اخر الاخبار

وثقت شبكة “964” الخبرية حالة تشرد قاسٍ يطاول نحو 600 عائلة نجفية، بعد الشروع بتنفيذ قرار يقضي بهدم بيوتها المتجاوزة في “قرية الغدير” و”الحي العسكري” شمالي النجف.

وجاء تنفيذ القرار في توقيت حساس متزامن مع الامتحانات الوزارية. ولا يدري الطلبة كيف سيخوضون امتحاناتهم وهم يلملمون أثاث أهاليهم المتهرئ ليتوجهوا إلى المجهول!

ودخلت شرطيات إلى المنازل المتجاوزة، لإجبار النساء على المغادرة. وعن ذلك تحدثت سيدة للشبكة الاخبارية عن تعرض النساء لإهانات قاسية، بينما يتفرج الرجال على سقوف منازلهم وهي ملتصقة بالأرض!

أما السلطات، فتقول انها لا تملك خيارا آخر، فهذه الأراضي المتجاوز عليها، مخصصة لإنشاء مجمع “قصر العدالة” مع شوارع رئيسة. فيما المتجاوزون يسألون عن حقوقهم كمواطنين عراقيين بالحصول على سكن. ويؤكدون انهم كانوا سيوافقون لو قامت الدولة بتمليكهم مساكن في أي مجمع سكني تبنيه كحل بديل. إذ انهم مستعدون لدفع أثمان تلك المساكن بالتقسيط.

ويطالب المتضررون بوقف هذا القرار فورا، مناشدين رئيس الوزراء والمرجعية الدينية التدخل.

“مصيرنا الشارع”!

تتساءل أم عباس، إحدى سكان التجاوزات: “أين لي أن أذهب أنا وأطفالي؟ هل نسكن في الشارع؟! البلدية لم تبلغنا بأنها ستهدم المنازل. كما انها هددت كل من يرفض المغادرة بهدم منزله فوق رأسه”!

وتطالب هذه المرأة كل الجهات الحكومية المعنية، بـ”النظر إلى حالنا”، متمنية من رئيس الوزراء التدخل لتخليصهم من محنتهم هذه “فالشارع أصبح مصيرنا”.

أما أم حامد، فتتساءل: “ألسنا عراقيين؟ أليس من حقنا العيش على هذه الأرض؟ هل من المنطقي أن نذهب نحن وأطفالنا إلى الشارع؟!”، مطالبة البرلمان ورئاسة الوزراء والمحكمة الاتحادية، التدخل في أمرهم.

لا تعويض

من جانبه، يقول المتجاوز أكرم علي، أن “البلدية جلبت آلياتها وطالبتنا بالمغادرة لتقوم بهدم منازلنا، دون أن تمنحنا أي تعويض”، لافتا إلى ان “القوات الأمنية باشرت بإطلاق النار فور اعتراض الأهالي. فيما اصطحبت البلدية عدداً من الشرطيات كي يدخلن إلى المنازل للتأكد من خلوها من الأهالي”.

بينما يقول أبو حسن، أنه “في أوقات الانتخابات يتجول المرشحون في المنطقة، ويدعوننا لانتخابهم. وما إن يفوز النائب حتى يبدأ بالدعوة لإزالة التجاوزات”، متسائلا: “ما ذنب هذه العائلات؟ ما الذي سيحل بها؟ كان على الحكومة، في أقل تقدير، أن تبني لنا مجمعا سكنيا ندفع ثمنه أقساطا”.

ويشير إلى ان “هناك أكثر من 600 عائلة مهددة بالتشرد في حال لم تجد الحكومتان المحلية والمركزية حلاً لهذه المشكلة”.

شيوعيو وديمقراطيو النجف يستنكرون طريقة تنفيذ القرار

وعلى إثر تنفيذ قرار هدم البيوت المتجاوزة من دون تعويض المتجاوزين، أصدرت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف وتنسيقية التيار الديمقراطي في المحافظة، بياني استنكار (ننشر نصيهما في صفحة أخرى).

وطالبت المحلية في بيانها بـ”ضرورة توفير البديل إلى الأهالي الساكنين في الحي العسكري (منطقة التجاوزات)، قبل قيام القوات الأمنية بالاعتداء عليهم وضربهم وتهديم البيوت التي يسكنونها على رؤوسهم، وهو تصرف غير إنساني”.

فيما أدانت التنسيقية في بيانها: “الاعتداء على المتظاهرين وعلى المواطنين الذين يسكنون العشوائيات دون التفكير بإيجاد البديل لسكن هذه العوائل الفقيرة”.

الحملة ستتواصل

ويظهر أن حملات رفع التجاوزات ستتواصل، وحتى الآن لا تبدو هناك بادرة حقيقية لتعويض المتضررين بالشكل الذي يتيح لهم الاستغناء تماما عن التجاوزات. كأن يُمنحوا وحدات سكنية أو قطع أراض مخدومة وسلفا للبناء.

بدوره، يقول مدير إعلام بلدية النجف بشار السوداني، أن “البلدية أطلقت حملة لتأهيل وتطوير شوارع الحي العسكري. كما ان هناك مشروعا لإنشاء قصر العدالة، وهو مجمع يضم محكمة النجف، ومحاكم أخرى”، مبينا أن “هذه المنازل تعتبر مُتجاوزة على المشاريع المفترض إقامتها في تلك المنطقة، وسبق أن وجهنا أكثر من إنذار إلى السكان، لكنهم لم يستجيبوا. وعلى إثر ذلك باشرت البلدية برفع التجاوزات، بالتعاون مع القوات الأمنية”.

إلى ذلك، يقول مدير إعلام شرطة النجف مفيد الطاهر، أن “قيادة الشرطة وفرت الحماية لمفارز البلدية التي عملت على رفع التجاوزات. وقد قمنا باعتقال عدد من المخالفين والمتجاوزين”، مؤكدا أنه “سنواصل مرافقتنا مفارز البلدية إلى أن تنتهي حملة رفع التجاوزات في هذه المنطقة”.

وتتسع ظاهرة السكن العشوائي في مختلف مدن البلاد في ظل استمرار أزمة السكن، وغلاء أسعار المنازل والأراضي، وعدم اتخاذ الحكومات المتعاقبة أي إجراءات لمعالجة هذه الأزمة المزمنة الآخذة في الاستفحال.

ورغم تأكيد الحكومة الحالية أن حل أزمة السكن يندرج ضمن أولوياتها، لكن إجراءاتها لا تزال غير منسجمة مع حجم الأزمة المتفاقم، وغير قادرة على التعامل مع تداعياتها الكبيرة والخطيرة.

في حين لم يصادق البرلمان على قانون العشوائيات منذ عام 2017. وقد  جرى ترحيله إلى الدورة البرلمانية الحالية. حيث عُرض في قراءة أولى خلال جلسة عادية عقدت في تشرين الأول الماضي، ثم أعيد إلى الحكومة بعد اعتراض غالبية الكتل السياسية على بنوده.