا يمكن تفسيره إلا بالنزاعات والتناقضات الداخلية الملازمة لهذه القاعدة الأرضية. يجب إذن، أولا، فهم هذه [القاعدة الأرضية] في تناقضها، وبعد ذلك يجب تعديلها بشكل ثوري عن طريق إزالة هذا التناقض. وعليه، يجب انتقاد العائلة الأرضية نفسها نظريا وتحويلها ثوريا بشكل عملي».

الأطروحة السادسة: «ان فيورباخ يذيب الجوهر الديني في الجوهر الإنساني. لكن الجوهر الإنساني ليس تجريدا ملازما للفرد المنعزل. فهو في حقيقته مجموع العلاقات الاجتماعية كافة.

ان فيورباخ الذي لا ينتقد هذا الجوهر الحقيقي مضطر إذن الى:

-1 ان يتجرد عن سير التاريخ وان يعتبر الشعور الديني بمثابة عقل في ذاته، مفترضا وجود فرد إنساني مجرد، منعزل؛

-2 ان يعتبر، بالتالي، الجوهر الإنساني فقط بوصفه “جنسا”، تعميما داخليا غبيا، يربط كثرة من الأفراد بعرى طبيعية بحتة».

الأطروحة السابعة: «ونتيجة لذلك لا يرى فيورباخ أن “الشعور الديني” هو في حد ذاته نتاج اجتماعي، وأن الفرد المجرد الذي يحلله ينتمي، في الحقيقة، إلى شكل معين من المجتمع».

في الأطروحة الرابعة نجد ان ماركس يقول ان فيورباخ حتى لو كان محقا في اعتباره أن الدين هو “اغتراب عن النفس” للإنسانية، فهو يستحق النقد لأنه رأى وظيفته على أنها مجرد إيقاظ الناس على فكرة أن الله قد أُخترع من قبل الناس، وليس العكس. يرى ماركس أن هذا غير كافٍ ويجادل بأن ظروفا تاريخية محددة (الأشكال المتغيرة للعائلات، على سبيل المثال) التي أدت إلى ظهور الأفكار الدينية هي التي يتوجب دراستها «نظريا»، ومن ثم «تحويلها ثوريا بشكل عملي» أي، بالممارسة.

وفي الأطروحة السادسة، يتفق ماركس مع فيورباخ حول إذابة «الجوهر الديني في الجوهر الإنساني»، لكنه يتساءل بعد ذلك، ما هو هذا «الجوهر الإنساني؟» هل هو شيء يربط «بعرى طبيعة بحتة» كل «الأفراد» في العالم بنقطة واحدة هلامية، غير متبلورة؟

يجيب ماركس على هذا التساؤل: كلا، «إنه في حقيقته مجموع العلاقات الاجتماعية كافة». إليكم بعض الأمثلة على هذا «المجموع»: السيد والعبد، العامل والرئيس، المُستعمِر والمُستعمَر، وغيرها الكثير على أساس العرق، والجنس، والنشاط الجنسي، والهوية القومية، وما إلى ذلك. ولا ننسى أن كلها عرضة للتغير مع الزمن.

بمعنى ان فيورباخ يأخذ الأمر ببساطة، دون أي إشارة الى وضع الأفراد الاجتماعي المحدد، لينسب إليهم «الجوهر» الذي من المفترض أن يوحدهم، وهو الحب.

يختلف ماركس بشدة مع هذا الطرح لدرجة أنه يكرر رأيه في الأطروحة السابعة. أي ان الأطروحة السابعة ليست سوى تكرار للأطروحة السادسة وجاءت فقط لتأكيد خلاف ماركس مع فيورباخ حول هذه النقطة. أليس كذلك؟

***********

فلاسفة ومفكرون معاصرون

اعداد: د. صالح ياسر

غاليلو غاليلي

(1546 – 1642)

