أقام الحزب الشيوعي الكردستاني، أمس الأول، حفلاً استذكارياً في مناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل الرفيق المناضل حيدر الشيخ علي، القيادي السابق في الحزبين الشيوعيين العراقي والكردستاني، والشخصية الكردستانية الوطنية المعروفة.
واحتشد جمع غفير من الشخصيات السياسية والشعبية والنقابية والرفيقات والرفاق والأصدقاء والمحبين، أمام مقبرة شهداء الحزب الشيوعي العراقي في أربيل، إحياءً لهذه الذكرى وإكراماً لروح الرفيق ومسيرته الكفاحية.
وفي حدث فريد تزيْنت مقبرة شهداء الحزب في أربيل بأنواع الزهور والورود على قبور الشهداء.
وبمشاعر مليئة بالعاطفة والمودة الرفاقية والذكريات، توالت كلمات الاستذكار من رفاق الفقيد وعائلته، مؤكدة الأثر الكبير الذي تركه بعد عقود نضالية طويلة، جسدت أروع اللحظات في الدفاع عن الوطن والحزب.
كلمة الشيوعي الكردستاني
وبدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت تكريماً لروح الفقيد وارواح شهداء الحزب والراحلين، ليلقي بعد ذلك سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني الرفيق كاوه محمود، كلمة الحزب بالمناسبة، مستعرضا أبرز المحطات النضالية للرفيق حيدر الشيخ علي.
وأشار الرفيق محمود إلى أن “الرفيق حیدر كان قائدا عماليا فذا، واتسم بعلاقاته الواسعة مع الاحزاب والقوی السیاسیة العراقية والكردستانية، صریحا في ابداء موقف حزبه من مختلف القضايا السياسية. كما شارك في ميادين النضال المختلفة حيث العمل السري وحركة الانصار البيشمركة، واستطاع أن يصمد في سجون الاستبداد مسطرا أروع مشاهد المقاومة”، مشيرا إلى أن الحزبين الشيوعي العراقي والشيوعي الكردستاني “خسرا رفيقا سيظل مكانه فارغا في ميادين النضال المختلفة”. كما قرأ الرفيق محمود برقيةً الرفيق حميد مجيد موسى، والتي كان قد ارسلها إلى مجلس الاستذكار.
وعقب ذلك جاءت كلمة الحزب الشيوعي العراقي التي ألقاها نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الرفيق بسام محي، (نص الكلمة منشور في موقع اخر على الصفحة).
*******************************************************************
أنصار وبيشمركة
فيما ألقى الرفيق شاكر عبد جابر كلمة الأنصار الشيوعيين، والتي ركز فيها على السيرة النضالية للرفيق الراحل والإرث والتجربة الكفاحية للفقيد.
وقال جابر، ان “سني حياة الرفيق الراحل كانت عبارة عن سلسلة من المعارك والتحديات ضد الأنظمة الدكتاتورية وأجهزتها القمعية. ونتيجة لذلك تعرض الرفيق حيدر الشيخ علي الى الاعتقال والتعذيب والملاحقات سواء كان ذلك داخل العراق أم خارجه، لكنه كان وفيا لمبادئه وحزبه وشعبه، فلم يتنازل عن أفكاره التي آمن بها وضحى من أجلها”، مبينا ان “الراحل كان أحد الشخصيات المحورية في رواية عبد الرحمن منيف الموسومة (الآن هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى)، التي أضاءت صفحات من معاناة (أبو فيان) مناضلا ونصيرا وسجينا”.
وجاءت بعدها كلمة بيشمركة الحزب الشيوعي الكردستاني تلاها على الحاضرين الرفيق كاروان موردكه، تطرق فيها إلى حياة الرفيق الراحل “ومسيرته النضالية والكفاحية ودعمه للعمال واهتمامه بالطلبة والشباب، ودوره في بناء القوى المدنية والديمقراطية في كردستان”.
*************************************************************
كلمة الرفيق جاسم الحلفي
وتواصلت الكلمات الاستذكارية بحق الرفيق حيدر الشيخ علي، حيث تحدث بعد ذلك الرفيق جاسم الحلفي عن رفيق دربه وصديقه الراحل.
وجاء في كلمة الرفيق الحلفي: “للصداقة اعتبارات لا يدركها سوى الأصدقاء الحقيقيين. طالما ردد الحاضر دوما أبو بلند (هناك أصدقاء يحتاجهم عقلك وهناك أصدقاء يحتاجهم قلبك وهناك أصدقاء تحتاجهم أنت لأنك ببساطة دونهم تصبح بلا عنوان)”.
