اخر الاخبار

يواجه العديد من مناطق مدينة البصرة وأحيائها السكنية وأسواقها، ظروفا بيئية وصحية سيئة إثر تراكم النفايات في الطرقات لفترات طويلة، الأمر الذي يتسبب في تصاعد الروائح الكريهة، ويجذب الذباب والبعوض والحشرات الضارة الأخرى.

ويشكو العديد من سكان المدينة، من دخول أعداد كبيرة من الذباب والبعوض إلى منازلهم، بفعل تراكم النفايات في أزقتهم وعدم رفعها بانتظام من قبل آليات البلدية، مبينين في حديث صحفي أنهم صاروا يتجنبون فتح نوافذهم لتجديد هواء المنزل، فما أن يفتحوها حتى تغزوهم الحشرات وتختنق غرفهم بروائح النفايات التي يحملها الهواء، لا سيما خلال فترات هبوب الرياح.

وتتفاقم المشكلة بصورة أكبر حينما يُقدم السكان على حرق النفايات للتخلص منها، بعد أن تتأخر البلدية في رفعها، ما يتسبب في تصاعد دخان ملوث بالسموم والمواد الضارة.

مبردات الهواء تجلب الروائح الكريهة

تقول المواطنة أم غدير، وهي من سكان منطقة المطيحة في مركز المحافظة، انه “مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة نضطر إلى فتح نوافذ منازلنا، لكن بعد دقائق نسارع إلى إغلاقها بسبب الرائحة الكريهة التي يحملها الهواء إلى بيوتنا، والصادرة عن النفايات المتراكمة في الأزقة”، مضيفة في حديث صحفي أن “مبردات الهواء فاقمت معاناتنا هي الأخرى. إذ تسحب الروائح الكريهة من الشارع، وتنقلها إلى داخل المنزل”.

وتؤكد المواطنة أن “الواقع البيئي في عموم محافظة البصرة مترد، وخدمات النظافة ليست بالمستوى المطلوب. لذلك على الجهات المعنية رفع النفايات بانتظام كي لا تتراكم وتتصاعد منها الروائح الكريهة والسموم. فالهواء الملوّث يسبب أمراضاً ومشكلات صحية خطيرة”.

لا تحديث لآلية رفع النفايات

من جهته، يعزو الناشط البيئي فلاح حسن، تراكم النفايات في البصرة إلى عدم تحديث آليات التخلص منها.

ويقول في حديث صحفي، أنه “طوال الفترة السابقة لم يتم تحديث آلية جمع النفايات ورفعها وعزلها، فضلا عن أوقات تواجد الكابسات وخرائط تجميع النفايات والمحطات الوسطية التي تنقل إليها. فهذه جميعها تحتاج إلى تحديث”، مبينا أن “هناك حاجة ماسة لتوعية العاملين في رفع النفايات بكيفية المحافظة على سلامتهم، فضلا عن توعية المواطن بضرورة عدم رمي الأزبال بصورة عشوائية في الشوارع وأركان الأزقة. كذلك يجب العمل على تنفيذ مشاريع لتدوير النفايات، لغرض الاستفادة منها، كأن يتم تدويرها أو تحويلها إلى طاقة. ومن الضروري أيضا إنشاء مطامر صحية وفق المعايير الدولية، شرط أن تكون بعيدة عن التجمعات السكانية”.

تحدٍ بيئي كبير

أما الخبير البيئي خالد المهداوي، فيذكر في حديث صحفي ان “تراكم النفايات في البصرة يمثل تحدياً بيئياً كبيراً. فالنفايات تتسبب في تلوث الهواء والمياه والتربة، ما يضر بالصحة العامة والنظم البيئية”، مشيراً إلى أن “النفايات توفر بيئة خصبة لنمو وانتشار الحشرات والقوارض، الأمر الذي يزيد من احتمالات انتشار الأمراض”.