عالم طبيعة وفلكي ايطالي، من دعاة النظرة العامة العلمية للعالم. تحدى العبادة العمياء لارسطو، وهاجم النزعة المدرسية (السكولائية)، واكتشف قانون القصور الذاتي، ومبدأ النسبية. وقد الغى هذا المبدأ علم الطبيعة المدرسي (السكولائي) العقيم الذي كان سائدا في عصره ومهد الطريق الى العلم التجريبي. ووجهت اكتشافات غاليلو الفلكية التي اكدت نظام مركزية الشمس الذي قال به البولوني (كوبرنيك) ضربة ممية للعقائد الجامدة. وقد اجبرته محاكم التفتيش في روما على ان ينكر «هرطقاته الكوبرنيكية». وكانت نظرة غاليلو العامة للعالم تقدمية بصورة متميزة. فقد كان يؤمن بأن العالم لا نهائي وأن المادة ابدية والطبيعة واحدة. وكانت الملاحظة والتجربة بالنسبة لغاليلو نقطتي الانطلاق الى معرفة الطبيعة. وكان يعتبر ادراك الضرورة الكامنة اعلى مستوى للمعرفة.

***************

الصفحة الحادية عشر

سيرة إبداعية

ولد الشاعر سميع داوود في قضاء النعمانية \واسط عام 1937

اصداراته الشعرية:

نوارس الموجة الاتية 1974\مجموعة مشتركة

طائر المسافات 2002

مزامير ميزوبوتاميا.2009

مزامير سيندال2017

وترك مجموعتين مخطوطتين

اصداراته الفكرية:

المندائية أدبا ومعتقدات 2013.

اعد الصياغة الادبية لكتاب النبي يحيى (دراشة اد يهيا)

له ثلاث مخطوطات عن الديانة المندائية.

في عام 2019 اُطلق اسمه على الدورة الثالثة من مهرجان الربيع الثقافي الذي أقامته محلية الحزب الشيوعي العراقي بالتعاون مع اتحاد الادباء \فرع واسط.

كان رحيله مساء يوم  الجمعة 25 حزيران2021

**************

بعض الوفاء لمن وفوا حقوق الوطن

جهاد مجيد

ثمة من أعطوا وليس في حسبانهم أن يأخذوا؛ أعطوا عصارة شبابهم، عصارة مشاعرهم, عصارة أرواحهم؛ واجهوا بثبات وبسالة لا تفي بوصفها العبارات المألوفة أو الصياغات المعروفة, جادوا بأغلى ما يمكن أن يجود به الانسان.

عاشوا الملاحقات والتشريد والاعتقال وتحملوا أقصى صنوف التعذيب وقساوة السجون.. واجهوا الموت في سوح المعارك لأجل أن يكون الوطن حرا وشعبه سعيدا اللذان تنادت فتعاضدت وتآمرت عليهما كل قوى الظلام الداخلية والخارجية.

سميع داوود الشاعر والإنسان واحد ممن ثبتوا في سوح المنازلة لكي يوفوا حقوق الوطن وشعبه من دون أن يأخذوا منهما أي شئ سوى محبة الرفاق والأصدقاء ومن عرفوهم عن قرب.

سفر خالد ذاك الذي خطه بسيرته العراقية الاصيلة .. سميع داوود المتربي على حب العراق؛ ترابه وأنهاره ونخيله، فجاد من أجله بأقصى ما تصله حدود الجود، النفس والنفيس؛ فيفني سنيِّ شبابه في المعتقلات والسجون والمنافي، لكن كل ذلك الظلم والعسف والعذاب لم يثنه عن ان يصدح بحب عراقه شعرا مميزا له قوة  فكره وصدق مشاعره وانسانية روحه.

في أواسط خمسينيات القرن الماضي ابتدأت تجربة الفتى سميع داوود في الأدب والحياة، في الثقافة والسياسة ولم تخطئ الانظار مرآى فروسيته في أوسع ميادينها. في السياسة انيطت به أصعب المهمات، وفي الادب انعكست في شعره آصالة التراث وحداثة حركة الشعر الحر، وواصل عطاءه الشعري - الذي امتد عدة عقود- اكتنازه بالمنجزات الفنية للشعر العراقي منذ رواد حركة الريادة في تجديد الشعر العربي مرورا بالتجريب في ستينيات القرن الماضي عراقيا وعربيا وصولا الى شعر ما بعد الحداثة.