وأضاف، أن “الموت هو أقصى الغياب، مع أنه شديد الوضوح لكنه عسير على الفهم في الوقت ذاته. إذ لا يشعر بفجيعة الفقدان إلا الصديق الحقيقي، لم يغادرني ألم الفقدان، مع قناعتي بالموت وإيماني بحتميته، وعدم خشيتي منه، لكن مع ذلك كان عليه امهالي برهة، كي أعانق خلي وصاحبي للمرة الأخيرة”.
**************************************************
كلمة عائلة الفقيد
وألقى بلند الشيخ علي الابن الأكبر للفقيد، كلمة العائلة، قال فيها: “من الصعب أن أتحدث عن والدي كشخص، لأنه يجبرني على التذكر. أتذكر بوضوح شديد كيف كان وكيف أحببته. بالنسبة لي، كان أكثر من مجرد أب. في السنتين الأخيرتين من حياته كنت اسميه وردة واحدة في وسط الصحراء، بسبب مبادئه التي لا تنكسر، بسبب شجاعته الهائلة، بسبب البيئة التي ولد فيها، وطريقة تفكيره المختلفة. لم أقابل مثل هذا الشخص الصادق في حياتي”.
وفي نهاية الاستذكار وضع الرفيق كاوه محمود أكليلا من الزهور على قبر الفقيد. كما وضع الرفيق بسام محي إكليلا اخر على قبر الرفيق الراحل.
كما وضعت أكاليل وزهور على قبر الفقيد وقبور شهداء الحزب في المقبرة التي زينتها الورود من قبل الشخصيات السياسية والشعبية الحاضرة.
************************************************************
الشيوعي العراقي: حيدر الشيخ علي معدن عصي على الانكسار أو الألتواء
الحضور الكريم..
تمرُ في هذا اليوم الحزين، الذكرى السنوية الأولى ، لرحيل القائد العمالي الفذ “ حيدر الشيخ علي - ابو بلند” الذي كان صنواً لا يجارى ، ولايبارى للحيوية والنشاط المتعدد الأوجه والجوانب ، إينما حلّ وإرتحل، ومهما كانت الظروف معقدة ، قاسية ، وإرهابية.
لقد إتصف هذا المناضل العنيد، الذي وجد ليكون شيوعياً ، بصفات قلما إجتمعت في إنسان غيره ، فنكران الذات والألتزام الحزبي العالي، والأبداع في تنفيذ قرارات الحزب ونشر سياسته ، بأسلوبه المحبب والمبسط لكل فئة إجتماعية بما يناسبها وينسجم مع مستوى وعيها، كان لايفارقه أبداً . أما علاقاته الجماهيرية مع اوسع الأوساط الشعبية فكانت مضرب الأمثال ، حيث كان لديه عشرات الأصدقاء. كما إمتازت علاقاته الرفاقية بالحميمية، وبالصراحة والوضوح المبدأيين، دون ان يغض الطرف عن أي خرق، أو خطأ ، ودون أن يؤدي ذلك الى الزعل او الغضاضة ، لان الجميع يعرفون حرصه ، ورغبته في ان تسير الامور بما يعزز العمل الحزبي ، وبما يجنب الحزب أي ضررٍ مهما كان بسيطاً أو صغيراً.
كان رفيقنا الرائع “ ابو بلند” نسيجاً خاصاً، واكتسب التفرد طيلة حياته المترعة بالتفاؤل والأمل والثقة العالية بعدالة ونبل وإنتصار القضية التي نذر نفسه لها، أسوة بالآلاف من مناضلي حزبنا الابطال ، ولم تثنه الملاحقات والسجون والتعذيب ، منذ إنتمائه لحزبه الشيوعي في وقت مبكر.
وعند أعتقاله من قبل المخابرات الأيرانية، وسجنه لست سنوات في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، كان أغلبها في سجون إنفرادية، وتعذيب بلغ من الوحشية حداً يفوق طاقة البشر، أثبت أنه قُدَّ من معدن عصّي على الانكسار أو الألتواء، إضطروا الى اطلاق سراحه بعد هذا الصمود الأسطوري في خريف عام 1987، حيث إلتحق مباشرة بالحزب مجدداً في القاعدة الأنصارية في “لولان” وباشر بمهامه وعمله النشيط الذي عُرف به ، رغم آلامه ومعاناته الشديدة من آثار التعذيب.
