اخر الاخبار

تواصل الحوادث المرورية في العراق حصد عشرات الموتى ومئات الجرحى شهريا، ما يؤشر استمرار ضعف تطبيق السائقين أنظمة المرور، في ظل رداءة الطرق وعدم تأثيثها بالعلامات الإرشادية الكافية. يأتي ذلك وسط مطالبات بوضع حلول عاجلة لوقف هذا النزيف اليومي.

وتُسجّل بغداد وبقية المحافظات حوادث سير يوميّة تسفر عن مصرع وجرح أبرياء، وذلك في ظاهرة خطيرة باتت تشكّل أحد أبرز مسبّبات الوفيات، وتتقدم في عدد ضحاياها على العمليات الإرهابية وجرائم العنف.

وتزداد حوادث السير في ظل استمرار تعثر الحكومة في فرض قوانين مرورية صارمة، أو إيجاد حلول ناجعة لمشكلة تهالك الطرق.

وباتت المخالفات المرورية مشهداً مألوفاً في شوارع البلاد، منها إقدام شبان بأعمار صغيرة على قيادة المركبة دون امتلاكهم رخص قيادة، وعدم التزام الكثير من السائقين بقواعد السير، وضعف المعرفة والإلمام بأصول قيادة السيارة وإرشادات المرور في الشوارع، وغير ذلك من المخالفات.

30 متوفيا و500 جريح شهريا

 في ديالى!

وفقا لمدير إعلام صحة محافظة ديالى فارس العزاوي، فإن “مستشفيات المحافظة ودوائر الطب العدلي تستقبل شهرياً أكثر من 30 متوفيا و400 إلى 500 جريح، ضحايا حوادث سير في عموم المحافظة”، مبينا في تصريح صحفي، أن “أكثر الحوادث الخطيرة تقع على الطريق السريع الرابط بين بغداد وكركوك مرورا بديالى”.

وأكد أن “سبب الحوادث هو السرعة الفائقة مع وجود الحفر والمطبات في الطرق وغياب علامات الإرشاد المروري”، مضيفا أن “الدراجات النارية وعجلات التكتك، هي أيضا سبب رئيس في ارتفاع معدلات الحوادث نتيجة قيادتها من قبل أطفال”.

ودعا العزاوي الجهات المعنية إلى “ضرورة وضع حلول جذرية تساهم في الحد من الحوادث المرورية”.

وفي نهاية آذار الماضي، كشف مدير قسم العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة، زياد القيسي، عن عدد حوادث السير منذ بدء العام الجاري في عموم البلاد، مبينا في تصريح صحفي انها بلغت 8 آلاف و600 حادث.

صعوبة فرض القانون

من جهته، قال الرائد في دائرة مرور محافظة ديالى علي المجمعي أن “أسبابا كثيرة تقف وراء ارتفاع نسبة الحوادث في المحافظة. لعل من أبرزها عدم تطبيق نظام المرور بشكل صحيح، وعدم محاسبة المخالفين قانونيا”، مبينا في حديث صحفي أن “رجل المرور لا يزال يواجه صعوبة في فرض القانون والغرامات المالية على المخالفين، بسبب عدم وجود حماية أمنية وقانونية له من اعتداءات البعض، خاصة الذين يرتبطون بأحزاب متنفذة وجماعات مسلحة. فبعض هؤلاء يعتدون على رجال المرور إذا ما أرادوا إجبارهم على الالتزام بالأنظمة والقوانين”.

وأكد أن “هؤلاء يتمردون على القانون وعلى سلطة رجل المرور بشكل معلن ومن دون أدنى خوف”، مضيفا أنه “فضلا عن ذلك، فإن هناك تقصيرا في إدامة الشوارع وترميم المطبات والحفر التي تنتشر في أغلب شوارع المحافظة، وهذا يقع ضمن مسؤولية مديريات الطرق والجسور”.

وأشار المجمعي إلى أنه “بشكل عام، فإن البنية التحتية للشوارع والجسور لا تكفي لاستيعاب أعداد السيارات في المحافظة، يضاف إلى ذلك عدم تطبيق نظام المرور، وهذا في صلب مسؤوليات الحكومة”، لافتا إلى أن “هذا الملف يتطلب تكاتفا وتعاونا من قبل أجهزة الدولة، وأن يتحمل كل جهاز المسؤولية الملقاة على عاتقه، لا أن يلقى كل ذلك على عاتق رجل المرور وحده”.

شوارع غير مؤهلة لسير المركبات

بدوره، حمّل الباحث في مجال حقوق الإنسان نهاد الكرخي الحكومة مسؤولية تلك الحوادث، مبينا في حديث صحفي أن “الكثير من الشوارع غير مؤهلة لأن تكون طرقا رئيسة للسيارات، وهذا التراجع في مستوى الخدمات تسبب في وقوع حوادث كثيرة”.

وأشار إلى أن “حصيلة ضحايا حوادث السير التي تعلنها الجهات الصحية مرتفعة جدا، وأن أعداد الضحايا تفرض على الحكومة مسؤولية كبيرة في متابعة الأسباب ومعالجتها”، معتبرا أن “المسؤولية كبيرة في هذا الجانب. إذ إن تلك الحوادث لا تقل خطرا عن التهديدات الأمنية”.

ضعف الالتزام بالقوانين المرورية

إلى ذلك، انتقد الأكاديمي ماجد المعيني تراجع ثقافة الالتزام بالأنظمة والقوانين المرورية.

وقال في حديث صحفي، أن “سائقي السيارات يتحملون جزءا كبيرا من مسؤولية حوادث السير، بسبب عدم التزام الكثيرين منهم بنظام المرور، وهو ما يتطلب فرض عقوبات مالية وقضائية على المخالفين ممن يعرّضون أرواح الناس للخطر”.

وأكد أن “الحكومة مسؤولة عن إشاعة ثقافة الالتزام بالقوانين، والعمل على فرض تطبيقها على الجميع، حتى وإن كان ذلك بالقوة”، مشيرا إلى ان “هناك قلة وعي بقوانين المرور. وهذا يعد تخلفا عاما يعانيه المجتمع، ومن مسؤولية الحكومة توعية الناس بهذه النظم والقوانين عبر وسائل الإعلام وغيرها، من أجل تحجيم نسب الحوادث المرورية”. يُشار إلى أن البرلمان صوّت في أيار 2019 على قانون المرور الجديد، الذي نصّ على مضاعفة الغرامات على السائقين ممن يرتكبون المخالفات المرورية، إلا ان القانون لم يطبق بشكل صحيح، ولم يُساهم في الحد من ارتكاب المخالفات.