تواشجت عرى صداقتنا فور خروجه من سجن نقرة السلمان حيث قضى مدة سجنه البالغة خمس سنوات تنقل خلالها بين  مختلف سجون عصابات انقلاب شباط 63الدموية والحكومات التي خلفتها ,وكان ذلك في خريف عام 1968

واستمرت حميمية صداقتنا خلال العقود اللاحقة حتى رحيله الى العالم الاخر، وما تقطعت وما تبدلت وما فترت كما لم  تتبدل طباع الشاعر الوديع ولم تفتر، فلقد ظل وديعا ونبيلا وهادئا، برما بامور الحياة الشخصية لم تغره مكاسب او مناصب.

في اواخر ثمانينيات القرن الماضي اضطرته ظروف المعيشة للعمل في محل صغير للصياغة في منطقة شعبية من بغداد وصادف ان اراد احد اصدقائي من الادباء التوانسة (القاص ابو بكر العيادي ) شراء حلية، هدية لزوجته فاصطحبته الى مدينة الحرية حيث يوجد محل الشاعر - ضمانا للجودة والثمن المناسب - وبعد أن حصل العيادي على ما أراد، سحبتُ دفترا من رف في المحل وقلت له: اقرأ لهذا الشاعر الصائغ ؛ وبعد أن خلٌص العيادي نفسه من اندماجه بما يقرأ اطلق عبارات منبهرة وبنبرة ساخنة:- يا رجل تركت صوغ القصائد وانصرفت الى صوغ القلائد, شعرُك هذا خير من كثير مما سمعنا في المهرجان.

بادرته قائلا : الشاعر سميع داوود بعيد عن المنابر الحكومية.

وحقا هكذا كان  شاعرنا الفقيد, فلم يدن منها طيلة العهد السابق، وحتى بعد انهيار ذلك النظام عام 2003 ظل على زهده وعزوفه عن الظهور والانتشار مكتفيا بمشاركات قليلة ومتباعدة،  لكنه لم ينقطع عن كتابة الشعر، وعن بحثه الدائب عن التجديد والتجويد، حياتياً وفنياً .

إن برم الشاعر سميع داوود - الذي فجعنا برحيله وأمثاله من المبدعين بالمكاسب والمراتب نبلا ورفعة، يضع مسؤولية ايفائهم حقوقهم في ذمم كل من يؤمن بالفعل الاصيل الخلاّق والكلمة الصادقة. لعل هذا الملف يؤدي قسطا من الوفاء لمن وفى حقوق العراق.

*************

سميع داوود:

هدوء البحر وعنف المخيلة 

فاضل ثامر

كان شخصاً إستثنائياً بين مجموعة السجناء الذين حكم عليها بالسجن لمدة محددة .. جميع السجناء الذين أعتقلوا في احدى المدن القريبة من بغداد. كنا اقل من عشرة سجناء نطق رئيس المجلس العرفي العسكري في معسكر الرشيد آنذاك بهذا الحكم الموحد. بدأ التذمر والصياح يتصاعد من قبل أفراد مجموعتنا. لكنه الوحيد الذي بقي صامتاً، وكأن الأمر لا يعنيه. أثار الأمر فضولي، فعزمت على التعرف عليه. وعلمت أنه معلم في احدى المدارس الأبتدائية في تلك المدينة وينتمي الى طائفة الصابئة المندائيين، القليلي العدد في المحافظة، وهمس أحد زملائي في المجموعة إنه (سميع داوود) ويقال إنه شاعر. وكانت كلمة (شاعر) بالنسبة لي مبرراً كافياً للإقتراب منه أكثر، فقلما تجد بين آلاف السجناء شعراء أو كتّابا، وهؤلاء في الغالب لايزيد عددهم على أصابع اليد الواحدة.

