اخر الاخبار

تشير التقارير الدولية بانتظام إلى أن الفساد المالي يشكل تحديًا كبيرًا للاقتصادات الوطنية والتنمية المستدامة، وفي هذا السياق، تبرز أهمية تفعيل الجباية الإلكترونية وتطبيق الدفع الإلكتروني كأدوات فعّالة للحد من هذه الظاهرة الضارة، والتي تعد سلاح فعال لمكافحة الفساد، خصوصاً في بلد له تاريخ حافل مع هذه الافة.

وتعتبر الجباية الإلكترونية وسيلة حديثة وفعّالة لجمع الضرائب والرسوم بطريقة شفافة وآمنة، حيث تقلل من فرص الفساد والتلاعب بالأموال العامة. بفضل التقنيات الحديثة، التي تمكن الجهات الحكومية متابعة وتتبع عمليات الدفع بشكل دقيق، مما يزيد من الشفافية ويقلل من فرص التلاعب والفساد.

علاوة على ذلك، يعزز تطبيق الدفع الإلكتروني الشمول المالي ويسهل الوصول إلى الخدمات المالية للجميع، كما ويمكن عبر تفعيل الجباية الإلكترونية وتطبيق الدفع الإلكتروني، زيادة الإيرادات المالية للدولة، مما يعزز القدرة على تقديم الخدمات العامة وتحقيق التنمية المستدامة.

بحلول منتصف العام

المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح قال  ان “العادات والتقاليد التي ظلت سائدة في ممارسة سلوك الطلب النقدي وعلى وفق الطرق النقدية البدائية في تسوية المعاملات المالية والتجارية، لا تتفق اليوم مع تطورات المجتمع المؤسساتي الرقمي الحديث في بلادنا ولاسيما تبدل تسوية المعاملات المالية والتخلي التدريجي عن استعمال اساليب الدفع النقدي المباشر لمصلحة المدفوعات الرقمية”.

وبين في حديثه مع “طريق الشعب”، ان “الجمهور بدأ يتوجه بإرادته للدخول في  (المرحلة الثانية ) في مناخ المدفوعات الرقمية،  عبر الانتقال من سحب المستحقات نقدا عبر بطاقات الدفع والتعاطي بالأساليب الموروثة في المدفوعات والقائمة على الدفع النقدي للمعاملات، بالتحول نحو الاحتفاظ بأمواله داخل حساباته المصرفية ليتاح له استخدام بطاقات الدفع نفسها لمرات عديدة في اطار مستويات من الدفع الرقمي العالي والمتجدد  في تسوية المعاملات المختلفة ضمن الحياة اليومية للمواطن”.

 ولفت في حديثه مع “طريق الشعب”، الى ان “انتقال الجهور للمرحلة الثانية والتي تشكل من المدفوعات الرقمية تطور متسارع ينسجم  و تغطية فرص استخدام نظام المدفوعات الرقمية، وذلك لبلوغ مرحل رقمية متقدمة في الحياة المصرفية بأنشاء البنوك الرقمية”، فيما حدد مجموعة من العوامل التي ساعدت على ذلك منها “تعاظم استخدام الهواتف النقالة في تسوية المعاملات الرقمية والثاني تطور اعداد فتح الحسابات المصرفية المؤزرة لنشاط المدفوعات الرقمية ، والثالث تنامي الجباية الحكومية الرقمية بشكل متسارع”.

 واكد على انه “بحلول منتصف العام الحالي، ستتحول الجباية الحكومية بلا شك وبشكل شبه تام الى الدفع عبر البطاقات الائتمانية وغيرها من وسائل المدفوعات الرقمية المعتمدة، والتي تشهدها اليوم محطات بيع الوقود كافة لتنتهي الى  دفع الضرائب والرسوم والاجور والمعاملات الحكومية لتكون جميعها عبر البطاقات الدفع الرقمية”.

تعزيز الموارد الحكومية

من جهته فصل محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، أهداف ومزايا مشروع الجباية الإلكترونية، فيما قال ان انطلاق مشروع الجباية الإلكترونية يأتي ترجمة لالتزام البنك المركزي والمصارف والمؤسسات المالية الخاضعة لرقابة البنك المركزي في تنفيذ رؤيته وأهدافه الستراتيجية لتطوير القطاع المالي والمصرفي في العراق.

واشار الى ان هذا المشروع “يسهم بشكل كبير في تعزيز الموارد الحكومية وتحصيلها في بيئة موثوقة وآمنة وشفافة بالاعتماد على البنية التحتية لأنظمة المدفوعات ومنصات الدفع الإلكتروني التي يوفرها البنك المركزي ومزودي خدمات الدفع المرخصين”.

واوضح انه سيستهدف “بشكل عام الوزارات الحكومية جميعها وكذلك غير الحكومية والنقابات والجمعيات التي تحصل فيها المبالغ، حيث يمكن لهذا المشروع من أتمتة عمليات الجبايات كافة واعتماد أدوات الدفع الإلكتروني والحد من التعاملات النقدية الذي بدوره سيساعد على التخفيف عن كاهل المواطنين من خلال التسريع في إنجاز المعاملات”.

وأكد على أن “الجباية الإلكترونية حلقة مهمة من حلقات هدف كبير يسعى إلى الحد من ظاهرة الاقتصاد النقدي، ويسعى البنك المركزي إلى العمل عليه على مستويات عدة من أجل الاستخدام الأمثل للنقد وتوسيع الشمول المالي وبأقل التكاليف ودفع التعاملات عبر القنوات المصرفية والمالية بما يعظم المزايا الاقتصادية والاجتماعية”.

الى ذلك قال الباحث في الشأن الاقتصادي احمد عيد ان “الجباية الإلكترونية وأتمتتها أمر ضروري يحد من عمليات الاحتيال والفساد، من خلال تطبيقات جباية إلكترونية ترتبط بمنظومة موحدة تسيطر عليها وزارة المالية عبر شركات وطنية بعيداً عن الخصخصة”.

وذكر في حديث مع “طريق الشعب”، ان “مسألة اعطاء الجباية لشركات خاصة مملوكة لشخصيات فاسدة و جهات غير معلومة، بعيداً عن سيطرة الدولة تثير الكثير من الشكوك، وتتيح مجالات الفساد والسيطرة على الأموال”.

واكد عيد على ان “الأفضل في هذا الاتجاه أن تتم الجباية بواسطة البنوك العراقية، من خلال تطبيقاتها الإلكترونية، أو عن طريق تطبيق موحد خاص بوزارة الكهرباء مثلا يرتبط ارتباط مباشر بالبنوك العراقية يتم تسديد مبالغ الجباية من خلالها”.

ونوه  الباحث الى ان “الكثير من الدول ومنها بلدان مجاورة للعراق، تستخدم التطبيقات البنكية لتسديد حياتها اليومية ومنها فواتير الكهرباء، وهذا الأمر يتيح رقابة الدولة لحركة الأموال، وسيطرتها على أموال الجباية بعيداً عن عمليات الاحتيال والفساد والتلاعب”.

واتم حديثه بالقول ان “كل شيء في العراق اليوم مرتبط بمنظومات الفساد، والجباية إذا اريد لها النجاح لابد من تفعيل الرقابة وتثقيف المواطنين على مراقبة عدادات الجباية ومكائن المحاسبة وتسديد المبلغ المستحق”.