اخر الاخبار

بفعل تفاقم نسب التلوث البيئي وعدم وجود معالجات حقيقية للمخلفات الحربية وآثار الأسلحة الخطيرة التي سقطت على أراضي البلاد خلال الحروب، إضافة إلى ضعف الرعاية الصحية.. بفعل هذه الأسباب وغيرها لا تزال معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية تتصاعد في معظم المحافظات العراقية، ما يجعل البلاد متصدرة بلدان المنطقة بهذا المرض الفتاك.

ويوم السبت 6 نيسان الجاري، أعلن وزير الصحة صالح الحسناوي أن “محافظة نينوى هي الأعلى نسبة في معدل الإصابات السرطانية، وليست البصرة كما يشاع”، مشيراً في بيان صحفي إلى أن “قانون الضمان الصحي يحتاج من 8 إلى 10 سنوات ليغطي جميع العراقيين، وأن المشاريع الاستراتيجية الصحية طويلة الأمد وبحاجة إلى وقت لإنجازها وتطبيقها”.

ولا يزال مشروع إعادة بناء مستشفى الأورام والطب النووي في أيمن الموصل، الذي تضرر بفعل الحرب على داعش، متلكئا. إذ يضطر معظم المصابين بالأمراض السرطانية إلى تلقي العلاج في مستشفيات كردستان وبقية المحافظات، بالرغم من كون صحة نينوى افتتحت عام 2018 موقعا بديلا للمستشفى في حي الوحدة بالجانب الأيسر من المدينة. 

وتباع علاجات السرطان بأسعار باهظة جدا، وبسبب عدم توفر الكثير منها في المراكز التخصصية الحكومية، يضطر المرضى إلى شراء غير المتوفر من الصيدليات الأهلية. لكن من لا يملك المال الكافي، سيظل يعاني تدهور حالته الصحية، وربما يفقد حياته!

ويعد مستشفى الأورام والطب النووي في الموصل أحد أهم المشاريع التخصصية بعلاج السرطان في العراق والمنطقة العربية. إذ يقدم ثلاثة أنواع من الخدمات، هي: العلاج الشعاعي، والعلاج الكيميائي والطب النووي (علاج الغدة الدرقية). لكن هذا المستشفى تضرر بفعل الحرب، وتمت المباشرة بإعادة بنائه بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وحتى الآن لم تتجاوز نسبة الإنجاز 40 في المائة – حسب ما تنقله وكالات أنباء عن مسؤولين في مجال الصحة. 

التلوث الحربي

المسؤول المحلي في نينوى محمود الجحيشي، يقول في حديث صحفي ان “التلوث الذي خلفته العمليات العسكرية ضد إرهاب داعش في نينوى بين عامي 2014 و2017، تسبب في تصاعد نسب الإصابات السرطانية”، مبينا في حديث صحفي أن “المشكلات الصحية والبيئية أصابت كل مدن البلاد، وأدت إلى زيادة معدلات السرطان، لكن نينوى نالت النصيب الأكبر من هذه الملوثات، بفعل الحرب الأخيرة”.

شح الأدوية

من جانبها، تقول عضو نقابة الأطباء العراقيين نهى الجنابي، ان “مرضى السرطان يعانون شح الأدوية وضعف العناية الطبية، وافتقار المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية إلى العلاج، ما يدفع أغلبهم إلى شراء الأدوية من الصيدليات، وهي باهظة الثمن”، مؤكدة في حديث صحفي أن “مئات المصابين بأمراض السرطان يغادرون إلى خارج العراق من أجل العلاج، والمشكلة أن المراكز الجديدة المتخصصة في علاج السرطان، والتي افتتحت أخيرا في مناطق متفرقة من البلاد، تفتقر إلى الدعم المادي الحكومي، ما يمنعها من تقديم خدمات جيدة للمرضى”.

وإلى جانب نينوى، تتصدر مدينتا البصرة والفلوجة مدن البلاد بأعداد المصابين بأمراض السرطان والتشوهات الخلقية لدى الرضّع. وتفيد تقارير رسمية وأخرى صادرة عن جهات إعلامية ومدنية محلية ودولية، بأن مخلفات الحروب والصناعات النفطية والتلوث الناتج عن المطامر الصحية تعدّ أسبابا أساسية لانتشار أمراض السرطان والتشوهات الخلقية.

ووفقا لتقارير صادرة عن وزارتَي الصحة والبيئة، فإن المعدل السنوي للإصابة بأمراض السرطان في العراق يبلغ 2500 حالة، لكن الواقع يشير إلى أكثر من ذلك بكثير، إذ إن عدد مرضى السرطان في المستشفيات كبير.

ولا تملك الجهات الرسميّة المتخصصة في البلاد، أرقاماً دقيقة لعدد مرضى السرطان، إلا أن بعض التقارير الدولية يتحدث عن أعداد مرتفعة. فعلى سبيل المثال، سجلت محافظة البصرة وحدها أكثر من ألف إصابة سرطانية في العام الماضي، بينما سجلت الفلوجة أرقاماً أعلى.

وبحسب المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، فإن “المجلس الأعلى للسرطان، المرتبط بوزارة الصحة، سيصدر نهاية العام الجاري إحصائية شاملة بعدد المصابين بمرض السرطان في العراق”، معتبرا في بيان صحفي أن “الارتفاع الحاصل في الإصابات يعود إلى ارتفاع عدد السكان الذي يتناسب طرديا مع الإصابات بالسرطان”.