كان الراحل (سميع داوود) عندما التقيته في سجن (نقرة السلمان) بعد انقلاب شباط ١٩٦٣ هادئاً وصامتاً مثل بحيرة عميقة وساكنة. وفعلاً كان صمته يخفي عمقاً وثراء وإنسانية. وبذا راحت تمتد أواصر الصداقة بيننا وتتعمق. فكان يشارك في الفعاليات والندوات والاماسي الثقافية والأدبية التي كنا ننظمها آنذاك، وكان يمتلك صوتاً شعرياً دافئاً ومتميزاً، لكنه كان يكشف عن مسحة حزن عميقة، عبر عنها لاحقاً في ديوانه الشعري (مراثي ميزوبوتاميا) 2010 ، والتي ستحضر فيها كل الرموز الحضارية والثقافية للعراق عبر التاريخ. لقد كان يرغب أن يخلق لشعره هذا هوية حضارية ميزويوتامية، وعراقية وربما مندائية خاصة وأصيلة، في معظم قصائده. وربما في إشارة لهويته الثقافية والاثنية بوصفه صابئياً ، يحتل الماء مكانة خاصة في الطقوس المندائية بوصفه رمزاً للطهارة والبقاء. ومع أن الراحل كان علمانياً في تفكيره، الا أن اللا وعي الجمعي يتحرك في مثل هذه المواقع ويكشف عن دخائل (هوياتية) مضمرة، لا يمكن أن تمحى بسهولة.

ففي قصيدة “ النهر” يتابع الشاعر بلهفة النهر وهو يجري بعيداً مشكلاً ثنائية ضدية مع العطش:

“ بعيداً.. بعيداً يجري النهر

حتى كأنني أرى رذاذه

يتجاسر على عطشي.”

فالنهر اكثر من رمز وحلم وهوية ، لذا فهو يحلم دائماً بنهر صغير يحمله بعيداً عن جنوب الدم ، بوصفه ملاذاً آمناً من العنف والموت.

“ أحلم بنهر صغير

يحملني ويمضي

نحو شمال المسرة

لقد تعبت من جنوب الدم.”

لقد تداخلت المؤثرات الشعرية والثقافية في تجربة سميع داود. فهو يكتب قصيدة الشعر الحر أو قصيدة التفعيلة، كما ينتقل أحياناً الى كتابة قصيدة النثر. وتكشف دواوينه الشعرية المبكرة عن هذا التداخل في دواوينه المنشورة عن عنف المتخيل الشعري لديه واولها ديوان “نوارس الموجة الآتية” عام 1974 بالاشتراك مع عدد من شعراء جيله من محافظة واسط، وديوان “ طائر المسافات” عام 2002 وديوان “ مراثي ميزيوتاميا” عام 2010. كما أصدر كتاباً عن المندائية أدباً ومعتقدات، حيث يعدُّ الشاعر الراحل من الدارسين المتميزين للثقافة المندائية، كما أنه شارك في انجاز الكتاب المقدس لدى الصابئة والموسوم “كنز ريا” وغيرها من كتب الطائفة المقدسة.

وفي قصيدة تحمل عنوان “النهر” وهي من الشعر الحر أو التفعيلة يطل الماء في كل مكان:

“ لك الماءُ منطلقاً بالغناء

يسافر في كل جذر نما

في الظلام الكثيف

وفي كل غصن سما”

ويتحول الماء الى انجيل الشاعر المتفرد:

“ لك الماء.. انجيلك المتفرد

ينشئ فيك الهوى

والجمال البهي، يرتل فيك الرغابا”

سميع داود، الشاعر والانسان والمناضل، لم يقف على هامش الحياة ، بل كان دائماً منغمساً في مشاغلها واحلامها وترك بصمته فوق أديمها، ومضى بهدوء وصمت.

***************

النورس غارقاً في مياه الذاكرة

حاتم الصكَر

لك الماءُ منطلقاً بالغناء

يسافر في كل جذرٍ..