ويضيف قائلا أن “النفايات المتراكمة تشوّه المناظر الطبيعية والمناطق الحضرية، وبالتالي تؤثر على جودة الحياة والسياحة”، مبيناً أن “سبب تراكم النفايات هو عدم كفاية مرافق إدارتها، بما في ذلك مراكز التجميع والمعالجة وإعادة التدوير”.

ويلفت المهداوي إلى ان هناك “ضعفا في الوعي البيئي، وغيابا للتوعية بأهمية إدارة النفايات والتخلص منها بالشكل الصحيح”.

 حلول لمعالجة النفايات

بدوره، يقول عضو مجلس محافظة البصرة ثائر الصالحي، أن “الحكومة المحلية بشقيها التنفيذي والتشريعي عازمة على وضع حلول لمعالجة النفايات والطمر الصحي من خلال إنشاء معامل تدوير”، مبينا في حديث صحفي أن “الحكومة عقدت اجتماعات في هذا الخصوص مع (شركة إيني) الإيطالية العاملة في مشاريع تدوير النفايات. فهذا الملف مهم اقتصادياً وفي الوقت نفسه يحافظ على البيئة. لأن أغلب النفايات يُحرق ويُسبب تلوثاً بيئيا”.

أما معاون محافظ البصرة للشؤون البلدية هشام علي، فيقول ان “عملية رفع النفايات تغيرت منذ قرابة شهر. إذ تم استحداث شفت ليلي بعد أن كان هناك شفتان صباحي ومسائي فقط. ومن مهام الشفت المستحدث الدخول إلى المناطق التي يُصعب الدخول إليها في أوقات الذروة”.

ويدعو علي في حديث صحفي، السكان وأصحاب المحال التجارية إلى “التعاون مع عمال البلدية وإخراج النفايات وقت مرور الكابسات، وعدم رميها في الشارع”.

لكن الناشط البيئي علي قاسم، يرى أن “على البلدية معالجة مرحلة ما قبل رمي النفايات، وليس فقط المرحلة الأخيرة المتمثلة في رفعها. ففي دول العالم المتحضرة يتم عزل النفايات قبل رميها، إضافة إلى تقليلها لتلافي الضرائب. وهذه هي المعالجة الحقيقية لمشكلة النفايات”.

ويضيف في حديث صحفي قائلا ان “البصرة لم تتبن أي مشروع لإعادة تدوير النفايات، بالرغم من كون هذه المشاريع ربحية وفي الوقت نفسه تعالج أزمة النفايات بشكل كبير. حيث يتم بيع النفايات إلى معامل التدوير بدلا من رميها في الشوارع”.

معضلة التخصيصات المالية!

إلى ذلك، تُرجع عضو لجنة الخدمات والاعمار البرلمانية، مهدية اللامي، نقص الخدمات في عموم المحافظات، ومنها البصرة، إلى “عدم وجود تخصيصات مالية، فضلا عن خفض تخصيصات المحافظات من الموازنة العامة لعام 2024 جراء وجود عجز كبير فيها”.

وتوضح في حديث صحفي أن “خفض تخصيصات المحافظات، لا سيما الجنوبية، سيلقي بظلاله سلباً على الواقع الخدمي في تلك المناطق التي هي بحاجة إلى زيادة تخصيصاتها لسد نقص الخدمات، لكن ما حصل هو العكس”.

23 مليون طن يوميا من النفايات!

وكان رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق فاضل الغراوي، قد أفاد في حديث صحفي أول أمس الثلاثاء، بأن المواطن العراقي يطرح يوميا أكثر من 2 كيلوغرام من النفايات، وان كمية النفايات التي تطرح يوميا في عموم العراق، تصل إلى 23 مليون طن، مسببة تلوّثا بيئيا.

ويسبب تراكم القمامة “العديد من الأمراض التي تنتشر عن طريق ناقلات مثل الذباب والبعوض والقوارض والحيوانات الأليفة. حيث تعتبر القمامة بمثابة موطن لتكاثر هذه النواقل، وبالتالي هناك حاجة ملحة لإدارة عملية التخلص من النفايات بشكل فعّال” – حسب ما تذكره في حديث صحفي الطبيبة د. منتهى المالكي.