اخر الاخبار

على طول ستة كيلومترات، بجانب ضفاف نهر دجلة من الجانب الأيسر لمدينة الموصل، يمتد شارع منطقة الغابات، حيث تنتشر المقاهي على جانبي الطريق، ويختلط نسيم أوراق الأشجار بروائح السمك المشوي المعروف محليا “بالمسكوف”. وتعتبر منطقة الغابات المتنفس السياحي الوحيد في هذه المحافظة التي تعد ثاني اكبر المدن العراقية.

وتشهد الغابات الموصلية إقبالا شديدا من الموصليين، وأنت تتجول تشاهد العائلات الموصلية تجلس في “الكازينوهات” المفتوحة على نهر دجلة مباشرة للتمتع بالأجواء وعبق دجلة الممزوج بروائح اللحم المشوي والكباب والسمك.

وتعرضت جميع تلك المقاهي للحرق إبان معارك تحرير المدينة من سيطرة تنظيم داعش، بعدها قام أصحابها بإعادة إعمارها بشكل أفضل مما كانت عليه، ما أعاد المنطقة إلى سابق عهدها، قبلةً للعائلات الموصلية التي تأتي للتمتع بالأجواء الخلابة هناك.

كما تعرضت غابات الموصل في منتصف العام السابق الى حريق، وبحسب ما ذكرت مديرية الدفاع المدني فإن المساحة التي احترقت تقدر بما بين خمسين الى ستين دونما.

وصرّحت قيادة شرطة نينوى ان الحريق كان بسبب عود (سيكاره) قام أحدهم برميها والآخر شارك في تصويره، وأكدت انها قامت باتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

حريق مفتعل

ويذكر أحد حراس الحديقة، رفض ذكر اسمه، ان “الحريق التهم نحو تسعين دونما من مساحة تقدر تسعمائة دونم، وهذه الغابات تقع في الجانب الأيسر من الموصل، وبعد الحريق جرى حديث عن مطالبة بعض الجهات سابقا باستثمار هذه الغابات، وعند مواجهتها بالرفض أقدمت على إحراقها”.

ويضيف في حديثه مع “طريق الشعب”، ان “هناك خلافات سياسية وراء حرق غابات الموصل، وهذا ما يتداوله الشارع الموصلي، ولا نستبعد افتعال مثل هكذا أمور لأطماع استثمارية، ولكنها بشكل عام تؤثر على وضع المدينة الأمني، خاصة ونحن نعيش أجواء القصف التركي”.

النفوذ السياسي لا يجد رادعاً

ويقول نائب مدير مؤسسة مثابرون للبيئة، انس الطائي، انه لا يوجد رادع للمتجاوزين على الغابات من جهات سياسية وحزبية.

ويبين في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان هناك تجاوزات ببناء مقاه ومطاعم على أطراف الغابة، وعلى المنطقة المحرمة من ضفة نهر دجلة، مضيفا ان “هناك تحركات من قبل بلدية الموصل لإنهاء هذه التجاوزات لكن للأسف هناك تدخل من قبل النفوذ السياسي، إضافة الى دفع للرشاوى، وهذا ما يجعل دور البلدية ضعيفا”.

مكان استراتيجي

ويوضح ان “الغابة موجودة في مركز المدنية، ويعتبر مكانا مهما لكونه يربط كل احياء المدينة إضافة الى ربطه الجانبين الايسر مع الأيمن، لذلك تعتبر محط انظار لكل صاحب نفوذ يسعى الى تحويلها الى مكان تجاري”، مشيرا الى ان “الغابة هي جزء من وصف مدينه الموصل ومساهم مهم في تنقية هواء المدينة، وأيضا متنفس للعوائل الموصلية ومكان لجذب السياح”.

جهود تساهم بإعادة التشجير

ويعمل الطائي اليوم على إعادة زراعة الغابة، وتعويض المساحات التي تعرضت للحرق، حيث تمكن من زراعة عشرين دونما بمساهمة بعض المنظمات المهتمة، اضافة الى جمع التبرعات والاشجار. والان يعمل على زراعة خمسة عشر دونما بتمويل من مؤسسته بطريقة حفر الابار، ومد انابيب للري والتنقيط.

الموقف الحكومي

وفي ذات السياق، ذكر معاون محافظ نينوى رعد العباسي خلال حديث سابق أن “البعض يعيش في نظرية مؤامرة ويتصور أن الغابات أحرقت لكي تذهب للاستثمار، ولكن العكس هو الصحيح، فنحن لدينا مشاريع لتطوير الغابات زراعيا وجعلها منطقة خضراء مجانية أمام السكان”، مشيرا إلى أن “من يطلق هذه الشائعات هو جهات سياسية تريد النيل من المحافظة، ونؤكد أنه لا يمكن تغيير جنس هذه الأراضي”.

ويؤكد ان “موضوع حريق غابات الموصل ما زال قيد التحقيق ولم يثبت حتى الآن أنه بفعل فاعل، وحتى لو احترقت كل الغابات فمن غير الممكن أن تذهب للاستثمار أو تغيير جنسها، بل على العكس سنعوض الأراضي التي احترقت بأضعاف الأشجار”.