كان يساعد الجميع ، ويقدم لهم كل ما يستطيع ، ولديه القدرة بتوفير القناعة في العمل المثمر ، والنهوض بالمهام التي يكلف بها الرفاق دون تماهل أو تلكؤ، ولديه القدرة أيضاً في ان يجعل الآخرين يؤمنون فعلاً بأن السعادة في النضال من أجل الطبقة العاملة وكادحي شعبنا ، وتحقيق الطموحات والأهداف النبيلة في بناء العراق الديمقراطي الحقيقي تحت راية العدالة الأجتماعية.
وما تمييز به هذا المناضل الثوري تمسكه ودفاعه عن حقوق الطبقات الكادحة وربطها بابعادها الوطنية وبالدفاع عن حقوق الشعب الكردي المشروعة واكتسبها بعدا اممياً وانسانياً لتحقيق الحرية والمساواة والعدالة.
ولأنه كان متميزاً في كل شيء، تقلد بجدارة العديد من المسؤوليات الكبيرة في الحزبين الشيوعيين العراقي والكردستاني عضواً في اللجنة المركزية ، والمكتب السياسي، ووزيراً للنقل والاتصالات في الكابينة الوزارية لأقليم كردستان، فجعل الوزارة ، وكأنها خلية من النحل بنشاطها وإنجازها، ونزاهتها ، وتشخيص أولوياتها لصالح الجماهير الكردستانية فكانت تجربة متميزة ورائدة هي الأخرى.
أن هذا المناضل الثوري الباسل، ألهم الكثير من الرفاق والأصدقاء بالعمل الدؤوب والمثمر في إنجاز المهام التي يكلفون بها ، وضرب اروع الأمثلة في الابتعاد عن الذاتية، وضرورة العمل الجماعي الذي كان مؤمناً به إلى أبعد الحدود، لانه في المطاف الاخير سيكون الرافعة الأساسية لتحسين الأداء ، وتحقيق النتائج المرجوة.
كانت سماته الشخصية، والسياسية، والوطنية من الكثرة ، بحيث يصعب إحصاءها أو عدّها، فقد كان يمقت الاأدعاءات الفارغة، والتعالي على الآخرين ، ويعشق الصدق والتسامح ومحبة الآخرين، التي كانت تقابل بما يستحقه من إعتزاز وتقدير ومحبة حقيقية، قلّ نظيرها، وهو ما يعكس طبيعته وطيب معشره.
أن رحيل هذا المناضل الكبير والأبن البار للطبقة العاملة العراقية وحزبها الشيوعي، ولكل الشعب العراقي ، وسفره النضالي في الصراعات الطبقية تركت بصمات في تأريخ الحركة الثورية ومثالا ساطعا يهتدى به للتحدي والصمود والايمان بقضية الشعب والحزب، لهو خسارة فادحة يصعب تعويضها، وعزاؤنا أنه ترك لنا إرثاً نضالياً ثراً، يصلح ان يكون قدوة ومثلاً أعلى لكل الشيوعيين والاجيال اللاحقة منهم.
المجد كل المجد للرفيق البطل حيدر الشيخ علي “ ابو بلند”، وسلاماً أثيراُ لهذا الشيوعي المتميز.
****************************************************
برقية من الرفيق حميد مجيد موسى في المناسبة
تحية طيبة
نلتقي اليوم وبعد مرور عام عشناه لاستذكار فقيدنا العزيز حيدر شيخ علي، وقد شعرنا بالفراغ الذي تركه غيابه الموجع.
كان شعلة من الحيوية والنشاط والمسؤولية، والطاقة الإيجابية يشعر بها كل من حوله.
لقد كنت عازما على الحضور معكم، لأجدد الحب لصديق العمر ورفيق الدرب، لكن ظروفا اضطرارية حالت دون مساهمتي، حضوريا، ويبقى قلبي ومشاعري معكم في هذه الذكرى.
نتذكر بالطيب والورود فقيدنا الغالي. ونجدد العهد على صيانة ما كرسه رفيق حيدر من حياته لأهداف نبيلة وقيم طيبة.
الذكر العطر لحضوره الدائم
كل الاحترام والتعازي لعائلته الكريمة
حميد مجيد موسى
3/أيار/ 2024