اخر الاخبار

شكل استمرار دخول محصول الطماطم المستوردة إلى العراق، كابوساً مؤرقا للمزارعين المحليين، لا سيما ان المنتج المستورد أرخص ثمنا من المحلي الذي يمر حاليا بفترة ذروة الإنتاج الممتدة من أيار إلى حزيران. ويؤكد فلاحون ان المنتج المحلي يكفي لتغطية كل حاجة العراق منه.

وفي حديث صحفي، يشكو فلاحون في محافظات مختلفة من إغراق الأسواق بالطماطم الإيرانية رغم توفر المحلية من مزارع الدجيل وخان بني سعد وكربلاء والنجف والبصرة والصويرة واليوسفية وجبلة وغيرها.

وما يفاقم مشكلة الإنتاج المحلي – وفقا للفلاحين، هو أن المستورد أرخص سعراً منه. حيث يبلغ سعر صندوق الطماطم الإيرانية ذي الـ30 كيلوغراما بحدود 7 آلاف دينار في المنافذ الحدودية، أي بقرابة 250 دينارا للكيلوغرام الواحد، ويصل إلى المواطن بنحو 500 دينار للكيلوغرام. في حين أن صندوق الطماطم المحلي يُكلّف الفلاح بين 8 و9 آلاف دينار، وأقل سعر بيع مناسب له هو 10 آلاف دينار. لذلك يصل الكيلوغرام للمواطن بسعر 750 دينارا.

ويعود اختلاف تكلفة الإنتاج - حسب الفلاحين، إلى كون وزارة الزراعة غير داعمة للفلاح، من حيث توفير البذور والوقود لتشغيل المكائن الزراعية، فضلا عن الأسمدة وغيرها. لذلك يضطر بعض المزارعين إلى ترك مهنتهم والتوجه إلى مهن أخرى، نظرا لعدم قدرتهم على سد تكاليف الإنتاج، إلى جانب تورطهم بالديون. فيما لا يزال بعض الفلاحين مديونين منذ 10 سنوات، ولا يستطيعون سداد ديونهم!

ويؤكد الفلاحون، أن بتوفير الدعم للفلاح سيكون سعر الطماطم المحلية مساويا لسعر المستوردة، أو أقل منه، مشيرين إلى ان “الحكومة الاتحادية تعلن إغلاقها باب استيراد الطماطم، لكن ليس لديها سلطة على إقليم كردستان في هذا الجانب”.

معابر دخول الطماطم

وتدخل الطماطم الإيرانية عبر منفذي برويزخان وباشماخ في كردستان – وفقا لعضو المكتب التنفيذي للاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية التعاونية في كربلاء، عادل الكَريطي، الذي يذكر في حديث صحفي أن “المنافذ العراقية تمنع دخول المستورد، لكن المشكلة في منافذ الإقليم. فهي مفتوحة وتدخل عبرها الطماطم. كما أن هناك تهريبا للمحصول عبر ديالى”، مبينا أن “استمرار دخول المستورد يتسبب في خسارة الفلاحين بنسبة تصل إلى 50 في المائة”.

وسبق ان كشفت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، في 14 آذار الفائت، أن العراق سادس دولة عربية في إنتاج الطماطم. حيث بلغ إنتاجه أكثر من 700 ألف طن عام 2023.

لا تسعيرة مركزية

من جانبه، يشير الخبير الاقتصادي عبد السلام حسين، إلى أن “زراعة الطماطم ليست سهلة. فهي مكلفة ومتعبة، وان المحصول سريع التلف”، مبينا في حديث صحفي ان “وزارة الزراعة ليس لديها نظام تسعيرة مبرمج، وفي الوقت نفسه لا توجد رقابة على المخالفين للتسعيرة التي كانت في السابق تعلن في الإعلام يومياً”.

ويدعو حسين الذي كان وكيلاً لتسويق الفاكهة والخضراوات، وزارة الزراعة إلى “احتضان الفلاح وتطوير المنتج المحلي ومنع المستورد ووضع تسعيرة مركزية للمحاصيل”.

حظر الاستيراد

وكان مكتب غرب آسيا التابع لمنظمة التنمية التجارية الإيرانية، قد أعلن في 23 تشرين الأول 2023، منع العراق مؤقتاً من استيراد بعض المنتجات الزراعية الإيرانية، وبينها الطماطم. ووقتها قال مدير المكتب فرزاد بيلتن، في تصريح صحفي، إنه “بحسب دعوة الملحق التجاري في سفارة جمهورية العراق في طهران، وفي إطار دعم المنتج المحلي، سيتم منع توريد المنتجات الزراعية مثل الطماطم والخيار والبطيخ من إيران إلى العراق بشكل مؤقت”.

وبيّن أن “الصادرات الإيرانية للعراق في النصف الأول من السنة المالية المنتهية 22 أيلول 2023، لامست مستوى 4.5 مليار دولار، حيث شكلت المنتجات الزراعية نحو 20 في المائة من هذا الحجم”.

وفي هذا السياق، يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، أن “قرار منع استيراد الطماطم لا يزال ساري المفعول ولم يتم إلغاؤه، وإذا ما كانت هناك طماطم غير عراقية فهي نتيجة لدخولها من منافذ غير مرخصة في الإقليم، ومن ثم تصل إلى بقية المحافظات”. ويشير في حديث صحفي إلى ان “هذه المشكلة يعانيها القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وهي قائمة نتيجة عدم تعاون الأجهزة المعنية في محافظات الإقليم”، موضحا أن “المشكلة مشخصة وتحتاج إلى قرار من الجهات المعنية في الإقليم يوقف عمليات الإدخال غير المشروعة للمحاصيل، حفاظاً على المنتج المحلي ومصالح الفلاح في مختلف المحافظات”. يذكر أن وزارة الزراعة والموارد المائية في كردستان، قررت في 22 كانون الثاني الماضي، حظر استيراد الطماطم حتى اشعار آخر، استناداً الى طلب قُدم لها من مزارعي وسط العراق وجنوبه. ووقتها ذكرت الوزارة أن “هذا القرار يأتي للمصلحة العامة ولمصلحة المزارعين ومن أجل تسويق المنتج المحلي”.

وكان العديد من فلاحي الوسط والجنوب قد عقدوا اجتماعاً مع وزيرة الزراعة والموارد المائية في الإقليم، بيكرد طالباني، طلبوا خلاله إيقاف استيراد الطماطم لوفرتها في المحافظات الوسطى والجنوبية، وخصوصاً البصرة .وقد وافقت الوزيرة على الطلب.