لك المـاءُ .. إنجيلك المتفـردُ

ينشــئ فيــكَ الهــوى

والجمالَ البهي ،

سميع داوود:

من قصيدة (النهر) 2016

لسميع داوود في الذاكرة موقع فريد متعدد المرائي. لكن مناسبة موته المؤلمة حملتني إلى منتصف السبعينيات، ونحن - خمسة شعراء نعيش أو نعمل في الكوت - نعد ديواناً مشتركاً لم أعد أذكر من ارتآى ان نضع له عنواناً  دالاً (نوارس الموجة الآتية) ، وهو غير بعيد عن طبيعة مدينة الكوت المائية، وكونها شبه جزيرة حقيقية، يلتف عندها نهر دجلة مستديرا ليواصل لهاثه للقاء الفرات جنوباً. وحيث تهدر المياه   التي تحتجزها سدتها التاريخية، وتبعثها مجدداً في اندفاع يجعل موج الماء أشبه بشلال متواصل التدفق، يلازمه صوت المياه التي لا تجعل زائرها يغمض عينيه حتى يعتاد ذلك الصوت.

 من الصدف أن  الشعراء الخمسة كلهم كانوا تقدميين من الشيوعيين أو المتجهين في فكرهم يساراً، وهو ما لم تقبله عصابات البعث التي جاءت بانقلابها الدموي عام 1963. فذاق جلّهم الإعتقال أو النفي او السجن. وسميع هو أكثر الخمسة عناءً. فارتسم بوضوح على هيئته التي لم يكن سوى المقربين منه يعرفون أنها لا تدل على تكبر أو استعلاء، بل هي جواب صامت على ذلك العناء الذي لاقاه، وبعض رواسب العزلة وانعكاساتها على شخصيته.

  ( نوارس الموجة الآتية) صدر عام 1974. كنت في سنتي الأخيرة من عملي مدرساً في إعدادية الكوت. عادل العامل الذي غادرنا  وأنا أعد هذا المقال، هو كبير النوارس وشيخها كما أسميناه. وهو الذي تكلف بنشر الكتاب في مطبعة بغدادية. مع عادل كان سميع داود وحميد حسن جعفر وجواد ظاهر وأنا.

شعر سميع لفت نظرنا بما يشتمل على دلالات ورموز وإحالات، جلّها مائية المرجع. وذلك ما رصده مؤرخ النوارس الشاعر حميد حسن جعفر في كتابه( كائنات الوهم - كائنات الشعر. ثقافة الهامش: الكوت نموذجاً) الصادر ببغداد عام 2016.

قليلاً ما  كان يلتقينا سميع بسبب عمله. يصمت كثيراً ، وإذ يحكي تسبق جملَه ابتسامةٌ سرعان ما تنسحب، ليتدفق بتؤدة وحكمة تهدئ ضجيجنا وخلافاتنا الشعرية. كان سميع قد هجر الكتابة الشعرية بالعمود، وانتقل إلى القصيدة الحرة مؤمنا بما تحمل من تجدد وتحديث، هما جزء من منظومة أفكاره التي حملها، مثل ( وشم كان على ذراعي اليسار) كما يقول في إحدى قصائده مطلع السبعينيات.

لا تخلو أيٌّ من قصائد سميع من الماء ومفرداته أو مرادفاته ودلالاته. لم نكن حينها نعي أثر النشأة في تكوين الشاعر. كنا نحسب حكمته وصمته واحتفاءه بالماء بعضاً من نضجه السياسي وعمره ،ومعاناة سجنه ونفيه - كان معلماً في قرية نائية في الكوت-  لكنه سيفصح عن تلك المائية التي تسبح فيها قصائده حين يكتب شهادة لكتاب الصديق حميد الذي ذكرته من قبل.

يتحدث سميع في تلك الشهادة عن مشهد يقول إنه “مشهد غرائبي ترك بصمته على رؤيتي للحياة”. ذلك المشهد هو الرؤية الصباحية للماء منساباً في النهر، حيث والد سميع المندائي يمارس صلاته عند شاطئه، ثم تنزل الشمس بضوئها لتزيد المنظر ألقاً. يصحب ذلك ما يقرأ الوالد بالآرامية الشرقية من  صلوات “متجهاً صوب بوابة السماء ونافذة الحكمة ،غاسلاً يديه ووجهه ثم قدميه مع التضرعات”.

