تنتشر ظاهرة الرشوة في معظم المؤسسات الحكومية، والتي تدفع الإجراءات الإدارية الروتينية نحو إدامتها كوسيلة لابتزاز المراجعين.
وتحيط الكثير من المناصب الحكومية شبهات الفساد والرشوة، بدءًا من المناصب السياسية العليا وصولاً إلى الوظائف الدنيا.
وتقول المواطنة انتصار عمار لمراسل “طريق الشعب” إن موظفا في إحدى دوائر الجوازات ببغداد طلب منها مبلغًا قدره 350 ألف دينار عن كل جواز يستخرجه خلال يومين، مؤكدة انها كانت بحاجة للمال لتغطية تكاليف العلاج والسفر، فرفضت عرض الموظف.
وتضيف، أن موظفة في دائرة الجوازات العامة ساعدتها في الوصول إلى أحد الضباط المسؤولين، والذي قام بتسهيل الإجراءات في غضون يوم واحد، مشيرة الى ان كثيرا من الموظفين الجشعين يستغلون حاجة المواطنين.
وتحذر عمار من أم استشراء الفساد يجعل العدالة الاجتماعية تضمحل، لأن بعض الناس لها القدرة على دفع الرشوة واستسهالها، الامر الذي جعل ذلك عرفا في الكثير من الدوائر الحكومية.
وحل العراق في المرتبة 160 عالميا في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية العالمية في كانون الأول 2020، وفي المرتبة 163 من بين 194 في عام 2022 وفق ارقام منظمة (TRACE) الدولية المتخصصة في رصد ومكافحة الفساد بشتى أشكاله في مجالات المال والأعمال.
ثقافة متجذرة
يقول المحلل السياسي محمد زنكنة: إن “الرشوة تجذرت في المؤسسات الحكومية حتى أصبحت جزءا من الثقافة العراقية، الا انها بدأت تتفاقم خلال السنوات الأخيرة تحديدا بعد عام ٢٠١٣، خصوصا بعد الانقسامات والاضطرابات السياسية والاقتصادية”.
ويضيف زنكنة لـ “طريق الشعب”، أن “النظام السابق ساهم بشكل رئيس في تفشي الفساد والرشوة”، حيث كانت هناك “قضايا حكم بالإعدام تم إلغاؤها بعد دفع مبالغ مالية كبيرة”، مشيرا الى انه “في الوقت الراهن لم تكن هناك شكاوى او متابعة لمصادر ومصير هذه الأموال”.
ويلفت الى ان “اغلب الموظفين اتخذوا من الرشوة ثقافة يتعاملون بها بشكلٍ يومي”، مؤكدا ان الكثير من المشاريع الوهمية والقضايا الخطرة، جرت طمطمتها بصفقات فساد كبيرة.
ويظهر زنكنة، أن “الرشاوى والفساد يتعاظمان في أيام المواسم الانتخابية، حيث يستخدم بعض رؤساء الكتل وأعضائها المال السياسي في استقطاب أصوات المواطنين، ويجري تخصيص ميزانيات ضخمة للدعاية الانتخابية”، مشيرا الى ان تلك السلوكيات تؤثر على المجتمع، وتقلل من الثقة بين الأفراد والمؤسسات، وتزيد من الفجوة بين الأطراف السياسية والمواطنين.
الناحية القانونية
يقول الخبير القانوني علي التميمي أن “قانون العقوبات العراقي من خلال المادة د ٣٠٧ و٣٠٨ يعاقب من طلب منحة أو ميزة أو عطية أو وعدا أو منفعة بالسجن مدة لا تزيد على ١٠ سنة، و٧ سنوات إذا كان اخذ المكافأة بقصد الإخلال بواجبات الوظيفة”.
ويضيف التميمي لـ”طريق الشعب”، أنّ القانون “يعاقب الراشي والوسيط بذات عقوبة المرتشي”، مشيرا الى ان “المادة ٣١٣ في القانون ذاته تحدثت عن الشروع في جريمة الرشوة بالحبس أو الغرامة حيث اعتبر الشروع جريمة تامة، والقصد الجرمي في هذه الجريمة ما سيحصل عليه الموظف مقابل انجاز العمل”. واختتم حديثه بأن “الموظف الذي يأخذ الرشوة ولم يقم بأي عمل يعاقب وفق المادة ٣٠٧، بالسجن ٧ سنوات، بالإضافة الى عقوبات تتعلق بالوسيط ممن يأخذ الرشوة ويسلمها”، مؤكدا أن “مفهوم الرشوة يسيء للوظيفة بكافة اشكالها، وهذا ما يرفضه القانون بشكل كامل”.