لم يكن ذلك مشغّلاً دينياً في تجربة سميع، بل ذكرى جمالية تركت أثرها في وعيه، مستخدماً صفة الطقس أكثر من مرة لوصف تفاصيلها. هو طقس الماء إذن ذاك الذي يعد من أكثر مؤثرات مخيلته التي لا تنفك عن رؤية واقعية كنا نناقشها معه وبصدد مضمونها المنكشف للقراءة بيسر قد لا يرضاه التجديد الشعري، فيرد بأنه اختار هذا التوجه لأنه يناسب ما يؤمن به من غرض الشعر ودوره في حياة الإنسان، وما يجعلها أكثر عدلاً وحرية وكرامة. ويؤمن بالجانب التداولي كما قال في شهادته تلك “بأن الشعروجميع الفنون لها وظيفة التواصل مع الآخر”. وكأنه بذلك يرد على تساؤلاتنا بصدد المباشرة والرومانسية التي قال إنه لا ينفيها عن نفسه وشعره، مخففاً من المباشرة، ومبعدا السطحية التي تفقد الشعر طعمه كما يقول. ويؤمن بأن للشعر أسراراً يحتفظ بها النص، ويكون على المتلقي أن يكشف عنها.

هكذا تطور وعي سميع، وتوافقَ مع مرتكزات تجربته التي ينتظمها الكفاح، والإعتقاد بجمالية الشعر وتواصليته.

بعيدا عن الشعر يظل سميع الصامت الأكبر في مجموعتنا. كنا نمزح أحياناً ؛ فأقول له في لقاء حميم: أنت سميع، وتلك صيغة مبالغة من السامع التصقت بك.فالآن نريد نحن أن نسمعك.

حتى في مكالمة أخيرة  ساعدني على إنجازها مع سميع صديق عائلي مشترك، كان قليل الكلام، يسأل ليطمئن ويتذكر الأيام الواسطية، ويخبرني بصدور عمل له يعتز به كثيراً هو (مراثي ميزوبوتوميا).. هو يرثي ما بين النهرين، وعيناه على الماء الذي رآه يتبدد ،بعد أن تشوهت لحظة الحرية المنتظرة، وخذلنا الوعد الذي انتظرناه.

كثير من شعر سميع ضاع أو ضيّع. بعضه في سجنه الذي تجاوز الخمس سنوات، وبعض مزَّقه بنفسه غير راضٍ. كانت حكمته تشتغل بالضد من رومانسية شعرية واضحة في مفرداته وصوره. تعقُّله وما وهبته سنوات السجن ثم النفي منحته هذا الهدوء الذي كنا نجلُّه ونحبُه فيه. إنه معادل لما في الداخل من احتراقات، قال لنا إنها تمنحه مادة شعره ورؤيته للحياة معاً.

كنا نتأمله بيننا في نادي المعلمين، أو في نزهة على كورنيش المدينة، أو في سهرة بيتية، فنحار في قدرته على التحمّل:ا عتقاله وتعذيبه ثم سجنه لسنوات في أعتى سجون العراق وأشدها قسوة وعزلة ،ثم عيْشه في قرية نائية يقاسمه الصمت والألم فيها ، حيث يعيش في أحد صفوف المدرسة.. لكنه ذو رباطة جأش كنا لا نجد لها تفسيراً في أعمارنا الغضة تلك، وفي هياج أحلامنا وآمالنا وضجيج حياتنا. ولديه شيء من قسوة اتخاذ القرار التي لم نملكها، فهو يمزق بعض قصائده أو يحجم عن نشرها، ويصمت عامين كاملين كما يقول بعد إطلاقه من سجنه.

ما ذا كان سميع يفعل حينها؟

- “كنت أتأمل ما يُنشر من شعر وأراجعُ ما لديّ من قصائدي”. وهو يعوّل على الثقافة كثيراً ، ويأخذ على الكثير من الكتابات الشعرية السائدة فقرَها الثقافي وافتقاد النصوص الشعرية للعدّة الثقافية. وهذا ملمح آخر من سيرته وحياته امتد ليشمل رؤيته للكتابة الشعرية.

أما ثقافته التي يذكرها بفخر فأهمها احتفاؤه بالرموز والدلالات الموحية له، ومن أبرزها دون شك الماء . كان ذاك خلاصه الوحيد. فمنه جئنا، وتمنى سميع لو إليه يعود؛ فيقول: 

على البحر متُّ

وفي البحر متُّ

وعند السواحل متُّ

لكن الأقدار العمياء والوقائع المؤسية في تعاقبها على حياته لم تمنحه ذلك، فغادرنا بعيداً عن الماء الذي أحب.

أيا فرحَ الماء

هيئ لنا غرقاً نعتليه

فبيني وبينك قُربى

وبيني وبينكَ حب قديم

وجرحٌ تناسلَ في الخاصرة

نمْ إذن يا سميع في حلمك ذاك، وافخرْ بقرباك للماء، فهو أصل الأشياء وأنقاها جوهراً.

وهناك تخلد قصائدك ومرائيك وابتسامتك التي كانت تعمل كالسحر في وجوه من يطالعونها ...

واجهتَ موتك يا سميع بها دون شك، والماء يحف بعينيك إذ تغمضان، سفراً لراحة أبدية وسلام، افتقدتهما في حياتك.

*************

الصفحة الثانية عشر

حفل بهيج في مناسبة الذكرى الـ 86

لعيد الصحافة الشيوعية

بغداد ـ طريق الشعب

في مناسبة الذكرى السادسة والثمانين لعيد الصحافة الشيوعية أقيم حفل بهيج يوم الجمعة الماضي، على قاعة المركز الثقافي النفطي ببغداد وسط حضور رسمي وشعبي، التزم خلاله الجمهور بإجراءات الوقاية والسلامة.

كلمة الحزب

وابتدأت فعاليات الحفل الذي نظمه الاعلام المركزي للحزب، بقراءة النشيد الوطني، ثم دعا عريف الحفل بسام عبد الرزاق الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء الصحافة الشيوعية، وشهداء حزبنا، والحركة الوطنية العراقية.

الرفيق علي صاحب عضو اللجنة المركزية للحزب، القى كلمة اللجنة المركزية في المناسبة (نص الكلمة منشور في الصفحة الاولى).

وبعد ذلك، ارتقى المنصة الشاعر الدكتور حازم الشمري ليلقي قصيدة (انصر عراقك) وقد لاقت استحسان الحاضرين (نص القصيدة في مكان اخر من الصفحة).

باقات ورد

وقدم وكيل وزارة الثقافة الاستاذ عماد جاسم باقة ورد إلى هيئة تحرير “طريق الشعب”، تسلمها الرفيق رضا الظاهر عضو اللجنة المركزية للحزب، وتحدث جاسم بكلمات موجزة عن دور الصحافة الشيوعية التي تحولت منذ تأسيسها الى مدرسة لتدريب الكوادر الإعلامية والثقافية.

من جانبها، قدمت السيدة سافرة جميل حافظ باقة ورد إلى الحزب وصحافته، تسلمها الرفيق حيدر مثنى عضو اللجنة المركزية لحزبنا، وحيت المناضلة حافظ هذه المناسبة المجيدة.

وقدم الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب، شهادات تقديرية إلى مجموعة من الرفاق العاملين في صحافة الحزب وهم كل من: المركز الإعلامي للحزب الشيوعي العراقي، المكتب الإعلامي في النجف، والأساتذة: د. جمال العتابي، علاء الماجد، قاسم حنون، محمد موزان الجعيفري، والرفيق الراحل قاسم عناد سكرتير المكتب الإعلامي في محلية الثورة. كما جرى تكريم رفاق خارج الوطن وهم كل من: عبد جعفر، يوسف أبو الفوز، د. إبراهيم اسماعيل.

ودعا عريف الحفل الشاعر الشعبي مهند صاحب إلى الصعود إلى المنصة من اجل القاء قصيدته التي قابلها الجمهور بتصفيق حار (النص في مكان اخر من الصفحة).

حسن بريسم يطرب الحاضرين

واطرب الفنان الكبير حسن بريسم الحاضرين بأغنية “الله شكد حلو يابيتنا”، وسط تفاعل كبير من قبل الحضور، فيما قدمت العازفة الشابة جمانة رائد عزفا منفردا على آلة الكمان.  واختتم الحفل بعزف وغناء من قبل فرقة ميلودي الفنية بقيادة الفنان الشاب حيدر كريم، مدير مركز بلا حدود للموسيقى، وابدعت الفرقة في اغنية “مكبعه ورحت امشي يمه”، كما قدمت مجموعة من الأغاني الأخرى والمعزوفات الجميلة.

هذا وقدم رفاق الحزب باقات ورد إلى المشاركين في احياء الحفل.

كما وردت إلى الحفل برقية تهنئه من مكتب الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكردستاني، وحضر الحفل عدد من الشخصيات والوفود بينهم وكيل وزارة الثقافة عماد جاسم، الشاعر عمر السراي السكرتير الإداري لاتحاد الادباء، المستشار الإعلامي للسفير الفلسطيني في بغداد فؤاد حجو، وممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني جواد كاظم علي سكرتير تحرير جريدة التأخي، وممثل الاتحاد الوطني الكردستاني علي شيري علي.

كما حضر الرفيقات والرفاق المشاركون في دورة الدعاية السياسية التي نظمها الاعلام المركزي لحزبنا.

 

***************

يساري

مهند صاحب

اي نعم لسه يساري

اشول وخبز اليمين

استحرم يطب اعله بيتي

انه عاشگ والغنة المغشوش

سلايه اعله ريتي

مايطب شك اعلة ظني

مايطب سمسار

واصفنله واحك شيبه بلحيتي

انه وحدي انه ابنهم

انه من دجله سماري وقوميتي

شما يسكرني الزمن

ابقة اعلة صبري

عازل العوز

وضغط اطفالي والوكت وزغلهم

انه مو منهم ابد

إنه الوحيد اليستفزهم

انه

قيثارة صبر تشرين

وانه

انه كلهم

انه أملهم

انه ياجيفارا حزن الفاكادات

انه من جواد ثورة

وفيّ صفاء بكل جنونه

وعمر والناس التعرفه

انه ظنهم

شمايرعبون الاجيال الجايه

بسوط وجريدة

ابقة افززهم واهمهم

وابقة وي كل جيل سالوفة جديدة

انه حر

وهمه وي كل طاغي سلعه

همه وي كل طاغي

خدام لعبيده

تحترك اوراق منهم

تموت اصنام

وينحتون الإله الي يهمهم

ابقه افززهم واغني انه يساري

****************

أنصر عراقَك

د. حازم الشمري

أنصر عراقَكَ حرَّاً والتمس نورا

واسترجع الدارَ والدارينِ والدورا

واحمل بكفكَ نسريناً وسنبلةً

لتدحضَ الدجلَ المفضوحَ والزُّورا

ولايغرنَّكَ  الأذيالُ لو هتكت

أحقادُهم للنوايا البيضِ مستورا

واستنفدت بهجةَ الأيامِ في وطنٍ

قد باتَ بالضيمِ والألامِ مأسورا

فللبطولاتِ شبانٌ بغيرتِهم

ردُّوا غزاةً وأوغاداً ومأجورا

وزلزلوا الأرضَ ويلاً بالذين عَتَوا

وأسقطوا البغيَ والطغيانَ والجورا

فهم عصيُّونَ فاضوا بالرؤى سبلاً

وسطَّروا من سجايا عزمهم طورا

واستنهضِ الهمَّةَ الكبرى فمن عبثوا

قد هدَّموا لمدى بنياننا سورا

وجاوزوا الحدَّ أعواما وماتركت

خيباتُهم غيرَ بؤسِ الحالِ دستورا